وتركت رأسي فوق صدرك
ثم تاه العمر مني.. في الزحام
فرجعت كالطفل الصغير..
يكابد الآلام في زمن الفطام
و الليل يفلح بالصقيع رؤوسنا
ويبعثر الكلمات منا.. في الظلام
و تلعثمت شفتاك يا أمي.. وخاصمها.. الكلام
ورأيت صوتك يدخل الأعماق يسري.. في شجن
والدمع يجرح مقلتيك على بقايا.. من زمن
لـ فاروق جويدة
الجحيـــم
( 23 )
** لا تلهيـكم الروايـــة عن الصـــلاة **
خرجتُ من المطبخ بتمام الساعة الثانية عشر ليلاً , بعدما شربتُ كأسًا من الماء فقد إستيقظتُ من نومي بسبب كابوسٍ مزعج , صعدتُ الدرج و صولاً إلى حجرتي و عقدتُ حاجبي بإستغراب
أتذكر اني تركتُ الباب مردودًا قبل خروجي ولم أتركه مغلقًا ! , يبدو اني قد نسيت , فمن ذا الذي قد يُغلق الباب
أبعدتُ أي فكرةٍ سلبية قد تكون من تخريفات عقلي و فتحتُ الباب واصابتني الفاجعة فإتسعت حدقتا عيناي فقزحيتهما إلى الصلبة
و أنا أراه بحجرتي و أرديتي في حجره و إعلاها تكاد تدخل بأنفه وهو يشتمها بقوة وعيناه مغمضتان
إبتلعتُ ريقي بهلع مظهره يوحي وكأنه عشيقٌ يحتوي رداء معشوقته بين خلجاته لداخل جوفه
ضربتُ الباب بيدي , ففتح عيناه و سقط الرداء من كنفه
و قبل ان يتحدث إندفعتُ قائلة : عمي جلال ليش تشم ملابسي ؟
دهس الرداء بأقدامه ومشى بإتجاهي او بالأحرى بإتجاه الباب من خلفي و اغلقه
وقبل ان أدير جسدي بإتجاهه جاءني من الأمام و وضع يده بكتفي و بصوتٍ ثابت : بنتي و اشتقت لها و شميت لبسها فيها شي ؟!
لكن تصرفك لم يكن بهذا المعنى , أقسم أني شاهدتُ بمعالم وجهك مالم اشاهده بالسابق
كنت و كأنك بعالم وحدك مع هذه رائحة ردائي , كنت كمن هاجرته محبوبته فوقف على الأطلال سنينًا و عندما وجد شيئًا خاصًا بها
تعلق بالشيء بقوة تشبث ببقاياها إنكارًا لهجرانها له
نفضتُ سواد أفكاري بنفضةٍ من رأسي , اين وصلتِ يا أنا ؟ , أهل اصابكِ الجنون ؟
أمسك بيدي فإرتعشت يداي لأول مرة , سحبتُها من بين يديه و جلستُ على السرير و دون النظر إليه نطقت : عمي جلال ابغى انام , ممكن تخرج
وقف امامي تمامًا لم أرفع عيني إليه اكتفيتُ بالنظر إلى قديمه المغطاة بحذاءِ للمنزل
بصوته الحنون الذي لم أستسغيه هذه المرة ككل مرةٍ سابقة : عمو حبيبتي اشبك يا انهار مو مصدقتني ؟ , انا كنت جاي اشوفك صاحية ولا نايمة ابغى اجلس معاكِ
لانه ما جاني نوم لكن لما ما حصلتك قلت اسلي نفسي بلبسك لين ترجعين .
حركتُ خرزات اسورتي و بكذب : مصدقتك يا عمي بس اتفآجأت شوية , معليش ممكن تخليني انام .
