كاتب الموضوع :
الشجية
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: حيزبون الجحيم / بقلمي
أتدري أين السعادة ؟
ترفع رأسك لمن أعلى فترى أنك الأقل
ألم تحاول إخفاض رأسك لأسفل لترى أنك الأعلى
فينطق لسانك الحمدلله
فترضى نفسك
و ترضى بما قسمه الله لك
إذاً فأنت راضي بالقدر
ومن رضى به
آمن بالركن السادس من أركان الإيمان " الإيمان بالقدر خيره وشره "
و مادمتُ مؤمناً فأنت لله قريب
و مادمتُ قريباً فأنت سعيد
سعيد لأنك قنوع
" و القناعة كنز لا يفنى "
الجحيـــم
( 6)
** لا تلهيـكم الروايـــة عن الصـــلاة **
دخلتُ إلى حجرتي بتعب وانا امسح عرقي الجو شديد الحرارة لم أستطع إكمال محاضرتي أشعر بالأرق
تقدمتُ للسرير بعباءتي فليست بي قوى لأن أخلعها
ما إن تقدمتُ حتى أرى و رقة بيضاء مطوية قد رُميت بالسرير
لم أهتم و تمددتُ بالعرض بالسرير ومن ثم مددتُ يدي إلى الورقة البيضاء لأفتحها بوسعها
كُتب بها بخط راقي محترف : ســــــلامتك من الأرق
وخُط بالأسفل بخط صغيرٍ للغاية : يوم 1 : النقاء - اللون الأبيض
عقدتُ حاجبي بإستغراب فمن ذا الذي يعلم بأرقي ؟ !
هل من الممكن أن يكون ذاك المعتوه !
فتحتُ حقيبتي السوداء التي قد رميتُها بجانبي لأخرج هاتفي لكن توقفت يدي عند ورقة حمراء مطوية بنفس ذاك الطي
وكأن آلة ما قد طوتها بهكذا ترتيب
أمسكتُ بالورقة لأفتحها
كُتب بالورقة بنفس الخط الراقي المحترف : بقفـل بوجهك
توسعت عيناي بدهشة كيف علم أني سأتصل ؟ ! وما هذا الرد الوقح ؟
خُط بالأسفل بذات الخط الصغير : يوم 1 : التساؤل - اللون أحمـر
أمسكت بالهاتف لأتصل برقمه بآخر مكالمة واردة فإذا به يعطيني " مغلق "
إذاً هو المعتوه مالذي يريده مني ؟
و كيف وصل إلى حجرتي ؟ ! و ايضاً حقيبتي !
عندما خرجتُ للجامعة لم يكن بالحقيبة هذه الورقة
ليست بي قوى للتفكير مطلقاً
سحبتُ وسادتي وضعتها تحت رأسي وذهبتُ في نوم عميق .
***
وقفتُ بمركبة " الشرطة " جانباً وانا انظر لهم من زجاج النافذة ومن ثم أعدتُ انظاري له : لا ما ينفع يا أحمد
نظر إلي بحيرة : طيب ايش تبغى يا الكاسر هذولي بلا هوية
أعدتُ النظر لهم و شيئاً بقلبي يهتز حزناً وشفقةً لحالهم : مدري يا احمد احسهم مجبورين على الجلسة هنا انا ما بمسكهم انت خلي الشغلة علي وما بتشوف الا الي يسرك
هز رأسه بإستياء وهو يقول : تحب تجيب الشقى لنفسك يا اخوي
إبتسمتُ له : ياخي فيك كسل وبعدين انت ليش شايل هم قلتلك خلي الموضوع علي
إرتشف من كوب النسكافه قليلاً وهو يرفع بيده الأخرى ريش التكييف : و ليش ما تمسكهم وتستفسر منهم
حركتُ المركبة لوجهةٍ أخرى : انت انسى السالفة وخلنا نكمل شغل و اصلاً ما بقى شي على اذان العصر
***
خلع الثوب وعلقه و بقي بـ " فلينته و سرواله " ليهتز هاتفه بصوت رنين خافت
أدخل يده بجيب ثوبه المعلق ليخرج هاتفه و يبتسم بسرور ولكنه بالرغم من غزو الفرح ملامحه إلا أنه لم يرد
لم أهتم لأمره وعدتُ أنظر إلى كومة ورق الإختبار التي تحتاج إلى تصحيح
تحرك بخطواته مبتعداً عن العلاقة إلى السرير إلا أن هاتفه عاد للرنين تارةً أخرى غير وجهته إلى ثوبه ليخرج الهاتف
و تتسع إبتسامته شيئاً فشيئاً
توجهه للسرير وهو يقول بعدما رد : وعليكم السلام ورحمة الله
عدتُ إلى الورق وأنا أحاول تجاهل إبتسامته التي تزيده رجولة , إبتسامة عشقتها قِدماً , إبتسامة أحاول ان أكرهها ولا أستطيع
و هل يقدر الحبيب على بغض شيئاً بحبيبه ؟
ضحك بصوتٍ عال أرغمني أن أرفع رأسي لأنظر إلى ثغره المفتوح بوسعه : ههههههههههههههههههههههههههههه والله مدري عنك يا ركاض انت رايح تدرس ولا تستهبل
إذاً يحادث أخاه الصغير " ركاض " الذي قد رحل , مضى وسار إلى الدراسة العليا بمصر منذ ستة أعوام
حدقتُ به مطولاً شعر أسود متوسط النعومة , عينان سوداوتان حادتان , أنف ذو فتحتين مرتفعتين , حبة خال غطتها شعيرات ذقنه
