كاتب الموضوع :
الشجية
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: حيزبون الجحيم / بقلمي
إجبــار !
قد نتذمر أحياناً من أوامر الوالدين
ولكن نحن مجبورون بطاعتهم بإختصار
لأن عقوقهم هو النار فلن يدخل الجنة عاقٌ لوالديه،ففي الحديث: "ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، والمرأة المترجلة، والديوث.
وثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق لوالديه، ومدمن الخمر، والمنان بما أعطى".
و لكن هل قال الإسلام أن ننفذ المعاصي
فقط تلبية لإجبارهم !
لا لم يقل إذاً ما علينا إلا الدفاع
الدفاع عن ديننا الاسلامــي
خير نعمة .
الجحيـــم
( 8 )
** لا تلهيـكم الروايـــة عن الصـــلاة **
دخلتُ إلى الجناح وتوجهتُ إلى غرفة النوم بالتحديد الآن الساعة الثانية عشر بمنتصف الليل يبدو بأن ناجي قد عاد من المستشفى
فهذا تقريباً وقتُ عودته إني لا أقوى على مواجهته روحي منهكة وجسدي مهدود من رجاء قربه
على الرغم من أني قلتً لنفسي الحب عطاء و ليس غيرة إلا أن الغيرة ستقتلني
قلبي يقول هو لكِ وحدكِ أنتِ من صبرتي أحد عشر سنة على اللاشيء وعقلي يقول فلتدعيه يهنأ فالخطأ واقع عليكِ ليس بكِ ما يلفت إنكِ كالرجال
أنتِ أنثى ناقصة وهو رجل كامل يحتاج لأمرأة كاملة حتى يكمل حياته
تنهدتُ بضيق زفرتً لأطلق صراح ضيقي و أُذيبُ قضبان سجن قفصي الصدري
و ضعتُ يدي على مقبض الباب لأفتحه
حتى أًصدم به قاعداً على السرير و أمامه جهازي " اللاب توب " الذي قد طبقتُ شاشته دون أن أغلقه هو على صفحة المنتدى حيث كلماتي التي بقلبي سنيناً طويلة ضائعة و آخر مطافها الإنترنت حيث الملايين
شهقتُ بقوة جراء صدمتي و أنا أضع يدي بقلبي
رفع عينه لي ليقول وهو يعقد حاجبه : اشبــــك ؟
إبتعلتُ ريقي و تكلمتُ بتلعثم و أنا أحرك يدي بالهواء بعلامة " لا " : هاه مافيني حاجة .
أطبق شاشة الحاسب المحمول " اللاب توب " وهو يضعه على " الكوميدينة " بجانبه ويقول وهو يفرك عينيه : لابتوبك مخلص شحنه كنت أحتاجه شوي بشغلة بسيطة عشان لابي يشحن بالمجلس .
سحبتُ القدر الكافي من الهواء لرئتي وانا أتقدم بخطواتي إتجاه " التسريحة " لأتناول كريم لترطيب البشرة وتنعيمها
جلستُ على الأريكة و انا أضع من الكريم بيدي اليمنى لأفكرها باليسرى ثم أنشر الكريم بساقي
و صلني صوته وهو يتقلب بالسرير و كأنه في صراع ما : خلصي بسرعة و طفي النور ابغى انام و ايوا صح ترى اخواني متفقين بكرة على طلعة للشلال
بما انه يوم للحريم و أختك هوازن و اخوي الكاسر ما يحبون حركات الإختلاط .
دهنتُ ساقي بالكريم دون أن انظر إليه : ما ابغى اروح انا بجلس هنا .
و صلني صوته مستفسراً و مستفزاً بالوقت ذاته : و ليش إن شاء الله اعرفك متهورة وتعشقين الملاهي ايش صار الحين ؟
متهورة هذا كان يا مكان و لكن لم يكن الآن فيما مضى كنتُ متمردة أثبتُ وجودي بأي مكان أتواجد به اما الآن فأنا اللاشيء
ليس حياءً كأختي " هوازن " ولكن ضعفاً بخلجاتي لستُ جميلة وناعمة كالأنثى ولستً قاسية كالرجل إذاً من أنا حتى أتمرد ؟!
وقفتُ على قدمي لينسدل " الروب السماوي " و يغطي ساقي سحبتُ خطواتي على مضض إلى " التسريحة " لأضع الكريم عليه
عدتُ أدراجي حيثما يقع السرير و يقبع عليه قاتل أحلامي و حبي الأزلي
إستلقيتُ على السرير و أنا أسحب جزءًا من اللحاف المشترك دون إشتراك ارواحنا بإتجاهي
سحب هو اللحاف بقوة إتجاهه وهو يقول بصوتٍ حاد : اكلمك ردي
حركتُ إصبعي على الوسادة و أنا اكتب كلمتين دائماً ما اكتبها بالجمادات و حتى الغازات " عشيقة السفاح "
نعم أنت سفاح الكلمات المصحوبة بالسخرية اللاذعة وانا عشيقتك صريعة حُبك
قلتُ بصوت خافت : ما لي نفس والله .
إقتربت مني إلى أن إلتصقت بي ثم إبتعدت عني بسرعة
إلتفتُ إتجاهك حتى أراك تمسح رقبتك و جبينك و أنفاسك مرتفعة ومضطربة لتقول بصوت مهزوز بالكاد يسمع : انا كم مرة أقولك هالكريم ما تحطيه ما تحطيه ما تفهمي انتِ
زفرتٌ بضيق لأقول : تراه خلص وما عاد بشتري زييه ابد ارتحت .
لتقول ببرود : ايوا ارتحت و ليش ما تبغين تطلعي معاهم ؟
قلتً وانا أغمض عيني لأحلق بالأحلام بعيداً عن الكوابيس الواقعية : قلتلك مالــــي نفس و بعدين انا من زمان ما صرت أحب ألعب ولا نسيت .
