الجحيـــم
(43)
** لا تلهيـكم الروايـــة عن الصـــلاة **
روايتي كل بطل فيها يتكلم عن نفسه هذا يعني انه اي بطل يغلط في الدين فهو الي غلط مو أنا
انا مستحيل و من سابع المستحيلات اكتب لكم شي خطأ بالدين
الدليل او المعلومة الدينية قبل احطها اتأكد منها من مواقع اسلامية موثوقة و اذا اضطريت سألت اهل العلم فيها
الأحداث القادمة بتحمل اشياء تشيب الراس لهولها و اعيد و اكرر مهما كان فيها اغلاط دينية من قبل الابطال فأنا مالي دخل
و الغلط اكيد بوضح في يومٍ ما انه غلط , النهايات الي بعضكم يتوقعها للأبطال وتكون نهايات سلبية مو شرط تصير و لا شرط الايجابي يصير , الرواية ماشية بوتيرة اذا استشعرت الخطأ وتبت لله فالله غفور رحيم , اذا ما استشعرت ولا تبت و بقيت بدرب الخطأ فالله شديد العقاب و من كلامي هذا تأكدوا انه بإذن الله النهاية مرضية
و على الساعة السادسة صباحًا في كندا , يتقلب بفراشه بلا هوادة شهوتُه تناديه منذُ مدة
لم يخوض تجربةَ اللواط إنه مشتاقٌ وبشدة لأن يُجامع من هو من جِنسه لكنه يخاف أن يتمرد على
أتابع أوين ناتان و أن يقنعهم بما يريد والأحرى انهم أجانب لا دين لهم لذلك سيقبلون لكنه
خائف من ردةِ فعل أوين فلكل فعل ردة فعل مساوية له في المقدار معاكسة له في الإتجاه قد يكون نيوتن
إستخدمها كقانونٍ فيزيائي ولكن حتى الحياة الواقعية تستخدمها لإستمرار نظامِ الكون
إن كان سيفعل سوءًا معهم فإن أوين سيفعلُ بهِ سوء , إن كانت طريقته الإقناع لنيلهم فستكون طريقة أوين معاكسة لطريقته
لكنهُ لا يستطيع لقد ملّ من العادة السرية و حان الوقتُ لما هو أشنع , قام من على سريره متوجهًا لخارج المنزل
تحت مرأى الحراس و هو الذي يظنُ أن لا أحد ينظرُ إليه و نسي او تناسى أن الواحد الأحد ينظرُ إليه
مشى حيثُ يريد , حيثُ يقصد , حيثُ حظيرة الحيوانات
دخل ليجد خروف " دال " من أشهر الخرفان بكندا تقدم منُه نظر للأسفل ليجد أنها أنثى الخروف " دال "
هو لو يعرف الخروف لفرق بينهما من خلال القرون , إقترب منها ليطأها
ليكون لواطيًا و واطىءً بهائم و قد قال صلى الله عليه وسلم " ملعون من وقع على بهيمة " .
و قد اختلف العلماء في عقوبة من آتى البهيمة ولكن الراجح وهو أنه لا حد على من أتى بهيمة، لكنه يعزر تعزيراً يردعه
إلى أي حدِ تصل الدناءة و الشناعة بهذه الفئة يرتكبون أقبح المعاصي و أكبر الذنوب لحاجة دعتهم إليها شهوتهم و غريزتهم الجنسية او بالأحرى الوحشية القذرة
التي هم كانوا السبب الأول في اشتعالها يبدأُ الأمر من نقطةٍ بسيطة مجرد صورٍ لعاريات إلى فليمٍ و مسلسل
و منها إلى فيلمٍ إباحي ويندرجُ الأمر إلى العادةِ السرية حتى يصل إلى ما لا يُحمد عقباه من زنا أو لواطٍ أو سحاق
ولكن أن يصل الأمر إلى بهيمة فهي من أبشع الأمور حيث أنه لا يميل إلى هذا إلا ذو طبع خبيث
وفطرة منتكسة، والحامل عليه نهاية السفه وغلبة الشبق، ولهذا لم يؤمر
الناس بستر فروج البهائم لأنه لا يميل إليها أحد من العقلاء، وإنما يشتهي ذلك من سفه نفسه
و قد كنت يا سمحي ممن سفه نفسه و آسفاه .
***
الساعة الثانية عشر ظهرًا , تجلس أمامي على الكرسي و المعلماتُ من حولنا في استعدادٍ للخروج
فلم يتبقى إلا ساعة واحدة على انتهاء الدوام
قالت بتردد : لازم اقولك اليوم يا أبلة ؟
مددتُ يدي لأحتضن يدها و بإبتسامة : في الوقت الي يريحك يا حميدة لكن كل ما عجلتي كل ما لقينا حل اسرع لمشكلتك
تجهم وجهها وتهكم و قد مال فمها للجنب دليلٌ على اللارضى : ما اظن لمشكلتي حل لأنها انتهت بنهاية امي , مجرد انتهي من هالسنة
بكون شاهدة على الجريمة انا وبنت جيراننا بذاك الوقت و اخوي الي يصغرني بسنتين بعد ما اتوفى ابوي و انتهت عدة و حداد امي , صارت امي تتصرف بالورث
بحكم اننا صغار مع انه عندي اخ اسمه عبدالرحمن عمره بذاك الوقت ثمنطعش سنة لكن بحكم انه احنا الباقيين صغار تم تأجيل تقسيم الورث لمن نكبر
و امي الي كانت تتصرف بالفلوس , المهم :
*
كانت ستذهب إلى البنك فأصرت فتاتها الصغيرة و الوحيدة بين اخوتها الذكور ان تذهب معها
و بحكم أنها أمٌ حنون لم ترضى ان ترفض إلحاح و طلب فتاتها لذلك اصطحبتها معها حيثُ البنك
و حالما وصلوا تركت فتاتها بسيارة السائق و دخلت للبنك
مضى وقتٌ طويل بسبب الإزدحام في الداخل حتى خرجت من البنك و وراءها رجل
و حالما رأت حميدة والدتها خرجت من السيارة و هي تتجه حيثُ والدتها التي تقف أمام الرجل
و خرج السائق خلف حميدة ليستوقفها فقد أمنته و الدتها عليها ولكنه لم يستطع ان يوقفها فقد وصلت
حيثُ والدتها عاد للسيارة تارةً أخرى , إنخفض الرجل بجسده ليُصبح بمستوى حميدة وابتسم لها و من ثم رفع عينيه
لوالدتها بتساؤل : هالحلوة بنتك ؟
إبتسمت و الدتها بفرح : ايه بنتي ابوها الله يرحمه سماها حميدة و انا عجبني الإسم
هكذا هي والدتها حينما تتحدث تسرد قصة حياتها كاملة ولا تكتفي بالرد على السؤال فقط
اتسعت ابتسامة الرجل و قد إستقام بطوله : تسلملي الي اعجبها الإسم و وافقت على التسمية
قالت والدتها وهي التي لم تفهم ما يخفيه هذا الرجل : الله يسلمك
و أردفت وهي تُشير للرجل : هذا اسمه جابر يا حميدة
مدت حميدة يدها لجابر لتُسلم عليه
وفتعانقت ايديهم
و من ثم قالت والدتها وهي تدير ظهرها وتمشي بإتجاه السيارة : يلا انا وبنتي بنروح
فإستوقفها جابر قائلاً : لحظة يا .. , لو سمحتي
وقفت و أدارت ظهرها لهُ وبإندفاع : اسمي عيشة
إتسعت إبتسامته حتى ظهرت اسنانه المتراصة المنتظمة اللؤلؤية والتي تعاكس بجالمها اسنان
عائشة التي افنت عمرها فقط لترضي زوجها فكان بخيلاً عليها و نزقًا و حشيًا قاسيًا بتعامله معها
متناسيًأ أن عليه الرفقُ بالقوارير
مد إليها بطاقة و الإبتسامة لازالت بشفتيه : اتفضلي
مدت عائشة يدها لتأخذ البطاقة منه لكنه و بحركةٍ خبيثة تقصد أن يُلامس يدها فسقطت البطاقة من يدها أرضًا
و حالما كانت ستنزل لتأخذها نزل هو وتناولها و مدها لها فأخذتها منه
متسائلة : وش هاذي ؟
أجاب : هاذي بطاقتي فيها رقمي ومعلوماتي اي وقت تحتاجين فيه مساعدة اتصلي وبساعدك
و ماله داعي توقفي بهالزحمة حتى تلبي احتياجاتك مجرد اتصال لي وانا اسوي الي تبيه احنا اخوان في الله
و لازم نساعد بعض .