أتذكر قبل أن يحدث ما حدث قبل زواجنا بأسبوع
طلعتُ للدور الثالث قاصدة حجرته و أنا ألتف برأسي وجسدي يمنةً و يسرة خوفاً من أن يراني أحد أخوته فنُمسك بالجرم المشهود
بالرغم من أني بهذا الحين كنتُ حلاله و هاء الغيبة غائبة واقعياً فأنا حلاله , ملكه , حقه
بالماضي وفقط اما بالحاضر فهو قد تخلى عني و رمى بي بالضريح و بالرغم من حبي الصادق لك إلا أني لا أستطيع مسح كرامتي لسموك
قد كنت تدعي الحب حينما كنت تمسك بذاك الحبل الملتف كالجديلة بطرف وامسك أنا بالطرف الآخر والإبتسامة لا تفارق أحدنا
تحت إبرام بالحب
كان صادق من طرفي فلم يفلت الحبل
وكاذب من طرفك ففلت الحبل
رأيتك حينها واقفاً عند باب حُجرتك تنتظرني و أنت أيضاً بك كمٌ من الخوف بتقليدك تصرفاتي تنظر يميناً فشمالاً
و صلتُ لك لتبتعد عن الباب و أدخل فتدخل خلفي وتغلق الباب ثلاثاً وأنا أُعطيك ظهري
تقدمت نحوي و أنت تضع يدك بعلامة ضرب أمام صدري وعنقي لتجرني إلى ظهرك تهمس بزلال كلماتك بذاك البيت الذي اعشقه و ادعيت انك أيضاً تعشقه : لا تعجَبي من صباحٍ فيه فُرقتُنا بل اعجبي من مساءٍ فيه نتّحدُ
ليس بزلال كلماتك إنما بزلال الكبير " غازي القصيبي " و لا هو بزلال إلقاءك أي صفاء قد يكمن بك ؟ ! كنتُ فيما مضى اظنك كصفاء اللبن الأبيض الذي يخرج من بين فرثٍ و دم لكن بحقيقة الأمر أنت لست سوى فرثٍ و دم
به من الترسبات كميات كثيفة و أنا اللبن المصفى الذي قد اختلط بفرثك و دمك
رددتُ البيت خلفك بصوت عذب يتدثر بالحب : لا تعجَبي من صباحٍ فيه فُرقتُنا بل اعجبي من مساءٍ فيه نتّحدُ
أخفضت رأسك لتلامس وجنتُك وجنتي فتمر بلحيتك لأعلى وجنتي وأسفلها همست : آه يا حلو هالصوت
قلت لك وانا أرحرك رأسي بعيداً عن لحيتك وقد ظهر بصوتي الإنزعاج : معن ذقنك يحكني
ضِغِط بوجنتك على وجنتي وأنت تضحك بمرح ألهذه الدرجة يسعدك تعذيبي ؟! لِم لم ألحظ حينها ؟ كنتُ بغفلة الغرام أغرق
أضعتُ المرفأ أحد عشر سنة جراء غفلتي , ضلالي , سكرتي
قلت لك متذمرة و متضجرة : معــــــــن والله يحك
دفعتني حينها عن صدرك بقوة وأنت تتصنع الزعل وقد قوست ثغرك و زممت شفتيك رافعاً أحد حاجبيك : لهالدرجة ما تتحمليني أجل لا تزوجنا يا وحشة ايش بتسوين فيني
وضعتُ يدي بخصري وخصلات شعري تتمرد لتسقط على عيني فتصنع غشاوة تمنعني من الرؤية السليمة قلت لك بدلع : الحين انا وحشة عوني
اعطيتني ظهرك وقد ظهر بصوتك زعل فعلي : ايه عونك تلعبي بي بهالكلمة
إقتربتُ منك لأتمرد و احتضنك من ظهرك في محاولة لإرضاء سلطانك : عوووووووني و الله آسفة
وضعت يدك فوق يدي التي تضمك لتبعدها بقوة وأنت تتجه لسريرك وتستلقي تعطيني ظهرك وتتركني بحيرةٍ من أمري
إقتربتُ بخطواتٍ مترددة منك خطوة تعقبها خطوة حتى أجلس بطرف السرير بجانبك وضعتُ يدي بكتفك : خلاااااص عاااااااد معن والله ما كنت اقصد
لم تلتفت لي إطلاقاً فوضعتُ رأسي بكتفك و برجاء : معن والله آسفة
قلت بصوت وكأنك به تكتم ضحكتك : طيب بشرط
ابعدتُ رأسي عن كتفك و انا اهزك من جنبك بحماس : ايـــــــــش شرطك
ابعدت يدي عن جنبك لتتوكأ بيدك على مرتبة السرير ومن ثم تجلس قلت بإبتسامة متشفية : تحلقين لي
جحظت عيناي صدمة من طلبك الذي لم أتوقعه البتة ومن ثم ضيقتها وأنا أميل بفمي جانباً : ايش هذا الطلب وبعدين من قلك اني اعرف احلق
رجعت بظهرك للخلف حتى تصطدم بخلفية السرير و شبكت يديك ببعضهما واسندت رأسك عليهما كالخدادية قلت وإبتسامة تداعب شفتيك : خلاااااااص ما برضى عليكِ الا يوم زواجنا
كتفت يدي ناحية صدري وأنا أزم شفتي واخفض حاجبي : معـــــــــــــن ترى والله الموضوع ما يستحق كل هالزعل
قلت وانت تتلاعب بحاجبيك : عشان ثاني مرة ما تتكلمين علي يلا قومي فزي وادخلي الحمام اكرمك الله بتحصلين معلق على الجدر سلة الرف الثالث منها فيه شنطة صغيرة لونها رمادي فيها عدة الحلاقة وجنب الشنطة بتحصلي الرغوة جيبيهم وتعالي يلا