وضعت يدك اليمنى على كتفي لتقول : ادري بس ليه كرهتي اللعب ؟
أغمضتُ عيني و أنا اقول : بسببك
*
*
قالت " بسببك " وهي مغمضة العينين نعم تغمض عينيها الواسعتين لتحبس بهما دمعة متمردة حتى و إن كنتِ سابقاً متمردة بتصرفاتك
فأنتِ حتى الآن لم تفقدي تمردكِ البتة الآن دموعكِ متمردة صوتكِ الباكي متمرد حزنكِ متمرد أشجانك المرتسمة بوجهكِ متمردة عليكِ
ما اختلف عن الماضي أنكِ أنتِ من كنتِ تهوين التمرد أما الآن التمرد من يهواكِ
إنتشلتها عن اللحاف بشدة لأزرع رأسها بقلبي احتضنها بشدة و أنا أغمض عيني و ضربات قلبي تعلن تمردها لكِ
رائحة عطرك و " كريمك " تغلغت برئتي أحاول طردها لئلا أبكي رجولتي الناقصة
إبتعدتي عن صدري وانتِ تمسحي دموعكِ الشفافة عن ملامحكِ الفاتنة
قلتِ وانتِ تشهقين ومع كل شهقة يزفر قلبي ألماً لإنكتام زفيرك : تعرف .. ليـ..ـه ما احـ..ب الملاهي .
قلتُ أجاريها وانا أبتسم : ليه ؟
أخذت تمسح عيناها بعشوائية و وجهها و ردي لشدة بكائها , بكاءها الذي عشقته معزوفة موسيقية عذبة و قاتلة بالآن نفسه
قالت وبصوتها خوف : لانو آآ ما عندي اطفـ
قطعتُ كلمتها وأنا أصرخ قبل ان تهيج هي و تصرخ ولا أستطيع حينها بتر صرخاتها : خلاااااااااااااص كم مرة باليوم تعيدين السالفة ما يئستي من احد عشر سنة وانا اقولك انك تقرفينــــي
تقرفيني ما تفهمي
قامت من السرير تجري بعيداً عني لتتركني خلفها أبكي قهراً لبكاءها
أتظن انها ناقصة
ألم تشك بأن بي خطب ما
بريئة انتِ يا " عُزوف " وردة يانعة زاهية مهما نقصت عوامل حياتها من ماء و تربة و ضوء شمس
مهما قسوتُ عليكِ ونعتكِ تلومين نفسك تعيشين لأعيش " أنا " فلو أُخذت روحك أقسم بأني جسدٌ بلاروح
لأن روحي ملككِ وإن لم يكن جسدي لكِ
فبإنتزاع روحك تيقني أن روحي أُنتزعت بقسوة
أحبك لو لم أكن أحبك لكنتُ طلقتُكِ منذ الأزل
أُحبك بأنانية
أعتبركِ ملكٌ لي
أنتِ لي وحدي أنا وفقط .
***
بعد حادثة تلك الفتاة التركية المجهولة عدتُ أدراجي إلى المنزل ولا زلتُ أستغفر فصورتها لم تبتعد عن مخيلتي
كانت فاتنة لأبعد درجة ممكنة و لله كل الفضل والمن فثالثهما الشيطان و رغم هذا لم أقربها الحمدلله حمداً كثيراً
إمرأة واحدة فقط فاتنة " هوزان " وفقط و فقط لا أحد غيرها
فاتنة ببراءتها بطفولتها و شفافيتها و عفتها
أجمل نساء الأرض حياءً
أجمل نساء الأرض حكمةً
حال عودتي مباشرةً ناديتُ إبنتي ريناد وكانت الساعة حينذاك التاسعة مساءً
دخلتُ إلى المنزل لأجد ابنتي " ريناد " قابعة بالصالة مع بقية بناتي و إبنة أخي " معن "
ناديتُها : ريناد بابا تعالي
قامت من على الأرض لتقترب مني وتقول : ها بابا
وضعتُ يدي على كتفها و بأمر : يا بابا بآيبادك شوفي لي معنى هالكلمة " مددتُ إليها بتلك الورقة
قالت بإحترام : طيب بابا بس هاذي اي لغة
أجبتُها : تركية
إبتمست وهي تقول بحماس ممزوج بفضول : واااااو تركية من وين لك هاذي الورقة بابا ؟
مشيتُ إلى الدرج متجاهلاً لسؤالها وانا أقول : ترجميها وتعالي بدون ما تدري امك واعطيني ياها .
مضيتُ إلى الجناح و كالعادةوجدتُها بالصالة بجلالها قابعة على سجادها تُسمع آيات الله لنفسها لئلا تنساها ويطويها النسيان
كيف لي أن أرى إمرأة غيركِ يا هوازن
أريد إقتلاع عيني لتبسطي يديكِ وتأخذيها تمحي هذه الصورة المحرمة لتضعي حلالكِ بها
لأغفر عن ذنبي و أنتِ تسامحيني
إلهي أنت تعلم ما بداخلي من ندم و قهر تعلم يا غافر الذنب أني لم أرد رؤيتها البتة
تعلم يا إلهي أني حاولتُ غض بصري فلم أستطع فقد تشبتت بي و لم تبتعد حتى رفعتُ عيناي لها لأصرخ واضربها
من هي هذه ؟ من ؟
سمعتُ طرق الباب لترفع هوازن عينيها وتهم بالوقوف
أشرت لها بأن تجلس واقتربت من الباب
مدت إلي ريناد الآيباد
لأتناوله وتتوسع عيناي تدريجياً مما كُتب
كُتب " اذهب إلى الجحيم "
***
وضعتُ يدي على مقبض السيارة لأفتحه و من ثم سحبتها و أنا أدخلها بجيب ثوبي الأبيض الأيمن فالأيسر زفرتُ بضيق وانا أقول : استغفر الله نسيته
عدتُ أدراجي إلى داخل القصر لأتحمحم بصوتٍ عالٍ خوفاً ان يكون هاهنا أحد ومن النساء : يا ولـد
تقدمتُ بخطواتي و انا اصعد الدرجات سريعاً قاصداً " الجناح "
ما إن وضعتُ يدي على مقبض الباب حتى ينفتح من الداخل لأراها واقفة امامي بعباءتها التي قد وبختها عليها كثيراً
رفعت رأسها لي لتقول بنفس سيئة : ابعد ورايا دوام .
