أروع ما في حبنا انه
ليس له عقل و لا منطق
اجمل ما في حبنا انه
يمشي بالماء و لا يغرق
لــ نزار قباني
الجحيـــم
( 37 )
** لا تلهيـكم الروايـــة عن الصـــلاة **
روايتي كل بطل فيها يتكلم عن نفسه هذا يعني انه اي بطل يغلط في الدين فهو الي غلط مو أنا
انا مستحيل و من سابع المستحيلات اكتب لكم شي خطأ بالدين
الدليل او المعلومة الدينية قبل احطها اتأكد منها من مواقع اسلامية موثوقة و اذا اضطريت سألت اهل العلم فيها
الأحداث القادمة بتحمل اشياء تشيب الراس لهولها و اعيد و اكرر مهما كان فيها اغلاط دينية من قبل الابطال فأنا مالي دخل
و الغلط اكيد بوضح في يومٍ ما انه غلط , النهايات الي بعضكم يتوقعها للأبطال وتكون نهايات سلبية مو شرط تصير و لا شرط الايجابي يصير , الرواية ماشية بوتيرة اذا استشعرت الخطأ وتبت لله فالله غفور رحيم , اذا ما استشعرت ولا تبت و بقيت بدرب الخطأ فالله شديد العقاب و من كلامي هذا تأكدوا انه بإذن الله النهاية مرضية
قد نقرأ عن امرٍ ما و نستمع لآخر و تتهافت الأدلة المقروءة و السمعية إلا اننا نفتقد دليلاً بصري و كأن البصر هو حــلٌ لتلك العقدة التي فتكت بقلوبنا
أُسارع خطواتي او ان خطواتي تسارعني لأرى احدًا امامي سوى جملة تحتاج لنقطة النهاية بتلك الحُجرة التي قالوا ان حبيبتي تمكثُ بها متعاطية
لم اصدقهم , لم اصدقهم بالرغم من سماعي للحقيقة على لسان ابي و اخي ناجي و بكاء والدتي و حزم رفيقي احمد
لم اصدق رغم اني سألتُ عن رقم الحُجرة بالإسم فأعطوني رقمها
لم اصدق وكل الحقائق تجول من حولي تتربص لتوقع بي في الكمين , تتركني رفاتًا لا قيمة لي
أحل جزءًا من المعضلة بجازان و هم هنا يعثون فسادًا بأقرب أقربائي واحب احبابي و اغلى ما أملك بهذه الدُنيا الفانية
على الرغم من ان وظيفتي تستوجب كل اللامتوقع إلا ان هذا الأمر من المحال ان اتوقعه ولو لبرهةٍ واحدة
لماذا اشعرُ بأن الحجرة بعيدة اكثر مما يجب ان تكون ؟! , أشعرُ بأن الدقائق تمضي سريعة و كأن اليوم يطوي نفسه وانا في خط سيري لحُجرتها
زفرتُ بضيق وانا أرى الإزدحام امام المصاعد , رفعتُ هويتي وانا اقول بصوتٍ جهور : الكاسر عبدالقوي نقيب بقسم مكافحة المخدرات , احتاج امشي بسرعة لفوق .
إبتعد البعض عن المصاعد حتى دخلت و بأصابع خفيفة ضغطتُ على الدور الثاني و كلي أمل ان كل هذا ليس بحقيقة
توقف المصعد و فُتح الباب , ممرٌ طويل يمينه ابواب و يساره ابواب وبأحد الأبواب تقبع من لا أريدها ان تقبع بهكذا مكانٍ لا يليق لسموها
مشيتُ للأمام و عيناي على الابواب اليُسرى ليس بالباب الأول و لا الثاني ولا الثالث حتى وصلتُ للسادس هذه هي الحُجرة المنشودة
طرقتُ الباب مرة و من ثم فتحته و دخلت و اغلقتُه من خلفي إستجعتُ انفاسي و قبضتُ على يدي رطبتُ شفتاي و تقدمتُ بخطواتي حتى يظهر لي السرير
و عليه إمرأة ذاتُ شعرٍ أسود تعطيني ظهرها و يبدو انها نائمة , هذا الظهر بهذا الشعر و هيئة النوم هذه لا تملكها إلا صغيرتي
نفضتُ رأسي وانا أردد بيني وبين نفسي ليس لصغيرتي ليس لصغيرتي
تقدمتُ اكثر فأكثر حتى اتضح لي وجهها نائمة بسلام , كيف لصغيرةٍ مثلها ان تكون بهكذا مكان ؟!
جلستُ على ركبتاي بالأرض ومددتُ يدي بتردد وشيءٌ ما يقول لي اني لو مددتها سأكتشف ان كل هذا مجرد خيالٍ قاتل لمؤلف لا يرحم ابطاله قط
واستطعتُ ان ألمسها و استشعر حرارة بشرتها على برودة يدي المتعرقة
هززتُ رأسي بلا , وانا أُبعد خصلات شعرها عن وجهها و انظر إلى ما تحويه ملامحها من براءة
أرحتُ رأسي على وسادتها بجانب رأسها و انفاسها تداعب رقبتي و تهز عمودي الفقري
و احداث الأمس تعود لي بقوة
" وش تخبين عني يا هوازن ؟
وش هالصداع الي مداوم عليكِ يا هوازن تبغيني آخذك المستشفى
لا ما يحتاج صدقني من قل النوم اليوم شكلي ما بروح المركز و بقضي يومي نوم الا اوقات الصلاة "
كيف لم ألحظ كل ذلك كيف ؟!! , انا استطيع تمييز الصادق من الكاذب والظالم من المظلوم
كيف لم اعرف انكِ متعاطية وضعتُ كل الإحتمالات إلا التعاطي
خشيتُ ان بكِ شقيقة او ما شابهه من داء
و نسيتُ محور عملي
" ابغى افهم كيف ما تدرين مو هاذي شنطتك الي جيتي فيها من المركز
وبعدين ذي مو اول مرة يكون عندك اشياء رجالية اول كان بداخل البيت وكنتِ تقولي الشغالة ملخبطة "
الشقراء و جملة ترددت " إذهب إلى الجحيم " .