أمسك بذقني و رفع رأسي إليه فلثم خدي الأيمن لاحقه بالأيسر و إبتسم بود و لكنها صُورت لعيني إبتسامة خبثٍ ودناءة , إبتسامة من أسوأ الإبتسامات
خرج من حجرتي دون أي كلمة , فوقفتُ من على سريري و أغلقتُ الباب بالمفتاح
و استندتُ بظهري عليه , فركتُ بيدي قُبلته من وجنتي , أشعرُ بالإشمئزاز لهذه الفكرة السيئة التي استوطنتني حينما رأيتُه بهذا المظهر الباعث للريب
لا تفكري هكذا يا انهار , هذا عمكِ جلال بمثابة ابيكِ المرحوم الذي لم يتسنى لك ِرؤيته و تكحيل عينيكِ بكحل عينيه
الذي لم أتشبث بصدر حنانه , و لم ألثم تيجان رأسه , لم أحرك يدي بين خصلات شعره
ولم أحظى بحضنٍ دافىء وصوتٍ هادىء و كلِمٌ ناصح
تسقي ظمأي الجاهل بعلمك الوافر , تُمسك بيدي بين يديك و تأخذني لمدرستي
تعطيني مصروفًا و تسدني إرشادًا لا تفعلي وافعلي
فيكون بعيني أفضل إرشاد لأنه منك يا قلبًا جدير ومستحقٌ للحب بكل تقدير
جزءٌ من صلبك عاش و حيدًا لم يراك , لم يعرف محاسنك من مساوئك ولكنه متأكد انك المحاسن دون المساوىء
قطعةٌ بكت كثيرًا حينما يصطحبها السائق لكل مكان واي مكان و ترى صديقاتها مع ابائهن
و اصبح السائق اليوم زوجًا لأمي و قبل ان يصبح زوجها كان أبًا لي
لم يكن بمكانك لكنه كان شيئًا من المحال ان استغني عنه
تشبثتُ بصدره سنونًا و لثمتُ رأسه شهورًا و أصبحتُ إمرأة تحت مرأى عينيه طوال حياتي
و لا زلتُ ألتجأُ إليه و أبحث عنه
كان ابي ولا زال ابي
لانه يحال ان يكون عاشقًا للحرام
هو أبــي التي أنا لستُ من صلبه
من رباك هو أباك و من لم تره هو صلبك .
***
تقف امام المرآة لترفع شعرها الأسود المتوسط الطول و النعومة لأعلى كذيلِ حصان بعشوائية
بينما وائل يُخرج كتبه من دولابه ويقذفها بحقيبته
بالصباح يُرتب جدوله المدرسي و فتاتي بلقيس تذهب للمدرسة بمظهرٍ يبعث الشفقة بالقلوب وكأنها بفقرٍ مدقع وهي على خلاف ذلك بغناءٍ فاحش
و عمت الفوضى حجرتهم كانت بلقيس بين الفنية و الأخرى تنظر إلي ثم إلى درجها
في بداية الأمر ظننتُ ان تصرفاتها عفوية إلا ان تكرارها لذات التصرف عدة مرات بعث الريب لدواخي
فأخفضتُ بصري إلى حقيبتي القابعة بحجري وانا امثل الإنشغال
فرأيتها تُخرج جهازها الآيباد و تدسه بحقيبتها المدرسية
أيعقل ان مستواها متدني إلى هذا الحد ؟!
ما القلب الذي تملكيه يا عُطرة ؟ , إنك تفتقدين كل معاني الأمومة
لم أشعر الا بأقدامي التي تصلبت بالأرض
فتوجهتُ بإتجاهها و أبتسمتُ بحنان : تبغيني امشطلك شعرك يا ماما .
إبتسمت بسعادة : من جد! ايوة اكيد ابغاكِ تمشطيلي
لا أريد ان اوبخها على الجهاز فلا أريد ان تكون بداية الأمومة توبيخًا
سحبتُها من يدها و جعلتها تجلس على طرف السرير و جلستُ خلفها , فتحتُ الربطة العودية عن شعرها و بتساؤل : اي تمشيطة تبغين ؟
رفعت كتفها لأعلى وبحيرة : مدري سوي الي تحبيه ماما
أخرجتُ مشطًا من حقيبتي واخذتُ أفرق شعرها لأجزاء و من ثم أبرمه
حتى انتهيت فكان شعرها مبرومًا على مدار رأسها و مجموعًا بداخل ربطة من الخلف
وقفت امام المرآة و قد رُسمت بعينيها نظرةُ رضى
إلتفتت بإتجاهي و شبكت اصابعها ببعض و الخجل قد ملأ وجهها الدائري
هل تخجل من شكري ؟ , هل المسافة الطويلة التي بيننا قد جعلتها تشعر بأني غريبةً عنهم ؟!
لم تنطق ببنت شفة اخذت حقيبتها و خجرت هي و وائل و انا من خلفهم اغلقت الباب و لحقتهم لأسفل
حتى وصلنا للباب المؤدي لخارج القصر الا ان الخادمة اقتربت من بليقس و هي تعطيها عصير جوافة و ساندويتش فإبتسمت لها بلقيس قائلة : مرة شكرًا
انعقد حاجبي بغير قبولٍ لهذا الحال الغريب
أتشكر الخادمة و تبتسم لها و انا تقابلني بالخجل !