وكأنها لم تفعل شيئاً قط !
دفعتها للداخل لتترنح بخطواتها و ينسدل شعرها القصير الأسود على وجهها حتى تثبت أقدامها بالأرض لترفع رأسها وتبعد خصلات شعرها عن وجهها وهي تقول : خيـر تدفني !
إقتربتُ منها خطوة تلوها خطوة بينما هي تبتعد بعدد خطواتي للخلف وعيناها علي بفزع هي مهما تظاهرت بالقوة تبقى ضعيفةً للغاية
سلاحها لسانها و ضعفها قلبها
بخطواتٍ بسيطة أصبحتُ امامها و الجدار يلعن نهاية المطاف من خلفها أمسكتُ بيدي اليسرى كُم يدها اليمنى المزخرف بألوانٍ لآفتة جررته بقوة و صرخت بها : انا كم مرة اقولك هالعباية ما تلبسيها كم مرة ؟
وضعت يدها أمام وجهها خوفاً من صفعة قد تتساقط أسنانها أرضاً لشدتها قالت بصوت بزغ به الأسف : ما اعيــ...دها والله .
كنتِ سابقاً حالما أصرخ عليكِ تهاجمين أماالآن فأنتِ تدافعين و حسب
ضعفتي كثيراً يا عُطرة وهذا ما كنتُ أريده فكلما كنتِ قوية وقعتِ بالمعاصي بدنس الثوب
لا أدري كيف صبرتُ أحد عشر سنة عليكِ ؟
هل لأنكِ إبنة خالي ؟ أم لأني أعلم بأن مصيركِ مرتبط بي رغماً عني فأبي سيمسح بي الأرض إن تركتُكِ
أم لأني أُحبُكِ يا خائنة ؟
لا أنا لا أحبها , إذاً لما الغيرة عليها
إن لم أغر عليها فعندها سأكون ديوثياً
أنزلتُ يدي التي ستصفعها و التي كانت بمنتصف الطريق ما بين وجنتها و صدري
قلتُ بإبتسامة حاولتُ أن اخفيها : خلاص ما بضربك بس والله يا عُطرة ان عدتيها ما تلومي الا نفسك والله وعز الله وجلاله .
هزت رأسها بالموافقة
بينما أنا اعطيتُها ظهري حتى صلتُ للباب ثم تذكرتُ ما أتيتُ إلى هنا لأجله
عدتُ للوراء لأراها واضعة يدها على قلبها و عينها بالأرض
إقتربتُ من " التسريحة " تناولتُ الهاتف ثم خرجت من الجناح
لأرى ابنتي و إبني مصطفان عند الباب يبدو بأنهما قد سمعا اصواتنا فعيني بلقيس بها خوفٌ كخوفِ أمها
أتعلمون لا أشعر بالحميمة اتجاه اطفالي البتة وكثيراً ما يتوارد إلى ذهني انهم جاؤوا بالحرام
لكن أقول لنفسي بعقلانية ان طيشها بالماضي اما الآن هي إمرأة عاقلة و يُحال أن تكون خانتني بعد جلدي لها
حتى أني قد فكرتُ بالتحليل الوراثي " DNA " و لكني لم ألجأ إليه لربما يكون بي شيئاً من الثقة إتجاهها و أخاف أن تضمحل ثقتي بها
بذاهبي إلى المستشفى .
مشيتُ من جانبهم دون أن احادثهم و نزلتُ إلى الأسفل و لخارج القصر إلى الشركة .
*
*
خرج من الغرفة بهدوء عكس دخوله المكتنز بالضوضاء أنزلتُ يدي عن قلبي و أنا أُحاول التحكم بضرباته عن طريق سحب قدر كافي من الهواء وإدخاله بعميلتي شهيقٍ و زفير
و ترطيب شفتي بلساني إلى متى سأعيش معك بهذه الحال
تشُكُ بي والعلم يثبت ظنك
أقسم بطهري و العلم يبطل قسماني
و إلى متى ؟ !
خلعتُ عباءتي و أنا أفتح الدولاب لأتناول عباءة كتفٍ غير مزخرفة لبستُها و أبطتُ حقيبتي السوداء
تدافعتُ بخطواتي حيث الباب لأجد كلاً من بلقيس و وائل ينتظراني
قلتُ وانا أسبقهم إلى الدرج : أتأخرنا على المدرسة يلا امشوا .
***
رميتُ الورقة على المكتب وانا أمسح على وجهي و شعري بحيرة : ما أدري يا احمد ذي طلعتلي من وين
أخذ يضرب بأصابعه المكتب بنغمة تزيد من توتري : والله يالكاسر ما ادري وش اقولك يا اخوي يعني تركية و ترمي نفسها عليك و بعد كاتبتلك تهديد
دفعتُ بالكرسي للخلف و تقدمتُ بجسدي للأمام : لزوم ابحث عنها بالإتصالات أبغى اعرف مكانها و افهم كل حاجة ان كان ماهو براضاها فغصب عنها
ابسط أصابعه التي كانت تصدر النغمة العشوائية بالمكتب ليقول بجدية : وانا معك يالكاسر إلا إنه هالناس ما يتعاملوا بطريقة مباشرة
عقدتُ حاجبي لأقول بتساؤل : يعني ؟
سحب الورقة من المكتب وقال : مدري شقولك لكن بالمختصر الظاهر انها صعبة وما بترضخ بسهولة .