هزت أمها رأسها : جزاك الله خير
و مشت هي و حميدة الى حيثُ سيارة السائق
و حال دخولهما عانقت والدة حميدة يد طفلتها و وضعتها حيثُ نبضات قلبها
فقالت حميدة بذهول و عيناها إتسعتا : ماما قلبك يدق بقوة
همست حينها والدتها بكلمات لم تعيها حميدة إلا عندما بلغت : ولأول مرة يدق .
*
بحسرة : لعب عليها بكم كلمة لمن جاتنا أمي بالطامة الكُبرى .
*
اجتمعوا بحجرتها كما قد طلبت منهم و بالتحديد فوق سريرها لها ثلاثُ ابناء حميدة في المنتصف و أحدهم يصغرها و الآخرُ أكبر منها عمرًا
قالت بنبرةٍ طفولية حتى يستوعب اطفالها ما تقول : بابا خلاص راح السماء , والحين انا بتزوج
حميدة بإندفاعٍ طفولي : مين بتتزوجين يا ماما ؟
حملت عائشة حميدة و وضعتها على فخذها و هي تمسح على رأسها و بإبتسامة متسعة : جابر
قالت حميدة بتذكر : الي في البنك
هزت عائشة رأسها
فقال الإبنُ الأصغر : بيصير عندي بابا ثاني ؟
حركت رأسها بالموافقة , و نظرت إلى إبنها الأكبر الملتزم بالصمت : وانت وش رايك يا عبدالرحمن ؟
بتساؤل : كيف عرفتيه يمه ؟
إبتلعت ريقها و بتوتر : هوا كلم اهلي و اهلي خبروني
رفع حاجبه و بتشكيك : كيف وصلك وانتِ من زمااان عن اهلك ؟ , و اذا الموضوع بس كذا فكيف حميدة شافته وليش يصير بينهم تعارف
اظن لو رحتِ البنك تسوي الي تبيه و ترجعي ما اظن انه من الازم تتعرفي على الموظفين وش ردك يمه ؟
حكت يدها بتوتر و إرتفعت إلى رقبتها لم تتوقع سؤالاً كهذا و لو لبرهةٍ واحدة لم تتوقع ان يظن بها سوءًا البتة
انها تائهة انها لا تجدُ الرد المناسب إنها لا تعرف الكذب و لا تحترف أمور الهرب و الفرار
لا مفر لها لا مفر
: هو اعطاني بطاقته الشخصية على اساس لو ابي شي من البنك ما ازدحم مع المتواجدين وانها هوا بيسهل كل اجراءاتي لأنه شافني حرمة بدون سند لها
و احنا اخوان في الله ما فيها شي يمه حب يساعد وما رديته و بعدها طلب رقم ابوي وعطيته و اتصل بهم يبلغهم انه بيتقدم لي و هم خبروني على اساس
لو اني برفض ارفض من الحين و انا جيت ابلغكم و اشاوركم و اعرف رأيكم بالموضوع .
بغير اقتناع : وانتِ وش رايك فيه يمه ؟
بخجل : استخير و اشوف كيف
قام من على السرير متجهًا للخارج قائلاً : براحتك حياتك وانتِ حرة فيها .
هذه هي المرأة بلا رجل , تضيع و تضيع و لا تجد الطريق
الرجل هو سندُ المرأة و نصفها الآخر
و إن لم يكن كذلك لما استمر نظام الكون
من آدمٍ و حواء أصبح هنالك عالم واسع بأديان و طوائف و معتقدات و مبادىء مختلفة
فقط لأن آدم و حواء تقاسما الحياة
و لا بد للمرأة ان يقاسمها رجلٌ ما حياتها
هي لم تجد رجلاً بعد زوجها وإن كان جافًا في تعامله معها
و لهذا كانت كمن خرج من زنزانة موحشة من بعد سنين مديدة
لترى الحياة و لأنها لا تعلم ماهية الحياة لُدغت من لسانِ أفعى
و انتهت بها الحياة مقتولة في منزلها .
*
و رن الجرس كعادته ليقطع حديثًا هامًا , رن ليُعلن عن إنتهاء الحصص وقد بدت فسحةً الصلاة و من بعدها الصرفة
نظرتُ لها بإبتسامة : امك طيبة يا حميدة , امك انحبست في بيت ابوكِ سنين و سنين و خرجت منه ما تفهم شي و يمكن هالشي هو الي حطها
بالغلط يا حميدة , و أساسًا ما يهم إن كانت غلطت أو لا حسابها عند ربي وهذا قضاء و قدر لكن انتِ يا حميدة لازم تدعين لأمك الرسول صلى الله عليه و سلم يقول
" إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له " ادعي لها يا حميدة هاذي أمك أمك أمك
مهما غلطت و مهما سوت وفعلت تبقى امك مالك غيرها انتِ لو تعرفي وش كثر امك تعبت فيكِ و هي تولدك ما كان قلتِ عنها غبية و ما كان هان على لسانك ينطق هالكلمة
و للحين ما انتهت قصتك اليوم تعالي لي امس كنت عند اختي في المستشفى , ويلا أنا أستأذن .
و تركتها حتى أصلي وانا أعلم أنها ستذهبُ لتخبىء و تبكي .
***
على ارض ستة اكتوبر تشير الساعة إلى الحادية عشر ما قبل الظهر , لم أنم الليل لكثرة الأفكار التي تروادني
هي تعلم ان أخي يعمل بقسمِ مكافحةِ المخدرات فمن المفترض ألا تعرض نفسها للخطر و تجلس معي بل و تصادقني حتى أزني بها !
أهي بالفعل مُولعةٌ بي وتجلس معي لشدةِ حبها لي ؟ , إن كان الأمر فقط يتعلق بالحُب و مسالكه فلما لم ينهها عمها و أخيها عن هذا الحُب
الذي سيضر بهم و يجلبُ لهم كل مكروهٍ و أذيةٍ و نازِلَة
و يُبعد عنهم كل حسنة و فائدة و طائلة !
لا أعتقد انها تجلسً معي لخير لا أعتقدُ هذا البتة هنالك ما تنويه هنالك ما يخططونه ضدي
هنالك فخٌ ما سأقع بهِ أو سيقعُ بهِ أخي الكاسر
هنالك ما لا أفهمه ولا بد أن أفهمه
لماذا دائمًا قلبي ينبضُ لمن لا يستحق ؟!
أحببتُ مارسة فخانتني بأبي و صبرتُ وقلت أن حُبي لها كان حجره الأساس هو الحرام
و اليوم أحببتُ مي فنكثت كل ما كان و كان من حُب و بزغ القناع الساتر لخفايا ذاتها
هل أحكمُ عليها بالسوء دون معرفةِ ذلك منها ؟
لا لن أفعل سأعرف كل شيءِ منها
جاءني صوتها على الهاتف و انا الذي قد إتصلتُ بها
: ألو روكي
بترحيب : يا هلا والله , كيف حالك يا مي ؟
بتجاوب : الحمدلله كويسة انتا ازيك ؟ عامل ايه ؟
جلستً على الكرسي الذي يُطل على الشارع : انا الحمدلله بخير عامل ايه جالس على البلكونة اكلمك ,
مي ابي اقابلك اليوم .
