لو كنت أعرف ما أريد
ما جئت ملتجئا إليك كقطة مذعورة
لو كنت أعرف ما أريد
لو كنت أعرف أين أقضي ليلتي
لو كنت أعرف أين أسند جبهتي
ما كان أغراني الصعود
لاتسألي:من أين جئت،وكيف جئت،وما أريد
تللك السؤالات السخيفة مالدي لها ردود
ألديك كبريت وبعض سجائر؟
ألديك أي جريدة ماهم ما تاريخها..
كل الجرائد ما بها شيء جديد
ألديك-سيدتي- سرير آخر
في الدار، إني دائما رجل وحيد
أنت ادخلي نامي
سأصنع قهوتي وحدي ،
فإني دائما ..رجل وحيد
تغتالني الطرقات.. ترفضني الخرائط والحدود
أما البريد.. فمن قرون ليس يأتيني البريد
هاتي السجائر واختفي
هي كل ما أحتاجه
هي كل ما يحتاجه الرجل الوحيد
لـ نزار قباني
الجحيـــم
( 25 )
** لا تلهيـكم الروايـــة عن الصـــلاة **
جلست على السرير أقدامها تستند على المفرش تضم ركبتيها إلى صدرها
انقشع القماش الكحلي ليظهر جسدها الناصع البياض كان ربانيًا مع بودرة صناعية زادتها بياضًا
و إلى هنا صاحبني اللون الاحمر , الحناء تأخذ مساحاتٍ شاسعة من منتصف ساقيها إلى فخذيها
شعرتُ بشياطين الإنس و الجن تركبني
تحركت كل معاني الغيرة بذاتي
ليظهر جسدي من وراء باب دورة المياه على تمام الساعة العاشرة والنصف ليلاً
أول ما فتحتُ الباب على مصراعيه و ضربتُ بأقدامي الأرض الخشبية القاتمة اللون بزغ صوتًا يدل على و جودِ شخصٍ ما معها
أول ما فعلته غطت ساقيها المنقشعتين و من ثم رفعت عيناها بشيءٍ من الخوف
و عندما رأتني تعلقت نظراتها بي وحدي وتوقف الزمن لحظة بل و ألفُ لحظة
لم يتحرك أيٌ منا بل كانت لغة العيون تكفي عن أي لغة
و ضرباتُ القلب تُغني عن اي تعبير
إشتقتُها و الرب
عيناها بحرٌ أغرق به ِفلا أجدُ بها إلا نفسي و نفسي و لا غير نفسي بعينيها
للعين لغة لمن لا بد ان نؤمن بها و الدليل على ذلك قوله سبحانه و تعالى : " ( فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت)
واللغةُ الوحيدة التي تعيشها عيانها الحبُ الصادق الطاهرُ العفيف
بدايةٌ من تحديقها إلا إنزالها لعيناها لأسفل و رفعها لأعلى بغضون أجزاءٍ من الثواني لا يفهمها إلا المحبون أمثالي
حركتُ شفتاي وأبت الكلمات ان تخرج
و عصى قلبي ما يريده عقلي
إقتربتُ منها على مضض أما هي أزاحت بيدها شعرها عن وجهها خلف أذنها
جلستُ على طرف السرير و تفصلنا مسافة طويلة نوعًا ما
مسحتُ على لحاف السرير و انا أنظر إلى زخرفته تائهٌ لا أدري ما أريد
و بهدوءٍ نسبي : كيفك ؟
قد يكون سؤالي غبيًا ولكن لا أدري لما أشعر اني أراها للمرة الأولى كنظرةِ الشرعية لها كزوجةٍ لي
الإختلافُ انها الآن بالفعل زوجتي وان كان زواجًا صوريًا و كل الإختلاف انها فضائي بنجومه و بالسابق إبنة خالي وحسب
أجابت هي من بعدِ صمتٍ مهيب : الحمدلله بخير , انت كيفك ؟
يالسخرية هل تشعرين بما أشعر به ِ هل تشعرين انكِ اليوم عروسة و انا عريسكِ بلا فستانٌ ابيض و لا بشتٌ سكري
لم أجب و أكتفيتُ بفتح يداي على وسعهما اناديها حيث تمكث ضرباتُ قلبي بالجانب الأيسر و حيثُ تُحبس انفاسي توترًا بما تراه عيناي من فتنة
طال الزمنُ وهي لم تقترب حتى خطوة واحدة
رفعتُ عيني لها أخيرًا كانت عيناها يحويهما التردد
إبتسمتُ لها دون ان أنطق تشجيعًا لها فإذا بها ترمي بثقلها بحجري
إلتفت يداي حول محيط خصرها الواسع بسبب سمنتها بالفترة الأخيرة سمنتها التي مازادتها إلا جمالاً و ما كستها إلا فتنة
مررتُ صعودًا إلى بطنها , إلى كل منطقة قد حرمتُ نفسي من أن اقربها
حتى وصلت يدي إلى حيثُ هي شهقت فزعة و توسعت حدقيتها حتى ان شيئًا من ضرباتِ قلبها وصل لمسامعي
شهقة , و عينانِ مفزوعتان زائغتان وقلبٌ كعدادِ سرعة بيوم الثمانِ سنين و رجلٍ مفتول العضلات عريض المكنبين داكن البشرة
إلى صوتٍ يموت إلى طفولة تُزف للمقبرة لتكون طيرًا بجنةِ ربها طيرًا ظُلم سنينًا و ظلمها سنونًا
إلى ثوبٍ يمسح الأرض وعينًا تغبشها الدموع إلى صوتً يختنق و سعادةٍ تُسرق
إلى يومٍ يضرب قلبي منه خوفًا بهذا الوقت وكأنه الأمس و كأني لم أكن اليوم عند مشعل
و لم أرى يومًا حسان و كأن شيئًا لم يحدث
ما بالك يا ناجي هي فزعة لأنها لم تتوقع منك هذا هي تُحبك تريدك تشجع لأجلها و لأجل نفسك آدم لحواء و حواءُ لآدم
لا انها لا تريد ناقصًا مثلك و هل للثريا ان تقبل بالثرى ! , لكنها اعترفت بحبها لك
و لكن هي لا تستحق هذا من المفترض ان تحظى برجلٍ افضل مني
لكني لن ادعها تبتعد عني حتى شبرًا واحدًا , إذًا فلتقترب منها حتى لا تدعها تبتعد عنك
إقترب , لا تقترب
إنك جبان , لستُ بجبان
إذًا اقترب يا ناجي انك تشتاقها و هي كذلك تشتاقك قد ضاعت السنين و لا بنون يملأ حياتكم سعادة
مررت اصابعها الباردة حول يداي تزيحهما عن محيط خصرها
رفعتُ عيني لها لأجد ما كنتُ لا أريد ان أجده
دمعًا يغطي عينيها و يرسم خارطة مشوهة بملامحها
كحل ذائب و مساحيقٌ متداخلة و النهاية ألمٌ لا نهايةَ له
و ما كان مني إلا ان أدعها تفعلُ ما تشاء
قامت من على السرير و توجهت للباب بخطواتٍ مترنحة غير متزنة وكأن الأرض من حولها تدور
فتحت الباب و وقفت من خلفه و أنظارها مصوبة بإتجاهي
تنهدتُ بضيـق وقمتُ من على السرير بينما هي سحبت خطواتها لدورة المياه
خرجتُ من الحجرة دون اي صوت
و لا زلتُ ليومي هذا ناجي الناقص
و لازالت هي عزوف السجينة
بجحيم ناجيها و ياليته ينجيها بل إنه يزيدها اشتعلاً يزيدها حُرقة
مظلومةٌ انتِ والظالم أنا .