***
هو يلثمني بجسدي و يفعل كل ما يريد وانا جثةُ بالديجور , و هي هناك تموت
هو يحتضنني و انا ابكي حظي المنكود الذي جمعني به ِ و هي تختنق
و ملك الموت و كما يسميه الإسرائيليون عزرائيل يقبض روحها
يهتز جسدها و دراج دقات قلبها يتفاوت ليستقر مستقيمًا فتذهب روحها للأعالي و تُعاد روحها للأرض تارةً أخرى عندما يقول الله : إِنِّي مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى
تُعاد لتُسأل من ربها وما دينها ومن نبيها و لكن لا تُعاد لتكون امي كما كانت
و هن بأصواتهن هززن الأرض و جثون بأعماقها
و اطباءٌ يبعدون اجسادهن عنها
ممرضة تمسح على عينيها لتغطيها الأجفان بسباتٍ لا حياة بعده
و أخرى ترمي اللحاف الأبيض
ابيض كبياض قلبها , قلبها الذي عشتُ لأدعه حيًا
ليتوقف قلبي قبل قلبها و حدث العكس فتوقف قلبها قبل قلبي
اما علمتي يا أماه بأنني وهبتُك ِ روحي فوهبتيني ثرى ضريحك ِ
بأني سلبتُ رائحتكِ لأحبسها بشعيراتِ انفي اشتمها فأشتمها و لا اشبع من عبقها
أماه لازلتِ على قيد الحياة و لازلتُ ميتة
أماه سامحيني كوني راضية يا نبع الحنان
تزوجتُه و بليلة زواجي منه راحت روح امي لأعنان السماءِ وما فوقها
صوتي يتعالى بكاءً منه وصوتها يختفي حتى انطفىء مني
كان اصعب بلاءٍ من الرحمن جل و علا و بالوقت ذاته احسن بلاء بدل ماهيتي حتى عدتُ استغربني بالقِدم
من الغريب ان يكون الإنسان جاهلاً بأن روحه أغلى على قلوبِ غيرهُ منه
و الأغرب ان يتماسك عن البكاء خوفًا على الميت ان يُعذب بسببه ألا تعلم يا أنسان ان هذه أباطيلٌ نُشرت
فقد بكى أتقى الخلق وأخشاهم لله - صلى الله عليه وسلم- ، ولم يخرجه ذلك عن إيمانه ورضاه بقضاء الله وقدره ، والصحيح ان أي قول أو فعل يصاحب البكاء ، ويتنافى مع التسليم لله ، والرضا بقضائه ، ويظهر منه الجزع والتسخط ، فهو معصية وذنب عظيم
غير ذلك خزعبلات لا صحة لها فالبكاء رحمةً في قلوب ِ الرحماء .
نظرتُ لها أمامي تجلس و تكتب بدفترها
أخذها الله ليهبني بفتاةٍ مثلتني تارةً أخرى بمظهري و لكنها الأفضل بأخلاقها
إبنتي التي خرجت من احشائي و كانت من صلبه
إبنتي التي تريدُ رؤية والدها هزاع
إبنة شكران الراقصة .
***
هذا هو ثالث يومٍ لي من بعد انتهائي من دورتي التدريبية , هذا اليوم المنتظر
اليوم سنعلم ان كان هذا الميناء الذي يعبرونه ام لا
من بعدِ إنتهاءِ صلاة الفجر وانا اقف هنا منتظر حتى حلول الظهيرة
و من قبل صلاةِ الفجر تولى احمد و بعض الضباط المراقبة و جاءِ دوري مع ضباطٍ آخرين و لا شيء حدث
هل هذا يعني انهم يسلكون معبر ينبع ؟ , لكن الإحصائية تثبت ان ظباء تحمل مدمنين اكثر غير هذا لظباء معبران و هذا حدثٌ ايجابي بالنسبة لهم
و مرهقٌ لنا فأنا اقف عند هذا المعبر و بعضهم بالمعبر الآخر
ضربتُ الدركسون بيدي بضجر اشابه به أحمد فأنا اعتبر صبورًا مقارنةً به غير اني قد مللتُ الإنتظار و لا أي إشارة تنبأ بوجود ارواحٍ غيرنا ها هنا
فتحتُ النافذة و تناولتُ زجاجة ماء فتحتها واخرجتها عن السيارة لأسكب ماءها بيدي و افرك عيني حتى ازيح عنها الوسن
و كنتُ سأرجعها للداخل ولكنها سقطت ارضًا و ابتلت التربة لتصبح عجينًا
كعجين قلبي على رصاص يضرب خلفية سيارتي دون السيارات من حولي
حركتُ السيارة بسرعة
و يدي الأخرى تبحث من تحت المقعد عن المسدس
و السيارات التي حولي تقف امامي كحاجز و كل الأيادي خرجت عن حدود النوافذ لترمي بالرصاص
و نحن لا ندري على من نرمي فلا أحد يظهر هاهنا
و المكان يملتىء دخانًا شيئًا فشيء , بين كثافة الدخان ظهرت سياراتٌ سوداء تضرب بنا رصاصًا
قد كان الرصاص يضاهي رصاصنا اخذ الزجاج ينخرق و اجسادنا تنخفض لأسفل
انسحبوا هم واحدًا تلو الآخر من حولي كل واحدٍ منهم يطلب الحياة يهرب عن الموت
و انا لازلتُ بمكاني و السيارة تتحول لرفاتًا شيئًا فشيئًا , اخذتُ اللاسلكي وانا احاول مناداتهم ولكن لا من مجيب
سقط اللاسلكي أرضًا كسقوط الماء , حاولتُ أن انخفض بسجدي لأجذبه
فإذا برصاصةٍ تُضرب زجاج النافذة ليتطاير الزجاج فيصيب ذراعي , و سوادٌ أخذ يغطي عيني , وانا انفض رأسي احاول إبعاد السواد
مقتلي بأيديهم و وطني إلى الآن لم أخدمه
زوجتي و ابنائي امي و ابي كلهم سيذهبون او بالأحرى انا الذي سأرحل
و ما اصعب الرحيل , جاهدتُ نفسي و انا احاول تحريك السيارة عن المكان
و لكني لم استطع فغفت عيناي .