بتساؤل ممزوجٍ بنبرةِ غرابة : عاوز تئبلني !
بتأكيد : ايه الموضوع مهم وجيبي معاكِ الألبوم الي كتبت عليه لا تفتحيه إلا لما تحسي انك بغربة بوسط بلدك
جيبيه معاكِ ضروري و يُفضل تحطيه داخل صندوق .
: اه حاضر , بس فين هقبلك ؟
بتفكير : شفتِ الكباريه الي بالحديقة الي تشبه الغابة حتى انا وياكِ نسميها غابة
بتجاوب : آه , أردفت بإستنكار : هنتئابل بالكباريه مش انتا خلاص ائلت انك تبت لربنا
و مش هتعمل الحاجات دي تاني !
بمحاولة لإقناعها : الموضوع حيل مهم , وانا ما بقابلك بالكباريه انا بقابلك بالغابة و الحين يلا جهزي نفسك .
: حاضر , يلا عن إزنك هروح اتجهز
: انتظرك
أغلقتُ الهاتف و انتقلت بخطواتي من البلكونة إلى داخلِ المنزل
حسنًا يا مي اليوم سأعلم
هل فشلت في الحب للمرة الثانية ؟
و هل أختياري خاطىء للمرة الثانية ؟
أم لا ؟ , وكم آمل أن الإجابة بـ لا .
*
و وصلت للحديقة لأجدها هناك تقف قد سبقتني بالمجيء
إقتربتُ منها على مضض بتوجس ولأول مرة أشعر أني على حذرٍ منها و خوفٍ مما تخفيه عني
إبتسمت لي حالما رأتني قائلة : ازيك ياركاض ؟
إبتسمت لها و لأول مرة أنظرُ لعينيها بدقة إلى حد أني سأدخل بمقلتيها لشدةِ تمعني
و لم أرى بعينيها إلا وطني لم أرى بعينيها سوى الآمان كيف لها ان تكذب حتى بلغة العين
التي لا يفهمها إلا القلة من البشر , كيف لها ان تكذب بأمورٍ لا إرادية كـ رعشتها و رجفتها حالما تراني
كالتوتر الذي يغلفها من رأسها إلى أخمص قدميها كالخجل الذي يعتريها مني
صحيحٌ أنها تبيعُ جسدها لكل من تراه لكنها تخجلُ مني
لأني الوحيد الذي تحبه من كل الرجال الذين قد عاشرتهم
أحتى في الخجل تكذب ؟!
حركت قدمها اليمنى بالأرض لينتثر الترابُ قليلاً
و أخفضت عيناها لأسفل فإستيقظتُ من أفكاري
و بنداء : تعالي
مشت خلفي بإنصياغ حتى وصلنا إلى أقدم و أكبر شجرة لنستظل بها من شمس الظهيرة
جلستُ أنا فلحقتني هي جالسة بجواري
بتساؤل : وين الألبوم ؟
بحثت بحقيبتها الكبيرة ذات اللون الأحمر الداكن الذي يماثل شعرها , وسرعان ما وجدته
مدت لي الصندوق ففتحته وانا أتأكد ان الذي بداخله هو الألبوم
أخذتُ أحفر بيدي في الأرض وهي تنظر لي بحيرة : ايه الي انتا هتعملو يا روكي ؟
آه كم إشتقتُ لسماع إسمي منكِ قولي بأنكِ تحبيني وان ما قيل عنكِ باطل
أجبت : ادفن الألبوم أخاف يجي يوم وتفتحيه لكن هنا بتتكاسلي تجي وتحفري وتفتحيه إلا اذا الحاجة خلتك تفتحيه غصبًا عنك
لما تحسي انك بغربة بنص وطنك .
قالت بشيءٍ من الزعل وهذا ما كنتُ أريدهُ منها : ايه ده انتا مش واسق فيني !
توقفتُ عن الحفر واسندتُ ظهري على جذع الشجرة : انا مريت بتجربة حب فاشلة حبيبتي خانتني واتزوجت ابوي تفهمي يا مي وش يعني ابوي
فصرت اشكك و اتخوف من أي شي واكثرها الحُب وانا إخترتك حبيبة بعد خيانة مارسة لكن ما أقدر اعطيك ِالثقة مثل ما اعطيتها لمارسة إلا لو عدتيني
إنك ما راح تجرحيني ابد
اكفهر وجهها و أخت تفرك يديها ببعض و بتأتأة : آآ .. صـ ًـ
نظرتُ للسماء و انا أبتسم بحسرة : لهالدرجة صعب الوعد ؟! , ليش كنتِ ناوية تجرحيني !
تبي تردي بحقك الي قتلته زمان بس انا تبت و خلاص ما عادني ركاض الي اول و اكبر دليل من يوم ما رجعت لمصر ما قربتك بالفراش
و لا قربت اي بنت غيرك انا اوعدك ان ما جرحتيني مستحيل اجرحك
لكن ان انجرحت هالمرة فبجرحك يا مي بجرحك كثير
تدري ليش ؟ , لأنه نخيل وطني عمره ما كان بعين مارسة طول عمره كان بعيونك وانا أعمى
تدري ليش ؟ , لأنه مارسة خانتني بأعز ما أملك ان ضريتها فأنا اضر ابوي
لكن أنتِ بتخونيني بإيش ؟! , تكذبين علي تقولين اسلمت وانتِ ما اسلمت فإنتِ تضري نفسك قبل تضريني
تخونيني مع رجال ثاني فإنتِ ترخصي بنفسك قبل ترخصيني .
نظرتُ لها فوجدتها تنظر للسماء ودمعها يجري بوجنتيها : مش بيدي .. مش بيدي
حركتُ يدي بالهواء وبإنفعال : اذا نفسك مو بيدك فهي بيد مين اجل
بإنكسار و انتهى طريق دمعها بفمها لتنهمر دموعٌ أخرى : بيـ...د عمـ...و و جـ....هاد .
عدتُ لأحفر الأرض و صوتها ملأ الرجاء و صداه يتردد بالأنحاء
تبكي بحرقة , أأنتِ التي تبكي
اما أنا الذي أحزنُ على ذاتي التي خُدِعت للمرة الثانية
و ضعتُ الصندوق بالحفرة و ردمتها و كأن شيئًا لم يكن
وقمتُ من على الأرض
و هي تنادي : ر.............كـ.......اض مش بإيـ....دي .
