حرف يقتلني
مازلت أرسم من نزيف الجُرح
أغنية جديدة ..
ما زلت أبني في سجون القهر
أزماناً سعيدة
مازلت أكتبُ
رغم أن الحرف يقتلني
ويلقيني أمام الناس
أنغاماً شريدة ..
أو كلما لاحت أمام العين
أمنية عنيده ..
ينساب سهم طائش في الليل ..
يُسقِطُها …. شهيدة …
لــــــ فاروق جويدة
الجحيـــم
( 16 )
** لا تلهيـكم الروايـــة عن الصـــلاة **
طرقتُ الباب و بعد سماعي لإذنه دخلت بتمام الساعة الثانية ظهرًا
كان يجلس على مكتبه و بشفتيه إبتسامة للطارق كعادته
ألقيتُ التحية كاملة , فردها كاملة
جلستُ بأحد الكرسيين المقابلين له , و بتساؤل : خلصت ؟
وهو ينظر للملف الذي امامه ثم رفع بصره إلي : لا باقي رجال بعد نص ساعة علاجه .
بتساؤل : وش هي عِلْتِه ؟
بأسف : معليش يا ناجي ما اقدر اقولك هاذي اسرار مرضاي ولازم ما افشي فيها .
" ولازم ما افشي فيها "
هل اخبره عني ؟ , هو قال انه لا يفضح السر
إذًا لن يخبر أحد
ولن يعلم أحد
بأن ناجي إبن التاجر عبدالقوي
ذهب بأقدامه لطبيب نفسي
إبتعلتُ ريقي وبتردد : مشـعـ..ل
رفع بصره إلي و بإستغراب من نبرتي التي يغلفها التوتر : وش فيك ؟
رفعتُ يدي إلى رقبتي أحكها و ألتزمت بالصمت مدة ليست بقصيرة
بينما هو أسند ذقنه على ظاهر يديه و تفحص ملامحي بتركيز تام , و بتساؤل : ناجي في حاجة حابب تقولها لي ؟
شتتُ بؤبؤة عيناي بعيدًا عنه , وقد قررتُ أن أدس الأمر عنه
إني أشعر بالخوف , مخارج صوتي متوفيات بالقبور , قلبي أُبتلي بفوبيا نتيجة أحداث تغتل الحياة
كيف للرجل أن يخاف , إني أشعر بالخجل من حالي المزري
إني لا أستطيع الإفصاح , أعيش بعذاب أُجبرت معزوفتي أن تعيش به
أُجبرت معزوفتي أن تبكي بما لا دخل لها بهِ
أُجبرت قارورتي ان تنكسر و تدخل بعملية التدوير لتعود قارورة لا يشوبها خدش ما فيشوه تقاسيمها الفاتنة
و أُجبرتُ أن احمل قلب طفل بجسد رجل
طفل عاش يعلم ما لا يجب أن يعلمه
كبر جسده و ظلت أفكاره في مركز الدائرة
ما أن أخطو بنصف القطر حتى أعود بخيبة إلى المركز
يبتعد عني القوس أميالاً و أميال
فلا محيط دائرة يفتح الحصار عني
و لا نقاط قوس تتفرق لتضعف و أخرج من مساحةٍ ضيقة لا تكفيني .
دخل صوتُه عنوة بمساحة دائرتي وهو يقول : ناجي وش فيك يا اخوي ؟
إبتسمتُ بربكة , و وضعتُ يدي بحجري و بتبرير : ما فيني حاجة
وقفتُ بسرعة وانا اتوجه للباب
هتف بـ : ناجي
فلم أُجبه بل خرجتُ من الحُجرة
لا أستطيع المواجهة هو إستشاري بارع و سيفهم كل ما تحويه نفسي إن قعدتُ وقتًا أطول عنده .
*
*
اليوم تأكد من شكوكه فلم تصبح شكوك , إنما حقيقةً مؤسفة
لم يتوقع لوهلة أنه سيعالج طبيب
غير هذا طبيب مقربٌ إليه
و حالته مستعصية فهو يحتاج وقتًا ليُفصح
ينتابه بعض الريب بأن ناجي قد تعرض لحادثةٍ ما بماضيه
فلم يستطع طمر الماضي و نسيان ما حدث
فذاكرتُه تجبره على العيش بالماضي على أرض الحاضر
لكنه بالوقت نفسه لا يعلم ما السر الدفين بماضيه
لقد كان يكذب فمن ردات الفعل المعروفة بعلم النفس الإنشغال بشيءٍ بالجسد حال الكذب
وهو أنشغل برقبته بل و تفرقت بؤبؤتا عيناه بكل ركن قائم يحمل سقف غرفة طبية
شهدت بطبيب قُتل منذ الأزل .