***
مشيتُ بإتجاه الحديقة التي يحب عمي ربيع الجلوس بها و قضاءِ وقتٍ طويل بين اشجارها المخضرة و ازهارها المزهرة
اشعر بسعادة الإنتصار او ليست الانتصار انما قُرب الإنتصار
ستنطفىء نيران قلبي قريبًا
الثأر لنا
تغيرت هويتنا لنصبح بأسماءٍ غير اسمائنا و لقبٍ ونسب بعيدٌ عنا
عشنا بغربة سنينًا طوال لنعود ولا أحدٌ منهم يعلم بالغياب
ضاعت منتصف الحياة بأرض كندا ما بين اشقر الشعر و اجنبي اللغة
حتى اصبحت لغتهم شيئًا منا بل و اصبحت الأسهل و الأقرب إلى قلوبنا من العربية
و عدنا لنستقر بأرض مصـر و ندخل لكنائس مصـر
و نأكـل طعام مصـر بل و نلبسُ رداء مصر
و نرى رجل اسود الشعر و عربي اللغة
إن كنتُ عاملاً بقتل مصر بالمخدرات فهذا لا يعني اني لا احبها فهذه بلدي و هذا عرقي
و لكن العملُ عمل و لا مجال للمشاعر به ِ
سبحتُ الكرسي المقابل لعمي ربيع و جلستُ به ِ
مددتُ له بجهازي الجوال
و بتساؤل : مالك ؟
بإبتسامة : ماتخدو وتشوف
مد يده ليأخذ الهاتف و أمعن النظر بالصورة التي تدل مقربة هزيمتهم ليقول بشيءٍ من الفرح : هوا ده اللاسيلكي بتاعو ؟
إتسعت ابتسامتي ايجابًا : اه هو ده , الواد الجديد سمحي هوا الي جابوا لينا و من النهارده هنكون على بينة بكل خطوة بيعملوها نهايتهم أربت اوي يا عمو ربيع .
حرك رأسه بالقبول و الرضى يملأ تفاصيل وجهه وضع الهاتف على المنضدة و عاد لحالة الوحدة بين اشجار الربيع .
***
صوتها كسيرٌ تهزه الرياح العاتية , بررت حزنها المفضوح بإرتفاع درجة حرارة زوجها ناجي و جلوسها معه لمداواته و لكن هيهات انا لم اقتنع
و بالوقت ذاته لا أريد اجبارها على الحديث بما لا تريد و بما انها انسحبت من ساحة الذهاب للزواج فأنا ايضًا انسحب على الرغم من انها زيجة صديقتي المشرفة
غير اني لم اكن اريد الذهاب منذُ البداية و تشجيع عُزوف لي غير من رأيي و انسحابها الآن غير من رأيي ايضًا فتحتُ باب الجناح و دخلت و من ثم توجهت لحجرة اطفالي التي اصبحتُ اشاركهم بها مؤخرًا
دعيتُ الله من اعماق قلبي ان لا أجده بالداخل و لله الحمد لم أجده , رؤيتي له تشعل شواظٌ من نارٍ بداخلي بذلك الحنان بتلك الإبتسامة كالماضي تمامًا
الأمسُ لي حنونًا واليوم لإبن صلبه و بكلتا الحالتين تيهانةٌ أنا مشتاقةٌ أنا
جثةٌ هلكت عطشًا و لا معن يمعنها امل
و لم أجده والحمدلله اني لم أجده
وجدتهم على اسرتهم نيامًا بسكينة
جلستُ بجانب وائل غطيتُه باللحاف و مسحتُ على منابت شعره و بهمس : سامحني يمه وميمتك قلبها قاسي من قساوة الدنيا عليها
لو كان بيديني ارد السنين لورى ما بتردد حتى لحظة وحدة لكن قدر الله و ما شاء فعل وان شاء الله ربي يقدرني واعوضكم عن كل لحظة راحت .
و من الجميل ان نندم قبل ان يفوت الآون فإن فات لن نستطيع البدأ من جديد فلا جديد و الدنان امتلأت من الدنىء .
*
أبت عيناه ان تبتعد كانت عصية لإرضاءِ عقله كانت مطيعة لإعادة قلبه للحياة
ذهبيةٌ هي تهز جوفه تقتل كبرياء قلبه تمزق طبائع شرقي
تقاليد بدوي معتقدات ثلاثيني
فتحت الباب بتوجس تنظر يمنة و يسرة تخاف لص يجمع بمخباته السعادة ضوء النجوم و لا يترك إلا قمر بين عتمةٍ تجعلها تنحدر
من أعالي القمم إلى صحراءٍ جرداءٍ بلا نهر فيأكلها النسر و ينظر الجمل إليها حزنًا عليها
و لا يمدها بسعادة إلا الصور العتيقة امها اباها والكل ذهب و ما بقي إلا معن يمعن النظر يقتل و يقسوا و يتعثر بخطواته ألم
لا تهتزي يا أرضه فما عادت اقدامه تكابل الغرق و رُدمت الصلابة بقاع البحر بين الصخر
و دخل الحجرة على مضض ليجد ذهبيته تجلس على سرير طفلها تبكي بصوتٍ مكتوم بليلة صماء بين جماداتٍ بكماء بين الخواء
هل من هواء ينعشُ قوارير العطور ليتركها حرة بين الغمام , هذا هو يحكي عن زمن المعجزات , يقص الخيال
حوريته لا تُخدشي لا تصرخي كوني الأمل بأرض الوقائع و الألم
و هدته خطواته إلى ذهبيته بدويته فاتنته ليجلس بجانبها و يحيط بكفاه كتفاها يجتذبها عن اللحاف إلى صدرٍ مات أرق
إلى قلبه الذي لازال يعيشُ الحنان مازال ينظرُ للحسان و ان كان يزعم العنفوان مازال الفؤاد مقر الأمان هو لم يكن كان انه لازال
المكان مكانكِ يا عطرته بالقلب كما كان .