قمتُ من على السرير وانا اتحلطم وصوتك الضاحك يملأ الحُجرة برنينه ُ
دخلتُ إلى دورة المياه " اكرمكم الله " ولم أستغرق وقتاً بالبحث عن السلة فقد كانت أمامي مباشرة إقتربتُ منها و رفعتُ أصابع قدماي لأعلى و مددتُ يدي حيث الرف الثالث لأسحب كل مافيه
ولم يكن به أصلاً غير الرغوة و الحقيبة حملتهم وخرجتُ إلى الحُجرة
تقدمتُ منك و أنت تنظر إلي بعينين يحتويهما المرح
وصلتُ إلى السرير لأجلس بجانبك وانا أقول بغير رضى : يلا اعتدل ولا كمان ما تعرف تجلس زين
إعتدلت بجلستك وأنت تقول : أشوف القمر زعلانة
أمسكتُ إبتسامتي وأنا افتح الحقيبة التي بها مقص , موس , مكينة حلاقة , ملقط
أخذتُ الرغوة رششتُ قليلاً منها بيدي اليمنى توكأت على السرير بركبتي أصبحتُ أمامك تماماً لا يفصلنا شيء
حبستُ أنفاسي بشدة و رائحة عطرك تتغلغل في ثيابي وزعت قليل من الرغوة على لحيتك وما أن وقعت عيناي على عينيك الحادتين
حتى أبلتع ريقي و أغمض عيني بشدة و رعشة تسري بجسدي
مددتُ يدي وانا مغمضة العينين إلى وجهك لأدهن لحيتك فإذا بها يدي تقع على عينيك
فتحتُ عيني بوسعها وانا اضع يدي بفمي و بتوتر : آ آ ماكنت أقصـ
لم ألحق ان أكمل كلمتي حتى تسحبني إليك بشدة و عينك التي بها الرغوة مغمضة و الأخرى مفتوحة
مددت يدك خلفي لتأخذ الرغوة
رفعتُ لساني لأعلى لأوقفك عن فعلتك لكنك لم تأبه
و وضعت من الرغوة بعيني
قمتُ من على صدرك وانا امسح على عيني التي أحرقتني
و انت تضحك بشدة وتمسح من الرغوة على شعري
سحبتُ الرغوة من بين يديك بغفلةٍ منك لأسكب منه بشعرك
ضحكت بصوت عالي للغاية
بينما أنا ركضتُ مبتعدةً عنك
في ذلك اليوم رأيتُ حبة خالك التي أصبحتُ أحلم أن ألمسها أي حب قد أحببتك ؟ كيف أحببتك و أنت تهوى تعذيبي و تجريحي
قبل أن أقوم بتثريبك , لومك , عتابك يفترض أن اضع اللوم على نفسي نعم فأنا من صدقتك انا من نسيت أفعال أباك لتنالك
أعترف حقاً بهزيمتي أمام سلطانك و فخامة طغيانك
إنتفض جسدي بشدة من صوتك المفآجأ : مضيــعة حاجة بوجهي
أنزلتُ أنظاري إلى كتابي و شيءٌ من حس المناكفة اجتاحني أشعر أن بي طاقة قوية لإستفزازك و إخراجك عن سيطرتك لن أدعك تبتسم و أنا أموت شجناً
قلتُ وما زالت انظاري موجهة إلى ورق الإختبار بتساؤل غبي يستفزك : امم ذا ركاض ؟
وصلني صوتك وانت تقول بلامبالآة وكأنك قد فهمت غرضي من السؤال : ايه و خليكِ بورقك
رفعتُ أنظاري عن الورق وانا أحرك القلم الأحمر بالهواء لليمين والشمال و أرفع حاجبي : امم تصدق ذا اخوك شكله كذاب معقولة ستة سنوات بمصر بس عشان يدرس هندسة ما تحسها كبيرة
قلت و أنت تقلب بهاتفك : وين تبين توصلين له ؟
ذكي يا " معن " لطالما امتزت بالفطنة و أمتزت بغبائي أمامك وحدك
أكون أمامك أضعف وأغبى مما أكون دوماً وتكون امامي أقوى وأذكى مما تكون دوماً
انا زرعتُ بضعفي ريحاً وحصدتُ عاصفةً قاتلة
كنتُ بلهاء حينما تقبلتُ تقلباتك و مزاجاتك المعكرة كنتُ أميل بطرقك الوعرة لأنالك
و على الرغم من سلسبيلي الممهد لم أنلك إطلاقاً
وضعتُ القلم على الطاولة و ببرود مغلف بكلمات مستفزة : لا يعني ممكن يكون تزوج له وحدة وعايش حياته وانتوا هنـ
قطع علي بصوت دوي أنكتم بين اسنانه : عُطـــــــــرة اتقي شر الحليم اذا غضب لا تخليني اقتلك بيديني
تقتلني ! عجباً لأمرك تريد قلتي وأنا قد قتلتُ منذ شهر عسلي عندما زففتني للأجداث بكفني
لا أجد للحياة مذاقاً غير المرارة أتعرف لون المعروضات قديماً بالتلفاز لونها رمادي أنا أرى الدنيا هكذا
أ وريتني , ألهبتني بقداحتك و بنزينك بعدما طعنت بشرفي و شككت ببرائتي و وصفتني بـ " زبالة رخصية المعدن "
إلتزمتُ بالصمت فمهما تظاهرتُ بالقوة أنا أعلم بخلجاتي أني ضامرة تحت وطأة طغيانك .
