لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (2) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 29-08-14, 02:33 PM   المشاركة رقم: 71
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2013
العضوية: 254562
المشاركات: 501
الجنس أنثى
معدل التقييم: الشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 867

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الشجية غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الشجية المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: حيزبون الجحيم / بقلمي

 
دعوه لزيارة موضوعي

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة sanooona مشاهدة المشاركة
   روووووعة بارت ابداع عسولة كتبت رد طويييل وفصل النت عندي ومنزلش الرد ~~ اهي اهي
لكن اليوم بس نزل معي حبيبتي وربي يوفقك في كل حياتك وبما انو جاية الدراسة نبواا باااااااارتاااااااات طويييييييييييييلة جداااااا جدااااا
عشان تصبرنا وقت انشغالك
وطبعا اايد كلام حبوبتي Delo-ib من الكويت وبقلها حبيتج سنونا من ليبيا


*
*
*

مرورك الأروع

يا عيني اذا كان بنيتك تكتبي رد طويل بأي منتدى يفضل تكتبيه على تكست ثم تنسخيه وتحطيه بالمنتدى عشان ما يروح تعبك هباء

آمين يارب وان كنتِ تدرسي فلكِ الضعف يا عيني

ههههههههههههههه للأسف الجحيم طوله عادي وللحين ما اكتمل باقي مقطع و القفلة و مراجعة

تأيدينها لكن انا مو بيدي اصلح هالأخطاء لانها مضت من زمان ليتكم موجودات من الجحيمات الأولى حتى تقولولي اما الحين فما اقدر اقول الا لا فات الفوت ما ينفع الصوت



أنرتِ | $



*
*
*
















 
 

 

عرض البوم صور الشجية   رد مع اقتباس
قديم 29-08-14, 05:53 PM   المشاركة رقم: 72
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jun 2012
العضوية: 242872
المشاركات: 21
الجنس أنثى
معدل التقييم: sanooona عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 30

االدولة
البلدLibya
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
sanooona غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الشجية المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: حيزبون الجحيم / بقلمي

 

ياعسل أنت ربي يسعدك ويحفظك
معاااااااك معاااااك معاااااك
وبننتظرك للآخرررر يا عسل
الحلووو يستاهل الصبر والانتظار
وكتبته الرد وبعدين ارسال على طول وعلق النت عندنا في ليبيا حسب الظروف واحيانا لا يوجد نهائي وانا اكتب من الجوال وما خطر على بالي تكست ذكرتيني
مشكوووووورة يا قليبي وبجد بجد بجد
حبيييييييييييييتك

 
 

 

عرض البوم صور sanooona   رد مع اقتباس
قديم 29-08-14, 05:58 PM   المشاركة رقم: 73
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2013
العضوية: 254562
المشاركات: 501
الجنس أنثى
معدل التقييم: الشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 867

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الشجية غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الشجية المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: حيزبون الجحيم / بقلمي

 
دعوه لزيارة موضوعي

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبداع أنثى مشاهدة المشاركة
   صباح الخير ي معذبني بحبك

أول شي أحيييك ع الرائعععععه ذي ..أبددددداااع فاااق الوصف

تصدقين بديت أقرأها بنهم أبي ألحق معاكم للبارت اللي وصلتم له ..

ماشاء الله عليك ..حسيت بسلاله الاحداث مافي أي صعوبه واجهتها حتى اللهجه سلسه

أبيك توعديني ي معذبني بحبك أن نهايه الروايه تكون سعيده ..يكفي أسم الروايه وأحداثها تقتلع القلب

خليني أخذ منك الآمان بمجرى الآحداث ونهايتها تكون مرضيه تكفييين

وأبي أسألك متى نزول البارت ,,أن شاء الله بكون عضوه نشيطه معك بالردود




*
*
*


يا هلا بالسُكره

يالبى و انا أحييكِ على السرعة العجيبة بالقراءة تبارك الرحمن

هههههههههههه اللهجة سلسة ! إنتِ أول وحدة يا عسولة تقولي ذا الكلام

اممممم صعبة والله اني اوعدك بشي يمكن ما اوفي فيه
كلامي هذا مو يعني انه الرواية حزينة
لا لكن كما أسلفت بمقدمة الرواية انه النهاية غير مؤلفة
اي غريبة غـــــــــــريـــبة جداً
ما اقدر اقول عنها حزينة او سعيدة
لكن اوعدك انها بإذن الله نهاية مرضية
إن انوجدت العبرة مهما كانت النهاية
راح تكون حلوة لأنه الهدف وصل

الحين روايتي تقلع القلب ! ليش طيب حرام عليتس و الله اني طيبة في كاتبات اكثر شر مني

ان شاء الله بكرة حبيبتي
و يسعدني انك تكوني متفاعلة معاي
و الموعد ثابت على كل سبت

وفقكِ الله لما يحب و يرضى (*) ^_ ^ (*) > تجرب الأشكال

أنرتِ | $





*
*
*













 
 

 

عرض البوم صور الشجية   رد مع اقتباس
قديم 29-08-14, 09:50 PM   المشاركة رقم: 74
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2013
العضوية: 254562
المشاركات: 501
الجنس أنثى
معدل التقييم: الشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 867

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الشجية غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الشجية المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: حيزبون الجحيم / بقلمي

 
دعوه لزيارة موضوعي

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة sanooona مشاهدة المشاركة
   ياعسل أنت ربي يسعدك ويحفظك
معاااااااك معاااااك معاااااك
وبننتظرك للآخرررر يا عسل
الحلووو يستاهل الصبر والانتظار
وكتبته الرد وبعدين ارسال على طول وعلق النت عندنا في ليبيا حسب الظروف واحيانا لا يوجد نهائي وانا اكتب من الجوال وما خطر على بالي تكست ذكرتيني
مشكوووووورة يا قليبي وبجد بجد بجد
حبيييييييييييييتك



*

*

*

و ياكِ يا رب

سعيدة انا بتشجيعك هذا و ان شاء الله ما اخيب ظنك

أحبكِ الله الذي أحببتيني فيه يا جميلة


كوني بالقرب



*
*
*















 
 

 

عرض البوم صور الشجية   رد مع اقتباس
قديم 29-08-14, 11:35 PM   المشاركة رقم: 75
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2013
العضوية: 254562
المشاركات: 501
الجنس أنثى
معدل التقييم: الشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 867

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الشجية غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الشجية المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: حيزبون الجحيم / بقلمي

 
دعوه لزيارة موضوعي


قول الحكم بن قنبرٍ :


إن كنتَ لست معي فالذكرُ منكَ معي*
قلبي يراك وإن غيبتَ عن بصري
العينُ تبصرُ من تهـوَى وتـفـقـدهُ*
وناظرُ القلبِ لا يخلو من النظـرِ



الجحيـــم


( 14 )