أبي وماضيٍ يدسه عني , كل هذا مؤشرات لما قد وقعت به ِ صغيرتي
ضحيةُ غبائي اللامتناهي , فقط حينما اتذكر انها تنام بجانبي على السرير و اني لم ألحظ بها اي شيء
أشعر اني بغمرةِ الجحيم
شددتُ على يدها و من ثم رفعتها وانا أُقبل راحتها بعمقٍ و دفىء قُبْلة طويلة بطيئة تحمل كل معاني الأسف و الخذلان
لن أقول انا السبب بكل ذلك بل سأقول " قدر الله و ما شاء فعل "
لن اقول كل ما حدث بسبب حنانكِ وصفاء قلبك
بل سأقول هنالك من يريدُ ان يُوقع بنا و بشتى الطرق الممكنة
و لن اقول انا يائسٌ قنوط لما قد حدث
بل سأقول الحمدلله على كل ما حدث لعلها النهاية التي ستزجُ بهم للجحيم
"اللهم إنا نجعلك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم" .
لثمتُها بعظمةِ الترقوة برفق
و من ثم غطيتُها بالمفرش
و توجهتُ بخطواتي إلى حيثُ طبيبها
هنالك بعض الأسئلة التي يجب الكشف عن هويتها .
*
انصتُ إليه بإهتمام وهو يقول : المخدر اسمه السيكونال هذا النوع يسبب النوم بكثرة و لما يصحى الشخص يلاقي نفسه خامل يحاول ينام بشكل طبيعي
ما يقدر يضطر يآخذ جرعة جديدة و جرعة على جرعة تسبب الإدمان و زوجتك لهالحين متعاطية .
حركتُ رأسي بنعم و شكرته و خرجت وانا لا أرى شيئًا امامي سوى حماقتي
نعم لقد اعطوها هذا النوع بدراسةٍ طويلة , فأكثر الحالات التي تلجأ لنا تكون من تعاطي الكبتاجون وهو نوع يزيد من نشاط الشخص إلى حد لا طبيعي
اما هذا النوع يسبب النوم و اي شخص في مكاني اول ما سيتبادر لذهنه ان هذه الأعراض بسبب الدواء فهنالك أدوية تسبب التخمة كما ان هنالك ادوية من اعراضها النوم
دواءٌ عن دواء يختلف , و خصوصًا إمرأة كهوازن ستكون آخر شخص قد اظنُ بهِ ظن سوء
أمران هما سبب خفقي الأولى نوع المخدر و ثانيها حُبي لها
نعم حبي لها جعلني كالأعمى بلا بصيرة فكرتُ بأي فكرة انها مريضة , او مرهقة من العمل او الدواء
و استبعدتُ الأهم انها متعاطية من اعداءٍ ضدي
مزجتُ ما بين عشقي و عملي فخسرت عشقي و خسرتُ عملي
و تركتُ الورقة الرابحة لهم
لا أيها الكاسر لا زلت في محطة البداية
الربحُ للعدالة
و انا سأحقق العدالة
لتعود لمنبر الربح .
***
بتمام الساعة الرابعة عصرًا , أدرتُ رأسي يمنةً بيسرة ابحث عن إبرة بكومةِ قش , هويتي هنا ضائعة
ولكن أين يا ترى ؟ , لا بد ان احصل عليها قبل مجيئه
لا أدري اين يكون قد وضعها , ولكني بدأتُ من موقع الحدث
موقع الجريمة هنا حيث حُجرة النوم التي اجتمعنا بها تحت الحرام
هُنا حيث فقدتُ شرفي و من ثم بكى داخلي أسفًا على ما قد وقعتُ به ِ
هُنا تعلمتُ الدرس الذي رددته لنفسي اكثر من مرة لا حُب قبل الزواج
و هُنا أعودُ لأجل هويتي المفقودة
وقفتُ حيثُ كان ردائي بالأرض لأجد الأرض خالية من آثار الجريمة
حاولتُ أن لا انظر إلى سرير و وقع بصري عليه رغمًا عني
فبكيتُ بلا صوت و كل صورة مؤلمة تعود لذاكرتي
مسحتُ دمعي بعشوائية و بسرعةٍ هوجاء وانا أرددُ بيني و بين نفسي الهوية , الهوية
شتتُ بؤبؤة عيناي بجميع الإتجاهاتِ و الأقطاب و كانت النتيجة لا هويةً ها هنا
أيعقل انه قد دسها بأحدِ الأدراج ؟ , و لكن اخاف ان يضيع الوقت وانا ابحث بالأرداج دون جدوى
حسنًا سأبحثُ خارج حُجرة النوم و ان لم اجدها سأعودُ للأدراج
خرجتُ من الحُجرة بخطواتٍ حذرة خوفًا من ان يكون قد دخل للمنزل وانا لم اشعر بهِ
ادعو الله من غريقِ قلبي ان لا يعود حتى اكون قد وجدتُ هويتي , لا أُريد رؤيته بعد ذلك اليوم
و أول ما خرجتُ من الحُجرة ثبُت بصري على الطاولة التي تحمل بطاقة هويتي فوق سطحها
توجهتُ لها بخطواتٍ سريعة أخذتها و اغمضتً عيني بشدة وانا اهمس : الحمدلله الحمدلله
ولم أرفع قدمي حتى ابتعد بإتجاه باب المنزل
إلا وبيدٍ تطوق خاصرتي
إنقبض قلبي بشدة و هرمون الإدرينالين انتشر بجسدي لأنتفض و تتعالى ضرباتُ قلبي مع انفاسي المتفاوتة بفوضويةِ الهلع
سحبني و بقوة حتى ارتطم ظهري بصدره , تحركتُ بسرعة و انا احاول التملص من بين قبضتيه على خاصرتي
طبع قُبلةً قذرة على رقبتي و هو يقول بنبرةٍ دنيئة : جاية برجولك يا حلوة
رفعتُ يدي على رقبتي و انا امسح موضع قُبلته بإشمئزاز و بصوتٍ حاد : فكني يا معن خليني اروح و إلا و ربي لأفضحك
عاد ليلثمني بذات الموضع , وهو يُمسك بيدي كي لا أمنعه
و من ثم ابعد رأسه قليلاً و لازالت انفاسه تضرب برقبتي قائلاً بسخرية : تدخلين بيتي و تقولين افضحك ! , عن الدلع بس و قدامي للغرفة
شهقتُ بقوة وانا انفض رأسي بـ لا , و أردد بوهن : اعتقني لوجه الله الله يخليك يكفي الي سويته فيني , الله يخليك سيبني ارجع البيت والله ما جيت لهنا الا عشان هويتي
مد قدمه ليحيط أقدامي بها , و جرني للوارء حتى سقط بجسده على الكنبة و انا من فوقه وهو يطوقني بشدة معلنًا العصيان لرجائي
و فعل بي ما فعل وانا لم يكن بإستطاعتي فعل شيء سوى البكاء و الصياح و المحاولة الفاشلة للهرب
و لكن كل ذلك بلا جدوى .