***
رجع من المسجد بعدما إنتهى من صلاة العصر إبتسمتُ له و هو يتقدم الخطوات نحوي ليجلس بجانبي و يقول بجدية : حبيبتي غزال فكرتي بموضوع الشغل
نظرتُ إليه واخذتُ أحرك بخرزات السبحة : والله يا جلال انا صليت استخارة و ارتحت للفكرة خلاص بيتم تغيير الشركة لعدة سوبر ماركرات
لمّ كتفي بيديه وهو يقول : متأكدة
هززتُ رأسي بتأكيد : ايه مثل ماني متأكدة انك قدامي
قبلني برأسي وهو يقول : اذاً توكلنا على الله
*
*
كنتُ أرتب شعري بالمرآة وأفكر بذاك الأحمق المعتوه ما الذي يريده مني يا ترى ؟
فتحتُ أول أدراج " التسريحة " لأ أخذ " طوق شعر " استوقفتني ورقة خضراء مطوية بذات الطي المرتب , المنتظم
مددتُ يدي لأأخذها بتوتر وخوف مما قد يوجد بداخلها فتحتها لأجد بقلبها مكتوب : اتصلي
وخُط بالأسفل : يوم 1 : التأكد - اللون الأخضر
نظرتُ إلى هاتفي المستقر فوق التسريحة بحيرة من أمري هل أتصل لأتأكد ما إن كان هو بالفعل أم أنني سأندم ففي العجلة الندامة ولكن بحق أنا بحيرة من أمري
أهتز هاتفي وضوء قد صدر منه يعلن عن وصول رسالة
أمسكته نظرتُ إلى الرقم لا يشابه رقم المعتوه الذي قد حفظتُه عن ظهر قلب
فتحتُ الرسالة و رجفة بغير إرادتي تسري بيدي : لا تفكري كثير
و خُط بالأسفل : اليوم 1 : الحيرة - اللون بني كثيابك .
نظرتُ إلى ردائي عبر المرآة و أنا أضع يدي بقلبي بخوف
استدرتُ بجسدي بكل الإتجاهات و أنا أمسح الحُجرة بعيني كيف علم بلون ردائي ؟ من هو هذا المجهول ؟ مالذي يريده مني ؟
أسئلة لا متناهية لم أفكر كثيراً و أنا أتمسك بالهاتف لأدخل إلى برنامج نبر بوك للجالكسي ثوانٍ معدودة ليظهر لي الإسم " بدون إسم "
إذاً إسمك " مجهول " بالتالي لست المعتوه
ما الذي تريدهُ مني ؟
هل أقول لعمي " جلال " عنه
لكن ستغضب أمي حتماً فهي دائماً تضع عمي خلف الكواليس الواقعية
لستُ أدري لماذا تفعل هكذا ولكن دائماً ما تحرص أن لا يعلم أحد بأن لي عم
و كأنها تخاف أن يضمحل عن مرأى عينيها
لستُ أريد أن أشغلكِ أُمي بأمور تافهة كهذه
و ايضاً عمي " جلال " ليس مكلف بي فهو ليس أبي وليس عمي بالفعل إنما اقول له هذا من باب الإحترام
هو مجرد رجل أمي قد عرضت عليه الزواج منها
أتذكر عندما كنتُ بالثانية عشر من عمري
قد إستدعت أمي " غزال " الخادمة حتى تنادي عمي " جلال " الذي كان يعمل سائق لدينا منذ صغري
جلست بالصالة بعدما إرتدت حجابها كامل بنقابها و قفازاتها التي لا تستغني عنها مطلقاً
دخل إلى الصالة مطأطأً لرأسه وهو يقول بإحترام : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
ردت أمي السلام كامل وعيناها بالأرض و أردفت : تفضل أخوي
تردد هو بالجلوس و أصابعه متشابكة ببعضها
أعادت عليه ذات الكلمة وعيناها لا زالت بالأرض : تفضل
جلس بعد تردد كبير ظهر بتصرفاته
قالت أمي و قد ظهر بصوتها نبرة كسيرة متقطعة: اخـ..وي الله يسـتـ..ر عليـ.. ك انت مسـ..لم ولـ..د بلـ..دي و انا والله من خوفي على بنتي
ومين بيرعاها اذا اخذني الموت
قال عمي " جلال " مقاطعاً لحديثها : عمرك طويل يا عمة
قالت أمي بتردد وقدماها تهتز بتوتر واضحاً : ابغاك زوج لي على سنة الله و رسوله
آنذاك كنتُ أقف تحت الدرج أرآهم ولا يستطيعون رؤيتي و ضعتُ يدي بثغري أكتم صرخة كانت ستخرج رغماً عني
بينما عمي " جلال " وقف من على الكنبة وهو يحك رقبته بإضظراب فهو لم يتوقع لوهلة أن أمي المليارديرة تعرض عليه الزواج منها هو وحده دون غيره
صُدم و تفآجأ كما تفآجأتُ تماماً
قالت أمي تهدأ من الجو اللاساكن : انت فكر يا جلال زين و ردلي خبر وحتى لو ما وفقت بتضل سايق هنا ومعاشك ما بيتغير
مشى مبتعداً عن المكان وهو يقول بذات إحترامه : طيب طال عمرك
خرج من القصر و أمي خلعت حجابها وهي تمسح وجهها بتوتر
بينما انا دخلتُ غرفتي أنتحب بكاءً فقد كنتُ مستنكرة فعلة أمي
ولكن الآن قد أدركتُ أنك يا أمي من أكثر الأمهات حناناً فيض حنانك لا يمكنني أن أجزيك به بهدايا الدنيا كلِها
فعلتِ هذا من أجلي أنا
إذاً لن أشغل بالك علي إطلاقاً .