*
*
قد رفضوا ما اقترحته عليهم بأن اظهر امام الكاسر وبقية الضباط
فهذا هو الطريق الذي يتم منه تهريب المخدرات
منذ ُ ليلةِ الأمس ونحن نرى اعوان الكاسر و الآن رأينا الكاسر
لم أعرهم اهتمامًا و ظهرتُ امام الكاسر وانا أرمي بسيارته رصاصًا دون السيارت الأخرى
غير انهم لحقوني رميًا بالسيارات المتبقية ليس محبةً لسمحي انما خوفًا من سمحي
مهابة ان يفضحهم سمحي
و ها هم ينسحبون ويتبقى هو هدفهم ولستُ ادري لما يصرون على اذيته و لكني سأساعدهم طمعًا بزيادةِ معاشي
و لكن باءت مخططاتي بالفشل فسيارات الشرطة ملأت المكان وضاهت اعداد سياراتنا و البعض منهم يمتلك رشاشات
انسحبنا عن أرض المعركة قبل ان تُراق فيها الدماء .
و ابتعدوا هم عن الساحة و لكني اصررتُ على البقاء فوقفتُ بعيدًا عن الشرطة
و انا أراهم عن بعد و هم يبحثون بلا جدوى
و آخرون يسرعون بالكاسر إلى اقرب المستشفيات الذي و لحسن حظه ضُرب برصاصة مسدس لا رشاشٍ قاتل
حتى انخمد الدخان وهدت الأوضاع
و راحت السيارات , وانتظرتُ مدة تقارب النصف ساعة و لكن لاشيء تغير فتأكدتُ انهم بالفعل انسحبوا جميعهم
اقتربتُ بسيارتي من ارض الساحة
نزلتُ من سياراتي باحثًا عن اي شيء اي منفعة
و لم اجد بين اكوام الرفات سوى افضل منفعة
لاسيلكي بوليسي .
***
و على الساعةِ التاسعةِ صباحًا بوقت الفسحة المدرسية
خرجتُ للساحة و انا أُدير رأسي تلقائيًا للمكان الذي من المؤكد انها تتواجدُ به ِ
تجلس بآخر الساحة على كرسي و بجانبها مسترجلاتٌ من صنفها و فتياتٌ ناعمات الى حدٍ لا مستساغ
بصوتٍ عالي ظهر متوسط بين ضجةِ الطالبات ما بين حديثٍ ولعب : يا بنت
إلتفتت الطالبة بإتجاهي و سحبت يدها المعانقة ليد صدقتها و اعطتها عبوة عصيرهاالتفاح
إقتربت مني : ناديتيني يا ابلة
أومأتُ برأسي إيجابًا , و بأمر : روحي نادي حميدة ذيك " اشرتُ بيدي بإتجاهها " الي بآخر الكرسي .
قالت متجاوبة : اعرفها يا ابلة و في احد ما يعرف حميدة الوحيدة المعيدة بالمدرسة .
لم أعر لحديثها اهتمامًا فلو تجاوبتُ معها لتمادت بسخريتها
راحت بإتجاه حميدة تناديها , فرفعت حميدة رأسها بإتجاهي و ابتسمت إبتسامةً دنيئة
قامت من على الكرسي فورًا من بعد حديث الطالبة لها
و اخذت تركض بالساحة حتى وصلت إلي و بإندفاع : اهلاً ابلة عُطرة
إغتصبتُ ابتسامتي : هلا بك زود , اسمعي يا حميدة انا ما احب اطول كلام بإختصار انا جايتك ابيك ِ تساعديني بحاجة .