دفنت رأسها بين عضلات صدره ونحيبها المكتوم يغرس بصدره ألآف الخناجر
حاول ابعادها وهو الذي لا يطيق فراقها فقط يريد مسح شلالات دموعها
ولكنها تشبثت به بقوة ولا يدري ان كان الوقت مناسب لرسم الإبتسامة بشفتيه ام انها رُسمت بالوقت الخطأ
هل تشعرين بالأمان بين خفقات قلبه و ماذا يقول هو الذي يشعر بالدوار
مسح على شعرها الأسود القصير وهبط إلى كتِفاها العاريان يمدها بحرارة الحب
يمدها بشوق اسابيع بشغفِ شهور و بغرامِ سنين
وابتعدت عنه رويدًا رويدا لم ترفع بصرها له ظلت عيناها حيثُ حجره حيثُ دموعها كونت بقعةً مطرية
انزل يده إلى كفيها فلثم راحتهما بقُبلة عميقة و عيناه مغلقة بعيدة حيثُ رائحتها الغابرة القديمة منذُ أيام القبيلة منذُ بدوية سليطة اللسان
فتحهما ببطىء وهو ينهي قُبلته و تسمرت عيناه حيث عيناها تنظر له
إبتسم لها ومد يده إلى خلفية رأسها يجذبها إليه حيث موضع العشق
فحتقنت خجلاً عرف هذا من اذنها الحمراء و زادت الجرأة بداخله فخجلها هذا من أجمل الأمور هو رجل يهوى المرأة الخجولة الفاتنة سليطة اللسان
يهوى هذه التناقضات الصغيرة يهوى القوة و الضعف امامه ليس ضعف وانما الحياء و الخجل
اشارت بيدها إلى الطفلان النائمان من خلفها و جانبها
فما كان منه إلا ان يُدخل يده أسفل ركبتيها و الأخرى خلف رقبتها ليرفعها عن أرضها إلى أرضٍ له ولها
و خرج من الحجرة و كله شوق واندفعت هي قائلة : معن نزلني ما عدني زي زمان نحيفة وتقدر تشيلني الحين صـ
و بتر كلماتها بقُبلة غريقة و مشى بها حيث السرير
انتِ اليوم له يا عطرته لن يفوح شذى عطركِ إلا لـه وحــده
همس بإذنها : لاتعجبي من صباحٍ فيه فرقتنا بل اعجبي من مساءٍ فيه نتحدُ .
***
على الساعة الحادية عشر ليلاً , تنامُ هي على سريرها الوثير و انا هنا اتقلب و اتخيلها بكل حالاتها آهٌ كم اعشقها
أنهار المراهقة ابنة الأربعة عشـر , اليوم اصبحت فتاةً بعمر الزهور انهار التي أمنتني العجوز غزال عليها و تربيتها
انهار التي لا تحل لي لأني زوج والدتها لأنني جلال و هي انهار
ما يحدثُ لي بسبب الحمقاء غزال نعم انه بسببها كانت تدعني انام بجانب هذه الفتاة ليلاً احتضنها و اطيرُ هوسًا بجسدها
و الثالثُ الشيطان كنتُ انظر لكل تضريس ومعلمٍ انثوي تشتاقه نفسي , كانت الأقرب لي بين وحدتي وفقدان هويتي و ذاكرتي
حين عودتها من المدرسة تخبرني بأدق التفاصيل و حين احتياجها لشخصٍ ما يساعدها للمذاكرة لا تلجأُ إلا لي بالرغم من اني عجوزٌ كهل
كانت كظلي تلاحقني حيثُ اذهب انها تحبني و هذه البلهاءُ غزال تقفُ عائقًا بيننا
غزالُ التي كانت السبب الأكبر بزرع هذا الحبِ بقلبي
الحُب العقيم الذي لن يحصل على المطلوب إلا حين الإعتراف و موت الموانع
نظرتُ إلى صورتها المعلقة بالجدار و ابحرتُ بتخيلها بكل ما ترغبُ بهِ نفسي
ربيبةٌ انتِ وانا زوجٌ لأمك بالدخول عليها و حُرمت طرق الوصال إليك ِ يا أنتِ
آهٌ لو ان عقد نكاحي بها بلا مسيس , لكانت هي الآن لي ملكي وحدي .
***
بعد هروبهم من منزلهم حيث قبيلة سمحي حيثُ اندثر ماضي ناجي هناك حيثُ تحول ناجي لطفلٍ باكٍ ضعيفٌ مهزوز , حيث توأدُ البنات ويكون الرجل الآمر الناهي اما المرأة فما هي إلا جارية وفقط
و كأنها مصنعٌ لإنجابِ الذكور بلا تكريمٍ و لا إحترام و شكرٍ لعنائها حيثُ يكون داكن اللون عبدًا لهم و التعصبُ جزءًا منهم فلا تعارفٌ بين القبائل و لا تواد
و اختلفت هذه القبيلة على مرّ السنين لتُصبح الفتاة مكرمة و ياليتها احترمت دينًا كرمها بل اصبحت تعثوا بأرضها فسادًا اصبح الحجابُ بالنسبة لها تعقيدًا !
و ما على لسانها إلا النكران و التحسر لكونها فتاة فهي ترى ان الرجل افضل منها بأمورٍ عدة من منظور الحرية و الإنفتاح ولا تعلم بأن الحرية لها مفهوم آخر بعيدٌ جُل البعد عن مفهومها الخاطىء
و لا تحمد الله لأنه خلقها انثى , يالله كم اكرمكِ دينكِ يا عذراء فلا تجعلي الحياء يضيع بل كوني المثل الأعلى له
وما ندري من الذي أهان المرأة ؟ أهو ربّها الرحيم الكريم الذي يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير؟ قال عزوجل: (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ))
أم هؤلاء الذين يريدونها سلعة تمتهن وتهان، فإذا انتهت مدة صلاحيتها ضربوا بها وجه الثرى؟
هل مكانة المرأة حيث يتبرأ الأب من ابنته حين تبلغ سن الثامنة عشرة أو أقل؛ لتخرج هائمة على وجهها تبحث عن مأوى يسترها، ولقمة تسد جوعتها، وربما كان ذلك على حساب الشرف، ونبيل الأخلاق.
هذه هي منزلة المرأة في الإسلام على سبيل الإجمال: عفة، وصيانة، ومودة، ورحمة، ورعاية، إلى غير ذلك من المعاني الجميلة السامية.
أما الحضارة المعاصرة فلا تكاد تعرف شيئاً من تلك المعاني، وإنما تنظر للمرأة نظرة مادية بحتة، فترى أن حجابها وعفتها تخلف ورجعية، وأنها لابد أن تكون دمية يعبث بها كل ساقط؛ فذلك سر السعادة عندهم.
و يطول الحديث ولا تنتهي الحروف , بعد يومٍ واحدٍ فقط تم إبلاغ ربيع بما حدث فغضب كثيرًا سعى سمحي لإرضائه بجهاز المخابرات الذي أخذه من الكاسر دون علمٍ منه
و قد نجح بإرضائه و ها هم اليوم يجلسون بمنطقة بعيدة بالقدر الكافي عن المنزل السابق
و هاهو هزيم يجلسُ بالأرض منكوس الرأس و الأسى قد ظهر بعينيه و لكنه يخفيه بغطاءٍ سميكٍ من القوة و الجلادة
و حوله مبتوروأ اليد قد ضاقت بهم الحياة علم هو بهذا اليوم ان المجهول الذي يتعامل مع سمحي لديه عجزة مبتورون اليد امثالهم شحذة بالشوارع
يالله ان كانوا هم لازالوا بعمرِ الربيع و يشعرون بأن أرضهم تضيق بهم لتهتز و تقلبهم و لا تقبلهم و كأنهم مسوخٌ لا بشر فما حال هؤلاء العجزة ؟!