فتحتُ أحد ملفات الجرائم بلا هدف ومن ثم أغلقتُه وانا ازفر لأطرد حيرتي : احنا أول خلنا نعرف مكانها ثم نفكر بهالأمور , إلا ايش بغيت من الورقة ؟
قام من على الكرسي وهو يقول : بتأكد من الترجمة يالكاسر انت عطيتها لبنتك وهي صغيرة يمكن غلطت بحرف انا بتأكد ونشوف وش يطلع معي .
هززتُ رأسي بالموافقة وانا أعيد أنظاري إلى الملفات أمامي .
****
أنزلتُ " الكمامة " عن أنفي و أنا أحُك حاجبي و أمسح عرقي عن رقبتي
تقدم الأهل الأم و الزوج و بجانبهم الأبناء
أشخاص ذو معالم إعتدتُ رؤيتها
معالم التساؤل المخلوطة بشيءٍ من الخوف و آخر من السعادة
قلتُ ببرود وانا أغتصب إبتسامتي قد إعتدتُ هذه الطقوس : الحمدلله ولادة ناجحة و المدام بخير و مبارك عليكم البنت .
أشرقت و وجههم سعادة واخذ الأبناء يتشاجرون بالتسمية
جررتُ خطواتي بعيداً عنهم إلى القسم النفسي الذي يقبع بالدور الأعلى
إستقلتُ أحد الأصنصيرات إلى أعلى حتى وصلتُ إلى القسم وبالتحديد الحُجرة المطلوبة
طرقتُ الباب ليصلني الصوت الذي لا أعرفه وسأتعرف عليه الآن : تفضل .
حركتُ " أوكرة " الباب لأدخل ألقيتُ السلام ليردا السلام كاملاً
قال متعب بترحيب وهو يقف : يا حيا الله دكتور ناجي , " أشار بيده علي ليقول له " اخصائي النساء والولادة ناجي " ثم أشار عليه ليقول لي " الإستشاري النفسي مشعل
قال مشعل : تفضل اجلس يا دكتور ناجي
جلستُ على الكرسي لا أقول : زاد الله فضك , إلا كيف النفسية ؟
ضحك وهو يقول : هههههههههههههه عالي العال هاه هاذي اعتبرها سخرية بنفسيتي ولا مدحة .
قلتُ و أنا أبتسم يبدو أنه انسان إجتماعي بعكسي أفضل الإنطوائية غالباً : أعتبره مثل ما يرضيك .
أشار إلي و إلى متعب ليقول : انتبهوا على نفسكم مني يمكن أطلع بكم حاجة نفسية .
قال إستشاري النساء والولادة " متعب " : والله إن انا من بطلع بك النفسية قبل تطلعها فيني .
تراجع هو بكرسيه ذو العجلات للخلف وهو يضع يده أمام وجهه : من بدايتها الله يستر ايش تاليها .
ضحكنا على تصرفاته المرحة بعكس شكله الذي يبعث الجدية بالمحيط !
***
أدخلت الهاتف المحمول " الجوال " بجيب بنطالي من تحت عبائتي نلبسها حال النزول لأسفل خوفاً من مقابلة ممن لا يحلون لنا من أبناء خالي عبد القوي
وما أن نجتمع بمجلسٍ واحد حتى نخلع العباءة و ماعلى الرجال حال الدخول هو التحمحم للتنبيه بدخولهم هذا كله إلتزام بديننا الإسلامي الحمدلله على نعمة الإسلام
لكن هذه المرة لن أخلع عباءتي فالآن الساعة الخامسة عصراً سنمضي حيث ملاهي " الشلال " رغم أني قد رجوت " ناجي " بالقعود إلى أن إصراره على ذهابي قد أخافني
لا أريد أن استمع إلى صرخاته فقد تعبتُ حد الإعياء
نزلتُ إلى خارج القصر جميعنا سنذهب مع سائقين سنقسم بسيارتين
ما إن خرجت حتى وجدتُ الجميع منقسم
قطبتُ حاجبي و أنا أركز نظراتي بالسيارتين باحثة عن مكان شاغر بأحداهما
أخرجت أختي هوازن يدها المغطاة بالقفاز الأسود للخارج تشير لي بالإقتراب فهي عفيفة حياءها يكسي الأرض تخاف أن يستمع السائق إلى صوتها !
حقاً لا أجد هذه الأيام مثل أختي هوازن
فمنذ تقريباً عام 1431 هـ إلى الآن عام 1435 هـ
أصبح العالم فوضى
الكل يلهو بالدنيا و لا يفكر بالآخرة
لكن حالما يأتي الموت لن نستطيع العودة للوراء لتغيير الأمور
نعيش بمعمعة بين أريد طاعتك ربي و أعصيك بإتباعك يا شيطان
أدرك هذا كما تدركون لكن نبقى بالخطأ مغرقون
إقتربتُ من السيارة شيئاً فشيئاً وما أن أصبحت الرؤية واضحةً لي حتى تمنيتُ أن أعود للوارء فهاهنا تقبع عمتي " ساجدة "
و أنا بهذه الفترة أصبحتُ لا أطيقها حتى أن جلوسي معهم يوم مجيء عُشبة ما كان إلا إحتراماً لعُشبة التي قد قطعت ما يقارب السبع مائة كيلو حتى تزرونا
ترجلتُ السيارة بهدوء و الخمار يغطي تعابير وجهي المتجهمة ألقيتُ عليهم السلام ليردوا بهدوء
و ما نستمع طول الطريق إلا صوت أنفاسنا فـ " لجين و رتاج و ريناد " نائمات لأنهن لم ينمن حال عودتهن من المدرسة
أما عمتي ساجدة و هوازن و صائمة ملتزمات بالصمت والبقية بالسيارة الأخرى
عدتُ بذاكرتي حيث مخططاتُ عمتي " ساجدة "
حيث انتحابي و شهيقي
حيث الأجاج الذي لا يقتل
لا يقتل بدفاعك عني
بل يعيش بقتلك لي
إبتمست و أنت تقبل رأسها فيدِها :كيفك يمه عساكِ طيبة ؟
لتبادلك هي الإبتسامة بإبتسامة أكبر و تقول : زين ما جيت يا وليدي و راي حكي بحكيك ياه ؟
لتجلس أنت بالأرض عند أقدامها وتقول : كلي آذان صاغية يمه .