إتسعت ابتسامتها وشبكت يديها ببعض : اطلبي وانا اقول سم
تجاهلتُ إبتسامتها و نبرة صوتها : انا عندي برنامج يتكلم عن المسترجلات و ابيك تساعديني فيه و
قاطعتني معارضة و الإمتعاض بازغٌ بملامحها : كلكم اهم شي عندكم مصلحة نفسكم فار تجارب عندك انا
تنهدتُ بضيق و أخذتُ أعدُ للعشرة تماسكًا و صبرًا عليها , بإستطاعتي ان ألجمها عن الحديث و لكن انا بالفعل اريد منها مصلحة و لكن بنفس الوقت
أريد هدايتها لفطرتها السوية , صحيحٌ انني قد تراجعتُ عن الهداية ولكني عدتُ تارةً أخرى لهدايتها لأني أريدُ تفعيل النشاط ومقابل ما ستعطيني اياه من معلوماتٍ عن تجربتها سأهديها لفطرتها
بهدوء : اسمعي يا حميدة انا ما اقصد مصلحة انا ابغى منك شوي معلومات عنكم وما راح اصرح بإسمك ثقي بهذا الشي ولك الحرية بالموافقة او الرفض .
و لم أستمع لما ستقوله بل اعطيتُها ظهري وانا أصعد لأعلى وإلى حجرة المعلمات .
***
تمنيتُ الكثير فكسرتُ بقسوة لأتمنى الأقل فالأقل و لا شيء تحسن و حسن حسنًا
فماتت الأمنيات قبل مولدها , و فُطم الرضيع قبل السنتين
فلا امنياتٌ تتحق و لا أملٌ يفطم و يشبع و تموتُ الأرواح و هي تتمنى ! تنادي هل من ملبي
فتُغلق كل الأبواب ولا يلُمُ امنياتها إلا بابه الواسع هو الرحمن الرحيم
يوجد بأرضنا التي قد وهبنا الله إياها للكد و التعب مسيلمتان كاذبان احدهما دُفن بقبره و طارت روحه و آخرٌ يعيش بأرض مصر
و يأخذ الدنيا لهوٌ ولعب وينسى او يتناسى انها كدٌ و تعب
وعد وأخلف , خاصم وفجر, حدث و كذب , اؤتمن فخان
وعدني بالزواج واخلف
و خاصم فمال عن الحق كذوبًا ففجر
و حدثني عن ابناءنا الذين لم يروا نور الحياة الى الآن ولم يروها بتاتًا لانهم واقعين تحت الحرام
و أتمنتُ روحي عنده ولكنه تركها مجروحة و ترك ندوبها بين ماءٍ ونار
و ها انا بجانبِ شبيهه و لكن على سنًا اكبر , اللون الرمادي ينتشر برأسه و بيداه تشققات الدخول بسن العجز و جنتيه معبرٌ للتجاعيد و مقلتيه منكمشتان
تكيست قامته بالهرم و كأنه ميتٌ على ارض حية !
يترواح عمره بالخمسينات و لكنه يظهر بعمرٍ أكبر لأنه زج براحته مقابل الأموال , وابنه بمصر يزجُ نفسه بالفجور و كلاهما اختارا الطريق الخاطىء
كان بإمكانه ان يعيش براحة ليضاهي عمره مظهره و كان بإستطاعته ان يختار المكان المناسب لئلا يُعذب بآخرته
و انتفضت يداي و انا اشعر بيديه المجعدة التي يمسح بها على يدي
لا أدري ما الجرأة التي تمكث بداخلي الآن , فأنا لا اشعر بالخجل كما كنتُ اشعر امام ركاض !
أخذتُ انظر لأدق تفاصيله أربطه بإبنه الكاذب المخادع , اما هو فلم يترك جزءًا مني لم يمسحه بيديه و كأنه غير مصدقٍ لوجودي بجانبه
وانتهى مطافه بأعلى رأسي فلثمه و جذبني لصدره , في بداية الأمر شعرتُ بالإشمئزاز لقربه مني لهذا الحد و لكنه اخذ يسحبني و يشدني حتى شعرتُ بنبضِ قلبه
فتلاحقت نبضاتُ قلبي وراءه و كأننا بماراثون اما غالبٌ او مغلوب
و غلبني بملئه صدري حنانًا من أضلع صدره
فتراخت قواي بصدره وانا التي قد شعرتُ بحنانٍ لم أحظى به بحياتي اطلاقًا !
ليس كحنانِ امي ! , و ليس كحنانِ ركاض المخادع ! إنه حنانٌ يجرني إليه !
ما بالك ِ يا مارسة هل ستحبيه من بعد حبك ِ لركاض ؟!
هل ستحبي هذا العاجز الهرم ! , و انت ِ الفاتنة الربيعية
اهل يحبُ الربيعيون الخريف !
هل يحبُ الربيع ان تتساقط اوراقه و تتغير ألوانه لتتغير ماهيته المعهودة ماهيته التي تحمل اجمل السمات إلى ماهيةٍ بالية
و بكيتُ بصدره ولا أدري لما ابكي , أهل ابكي حظي العاثر ؟ اهل ابكي نصيبي الحدر ؟ و احلامي التي بلا ظفر , متى يصحو زماني ليعتذر !