***
كنتُ منغمسة بالتنظيف مع الخادمات لكن صوت رنين هاتفٍ ما استوقفني
امسكت أحد الخادمات الهاتف وهي ترفعه للأعلى وتقول : هدا زوال بابا نازي
قلتُ لها وانا ارفع يدي للأعلى وامسح عرقي بكُم ردائي : هاتي اشوف
تقدمت مني وتقدمتُ إليها إلى أن تقابلنا بمنتصف المجلس الواسع أخذتُ الهاتف من يديها و أنا على علم أني لن أستطع قراءة الإسم
لكن كيف أقرأ الإسم وأتهجأ حروفه وحروفه قد إنغرست بأعماق قلبي
مؤشرات نبض قلبي لا تكهن بخير و أنفاسي في حالة يرثى لها يضوي الهاتف بإسمك " ركاض " و ينطفىء العالم من حولي
ضغِطُ على الرد بلا إرادة مني و وضعتُ الهاتف بإذني وأنا ملتزمة بالصمت
وصلني صوتك وانت تهتف بحماس : نااااجي يا الدوب ما وحشتك ؟
أغمضتُ عيني بقوة وأنا أقبض على يدي نبرة صوتك يظهر بها الفرح أسألك بالله كيف تفرح و أنت ظالم لم تنصفني ؟ كيف تنعم بالوسن بدجى الليل وهناك من يبكيك يدعي عليك فيستغفر يخاف عليك أن يصيبك مكروهٌ ما فهو مظلوم ودعوة المظلوم مجابة
لكن أظل أنا الحمقاء لأني صدقتُك وعصيتُ ربي وأنا على علم بأنه المهيمن الرقيب و ماذا أفعل و قلبي يكاد ينطق بحبك ؟!
و دماغي لا يزاول إلا إسترجاع ذكرياتك , عيني ترى سواداً من بعدك رغم أنك السواد دون غيرك
صرخ بصوت عالٍ : نااااجي يا واد وينك يا رجال ؟
صوت لحق صوتك تردد صداه بأذني صوت أنثوي بلكنة مصرية يقول : روكي مش حتيجي بئى
اتبعه صوتك خفيف عابر تبتر كلماتها : اشششششش
أنزلتً الهاتف عن أُذني بخيبة أمل كبيرة الآن لا يوجد بصيص أمل أعيش عليه و أنتظر الغد المشرق لعوب يا " ركاض "
لم تُحبب أياً منا و يبدو أننا جميعنا قد وقعنا بفخك لكن قد كان النصيب الأكبر لي لأنني اكثرهن غباءً حينما صدقتُك
و بنيتُ عمراناً طويلة شاهقة بكل طوبة بها قصة حب هدمتُ بلحظة من أعلها لأسفلها كأنما تاجر قد فقد أمواله بليلة واحدة فدخل بغيبوبة مغمض العين
يُحس و يشعر بالجمادات من حوله ولكن دون التمكن من رسم التعابير بمحياه لكن ما يفرق بالأمر أني لا أجيد أبجديات الأحاسيس والمشاعر دونك
و كأني قد خلقتُ لأبث لك إحساساً و تبث لي نزغة ترهقني
أغلقتُ الهاتف و وضعته بمكانه غير مبالية لأي شيء خرجتُ من الحُجرة أركض إلى حيث لا أدري .
***
خرجتُ من جانب المحل " تاج توج , توب تن " بعدما أُوصدت الأبواب التي يقبع بجانبها الأمين مبتور اليد منكوس الرأس إستجابة للنداء الرباني بغروب الشمس
رميتُ فوق جسده الممدود بالأرض مالاً
ليمسك هو بالمال و يرفعه أمام عينيه التي توسعت شيئاً فشيئاً
رفع عينه بسرعة قصوى لي خشية أنا أذهب دون أن يرى ماهيتي قال بكلمات مبعثرة : آآ .. استاذ .. انت عطيتني مية
إبتسمتً له إبتسامة متشفية و بتأكيد : ايوة
رفع المئة لأعلى يمدها لي وهو يقول : بس مية كثيرة
جلستُ بالأرض مقابله تماماً مددتُ يدي لكتفه أطبطب عليه : ماهي كثيرة عليك
حك أذنه بشيء من الحيرة وكأنه لا يعلم ما يقول فيتخبط بحديثه : آ .. مشكور انا ما قد شفتك هنا
بذات الإبتسامة : لا تخاف بتشوفني كثير انا اسمي الكاسر وانت ايش اسمك
إبتلع ريقه وقد اصدر صوت خفيف وهو يلتف برأسه وكأن به يبحث عمن معه من المبتورين
قلتُ بتؤدة : خلاص مو لازم أعرفه
قمتُ من على الأرض مبتعداً عنه
و أنا أستمع إلى صوت دعائه .
***
تراجعتُ بخطواتي خلفاً خطوة تلحقها خطوة ومن ثم جريتً بالدرج و غشاوة من الدمع تغطي عيني
وضعتُ يدي بثغري أبتلع شهقتي و أكتمها , اخنقها مع بقية شهقاتي الماضية
هل هذا هو نهاية المطاف الخسارة وفقط أحد عشر سنة لم أكسب بها أي شيء يذكر
يقال الصبر مفتاح الفرج أين الفرج بربكم ؟ ! انتهى كل شيء قبل أن يبدأ
أرأيتم دراما بنهاية دون بداية ؟ ليست إلا دراما الواقع الذي لم يكن ابطالها المقلدون للواقع بل كان ابطالها الواقع بحد ذاته
دخلتُ للحُجرة وأغلقتُ الباب ثلاثاً نزلتُ بجسدي أرضاً أجهش ببكائي
أتعلم يا " ناجي " منذ أن تزوجتك لم أعرف الحياة بلا سائل أجاج يسمى " دمعاً " و كأنك تزوجتني لتبكيني ولأخضع لك متقبلة ساديتك
اتعايش قصة حب سرمدية بمحاولة لجعلها قصة حب بنهاية سعيدة بعيداً عن سادياتك
و لكن فشلت ما يحبط بالأمر أني فشلتُ بكل شيء و نجحتُ باللاشيء سوى الفشل فقد أخذتُ به أولى المراكز واعلاها
فشلتُ كطموحةٍ لخدمة وطنها , فشلتُ كأنثى جذابة المظهر , فشلتُ كزوجة , كأم
كيف سمح لك قلبك أن تستغني عني بهذه القسوة والبرود
لماذا أنا قبيحة لهذه الدرجة لماذا يا إلهي ؟
لمااذا لم أكن بجمال أخواتي عُطرة و هوازن ؟
لن أُغلق أبواب سعادتك مطلقاً سأجعلك ترنو فرحاً و إن كلف هذا موتي ألماً
تزوج يا " ناجي " لن أردعك
يقال بأن من بذور الحب غيرة
و أُفسد مقولتهم بأن الحب عطاء
فلو عاش محبوبك سعيداً فأنت حتماً ستكون أسعد .