***
استيقظ من نومه هذا أولُ يومٍ له في كندا , حال حضوره لم يجد اي استقبال كقدومه الأول لأرضِ كندا
لكنه لم يلقي لذلك بالاً فقد كان مُتعبًا من سفره و بحاجةٍ ماسة للنوم
نظر إلى ما حوله واستقرت عيناه على ما يوجد بالمنضدة اجهزة مراقبة قد اعطاهُ إياه المدعو جواد
احد اتباع الكاسر عليه ان يضعها بأرديته حتى يكون الكاسر على الإطلاع بكل ما يجري على ارض كندا
و شعورُ المراقبة هذا شعورٌ مزعجٌ للغاية , قام من على السرير إلى دورةِ المياه ليقضي حاجته و يرتدي أرديته
استعدادًا ليومٍ جديد و فكرة قد غزت عقله , ان تم تنفيذها على خير حُلت نصفُ المعضلة
أخذ جهاز المراقبة الذي كان مفتوحًا طيلة الليل حتى بنومه لا يكفُ الكاسر عن مراقبته
زفر بضيق هذا وهو أول يومٍ له يُراقب من قِبل الكاسر إلا انه يشعر بأنه مراقبٌ منذُ أمدٍ بعيد
اخرج معطفًا من حقيبته و الحقيبة بما بداخلها هي من الكاسر الذي حرص على ادق التفاصيل
حيثُ ان الأردية من المحال ان تُظهر اجهزة المراقبة التي عليه تثبيتها بها
ثبت الكاميرا بـ " كُم " المعطف بينما ثبت جهاز التسجيل بالوشاح الذي يحتضنُ رقبته
خرج من الحُجرة متجهًا لخارج المنزل إلى حيثُ أي مطعمٍ يتعشى بهِ ومن ثُم يفعل ما يخطط عليه
مشى مع الناس بالخارج وهو ينظر للمحلات من حوله حتى استقرت عيناه على احد مطاعم الوجبات السريعة
تقدم للمطعم , و جلس على احد الكراسي , تناول المنيو و طلب ما يريد
ومن ثم أخذ يتجول ببصره بأنحاء المطعم , دقائقُ معدودة حتى جاء طلبه
أخذ يأكل بشراهة فكلمةُ جائع اقلُ من ان تصف وفير جوعه ِ
دفع الطعام بالمشروب الغازي تلاه زجاجةُ ماء متوسطة الحجم , راحت افكاره بعيدًا وهو مازال ممسكًا بزجاجة الماء بالقرب من فمه
و لكن عيناه كانت تنظر بخلسة الى الطاولة التي امامه
و ذاكرته تعود للوراء حيثُ مطار جازان
أدخل يده بجيب ثوبه اكثر من مرة
بينما تذمر من وراءه لتأخره
حتى عاد لآخر الصف و هو يبحث عن البطاقة التي تحمل حجز كرسي الطائرة " البوردينق "
هو ذاته الذي يجلس بالطاولة التي أمامه , ليست صدفة ومن المحال ان تكون مجرد صدفة
يبدو ان هذا الرجل يراقبه من طرف الكاسر
نعم ايقن اليوم ان الكاسر غير واثقٍ به إطلاقًا
و لكنها فرصة وقد جاءته على بساطٍ من ذهب
وهو سيغتنمها بذكاءٍ و حنكة
قام من على الكرسي بعدما وضع المبلغ المطلوب على الطاولة
خرج من المطعم بخطواتٍ بطيئة لكي يسمح لذلك الذي يراقبه بالمشي من وراءه
اخرج هاتفه من جيب بنطاله وهو يقلب بهِ بلا هدف سوى الهدف الأبعد عن الهاتف
حاول بشتى الطرق ان يرسم على ملامحه الإنسجام و الإندماج بما هو بالهاتف
رأى امامه رجل بطولٍ فارع يحتضن إمرأة لجنبه
اقترب منهم و هو يدعي الإنشغال بالهاتف
حتى اصطدم بهما و بحركةٍ خفيفة غير ملحوظة رمى بجهاز المراقبة بداخل حقيبة المرأة
و الناظرُ يظن ان ما قد حدث , حدث بغير قصد
حرك رأسه وهو يحاول الإعتذار للرجل و المرأة لكنه لا يجيد لغتهما إلا انهما قد تفهمانه كما ينبغي
حرك بؤبؤة عينه للجانب دون رأسه و هو يُحاول النظر الى من يراقبه فوجده ينظر لهُ بتركيز
إبتسم بسخرية بينه و بين نفسه
ضعفاء ليسوا بقوته إطلاقًا .
***
و على الساعة الرابعة والنصف عصرًا , بأرض جازان بقسمِ مكافحة المخدرات عند اللواء القائد , بصوتٍ ثابت : تبيني استجوبك و لا تبدأ تسرد القصة وحدك
بإنسحاب : ابدأ بمرافقي اول
برفضٍ تام : لـلا و نبدأ بالإستجواب , المخدرات الي حصلناها بالسرداب مصدرها الأساسي من وين من وين مهربينها
إبتلع ريقه و لا مفر من هذا الإستجواب , قال بوهن : من مصر لهنا
رفع حاجبه و بغرابة : ما نزلت لجدة ؟!
حرك رأسه بـ لا قائلاً : الدفعة الثانية المفروض من جدة لكن اصحابها قالوا انهم خلاص نزلوها لجدة
بعدم استيعاب : كيف يعني ؟ , الي اعرفه انه البضاعة تنزل من مصر لجدة و بعدين تحولت وجهتكم لجيزان .