** لا تلهيـكم الروايـــة عن الصـــلاة **



رفع يده للأعلى وهو يهتف : ظانع إقرب .
مشيتُ على مضض بإتجاهه , الجو اليوم حار ومكتم
مسحتُ العرق عن رقبتي و وصلتُ إليه
جلستُ على الكرسي مقابله و بهدوء : سم يالشيخ عبدالقوي
وضع السجلات التي بيده جانباً : سم الله عدوك " أخذ ظرف من فوق السجلات ومده إلي و بجدية " تفضل هذا راتب بنيتك و بيوصلها راتب غيره مع بقية الخدم .
أخفيتُ سعادتي , و بدهشة : ليه يالشيخ وش فرقت فيه بنيتي عنهن ؟
بتبرير كاذب : لا بس هي بنية الغالي ظانع اكيد بتكون غيرهن
تمتمتُ بيني وبين نفسي " و وينك من زمان ما قلت ظانع غالي والله وطحت يا عبدالقوي و لا حد سمى عليك "
بإمتنان و شكر مصطنع : تسلم تسلم يالشيخ , صح انك ما تنسى حد من خيرك الله يزيدك .
أومأ برأسه , و وضع النظارة بعينيه , أمسك بالقلم و فتح السجلات و أخذ يخط بها .
مضيتُ إلى المنزل , فتحتُ الباب و لم أخطو بالصالة
بل فتحت الظرف وانا أخرج المال
شهقتُ بقوة , و أرتسمت إبتسامة نصر بثغري
وضع بالظرف ثلاثون ألف ريال
حقاً كيدهن عظيم لقد كادت بك
و سقطّ بهواها بلا دراية منك
إذا كانت هذه البداية فما النهاية يا ترى ؟
كم أنا بلهفةٍ لهذه النهاية
النهاية التي سيسطع بها إسمي بالأرجاء
فأصبح سيد و تصبح خادم
سمعتُ صوتاً قادم بإتجاهي
أخرجتُ خمسة و عشرون ألفاً من الظرف و وضعتها بجيبي
و تركتُ لها خمسة الآف بالظرف
أخاف ان يسألها ان كانت تسلمت المال
فحينها سأكون بموقف محرج معه
لن أضع نفسي بهكذا مواقف انا اذكى من هذا
تقدمتُ بالخطى فإذا بإبنتي مارسة ستخرج
أوقفتُها بيدي , فرفعت عيناها لي و بإحترام : تبي شي يا ابوي ؟
مددتُ الظرف إليها وبإبتسامة : ايه يا بنيتي ذي أموال من عبدالقوي لك , عطاك الحين راتب و بيعطيك مع الخدم غيره
" و أبتسمتُ بسعادة " طاح بحبك يا بنية و بنحصل ما نريد من مال و كله بإسمك بإذن الله .
ولم نكن نعلم بأن هنالك من يقف خلف الباب ويسمعنا .
فهنالك صوت حذاء ارتطم بحصى و أزاحها عن مسارها حتى إصدمت بالباب
شعرتُ ان عقلي قد توقف عن التفكير ماذا لو كان من هو خلف الباب عبدالقوي ؟ فقبل قليل كنتُ عنده
و بالنظرة الإجابية قد لا يكون هو , أو يكون الشخص بالأصل لم يمسع شيئاً
نظرتُ إلى مارسة فإذا بوجهها يكسيه البرود , بالطبع هو لو كان عبدالقوي هي لن تخاف و ستضع اللوم علي
لم يطل تفكيري كثيراً فهاهو الباب يفتح , و هاهي العيون تجحظ و القلوب نفاختها كضجيج سريان الماء عبر الأنابيب بسريان دماءها
و ظهر الجسد من وراء الباب
تنفستُ بإرتياح بعد رؤيتي لزوجتي صائمة التي قالت وهي تشير بإتجاهنا : صح الي سمعته يالظانع تريد بنيتك تناسب عبدالقوي !!
أبعدتُ مارسة عن طريقي و تقدمتُ الخطى لداخل المنزل بعيداً عن أرض الفناء
بينما هي خطت خلفي و خلفها مارسة
جلستُ بأرض الصالة
و جلستا امامي , بحنق : معقول يالظانع ما تفكر به , حرام عليك ببنيتك تدري كم عمرها بالتسع تعش و عبد القوي بالخمسينات ناظر الفرق وش كبره
لا تضيع بنيتك بكم قرش لا راحوا ولا ردوا .


*

*


عمري تسعة عشر سنة ؟! هه كم أنا مضحكة كنتُ أظن بأني بالعشرون من عمري , ماذا يريد ركاض فتاة حتى
عمرها لا تعرفه ؟! , بلهاء و حمقاء يا " أنا "
هل اتزوج أباك يا ركاض لأقهرك ؟ هل افعلها ؟
فحتى انا قد لاحظتُ تغير تصرفات عبدالقوي اتجاهي , كموقف الدبلة لم يصرخ إطلاقاً
على الرغم من انه لا يجيد أساليب التفاهم إلا مع بنات ابو أصلان
لكن هل اضيع شبابي مع عاجز ؟
كم اتمنى ان أُصبح السيدة و تصبح الخادم لتتجرع الوجع الذي جعلتني اتجرع منه بل و استفرغه مرضاً
أحزن كثيراً على نفسي فكيف لفتاة لم تدخل بعقدها الثاني و تفكر بكل هذه الأمور
لكن انا على يقين بأني افضل من غيري
منهم من فقد أباه وامه و غيره فقير و آخر مشرد و الآخر منهم مريض بما ليس له علاج بعضال فتك به و اهلكه
حمداً لله على ما كُتب لي , قمتُ من على الأرض فالآن الساعة الثالثة اقترب العصر , توجهتُ للخارج إلى حيث القصر لأُلازم عملي وامي و أبي بصراع الحديث عني .


*

*



وضعتُ يدي بفخذه و بتوسل : يا ظانع حرام عليك ذي بنيتك
أزاح يدي عن فخذه , و قبض عليها بين يديه بقوة و من بين اسنانه : يالصايمة سكتي عن الحنه و انتِ ادرى بإنها ما هي ببنيتنا فسكتي
بقهر و صوت شبه مرتفع : لا ماني بساكتة ذي بنيتي حتى وان ما طلعت من جوفي هي بنيتي ترضى عليها بالشين يالظانع
شعرتُ وكأنه سيقلع أصابعي لقوة دفعه لها للخلف , و بحدة : ماهي ببنيتنا و عبدالقوي وش هو الشين به ! والله انه رجال بمية رجال مال و قصر وعماير وش تريد بنيتك الجاهلة الملقوطة و الخادمة اكثر منه
تجهم وجهي و بحنق : ان كانك مُصر على ما تريد فالعلم اليوم يوصل لعند الشيخ عبدالقوي
سحب يدي حتى سقطتُ بثقلي على قدمه , فإذا به يسحب قدمه من تحت رأسي , ليسقط رأسي ارضاً و بجلجال صوته : شتقولين صابك جنون ! تريدين تفضحيني بين العربان
رفعتُ رأسي عن الأرض وانا أُبعد شعري المشيب عن وجهي بعدما ترك يدي و بمقاطعة : ايه والله ان بعلمه و اناظر وش بتفعل حزتها .
اقدحت عيناه شراراً و بتهديد : هه والله ان كانك تعلمي لعبدالقوي بحاجة والله ثم والله ان اقول حق مارسة انها ملقوطة ولا لها حاجة عندنا و ناظري بحزتها كيف دميعاتها ما بتوقف هطيل ويومك تريدي تسكتيها
بتقولك هاه يا يمه يا صايمة كذبتِ علي تسع تعش سنة ! و لا هي بتواقف نحيبها هاه تريدين لها الكدر والكره لك الباب يوسعك و يوسع جمل .
إبتلعت ريقي وجسدي يهتز و بخوف : لا يالظانع الا حزن مارسة و الله ان قليبي ما يقدر يناظرها منكسرة
أردفتُ برجاء : رجيتك يالظانع قل تم رجيتك مارسة لا تقربها من الشيخ عبدالقوي والله انها ما تناسبه ابد
بإصرار , و هو يحرك يده بالهواء : مارسة لعبدالقوي من يومها رضيع انا ما خذيتها و ربيتها بذاك اليوم كذيا , تدرين بكرهي للبنيات و تدرين غير كذيا ما كان إلنا قدرة للصرف على فردٍ غيرنا
انا خذيتها و كبرتها حتى اصبحت بذا العمر لتنال عبدالقوي زوج لها .
بصدمة ولا تصديق : فكرت بكذيا من يومها رضيع !!! و انا بحزتها كنت بحيرةٍ من أمري كيف انك تكره البنيات و تريد تربية ملقوطة
" و بذات الرجاء و التوسل " يالظانع رجيتك السماح , امسحها بوجهي يالظانع وخلها تتزوج من نصيبها ومن و لدان جيلها , وش تريد يومك تزوجها للشيخ عبدالقوي
الحمدلله حنا بنعمة و العيشة وناكلها وتزيد .
و عيناه تلتمع بجشع : حنا ما نريد لقمة عيش , حنا نريد كل هالقصور كل هالعماير و قلتلك اني فكرتي ان تعلمي عبدالقوي والله ان اكسر بمارسة و اعلمها انها لقيطة .
بوجع و لوم : ماسكني يالظانع و شادد بي من يدي المتوجعة .
بتجاهل و أمر : يلا فزي يا بعله و حضري قهوة و قربي التمر .
توكأت بباطن يدي على السجاد الكحلي لأقوم واقفة ملبية لأمره .
مارسة يا من إعتبرتكِ إبنتي ولم أُفكر لوهلة انكِ لستِ سوى لقيطة
مارسة إني والله لا أعلم بما يجب علي فعله كان يفترض إخباركِ بالحقيقة
منذ صغركِ اما الآن فستضعين اللوم بي و تقولي " استغفلتوني "
ستغضبين ومن حقكِ ان تغضبي فكيف لكِ أن تعيشي سنوناً بطولها و عرضها
مع أناس اعتبرتهم اهلاً لكِ و ما هم بأهلك
هل أخبركِ لأُبعدكِ عن عبدالقوي ؟
أم هل أصمت لتتزوجي عبدالقوي و لا تتضايقي مني ؟