و يعتذر فلا يعتذر أما يقتدر ! ام يقتدر و يتعالى علي كبر !
و كل من حولي يدهسني كبر اما آن الأوان للنصر , قل يا قدر هل آن الآوان للنصر فلتجب بالمختصر فما عاد بداخلي صبر .
*
*
أبعدتُها عن صدري و انا امسح دمعها الجمان المسجور بوجنتيها , و كم تُلامس عينيها الباكيتين قلبي
أحببتُها منذ رؤيتي لعينيها الساحرتين
لثمتُ يديها و بصوتٍ حنون إلى اقصى حدٍ ممكن : مارسة انا بتركك الحين ترتاحي وبكرة اجيك ِ .
مسحت بقايا دمعها ليرسم الكحل الأسود العربي خطوطه بوجهها النقي الصافي كماءٍ عذبٍ زلال
خرجتُ من حجرتها و انا اترك روحي بداخلها تجوبُ و تجول من حولها و لا حول لها و لا ادري اهل ظانع اجبرها ! ام ان الزيجة تمت برضائها !
فلما تبكي و هل بكاء قلبها يجدي ؟ , و بالرغم من ذلك دموعها ذهبٌ يهطل فيطليها صقولاً
من أي زمنٍ جاءت هذه الفتاة , و من أي طينةٍ خُلقت
أشعر بسعادةٍ لا يمكنني وصفها لأول مرة منذُ رحيلهم أشعرُ بهذه السعادةِ الجمة
وخرجتُ من ديار ظانع متجهًا للمسجد لأداء صلاة العصر .
***
ومضت أيام وانا لم أتحدث معه و هو لم يتصل
هل تضايق ؟ , لكن ما الذي بوسعي ان افعله هو لن يستطيع الزواج مني لئلا يُغضب والده و حتى يقنعه يحتاجُ وقتًا طويلاً
هل أجلس طيلة الوقت بإنتظاره و أرفضُ كل من يتقدم لي حتى ينتهي نصيبي فأجلس بالمنزل عانسة
لكن تذكري قول نجيب محفوظ لا توجد فتاة عانس ، توجد فتاة منع الله عنها شر زوج غير مناسب و إبتلاء زوج فاشل
و ماذا تعني هذه الذكرى تعني الوقوف على رصيف الإنتظار وتضييع كل القطارات بإنتظار قطاره
كثيرًا من الوقت يجيء على لساني أدعيةً على زوجته ولكني اتماسك و لا ادعي عليها فأنا التي ستدمر حياتها ان دخلت بحياته
انا التي احبه و لا مجال لحبه لاني محال ان يكون له
هو لها وهي له
و لكن أنـــا أين اكون بينهما !
ضمير منفصل كليًا عن بقية الضمائر
ضائع و لا ضمير يشفق عليه
أُحِبُك يا معن .
مشيتُ بإتجاه المطبخ لأتناول الغداء الآن الساعة الخامسة عصرًا .
***
و ها هي الأيام قد مضت و اصبحتُ صفحةً واضحة لمشعل
صفحةً بها طلاسمٌ حُلت من بعد انعقاد
صفحةٌ بها كلماتٌ مأسآوية انتشلها ليبقى بداخل الصفحة سعادةٌ لاتزول ولا حزن يقبع بين طياتها
و كيف لي ان أصف راحتي , كنتُ أخجل من كل شيء
كنتُ أحاول اثبات رجولتي بأي طريقة رغم اني رجـل
ولكن نقطة تحول بطفولتي جعلتني اتخيل ما لا يوجد وها انا اليوم استعيدُ ذاتي القديمة
أشعرُ بأن هويتي تُعادُ لي أشعر الآن اني ناجي ابن عبدالقوي و زوج عُزوف اصل الحكمي
و رغم شعوري الإيجابي مشعل يُصر أني لازلتُ احتاج للعلاج النفسي
اجلس وانتظر فهو قال لي ان انتظر شيئًا سيسعدني ولستُ أدري ما هو
حتى دُق الباب و رد مشعل : تفضل
دخل رجلٌ ما للحجرة ألقى التحية و كان علينا الرد بالأحسنِ منها
مد يده إلى مشعل يُسلم عليه بحرارة
ثم مدها لي وسلم علي ايضًا بحرارة ولكن اقلُ من مشعل
و سلمتُ عليه وانا إلى الآن لا أدري من يكون هو
جلس على الكرسي من امامي و نظر لمشعل قائلاً : هذا دكتور ناجي
ظهرت اسنانُ مشعل لإبتسامته : ايه نعم
نظر إلي وابتسم : اتشرفت بمعرفتك دكتور ناجي , انا حسان
كيف لي ان أصف شعوري وانا أرى صورةً مني متمثلة امامي عانت كما عانيتُ بل أكثر
ماذا عساي ان اقول ؟ , كيف لي ان أعبر ؟
ان تشعر بأن قطعةً من مجتمعك عانت مثلك تمامًا واكثر ثم لآقت الفرح والفرج من بعد التعاسةِ والصبر
أمرٌ يبعثُ بالروح راحةً تملىء السماء و الأرض بتخمةِ أمـل
إتسعت ابتسامته : وصلتني اخبار من مشعل انك الحمدلله بتنتهي قريب من العلاج و هالشي كثير اسعدني , صدقني الي مر من حياتك مرحلة قد ما كانت متعبة
قد ما هي بتعطيك سعادة ما تماثل اي سعادة , سعادة تحسسك انك مولود جديد نقي ما اتلوث بوساخة الدنيا
سعادة بتخليك دايمًا الأقرب لربك والشاكر له تأكد انه الي حصلك ما هو الا ابتلاء من ربي و الله اذا احب عبده ابتلاه
ناجي انت شي كبير من حياتي عشته لكن كانت لك ردة فعلك المغايرة لردة فعلي وكان هنا موقع اختلافنا .