سحب هواءً لصدره حتى تنفخ و من ثم اخرجه بخارًا دافئًا : البضاعة تنزل من كندا لمصر و بعدها للسعودية و بالتحديد جدة لكن هالمرة اتغيرت الأوامر
و نزلت بضاعة جيزان بطريقة شرعية قدام الجمارك , و بنفس الوقت نزلت بضاعة ثانية بطريقة غير شرعية
بتفهم : بضاعة الجمارك و مسكناها و الغير شرعية هي نفسها الي بالسرداب و لا انا فاهم الشغلة غلط ؟
عقد حاجبيه و تجهم وجهه و هو يقول بلا استيعاب : بضاعة الجمارك انمسكت !!
رفع حاجبه و شبك اصابعه ببعض وهو ينظر بتمعن لتصرفات هذا المجرم : ايه نعم انمسكت , افا مجرمين كبار مثلكم و ما انتوا بعارفين انمسكت بضاعتكم او لا
قال بتأتاةٍ بحروفه : كيف , يعني جاني كيف ياربي " مسح على وجهه وهو يردد " وانا الأهبل ما فهمت كيف كيف
مال رأسه للجانب و على شفتيه ابتسامةُ إستهزاء : غدروا فيك و لا وش ؟ , يلا انت لا تقصر معهم و اغدر فيهم عندي و القانون بيعاقبهم باللي يستحقونه
بإندفاع و كأن معضلة التأتأة قد حُلت : سمحي اسمه سمحي , هو على اساس ينزل البضاعة قدام الجمارك و بعدين ينقلوها لعندنا بالسرداب واحنا نقسمها بالنص نصها نتاجر فيها هنا
و الثاني نحولها لجدة بطريقة غير شرعية , جاني بنفس اليوم الي مسكتوني فيه قبلكم بساعة او نص ساعة تقريبًا قالي انه البضاعة وصلت لجيزان و هو تكفل بتنزليها لجدة بحسب الأوامر الي وصلت له
انا ما صدقته و قلت له ليش ما وصلنا خبر مثلك قام تعذر و بالآخر صدقته بضغط من مرافقي الي صدقه لكن الي صار انه شغل كم ساعة وانتوا قابضين علينا
و الحين تقول بضاعة الجمارك انمسكت يعني هذا سمحي يلعب علينا احنا و هو واحد جديد و ما قد تعاملنا معاه مدري كيف قدروا يوثقون فيه بيوم وليلة و يخلوه يتكفل بتنزيل البضاعة قدام الجمارك
بالرغم من انه ما قد تعامل بهالطريقة و لا عنده الخبرة الكافية بهالشي .
سمحي للمرةِ الثانية , ان قبضوا على المدعو سمحي سيكونوا قد قطعوا نصف الطريق الوعر
و هذا ثاني دليل يُثبت ان سمحي هو قائد السيارة التي فحصها الكاسر
الذي خرج من داخل السيارة هو رجلٌ غير سمحي
نصف ساعة كاملة بإمكان الكاسر بها ان يقبض على سمحي و يضع رجلاً آخر محله حتى يكون خروجه من السيارة نقطة تشتيت ٍلنا
فلا ندرك ان من خرج منها غير قائدها سمحي
و لكن مالذي يريده الكاسر من سمحي , و لماذا سمحي يكذب على اتباعه !
هنالك اسئلة محيرة , و ادلة لاوجود لها إلا استنتاجات لا يقبل بها القانون و تبغضها البنود العسكرية
بتساؤل : طيب اعطيني اسماء اتباعك
ابتسم بسخرية من ذاتهِ قائلاً : اعرف الأسماء الأولى بس بدون الألقاب و هم الي بمصر اما الي بكندا فما اعرف عنهم شي سوى انه كبيرنا
اسمه اوين ناتان رجال كندي , اما الأتباع المصريين ربيع و جهاد و فيه بنت تتعاون معانا من فترة لفترة اسمها مي
بينهم فتاة نقطةُ الضعف الأولى
بتمسكٍ قوي بنقطةِ الضعف هذه : اعطيني اي معلومة عن البنت اي شي تعرفه
رفعه كتفه لأعلى قائلاً بأسف : مقدر افيدك ما اعرف عنهم اي شي
بإصرار : حاول حتى لو شي تافه البنات على الاغلب يتركون وراهم ادلة سهلة حاول بتلاقي شي اكيد
بتأكيد : ما اعرف عنهم اي شي
عاد بظهره لخلفية الكرسي و هو يقول : قلت اوين ناتان , الأكيد الإسم غير الواقع يعني اسم بزنس فقط , انتهى التحقيق لكن ان تذكرت شي يفيدنا و خصوصًا يخص البنت ياليت تقوله لنا اول بأول .
***
افكرُ و افكر , و لا اتوقف عند نقطةٍ مُرضية
و لا يوجد من استطيع استشارته فكل من حولي ظُهُورهم هي الواجهةِ لـي
بإمكاني ان أٌجهض من بأحشائي فأنا لم اتجاوز الشهر الثالث قط و بهذه الأشهر من السهلِ اجهاض الجنين
فمن الشهر الرابع الى ما فوقه يُعتبر الإجهاض ولادةً لا إجهاض حيث ان الأغشية تبدأ بالإنفجار فينزل الحمل و يتبعه المشيمة
لا يوجد وقتٌ كافي للتفكير إما أُجهض بسهولة او أني أفعل ما قاله نائل زوج رفيقتي ميرنا
و لكن من المحال ان اضع حملي بحجري علنًا انهُ الحرامُ بذاته , لن أدع طفلي يتعذب و يتذوق هذه المرارة
التي لم يسبق لي تذوقها ولله الحمد ولكن كون اني اتخيل الموقف يقشعر بدني من رأسي إلى أخمص اقدامي
من الصعب ان يُسمى الطفل بوالدته , من الصعب ان يخطو بأرض الخالق وكل مخلوقاته يقللون من شأنه كونه الحرام
و العجب ان لا دخل له بما قد أخطأت بهِ والدته و والده بالحرام
حقًا الخبيثون للخبيثات و الطيبون للطيبات
و قد كنتُ خبيثة فما وجدتُ إلا خبيثًا
بعضَا من الأحيان اقول لذاتي لماذا انتِ منكودة الحظ هكذا
فتجيب ذاتي بكل سلبية اجابات تفتر القلب
و لكن شيءٌ بداخلي يصرخ ويقول عجبًا لأمر المؤمن ان اصابته سراء شكر فكان خيرًا له و ان اصابته ضراء صبر فكان خيرًا له
من الأحاديث التي لطالما رددتها أمي بالمنزل حينما نجتمع على وجبة الغداء المكونة من صحنٍ صغير لا يكفي إلا شخصًا واحدًا
فتقول أمي لنا فلتشكروا الله
و قلما كنتُ أشكره فشيئًا ما بداخلي كان يضحكُ بسخرية ويقول تشكرين على ماذا ؟!