***
مضت تسعةُ أشهر كانت مُتعبة مؤلمة ويزيدُ ألمها الوحدة لا أحد يشاركني ألمي
لا زوج , لا أخوات , لا والد ولا والدة
أبي و أمي أنيسهم القبر , زوجي الأفضل أن يكون بعيدًا عني و اخواتي ضدي
و ها هو يوم ولادتي صرخة خرجت من جوفي
صرخة شعرتُ أنها إقتلعت روحي من قوتها
صرخة دوت بالأرجاء فتبعها صوت بكاءِ طفلة
إبتسمت بسعادة ولم أشعر بذاتي فقد أخذني السبات بعيدًا جُل البعدِ عن عالمِ البشر
: هههههههههههه , بتجنن
: تشبهه شكران أوي هوا باباها انظلم الصراحة دي كلها شكران
: هههههههههه اصل يا حبيبتشي احنا الأصل هوا انا خالة ع الفاضي
فتحتُ حينها عيناي بثقل والصورة لا تظهر لي جيدًا
فعدتُ لأغمضها وافتحها تارةً أخرى فوجدتُ أخواتي حولي و الإبتسامة بوجهِ كلٍ منهن
إبتسمتُ سعادةً لسعادتهن لا أظنُ أن هنالك ما يستحقُ أن أعيش لهُ إلا أخواتي و طفلتي
فإذا نورسين تُشير بإصبعها إتجاهي قائلة : صحيت
إقتربن مني و جلسن حولي إلا جيلان ابتعدت عدة خطوات تدفع سرير طفلتي التي لم أرها حتى الآن
جعلت السرير بجوار سريري وحملت الطفلة مدتُه لي
مددتُ يدي و وضعتها بحجري أخذتُ أنظرُ لها بإبتسامة سرعان ما اضمحلت و حلت محلها دموع الفرح
لقد جاءت للحياة طفلتي صغيرني ذهبيتي حبيبتي فأهلاً بكِ
أهلاً بكِ صغيرتي , يا قطعةٍ مني
جديدُ حياتي , أنيسةُ وحدتي
اوقدتِ خاطري , و اطربت مسامعي
حلقي يا صغيرة و غردي
اضحكِ يا حُبي الندي
ريحانةُ الحياةِ بيدي
أمكثي بصدري و لا تنسي
تقولي أمي
أنا أمكِ يا صغيرة أنا والدتك
ستجيء ميرنا لتأخذكِ مني و تصبح أمكِ
ستجيء ميرنا لتبعدكِ عني فتقولي لها أمي
سيأخذك نائل بعيدًا عني و يشتري لك حاجياتك
و انا أنظرُ من بعيد و انتِ تناديني عمة او خالة إحترامًا لي
و أنا امكِ أنا هي أمكِ و ليست هي
ذاك الحقير والدكِ وليس هو
لا تستحقي يا صغيرة ان يكون والدكِ هو لا تستحقي هذا بتاتًا .
***
الساعة الواحدة و الربع ظهرًا , أجلسُ بمنزلي و بجانبي فتاتي تُذاكر دروسها قد رزقني الله
بها بعد خزعبلاتِ القبيلة لتبقى على قيد الحياة ولله كل الحمد حياتي مستقرة لا جديد بها
و لكن يبدو ان أم زايد تحملُ كل جديد
بعدم إستيعاب : وش هتذين به يا أم زايد , اخوي اختفى من سنين لا العسكرية عرفت مخبأه
و لا حد درى به ما تركنا رقعة بالسعودية ما بحثنا إبها و اليوم جايتن لي بعد كل هالسنين
المديدة قايلة اخوي على قيد الحياة
حركتُ يدي بإعتراض و أردفت : ما ظنتي يا ام زايد انتِ صابك جنون , ما ظنتي يا ام زايد
لا والله ما ظنتي .
بإقناع : يشهد الله علي يا مزنة شفته و الله ان شفته ولو كان بعلي معي ذاك الحين كانه بيوقف معي
والله يا مزنة شفته اخوكِ هزاع , حتى إني اتقصدت اتكلم مع بنيتي عليكِ لكنه ما كان يطالعني كأنه
ما يدري عنك رغم اني ذكرت إسمك بالكامل ما ظنتي يا مزنة اني مضيعة انا متأكدة انه هزاع
وضعتُ يدي بقلبي : قليبي يا مزنة احس انه توه رجع للحياه و ان كان كلامك صدق وينه عني يا ام زايد
وينه عن القبيلة .
مسحت على فخذي وبهدوء : اهدي يا وخية اهدي هو غرب بنفسه يومه كان خاين للوطن اكيد انه اختفى عن ناظرهم
حتى لا يتعاقب و لكن مدري به لي لهالحين ما طق بابك و الله المدة كفيلة لإغلاق هالقضية ما ظنتي
انها مفتوحة لهالحين ثلاثين سنة يا مزنة ثلاثين من ذاك اليوم , لولا مخافة الله لا قلت له تعال معي
لكن ما اقدر هو اجنبي عني يا مزنة و ما معي غير بنيتي قلت المشوار قصير و نركب بهالتاكسي
و ما ظنيت هالمشوار بِرد ماضي من ثلاثين سنة مير إنه انتهى
مسحت على وجهي بقوة , و بشوقٍ ممزوجٍ بالحُرقة : وينه عني يا ام زايد إن كانك متأكدة هالقد وينه
نسى وخيته و انا الي سنين عمري احاتيه و بالقوة نسيت غيبته و ينه يا ام زايد و بعد تنطقين
بإسمي قدامه ولا يوليك اهتمام
فتدخلت فتاتي قائلة : امي تحكين عن خويلي ؟
بإبتسامة باهتة : ايه يا بنيتي اتحكى عن خويلك هزاع يا يمه .
اقتربت حتى جلست امامنا تمامًا قائلة بإندماج : يمكن يا يمه معه فقدان ذاكرة
بغرابة و عدم فهم : وش هو ذه ذاكرة ؟
فأخذت تشرح لنا : ذه يا يمه ويا خالتي ام زايد يترك الشخص ما يذكر اي شي يعني كأنه
عاده توه نازل من بطن و ميمته ما يعرف بالحياة حد كل الي يعرفه الأسياسات يتكلم زوين
و يتعامل زوين لكن ما يذكر الشخصيات ولا لأماكن
ضربتُ فخذي و بلا رضى : يا مصيبتي ان كان صابه شيٍ من هالقيبل يوم قلنا هلت الفرحة
غشى عليها الترح
فقالت ام زايد متسائلة : وش سببه هالفقود ؟
رفعت كتفها بحيرة : ما لي دراية لكن يمكن سقط من مطرح عالي او شيٍ من هالقبيل و راسه إنصاب
ففقد ذاكرته و ذه احتمال .
حركت أم زايد رأسها بتفهم و صار الصمت سيد الجلسة
أخي هزاع كنت تتعذر بعملك و تغيب عن القبيلة سنين مديدة , و من ثم إختفيت لأعلم أنك ضابطٌ خائن
مطلوبٌ من الأمن و لكن إختفائك استمر ثلاثون عامًا حتى ظننتُ ان روحك قد ذهبت إلى باريها
فكنتُ أدعي لك بكل صلاة و بنيتي أنك ميتٌ لست حي
لأسمع اليوم خبرًا لا أدري هل هو صحيحٌ أم لا
و من ثم اسمع آخر يعني انك على قيد الحياة ولا تعرفني
و ماذا سأسمع بعدها ؟!
***
عام 1995 م
على أرض مصر , خادمتنا المخلصة و التي تعمل بمنزل احد ضباط مصر نفذت ما قد أمرناها بهِ
أحرقت المنزل بأكمله فمات الضابط الذي كان على صلة تامة مع احد الضابط الذي يكون زوجًا
للمدعوة " ج " و ماتت معه المدعوة " ج " و لم يتبقى سوى طفلة رضيعة قد تكون المدعوة " ج "
أتت بها عن طريق الزنا او ماشابهه حملت الخادمة المخلصة الطفلة و هربت بها إلينا بكل أوراقها الثبوتية
حينها علمنا أنها إبنة المدعو ....
أين التكملة ان الحديث لم يكتمل بعد ولكنها نهاية الورقة , قلبتها من الجهةِ الأخرى وقد كانت فارغة
بحثتُ بين الأوراق عن التكملة فلم أجدها
إبنة من تكون ؟
ولماذا لم تُقتل مع البقية ؟
و أين اهلها عنها ؟
و ماذا فعلوا بها ؟
أين هي التتمة أُيُعقل أني نسيتُ طباعتها
فتحتُ الجهاز لأبحث بين الورق الذي قد صوره لي سمحي
ورقة ورقة ولكن لا تتمة
من الممكن أن سمحي قد نسي ان يصورها لي
لا بد أن أسأله .