و تبادلنا اطراف الحديث و ماتت اجزاء كبيرة من خوفي و عاشت ثقةً شديدة البأس .
*
*
و ثاني خطوة بالعلاج النفسي زرع الأمل بقلب المريض
إبتسم لهما قائلاً : ما شاء الله حِلْيت لكم السوالف و تركتوني على الهامش , " و بمزح وصوتٍ ثخينٍ مصطنع " بــره يلا بــره وراي شغل لازم اخلصه قبل المغرب .
نظر إليه ناجي قائلاً : اقول حسان كمل ما عليك من مشعلوه .
***
قمتُ من على الكرسي بعد إصرار من غزال وهي ترسل بالخادمات إلي
إستأذنتُ من محمد السائق او احمد لستُ أدري فأنا أناديه بكلا الإسمين
دخلتُ للمنزل و استقبلتني هي تقف امام الباب صرخت بصوتٍ عالي رغم أن صوتها ناعم بشدة و مهما صرخت يبقى منخفض
إلا انها قد صرخت حتى ظننتُ أن حبال صوتها ستتشقق : لاتجلــس معاه مرة ثانية يا جلال آخر مرة احذرك
حاولتُ التماسك و بتساؤل وصوتي هادىء : و ليش ما تبغيني اجلس معاه ؟ غزال احنا كبار عن الهبل و حركاتك هاذي مالها مبرر
رجال مقابل رجال وش فيها قعدتنا .
مسحت على وجهها , و هي تبتعد عني بإتجاه الدرج : من بكرة محمد بطرده .
لماذا تتصرف بهذه الحماقة ؟
أيعقل انها تعرف عن حياتي السابقة ؟!
و لكن كيف وهي من جاءت بي من البحـر .
***
فركتُ عيني , اغمضتُها وفتحتها بسرعة
و دلكتُ مقدمة رأسي
نظرت إلي رغد قائلة : اشبك يا هوازن ؟
إبتسمتُ لها من بين ارهاقي : شوي صداع عشان هالفترة ماصرت انام زين شغل وعيال و زوج .
إبتسمت لي بود : الله يعينك يا رب
ادخلت يدها بحقيبتها واخرجت منها , عُلبة دواء مدتها لي قائلة : هذا دوا للصداع كويس مرة خذيلك حبة
أخذتُ العبوة منها و تناولتُ حبة
مدت لي بكأس ماء و شربتها
و استلقيتُ على الكنبة تبقى القليل على انتهاء الدوام فالساعةُ الآن السابعة مساءً يجب علي ان اعيد ترتيب اوقاتي .
***
جلستُ بجانب ابنائي على الأرض
نظرتُ لوائل الذي يمسك بالقلم ويحركه بالكتاب ولا يحل شيئًا
بتساؤل : اشبك يا وائل
نظر إلي وعقد حاجبه بإنزعاج : صعب مو عارف احل
إبتسمتُ له و بحنان : ومامتك وين راحت ؟! هاته اعلمك
إقترب مني وهو يضع الكتاب بالأرض
كان سؤالاً بكتاب العلوم " لماذا تشعر بألم بساقك بعد الركض ؟ "
شرحتُ له السؤال حتى استنتج هو الإجابة و اخذ يكتبها بكتابه
فتقدمت بلقيس بواجباتها
فساعدتهم بها وانا أشعر بسعادة لا تضاهيها اي سعادة
هؤلاء من خرجوا من احشائي
يالله كم كبروا
يالله كم انا مقصرة بحقهم
يالله سامحني
و مضى الوقت سريعًا و نحن نتضاحك و نتدارس و نأكل
أجمل ايام حياتي قضيتُها مع ابنائي
كيف تركتهم وحدهم
كم كنتُ قاسية ؟
لأول مرة يا معن اشعر انك تفكر جيدًا
هذا اول معروف قدمته لي جعلتني اشعرُ بهم .