مدت يدها المجعدة لدخولها سنون العجز ربتت على كتفك بحنان أموي آخر مرة شعرتُ بهذا الحنان وانا بسن العاشرة وبعدها فارقت أمي الحياة
أشتاقكِ كثيراً يا أمي أكثر من كل شيء
إرتفعت يدها لأعلى تسمح على شعرك الأسود بنعومة لتقول : وليدي تدري بي أريد اشوف بزارينك يملون هالبيت سعادة والله يا وليدي إن اطريهم كثير خاطري أشوفهم قبل لا يسلبني الموت
لتقول وانت تضع يدك على فمها : يمه والي يسلمك ماله داعي هالكلام الله يطول بعمرك .
أبعدت يدك عن فمها لتقول بما أسقط دموعي اللامتناهية : شف يا وليدي عُزوف بنت أخوي غاليتن علي بغلاة اخوي و عمتك زبيدة لكن يا وليدي بي شيٍ بقليبي يقول هي إبها عقم
و الشرع م حللك أربع خلها بذمة و خلي الثانية علي , ها وش قلت ؟
صدرت مني شهقةً خافتة لم يسمعها كلاهما
جريتُ بعيداً عن الحجرة لئلا تزداد شهقاتي
فأنا أعلم الإجابة أعلم أنه وافق
فلما يحرم نفسه من الأطفال أليس كل رجل يريد أن ينتشر إسمه على أكتاف أبناءه النبلاء ؟!
إذاً أنت وافقت
أصبحتُ لا أطيق النظر إلى خالتي وبذات الوقت اتذكر جمائلها فلولا الله ثم هي لما تربينا على الأخلاق و لما أحسسنا بشيءٍ بسيط من مشاعر الأمومة
ففي الحقيقة هي لم تقصر إتجاهنا البتة لقد كانت تعاملنا كما تعامل أبناءها فلا يظن الغريب لوهلة أننا لسنا بفتياتها
سأحاول نسيان ما عرضتِه على ناجي يا خالتي رداً للجميل و حسب .
***
جلس على الكرسي أمامي و بصوتِهِ تردد : اسمع يالكاسر سألت خطوط الإتصال و قدروا يحددون موقعها
نشبتُ أصابعي ببعضها لأسندها على المكتب و بإهتمام : ايه وش طلع معك ؟
تنهد بضيق ومن ثم زفر ليسحب نفساً عميقاً : طلعت متواجدة بمركزك
قلتُ بتعجب : كيــف !!! المركز هالحين فيه عمال ما بتقدر تدخل
قال وهو يمدد يده على المكتب : ما اعرف والله يالكاسر بس قلت لك هالبنت شكلها صعبة و وراها مشكلة
و الترجمة طلعت مثل ما ترجمتها بنتك " اذهب إلى الجحيم " .
أمسكتُ بجوالي حتى أرى الساعة بقي عدة دقائق و سنسمع اذآن المغرب
زفرتُ بكدر : ما ينفع نطلع هالحين اول شي لزوم نصلي و الثاني شغلنا باقي عليه يا احمد
قم قم بس خلنا نتوجه لله ثم نلازم الشغل و لا انتهيت بروح لها .
قال هو بطيبه وحسن نيته : تبيني اروح معك ؟
إبتسمتُ له وأنا اقول بشيء من الإمتنان : ايه والله تعال ما ابغى اختلي معاها مثل المرة السابقة وحنا ما بنروح الا بالليل يعني العمالة خلصوا اشغالهم .
***
اليوم إختلى القصر لا يوجد به أحد غير الخدم مثلي فضلتُ الجلوس على الذهاب معهم فأنا لا أحبذ الإزدحام وأفضل كثيراً الأماكن الضيقة عن الإتساعات فبكل إتساع تتخبط أشجاني بلا هدف
و بكل ضيقة يلتف الشجن ليعود إلي " أنا " وكأنه بحلقة مغلقة ما أن يبتعد عن مصدره حتى ينتمي إليه
نوافذ المجلس مفتوحة و حفيف أوراق الأشجار تكمل معزوفة حزني
لماذا دائماً أشعر أني غريبة عن كل شيء
بوطني أشعر بالغربة
و قرب امي و ابي اشعر بالغربة
و بكل مكان غربة !
خرجتُ بخطواتي من المجلس ومن القصر بأكمله حيث يقبع أبي وتقبع مخططاته
دخلتُ للمنزل الذي هو أصغر من القصر الآف المرات و رغم هذا به من الإنتماء و الروحانية أكثر من القصر !
وجدتُه قابعاً بالصالة ألقيتُ السلام و تقدمتُ الخطوى نحوه لأُقبِل رأسه فيده
فأجلس مقابله
بادر هو بالحديث بما يؤلمني الآن : فكرتي يا بنيتي بكلامي لك قبل .
قلتُ وانا أخفض بصري للسجاد الكحلي الذي يغطي الأرض : ايه و قراري هوا ما ابغى اسوي ما نويته يا ابوي .
رفعتُ عيني له لأجد النار قد شبت بعينيه إبتعلتُ ريقي قال هو : تكسرين شوري تكسرين كلمة ابوك .
حركتُ رأسي بـ " لا " : لا يا يبه بس القصد يا ابوي عبدالقوي كبرك يا ابوي وانا ما اقدر اتزوج واحد بعمره .
توكأ بيده على الأرض ليقوم بينما انا قمتُ بخفة وعيناي تتوسع و خطواتي تتراجع و قلبي يهوي
إقترب مني و هو يصرخ : ليه وش ناقصه عبدالقوي رجالن بألف رجال عز ومال قصر و عماير و سيارات و خدم وحشم و ماتبيه
قدامي يلا لبسي عباتك .