***
إنتهت محاضرتي منذ فترة طويلة ولكني قضيتُ هذه الفترة عند نوال للتحدث عن البحث
الذي إقترب موعد تسليمه ونحن إلى الآن لم نبدأ به
فتحتُ باب غرفتي و دخلت و أغلقتُه
ركضتُ بإتجاه السرير و أنا أرمي ثقلي به و أتقلب لليمين والشمال " آه ما أجمل الراحة "
رن جوالي يُعلن عن وصول رسالة
دُقت اجراس قلبي بجنون , هل يمكن ان يكون هو ؟
لم أُطِل التفكير , أخرجتُ الهاتف من حقيبتي
ودقاتُ قلبي بنبضٍ مرتوق
دُقت نواقيس الخطر
خطرٌ تحت حُب المجهول
فتحتُ الرسالة واصابعي ترجف بلا توقف
كُتب : لن أذكر رقم اليوم لقد عدت أيامًا طويلة
لكن سأقول أنظري يا انهار إلى المكتب وستجدين مرادكِ .
قمتُ بسرعة وانا أتعثر بخطواتي إلى المكتب
فإذا ببحثي قد أعده
إبتسمتُ رغمًا عني وانا أعض شفتي , لأُخفي سعادتي
لما انا سعيدة من تصرفاته
هل بالفعل أحببتُه ؟! كيف لي ان أُحب مجهول لا اعرفه ولا أدري ما نواياه
وصلت رسالة أخرى إلى الجوال
ومع إهتزاز الجوال بيدي سقط أرضًا
نزلتُ للأرض و أنا أمسك الجوال وافتح الرسالة التي كُتب بقلبها
أُحِبُــــــــكِ
ولكن ليس من ذات الرقم
إنه من رقم المعتوه
" معـــــــــــــــــــن "
نعم إنه إبن التاجر عبدالقوي
هل يعقل بأنه المجهول ؟!
كيف هذا ؟ قد كان لا يطيقني
بل و كان يستفزني بصغائر الأمور
كيف أحبني
و كيف أحببتُه دون علمٍ مني
قد كنتُ أُبادله شعور الكراهية
كيف لي أن أحبه دون غيره من الخلق
بغضتُه معلومًا و أحببتُه مجهولاً
لا تعصيني يا قلب لتدق بسرعة تزلزل قوتي
لا تنبض يا قلب بإضطراب فتضعف وتحتاج أكسجين
صدق يا عقلاً تعيش بالقلب
صدق يا قلبًا تتربع بالصدر
ان كلمة " أُحِبُكِ " ما هي إلا كلمة رخيصة يجيد نطقها كل شيطان مارج
يُشكل بها الفتاة كيفما يشاء و عندما تُشبع رغبتُه يرميها بكل جلافة
فلا يحتضنها أهل تبروا منها
و لا يتزوجها رجلٌ أشفق لحالها
تكون كسيرةً هشة بلا مأوى
و لا مأوى إلا الله
أتاك عبدك تائبًا فأويه يالله
فيأويهِ الله بواسع رحمته
لن أدخل بهذا الحب
لم يكن الحب يومًا محرمًا ولكن الإفصاح بالحب و تأسيس العلاقات هو المحرم
لن أكون منهن
لن أكون رخيصة
لن أبيع بديني
و لن أبيع بأهلي
ولن أبيع بقلبي
لن أبيع بعرضي
تأكد يا معن من هذا
و لا تحاول الإمعان بقطعٍ من ذهب أُلقت بأنهار
فكانت نهرًا من ذهبً يخاف على نفسه
لن تستطيع الإمعان
و لن تحصل على ما تريد
كيف لك أن تبغضني و بلمح البصر تحبني !