انظري لمن هم اعلى منكِ و اعلمي ان لا شيء لديك ِ
نعم تلك الصورة السلبية التي يرسمها الشيطان بذاتي فأكون عبدةً لهُ بطاعتي له كما يريد وكيفما يشاء
حسنًا حسنًا أشعر أني تعمقتُ بالماضي كثيرًا حتى غدوتُ انسى محور قصتي
استشفي من اعينكم شيئًا من الملل و آخر من الحيرة وكل ذلك يعودُ إلى مدى اتقاني لسرد قصتي المؤلمة
جاءت طبيبة خاصة لمنزلي قد أرسلتها لي ديانا و منها علمتُ اني بالشهور الثلاثةِ الأولى
لقد جاءت بكلِ معداتها الطبية التي وفرتها لي ديانا توقفت كل افكاري و كل شيء حالما رأيتُ صورةً ضبابية لمن بداخل احشائي عن طريق السونار
شعرتُ بشيء يتحرك بداخلي و يتشبث بمن بأحشائي و كأن جنيني يصرخ و يقول لي الحق ان اعيش وليس من حقكِ قتلي قبل ولادتي فالأرواح ملكٌ لله لا لك ِ
فكانت فكرةُ الإجهاض ابعد ما تكون إلى عقلي و ما بقي إلا حديث نائل و على الرغم من ذلك كنتُ أحاول و بشتى الطرق إيجاد حلٍ أفضل من هذا الحل
الذي لم اقتنع بهِ بتاتًا إلا ان ظروفي تجبرني على التفكير بهذا الحل القاتل
كيف لي ان أراه يكبُر بمرأى عيناي يناديني بخالتي فأصمت !
الأمر أصعبُ كثيرًا من قدرةِ استيعابي و من مشاعر الأمومة أكبر كثيرًا من ان أُقدم عليه بإندفاع لأنه الحل الأولُ أمامي
غدًا سأتخذُ قراري بهذا الشأن العاطفي .
***
دخل للمنزل و عقارب الساعة تشير الخامسة عصرًا , و بو بيده كيسً احد مطاعم الكباب و بالأخرى ميدالية مفاتيح تحمل ما بينها مفتاح باب الجناح
وضع الكيس على الطاولة امامي و من ثم إبتسم و قال : السلام عليكم
إغتصبتُ إبتسامتي من بين اشجاني قائلة : وعليكم السلام و رحمةُ الله
قُمت من على الكنبة وانا احملُ الكيس لداخل المطبخ و ضعتُه على الدولاب و توكأت بيدي عليه وانا أحبسُ دمعتي
و ألتقط انفاسي ما بين شهيقٍ و زفير , لا بد ان اكون بصلادةِ عُطرة فبدل أن أقف بجانب اختي انا مثبطة اكثر منها
كما أشعرُ اني ثقيلةٌ على ناجي ما أن يعودُ لعمله حتى يرتاح أُقابله انا بحزني فيقضي ما تبقى من يومه
في بث الهدوء و الطمأنينه لصدري حتى أنام على صدره
أدرتُ ظهري للوراء حتى اجده يقف عند الباب مائلاً و احد يديه بداخل جيب بنطاله الجينز
رفعتُ خصلةً وهمية عن وجهي و أنا أشعرُ بشيءٍ من الإتباك من نظراته المتفحصة لي
هل هي نظرةُ حُب ؟ أم شفقة ؟ أم اشمئزازًا من حالي ؟
فمنذُ دخول هوازن للمصحة وانا تركتُ اهم ما بحياتي
تركتُ الإهتمام بنفسي , بردائي و بكل شيء عكس الماضي تمامًا
مشيتُ بإتجاهه و لكنه حاصرني ممسكًا بالباب من طرفيه
اشرتُ للخارج قائلة : بروح اغير ملابسي و بعدها اقرب الغدا
مال رأسه للجانب مبتسمًا بتساؤل : وليش تغيرين ملابسك ؟
عقدتُ حاجبي بغرابة و انا أرفع كتفي : سؤالك ماله جواب , عادي يعني لابسة بيجامة وابغى اغيرها
ضيق عيناه و قد مدّ رقبتُه للأمام : ما سمعت
رفعتُ صوتي ببراءة : بروح اغير عشاني لابسة بيجامة
حرك رأسه بمعنى إقتربي : قربي عشان اسمع
حركتُ يدي من آخر جبيني على مسلك شعري حتى وصلتُ للـ " شباصة " اقتربتُ منه بخجل حتى اصبحتُ أمامه و عدتُ كلامتي ذاتها للمرةِ الثالثة
طوق بيده اليُسرى خصري و بسبابة يدهِ اليمنى مسح على رقبتي حتى و صل إلى كتفي و من ثم عاود الحركة من كتفي إلى رقبتي
رطبتُ شفتاي وانا اشتت نظري بعيدًا عن عينيه المتفحصة بكل تركيز
سحبني إلى صدره و هو يحتضنني بشدة و بصوتٍ آسر : وحشتيني انتِ توحشني وانتِ بعيدة و انتِ قريبة
و بكل لحظة توحشني لكن صدرك وحنان هذا هو موطني هو الشي الي ما أحصله الا فيكِ
الله يخليكِ لي يا عزوف ولا يبكني فيك يوم .