كيف لهم ان يصبروا يالله يالله ان لك بكل هذا حكمة فالله اذا احب عبده ابتلاه و ما على عبده إلا الصبر محبةً لربهِ عزوجل
و على الجانب الآخر من المنزل يجلسُ سمحي و الإبتسامة لا تفارقُ شفتيه يبدو انهم أسهل مما يظن بل يبدو ان كل القوة على اضِ كندا فقط و سيصل لكندا
و لكن سيخطو بهدوء ليصل حيثُ هذه المنزلة حيثُ يمكثُ " أوين ناتان " فيلعبُ بالأموال كيف يشاء تبدو هذه الفكرة رائعة جدًا .
***
شهقتُ مراتٍ وكرات ولازلت اشهق وارمي الحماقة بذاتي و ما وصلت إليه نفسي , قد كان حلمًا يا عطرة إنه لحلم
إقترابه مني كان حلمًا , إستشعارُ انوثتي كان حلمًا , كله حلمٌ زائف اختلقته افكاري المجنونة المتمردة على حدود واقعي المتعرج
لقد اقسم حظي المنكود ان يبعده عني
لقد عربد قدري النزق اقترابه مني
هذه أنا الواهنة ارتجيه قُربًا أرتجيهِ حُبًا
حتى اصبحت احلامي هي التي تتموج كيفما يشاءُ فؤادي المتيمُ بهِ
و ماهذا الحلمُ يا أنا لقد تضاعف همي , ومات صبري فرحمةٌ و غفرانٌ من الله عليك يا صبري
لازلتُ بحجرةِ أطفالي بفستانِي كما أنا
لما التنكيلُ بي يا حلمي أحتى انت وقفت ضدي كلهم ضدي
إنهم متوحشين قاتلين لكل حياةٍ بداخلي لكل بسمة تُفر هاربة من أسوارٍ شرعها الماضي الذي لا أصل له بواقعي كطفلة او مراهقة بعمرها الرابع عشر
و لا بإمرأة لآقت العنف من زوجها ليلة زيجتها ليتحول فستانها الأبيض من لون نقاء وصفاء إلى فستان شُرب دمًا أحمر إلى اللون الذي يُفسره الأغلب بالحب وقد نسوا ان يفسرونه بالألم
صبرتُ ولم يعد لصبري حدود , اكتفيتُ حتى ان الكفاء قد فر و كر
عانقتُ بيدي خيوط السعادة فنكلت بي كسكين حاد , حاكت من خلفي رداءً لا حقيقة له
لما اعيشُ بحياةٍ زائفة لم ترتكبها يداي ؟ فقط لأني عُطرة إبنة أصل الحكمي !
ها أنا بدورة المياه أُنزل خيط الفستان الرفيع عن كتفي انظرُ لتلك العظام لأتأكد أنه ليس إلا حلم فقط
عشتُ دور العروس المتأخر عن وقته و لا دور عروسٍ قد حدث
خلعتُ ردائي ودخلتُ تحت الماء .
*
*
دخلتُ إلى حجرة الأطفال وانا الذي لم أنم ليلي لشدة شوقي إليها كدتُ ان اضعف , وماذا ان ضعفت إنه بالأصل ليس ضعف بل حقي كزوجٍ لها
ولكني أعلم بأن لسانها السليط هذا لن يكف عن سخريته , سأطفىء لهيبي مؤقتًا برؤيتي لها الآن و بعد هذا لي عملٌ مطول مع انهارٍ لأنالها زوجةً لي
قد تُنسيني عُطرة و من تكون عُطرة , إن شهوتي هذه تحتاج لإمرأة حتى تخمد وليس هنالك إلا انهار البلهاء وحسب
انهار التي احبتني بوقتٍ قصيرٍ قياسي , أحبتني وانا أكبرها عمرًا و متزوج ولي أطفال لقد صدق المثل الذي يقول " الرجال ما يعيبه الا جيبه "
أظنُ هذا ما حدث لي معها خطوةً واحدة وستصبحُ زوجةً لي حينها ستعطيني حقوقي و أُعطيها كل ما تشاءُ من الأموال والشرطُ هو عدم الإنجاب
هذه الزيجة لن تحدث إلا بالخفاء
جلستُ على الأريكة بين الظلمة و اطفالي لازالوا نيامًا على اسرتهم
إستنتجتُ انها بدورة المياه ارجو ان تخرج بسرعة حتى أراها قبل ذهابي للمسجد لأداء ِ صلاةِ الفجر جماعة
لم يطول الوقت حتى تحقق رجائي فظهر ضوء من باب دورة المياه
تركت الباب مفتوحًا ومشت على الضوء الصادر منه بقدميها العاريتين على البلاط البارد و بيدها منشفة صغيرة تمسح بها شعرها الذي يقطر ماء
مجنونةٌ هي ستؤذي نفسها, ما كان مني إلا ان اقف و اغلق التكييف بعد أن تناولتُ الريموت المتحكم بهِ
شهقت هي بقوة فزعة ممن معها بالحجرة بينما هدأتها بكلمتي : انا معن لا تخافي
ضغطت على ازارير الاضاءة فظهر وجهها لي
وجهها ذا الذي لم يتغير عن ايام المراهقة قط
وجهها الذي احببتُه باليومِ الخطأ و الوقت الخطأ ولم يكن من المفترض حبه
او بصحيح العبارة انا لم أُحبب وجهها فلو رأيتُ بوجهها هذا مليارات النساء لن ينبض قلبي إلا لروحها فقط من بينهن لأنها عُطرة عذاب معن
أعطتني ظهرها و وقفت امام مرآة التسريحة تُسرح شعرها و لم تُلقي لي بالاً
أقامت الصلاة بالمسجد المجاور فخرجتُ من الحجرة دون أدنى كلمة و اغلقتُ الباب من خلفي .