***
رمى الملف على المكتب من أمامي
فرفعتُ عيني إليه و أخفضتها إلى الملف و بتساؤل : هذه الإحصائية ؟
جلس على الكرسي و أجاب : ايه
إبتسمتُ على استغراب و انا اقلب صفحات الملف : جاه من بدري ما شاء الله
سمعتُ نبرتُه المبتسمة دونما ان انظر إليه : ايه , ما شاء الله الكل مستعد و الكل يحاول بكل قدرته يساعد من التقليل من هالوباء
توقعتُ هذه الإحصائية و بالفعل توقعي لم يخب , رفعتُ بصري إليه وانا ألعب بأصابعي بأطراف الملف : ضبا النسبة الأكبر كنت متوقع هالشي لانه لها طريقين
فأكيد ينزلون من الطريقين وبدل ما تنزل شحنة و حدة تنزل اثنين .
بإهتمام : بكذا احنا لزوم نراقب هالطريقين , أعداد المدمنين بكل شهر بمستشفى الأمل يزيد واحنا على حطة يدنا
لزوم نتحرك و نساعد اولاد الوطن .
مسحتُ على حاجبي بيدي اليمنى و بموافقة : ايه والله , بنشدد الرقابة هناك و بنحاول نراقب حتى بالأيام الغير متوقعة ما يندرى يمكن يكون عندهم علم باليوم الي بنراقب فيه
و ما ينزلون و ينزلون بيوم ثاني فالأفضل ناخذ حذرنا منهم .
سنأخذ احتياطنا منهم هذه المرة ففي كل مرة يغدروا بنا و تنزل البضاعة بسلام ويموت ابناءنا ادمانًا
لن نسمح لهم بالتمادي اكثر من هذا , لا بد من إعتقالهم و إيقافهم عن العثو بالأرض فسادًا و ذلك بمقتلهم كما ذُكر بالقرآن الكريم , لم يتبقى شيء على صدوح صوت آذآن العصر بالأرجاء و هزها للقلوب الخاضعة للرحمن .
***
أشعر بأن قدمي مكبلة بأغلال حديدية ثقيلة تمنعها عن الحركة
أريد التحرر من قيود التردد , فإن لم أغتنم الفرصة اليوم
سيموت الغد و المستقبل بأكمله
سأبقى خادمة عشقت سيدها ولم تناله و لن تناله
لقد أحزمتُ أمري و فوضتُ نفسي
اليوم سأخبره بقراري الأخير
اليوم لن يكون ركاض عشيقي
بل سيكون بمثابة إبنٍ لي
المضحك انه إبنٌ أكبر مني بأربعة أعوام
اليوم لن يكون ركاض شيئًا بعدما كان كل شيء
أشد الغباء ان تكون طيبًا في زمنٍ ينتقد الطيبة
من الغباء ان تكون الأفضل بمجتمع الأسوأ
فلتكن الأسوأ مثلهم لتكون الأقوى
تعلمتُ دروسًا
و درستُ منهجًا
كان عنوانه " لعبة شطرنج "
و كان أبطاله
ركاض و مارسة
كان المنتصر ركاض
و المهزوم مارسة
لكن اليوم سيصدر
الجزء الثاني من المنهج
لتكون مارسة المنتصرة
و ركاض المهزوم
و يغلق المنهج للأبد .
جلستُ بالأرض على السجاد الكحلي , نظرتُ إليه وهو يأكل الغداء " الكبسة "
بهدوء : ابوي
لم يرفع عينه إلي بل أخذ يتابع الأكل بشراهة و همهم بخفة بمعنى " تحدثي بما لديك "
عضضتُ شفتي بشدة حتى تفجر الدم و صداه المعدني قُذف بلساني و كأني أعاقب نفسي الواهنة التي لا تريد النطق
بل انها اصبحت لا تجيد تنميق الأبجديات و كأنها لم تتكلم العربية يومًا أصبح للساني همهمات و آهات لا يفهمها بشري قط
كالحاسب الذي لا يجيد لغة بني البشر , قد أكون بهذه اللحظة أكثر حيوانٍ أليف يحاول بكل الطرق أن يكون شرسًا و أن يثبت نفسه
أغمضتُ عيني , و رفعتُ أسناني عن شفتي المتشققة بفعل شراسة حيوان أليف
يمتلكُ شراسة جسدية تضره و شراسة نفسية تقتله حيًا
و لا يمتلك شراسة تضرهم و تقتلهم احياءً
أخذتُ نفسًا طويلاً غائرًا , فتحتُ عيناي و بهدوء يشوبه التردد : موافقة
رفع عيناه لي و أحد حاجباه إرتفع لأعلى و بريب : على ؟
طبقتُ جفني على عيناي و فتحتها و عدتُ تارةً أخرى لأطبقها , و بذات ترددي : عبدالقوي
إختفت شراهتُه عن الطعام و تلاشت معالم التساؤل عن ملامحه
إرتسمت على وجهه معالم غير مفهومة
و طالت الدقائق وعيناه مصوبة بإتجاهي دون أن ينطق ببنس شفة
بتنبيه له هتفت : يا ابوي
باسطت الإبتسامة شفتيه و بدت السعادة تضج بعينيه , و بحبور : و هاذي الساعة المباركة يا بنيتي و تأكدي ما به حد بيسعدك غير الشيخ عبدالقوي
و كلها كمن اسبوع او يوم وهو عندك خاضع يريدك زوجة له .