***
الساعة الثانية و الربع مساءًا , دخلتُ للمنزل وانا بالكاد أجمع شتاتي و أضمُ أشلائي المتناثرة داخلي فجوة عميقة مملؤة
بشظايا كان سببها إنكسارٌ سحق كل البناء و قمع انماط السعادة فما بقي إلا فجوة داخلها
شظايا و فراغٌ لن يمتلىء , كل ما جمعني بك شيء فرقني عنك شيء
طلبت مني وعد و طلبتُ منك السماح
قلتُ لك ليس بيدي فقلت لي نفسكِ بيد من إذًا
فقلتُ عمي واخي ولكنك دفنت ما تحمل و رحلت
ظننتُ أن رحيلك لمارسة هو الرحيل المؤبد لما بيننا
و لكن اتضح لي أن الأمل لازال على قيدِ الحياة
لكن التشاؤم لم يدع للأمل طريق ليُثبت ذاته فكان اليوم هو رحيلك المؤبد عني
أحببتك يا ركاض ولا أدري كيف أحببتك
قالوا لي هم قاتلوا والدكِ و جدك ِ
و أحببتُك رغم هذا
رأيتُك تعاشر الفتيات فتاةً تلو الأخرى
و تضاعف حبي لك !
كذبت علي و عدتني بالزواج لأعرف بعدها انك تُحب مارسة و ستتزوجها
و تضاعف حبي لك !
بعدها تقول ان وطنك بعيني أنا !
كم قتلتني هذه الجملة كم أهلكتني شعرتُ اني مذنبة بلا سوطٍ أو قُنبلة
شعرتُ أني خائنة ولا يد لي بالأمانة
صارحتك بالحقيقة و قلتُ هم السبب
و رحلت عني
أتريدني أن أكذب ؟!
كان بإستطاعتي الكذب فهو أُيسر طريق للإنتقام منك و من عائلتك
و أسهل طريق لرضا عمي و أخي ولكني لم أفعل
و بالرغم من هذا رحلت !
كم النهايات مخيفة مرعبة و موحشة إلى الحد الذي لا أطيق
و كم البدايات سهلة يسيرة إلى الحد الذي أجيد
بدأنا العلاقة بالحقيقة فقلت لك انا مي وقلت لي أنك ركاض فسررنا بمعرفة بعض
و اليوم تنتهي العلاقة بالحقيقة و لكن لم تسعد بالحقيقة
لأني أُحبك يا ركاض لن أدعهم يضرونك قط حتى و إن لم تعطيني حُبك
يكفيني أني أُحبك
إنتفض جسدي بشدة و هو يسحبني من ذراعي و يهزني من كتفي و انا لا افهم ماذا يحدث
يصرخ بحُرقة : ايه الي ئلتيه يا مي انتي مجنونة
إبتلعتُ ريقي الذي جف و تصنعتُ القوة وبعتب : ايه انتا بتجسس عليا يا جهاد
دفعني بيده للحجرة المفتوحة أمامنا فتمسكتُ بالباب بعناد صرخت : مش هدخل , يا عمو ربيع جهاد هيئتلني
لكنه احتضن جسدي الغض لصدره و حملني من على الأرض و أغلق الباب بظهره و ضعني على الأرض
رفعتُ بصري إليه و رأيتُ صدره الذي يعلو و يهبط يُنبأ باللاخير و بكل انواع الشر
غاضب , واجم , متجهم و مكفهر كلماتٌ تصف مظهره ولا تفي
تراجعتُ بخطواتي للوراء و جسدي لا يكفُ عن الإرتعاد و الإرتعاش و برجاء : ارحمني يا جهاد انا خلاص ائطعت علائتي بيه
إقترب مني رويدًا روايدً على عكس خطواتيِ السريعة للوراء ولكني اصطدمتُ بالكنبة و سقطتُ بها وقبل أن اقف كان جسده مستلقي فوق جسدي
و أنفاسه تُحرق صدري إبتلعتُ ريقي مرارًا و تكرارًا وانا أرى بعينيه تلك النظرة ذاتها التي رأيتها وانا بحجرتي و بالمنشفة
هي ذات النظرة المخيفة حركتُ رأسي بـ لا
و انهمرت دموعي شعرتُ أن لساني ثقيل كنتُ أحاول الحديث و لكن الحروف لم ترحمني
بحركةٍ سريعة تناثرت أزاريرُ قميصي بكل مكان هنا فقط خرجت صرخة من أعماقي : لاااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا
وضعتُ يدي فوق صدري و ما ظهر مني
رفع رأسه عن بطني وهو ينظرُ لعيناي قائلاً : هتصلحي كل الي صار مع ركاض و تنتئمي منو زيما اتفئنا ولا أخدك النهار ده و مش هتستمري بعلائتك مع ركاض
و لا هتنتئمي منو , ايه رايك ؟
بإستنكار : ده اسمو ابتزاز
لثمني بخدي الأيمن ولكن ليست كأي لثمة سابقة كانت لثمة قذرة دنيئة او أن السابقات مثلها ولكني لم أفهم حينها و لم أعي شيئًا
: اه ابتزاز يا مي
سحبتُ القميص لأغطي مكان الأزارير و ثُقله لا زال فوقي ولكن مسافة بسيطة تفصلنا ليس كالسابق : خلاص هنتئم منو بس سبني
قام من فوقي و لكنه لم يخرج وقف امامي تمامًا اعطيته ظهري لأخفي ما ظهر من جسدي
لكنه لف جسدي بإتجاهه بقوة , رفع رأسي إليه و لثمني بشفتي
دفعتُه بكل قوتي و لكنه لم يتحرك إلا عندما نال ما يريد
خرج من الحجرة و سقطتُ بالأرض جلستُ القرفصاء وانا أنظر للبلاط بشتات أنظر للجمادات بلا إستيعاب أنظر للفراغ ولا شيء إلا الفراغ
شعرتُ بالغثيان حاولتُ أن أقف ولم أستطع فإستفرغتُ بذاتِ مكاني فوق ردائي و على الأرض
مسحتُ فمي بشدة و عيني على ما خرج من جوفي
جسدي أو ركاض !
أوصلت درجةُ الإنتقام بداخله إلى حدِ يبتزني بجسدي
أخي و جسدي
ركاض أو جسدي
أأنا اللاشيء بالنسبة لك يا جهاد
أنا فقط عملي الإنتقام لا شيء غير ذلك
منذُ متى وانت تراني بهذه النظرة
منذُ متى وانا أعاملك كأخي وانت تعاملني كجاسوسة عليها أدآء عملها بحذافيره
و إلا ستتهي بين يديك
أخي
أخي
أخي
لحمي و دمي
حركتُ رأسي بلا
و كل الصور تتجسد أمامي
نظراتُه لي , لمساتُه وحتي قُبلاته و كلماته
و عاد الغثيان ينتابني ولكن لا شيء بجوفي ليخرج لا شيء .
***
بعد صلاةِ العصر بساعة , رفعتُ عيني حالما سمعتُ صوت الباب و ما أن رأيتها حتى تحرك قلبي أغمضتُ عيني وانا أشعرُ أني لستُ أغيد السابق
أخفضتُ عيني ليدي و شيئًا ما بداخلي يتمنى لو أنها تقترب و آخرٌ يقول عيبٌ عليك يا اغيد
أكرموك بمنزلهم و انت تُفكر بنساءهم مشت من جانبي تمامًا فقد رأيتُ حذاءها الرياضي الأسود
لا شعوريًا إلتفتُ للوراء حيثُ هي تتوجه لداخل المنزل قائلاً : لو سمحتِ أختي
وقفت وهي تعطيني ظهرها
و إلتزمنا بالصمت لفترة فقالت بضجر : اخلص ايش تبي ؟
نظرتُ لظهرها ومن ثم للساعة بيدي اللامبتورة : مشكورة على الهدية اعجبتني حيل و انتِ اول وحدة تهديني و اعتذر اذا ازعجتك يا اختي والله غصبًا عني .