***
إستيقظتُ من نومي وانا أشعرُ بأن رأسي ثقيل وبالكاد ارى الدُنيا من حولي , تحدثتُ وعيناي مغلقة من اشعة الشمس الساقطة من خارج النافذة : الساعة كم ؟
رفع بصره إلي وابتسم كعادته : الساعة سبع و نص
إغتصبتُ إبتسامتي رغم الدوار الذي اشعر به
مددتُ يدي الكوميدينة وتناولتُ دوائي دون ماء
بينما هو قال متسائلاً : هذا الدوا الي شريته لك
حركتُ رأسي بالموافقة : ايه , والله مرة ممتاز
ترك ما بيده من ملفات وهو يُصلب طوله ويتجه ناحيتي ليجلس بجانبي ولازالت الإبتسامة تحف شفتيه , بإهتمام : وش هالصداع الي مداوم عليكِ يا هوازن تبغيني آخذك المستشفى
هززتُ رأسي بالرفض : لا ما يحتاج صدقني من قل النوم اليوم شكلي ما بروح المركز و بقضي يومي نوم الا اوقات الصلاة
بموافقة : ايه احسن لك ارتاحي يا قلبي والعاملات ما بيقصرون ان شاء الله اشغلتي نفسك بهالمركز لو ادري انه بيسوي فيك كذا ما بنيته ابد
أغمضتُ عيناي و بهدوء : ادري اني مبالغة بإلتزامي بشغلي وضياع اغلب وقتي فيه بحاول ان شاء الله اني اوفق بين راحتي و شغلي
شعرتُ به يغطيني باللحاف و يلثم جبيني بلطف : اذا زاد فيكِ الألم قوليلي خليني اخذك المستشفى يمكن لا سمح الله يكون عندك شقيقة او اي مرض ثاني لازم نتداركه من البداية
الله يسعدك يا هوازن اذا زاد قوليلي ولا تهملي نفسك عشان ما تضايقيني اعرفك زين يا هوازن وتأكدي ضيقي ما بيكون الا بشوفتي لك مريضة فلا ترهقي نفسك و تتعبي قلبي معاكِ .
حركتُ رأسي موافقة وشعرتُ بثقله يختفي عن السرير ليتركه باردًا من خلفه بلا حياة .
*
*
خرجتُ من القصر متوجهًا بخطواتي إلى حجرةِ اغيد التي تقع خلف المنزل , طرقتُ باب حجرته وفُتح الباب بغمضة عين وكأنه يقف من خلفه ينتظر جيئتي
ظهر من خلف الباب وهو يبتسم بود و يُرحب بي قائلاً : حياك يالكاسر
رددتُ له الإبتسامة وانا بالفعل شعرتُ بهِ و كأنه إبني
إلتفتُ برأسي إلى باب ظانع الذي فُتح لتخرج إبنته مارسة بكامل حجابها ولا يظهرُ منها شيء
أبعدتُ نظري عنها سريعًا ولكن عاد الباب ليُفتح تارةً أخرى بعدما هي اغلقته فإذا بهِ أبي عبدالقوي يخرج ومعه ظانع
ناديتُ ظانع بإحترام : يا عمي ظانع
توقف هو وأبي عن الحركة إبتسم ظانع بينما ابي عبدالقوي قطب حاجبيه بغرابة وهو ينظر إلى اغيد الذي يقف على حافة الباب
سحبتُ يد اغيد اللامبتورة ومشيتُ معه إليهم و لم تكن المسافة طويلة
إبتسمتُ وانا أعرفهم على بعض دون ذكر تفاصيل اغيد وكيف انه مفقود الهوية واني اريده لعملي وما إلى ذلك
فقط قلتُ لهم انني احببته لذلك اخذته معي وسأبحث عن أهله بإذن الله عزوجل
إبتسم أبي وهو يمسح على كتف اغيد بحنان قائلاً : البيت بيتك ياوليدي كانك تريد شي هو لك .
أطرق برأسه للأرض المكسية بالعشب بينما تحرك أبي مبتعدًا عنا ومن خلفه ظانع
عدتُ لأنادي ظانع قائلاً : عميمي ظانع ما عليك امر عطي اغيد كمن لقيمة تسد جويعته لي معه حديث لين تزهب الأكل .
أومأ برأسه موافقة بينما انا سحبتُ يد أغيد لداخل حجرته
جلستُ على احد الكنبات وجلس هو على كنبةٍ منفردة
وجهتُ حديثي إليه بلطف : يا اغيد ليه هالإنكسار بعيونك ؟! , والله اني يا اغيد احبك في الله وكأنك واحد من أولادي وصدقني كل الي بالبيت بيحبك
وانا اعطيك وعد اني بحاول بكل جهدي احصل اهلك مع انه هالشي صعب لكن كل شي بقدرة ربي ان حصل وشفتهم فالشكر لله وان ما حصل و ما قدرت تشوفهم فالحمدلله
و هالحين العم ظانع جايك بأكل كُل كويس وبعدها على طول باخذك للسوق تشتري لك كم لبس تمشي فيهم حالك هاليومين لين ما غرفتك تجهز بأثاثها هالأثاث قديم وما ينفع تسكن بهالحوشة وحدك .
رفع شفتيه ليخرج كلماته و لكني كنتُ أعلم عما سيتحدث لذلك قطعته قائلاً : إلا الغرفة تحتاج لترميم و كلها اسبوع بالكثير وبتتغير كليًا , لا تقول لا .
إبتسم بحياء وظلّ صامتًا , وقليلاً من الوقت حتى جاء ظانع بالطعام .
***
بتمام الساعة التاسعة صباحًا , انقبضت اسارير وجهه تلاشت الإبتسامة عن محياه و غزى التجهم و التهكم صِغار تفاصيله : حنا وش اتفقنا عليه ؟! , ما اتفقنا انك تمشي على تعليماتي بحذافيرها عشان تتعالج بوقت قياسي
وش وداك لها وانا ما اذنت لك ؟
قبطتُ حاجبي وانا الذي لا تُعجبني هذه النبرة المتحكمة التي تسكِبُ الملامة من فوقي : وش استأذنك فيه اروح حق زوجتي او لا ؟! تكلم بعقلانية يا مشعل , انا اصلاً قبل لا اقول لك هالكلام ترددت كثير
في امور تظل بدائرة البيت و ما تخرج منها واظن زوجتي جزء من هالأمور لكني لما حسيت بتدهور نفستي و رجوعها للرِدي قلت اجيك وانت حافظ الأسرار ما ظنيت ألاقي منك هالمعاملة
مسح على وجهه و ترك قلمه الأزرق فوق ملفه اغمض عينيه و اخذ انفاسًا متقطعة مابين شهيقٍ و زفير و كأنه يطردُ كل شحناته السالبة ليفتح عينيه و يرسم الإبتسامة على وجهه كما كان بالسابق مشعل ذو الروح المرحة المحبة , بأسف : اعذرني وانا اخوك والله ما قصدت
الي قلته لك و لا هذا من طبعي لكن يشهد الله علي هذا من زعلي عليك انت غالي يا اخوي و اتمنى لك حياة سعيدة طبيعية و درزن اطفال يقرفونك بعيشتك
ابتسمتُ له رغمًا عني على الرغم من جدية الأمر إلا انه لابد ان يُدخل شيء من المرح لحديثه و هذا ما يميزه عن غيرهِ من الرجال , رددتُ له الإبتسامة : معذور لكن بعد ما تعزمني على قهوة , ما تدري يا مشعل وش كثر احب اطفال
تدري ساعات افكر اسوي غرفة بالبيت لأولاد اخواني بعدين اراجع نفسي و اقول وش موقفي قدامهم , ما تدري وش كثر اشتاق لهم احن لهم , وش حلاة شعور اول طفل لما تشوف جزء من صلبك و من رفيقة عمرك قدام عينك لما تأذن بإذنه تفتح له باب الإسلام
لما تقربه لصدرك تمسك يدينه الصغيرة وش حلاة هالشعور يا مشعل والله ان هالشعور غلاته بقلبي كثر كنوز الدنيا كلها .