طُرق الباب وفُتح بذات الوقت
لم أرفع رأسي فقد ظننتُها الخادمة و لكن صوت وائل و بلقيس جعلني ارفع رأسي بغرابة
بــــــابــــا
تقافزوا حوله سعيدين لم يسعدوا بتواجدي كما سعدوا بتواجده !
و هو لما يتواجد هاهنا؟ , وهو الذي لم يسبق له الدخول لحجرتهم او انه دخل مرات تُعد بأصابع اليد لقلتها
إبتسم لهم دون ان يصدر اي كلمة
جلس بجانبي و وضع يده خلف ظهري همس بإذني : " لا تعجَبي من صباحٍ فيه فُرقتُنا بل اعجبي من مساءٍ فيه نتّحدُ "
رفعتُ حاجبي و بإستنكار : وين بتوصل ؟
ببرود : و لا مكان , بس وجهك السعيد هذا ذكرني بالماضي و تذكرت البيت المشترك .
بذات الصوت المنخفض : وليش جاي ؟
نظر إلى بقليس و وائل : بشوف عيالي ولا عندك مانع
بإستنكار و غير قبول : و من متى انت تهتم تشوفهم او تسأل عنهم
بصوتٍ مستفز : من اليوم
أغمضتُ عيني و بصوتٍ ضعيف : معن والي يسلمك اخرج من حياتي يعني بعد ماخليتني احس بشعور الأمومة جاي تنكد علي عيشتي ! وانت عارف اني الحين مستحيل افكر بالخلع .
عاكس كلماتي التي تدل على الغضب ببروده : يلا من الشطور الي يبوس ماما بيدها و راسها
قام كل من وائل و بلقيس يلثماني فإبتسمتُ لهما واحتضنتهما لصدري و قد نسيتُ تواجد معن هاهنا
فلم أشعر إلا بحرارة جسده من خلفي
صدره العريض يغطي ظهري و يُقبل بثغره شعري وهو يقول بصوتٍ طفولي غير لائقٍ برجولته البدوية الشرقية : و انا كمان احب الماما وابوسها .
أدرتُ رأسي بإتجاهه وانا اهمس بقهر و غيظ : وين بتوصل يا معن .
لم يعرني اهتمامًا سحبني حتى انسحبا معي وائل و بلقيس فأصبح لكلٍ منا قسمٌ بصدره
أسند ظهره على الجدار وهو يقول : بحكيكم قصة
و اخذ يحكي لهم
و بين الفنيةِ و الأخرى يلثمني بشعري !
ماذا تريد يا معن ؟
إلى اين ستصل ؟
أعلم انك جئت لهنا لغرضٍ ما
و ليس لأبناءك
ولكن لما ؟!!
***
نظرتُ إلى نفسي بالمرآة بقميصي الأسود و شعري الأحمر الذي يتناثر من حولي
قميصٌ يظهر الكثير ولا يخفي إلا القليل
لبستُه سابقًا عن حب و ألبسه اليوم انتقامًا منه
سأعيدُ علاقتنا قويةً كما كانت لأكون الأقرب إليه لأعرف اليوم المنتظر فيسقط هو و كامل عائلتُه بالهاوية السحيقة
علقتُ قلادتي الصليب برقبتي
أمسكتُ بأعاود الثقاب وانا أشعلها لتضيء الشموع بليلةٍ حمراء سوداء بحقيقة الأمر كسواد ردائي
جلستُ على السرير و امسكتُ بكتيب له أُقلب به بين الرسومات الهندسية و انظر إلى خطوطه المستقيمة بعكس اعوجاج خطواته واخلاقياته
و فُتح باب الشقة , هو بالعادة يدخل للمطبخ و يضع ما جاء به من طعام بداخله , لكنه اليوم غير وجهته لغرفة نومه ليدخل بسرعة وهو ينظر لي بغير تصديق قائلاً : اخيرًا اشفقتي يا مي وحشتيني
و ضعتُ المجلة بجانبي و صلبتُ طولي وانا اقترب منه
حتى اصبح لا يفصلنا شيء قبلتُه قُبلةً عميقة وانا اهمس : وانتا اكتر .
مرر يده على عمودي الفقري و أزاح شعري للجانب
لمس بيده اليسرى فخذي وهو ينظر لعيناي بعمق : ليـش ؟
غصبتُ إبتسامتي : علشاني بموت عليك
أمسك بقلادتي واخذ يُقلبها بيديه و بصوتٍ خافت : كذابة مو عشان كذا
***
إنتهى الجحيم
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
كونوا بخير $