إلتفتت لي وهي ترفع حاجبها و تضم يديها لصدرها : وش الي يجبرك تبعد عني ؟ انت رجال وتتولى نفسك ما اظن في احد جابرك لكن الظاهرة اني مب مالية عينك
قاطعتها قبل ان تكمل : معاذ الله يا اختي لكن لا مستواي المادي قدك لا هيئتي بهيئتك وقبل هذا كله مخافة الله يا اختي , واجب واجب علي اغض الطرف
و من الخطأ انك تمسكيني او امسكك الرسول صلى الله عليه وسلم و لا مرة صافح إمرأة اجنبية عنه
إحتقن و جهها بالحُمرة و هي تنظر للأرض قائلة بصوتٍ منخفض : انت اغرب رجال مر علي احاول اكذب عيني او قلبي لكنك غير , بالتوفيق يا اغيد .
و مشت بإتجاه المنزل تعلقت عيناي بها رغمًا عني حتى اختفت
صوتها و هي تتحدث كأنها تودعني كأنها تقول هي المرة الأخيرة التي تراني بها
إنقبض قلبي بقوة حالما راودتني هذه الفكرة و بلعتُ غصتي بشدة
و أنا اعود لذات الكرسي الذي كنتُ أجلس عليه .
*
إبتسمتُ لها : جاهزة ؟
اخذت نفسًا عميقًا طويلاً و عيناها تدور بكل قطعة اثاث بالحجرة حتى استقرت بعيناي : و حصل اللي تبيه امي اتزوجت من جابر و صارت مجنونة
كل همها ترضيه تشتري ملابس كثير و لأنها مالها خبرة كانت كل الملابس معفنة ذوقها ابد ما كان حلو لكنها تبذل كل جهدها حتى تطلع حلوة بعيونه
تقص شعرها تصبغه تنحف حتى اسنانها صلحتها كل كل شي فيها اتغير عشانه والغلط الكبير الي سوته انها كانت تعطيه فلوس بالهبل و لأنه يشتغل بالبنك
ما ادري وش كان يسوي المهم نص الورث صار بإسمه اذا ما كان ثلاث ارباعه و هي ولا تتكلم مخليته على كيفه بس الموضوع بدأ يزيد و صار تقريبًا كل الورث تحت يده
و صار لما يشوف بيد امي فلوس يسحبها ويقولها انتِ مهما سويتي بنفسك فإنتِ بشعة هاتي الفلوس و زاد الموضوع لدرجة خلصت فلوس امي و جاه اليوم الي ادمرت فيها حياتنا
*
كانت تجلس امام السفرة و حولها ابناءها حميدة و الإبن الصغير و إبنة جارتهم التي هي بعمر حميدة اما الكبير عبدالرحمن فقد كان خارج المنزل
و امامها زوجها يتناولون الطعام ,سألها : اعطيني فلوس ؟
بخوف : ما عندي
بحدة : وش ما سمعت ؟
رفعت سبابتها تحلف : والله و الله ما عندي شي
رفع ابريق الشاي الذهبي و بكل قوة رماه برأسها فأمكست محل الضربة و الشاي الساخن يلسع وجهها وصدرها وأبناءها إلتموا حولها يبكون
لم يكتفي و اقترب منها و هو يضرب الإبريق برأسها حتى فقدت وعيها
حينها صرخت حميدة : مااااااماااااااااااا مااااااااااااااااتت
هذا هو الموت بأعين الأطفال ان يستلقي المرىء و يغمض عينيه
أما هو إنتفضت يده بهلع جلس بجانبها و هو يضرب خدها : عائشة , عااائشة
لكنها لم تستجيب وضع يده بقبلها يجسُ النبض لكن لا نبض بقبلها رحلت و انطوت حياتها أعطت أكثر مما تأخذ فضلتهم أكثر من تفضيلها لنفسها
لم تعش الدنيا و ياليتها تعيشُ الآخرة
*
ببكاء : كل شي صار بلحظة صرخ فيها بلحظة و ضربها بلحظة و ماتت بلحظة و من ذاك اليوم ما صار عندي لا أب ولا أم ربيت نفسي بنفسي و حلفت لنفسي
اني ما اصير مثل امي حتى ما أموت موتتها و يستغلوني الرجال و يرخصوني مثلما ارخصوها ابوي و جابر كلن بطريقته الخاصة , كنت اشبهها بدرجة كبيرة صرت اجرح وجهي و حلقت شعري حتى تصرفاتي غيرتها وصارت تصرفات ذكور
و وصلت للشهوة وصرت اشتهي بنات و اتغيرت كليًا من شكل لإسم لتصرف لشهوة و لكل شي و صل عمري للثمنطعش قالوا لازم تشهدي على ماشفتي لأنه شهادتي وانا طفلة ما تنفع
لازم ابلغ سن الرشد لكني تصرفت تصرفات مجنونة و شكوا بحالتي النفسية و صرت اتعالج عن دكاترة نفسيين ولكن انا مافيني شي لكني اتهرب من ماضي و غباء امي
و رسبت و عدت الثانوية كذا مرة لكن الحين اخوي الصغير وصل للثمنطعش وصار الوقت الي بجد لازم نشهد فيه رضيت او ابيت لأنه ما يصير جابر زوج امي
يجلس بالسجن واحنا كلنا بلغنا سن الرشد و طبعًا بنت جيراننا زمان كمان مطلوبة تشهد و هي بعمري .
بغرابة : لكن الشهادة في الحدود و القصاص لازم الي يشهدون يكونوا ذكور
مسحت دموعها و هي تشهق : عارفة بس قالوا شهادة حرمتين برجال و مع اخوي الرجال , صار كأنه رجالين
حركتُ يدي برفض : لا حتى ولو , شهادة الحدود و القصاص ما تصير الا برجال ومستحيل حرمتين يقومون مكان رجال حتى لو كانت شهادة المرأة نصف شهادة الرجل مثل ما قال الرسول
حديثه هذا ينطبق على الأموال لكن ماله دخل بالحدود و القصاص ابد .
رفعت كتفها : مدري والله هذا قرارهم يمكن اعتبروا الوضع ضرورة لأنه مافي غيرنا بالغرفة حتى انهم كشفوا عن البصمات بالإبريق وطلعت عليها بصمات جابر
لكن قالوا لنا انهم ما ياخذون على البصمة ولازم من الشهادة
بموافقة : صحيح بحسب الشرع من الغلط ينأخذ بالبصمات لازم من الشهادة لكن برضو هالشهادة غلط لازم الي يشهدون رجالين
أردفت بإبتسامة حنونة : اهدي يا حميدة ترى مب بس انتِ الي فقدتي امك و مب بس امك الي كانت تسمع كلام زوجها و تذل نفسها انا يا حميدة يتيمة
من عمري اربعة طعش سنة فقدت ابوي و امي بنفس السنة صحيح اكبر منك كونك انتِ فقدتيهم وانتِ عمرك أربعة سنين لكن اختي الصغيرة فقدتهم وعمرها عشرة
قريبة منك نوعًا ما و فقدنا اختي الصغيرة تعرفي اني كنت اعيش بقبيلة تتدفن البنات بالتراب وهما على قيد الحياة مثل ايام الجاهلية تمامًا
لما ماتت امي و ابوي جاه خالي و دفن اختي الي امي جابتها وماتت فقدت اثنين بنفس اليوم وفقدت ثلاثة بنفس السنة , كل واحد يا حميدة وله
مشاكله انا عارفة ايش كثر الفقدان صعب لدرجة انك حولتِ نفسك عشان تنسي لا تقولي يا حميدة عشان ما اكون مثل امي لا انتِ سويتي كذا من زعلك على أمك
ولو كانت امك بالحياة الحين كيف ممكن تقابليها ؟ , جاوبيني بصراحة يا حميدة ولو ما تقدري تجاوبي الحين جاوبي بكرة بعده اي وقت تحبين تأكدي اني انتظرك .