*
*
وتحدث بما تحدث دون ان يشعر لقد كان يرمي جراحًا دفينة بصدره , نعمة لا يشعرُ بقيمتها إلا من فقدها
نقمةً هو يعيش بها أو العبارة الأصح انهُ إبتلاء من الرحمن , وكأنك تجري وراء النور وهو يبتعد حتى يضمحل ,
يختفي ان لم تصبر و يقترب ان صبرت , كان الله في عونك يا ناجي .
إبتسم له بود : كل هذا بيدك يا ناجي صدقيني بيوم من الأيام كل هالأمنيات الي تتكلم عنها بتصير حقيقة لكن انت امشي على كلامي خطوة خطوة و خلي ثقتك بالله كبيرة
صدقيني علاجات هالدنيا كلها تبيد قُدام قدرة ربي سبحانه , تعرف انت كيف العصفور لما تحبسه بالقفص وتستمع لصوته بفرح هو كيف يكون حزين بهاللحظة الفرق بيننا احنا البشر والعصافير اننا نحنا الي نتعرض لهم بالشر وهم مالهم قوة
لكن احنا البشر اذا نبي ننكد على انفسنا نقدر ننكد على نفسنا واذا نبي نسعد انفسنا نقدر نسعد انفسنا , انت يا ناجي وغيرك من البشر كثير تحبسون نفسكم بقفص وانتوا تقدرون تخرجون منه بسهولة
يكفي يا ناجي انك تتنفس لهاليوم يكفي انك مسلم عاقل لك عين تشوف فيها و اذن تسمع فيها و لا ننسنى الصحة و العز الي انت عايش فيه غيرك يآكل من جحر نملة , قبل ما يقارب ثلاث شهور وكسور كنت اتكلم مع بنت اخوي صغيرة بالمتوسط
كانت متأزمة من خلقتها وتشوف صحباتها احلى منها جلست معاها وقلت لها كلام يقارب الكلام الي قلته لك لكن بأسلوب طفولي على عمرها عشان الكلام يدخل لقلبها وتستشعره المهم قالت لي يا عمي كل البنات عندهم الي عندي بس انا اقل منهم في الجمال
ساعتها انا شلتها معاي للمستشفى الي كنت اشتغل فيها مريت فيها على كل الأقسام عشان تعرف هي وين و بأي نعمة عايشة و غيرها يتمنى يكون مكانها
شوف يا ناجي انت بنعمة جدًا كبيرة غيرك عقيم محروم , و ما تدري وين الخيرة عند ربي يمكن لاجبت الأطفال من سنين يكونوا عاقين فيك يامّا و يامّا اباء وامهات اولادهم رميوهم بالشوارع و ديار العجزة
ربي له حكمة بكل شي بهالدنيا قول الحمدلله وانا اخوك ولئن شكرتم لأزيدنكم .
****
مكلومة انا ولا تندملُ جروحي إلا بقربه بغيابه ينفطر قلبي لا طبٌ نفسي ولا طبيعي و لا أي طب يُساعدني على الشفاء متى يبرأ جرحي لا يبرأُ إلا بلقياك
متى يبوح قلبي لا يبوح إلا معاك ؟ , متى يتحقق حلمي , عندما احتضنه لصدري فيكون الدفىء لبردي , عندما لا اغمض عيناي إلا برؤيته و لا أفتحمها
إلا لرؤيته و لا اعيش إلا له , فأحلف انه لي و يٌقسم اني له أعده أن لا اخون و يعدني الوفاء طيلة العمر , يوم لا يجد نفسه إلا بداخلي ولا أجدُ نفسي إلا بحشاشته
متى هذا اليوم يا ترى ؟ , هل الزيجة بالخفاء كما قال ضحكًا هو الحل الأمثل لحالنا هذا , حينها فقط سيكون بوسعي احتضانه و تقبيله وقت أشاء و كيف أشاء . لا ليس هكذا يا أنهار فلتحكمي عقلك
لكنه يُحبك و حتمًا سيعلن حقيقةَ زيجتكم فورِ اقتناع ابيه بزواجهِ مني , وكيف ستقابلين امكِ و انتِ التي لا تخفين عنها اي شيء
امكِ التي فنت حياتها بطولها و عرضها لكِ فقط
ماذا ستقولين ؟ بما ستدافعين ؟
اجيبي يا انهار لا تصمتين
اقول اني احببتُه اكثر من أي شيء حتى ان صبري قد نفذ
أختلق الأعذار الواهية
آه يا معن لما اقحمتني بهذا الحبِ الملعون لما ؟
***
بعد شرائنا للأردية أصررتُ على الكاسر ان نعاود البحث بالمنزل الذي تركته العصابة رغم انننا قد بحثنا عن اي دليل يدلنا عليهم ولم نجد
و لكني متأكد ان هزيم اذكى من ان يتركهم يفعلوا مايشاؤون دون ان يؤذيهم ولو بأقل أذية
وعدنا للمنزل نبحث دون اي جدوى
و حال خروجنا استأذنتُ الكاسر لذهابي إلى القبو الذي نمكثُ بهِ فأذن لي
فتحتُ باب القبو ودخلت لأجده كما كان إلا انه افتقد الحياة افتقد انفاس مبتوروا اليد
أصبح غاسق مُوحش مهجور
فتحت ذاك الضوء الذي يضوي ويطفىْ وكأنه سيموت كأي شيءٍ ها هنا قد مات , وصوتُ خرير الماء الآتي من دورة المياه استوقفني
توجهتُ لدورة المياه و دخلتُ إليها فتحتُ الباب وسحبتُ سطلاً أزرق لأضعه تحت صنبور الماء ولكني لم اقتنع بهذا الحل فإذا امتلأ السطل سيضيعُ الماءُ هباءً منثورًا
أنخفضتُ بجسدي لأسفل المغلسة لأغلق محبس الماء و توقفت عيناي إلى ما كُتب بالفحم هذا هو هزيم لم يخيب ظني بهِ
ولأننا أُميين لا نجيد الكتابة سوى احرفًا يسيرة بخطٍ متعرج غير سوي تعلمناه بالمساجد
كتب " قبيلة " و رسم أسفل الكلمة رسم مبسط لإنسان كرسومات الأطفال ويبدو ان هذا الرسم يدل على فتاة علمتُ هذا من الشعر الطويل الذي يكسو الرأس
و على الرقبة رُسم خط "
عقدتُ حاجبي وانا احاول فك هذه العقد اللامفهومة مالذي تقصده يا هزيم ؟!