قلتُ بشيء من الخوف و آخر من التساؤل و التعجب : ليش يا ابوي وين بتوديني ؟!
أشار بإصبعه السبابة ناحية الباب وهو يصرخ : امشي لبسي عباتك وانا نتظرك بالسيارة .
مشيتُ خارج الغرفة بخطى متعثرة مهزوزة
ما الذي تفكر به يا ابي ؟
***
منذ فترةٍ طويلة لم نذهب إلى أي ملاهي فقد لهينا بالحياة عن كل شيء و اليوم حال ذهابنا للشلال بطلب بناتي و بنات أختي عُطرة
ذهلت لا أدري ما ذا عساي أن أقول ! لكن بمختصر العبارة " طوبى للغرباء "
هذا يوم للنساء ويوجد منهن العارية برداء لا يغطي شيئاً و تلك تحتضنها من خلفها و أخرى من امامها وقُبلاتٌ ها هنا وهنا يطبعنها بجسدها !
ومنهن المسترجلات اللاتي لم يتركن فتاة دون تجريدها من رداءها اللاساتر
و فتياتٌ بمراهقتهن و أخريات بطفولتهن رأت عيناهن ما رأت عيناي من معصية لم أراها قط !
ليجلسن قرابتهن و يأخذن أفعالهن قدوة !!
تعتقد الأمهات ان المكان محترم كما اعتقدت لأنه يوم خاص للنساء فيرسلن بناتهن مع الأباء او الأخوان أو السائق إلى مكان أقل ما يقال عنه " مقرف "
و يضيع الحياء و تضيع الفطرة و تضيع الخشية و المهابة منك يا مولاي
ونعود أدراجنا للجاهلية
تمتمت " اللهم ثبت قلوبنا على دينك " .
و قفتُ و الجميع عند الباب بإنتظار السائق الآن الساعة العاشرة ليلاً ساعةُ إجتماع الفجور بالملاهي
بلاد الحرمين لا تعودي إحتراماً لحرميكِ .
ناديتُ إبنتي " ريناد " في العاشرة من عمرها
حتى تتقدم نحوي و لونها باهت منذ مجيئنا إلى هنا
قلتُ لها وانا أمسك بكفيها : اشبك يا ماما في حاجة مضايقتك ؟
هزت رأسها بـ " لا " و الحجاب يلتف حول شعرها و يبدو وجهها الصغير فقط
سحبتُها نحوي قليلاً : ها يا ماما ما انتِ طبيعية فيكِ حاجة من قبل ما نجي هنا !
إهتزت شفتيها و كأنها تكتم بكاءها و انيناً سجيناً : مامـ..ا خايـفـ..ـة على بابا
عقدتُ حاجبي بشيئاً من الحيرة و آخر من الخوف : ليش ايش فيه بابا ؟
أخفضت رأسها للأرض لتقول : ما اعرف ماما بس بابا اعطاني كلمة تركية اترجمها له بالبرنامج الي بالآيباد في البداية كنت فرحانة عشانها تركية
بس لما طلع المعنى خفت مرة .
إزداد خوفي لأقول : و ايش طلع المعنى ؟
قالت وهي تنتفض بين يدي كالهِرة : اذهب إلى الجحيم .
***
انتهى الدوام الآن الساعة العاشرة والنصف ليلاً و لم تنتهي الأفكار لأنها بالأصل لا متناهية فركتُ وجهي بضجر وانا اتوجه للمركز
قال لي بحيرة : يعني كيف ؟
تأوهتُ بسأم من كوابيسي من الفتاة التي دخلت حياتي عنوة و من ذاكرتي او خيالي لستُ أدري : يعني العمال قالوا مافي اي احد غيرهم بالمركز
يعني ابسطها لك هي شكلها تركت الجوال و هربت عشان ما نحصلها .
قال بتفهم : ايه صح رمته و هربت .
قلتُ وانا أوقف السيارة جانباً : وصلنا انزل نشوف شالسفة مع هاذي .
خرجنا من السيارة وتوجهنا إلى المركز الخالي من العمال الآن
الدور الأول فالثاني فالثالث ولا يوجد أحد حتى الجوال لا ندري أين وضع بالضبط
انقسمنا لنبحث عنه كلٌ منا بجهة
لربما يكون الدليل بالجوال
المعضلة بالأمر انه لا مخبأ بالمركز تضع به الجوال
فهو غير مكتمل البناء و غير هذا ليس مأثث حتى تدسه بين الأثاث إذاً أين ؟!
قُرابة النصف ساعة ضاعت هكذا زفرتُ بتعب وانا أمسح العرق عن رقبتي و اهتف بصوتٍ عالٍ وانا انزل عتبات الدرج : يا احمـــد خلنا بكرة ندور
ليأتيني صوته سعيداً : حصلته تعال
نزلت من الدرجات درجتين , درجتين
ليظهر أمامي هو يمد الهاتف المحمول لي : خذ يا اخوي حصلته تحت الدرج و هاذي خصوصيات ما فتشته شوفه بنفسك
أخذتُ الجوال من يديه بسرعة وانا أقلب به لا شيء ولا أي دليل سوى الرسالة التي أرسلتها منذ البداية " مركز الكاسر للخير احترق وقد عمل البعض على اطفاء الحريق "
لا يوجد إلا رقمي الذي سمتني به : " الحتف "
ما الذي تريده ؟
من هي ؟
و لما التهديد ؟
وهل لهذا علاقة بكوابيسي و ذكرياتي او خيالي ؟!
***
هزني بكتفي بيده اللامبتورة وهو يهتف : قوم قوم يا اغيد .
رفعتُ رأسي وأنا اقطب حاجبي : وين نروح يا هزيم .