***


مسحت العرق عن جبهتي وبضيق من الحر : هفففف اشبهم ذولي محاصرينا ؟
قالت نوال وهي تحرك الورقة بوجهها لتداعبها نسمات الهواء قليلاً لعل شيئاً من حرها يزول و بملل : مدري عنهم هفف احس روحي بتطلع
رشفتُ من الماء الشبه بارد و بقهر : اقلها يخلونا جوا و ش هالغباء الي فيهم
سحبت مني زجاجة الماء لتفتحها فتسكب منها القليل على يدها لتمسح وجهها , رفعت رأسها إلي ومدت القارورة : شكراً نهور
أخذتُ الزجاجة بقوة و بنصف عين : شكراً هاه الي يشوفك يقول استأذنت
بإبتسامة : اصلاً ما بينا استأذان و لا حتى شكر بس مدري وش جابني اشكرك و ليتني ما شكرتك
رفعتُ لساني حتى ارد فإذا بصوت المايكروفون " الرجاء من الطالبات الإلتزام بالنظام لحين انتهاء الدكتورات من التفتيش "
بإستغراب : عن ايش بيفتشون الحين ؟
رفعت كتفها لأعلى و أخفضته : مدري بس يمكن مخدرات
عقدتُ حاجبي وبذات الإستغراب : غريبة التفتيش على المدارس اكثر
بلامبالاة : غيروا رأيهم , احنا ايش علينا نتفتش و نرجع البيت
بموافقة : ايوة والله ايش علينا نستنى ما ورانا شي بس هذا الحر يقتل
و بدأ البحث عن مدنين و مروجين المخدرات بالجامعة و المفآجأة ان النسبة كبيرة جداً لم أعتقد لبرهة ان هذا العدد الكبير سينزل
فهذه الأعداد تتجاوز أعداد المدارس
نظرتُ للجانب الأيمن حيث تقف احد الطبيبات و تُمسك بيد الفتاة لترفع كُمها و الفتاة رافضة لما تفعل بها الطبيبة
ولكن أصرت الدكتورة على رفع الكُم و ظهرت بذراعها علامات و بقع دماء مطبوعة بقميصها
رفعت الدكتورة عيناها لأعلى و رفعتُ عيني فإذا بعين الفتاة محتقنة إحمرار
تحك انفها بقوة و العرق يصب من ردائها
قالت الدكتورة بحدة : هاذي بعد امسكوها
من المفترض اننا قد عدنا للمنزل منذ فترة طويلة جداً ولكن هذا البحث قد أشغلنا , فالآن الساعة الخامسة الا ربع عصراً .



***

الآن الساعة الرابعة إلا ربع , أخذ يرسم بالتخطيط رسوماً هندسية دقيقة و عندما يحتاج للمسح يرفع قلم الرصاص و يثبته مابين اذنه و خصلات شعره السوداء
و لم يعرني اي انتباه و كأني سراباً
أمسكتُ بالصينية و اقتربتُ منه على مضض . و حتى يلتفت لي , ضربتُ الصينية بقوة على الطاولة و انا اضعها
رفع رأسه إلي ومن ثم أخفض عيناه إلى الصينية , و عاد ليرفع عينه إلي إبتسم بود و امتنان : مشكورة يا مي على هالليمون بيريح اعصابي شوية
أخذ كأس العصير و هو يرتشف منه بسرعة و يبل حلقه الجاف و يرخي أعصابه التالفة
جلستُ على طرف الطاولة امامه و انا أنظر إلى رسوماته
احتضن يدي بيده اليسرى , حتى رفعتُ رأسي إليه
قال بتساؤل : وش فيكِ مي ما انتِ على بعضك ؟
حركتُ رأسي بالنفي : ما فيني حاقة
وضع الكأس على الطاولة و أمسك بيدي بيده اليمنى و رفعها إلى ثغره و لثمها و بحنان : الا فيكِ شي
إبتلعتُ ريقي وبذات النفي : لا مافيش حاقة انتا بيتهيألك كده .
بهمس : وش فيكِ ؟ قولي الي مضايقك و بساعدك لا تخافي مي انا اعتبرك مثل اختي الصغيرة الي ما جابتها امي
انا ما عندي اخوات و انتِ بمصر اختي وكل شي بدنيتي انتِ ملامحك بدوية بشكل كبير اشوف في عيونك و طني اشوف نفسي فيها احسها جزء مني .
بحرقة واستنكار : أختـــــــك !! و الأخ بيعامل اختو زي مراتو ؟! الأخ بيئول لأختو ادا تجوزت مصرية ما بتجوز الا انتِ ؟!
بإبتسامة باردة : لأني مستحيل اتزوج اي بنت ما هي من وطني
شعرتُ و كأن دلو ماء بارد صقيع هطل فوق رأسي , و بوهن : ركاض بلاش كدب , ركااض انتا وعدتني
اخذ نفساً عميقاً و زفر : مي افهميني انا احترم كل الجنسيات لكن اولاً انتِ مسيحية و فوق هذا انتِ راهبة كنيسة و متمسكة بالكنيسة
كيف بخليكِ تهتدين و تدخلين بديانتي و مستحيل ارضى نجيب عيال يتربوا بديانتك غير كذا انا اليوم اعترفت لك اني احب بنت من بلدي
بإنكسار , و دمعي ندي بخدي : انتاااا استغفلتيني اخدتيني على أد عئلي أُولت دي صُغيرة و هلعب عليها و لعبت بيا ليه هيا دي مارسة احسن مني في ايه ؟
بنت بلدك و بديانتك و انا مش البدوية الي بتشوف بعيونها وتنك مش انا الي سلمت نفسها لك بكل سهولة
صلب طوله و أخذ يدور بالحُجرة و هو يسحب شعره عن جذوره بشدة , و بحدة : مــي لا تلوميني انتِ الي بعتي نفسك لي انا لا قلت لك قربي و لا حاجة وانتِ من يوم ما عرفتيني
وانتِ عارفة اني لعاب وانه اي بنت تغريني انتِ عارفة اني رجال شهواني و بعتي نفسك الحين جاية تعايريني و تحطي اللوم عليا قبل تحطيه بنفسك و بعدين ترى انا ما استغفلتك
صحيح انتِ كنتِ صغيرة يوم جيت لهنا كنتِ بنت بالمتوسط بس كنتِ تفهمين كل شي وبعدين انا ما قربت منك الا لما دخلتي الثانوي يعني واعية وفاهمة
و يكون بمعلومك مارسة بعمرك بالتمام كل الي بينكم اسبوع او شهر بالكثير بس كانت غيــــــر غيـــــر كانت بريئة ماتفهم شي من سواد الوجه
كنت اخاف ألوث براءتها كنت اشوفها اجمل لوحة بالأرض وعدتها و وعدتها وجات السنة الي بوفي فيها وعودي لما رجلي تخطي بأرض الوطن .
وقفتُ من على الكرسي وبقهر و انا أحرك يدي بالهواء : بس انتااا أولت انك بتحبني ليه بتكدب عليا ليه بتعلئ ألبي فيك , " بصوت مرتفع " ما تجاوب بئى ؟ ليه بتعمل فيا كده ؟
إقترب بخطواته مني كالأسد الثائر الهائج و عيناه بها عروق حمراء , امسك بكفيه كتفي و هو يهزني وبغضب : مي انا احبك احد قال لا , بس انتِ فهمتي كل شي غلــط انا احــبك كأخت لا أكثــر افهمي لا أكثــر كيف تبين تتزوجين واحد قلبه معلق بغيرك ؟
مـــي لا تخلي علاقتنا تموت بعد ست سنين افهمي يا مي انا قلبي ما ملكه الا مارسة قلبي بالسعودية انا عايش هنا بلا قلب بلا اي حياة انا ضيعت نفسي و بعت ديني و مبادئي و تقاليدي وكل شي
والله لا درى احد من اهلي عن حالي هنا و اقسم بالله انهم بيجروني للقبر هم ما يتوقعون حتى واحد بالمية اني لاهي انه يعدي علي ايام وانا ما صليــت
و ليل كل يوم اقضيه بالمراقص و بأحضان البنات و المشكلة بهذا كله اني مو قادر اترك هالحياة ادمنت المراقص ادمنت البنات و الويسكي لكن ان شاء الله لا رجعت للوطن ببطل
اول كنت امارس هالشي مع الشغلات الحين برفض دخول اي شغالة لغرفتي و بنظفها بنفسي حتى ما انحط بالغلط " بحسرة و صوت مكسور " تدري وش اكبر قهر اني بسوي هذا لمارسة قبل اسويه لله تعرفي وش معنى هذا اني احبها اكثر من ربي
يعني مشــرك انا مشــرك أكذب على نفسي و اقول لله هو لو لله كان من زمان انا فكرت بالتوبة لكن لا لما جيت بنزل للسعودية قررت اني احاول اتوب
أبعدتُ يديه عن كتفي و أتجهتُ للباب و بقوة : الي بينا انتهى يا ركاض من اليوم .
قلبي بطارية تضخ الدم ان كنت تشحنه بوجودك حولي , و ان ابتعدت من ينير درب دمي سأموت يا ركاض
لما ركضت بمياهي العذبة الجارية و زدتها عذوبة و رحلت سراباً
لما هذه القسوة ؟ من هي مارسة التي ملكت قلبك ؟
لماذا انا الضعيفة تحت الحكم , حكم حُبك و انتقامي منك
دخلتُ بالبلوى وحدي لما لم نكن بالهم سواء ؟
أخي وعمي من جهة و حُبك من جهة و مارسة التي ظهرت بالفترة الأخيرة من جهةٍ أخرى
لا تمارسي يا مارسة انتقامكِ مني لركاض فأنا لم انتقم بعد
يبدو بأن الحياة ستنتقم مني قبل ان انتقم , يفترض انك قد أدمنت السموم ولكن أي سموم و لم يشوب قلبك شائب ضار يلوثه مرضاً
فإلى قبره أو أغلال زنزانته .