***
بعد انتهائي من أدآءِ صلاةِ المغرب في الصالة جلستُ على سجادتي أُسبح حتى سمعتُ صوت الجرس فتقدمت الخادمة فاطمة لفتح الباب
و كان من بخلف الباب نوال صديقةُ أنهار , دخلت و خلعت طرحتها و ألقت التحية فرددتُها من وراءها
و بتساؤل : انهار في غرفتها يا خالة غزال ؟
حركتٌ رأسي بـ نعم : ايه بغرفتها
وضعت طرحتها بداخل حقيبتها و هي تقول : اجل بطلع لها نكمل بحثنا الله يعين
إبتسمتُ لها قائلة : الله يوفقكم و يسهلها عليكم يا رب , عاد انتِ يا بنتي ضيعتي اجمل شهر بالزواج وانتِ ورى جامعتك
ضحكت بخجل قائلة : يستاهل امجد قلت له نتزوج بعد ما اخلص لكنه مستعجل و هاذي نتيجة العجلة , يلا يا خالة بروح لأنهار
أومأتُ برأسي و تحركت هي لأعلى
*
إنتفض جسدي بجزع و مسحتُ دموعي بعشوائية حالما فُتح الباب الذي ظننتُ اني اغلقته بالمفتاح
فإذا بها نوال قائلة : صباح الجمال يا احلى صحبة , متغلية علي ولا وش سالفتك عطيني وجهك خليني اطالعك ونتفق على هالبحث الزريبة
ليس وقتك يا نوال لا استطيع المواجهة لا استطيع
شهقت بشدة بعدما رأت دموعي وجلست عى السريرامامي و هي تقول بخوف : اشبك يا مجنونة كل هالبكى على البحث عسانا لا سويناه
تذكرتُ ذلك اليوم الذي وضع فيه بحثًا جاهزًا فوق مكتبتي
بكيتُ و انا أهز رأسي بالرفض و من ثم ضربت رأسي بركبي و انا أردد : اخرج من حياتي اخرج الله يخليك تعبتني تعبتني والله
حاولت ان تقتلع رأسي عن ركبي و هي تقول بخوف : انهـار اشبك , انهار مين الي تتكلمي عنه انهار جاوبيني الله يخليكِ
رفعتُ رأسي و دفعتها بعيدًا عني وانا أبكي بحرقة و قهر و بحسرة و ندم على كل ما فعلته : الله يخليكِ انتِ اخرجي برة و سيبيني سبوني في حالي سيبوني
انا ما استحق حبكم لي ما استحق طيبتكم معايا انا وحدة نجسة و كلبة و حمارة وكل شي
شددتُ شعري بجنون و بصوتٍ عالي : انا ليش ما اموت ليش للحين عايشة انا ما استحق اعيش
خرجت نوال من الحُجرة وانا لازلتُ اصرخ بذات جنوني
فما وجدتُ امامي إلا عمي جلال الذي قال وعيناه تنبض بالحنان الخبيث الذي كنتُ اظنه بيومٍ من الأيام حنانًا أبوي : انهار حبيبتي ليش تبكين
تراجعتُ للوراء حتى انكمشتُ بآخر السرير بجلسة القرفصاء وانا أردد : لا تقرب , لا تقرب ابغى افهم ليش كلكم تقتلوني ليش ايش تبغى فيني
ابعد عني ابعد .
نظرتُ إلى نوال الواقفة عند طرف الباب بحجابها و صرخت بإنهيار : خرجيه زيما دخلتيه ما ابغاه عندي خرجيه
ظهرت الحيرة بعينا نوال بينما انا تابعتُ الصراخ بذات الترديد : خرجـيـه يا نوال خرجيه
فما وجدتُ إلا أمي تتقدم بخطواتها إلي و كل الخوف و جمه يحتل عيناها
جلست بجانبي على السرير و احتضنتني لصدرها بقوة وهي تردد بخوف : بسم الله عليكِ يا بنتي بسم لله عليكِ
بينما انا تثبثتُ بها بكل قوة وانا اقول بهسرية : خرجيهم , ما ابغاهم خرجيهم
انسحبت نوال من ذاتها اما عمي جلال فقد قالت له امي : اخرج يا جلال لمن تهدى و نفهم وش السالفة
خرج عمي جلال من الحُجرة , فمددتني أمي على السرير و هي تحتضني بشدة و تقرأ من آيآتِ الله الكريمة
و لم أشعر إلا و الدنيا من حولي سوداء حيثُ موتتي الصغرى .
***
و بمنتصف الليل لا تغادره الأسئلة ما سر اختفاء أوين ؟ لا يصدق قولهم ان أوين غير متفرغ و غير موجودٍ بكندا
هنالك خطبٌ ما و يُرجح انهم يعلمون بمراقبةِ الكاسر له
فتاجرٌ مثل أوين لن يعجز عن فهم نقطةٍ كهذه , عليه استرداد ثقتهم به
و من الآن سيبدأ , جلس بالصالون و قال لأحدِ اتباع أوين : اريد التحدث معك
قال هذه الجملة بالعربيةِ الفصحى فهو لا يجيد أي لغةٍ غيرها و لم يرى المترجم منذُ مجيئه ليلة الأمس
نظر له ويبدو انه لم يفهم ما أقوله , رفع هاتفه و ما هي إلا دقائق حتى يأتي صوت الجرس
فتقدم أحدُ الأتباع لفتح الباب فإذا بالمترجم يدخل
يبدو انه كان في الحديقةِ الخارجية لا يهم أين كان المهم انه سيبدأ بما أنويه
جلس المترجم بجانبه فقال ذلك الرجل الذي قد تحدث إليه للمترجم شيءٌ ما
فقال له المترجم : يقول لك ابدأ بالحديثِ عما تريده
ادعى ان كحةً اصابته و طلب الماء حتى جاءه كأسُ الماء و لكنه لم يشرب منه وسحب الدفتر الأسود الذي أمامه
و اخرج القلم الأزرق من جيبه العلوي و هو لازال يكح و يدعي التعب كتب على الورقة : انا مراقب من ضابطٍ سعودي
ناول المترجم الورقة و من ثم شرب من الكأس و هو ينظرُ للمترجم الذي كتب ما كتبه سمحي بالإنجليزية واعطها للرجل , و ما جعله يستغرب أن ملامحهما لم تتغير البتة !