***
تراجعت قبيلتنا كثيراً عن السابق فقد فقدت أكبر شيوخها و داعياتها " ابو اصلان " و " عبد القوي " اصبحت القبيلة خاوية
افتقدتُ كثيراً صايمة و ساجدة الأمر الإيجابي الوحيد الذي قد حدث في غياب الشيخ " عبد القوي " أن القبيلة قد تركت تخريفات
و أباطيل عقولهم فلم يعودوا لوأد البنات كالسابق بل إن حال المرأة أصبح كالرجل لها الحق أن تعيش , تترعرع بين امها و ابيها , تكبر حتى الزواج والموت
لم يصبح بالقبيلة شيخ كبير يرأسها أصبحت متسيبة كثيراً عن الماضي فليس بها من يتولى المسؤولية لذالك قد كثرت الجرائم التي توجد بالمدن سرقة , اغتصاب وما إلى آخره
وكأننا في مدينة مصغرة الحجم أفتقد قبيلتنا حتى وإن كان بها ما كان من ظلم وجور و دهس للنساء فقد كانت آيات الله القرانية تصدح بالمنازل وما أن ينادى للصلاة حتى يُهُم كل أفراد القبيلة لتلبية النداء
صغارها و كبارها أما الآن فالحال يرثى له إسلامنا لم يعد له مذاقه الحلو فقد غرق في لُج معاصينا ينادى للصلاة فلا يتشكل بالمسجد إلا صفاً واحد فقط
لم تعد القلوب تخاف الرب لقد كنا و فقط في معصية وأد البنات وإتباع ضلال الجاهلية و الآن شططنا بحدود الدين شططاً
تلفاز مثلما يوجد بالمدن يوجد بقبيلتنا يعرض به من المجن ما يعرض نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة يتمخطرن في مشيتهن
و رجال أعينهم تجرد النساء من ردائهن لشدة إختراقها فلا غض للبصر
أين الحياء يا أُمة محمد ؟ أين الحياء هداكم الله ؟
إني والله ليقشعر بدني بدجى الليل باكية دموع مصقلة تعلن عن خشيتي وخوفي منك إلهي
ساجدة لك ربي أدعي لنفسي بالهداية ولهم
لا نريد تطوراً يجعل قلوبنا تتحجر عن ذكرك لا نريد عقولاً تتبختر بما صنعته و تنسى بأنك إلهي خالق العقل
أغمضتُ عيني بشدة أتراجع بعقلي للوراء لأيام الصفاء والنقاء و القرب من المولى جل وعلا
لن أتقدم فتقدمي خسارة لديني
و لن أتأخر فتأخري تتبعاً للجاهلية
ولكن سأبقى أنا على الكتاب و السنة ملتزمة
خرجتُ بعدما إرتديتُ عباءتي الوسيعة التي تغطي الكتف مع الرأس و أحكمت ربط الخمار لبستُ القفازات يمنة ويسرة وحتى بأقدامي إرتديتُ جوارب سوداء كالعباءة
رأيتُ سيارة زوجي حمدان ذات الطراز القديم تقف جانباً مضيتُ إليه فتحتُ الباب لأجلس و أُلقي السلام كامل
ليرد هو السلام كامل و أردف : تحملي المشوار من هنا لجدة 703 كيلو يا عُشبة
هززتُ رأسي بهدوء وأنا أقول : الله يعين
و قلتُ بين خلجاتي دعاء السفر " "الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر،{سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ} "اللهم إنا نسألُكَ في سفرنا هذا البرَّ والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهم هون علينا سفرنا هذا واطو عنا بعده، اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من وعْثاءِ السفر، وكآبة المنظر وسوء المنقلب في المال والأهل" .
***
الساعة الحادية عشر ليلاً عدتُ من مركز الشرطة وما أن توجهتُ بخطواتي إلى المجلس الذي يقبع به ابنائي و ابناء أخي " معن " دائماً
و بإقترابي من الباب وصلني صوت مزامير الشيطان فتحتُ الباب لأرى عينا ريناد تتسعان و هي تشير للبنات بمعنى " وقفوا رقص "
وقفتُ عند الباب دون أن أُصدر أي صوت بينما الفتياتُ انتبهن لوجودي
بخطواتً سريعة توجهت بلقيس للإستريو لتغلقه
بينما و قفت ريناد وهي تحك رقبتها بتوتر وبجانبها لجين وهي تكتم ضحكتها و ريتاج مخفضة رأسها للأرض
إبتسمتُ لهن وانا أقول : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
حتى يردن السلام كامل بأصوات خافتة متفاوتة
تقدمتُ إلى إحد الكنبات لأجلس و أشير إليهن ليقتربن اتجاهي
جلسن حولي على جانبي الأيمن ريناد و لجين والأيسر بلقيس و ريتاج
أرحت يدي اليمنى على كتف ريناد و اليسرى على كتف بلقيس و بهدوء : ليش يا بناتي كذا ؟ ليش تسمعون أغاني مو أحسن لكم تسمعون قرآن ولا أناشيد ؟
إلتزمن بالصمت بينما أنا قبلتُ رأس إبنتي الكبرى ريناد ولحقته برأس بلقيس إبنة أخي معن