*

*

هل رحلتِ يا مي
يا من كنتِ لي وطن
عيناكِ بها وطني
أقسم اني أرى بها نخيلها و تمرها و صحراءها
أرى بها بدوية بهيئةٍ حضرية لا تليق بها
أرى بها أصالةً شامخة
هل تخليتِ عني بآخر سنةٍ لي ؟!
مارسة هذه اول خساراتي لأجلك و أنا على يقين أني سأخسر أهلي لأجلك
فأمي ساجدة لن ترضى ان يتزوج ابنها بجارية
لن تقبل بهذا أعرف امي جيداً
ستخطو مدن المملكة السعودية مدينة , مدينة تبحث عن أجمل نساء الأرض
و لا تدري بأن أجملهن تقبع بأرض ديارنا
بعينيها براءة لا توجد بإي إمرأة
بعينيها قصة كنتُ أنا راويها
هل تتذكرين سيناريو حكاياتنا القاسية المتناقضة
هل تتذكرين ابعادي لكِ بكل جلافة و اعجاف لكِ حتى صرتِ الواهنة , الضعيفة
هل نسيتي رجلاً و عدكِ ولم يفِ بأي وعد ؟
هل نسيتي ركاض يا مارسة ؟
لكن تأكدي ركاض لمارسة و مارسة لركاض .


***


الآن على ارض القاهرة و على سجاد غرفتي بتمام الساعة الخامسة عصراً , أعيشُ ما بين ذكرةٍ و أخرى آهةٌ غارقة و لا هناك من يكفكفها , فمن سيزيل جراح سنين مديدة ؟
بعد ان فقدتُ شرفي و عدتُ إلى أمي واخواتي منكوسة الرأس , أصبح قلبي مغلفاً بالسواد بالإنتقام و أخذ الحق
و إن كانت طرق الأخذ محرمة .


*

*


دخلت سيارة التاكسي السوداء ذات الطراز القديم بين الحواري العتيقة تتوقف ما بين لحظةٍ و أخرى لأجل أطفال يلعبون بمنتصف الطريق
و آخر يبيع بليلة و هنالك من يتعاركون بالأيدي و رجلاً يدخن و آخر عاجز
حارة مليئة بالأُناس منهم الصالح و منهم الطالح و لشديد الأسف انا على ارض حارتي صالحة و خارج اسوارها طالحة والرب واحد بكل سبيل
بصوتٍ عالي يغطي على صوت ام كلثوم من التسجيل : لف يمين و وئف عند اول عمارة .
دخل إلى الزقاق الضيق , و أخذت عجلات السيارة تحك بتراب الأرض وحجارتها فتصدر اصواتاً مزعجة
و تهتز السيارة فأهتز أنا كالورقة خفيفة اترنح يمنةً و يسرة
بأي وجه سأقابلك أماه ؟ , صدقت يا هزاع لي وجهان احدهما بريء بالحارة و الآخر خبيثٌ خارجها
مددتُ إليه بـ 15 جنيه مصري , خرجتُ من السيارة و دخلتُ إلى البيت الهرم الذي على هاوية السقوط
سحبتُ خطواتي الى الدرج المكسور وانا اهتدي بضوء الشمس الذي يدخل من نوافذ الخشب اللين الموروب
فإذا بقطرات الماء تسقط على كتفي من أعلى السقف المشروخ
إبتعدتُ قليلاً على الماء وانا ألتصق بالجدار المشقوق بعيداً عن الدربزين
فإذا بقدمي تلتوي بدرجة مكسورة
تنهدتُ بضيق و رفعتُ قدمي لأعلى
خلعتُ صندلي الكعب العالي و تسلقتُ الدرجات حافية , بقدمين عارية
و صلتُ إلى الدور المطلوب
دفعتُ الباب ففتح و أصدر صوتاً صرير لقدمه , يفتح بدفعة فالباب مقتول منذ امدٍ بعيد
شقة أقل ما يقال عنها زريبةً للماشية بل و حتى الحيوانات التي لا تملك العقل تتقزز مما ترى عيناي و يتلحف جسدي
و أول ما دخلت أندفعن أخواتي الصغيرات حولي و هن يصرخن بسعادة و يدثرن انفسهن بصدري
بينما اكبرهن صرخت بحنق : كده يا شكران بتتأخري كده و ماما هتموت من البكى عليكي حرااام عليكي الي عملتي فيها
كانت هتموت علينا ما كنتش عارفة ايه اعملها .
دفعتُ اخواتي ودفعتها , وجررتُ خطواتي إلى الحُجرة الضيقة و نظراتي للأسفل حيث الإسفنج الذي يقبع من فوقه جسد امي
جسدٌ هُلك فقراً و تضرع جوعاً لا يفهم معاني الشبع و لا يعرف ابجديات الراحة
جسدٌ خرجنا من بين أضلعه , جسدٌ عظيم و عينان حنونة إنه لجسد أمي و حنان أمي
و آه من أمي و أواه
أتدري ما جازتكِ به إبنتك ؟ باعت شرفها و دينها لمال محرم
آه أماه بالفجور تزداد الأموال , و بعمل شريف مال يسير !
إمتحانٌ صعبٌ لنا نحن الفقراء على أرض الله
إمتحان يقول هل تريد المال المحرم الكثير بسخط الله ؟ أم هل التريد مال الحلال القليل برضاه ؟
و لنا حرية الإختيار , وكان خياري خاطئاً لإ زاحة جزءاً بسيط من الأمَرَّان ألا و هما الفقر و الهرم
بصوتها الدافىء الحنون : و ينك يا شكران ليه بتعملي كده بألب ممتك ؟ , تعالي لصدري يا حببتي عاوزة احس بيكي
إقتربتُ منها بسرعة و خرتُ بطولي إلى أقدامها التي تساوي جنةً بعرضها و طولها
لثمتُها بعمق و دموعي تخالط أقدامها
بصوت متعب : شكران يا حببتي مالك تعيطي ؟ تعالي يا شكران لصدري تعالي ياحبيبة ممتك
و رفعتُ رأسي عن قدمها لأرمي ثقلي بصدرها الحنون
رفعت يدها الهرمة المجعدة إلى شعري الملتف تمسح عليه
و أنا انتحب و أشد على ثوب نومها
و مضت السنين و بقيت صفحات الذكريات .