هزت رأسها بالموافقة و هي تمسح عينيها و تقف من على الكنبة
تتجه لخارج الجناح ولخارج المنزل بأكمله و تركتها كما تريد
كان الله بعونكِ يا حميدة لن اتركك حتى تكوني حميدة لا حمود .
*
وقعت عيناي عليها و هي تخرج من المنزل باكية تمسح عينيها و تفرك و جنتيها بشدة
وقفتُ من هول ِ صدمتي فلم أتوقع ولو لبرهة ان أراها تبكي
مشت من أمامي بإتجاه الباب لخارج المنزل
فناديتها بلا وعي : أخـتي
و لكنها لم تلتفت و رحلت
إنقبض قلبي و تعالت انفاسي جلستُ على الكرسي و افكاري لا تدور إلا بها .
***
عاد من عمله بتمام الساعة الثانية عشر بمنتصف الليل , ألقى التحية فرددتُها كاملة
خلع شماغه و عقاله و طاقيته و وضعها بالعلاقة و من ثم خلع ثوبه و علقه
بقي بفالينته و سرواله تناول ثوب نومٍ و إرتداه
و إقترب من التسريحة وهو يتعطرُ بالعطرِ الذي اهديته
نبض قلبي بشدة لو أنك تعلم يا عبدالقوي مالذي ستفعله ؟
تخيُل الإجابة مرعب للغاية فكيف بالحقيقة ؟!
إستلقى بجانبي على السرير و وجهه بإتجاهي إبتسم لي بحنان : وش مصحيكِ لهالحين ؟
إغتصبتُ إبتسامتي : انتظرك
رفع رأسه و وضعه فوق شعري الطويل وهو يشتمه : ما كان تعبت ِنفسك تعبك يتعبني اكثر من كونه يريحني
إبتسمتُ وانا أتذكر ما حدث : تبي الصدق
قرص خدي برفق : اجل فيها إن سهرتك لهالحين
جلستُ بحماس و انا ابعد اللحاف عني : ايه
جلس مثلي يجاري حماسي : وش ؟
أشرتُ بإتجاهه : اول شي اوعدني انك تجيب لي هدية
: أوعدك " أردف بتساؤل " لكن المناسبة ؟
إقتربتُ منه وجلستُ فوق فخذه و بإبتسامة مشرقة : انه في بيننا رابط انا حامل يا عبودي
لثم جبيني برقة : احلى خبر يا مارسة , والله يفرحك دوم انا فرحة العيال ذقتها من قبل وعيالي
كل واحد فيهم رجال ينشد فيه الظهر لكن الطفل منك غير وله نكهة خاصة ان شاء الله يطلع نسخة منك
بدلع : عبووودي لا , إن شاء الله يطلع مثلك عشان لا يسرقك مني
مسح على أرنبة أنفي : مافي شي بهالدنيا كلها ممكن يبعدني عنك يالمارسة .
إبتسمتُ و انا أضعُ رأسي بصدرهِ الذي أصبح مصدر الأمآن والحنان بالنسبةِ لي .
***
لو كنتِ يا أمي على قيدِ الحياة و حكيتُ لكِ أحجيتي انا و معن فماذا ستكون اجابتك يا ترى ؟
أعلم أن الماضي الذي عشتِ بهِ كانت فيه المرأة مطيعةً لزوجها حتى وان كان ذلك على حساب نفسها
و لكن لو أخبرتك ان معن خائن فهل ستقولي إصبري و إجذبهِ لك ِ و لا تدعيهِ يُفكر بغيرك ِ فليس لكِ بالحياةِ إلا زوجك
ام ستقولي تجنبيهِ و إن طال الأمر لا تُكملي حياتكِ معه ُ , كثيرًا ما اتنمى ان تكوني بجانبي
فأنا يا أمي صبرتُ كثيرًا و صمتُ على جبروت خالي و نزاقةِ إبنه و حاولتُ أن أسعد أخواتي بشتى الطرق حتى وان كانت راحتهن ضد راحتي
فهل ستقولي تابعي طريق الصبر فالصبر بابٌ من أبوابِ الجنة أم كفاكِ صبرًا يا إبنتي فإن ارواحنا أمانة علينا الإحتفاظُ بها
وانتِ أهلكتي روحكِ و كل مافيكِ لأجله , هل ستنصحيني بأن اغفر لهُ خطيئته يوم يجيءُ يوم براءتي
أم ستنصحيني بعدم الغفران لأنه تمادى كثيرًا في تعذيبي , آه يا أمي لو تعلمين كم أنا بحاجتكِ
كم أنا مٌتعبة لا أعلم لمن أشتكي فأخواتي يأخذن القوة مني ولكن أنا من يعطيني قليلاً من القوة
فقوتي بدأت تنتهي أنا واهنة هشة في دواخلي أحتاجُ لمن يسمعني أشكيه فينصحني أبكي أمامه فيردعني عن البكاء
أقول لهُ كل أسراري فيكون صندوقًا يحفظُ أسراري , أختي يا أمي بالمستشفى متعاطية و لا ذنب لها سوى الطيبة
و اختي الأخرى جُل تفكيرها طفلٌ يملأ حياتها و أبي لا أدري هل لازال حيًا ام أصبح له قبرًا يجاوركِ
أصبح لي أبناءٌ يا أمي لم أكن أهتم بهم و لكني الآن علمتُ عظم هذه النعمة , أحاول ان أسعدهم بشتى الوسائل
و لكن هل أسعدهم يا أمي و أبقى مع معن فقط لأجلهم ؟ , في كل يوم أشكي همي لله سبحانه في سجادتي
و أعلمُ أن الله عند حسن ظن عبده ِ بهِ أعلمُ أنه ينصرني لذلك لازلتُ صامدة لهذا الحين ولكن انا احتاجُ
لأنسي يشاركني ترحي نعم احتاجه .