بنبرة لينة قلت : صح ولا غلط ؟
حتى تقول إبنتي لجين بصوتها الطفولي : صح بابا
لحقتها بلقيس وهي تقول بأسف : والله آسفين عمو الكاسر
رفعتُ يدي من على كتفها إلى شعرها أمسح عليه و برفق : بناتي لا تتأسفون ومين حفظت سورة الطارق اليوم تسميع ولا نسيتوا ؟
قلن بأصوات متفاوتة وقد ظهر الحماس فيهن : انا .. انا حفظت . سمعني أول .. لا أنا اول
بينما وضعت إبنتي ريتاج يدها بفمها وهي تقول : بابا انا نسيت
إبتسمتُ لها : طيب يا بابا انا بروح ابدل و بسمعلهم كلهم وانتِ حاولي تحفظي لين اخلص
هزت رأسها بالموافقة وهي تقول : طيب
ركضت لخارج الحُجرة ولحقتها أنا امشي على مضض إلى الجناح
بينما أصوات البنات تصدح بآيات الله العظيمة
*
*
فتحتُ الباب بهدوء توجهتُ إلى حُجرة النوم لكن توقفتُ حينما سمعتُ صوت هوازن وهي ترتل آيات الله
غيرتُ وجهتي إلى المجلس لأجدها قابعة على سجادها بغطاء الصلاة
دخلتٌ بهدوء وتقدمتُ الخطى إلى أن أصبحت بجانبها إتضح لي دمعها المصقول
زهرة يا هوازن أنتِ لستِ كأي إمرأة لاهية بالدنيا عن دينها بموضة وصيحة
انتِ من إختارها قلبي وأحسن إختيارها فهنيئاً لي أنتِ
كثيراً ما أفكر و أقول إذا كانت الدنيا كلها أنتِ فكيف ستكون
فيجيب قلبي المتيم بحبك " طاهرة من كل دنس لن يكون بها أي شنظير "
أتعلمي يا هوازن أني أرى بعينيكِ نوراً ساطع وبكل حرف تنطقيه حكمة غزيرة لو وزعت على الأرض لكفتها و زادت
أجد بكِ روحاً حلوة و الجمال جمال الروح وهذا يكفيني
أشكر الله دواليك أن اهداني إياكِ
أتذكر يوماً سألتيني سؤالاً أغضبني
مسحتِ على شعري بيديك و قلتِ بهدوء ما قبل العاصفة : كاسري
لأجيبك وأنا أرفع عيني لرأسك المنخفض قبالة رأسي : يا قلبه
قلتِ بتردد : حبيبي انا ما اعرف اتزين زي الحريم ومافيني حاجة حلوة اذا تبغى تتزوج انا والله حصلـ
غضبتُ إلى أن زادت معدلات نبضات قلبي و ارتفع ضغط دمي بالإضافة إلى زيادة معدل الإدرينالين و والنورادرينالين قبضتُ على يدي بشدة وعقدة إرتمست بحاجبي لأول مرة كنتُ أغضب لهذه الدرجة
فلطالما كنتُ الصبور , الحكيم و المفكر بطريقة مثُلى لم أكن متسرع بقراراتي اطلاقاً بعكس أخي الأكبر " معن "
وقتذاك لو أن بيدي أنا أجمع الكون واعصره لعتصرته لكن هذا بيد الله الجبروت وحده
كيف لها أن تزوجني لغيرها
ألا تدري أنها أكبر طموحاتي و أحلامي ألا تدري أني دونها لاشيء
كيف لها أن تقول عن نفسها ليست بجميلة و ليست بقادرة على التزين وهي لا تحتاج للزينة أبداً
أُقسم بأنك بعيني أجمل نساء الأرض عيناك فضاء و اسع بنجومه , شعرك هو نشوتي بالحياة , و آه من ثغرك حكاية عشقتها منذ صغري
و رغم هذا كنتُ دائماً أتحكم بنفسي ولا أراكِ كما أراكِ وانتِ ملكي وحدي فلا بد من غض الطرف لتحاشي مقدمات الزنا والوقوع بالفاحشة والعياذ بالله
أكنتِ ستبيعيني لمن لا تستحقني ؟ !
حقاً حينها لم أفكر بشيء إلا أنكِ لا تريني فارس أحلامك الملائم الذي ترسمه كل فتاة بمخيلتها
انتشلتيني آنذاك من جنةِ قربك إلى جحيمِ بعدك بكلماتِك الهوجاء بهفوات لسانك وكبواته
أمسكتُ بساعِدك بقوة لأسحبك حتى تسقطي بصدري هززتُ جسدك بقسوة و صرختُ بصوتٍ عالٍ و لعابي ينفث مع كلماتي : مجنوووووووونة يا هوواااازن .. انتِ فاهمة ايش جالسة تقولين " صرختُ حتى انبح صوتي " فاااهمة
كنتِ رخوة , هشة بين يدي إحتضنتك بشدة أدسك بعيداً عن قسوتي التي لم يسبق لكِ وان رأيتها
أدسك بصدري خوفاً من أن أضركِ
فلا ملجأ لكِ غيري ولا لي بحياتي كنزاً غيركِ أنتِ ملاذي
قلتِ بصوتٍ آسف مكتوم لأنه تغلغل بصدري : آسـ....فـة
قبلتُ شعركِ وأنا أدفن أنفي به لتسجن رائحته بريئتي قلتُ بتهديد و تملك بذات الوقت : هششش يا ويلك يا هوازن مني ان عديتها يا ويلك
حينها انتحبتي بصدري وكأنك قد وقعتي بجريمة ما
سجينة وأنا سجانك
مذنبة وأنا ضابط أعتقلك
لأول مرة اكون ضابطاً بمنزلي
و لأول كره تبكي مني
و بين الأول و الأول نستهل قصة حبنا الأزلية التي لن تنتهي إلا بإنتزاع أرواحنا من أجسادنا فتبقى خاوية هامدة .