ما الذي يجعلك متأكدًا من هذا يا ابي ؟
لماذا أنت متأكد من ان عبدالقوي سيتزوجني ؟
لما هذه الثقة يا أبي ؟
***
على أرض القاهرة , بقي على أذآن العصر ساعة , أسبغتُ و ضوئي كما قال صلى الله عليه وسلم : " لا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط " .
من هواياتي انتظار الصلاة بعد الصلاة لكن الذكرياتُ تفرض وجودها حتى بساعات الإنتظار
حتى نفحاتي الإيمانية تتباعد جزيئاتها من نتانة الماضي
لنكمل الذكرى الزنخة
*
و وجدتُ المطلوب إنها ورقة مطبوقة بالنصف خُط بقلبها كلمات ترمي به بالسجون
كُتِب :
إلى الضابط السعودي هزاع
نشكرك على حسن صنيعك و وقوفك بجانبنا لآخر لحظة حتى نزلت البضاعة إلى السعودية بسلام
و حقك سيصلك بأسرع وقت
التاجر : ربيع .
*
علمتٌ حينها احد خفاياه السوداء هو ضابط سعودي خائن لبلده
يتعامل مع تجار مخدرات ويجد المقابل
طبقتُ الورقة كما كانت وادخلتها بجيب بنطالي
حسنًا هذا دليل كبير ضده
إما يتزوجني و إلا سأفضحه
سمعتُ صوت الباب يُفتح فتعالت ضرباتُ قلبي
و للذكرى بقية ..
***
ضربتُها بخفة بيدها التي تعبث بشعرها وانا اصففه لها
قالت بصوتٍ آسف : معليش يا عُزوف ما اقصد اخربه .
إبتسمتُ لها بهدوء : عادي يا هوازن بس لا تصيري كذا شكاكة بيطلع شكلك حلو ان شاء الله وانا اليوم خصوصي ما رحت المعهد عشانك انتِ , وفوق هذا خايفة اخربلك شعرك
بتبرير و هي تحرك يدها بالهواء : لا , لا و الله مو كذا بس عشان اول يوم دوام لي واحس بتوتر
وضعتٌ علبة " البنس " على التسريحة و أمسكتُ بذقنها و انا ارفعه للمرآة و بإبتسامة : طالعة حلوة ما شاء الله ولا تخافي ان شاء الله خير
بادلتني الإبتسامة بإبتسامة أوسع , وبكل ابتسامة صدقة : إن شاء الله و انتِ يا عزوف ربي يوفقك بالمعهد و ييسرلك دراستك يا رب وتحققي حلمك و اشوفك دكتورة كبيرة .
تنهدتٌ بعمق وصورة ناجي تُرسم أمامي
انت يا ناجي اكبر حلم
و لكنك لن تستمر حلمًا
إما تُصبح حقيقة اذا اجتزت الإمتحان بنجاح
و إما تصبح سرابًا ان أخفقت بالإمتحان
إمتحانان ستمر بهما و بحسب النتيجة ستكون عُزوف لك او لا تكون
نظرت هي الى الساعة التي تحيط بمعصمها و قالت : الساعة خمسة ونص اكيد الكاسر جا هو قالي اول ما تصير الساعة خمسة انا بجيكِ آخذك للمركز , " قامت من على الكرسي و بإبتسامة خجولة " : شكرًا عزوف ممنونة لكِ .