أخذ يسحبني بيده اللامبتورة من يدي المبتورة : قوم بسرعة .
و قفتُ بخفة و سحبني هو معه
حتى و قفنا على جانب من محل " توب تن "
أشار بإصبعه إلى " الكاسر " الذي يمشي بالإتجاه الذي أقعد به وهو يقول : شوف هذا كل يوم يجيك وراه سالفة ترى .
إبتسمتُ بفرح : لا والله هالرجال ونعم الرجال طيب و اخلاق عالية .
ضربني بكتفي بخفيف وهو يقول بحنق : والله انك انت الطيب ما في احد بهالدنيا طيب ولو كان بالدنيا طيب كان هذا حالنا
" أشار إلى يده و ردائه " هذا لبسنا من خمس سنين من بين ألف رجال كل يوم نشوفه في واحد فكر يعطينا لبس ؟ اسألك بالله من طيب بهالدنيا ومن يستحق الطيب
أخذ الشرار يلتهب بعينيه ليمسكني بيده اللامبتورة من قميصي الرمادي : سيارات الشرطة كل فترة مارة من جنبنا ولا عمرهم سألونا او قبضوا علينا تعرف ليش ؟
لأنه مافي واحد منهم مخلص بشغله هالله هالله الراتب و يجلس بالبيت لاذمة ولاضمير احنا حتى هوية ما عندنا احنا كأننا محنا موجودين بالدنيااحنـ..ا " أخذ صوته يتهدج يكتم عبرة " ولا شـ...ي .
نعم نحن لا شيء
كيف لك أن تعيش وأنت لا تعرف من أنت !!
حتى من هم حولك لا تعرفهم ولا هم يعرفون أنفسهم !
لا أعرف ماهي جنسيتي من هو أبي ومن هي أمي !
لا اعرف شيء !!!
حتى من هو الذي قد بتر أيدينا لا نعرفه نتعامل معه عن بعد يخاف أن يظهر بالأضواء فتكبله قيود معصيته إلى السجن
بينما نحن طيلة حياتنا نقضيها بسجن الـ " أنا " التي نحاول إكتشفها فنفشل
لأنه و بإختصار ليس لدينا أي معلومة عننا
لماذا تعيد الوجع " يا هزيم "
الشيء الوحيد الذي لا ولن يتغير سواء كنتُ بهوية أو دونها
أني مســـلم وأفتخر بأني مسلماً
فالحمدلله الذي جعلني مسلمـاً .
***
الآن الساعة الحادية عشر ليلاً يعلن الشجن طغيانه فلا دمع يهطل و لا آه تتحرر من جوفك إذاً هذا هو عقوق الدمع
لقد إستهلكتُها حتى أصاب عيني القحط !
و آه سنين كانت تخرج بين الفنية و الأخرى قُتلت !
و ضحية العقوق أنا !
فأنا كنتُ سارقة الدمع و الآهات و الآن أشتاق لهما بعد عقوقهم !
لا اصدق ما حدث تعلمون كيف عندما يغدر بك من أنت من دمه ! إنه أبي
غدر بي أوقعني بالمعصية لأفتن رجل بعمره أخذني لأكبر صالونات جدة " جمالك "
لأصدم بأني جميلة لدرجة لا أستطيع وصفها ! حقاً لم أرى نفسي يوماً بهكذا طلة بهية
علمتُ اليوم بأن مساحيق التجميل تخفي آثاراً كثيفة ومنها آثار الهم و الغم
محت كل شيء لأبدو غريبة حتى أنا غريبة !
أعطاني ابي فستاناً بلون الدم الفاتح أرغمني أن أرتديه و أرتديته بنيةٍ صافية
وقفتُ حينها عند المرآة و أنا أنظر لنفسي التي لا أعرفها ذاتي الغريبة عني
فتحتُ أول أدراج " التسريحة " لأخرج الدبلة التي قد أهداني إياها أكبر مخادع و أشهر قاتل و أعلى مطالبي قديماً " ركاض "
رفعتُ الخاتم لأعلى وانا أراه مرتين مرة بالواقع وأخرى انعكاساً بالمرآة
إبتسمتُ ببلادة أربضُ كثيراً إلى هذه الدبلة فأخدع نفسي و أقول " ستعود لي يا ركاض "
سمعتُ طرق الباب ونداء أبي " ظانع "
لأرمي بالدبلة بداخل الدرج بعجلة وأتوجه بخطوات سريعة للباب
فتحته و دون أن أستوعب شيئاً سحبني أبي معاه بقوة إلى خارج المنزل نمشي على العشب الذي ينتهي مطافه بالقصر الخاوي من الجميع
قلتُ بوجع : يبه تعورني
لم يتلفت لي ولم يعرني إهتماماً حتى أصبحنا بداخل القصر
ترك يدي بينما أنا أخذتُ أفركها بألم علّ وجعي يخف
قال لي دونما أن يلتفت إلي : إمشي
مشيتُ خلفه و لا أدري أين سيأخذني وخطوة تعقبها خطوة إلى ان إستقرينا بمكتب " عبدالقوي "
توقفتُ بالمكتب بينما مد يده من خلفي وهو يشير إلى أدوات التنظيف المركونة بالأرض : نظفي بسرعة لانه ساعة او أقل و عبدالقوي هنا .
مشى إلى الباب بخطوات عجولة
بينما أنا قلت : يا يبه ماينفع اشتغل بالفستان .
إلتفت لي مزمجراً : نظفـــي وانتِ ساكتـة .
خرج من الغرفة و تركني بحيرة و شيءٍ من الريب
لماذا يأخذني لصالون تجميل بلا سبب ؟ ومن ثم يجعلني أُنظف !
هل يا ترى ما افكر به صحيح
لا لا أعتقد يستحيل أن يخدعني أبي يبدو اني منذ خداع " ركاض " لي وانا أشعر أن الخداع صفة عمومية لكل رجل
الشر لا يعم بل هذا كله من توهمات خيالاتي .