أغلقت مصحفها وهي تضعه جانباً وتنظر إلي بإبتسامة واسعة وذاك رداء الصلاة يحيط شعرها و لا يبقي إلا وجهها الصغير : حبيبي
بحب : عيونه إنتِ
قامت من على الأرض وهي تطوي سجادها : اليوم بنسمع للبزورة لا تكون نسيت
قمتُ من جانبها وانا اتوجه للباب : لا ما نسيت يلا تجهزي بننزل مع بعض نسمعلهم
وصلني صوتها بعدما اعطيتها ظهري : حاضر
مشيتُ مبتعداً حيث حُجرة النوم لأبدل رداء العمل ذا النجوم بما هو مناسب للمنزل .
***
دخلتُ إلى غرفة النوم لأاجدها مستلقية على السرير بعكس اتجاهي فلا أرى منها سوى ظهرها يبدو انها نائمة وهذا شيءٌ غريب بالرغم من أني قاسٍ معاها للغاية
لكن لم يسبق لي وأن عدتُ من العمل وهي نائمة دائماً ما تنتظرني لحين عودتي هل هي متعبة ؟
رميتُ البالطو المبسوط على يدي اليمنى بالأريكة وتقدمتُ الخطى ناحية السرير حتى أصبحتُ أرى ملامحها
مددتُ يدي إلى جبينها خوفاً من أن يكون بها حُمى لكن كانت حرارتها طبيعية
و الغريب بالأمر انها مستيقظة و لكن تدعي النوم ما بكِ يا عُزوف ؟
أغاضبة علي ؟
من حقكِ أن تغضبي فأنا اناني لدرجة أني أريدك ملكي ولا أعطيكِ حق الملكية
من حقكِ أن تزعلي فانا لا أستحقكِ أعطيتني الوفير واعطيتكِ اليسير
صبرتِ إحدى عشر سنة و غيركِ لن يصبر
وماذا كان جزاؤكِ ؟ لا شيء إلا كسر إنوثتكِ وفقط
أنتِ من أرق ما خلق الله عزوجل
أنتِ بهية الطلة , حسنة الخلق و زوجة صالحة
و ماذا أنا ؟ !
القاسي , الطاغي و المحطم
تشكين أنوثتكِ ؟ و لم تشكِ برجولتي الناقصة !
إحدى عشر سنة زرعتُ فيها بداخلكِ تحبيطاً وحصدتُ تمسككِ بي لإنكِ تخشين أن أطلقكِ فتكوني حرة ولكن لا يقبل بكِ أي رجل لأنك وكما أقول باطلاً أنثى ناقصة
أحبُ ذاتي لدرجة أني لم أفكر بكِ و لو لبرهةٍ واحدة
إقتربتُ منها قبلتُ وجنتيها هذه هي أقصى قدراتي وغير ذلك لا أستطيع لأني لستُ برجل بل بقايا رجل
إقشعر بدنك لقبلتي ومن حقكِ أن تقشعري فأنتِ غير معتادة
فليس من طقوسي تقبيلك كأي زوج فأنا مجرد مزهرية تضم بداخلها اعذب الأزهار فتذبل أزهارها وتبقى المزهرية جامدة
تذبلي بمرأى عيني و تنطفىء حيويتك وأنا جامد بارد
و ذنبكِ أني أحببتكِ
***
تركتُ ما بين يدي من صحون وانا اجفف يدي بالمريلة التي أرتديها فوق ردائي توجهتُ بخطواتي لخارج القصر
حيث بيتنا الواقع داخل أسوارهِ الشامخة , الشاهقة
وضعتُ هاتفي بجيب بنطالي من تحت مريلتي فقد هاتفني أبي " ظانع " وطلب مني المجيء
مشيتُ بين العشب الأخضر و نسائم الهواء الخفيفة تنعش جسدي الآن الساعة الواحدة صباحاً
أخذتُ نفساً عميقاً وفتحتُ الباب بالمفتاح لأدخل إلى " السيب " تقدمتُ الخطوات أكثر لأجده قابع بالصالة على الأرض
يرتشف فنجان قهوة و التمر أمامه
قبلتُ رأسه بإحترام فهذا أبي عزوتي و سندي
إبتسم لي وهو يقول : جلسي يا بنيتي بحكيك بموضوع
جلستُ أمامه بالأرض وأنا أبتسم بحب : سم يبه
قال وهو يخرج النوى عن قلب التمرة ويرمي بها ويدخل التمرة بفمه ليمضغها ببطىء : سم الله عدوك أنا لي فترةٍ طويلةٍ افكر بك يا بنيتي كانه مالك حد من بعدي وبعد وميمتك
قلتُ بسرعة ممزوجة بخوف : طول الله بعمركم يومي قبل يومكم إن شاء الله
قال وهو يسكب من القهوة بفنجانه : الأعمار بيد الله يا بنيتي شاورت نفسي كثير و شفت مصلحتك يا بنيتي بأنك تجذبي عبد القوي لك وتناليه
لم أستوعب للوهلة الأولى ما يهذي به أبي وما أن استوعبت حتى توسعت عيناي بصدمة نطقت و قلبي يهبط :أيــــــــــــــــــش ؟ !
***
إنتهى الجحيم
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه .
بالنسبة للموعد برمضان انا والله بحيرة من أمري هذا اولاً شهر عبادة وما يجي الا مرة بالسنة
وغير كذا احنا ببداية الرواية و بتوقفي عنها ممكن تنسون الأحداث لأننا ما لحقنا نثبتها حتى نوقفها
فبديهي للنسيان نصيب
و المشكلة ما اضمن نفسي هل اقدر اكتبلكم برمضان او لا
يعني تدرون رمضان طول الظهر والعصر بالمطبخ و يضيع المغرب بالفطور ومن ثم عبادة وشوي كذا
الا سحور فأنا والله بحاول اني اكتب إذا شفت انه ما يناسبني بغلق الرواية لبعد رمضان
أتمنى قراري يرضي جميع الأطراف .
|