أومأتُ برأسي بهدوء
و أخذتُ أُرجع أغراض التجميل لأماكنها المخصصة .
*
*
طوال الوقت الذي كانت هي منشغلة فيه بتسريح شعري كانت تبكي بصمت
و ما ان تهبط دموعها إلى فجوة فمها فتشعر بالملوحة حتى تمسح عينيها الحمراوتين
و كأنها لا تدري انها كانت تبكي !
كانت تنظر إلي برعب خوفًا من أن اكون قد رأيتُ دمعها , فكنتُ أُطأطأُ رأسي و أتشاغل بأي شيءٍ أمامي حتى لا تشعر بالحرج مني
لا أريد التدخل بخصوصياتها ولكني بذات الوقت لا أريد رؤيتها باكيةً حزينة
هل السبب أنها إلى الآن لم تأتي بطفل ؟ أم أن هنالك سببٌ آخر ؟
هل أُصارحها برؤيتي لها باكية لتصارحني بسبب بكائها فنبحث عن حلٍ مع بعضنا البعض
أم هل أخبر الكاسر وهو يُحادث أخاه ناجي
هل ستتضايق ان أخبرتُ الكاسر ؟
دخلتُ إلى الجناح لأجده قاعدًا بالصالة يتابع قناة " بداية "
رفع عيناه لي وأبتسم بود
ألقيتُ التحية فردها
تقدمتُ بخطواتي نحوه , جلستُ بجانبه
أخذ الريموت واخفض الصوت
قال بصوتٍ حنون : قمر ما شاء الله اللهم صلِّ على النبي .
رفع يديه إلى فمه و هو يقول آيات التحصين
بينما أنا أخذتُ ألعب بأصابعي بتوتر
لم يسبق لي و أن وضعتُ مساحيق التجميل أمامه
و لم يسبق لي و أن لبستُ هذا النوع من الأردية
أهتم بنفسي لكن ببساطة
لا أحب البذخ غير ان بذخ عُزوف قد غير من هيأتي المعتادة
لم أشعر إلا بيده الدافئة وهو يمسح على جسدي بدايةً من شعري انتهاءً بأخمص اقدامي
ثلاث مسحاتٍ من بعد نفثات
و استقرت يده اليمنى بجبيني
سحبني بيده اليسرى إليه
و بصوتٍ آسر : الله يحفظك هوازني .
أخفض رأسي ولثم خصلات شعري .
***
وصلت تغريدة " واتس اب " إلى جوالي , خرجتُ من صفحة " التويتر " لأدخل إلى تطبيق " الواتس اب "
كانت التغريدة من نسرين التي تعرفتُ عليها بالمعهد
*
كتبت : السلام عليكم
كيفك عزوف ؟
عسى ما شر ليش غايبة ؟
كتبتُ لها : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
الحمدلله بخير وانتِ شخبارك وكيف " توقفت اصابعي عن الحراك شيءٌ ما يدفعها على المسح و آخر يرغمها على الكتابة , حاولتُ قتل حقدي و حسدي فهي طيبة و لا تستحق الا الخير "
" أكملت " و كيف ولدك عساه بخير ؟
" و اكملت " الشر ما يجيكِ يا قلبي , جلست بالبيت ازين اختي اليوم اول يوم لها بالداوم مثل ما قلت لك وهي ما تثق الا فيني في التجميل ^ _ ^
بالله عليـ
*
توقفتُ عن الكتابة حالما سمعتُ صوت المفاتيح
هل أبدأ بالإمتحان الآن ؟ أم أأجله للغد ؟
سأرى إن كانت ملامحه تستقبل الإمتحانات و من ثم أستهل بالبداية