***
مشى بإتجاه مكتب " ناجي " فهذا وقت راحتهم لتناول وجبة الغداء فاليوم جدوله فارغ ما به إلا مقابلة مع اثنان
و ناجي ايضاً ليس لديه إلى ثلاث ولدات و قد تمت على خير , لقد أحب ناجي و أعتاد على المستشفى سريعاً
فهو ذو طبع مرح يجذب كل من هم حوله له لم يكن قبل دخوله لمجال الطب النفسي هكذا و لكن هذا الطب قد جعل منه إنسان مرح
بعدما صار يرى الحياة من المرآة التي ينظر بها غيره لا مرآءته الخاصة , فالمرآة الخاصة يعني الإختلاف مع من هم امامك
و الإختلاف نتيجته الخلاف و الجدية المفرطة .
رأى الباب مردوداً فدفعه دونما أن يستأذن , فإذا به يرى " ناجي " شارد الذهن يعض أظافره بشراهة و يهز جسده قداماً و وراءً بتوتر
و عيناه مصوبة بعقارب الساعة ينظر لها بتركيز تام و كأنه لا يرى شيء آخر
عقد حاجبه و لكي يلفت نظره , خطى بالأرض بحذاءه بكل قوة و كأنه يقول " أنظر " ثم ألقى التحية : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
فإذا بناجي يرفع عينيه فزعاً و جسده ينتفض بفجعة , عدل رداءه و جلسته و رد التحية كاملة , و أردف بغير رضى : وش هالتصرف يا مشعل مرة ثانية دق الباب .
جلستُ على الكرسي أمامه و انا أُقلب بلمفاته و ببرود : والله الذنب ذنبك ليش تارك الباب مردود .
إبتسم بود : خلاص يا سيدي الغلط علي , " اردف بتساؤل " و ين متعب ؟
قلب بالملف بلا هدف وهو يقرأ عن عمليات الولادة المكلف بها ناجي والتي انتهى منها , و بجواب : راح يتغدا مع زوجته , الا انت ليش ما رحت ؟
نشب أصابعه ببعضها و بهدوء : زوجتي اليوم سجلت بمعهد و ما بتخلص الا متأخر , بتغدا هنا و انتظر ان جاتني ولادة
بإستغراب : الي فهمته من متعب انك تسكن مع اخوانك وكلكم ببيت واحد , ليش ما رحت تغديت معاهم ؟
صلب قامته و راح يشرب من ماء البراد , إرتشف القليل ثم بجواب : انا و اخواني نجلس مع بعض بس مو مرة متحابين يعني يمكن الحين انا مرتاح بقعدتي معك اكثر منهم .
بإستفسار : يعني بينكم مشاكل أسرية ؟
رمى الكأس البلاستيكية بالقمامة و عاد إلى مقعده , و بحزم : اظن يا مشعل تكلمت معاك عن اهلي بشكل كافي اكثر من كذا ما هو مسموح لك تعرف تظل امور البيت للبيت و الشغل للشغل .
بمسايرة : طيب أتأسف على التطفل لكن مادام الشغل للشغل فليش قبل دخولي كنت تآكل اظافرك و تطالع الساعة وتهز جسمك ؟
رفع أحد حاجبه و بسخرية : جا دكتور النفسية يستفسر كم مرة قلت لك نفسيتك لا تقربها مني للحين انا مو مقتنع بهالعلم و بنظري
كل واحد يلجأ لدكتور نفسي اكيد مجنون .
بإبتسامة هادئة : غريب امرك دكتور و متعلم و تقول هالكلام لكن ما ألومك ان كان كل مجتمعنا يفكر بهالطريقة السلبية الغريبة سبق و قلت لك علم النفس ما هو الا علم يعالج كبت و هم وغم خزنه الشخص بنفسه بدون ما يقول لأحد
و إتراكمت الهموم بصدره بلا اي حل ممكن يساعده و الدكتور ما عليه الا يسمع و ينصح حتى يفك هالكبت و الأزمة عمره ما كان علم النفس علم الجنون بالأصل العلم يحال يرتبط بالجنون .
تنهد بضجر : مشعل إلزم حدودك انا دكتور و متعلم غصباً عنك , لكن علمك هذا مو مقتنع فيه مجالي غير عن مجالك و بعيد عنه كل البعد .
بإستفزاز : طيب و لا يهمك انا راضي علمي علم الجنون بس علمك علم الحريم
ضرب بيده المكتب بكل قوة و بحدة : ما اسمح لك يا مشعل وش هالكلام عمره ما كان العلم يعرف حرمة من رجال
بهدوء : و عمره ما كان العلم مرتبط بالجنون
طغت الحُمرة على وجهه و كأنه بركان ثائر و بغضب : وين تبي توصل يا مشعل ؟
رفع كتفه لأعلى و أخفضه , و ببرود : مدري للمكان الي انت تبي توصله
وهو يغمض عينيه و يحاول ان يهدأ : مشعل انت وش صاير لك اليوم ؟ , قوم خلينا نتغدا
أشار إليه و بجمود : ابد بس اعاملك بالمثل و اشوف الحياة بالمرآية الي انت تطالع منها انت تربط العلم بأشياء غبية العلم ما يرتبط معها وانا مثلك .
قام من على الكرسي لخارج المكتب و ضرب الباب خلفه بقوة و كأنه ينزل غيظه بالباب
اما هو فإبتسم بهدوء انه يعلم بقرارة نفسه ان ناجي يتهرب منه , و ان ربطه للعلم بالجنون ما هو إلا حالة نفسية يعيشها
يخاف ان يفضحه بعلمه النفسي بأي لحظة , يبدو انه قد إعتاد أن يدس مشاكله بنفسه و لا يفصح بها بتاتاً
و البوح بلحظة شيءٌ صعب لذا ملاذه الهروب منه , و أول خطوة بعمله ان يجعل من علم النفس بنفس ناجي علماً لحل المشاكل ليس علماً للمجانين .


*

*


إنني خائف من مشعل , أشعر بأنه في ريب من أمري
فهو لا يعامل متعب كما يعاملني
يستجوبني بكثرة غير هذا يسأل عما لا يعنيه
ومن تدخل فيما لا يعنيه لقي ما لا يرضيه
لذلك خرجتُ و تركتُ له المكتب
و أيضاً لما الإصرار على إقناعي بأن علمه علمٌ نفسي ليس علم جنون ؟!
بحقيقة الأمر انا أعلم بأنه علم مهما كان و ليس له دخل بالجنون
ولكن بذات الوقت لا أرضى ان أكون مرضياً تحت وطأة هذا العلم
فأنا أراه علماً منبوذاً لا داعي له او بالأخص اهاب الدخول في هذه المتاهات
فماذا سيقول عني مجتمعي إبن التاجر الكبير عبدالقوي مصاب بالجنون
بنظرهم هذا العلم جنون وبنظري علم لا داعي له
غير هذا ان كان علم كبت و كتم فأنا بطبعي لا أحب البوح وأفضل العزلة و الإنطواء بأغلب الوقت
كما أن حياتي بغاية الغرابة من سيصدق ان رجلاً قد إعتدى علي
وأني لهذا اليوم أخاف منه !
و أني أعيش مع زوجتي على ورق , زواج صوري لم يتوج بالقرب و الأبناء كأي زواج طبيعي
هل أسرد له قصة من الخيال حدثت بواقعي المؤسف ؟!
من المستحيل ان أفعل هذا , فما حدث سرٌ بقلبي إلى موتي .

***


سمعتُ طرق الباب و بصوتٍ جهوري : تفضل
دخل إلى المكتب , و جلس على الكرسي أمامي و بهدوء : وش الخطوة الجديدة برأيك يالكاسر ؟
بتفكير : برأيي مو هم لهم اربع معابر حتى يوصلون للسعودية و احنا كنا مركزين على المعبر المباشر الي من السويس لجدة , و ما نفع معانا
لذلك الأفضل ترسل تقرير إلى مركز الشرطة بكل من ضبا و ينبع .
قاطعني بتساؤل : طيب وش اكتب بالتقرير ؟
بهدوء : اكتب فيه انهم لازم يوصلون تقرير للمصحات عشان المصحة تقدم نسبة المدنين عندهم اكثر نسبة تطلع
احنا بنوجه النظر لها .
بتفهم : تقصد لو على سبيل المثال طلعت ينبع فيها مدنين اكثر احنا نراقب معبر ينبع بما انه هناك مدنين اكثر اجل البضاعة تنحط هناك قبل توصل لجدة .
حركتُ رأسي بالموافقة : بالضبط مثل ما قلت .
وقف من على الكرسي و بعجل : خلاص طيب انا الحين برسل التقرير الا الحين الساعة كم ؟
نظرتُ إلى الساعة بمعصمي : ست باقي شوي على دخول المغرب ارسلهم التقرير بعد الصلاة .
بقبول :ان شاء الله يلا انا اترخص .
خرج هو من المكتب , و عدتُ أنا لملفاتي .