سمعتُ صوت بابِ الجناح , فسميتُ بالله ِ و خرجت
*
*
اول ما دخلت مشيتُ بإتجاهِ حُجرتي مباشرةً دون الإلتفاتِ لأي شيء ولكن أُحبُ صوت على وجهِ الأرض ناداني : معن
إلتفتُ بإتجاهِ حجرةِ أطفالي لأجدها تقفُ أمام الباب نظرت لي وما أن وقعت عيني بعينيها حتى أخفضتها
نظرتُ لقميص نومها البنفسجي اللون الذي يزيدها فتنة فوق فتنتها
إبتلعتُ ريقي و تصلب عمودي الفقري وانتشر العرقُ بجسدي
اما هي فكانت تنظرُ للأرض بخجل و أصابعها تشتبكُ ببعضها
صحيحٌ أننا متزوجون منذ أحد عشر سنة و إقتربت للإثنا عشر لكن لسنا معتادين على هكذا طقوس
لذلك انا أشعرُ بالتوتر وكأني أول مرة سأقربها وهي تشعر بالخجل و كأنها عروس
اما قمصانُ النوم فهي شيءٌ آخر فأنا لم أراها بهِ منذِ ما يُقارب أربعة أو خمسةَ سنوات
فآخر مرة إقتربتُ منها كانت ترتدي رداءً عادي لا قميص نوم
صحيتُ من غفلتي و افكاري على صوتها : تعشيت ؟
فتحتُ فمي و بلا إستيعاب : هاه
إبتسمت بحياء و اقتربت مني و هي تعيدُ سؤالها : تعشيت ؟
أجبتُ بتشت : لا
فقالت وهي تمرُ من جانبي : الحين اجيبه لك على ما تبدل ملابسك
لكني أمسكتُ ذراعها العاري وجذبتُها إتجاهي و انا أنظر لعينيها : لا انا متعشي
رفعت حاجبها و بإستغراب : توك تقول مب متعشي
مسحتُ على رقبتي : نسيت اني تعشيت
إبتسمت برقة و كأنها فهمت ما بداخلي
شبكت اصابعها بيدي و أنا أمشي وراءها ولا أفهم ما تفعل
فقط أمشي خلف خفقاتِ قلبي
دخلت لحجرتنا السابقة والتي اصبحت حجرتي ولكن يبدو انها ستعودُ حجرتنا
إبتسمتُ بمجرد تخيل الفكرة و بدأ إحساس النشوة يتعالى بداخلي حتى كاد ينفجر
دخلتُ وراءها و دفعتُ الباب بظهري سحبتني إلى حيثُ السرير
حينها عادت لي صورة الماضي وانا أضربها لأنـ
نفضتُ رأسي وانا أطردُ هذه الفكرة فقد لا يعودُ هذا اليوم ويصبح مجرد ذكرى
فلتكن حاضرًا جميل و لتكن ذكرى اجمل بين أشجانِ ذكرياتنا
جلست و جلستُ بجانبها على السرير سحبت يدها من يدي فأفتقدتُ نعومة يدها التي لم أشبع منها
وقفت بنصفها العلوي على ركبها أمامي تمامًا و انا أنظرُ لها ببلاهة
رفعت العقال و الشماغ و الطاقية عن رأسي بينما أنا أستنشق عبير عطرها و شعرها القصير الناعم يداعب أذني
إبتعدت و هي تقف فأمسكتُ بذراعها : على وين ؟
أشارت إلى التسريحة : بحطهم على التسريحة
سحبتُ ما بيدها و وضعتُه على السرير قائلاً : مب الحين بعدين حطيهم
حركت رأسها بالموافقة وجلست ملاصقة لي وهي تعلبُ بشرائط الساتان على صدرها , بتوتر : معن
لا شعوريًا : لبيه
إبتسمت بخجل : لبينا بمنى انا و ياك و عيالنا إن شاء الله
إحتضنت يدي بين يديها و هي تمسح بإبهامها على ظاهر يدي , بصوتٍ ظهر واهن لا يليقُ بها : ممكن ما تخونني ونبدأ صفحة جديدة اعطيك فرصة واعطي لنفسي
فرصة لكنها الأخيرة يا معن , سألت نفسي مرة و مرتين لو أمي عايشة و حكيتها عن حالنا وش بتقول و بالآخر قلت اجرب كل الإحتمالات اعطيك فرصة
و لنفسي فرصة نحاول ننسى فيها كل شي صار اذا فشل واحد مننا انا بنفسي بنسحب من الساحة .
*
إنتظرتُ إجابته و طال الإنتظار فرفعتُ عيني لهُ , فإذا بخشونة يده على وجنتي تمسحُ دمعة لم أشعر بها !
تعالت ضرباتُ قلبي وانا أحسس بيده الخشنة على نعومةِ بشرتي شعور يجعلني سعيدة بالرغم من أكوامِ حزني
وضع يده على خلفية رأسي و جذبني لصدره و كأنه يقول لي إستمعي لنبضاتِ قلبي التي كانت تشابهه نبضاتي
قال بعد مدة ليست بقصيرة : إلا دموعك يا عُطرة تحضني بالكفن حي
حوطتُ بيدي رقبته وكل المشاعر و الأحاسيس تدفقت لقلبي
و ما كان منه إلا أن يشدني إليه ...
***
الساعة الواحدة إلا ربع صباحًا , دخلتُ للجناح و توجهتُ تلقائيًا لحجرةِ النوم فهي أكثر مكانِ تلجأُ إليه و تجلس به
فوجدتها كعادتها على السرير ولكن حالما رأتني خبأت شيئًا ما خلف ظهرها و فركت يديها بتوترٍ واضح
وضعتُ المفاتيح على التسريحة اما البالطو فقد وضعتُه فوق الأريكة التي تقع امام السرير
و كنتُ أختلس النظر إليها لأجدها تدُس ذلك الشيء بين الوسادات
إنتباني الشك رغمًا عني فمالذي تخافه و تخفيه عني ؟!
جلستُ بجانبها على السرير وتعمدتُ الإسلتقاء فكان رأسي فوق الوسادة التي خبأت بها ذلك الشيء
اما هي فكانت تمسح و جهها وتنظر للأشياء بتشتت
أيقظتًها من شتاتها متسائلاً : شفيك يا عزوف ما انتِ على بعضك ؟
أخفضت بصرها للحاف و هي تلعب بأناملها الطويلة والنحيلة بنقوشه
و ترفع خصلات شعرها الناعمة عن وجهها : ابد ما فيني شي
بإلحاح : أكيد
هزت رأسها بالموافقة : اكيد
و لكني لم أتحمل ما يحدث فمددتُ يدي تحت الوسادة لأُمسك بذلك الشيء
أما هي فشهقت بقوة مما جعل الشك يزدادُ بداخلي
و عندما أخرجتُ ما تحت الوسادة كان كرتون صغير الحجم بهِ حذاءٌ للأطفال حديثي الولادة
للوهلة الأولى عقدتُ حاجبي بغرابة و بعدها رفعتُ عيني لها و إبتسامة داعبت شفتاي و اخذت تتسع لهولِ سعادتي
مددتُ يدي و سحبتُ ذراعها لتسقط فوقي أبعدتُ شعرها من على وجهها و بفرح : حامل ؟
إمتلأت عيناها بالدموع ففهمتُ انها دموعُ الفرح و إحتضنتُها لصدري بقوة
و انا أهمس بأذنها : مبروك حبيتي والله ما تعرفي وش كثر فرحتي يالله لك الحمد يالله هذا اجمل خبر
بهالشهور الصعبة لا والله انه اجمل خبر بحياتي كلها , فرحان لأنك حامل و بيصير لي ولد وفرحان
اكثر لأنه هالولد منك انتِ مب من غيرك الحمدلله يا رب الحمدلله وش فيه اعظم من هالنعمة يالله
مسحتُ دموعها الشفافة برقة عن وجهها و بنعومة : يكفي يا قلبي سنين حياتك كلها وانتِ تبكي
حتى بهاللحظة بتبكي ؟ , يسعدك ربي قارورتي بلاش هالدموع والله تفطر بقلبي
لكنها لم تستجيب لي بل دفنت رأسها بصدري وهي تنتحبُ بشدة
حينها تعالت نبضاتُ قلبي و بخوف : معزوفتي وش فيك ؟
و كأن صوتي كان حطبًا يزيدُ إشتعال النار بدأ صوتُ بكاءها يتعالى وصار صياحًا و تمتماتٌ لا تُفهم
حاولتُ رفع رأسها عن صدري لأفهم ما بها ولكنها كانت تتشبثُ بي قوة
فتركتها بصدري كما تريد و أخذتُ أمسح على شعرها
و الأفكارُ تعصفُ برأسي
ما بها ؟ ما بها ؟
ماذا حدث بغيابي ؟
و لماذا معها هذا الحذاء ان لم تكن حامل ؟
مالذي حدث ؟
أسئلة كثيرة لن يجيب أحدٌ عنها سواها هي
ولكن هي نامت فوق صدري و انتظمت انفاسها
لم أشأ أن أزعجها لذلك لم أتحرك من مكاني
ولن أتحرك حتى تستيقظ من نومها .
***
فور اغلاقي من احد المراقبين الذين وكلتهم بمراقبة سمحي , رن هاتفي
نظرتُ للرقم واستنتجتُ انه تابع لمستشفى الأمل الذي تمكثُ بهِ طفلتي وحبيبتي هوازن
وصلني صوت من الطرف الآخر : مرحبا , رقم الكاسر ؟
رددتُ بقلق : أهلاً , ايه نعم
: المتعاطية هوازن ....
***
إنتهى الجحيم
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
كونوا بخير $
بالنسبة للجحيم فهو كل اسبوع جحيم بدون تحديد يوم
مع هذا انا ما اوعد بالإتزام
و سبق وقلت الي يبي يكمل حياه الله
والي ما يبي براحته و انا ما بنسى أي احد كان او لازال يتابعني