خرجتُ من القبو إلى حيثُ يقف الكاسر ينتظرني قلتُ بغرابة من العقد : الكاسر تعال بوريك شي يمكن يفيدنا
عقد حاجبه ونظر إلي بإهتمام ومن ثم مشى من خلفي إلى حيثُ القبو ولداخل دورة المياه
إنخفضتُ لأسفل المغلسة فإنخفض مثلي أشرتُ إلى تلك الطلاسم قائلاً : نحنا أميين يدوب نكتب كم حرف وهذا الشي هزيم كاتبه لكني ما فهمت كاتب قبيلة و راسم بنت يمر برقبتها خط وش يعني ؟
بهت وجهه قليلاً واختفت ألوان الحياةِ عنه وكأن صبغة الميلانين قد فارقته لتتركه معرضًا للمهاق قال بعد فترةٍ من الصمت : قبيلتي توئد البنات .
***
أخذتُ أنظر للأخبار بالتلفاز وحال إخواننا في سوريا و فلسطين اعانهم الله , تقدمت هي بخطواتها و اكفهر وجهي فأنا لا أريد رؤيتها بعدما فعلت ما فعلته وابعدت محمد عن حدود ناظري
جلست بجانبي و سحبت الريموت من يدي وهي تكتم الصوت
و من ثم وضعت الريموت على الطاولة الخشبية و امسكت بأصابعي تحرك يدها على الرموز المحفورة وقد خُطف لونها للحظة
إبتلعت ريقها ثم سحبت يدها عن يدي و ألتزمت بالصمت !
نظرتُ إليها بتعجبٍ من تصرفاتها بينما هي حركت عيناها بعيدًا عن عالمي
نطقتُ بتساؤل : ايش فيكِ انتِ ؟ , المفروض انا الي اقلب وجهي عليكِ مو انتِ
كانت ستتحدث إلا ان كلانا رفع رأسه إلى حيثُ يضرب كعب أنهار درجات السلم بتمام الساعة الخامسة عصرًا
إبتسمتُ بحبور مُرحبًا بها : يا هلا والله بأنهار حبيبة عمها
لم تنظر إلي بل ركزت نظراتها بوالدتها ولكنها ردت قائلة : هلا فيك يا عمي
جلست بجانب والدتها قائلة بإبتسامة لا تليقُ إلا بها : كيف مامتي الحلوة ؟
مدت غزال يدها إلى خد انهار تسحبه برفق : مامتكِ بخير مادامها تشوفك تحت عيونها .
وضعت انهار رأسها بحجر والدتها وانا أحاول للنظر لبهائها .
*
*
أتستحقين يا أماه ما يريده قلبي المجنون ؟!
أهذا هو جزائكِ , سأكون من أحقر الأبناءِ على وجه الأرض
ولكن ماذا عن معن ؟
***
وتحركت اقدامي لها بسرعةٍ هوجاء بحركاتٍ لا إرادية وكأن طفرةً جينية ضارة اصابت عقدي القاعدية بمرض الرقاص الوراثي كما تم تسميته بالعصور الوسطى
و ما سُمي الآن بمرضِ هنتجتون و لكني اعلمُ بأني مصابٌ بهوس الحب , بجنون العشق بهوى إمرأة بدوية أمية فاتنة
بمرضٍ لا شفاء فيه إلا القربُ وحسب
و مارستي بي يا مارسة شعوذة الحب و عُقد السحر الذي لا يُستعانُ بهِ بشيطانٍ و مارد بل بدمعة وعينٍ تُحاكي الوجع
أصبحتُ أجيد الفلسفة منذ رؤيتي لعينيكِ الباكية , طال كلامي حتى انقلب لثرثرة و لم اشبع بعد فكيف اشبع و حروفي لم تحكي عن حبةِ خال تختبىءُ بين صابعِ قدميك ِ
و لم تحكي عن غمازةٍ تُحفر بوسادة وجنتيك ِ , لم تحكي إلا عن عينٍ اسهرتني الليالي و اذاقتني مذاق السهد المتعبُ للهيكل
دخلتُ إلى حجرتها بعدما اصبحت مفاتيح هذا المنزل الصغير بحوزتي فأصبحتُ ادخل واخرجُ منه وقت اشاء
وجدتُها تجلسُ على السرير برداءٍ أسود كيومِ عزاء ! ترهقني بدمعها هذا , تُزهق روحي لتتركها منهكة بلا حياة
و قد بدأ عشقي لها من موضع تعذيبها لذاتها و لي !
اغلقتُ الباب من خلفي و لم ترفع هي عيناها لي وكأنها ايقنت حضوري وانا الذي قد وعدتها بالمجيء قبل نومي
مررت ذراعها على عيناها لتمسح دمعها المسكوب بفوضوية
مال رأسها جانبًا يستكين على كتفها الأيمن لينهدل شعرها بغنجٍ خاصٍ بها
و بزغت ابتسامة ما بين شفتيها تُعاكس دموعها الشفافة
بُسطت اساريرُ وجهي و فرُجت شفتاي عن بعضهما أُعيد لها إبتسامتها بإبتسامةٍ أكبر لستُ أدري مالذي يحدثُ لي و لكني أعلم أني لستُ عبدالقوي الذي يُمارس نزاقته بالنساء
بل اصبحت حواءُ هي من تمارس بي نزاقتها الفاتنة قاتلة القلوب
جلستُ بجانبها فوضعت هي رأسها على كتفي وشعرها يداعبُ رقبتي بحركاتٍ تتراقص لها نبضاتُ قلبي
مددتُ يدي خلف ظهرها اطوقها و اشدها لي , حيث جانبي الأيسرُ لم يعلم مذاق الحياة إلا بقربها
قالت بصوتٍ خافت بهِ من الدلع الكم الهائل : عبودي , قلبي روحي انت , ابيك تلبس ذاك الروب اشتريته لك و ابي اشوفه عليك , ممكن يا قلبي ؟
أخفضتُ بصري حيث تشير بيدها إلى ثوب النوم المعلق على بابِ دورة المياه مع أردية داخلية
إلتقفتُ يدها ذات الأظافر المطلية بلون الدم الذي يشابه بلونه فستان نظرتي الأولى لها
قبلتُها بعمق و مرغتُ شعيرات ذقني بنعومة يديها
رفعتُ بصري إليها و أزحتُ رأسها عن كتفي و يدي تُداعب اسفل ذقنها : من عيوني يا قلب و روح و عمر عبدالقوي , انتِ ما تقولي يمكن انتِ تأمري و العالم اجمع يقول لبيه .