***

أحكمتُ ربط خماري , و أمسكتُ بالفناجين بيدي اليمنى و بدلة القهوة باليد اليسرى , مضيتُ إلى المجلس الذي يقبع به كلاً من
ساجدة و عبدالقوي , كان الباب مردوداً كنتُ سأدفعه و لكن حديثهم جعل مني صنماً من صخر لا يجيد إلا السكون

*

*


كان جوالهم على العام " اسبيكر "
و كان المتحدث من الطرف الآخر هو
هو من شغل تفكيري
هو من تخلى عني
هو ركاض
المستبد , المستفز , المخادع الكاذب الخائن هو
من جعل مني إمرأة هشة خائفة كل ما تفكر به هو
من جعل حياتي مُرّه

بوعيل : يمـ...ـه ركاض والله انك تأخرت , أريد أملي عيوناتي بشوفتك يا وليدي اخاف يهب فيني الموت قبل ما عيوني تناظرك
بتهدئة : يمه الله يهديكِ ايش هذا الكلام ؟ , برجع و بتشوفيني وبتشبعي مني وتقولي ليتك قعدت بمصر اريحلك و اريحلي
ضحكت من بين و عيلها و دموعها : والله ان مستحيل اقول هالكلام عليك يا وليدي , انا اريد اشوفك و اشوف بزارينك اريد اربيهم بيديني .
ضحك بصخب : ههههههههههههههههه يمه مستعجلة كثير بتزوج ان شاء الله وبتشوفي عيالي و تملين عيونك بس لا تبكي يا يمه , " أردف بمرح " يا ابوي سكت امي الحليوة
بإمتعاض و غير رضى : ذي وميمتك واجعة قليبها بكم مابه تفكير بدماغها غيركم .
بلوم و عتب : الله يهديكِ يا يمه ضغطك بيرتفع لا عاد تفكري كثير كلنا كبار و عندنا القدرة نتحمل المسؤولية .
بصوتٍ مبحوح : انت انزل يا وليدي وانا قليبي بيرتاح .
بنبرة هادئة : ان شاء الله يا يمه قريب بنزل ما عاد باقي الا هالسنة صبرتِ خمس سنين اصبري كمان سنة و بتشوفيني
بسعادة : بتحمل يا وليدي لكن هاه من بكرة ببحث بين هالبيوت عن بنية من مركزك ومكـ

لم تكمل كلمتها إلا و فناجين القهوة تنساب من بين يدي
فتسقط أرضاً و تتكسر لأجزاء
سيتزوج , سيتزوج
نعم كنتُ أعلم انه سيتزوج من غيري
بل كنتُ على يقين لكن لا أستطيع تقبل الفكرة بتاتاً
علق قلبي به وسيذهب وكأنه لم يكن
كيف لم يكن و هو كان و يكون و أريده ان سيكون
كنت ماضياً و بأفكاري حاضراً و خيالي يريدك مستقبلاً
لكنك لم تكون لا حاضراً و لا مستقبلاً , بل كنت ماضياً قاتلاً لي
إذا بالباب يُفتح بوسعه و يظهر من خلفه عبدالقوي الذي كان للحظة الأولى عاقداً لحاجبيه
و ما أن وقعت عيناه علي , حتى ظهر الخوف على وجهه
هل أتخيل هذا و يتهيأ لي أم بالفعل عيناه خائفة علي
قال بصوتٍ ثابت بعكس ملامحه : تضررتِ , صابك شي يا مارسة
بصوتٍ متحشرج : لااا , بس الفناجين
بصوتٍ حنون : الحمدلله والفنجال منه مليون فنجال " و بهمس منخفض جداً " لكن مارسة وحدة ما به غيرها
لم يحتقن وجهي حُمرة خجل , لم يكن هنالك أي شعور أبداه وجهي من تحت خماري لأن الزمان توقف على صوتِ ركاض
الذي قال : يمه كأني سمعت ابوي يقول مارسة ؟
وهي تنظر إلينا بهدوء وبلا اي شك ولا تدري عما قاله عبدالقوي لي ولا تدري بنواي ابي السوداء : ايه سقطت الفناجيل من يدينها
ظهر صوته عالياً خائفاً , حنوناً نبرة أعادت لي الذكريات بكل قوة نبرة فارقتها من سنين طوال : يمه صارلها شي تعورت ؟ , يمه اذا تعورت شلوها المستشفى
بهدوء : لا هي بخير , " بإستنكار و غير قبول لنبرته الملهوفة الخائفة " ليه كل هالخوف
بإستدراك : هاه لا يا يمه ماهو بخوف بس تدري يعني مارسة تربت معاي لما كنت صغير و اعرف انها من النوع الكتوم ولو تعورت بتسكت بس عشان كذا .
بإقتناع وعيناها علي : ايه والله انك صادق , لكن هي قدامي والحمدلله مابها الا كل خير .
بهدوء : الحمدلله , يلا اتركك يا يمه في آمان الله .
بتوديع وصوتها عاد ليتهدج : بحفظ الرحمن يا وليدي .
أغلقت الهاتف المحمول و هتفت : عبدالقوي تعال اقلط و هالقزاز بينظفوه الخدم
إبتسم لي بهدوء وهي لا تراه فهو يعطيها ظهره و يعطيني وجهه
إبتعد بإتجاهها
بينما انا مضيتُ حيث المطبخ لأجلب أدوات التنظيف
هل صاحب الخوف نبرته تلك ؟ , أم ان سمعي قد خانني ؟
لكن حتى عمتي ساجدة قد لاحظت , إذاً كان خائفاً , و لما يخاف وهو لا يحبك ؟
لا أعتقد بأنه خائف و لكنه يمثل هذا , نعم فهو يعلم انني لازلتُ أقف هاهنا
و يريد أن يلفت انتباهي و يعلق قلبي به أكثر فأكثر
و من ثم يعود ليُكمل لعبته بي ويتزوج بغيري و يستخدمني بديلة عن زوجته
كلما حدث بينهما خصام يأتي إلي ليفرغ رغبته و يشبع شهوته
نعم أعلم بما تفكر به يا ركاض
لم أعد مارسة الطيبة كما عهدتني و اعتدت
بل أصبحت أفهم كل خبيث , جشع و مخادع مثلك
صرتُ أرى الحياة سوداء كما تراها
تعلمتُ منك هذا و سأنتقم منك بما تعلمته منك
نظرتُ إلى الساعة الكبيرة الفخمة المعلقة بجدار الصالة و التي تشير إلى السابعة و النصف
و مضيتُ إلى المطبخ .


***

هز جسده للإمام و اذا عاد للخلف اصطدم ظهره بالجدار , و بغضب : شفت يا اغيد , الحين المغرب وللحين ما خلانا نتسول متأكد انه حابسنا هذا التفسير الوحيد لتصرفه .
تنهدتُ بضيق : وش اقولك يا هزيم والله مدري هم بالفعل حابسينا ولا وراهم حاجة ثانية , صبر جميل والله المستعان اصبر لبكرة و نشوف .
حرك يده بالهواء و بتهكم : وش نشوف كل شي واضح مثل الشمس هم حابسينا هنا حتى ما نبلغ عليهم .
صدرت أصوات من معدتي , فضحك هزيم بصخب : هههههههههه جيعان يا اغيد ؟ , اقلها لما كنا عند ذاك الحقير كان يعطينا اكل اما ذول ولا شي
و ضعتُ يدي على بطني و بحياء : اسكت الله يردها لك و اضحك عليك , " وبجدية " لا بجد شكلهم ما بيجبون اكل شف كلهم كيف نايمين من الجوع بنام مثلهم حتى انسى جوعي .
خَشَبَ اقدامه و توجه بها إلى حيث باب " الكبو " كما قالت تلك التركية
ركل الباب بقوة و هو يصرخ : فكــــــــــــــوا يا حيواناااات نبغى اكـــل جعنا فكـــــوا لنـــــا
قام كل المبتورين بلا استثناء من نومهم فزعيين
اما هو فلم ييأس عاد ليركل الباب ويضربه و يصرخ بأعلى صوته
و تقدم بعض المبتورين ليفعلوا مثله بينما انا وقفتُ بمكاني مع المتبقين من الواقفين
و امتلأ الكبو بصراخهم
فإذا بالباب يُفتح و يقف عنده رجلان يرتديان رداءً اسود رسمياً و دخلت من خلفهم تلك الشقراء المقشوعة عن معاني الحياء
بتساؤل : ما هدا الإزعاج لما تفعلون هدا ؟
نظر إليها هزيم من أعلاها لإسفلها بإشمئزاز : جعنا نبغى اكــل تبغونا نموت ولا وش حكايتكم
أومأت برأسها و بتفهم : اذاً انتم جائعون حسناً قليلاً من الوقت و سيصل إليكم الطعام لا تقلقوا بهذا الشأن .
خرجت من الكبو و خرج خلفها الرجلان و اغلقا الباب
جلسنا على الأرض
وهزيم ما زال واقفاً , بسخرية : شكلها سهلة
بتساؤل : وش تقصد ؟
بتفسير : اقصد انها غبية و شوي بتدخل ومدخلة معاها اكل يشبعنا ويزيد
نظرتُ إليه و بغير اقتناع : ما اعتقد أبداً
بتحدي : اجل نشوف
و مضى ما يقارب النصف ساعة و بالفعل فُتح الباب بوسعه ودخل الرجلان وهي تقف خلفهما
وضعا اكياس الطعام على الأرض و خرجا
بينما هي قالت : بالهناءِ و الشفاء .
و لحقتهم و أغلقوا الباب
جحظت عيناي و بإستغراب : بسم الله كيف عرفت ؟
ببرود : ولا شي بس الشفقة باينة بعيونها عشان كذا توقعت .
و فتحنا الأكياس نأكل بشراهة
لم نأكل بحياتنا طعاماً بهذه اللذة
لم نأكل بحياتنا حتى نشبع
كنا نأكل حتى نعيش و فقط
اما اليوم فقد أكلنا فوق حاجتنا حتى شعرتُ ان الطعام يقف بمنتصف حلقي فمعدتي لا تستوعب هذا القدر من الطعام
أكلتُ حتى التخمة و أنفاسي متقطعة لهول ما أكلت
صدق الرسول الكريم عندما قال : " ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطن بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه " .
نعم فلا داعي لهذه الزيادة
الحمدلله على النعمة يكفي ان نسد الرمق وفقط
فغيرنا لا يجد حتى لقمة .