تظاهرتُ بالإنشغال بجوالي بينما كل حواسي معه
توجه إلى حجرة النوم بسرعة ومن ثم هتف بإسمي بصوت اجش : عزوف , عزوف
قلت : هاه
على دخوله للحُجرة
غريب أمرك يا ناجي دائمًا ما تفعل هذا الفعل
تدخل إلى حُجرة النوم بسرعة هوجاء تبحث عني ثم تهتف بإسمي بصوت مبحوح
و عندما ترآني تختفي معالم الخوف عن ملامحك
لما هذا الخوف ؟ لماذا تبحث عني ؟
و كأنك عشيق تبحث عن معشوقتك تخاف ان تتركك بأي لحظة
و في الحقيقة نحن زوجين نتشارج على أصغر الأمور
و لا يوجد بيننا أي تواد و تعاطف
إرتمى بجسده على الكنبة بجانبي
أخذ ينظر إلي بهدوء
بينما انا لم أرفع عيني عن هاتفي
لكن نظراتُه طالت , وطالت الدقائق
سحب الجوال من يدي بخفة , بشبه ركوع و ضعه على الطاولة من أمامنا
وضع رأسه بصدري و أخذ يدفنه أكثر فأكثر وكأنه يريد زرع نفسه بداخلي قلبي و لا يدري بأن قلبي بوسطى اصابعه
قال بصوتٍ كسير , متحشرج دبّ الخوف لأوصالي : عرف يا عُزوف واضح انه عرف , اخاف يفضحني حتى لو ما فضحني انا اخاف يسألني ولو سألني بإيش اجاوبه ؟
رفع يده اليمنى إلى خلفية رقبتي يمسح عليها برفق و بوهن : اقول له الحقيقة ؟ كيف بقابله ان قلت له كيف صعبة والله صعبة
انا استحي من نفسي كيف اقول لغيري عني كيف اقابلهم بعد كذا , ليش حظي بالدنيا كذا يا عُزوف ليش ما اكون مثلهم
ليش دايمًا الكدر يلاحقني ليش ما ابتسم براحة اضحك براحة وافكر بصفاء ؟
عن ماذا تتحدث يا ناجي ؟
أتشعر بالضياع و الضعف كشعوري ؟
أتشعر بأنك أضعفهم كما أشعر ؟
أتعيش بنفس الدائرة المغلقةالتي اعيش بها ؟
هل كُتِب لنا الشقاء دون الرخاء ؟
إلى متى فقد نفذ الصبر , أتستحي انك رجلاً بلا إبن
أتستحي مني يا ناجي
من ذا الذي سيعلم بحقيقة حياتنا ؟
إبتلعتُ ريقي و أنا أنطق بضعف بعكس القوة التي قد خططتُ لها مسبقًا : ناجي عادي تزوج من غيري , و منك المال ومنها العيال .
و كانت ردةُ فعله معاكسة لما رسمتُه بخيالي
دفن رأسه بشدة بصدري و أحاط بيديه ظهري
حتى شعرتُ بأن ظهري قد إنقسم إلى انصافٍ , و انصاف انصاف
لما تتشبث بي هل يعني هذا نجاحك بالإمتحان الأول ؟!
*
*
ما بالك يا معزوفة اتحدث عن وهني
و تظنين اني اتحدث عنكِ !
أتظنين ان نقطة ضعفي الأطفال
هل وصل بكِ الظن بنفسك إلى حد أني اتحدث عن نفسي فتشُكي بنفسكِ
لا تستحقين هذه القسوة يا معزوفة
هل تريديني ان اتزوج من غيرك لأظلمها كما ظلمتكِ
هل تعتقدين بأنكِ قبيحة واني لا أقتربُ منكِ لقبحك
أما تعلمين ان الله لا يخلق إلا جمالاً .
***
تركتٌ القلم بمنتصف الملف و اغلقته , بتمام الساعة السادسة مساءً
هل ما فعلته صحيح ؟ لماذا كنتُ أشعر بالحماس لهذه الفكرة وعندما اصبح التنفيذ سهلاً مات شغفي
لماذا لا أقوى على جرح أنوثتكِ وانتِ جرحتي رجولتي سنينًا تلوها سنين ؟
لماذا يا عُطرة عطرتي بعبيركِ غيري ؟ , لما أضعتِ شرفكِ وعفتكِ ؟ , لما دنستي بثوبك ؟
ما الذي أعجبكِ به إلا حد تفريطكِ بدينه , ليس وسيمًا إلى هذا الحد وليس حنونًا إلى هذا الحد و لا يملك المال
إذًا لما خنتي ثقة امكِ و أباكِ بكِ ؟
والمضحك انكِ تكذبين , تُقْسِمين أنكِ لم تخنعي بثوبك , تحلفين انكِ طاهرة عفيفة
و الطبُ يُقسم بأنكِ فاجرة ليس إلا
إن رجولتي بآخر الليل تضعف امام تقاسيم وجهكِ الفاتنة , امام تفاصيل جسدكِ المتناسق
امام عطركِ الأنثوي الذي يوجد بكِ دون غيركِ
بدجى الليل اتقلب على النار
يشتد الشواظ بأسفل أقدامي
أمد يدي إلى تفاصيلك
فترجع أدراجها للفراش
إن كانت بتفاصيلك جمالٌ ظاهري فبداخلها قُبحٌ لا يوصف
أي رجل يعيش مع إمرأة باعت نفسها بأرخص ثمن
حتى وان كانت في الرابعة عشر من عمرها صغيرة لا تعي
هي تربت بقبيلة تجعل من كل صغير , كبير عالم
كانت تعلم انها على عتبات الفجور
كانت تعلم انها تدُقُ نواقيس الخطر بكلتا يديها
لربما ان كانت تربت ببيئة أخرى غفرتُ لها
اما ببيئة قبيلتنا فلن أغفر
أبقى رجلاً شرقيًا له مميزاتُه و عيوبه
رجولتي تحتاج لإمرأة تمده حبًا و حنانًا
و ما احتاجه سأجده عند غيركِ يا عُطرة .
***
فتحتُ الصندق المحذوف في الدولاب بإهمال
و جدتُ بداخله بطاقة شحن و تحت البطاقة حُفِر على قعر الصندوق كلمة " أحبك " و رقم هاتفها
ماذا تظن هذه الفتاة ؟ , وكيف تفكر ؟ , وهل تصرفها هذا ناجم عن مصيبةٍ ما ؟
جعلتها تسلك الطريق الخاطىء و لا هناك من يرشدها
أم أنها بالخطأ تمشي بلا سبب يُذكر ؟ لا أظن هذا فإنكارها لأمها دليل على أن هنالك ما جعلها تنكر انوثتها
لتعيش و كأنها رجل قاسي وهي بالحقيقة انثى ناعمة
ما الذي جعلكِ تتصرفين بهذه الحماقة يا حمدة
ما الذي جعل من حمدة حمود ؟
ما دخلكِ يا عُطرة ؟!
دائمًا تحاولي حل مشاكل الغير
لتجعلي من حياتهم سعادة دائمة لا تزول
بينما أنتِ لا تستطيعي حل اتفه مشاكلك
عشتِ أحد عشر سنة ليس كما تريدي ان تعيشي
كرستِ حياتك لأخواتكِ الصغيرات
و هن ماذا قدمن لكِ ؟
لماذا دائمًا أنتِ المضحية رغم انكِ بالحقيقة اقواهن واشدهن بأسًا ؟
لم تفكر احداهن بكِ
و بعدما ضحيتي لأجلهن
حان الموعد لتضحي لمراهقة بمدرستكِ
نعم هي تضحية لأخلاقي
فاليوم سمعتُ الطالبات يتحدثن عني و عنها بسوء
و عن علاقة هي بالأصل لم تنشأ بيننا
إشاعاتٌ و إشاعات ضحيتها أُناسٌ لا دخل لهم بشيء
اليوم الطالباتُ يتحدثن وغدًا الملعمات
إلى متى سأبقى المضحية للجميع ولا هناك من يضحي لأجلي
لا دخل لي بالطالبة
و لا دخل لي بأخواتي
نهاية المطاف اقترب يا معن
يا من تمعن النظر بسيئاتي و تترك كل حسناتي .
***
لا أدري كيف لي أن أصف سعادتي
أشكرك يالله فهذا من فضلك ثم أشكرك يالكاسر لأنك حققت حُلمي
فُتح " مركز الكاسر للخير "
مركز يضع به الناس صداقتهم
و يعاد هنا ترتيب الأغراض
و من ثم توزيعها على الفقراء
المركز خاص للنساء دون الرجال
المظيفات اللاتي قد وضعهن الكاسر للعمل بغاية الطيبة
رفعت إحدى المظيفات يدها لأعلى وهي تهتف بتنبيه : استاذة هوازن اذن المغرب
إبتسمتُ لها , و أومأتُ برأسي , و جررتُ خطواتي إلى دروات المياه للوضوء .
***
طبقتُ سجادة الصلاة بعدما صليتُ العشاء , و أخذت أنظر إليه وهو يحرك يده على الأرض بلا هدف
و غيره نائم
و الآخر يدور بالحُجرة
و بأجواء الهدوء ظهر صوت صدى ضحكته الجنونية
نظرتُ إليه بإستغراب : هزيم وش فيك بسم الله عليك ؟
لم يهتم و وضع يده ببنطه و هو يتابع الضحك
بإستنكار : هزيم اشبك ؟
وضع يده بعينه وهو يمسح دموعه الوهمية , و بهدوء يُعاكس ضحكته : لين متى بنظل على هالحال ؟ كثرة الجلسة متعبة للعقل
ما في شي مهم نفكر فيه نشغل نفسنا فيه أحس اني بتجنن بين هالجدران احس بالضيق يا اغيد
شباب بأعمارنا جالسين يفكرون بمستقبلهم و يتحلمون بالزوجة والذرية الصالحة
و احنا لا مستقبل و لا حلم و لا حتى اصل و هوية تثبت وجودنا تثبت اننا على قيد الحياة , حرام نضحك بغمرة الحزن
انا بضحك بأعلى صوت يمكن حزني يذوب بوسط ضحكتي الذابلة .
زفرتُ لأُخرج آهة مدفونة بصدري , و بصبر : ما ورانا غير الصبر والتوجه لله يا هزيم صدقني هذا بلاء من ربي و ربي اذا احب عبده ابتلاه
لا تفكر بالناحية السلبية حط بعيونك الإيجابي في افضل من حب ربي لك ؟
في افضل من نعمة الإسلام ؟
و في افضل من وقت الفراغ الي انذكر بحديث الرسول ؟
الله اعطانا نِعْم يمكن كثير بغمرة ضيقهم يبحثون عنها
يبحثون عن ديانة تخرجهم من ظلالهم للنور
يبحثون عن رب يستجيب دعواتهم
و يسمع لآهاتهم و انينهم بدجى الليل
يبحثون عن خير البشر أقوال و افعال يتخذونه قدوة لهم
لكن ما يحصلون وان حصلوا ما يقدرون يتمسكون
في افضل من اننا عشنا يتامى مثل ما عاش رسولنا
في اشياء كثيرة قد ما هي مؤلمة الا انها اعطتنا دروس كثيرة .
إبتسم من بين أشجان عميقة بعينيه و بصوتٍ مبحوح : ونعم بالله .
***
نظرتُ إلى القطرات التي تسيل على الكأس الزجاجية لأسفل , على عكس يدي التي ترتفع لأعلى و تبتعد عن محيط الكأس
لماذا تبتعد يدي لأجل حياة مخادعٍ كاذب اوهمني بحبه لي و من ثم أنكر هذا بكل بساطة والحجة اختلاف الجنسيات و الديانات
إن كانت هذه حجة مقنعة لكنتُ أنا مثله رافضة للزيجة منه و لكني على نقيض هذا انا اتمنى قربه
لا تمنعيني يا يدي , دعيه يتسمم فيدمن
لا ترحمه يا قلب فهو لم يرحمك قط
لا تهتم لأمره
أبعدتُ يدي عن الكأس بضعفٍ له
رميتُ كيس المخدرات بالمغسلة وأخفيتُ آثار جريمتي عن أخي الذي لا ولن يرحمني ان علم بخيانتي له و لعمي
رميتُ الكيس ليس شفقةً عليه
بقدر ما هو خوف على نفسي من الموت من بعد موته
نعم فحياتي معلقةً بهِ
أخاف أن يموت هو فيموت قلبي
فأكون جسدًا بلا روح
إبتعدتُ عن المغسلة و حملتُ الصينية التي تستقر عليها على الكأس
و لم أكن أعلم بأنه يراني
بصوتٍ حـاد : مــــــــــي
***
إنتهى الجحيم
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
كونوا بخير $
حبايبي الجحيم الجاي ما بيكون يوم السبت
بيصير السبت الي بعده
لأنه علي اختبار كيمياء و احياء
رجاءً إلتمسوا لي العذر
هاذي آخر سنة لي ولازم النسبة تكون عالية