أخفضت عيناها إلى نقوشاتِ اللحاف و بصوتٍ خجول : لبيت بمنى ياعمري
أخرجتُ تنهيدة هيامٍ بها , لثمتُ ما بين حاجبيها , ومسحتُ بأصابعي على حاجبيها أرتبهما برفق
وقفتُ من على السرير , واخرجتُ هاتفي المحمول و مفاتيحي بأكملها و وضعتُها على الكوميدينة
خلعتُ ثوبي فدفنت هي وجهها البهي بين يديها حالما رأتني أشرعُ لخلع ما اسفل الثوب قائلة : استحي
إبتسمتُ رغمًا عني إلهي من أي نطفةٍ هي و من أي علقة و مضغة و ما الروح التي تعيش بداخلها
أخذتُ الأردية المعلقة على مقبض بابِ دورة ِ المياه ودخلت
*
*
وحصل ما أريد , أخذتُ هاتفه المحمول الموضوع على الكوميدينة و بحثتُ بسرعة بين الأرقام عن رقم الفارس
الذي سيهزم و سيأكلُ لحمه حسرةً على ذاته , حتى وان كانت نتيجة ضيقه هي هدم طوبة عائلته وليس لأجلي المهم بالأمر أنه سيُقهر و سيذوقُ العلقم الذي جعلني اتجرعه طيلة ست سنواتٍ متتليات
ضغطتُ على الإزرار الأخضر لتصل الذبذبات حيثُ مصر بدليل هاتف ستة اكتوبر
و يصل صوتي لمسامعه
و انا انادي بدلع : عبــــــــوووووووووودي ما خلصت يا قلبـي
اهتز مقبض الباب لأسفل و لكن الباب لم يُفتح فأخذ يلفُ المفتاح و هو يهتف : نازل يا حياتي
فتح الباب و خرج و هو يقول : وش رايك ؟
رفعتُ حاجبي : و تسأل بعد ! , احلى و أوسم رجال بهالدنيا يسعدلي ياك
ابتسم بسعادة وهو يهمس : بتجنني بنت ابوها جابت راسي
حركتُ شعري بدلال : ما يحق لي
اقترب بخطواته مني حتى جلس بجانبي , رفع حاجبه بتقليدٍ لي : و تسألين بعد ! , اذا ما يحق لك يحق لمين اجل ؟ !
و بعدين يا قلبي كيف عرفتي مقاسي
رميتُ ثقلي بصدره , ودفنتُ رأسي بصدره وكأني اخفي نفسي عن ركاض و عن عالم و دنيا ركاض
إنك تستحقُ أكثر من هذا يا ركاض لتعلم انك لست الأقوى لتعلم انك بشرٌ كأي بشري على الأرض لتعلم ان الضعفاء بنظرك هم اقوى منك
فلتتجرع ما ترجعته انا
سُحقًا ليومٍ كذبت علي بهِ
تبًا ليومٍ صدقتك به ِ
همستُ بصوتٍ خافت : وكيف ما اعرف مقاس روحي عبدالقوي
فمسح على شعري بحنان
ولستُ أدري لما بدأتُ بعشق هذا الحنان و حُب هذا الصدر لكن ما أعلمه اني اجد الراحة ها هنا حيثُ صدر هذا العاجز
*
*
المشاعرُ الإنسانية لا تعرف الصواب فلا يستطيع الإنسان ان يُحكم مشاعره او يُمارس عليها ما يريده
و مارستي بي يا مارسة ما جعلني للحظة اضحكُ بشدة أضحكُ و كأني لم أضحك بحياتي قط , أضحكُ و الموقف لا يستدعي الضحك !
لتسد دموعي فمي عن الضحك فتتسارع نبضاتُ قلبي بعد دّق نواقيس الخطر بعد سماعي لصوتِ أبي !! أبي انه أبي
ارتفعت وتيرة تنفسي فتضاءلت إلى الأختناق تصبب العرق بجبيني , أنهارت اعصابي إهتزت اقدامي لتخور قواي فأجلس بأرضي
هل لأحد ان يتدخل ليُوقف طوفان ضعفي ليخرجني من بُهر العتمة
يغمرني البكاء يدثرني الألم
لتتفجر بداخلي فوضة مشاعر , أصوات غضب , سخطٌ و جزع
أغلقتُ الهاتف و بأصابع تنتفض مليار انتفاضة بالثانية اتصلتُ على أخي " معن "
الذي لم يأخذ وقتًا طويلاً للرد , اندفعتُ قائلاً : ويــــــــــــــن ابوك ؟
سألتُه وانا الذي اعلم بمكانه و لكني كالقابض على الجمر يريدُ انهمار الديم من فوقه
كالنافث بأنفاسه اليورانيوم , يقذفُ بحزنه بالظلمة ولا يدري اين تستقر و بأي اتجاهٍ تستكين
اريدُ ان اقتطع بأصابعي هذه الورقة السحقية من حياتي , فهل استطيع ؟
الإجابة كانت بصوتٍ معن الذي قال متعجبًا : بسم الله عليك وش فيك كذا هايج ابوي عند ظانع
احرقني الجمر و تراكم اليورانيوم بصدري و قُذف الحزن بداخلي ينتهك سعادتي يقتل بصيص الأمل
يُثبت الورقة السحقية بين صفحات الكتاب لتكون واقعًا مُرًا , مؤلمًا , موجعًا
صرختُ و انا أشعرُ بأن صوتي قد فارق الحياة بهذه الصرخة المجلجلة : روح للبيت روح شوف ابوك مع مين جالس روح
ليجيء صوته مصادقًا لمعاني التعجب والغرابة : وش فيك انت اليوم جنيت على الليل ابوي عند ظانع يعني في بيـ
قطعتُ حديثه صارخًا : روووووووح شوووووووف يا معن
جاءني صوته مُحملاً بالريب : ركاض انت شايف عن ابـ
توقف فجأة عن الحديث و شعرتُ ان الحياة توقفت حولي
ابتلعتُ ريقي الجاف : وش فيـ...ـه ؟
تمتم بصوتٍ خافت : تعوذ من ابليس , تعوذ من ابليس
أخذ يرددها بكثرة و انا اصرخ بهِ اناديه ليحادثني
حتى سمعت صوته وهو يصرخ بظانع قائلاً : امشي من قدامي
*
*
بزغ الخوف و الهلع بوجهه وهو يسدُ الباب بجسده : وش صايبك يا وليدي معن تريد ابوك انتظره هالحين ازهبه لك
امسكتُ بكلتا يداي كتفاه لأزيحه عن الباب
و لكنه حاول التمسك بقدر المستطاع , و زاد الشك بداخلي
سحبته من يده وهو يُمسك بالباب و يردد : استهدي بالله يا وليدي وش صايبك هالحين ازهبه
رفعتُ حاجبي و انا أشده بقوة عن الباب متجاهلاً فارق العُمر بيننا و متجاهلاً كل شيء و أي شيء ان صدق حدسي اقسم بأن حياتنا قُلبت رأسًا على عقب
واستطعتُ ان ابعده عن الباب و دخلتُ وهو يجري من خلفي و يهتف : البيت به حريم
لم أعره اهتمامًا و خطواتي تتسابق حيثُ حجرتها كما القِدم لم يتغير شيء سوى الأثاث و حسب و ان صدق ظني فقد تغير كل شيء
و وصلتُ إلى هدفي وضعتُ يدي على مقبض وفتحته على مضض
****
إنتهى الجحيم
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
كونوا بخير $