***

الآن الساعة الثامنة ليلا , يكاد الشوق يقتلني أحببتُه بشدة هو إبني الذي لم يرزقني الله به عندما نزلنا إلى أرض جدة
كنتُ سأطلب من حمدان أن أراه لكن الخوف انتابني و أحاطني من جميع الجهات
ذاك الذي ربيته حتى الخامسة من عمره ثم بُترت يده , بكيتُ حتى جف دمعي ولكن لم يكفكف دمعي اي شيء
اليأس صار ونيسي , و الدعاء خير جليس
أجلس على سجادي وادعي لذاك الطفل ان يكون بخير
الذي من المؤكد انه اصبح رجلاً فقد مضى على يوم أخذه مني اربعة عشر سنة
هل أحادثه ؟ هل أرتجيه ؟ هل سيقبل , أم انه سيوبخني ؟
سحبتُ خطواتي إلى الفناء
لأجده جالساً بالأرض ينظر للفراغ
تقدمتُ الخطى نحوه و جلستُ بالأرض , و بهدوء : حمدان
بهدوء مماثل لهدوئي : نعم
حركتُ يدي بالسجاد الأحمر العتيق و بتساؤل : متى بننزل لجدة ثاني ؟
عقد حاجبه و بإستغراب : ليش هالسؤال تونا راجعين من جدة من أسبوع شتريدين منها هالحين ؟
بتوتر : هاه , " بصدق اريـ..د أريـ...د اقابل المبتور الي ربيته
توسعت عيناه بجزع و اعتراض : شتقولين يا عُشبة انهبلتي يا مره ؟ ! , و الله ان ما اشيلك له قدِيه رجال ما يحل لك .
بخوف : ادري يا حمدان والله ان ادري لكن اريد اناظره والله الشوق قتل بي والله ان اعتبره وليدي , انا ما بحاكيه أريد اناظره من بعيد يا حمدان
بغير رضى : لا اا , انا مرتي تناظر رجلٍ غيري ! والله ان ما تناظريه ابد
برجاء : حمدان رجيتك اقبل
بحزم و حدة : ماني براضي ابد , و انا عند حلفي , و ذلفي لدارك وغلقي الباب و نامي .
كنتُ أعلم بأنه لن يرضى بهذا , كنتُ أعلم أنه سيغضب
ولكني بشوق عميق لرؤية من ربتُه يداي , و حفهُ صدري حناناً
أريد ان أعرف كيف اصبحت ملامحه بعدما أصبح رجلاً
أريد ان أعرف الكثير و ليس بيدي حيلةً سوى الصبر .

***

دخلتُ إلى الحجرة و دخلت من خلفي
خلعت عباءتها و علقتها بينما انا جلستُ على الكنب و نظرتُ إليها بتمعن , و بإبتسامة : كيف المعهد ؟
إبتسمت بسعادة و اقتربتُ منه , جلست بجانبي و بحبور : والله مــــرة جميــل , الدكتورات عسولات و حتى الطالبات
تمتمتُ بيني وبين نفسي " والله الجمال عندك انتِ و بس " اتسعت ابتسامتي , و بهمس : ما وحشتك ؟
إرتفعت الحُمرة بوجهها و إلتزمت بالصمت
عضضتُ شفتي بمتعة و أسندتُ رأسي على كتفها و عيناي مرتفعة إلى رقبتها الطويلة , وبإحراج لها و قد حلى لي الموقف : سألتك جاوبي " و بهمس خافت " ما وحشتك ؟
بتهرب : ناااااجي بلا هبل يلا وخر بروح اتجهز الحين بطلع السوق .
رفعتُ رأسي من على كتفها و عقدتُ حاجبي بإستغراب : نعم ! أي سوق وليش ؟
بتبرير وهي تحرك يدها لتشرح موقفها : بكرة بينفتح مركز الكاسر و هوازن بتداوم و طلبت مني انا وعُطرة نطلع معاها السوق حتى تشتري ملابس تليق بالدوام .
طغى الدم و جهي هجتُ و ثرت , و بغضب : ما شاء الله وانتِ توافقين بدون شوري كم مرة قلت لك انا ماني بمزهرية عندك انا زوجك يا هانم , قبل ما تعطيهم التأكيد من الأدب
تستأذنين مني فااااااااهمــة .
هززتُ رأسها بالموافقة بخوف : ناجي خلاص اهدى والله آسفة .
حركتُ يدي وأنا أشعر بأني وصلتُ إلى الذروة بغضبي : وانا وين اصرفلك آسفة هاااذي وين , ماهي بأول مرة تسفهيني تراني رجال غصباً عنك .
بدأ صوتها يتهدج : والله ما اقصد نااااجي ليش زعلت والله اني ما اقصد آسفة ما بعيدها
خلخلتُ أصابعي بشعري رصصتً على اسناني : ماهي بأول مرة يا عُزوف , بسامحك ما هو بعشانك لكن عشان اخوي الكاسر لكن والله لو عدتيها انك بتقعدي بالبيت غصباً عنك .
تغضبني بتسفيهها لي , يغيضني برودها ولا مبالاتها
أشعر بأنها لا تراني رجلاً بالقدر الكافي
لذا لا تستأذن بأي قرار ستتأخذه
أنا رجل يا عُزوف
حتى وإن كنتُ حنوناً
أبقى رجل , لكن من الواضح أنكِ لا تحترمين رجولتي .



*

*


ما باله غاضب هكذا ؟ , لم اقصد ما فعلته
فهذه أختي هوازن ذات القلب الأبيض النقي
يصعب علي أن أرفض لها طلب
يجبرني حضورها على الموافقة
لا أرى أن الأمر يستحق هذا الغضب
و إن كنتُ تماديتُ بفعلتي فأنا إعتذرت لكنه لم يقبل بإعتذاري
ما بكِ يا ناجي , تضع اللوم بي
و تقف على أتفه اخطائي لتصرخ و توبخ بنزاقة جمة
هذا جزاء من عاشت احد عشر سنة صبراً تحت وطأة ضيمك لها
أهذا هو جزائي ان تتخشب أعصابك عند أصغر اخطائي
بينما انا رضيتُ بأكبر أخطائك
عشتُ أحد عشر سنة زوجة كأخت ليس إلا
سرمديات و أخرى تحيطني بها من كل النواحي
أتقبل ساديتك بماشوزيتي بكل راحبة صدر
و قلبي يموت و ملامحي تذبل
و أزيد عمراً إلى أن أشيخ .
رفعتُ عيني إليه فإذا بي أرى ظهره و هو يسكب من الماء بالكاسة
أرى دخاناً من وهمي يتصاعد من جسده
يرتشف الماء لتنطفىء نار صدره و تتصاعد دخاناً يلوث الغازات ويدخل لصدري فيحرق جوفي
هذا هو حالي حالما أراك غاضباً مني أبتلع غضبك
فيحرق معدتي و أغلي بنارك ليلاً فقط لأنك غاضب مني
أما شعرت يوماً بحرقة المعدة حالما تغضبني أنت
أم أن غضبي لا يفرق معك
أما شعرت يوماً بوخز بأسفل أقدامك
و كأن سيوف جنود مجندين تقطع قدمك
لما لا تشعر ؟
لما انت قاسي ؟
ولما احب القساة ؟
خرجت من الجناح بأكمله و أوصدت الباب خلفك بقوة .