لم يتوقع ردةٌ الفعل الباردة هذه , ما بالهم لا يهتمون ولا يكترثون و كأنه لم يقل شيئًا ذا اهميةٍ كبيرة
أخذ يكتب بالدفتر بينما قال هو : متى سيعود اوين ؟
قال الرجل بعد الترجمة : لا أدري ولكن سيعودُ قريبًا ليبدأ بعملٍ آخر , اظنُ انه قد فقد الثقة بك لذلك يجب عليك اثباتُ ذاتك امامه
وصله الدفتر و قد كُتب بالورقة : أوه مالذي تقوله يا سمحي ! لو أن أوين علم حتمًا سيجن جنونه ولكن لا بد ان يعلم , يبدو انهم يراقبوك بجهاز تصنت
ولا يستطيعون رؤيتك أليس كذلك ؟
أخذ يكتب بالورقة و هو يوجه حديثه للمترجم : نعم من حقه ان يفقد الثقة بي فبأول مهمةٍ قد وكلني بها خذلته و لكن اعدك و اعده ان هذه الفعلة لن تكرر تارةً أخرى
و كل ما قد خسرناه سيعود إلينا بأكثر منه
رد بإختصار : اتمنى ذلك يا سمحي .
بينما اعطاه الورقة التي كتب بها : نعم لا يستطيعون رؤيتي , قُل لأوين اني مراقب حتى يأخذ حذره فأنا بصفكم ولستُ عدوًا لكم .
وقام من على الكنبة و هو يغلق الباب و يوهم الكاسر انه قد خرج من الحجرة و انتهى النقاش بينهم
و عاد ليجلس على الكنبة و تناول الورقة من المترجم فوجد بها حديثًا مختصرًا : حسنًا سأقول له ذلك وارجو ألا يغضب .
***
على الساعةِ السابعة في المغرب , سمعتُ صوت الباب يُفتح فإندفعتُ قائلة و أنا انظر لباقاتِ الورد الجديدة : عُطرة يكفي هالورد يعني الصراحة بطرة وانتِ كل يوم جاية بورد جديد .
عندما لم أجد الإجابة توقعتُ أن إحدى الممرضات هي التي دخلت رغم انه على الأغلب بهذا الوقت لا يوجد بداخل حُجرتي إلا عطرة و عُزوف و عمتي ساجدة مع خالي عبدالقوي
رفعت رأسي لأرى من الذي قد دخل , و اخفضتُه رغمًا عني وانا انظر للحاف الأبيض الذي يغطيني بتشتت و فكري غائبٌ عن كل ما حولي إلا هــو
لم استعد بعد للقائك يا كاسري و لا أدري مالذي يستوجب فعله و مالذي سأقوله
بل بالأحرى كيف لي ان أنظر لعينيك كالماضي
أشعرُ بأني قد خذلتك و حملتُك مالم تتوقعه ولو في أبعد خيالاتك
ألقى التحية فرددتُها ولكن صُدمتُ من ذاتي حينما لم يظهر صوتي و لم يسمع صوتي إلا ذاتي وفقط , أين أنت يا صوتي عني ؟! أهل غبت بحضور من كان لك الصوت و العين و كل الحواس
أهل تطلب الإذن منه لتخرج ؟! ام فعلتك هذه ما هي إلا إعتذارٌ لشخصه الذي اهواه
لا أكذب حينما اقول أنك الأب الذي أخجل ان أراه بعدما وقعتُ بما قد و قعتُ بهِ
و انك الأم التي اخاف عليها صدمة قد تُدخلها بإنهيارٍ عصبيٍ حاد إن علمت
و انك الزوج الذي أحبني منذُ صغري و اخشى ان اكون سببًا بإحداثِ شُقٍ كبير بصدرك
سمعتُ صوت حذائه الذي يقترب مني ويضرب على البلاط و لا صوت حولي إلا صوت حذائه
إبتعلتُ ريقي و لعبتُ بإصبعي الإبهام بتوتر و عيناي استقرت حيثُ حذاءك إستقر بالأرض بجانب سريري
حينها توقفت عن اللعب وعن فعل كل شيء و كانت خفقاتُ قلبي كفيلةً بوصف معاناتي خجلي و هلعي و جُم ما سببه حضورك من أفعال إرادية و لا إرادية
شعرتُ بثقله على السرير فإنتفض جسدي
وضع يده تحت ذقني و رفع رأسي لأعلى و لكني اخفضتُ عيني لأسفل بذات الوقت
إحتضن يداي بيده الأخرى و هو يقول بصوتٍ حنون : طالعيني
لم أتحرك و لم أفعل أي شيء
فعاد ليقول بذات الحنان و ذات الهمس : طالعيني
فرفعتُ عيني إليه و اخفضتها رغمًا عني حينما رأيتُ فيض العطف و الحب بعينيه
إلى حدٍ صدرك واسع إتجاهي , إلى حدِ انك لم تكترث بسمعتك بعملك فقط لأجلي ؟!
فلم أشعر إلا ببردوة شفتيه و هي تُطبع بعيني اليمنى تلحقها باليسرى
مما جعلني افتح عيناي و اغمضها بشكلٍ متلاحقٍ مستمر بلا هوادة
فضحك بعذوبة و هي يجرني لصدره و يمسح على شعري
فما كان مني إلا وان أدفن رأسي بصدره أكثر فأكثر و اشتمُ راشحة عطره
أما هو فكان أنفه يحتك برقبتي من أعلاها لأسفلها و تنطق شفتيه : اشتقتلك حيـــل
وضعتُ يدي بصدره ليصير بيننا فاصلٌ بسيط و نظرتُ لعينيه لأول مرة منذُ ان دخل و بصوتٍ بالكاد يخرج : سامحتني
إحتك جبينه بجبيني و هو يهمس : مازعلت حتى اسامح , انتِ بهالتصرفات بتخليني جد ازعل منك
وش تظنين مني يا هوازن اصرخ و ازعل عليك او اضربك ! , مستحيل انتِ روحي الي ساكنة بين اضلاعي ان جرحتك جرحت نفسي قبل اجرحك
يمكن في احيان عصبت فيها عليك لكن ما هو لدرجة الزعل هي مجرد لحظة غضب و تزول و تنطوي و كأنها ما كانت
انتِ اكبر احلامي من طفولتي لهاليوم .
طوقتُ بيدي رقبته و غبتُ معه بقُبلة عميقة محملة بكل معاني العشق و الشوق .
***
أجلسُ مع اخي ناجي و معن و أبي عبدالقوي و النقاش من أكثر النقاشات جدية بيننا
قال لي أبي بتساؤل : انت يالكاسر كم سلاح عندك ؟
بهدوء : ستة بحسب القانون القديم لكن تم تجديد بنود تصريح الأسلحة فصار مسموح للفرد يمتلك مسدسين مو اكثر
انا ببدأ من اليوم اعلمكم كيف تستخدموها لكني بحاجتها كلها و مع اني بحاجتها مضطر اعطي زوجتي و اخواتها مسدسات خاصة فيهم
بكذا بيبقى لي ثلاثة , من بكرة يا ابوي وانتوا يا ناجي و معن لازم تقدموا طلب تصريح سلاحين لكل واحد فيكم وانا
قاطعني أبي قائلاً : انا يا وليدي عندي ستة اسلحة مرخص منهم اربعة و اثنين بدون تصريح
تجهم و جهي وعقدتُ حاجبي و بلا رضى : وليه يا ابوي دون تصريح ؟
أجاب أبي : قصة طويلة يا وليدي , الثنين الي دون تصريح سلاحين كاتمين صوت نخليها لهوازن و عزوف وعطرة قوية تقدر تستخدم سلاح بصوت .
قلتُ وفكرة ان ابي لديه سلاحان دون تصريح لا تغيب عني : يا ابوي كون عندك سلاح كاتم للصوت هالشي كبير جدًا
قال ناجي متدخلاً : وش فيه سلاح كاتم الصوت يالكاسر ؟
مسحتُ على وجهي : سلاح كاتم للصوت من الأسلحة البلاستيكية الي صعب الكشف عنها بالمطارات لذلك هي غير مصرحة يعني اصلاً نفس السلاح ما يصير ابوي يمسكه
قال والدي بمحاولة لإقناعي : يالكاسر ما بها شي هالسلاح معاي من يومك بزر و لحد درى عني لا تاكل همي يا وليدي .
حركتُ رأسي بالموافقة قائلاً : ما ني راضي يا ابوي عن خروجك عن القانون لكن ما عندنا الوقت الكافي نطالع بهالأشياء الصغيرة همنا اكبر من كذا بمراحل ,
" أردفتُ وانا انظر لناجي و معن " مثل ما قلت من بكرة تروحوا تطلبوا تصريح و دام انكم تشتغلوا بجهات خاصة
فلازم تروحوا قسم الشرطة بتحصلوا هناك عميد الحارة الي ساكنين فيها و بيعلموكم على القوانين الجديدة انا للحين ما اتطلعت عليها
المهم نفذوها بحذافيرها و هالحين يلا تدريب .
تركنا الكراسي خالية و امسك أبي بالسلاح بمهارة و كأنه من الطاقم العسكري !
و بدأ بتعليم معن , اما انا فتكفلتُ بتعليم ناجي
و لم يأخذ تعليمهم مدة طويلة و لكن يبدو ان الفتيات سيصعب تعليمهن
معن سيعلم عطرة و ناجي سيعلم عُزوف وانا ستتبقى لي هوازن
و افترقنا و ابتعد كلٌ منا إلى وجهته و مقصده .
*
بعد تعليم الكاسر لنا إفترقنا إلى أحزاب , صعدتُ إلى الجناح فوجدتها تجلس امام جهاز حاسبها المحمول
و أمامها بعض الكتب يبدو انها تستعد للمعهد , رفعت رأسها إلي حالما ألقيتُ التحية فردتها بأطول منها
جلستُ بجانبها على الكنبة و احتضنتُ جانبها لصدري : قارورتي قومي ألبسي عبايتك
نظرت لي وابتسمت بفرح وهي تقول : بنروح عند هوازن و اخيرًا اليوم ما رحنالها اكيد افتقدتنا
مسحتُ على شفتيها و انا اعض شفتاي بإعجاب : هالإبتسامة تهبل فيني
حُمرة كست وجهها فحاولت سحب جنبها الأيمن من صدري قائلة : يلا بروح اتجهز عشان ما نتأخر .
أمسكتُ بيديها و قد خرجتُ من سكرتي التي كانت ستبعدني عما أمرني الكاسر بفعله , وبجدية : لا ما بنروح مكان بنبقى داخل اسوار بيتنا
رفعت إحدى حاجبها بغرابة قائلة : أجــل
إبتسمتُ رغمًا عني : ناوية تورطني مع اخوي يا بنت الحلال , اعتقيني بالله و لا تسوين اي حركة بملامح و جهك لمن ننزل لتحت على خير
إلتزمت بالصمت فتابعتُ حديثي بذات جديتي السابقة : شوفي يا معزوفتي انتِ فاهمة وش كثر صعوبة الظروف الي نمر فيها و الكاسر ضابط و هو أدرى بالمخاطر الي حولنا
و هو قال لازم نحذر بكل خطوة نخطيها فيه مكيدة مدبرة من اعداء له وهو ما يدري وش هي غايتهم ولا من هم ولكن واضح انهم يحاولون يضرونه بأي طريقة
و هالضرر يحيط بكل واحد يسكن مع الكاسر وكانت الضحية الأولى هوازن .
إنتفض جسدها بخوف و قد تلألأت الدموع بعينيها
حركتُ رأسي بالرفض : لا يا عُزوف ما ينفع كذا انتِ ما تبغين تساعدينا
حركت رأسها بالموافقة , فقلتُ بتشجيعٍ لها : اجل خلاص لا تبكين و قومي ألبسي عبايتك خليننا ننزل لتحت و اعلمك كيف تستخدمينه .
وقفت و دخلت لحُجرة النوم و دقائقٌ معدودة حتى خرجت و العباءة تحيط جسدها الريان .
*
إلتفت احدُ يداي حول خصرها والأخرى امسكتُ بها يدها التي تُمسك بالمسدس
نظرت لي وهي ترفع حاجبها قائلة بإستخفاف : ترى اقدر اصوب لوحدي
بكذب و رائحةُ عطرها تتغلغل برئتي : هاذي أوامر اخوي الكاسر
تأففت بضجر , بينما انا كنتُ أُبحر بجمال عنقها و رائحة عطرها و لهيب انفاسها
لثمتُها برقبتها بعشق و ارتعدت يدها فأطلقت الرصاصة
على صوتِ فتاة باكية تنادي : أمـــــــــــي ُعُطـــــــــــــرة
***
إنتهى الجحيم
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
كونوا بخير $