أول ما فعلتُهُ هو شيءٌ دائماً ما افعله قبل التنظيف
مشيتُ إلى كل لوحة معلقة بالجدار و أخريات مرتكزات على المكتب لأقلبهم فيلتصق الوجه بعازل بينما يبقى الظهر حراً
بالأخص اللوحات التي تحوي صور لـركاض
حتى لا أرى الصور فأتذكر غبائي مقابل خداعك .
فرغتُ المكتب من كل حاجياته لأبدأ بالتنظيف
أخذتُ رشاش " الماء و المنشفة
و أنا امسح المكتب من غباره مع غبار افكاري
بأفكاري أغبرة قديمة طواها الزمان وبالمكتب أغبرة تنظف كل يوم
ليتني بالفعل أستطيع مسح غبار افكاري لأعيش كما يعيشون للحاضر و المستقبل و لا أعيش لماضي ميت يحتاج من ينعشهُ لينعش غيره
رميتُ المنشفة بضجر و أنا ادهسها بكعبي الأسود كالحزام الذي يلتف حول خصري
نزلتُ للأرض لأتناول مرآة قد أسقطتُها من المكتب أمسكتها بيدي و أنا أنظر لملامحي
هل أنا جميلة إلى هذا الحد اللامعقول ؟! أم أن مساحيق التجميل تجعل من كل قبيح ملاك ؟
إذا كنتُ جميلة لهذا الحد فلماذا تركني ركاض إن لم يحبني لذاتي فهو محال أن يترك كنزاً ثميناً مثلي
كنتُ خاضعة لك أتيتك أجُر أقدامي بقميص نومي هل هنالك إمرأة ستفعل مثلي و تغضب ربها ؟!
حتى وإن كانت ستفعل فهي ستتقاضى الأجر على ذلك اما أنا دون أي شيء
فقد أريد أن أربض إليك فتأويني
و المكسب بالأول و الآخر لك !
و أخذت دموعي تنهمر كأي مرة و إبتسامة تعاكس دموعي تطلي ثغري
ومساحيق التجميل تتصارع بملامحي فيموت لون ليموت القناع بأكمله فأظهر أنا القديمة التي أعرفها
و ضعتُ يدي موضع قلبي وكأنني سأنتزعه وليتني أنتزعه وأعيش دون مشاعر
قاسية , باردة وجامدة لاتهتم لشيء .
رفعتُ هامتي لأعلى و يدي بعيني أمسح دمعها
أنزلتُ يدي بسرعة و أنا أحاول الوقوف بينما قدمي بحالة " تنمل "
و ذاك " عبد القوي " يقف بعيداً يمسحني من أعلاي لأسفلي
قمتُ بالقوة و أنا أبتلع ريقي بشدة
مشيتُ للباب المخالف لمكان وقفته لأخرج بسرعة
لم يكن ما حدث يؤلم بقدر ما آلمني من يقبع بخارج القصر
أبي ظانع
أمسكني من مرفقي بشدة وهو يبتسم : ها ايش قالك عبدالقوي عسى عجبتيه ؟
أتعلمون تمنيتُ أن تنشق الأرض لنصفين و أدفن بحجرها فتوصد حجارتها ببعض
إن أفكاري لم تخني البتة إلا أن مقابلتي لعبد القوي قد حدثت منه على وجه الصدفة فقد كنتُ أعتقد انه سيرغمني على هذا وبالطبع لم أكن لا أقبل
لكن لم أظن لوهلة أنه سيخدعني و سيخلق الموقف و كأنه صدفة !
رفعتُ رأسي إلى أعلى والدمع مصقل بوجنتي يلتمع مع غروب الشمس
قلتُ و العبرة تخنقني : ليش يا ابـ...وي أرخصتنـ..ي ؟ !
ترك يدي ليمسك بيديه وجنتي يعتصرهما بشدة : بكيتي و مسحتي هالمكياج عساه شافك كذيا و تضايعت فلوسي ؟
هل هذا ما يهمك يا أبي المال وفقط ؟ و أنا إبنتك الوحيدة أين الغيرة
لا أريد قولها ولكن ما دل عليه فعلك أنك " ديوثي " لا تغار على محارمك إطلاقاً بل وتبيعهم لكل من لا يستحق .
قلتُ بإبتسامتي البلهاء التي لا تدل على شيء فلا هي فرحة ولا هي ترحة ! : لا يا يبه الظاهر من اول وهو واقف و شافني و فلوسك ما ضاعت ومدري اذا عجبته
او لا لأنه ما كلمني .
ترك يدي وهو يصر على أسنانه وكأن الوضع لم يعجبه !
بينما أنا مشيتُ بخطواتي المترنحة حيث المنزل لأبكي ولم أعتقد لبرهة ان الدموع ستهاجرني لتتركني أعاني الوحدة
حاولتُ البكاء بدفن رأسي بالوسادة لكن لا سائل أجاج يهُم بالنزول .
***
إهتز هاتفي المحمول " الجوال " لأرفع عيني عن ورق الأبحاث
وأُمسك بالهاتف وصلت رسالة من شخص لا يدعني أنام الليل لفرط خوفي
أتخيله حولي يراني كما خلقني إلهي
فهو كيف له أن يراني بردائي ؟ إذاً يستطيع رؤيتي عارية !
اللهم استر عورتي يا إلهي
أخافه كثيراً أتخيله يلمسني
أتخيل أشياء لا أريد تخيلها
فتحتُ الرسالة لتتوسع عيناي مما كُتب
***
إنتهى الجحيم
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه .
والجحيم الجاي وقت ما اخلصه بنزله .
كونوا بخيــر $
على فكرة الأحفاد الي هم " ريناد و ريتاج و رائد و مؤيد و لجين و وائل و بلقيس "
بيتم تعديل تعديل أعمارهم و عموماً هم ماهم أبطال و لا ضرر بتغيير أعمارهم ^^
|