***

تناولتُ الملف الأسود الضخم الذي طلبه أبي عبدالقوي خرجتُ من مكتبه , نظرتُ إلى السلالم لبرهة
و شيءٌ ما يحثني على الصعود و آخر يمنعني , لكن لم أشعر إلا بأقدامي تتسابق على درجات السلم
و لساني يهتف بتنبيه : طــريــق ,, طـــريق
مع أن النساء بالأغلب يستقلن المصعد إلا أن التنبيه من الحرص
فتحتُ باب الجناح , دخلتُ إلى حجرة النوم فلم أجدها , حركتُ خطواتي إلى المجلس فوجدتها نائمة على الكنب بعباءتها المفتوحة الأزارير
و رقبتها منكوسة تحتاج إلى تعديل , و إلا ستستيقظ متوجعة
إقتربتُ منها و جلستُ بالأرض على ركبي , أمسكتُ برأسها و عدلته سحبتُ من تحتها الوشاح
نظرتُ إلى ملامحها بتمعن و أبتسمتُ رغماً عني , بها براءة لا استطيع وصفها
بدايةً من شعرها المنساب على وجهها بنعومة إلى عيناها التي تلحفها الأجفان فأنفها الشامخ الواقف
الذي حتى بغطيط نومها فيه رفعة و كبرياء إلى ثغرها الممتلىء
عضضتُ شفتي و أكملتُ الرحلة بجسدها المتناسق بدايةً من عنقها إنتهاءً بأخمص اقدامها
محظوظ أنا بجمالكِ الأخآذ , و منكود أنا بأخلاقكِ المنحطة
مددتُ يدي بتردد إلى شعرها لأُزِحَهُ عن محيط و جهها و أدسه خلف أذنها , و توقفت يدي عند أذنها المُحمرة
إذاً هي مستيظة و تدعي النوم ! لكن سمعتُ صوت غطيطها بالنوم وانفاسها المنتظمة
يبدو انها كانت نائمة واستيقظت لكن منذ متى إستيقظت
منذ أنظاري المعجبة , و لا لهفتي للتجول بها
أبعدتُ يدي بسرعة عنها , و صلبتُ قامتي
و بصوتٍ هادىء : وين رايحة ؟
فتحت عيناها , و أبتسمت إبتسامة ود لا يتخللها السخرية و لا الإستهزاء
إبتسامتها جعلت لقلبي خفقاتٌ مجنونة تحتاج إلى عدادٍ لحساب سرعتها
بل وجعلت غدتي اللعابية تفرز سوائلاً زائدة
جلست و عدلت من عباءتها و بهدوءٍ غير معتاد : معن ابغى اروح السوق مع اخواتي .
إبتلعتُ ريقي الزائد و برضى : طيب روحي بس هالحين الساعة تسعة يعني ما بيمدي تقضون
أخذت خمارها من على الأرض و بذات هدوءها المريب : ايه ادري بس اليوم عُزوف دخلت بمعهد و استنيناها لين ترجع
فخلاص الحين بنطلع , اكيد رجعت .
بتفهم : اها , غريبة ما توقعت بعد كل هالسنين بتكمل دراستها .
بسعادة : والله ولا انا الله يوفقها يارب و يفتحلها ياها من اوسع ابوابه .
نظرتُ لعباءتها المزخرفة لا أريد الصياح و تضييع اللحظة وبذات الوقت لا أريدها أن تخرج بهذا المظهر
بتردد و انا أحك شعري : عُطرة لو سمحتِ إفسخي هالعباية و ألبسي ثانية مستورة .
نظرت إلي بإستغراب وبعيناها لا تصديق لطلبي منها فأنا دائماً أأمر ولا أطلب
لكن إبتسامتها إتسعت أكثر , و بطاعة : إن شاء الله .
خرجتُ من الجناح بأكمله عندما أحسستُ بهذه الإنتفاضة التي لا تعني إلى الضعف لسموها
ما هذا الأسلوب المهذب والغريب و اللامعتاد الذي قد تعاملنا به ؟!
أهكذا يتعامل كل الأزواج ؟ !
أهذه هي الحياة الطبيعية ؟ !
حياة " ممكن " و " حسناً "
لا حياة " إفعلي " و " لا أ{يد "
لكن ما سر هدوئها هذا ؟ أهذا ما يسمى بعالم الروايات الذي انا وهي من عشاقه
بهدوءٍ ما قبل العاصفة ؟

*

*



لمساته مخدراً أصابني بالسكون فلم أنطق ببنس شفة مما يغضبه
و إبتسامة داعبت شفاهي رغماً عن أنفي
بل و حتى قلبي تراقصت نبضاته فرحاً
كنتُ مستيقظة منذ تأملهِ لي , منذ نظرات اعجابه التي اخرست حواسي
و اشتعلت اذني حُمرة لتفضحني
حُمرة كانت توجد بـ اذن امي عندما تُحرج من قبل الأشخاص
لكن تختلف حُمرتي عنها بأنها لا تظهر إلى بالقرب الحميم من معن
غير هذا يُحال أن تظهر
كم تمنيتُ و تمنيت أن تطول اللحظة
كم أُحبك يا ظالم .


***

الآن الساعة التاسعة و الربع صعدنا إلى السيارة معًا , أغلقتُ الباب و مضى السائق حيث " مجمع العرب "
كان الصمت سيد المكان , فكل واحدة منا تُبحر بخيالها كالعادة
و عندما أحاول الحديث معهن أُلاحظ الضيق على وجههن و كأنهن يريداني ان ألتزم بالصمت
لذلك لم أعد أتدخل بشؤونهن و اتحدث معهن فأنا لا أريد إزعاجهن
وصلت مكاملة إلى هاتفي المحمول بصوت الشيخ ماهر المعيقلي
أخرجتُ الهاتف من حقيبتي و ابتسمتُ من تحت خماري حالما رأيتُ الجوال يضوي برقم كاسري
رددتُ عليه : الو
بترحيب : السلام عليكم ورحمة الله و بركاته .
بإبتسامة : وعليكم السلام و رحمة الله وبركاته , ليش متصل ؟
بهدوء : عشان اذكرك بدعاء ركوب السيارة , و اقولك موفقة يا قلبي بالتسوق .
بخجل : قلت الدعاء و شكراً على الإهتمام
بإمتعاض : وش شكراً ؟ اكثر من مرة قلت لك يا حبيبتي ماله داعي الشكر , وبكرة المركز بينور فيكِ
بذات الخجل : لا لازم اشكرك كاسري , النور نورك حبيبي .
بإستعجال وتوديع : طيب حبيبتي قضي على مهلك , ابوي رد من الشغل بروح اكلمه بشي يلا مـ
قطعتُه بتساؤل : انت في البيت ؟
بإيجاب : ايه توي رجعت و الحين ابوي رد يلا مع السلامة حبيبتي وانتبهي على نفسك .
بتوديع : إن شاء الله , بحفظ الله .



*

*

بفضول : من اتصل عليك ِ ؟
بإيجاب وهي تدخل جوالها بحقيبتها و عيناها من تحت خمارها بإتجاهي : هذا الكاسر يتطمن .
هه يالـ السخرية يتصل عليها ليسأل عن حالها
بينما معن لا يتصل إلا لشيئان لا ثالث لهما
إما توبيخاً , أو تنبيهاً و تحذيراً
لا تمشي بجانب رجل
لا تضعي عطر
إلبسي عباءة ساترة
لا تضحكي بصوتٍ عالي و إلى آخره من التحذيرات .



*

*



مَجْدُودة أنتِ يا هوازن
يتصل ليسأل عن حالكِ
بينما ناجي شحيح بالمكالمات
لا يتصل بتاتاً
و إن اتصل
إستعرض رجولته وقتل إنوثتي
حتى على الهاتف .


***
أدخلتُ الهاتف بجيب ردائي العسكري
قبلتُ رأسه و يده بإحترام
و جلستُ امامه
أخذ هو يخلع عقاله و غترته عن رأسه وبقي بالطاقية , فتح أول أزارير ثوبه , و بتساؤل: تريد شي يالكاسر ؟
أومأت برأسي : ايه ابي اقولك شي
بتساؤل : وش هو ؟
و " أردف بإستدراك " : لا يكون عن الماضي
بجواب : ايه يا ابوي اريد اعرف مين ذا الي يزورني بكل ذكرى
بهدوء : ذه ...


***


إنتهى الجحيم

أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه

كونوا بخير $


 
 

 

عرض البوم صور الشجية   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الجحيم, انتقام, اكشن, بوليسي, بقلمي, غموض, عجوز
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t195054.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 24-04-16 12:17 PM
Untitled document This thread Refback 09-04-15 05:57 AM


الساعة الآن 07:27 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية