أما آن الآوان لأرى ألوان السعادة
لترتسم الإبتسامة بثغري و لا تفارقني
أما آن الآوان بعد ؟
الجحيـــم
إهـــــــــداء إلى :
Htoomiey لحضورها الراقي
و همسات الانفاس لمتابعتها لي اول بأول
MOOGAH لحضورها الهادي
sanooona لتواجدها الأول ويا هلا بأهل ليبيا نورتيني يا عيني
و اخطار لردودها الجميلة
( 12 )
** لا تلهيـكم الروايـــة عن الصـــلاة **
جلست أمام سمحي و هي تشعل السيجارة , بتساؤل بعربية مكسورة : انت تهرف الكاسر ؟
رفع عينه إليها , و تجعدت تعابير وجهه هو يكره النساء و لا يتخيل نفسه مع إمرأة البتة لكراهيته هذه سبباً وجيهاً بالنسبة له : ايه اعرفه
بإهتمام : مادا تهرف عنه ؟
قال وهو ايضاً يشعل سيجارة : كان ولد بقبيلتنا ايامها كان عمري بالعشرين وهو بالخمس طعشر بس غير كذا ما اعرف .
وقفت من على الكنبة : كنتُ اظنك تهرفه جيداً , هسناً استأذنك .
هو يعلم بقرارة نفسه ان تقربه للكاسر سيوقعه بمعاضل و خيمة , ولكن المبالغ الطائلة اغرته
لا يعلم ان كان إختار الطريق الصحيح ام لا , لكن يعلم بأن الأموال ستماطره , يستغرب كثيراً
لشأن اهتمامهم بالكاسر و تصويب منظارهم عليه دون غيره من الضباط !
***
رفعتُ " بلوزة خضراء " , و بتساؤل ممزوج بالضجر : طيب هذا ؟
نظر إلى " البلوزة " و إلي بتفحص تام و كأنه يقشع حجابي عني ليرى مظهري بـ " البلوزة "
بغير رضى : لا هاللبس راح يظهر تفاصيلك
قلتُ بهمس حاد : نااااجي كل ما وريتك شي انتقدته , هففف تراني طفشت و رجولي تكسرت اول مرة اشوف حُرمة
تطفش من السوق قبل الرجال .
بصوتٍ واط : انتِ اسكتِ وخليني انا الي اشتريلك .
وضعتُ يدي بخصري , و بسخرية : طيب اختار يا سيد نشوف ذوقك كيف .
إحتدت عيناه الناعسة , و سحب يدي عن خصري بقوة وهو ينطق من بين اسنانه : يا ويلك ان عدتي هالحركة فصلتِ جسمك تفصيل و انتِ محطية يدك بخصرك .
سحبتُ يدي من قبضة يديه , و خرجتُ من المحل مهرولة .
بكل تصرف اتصرفه يعلق , ألا يعجبه شيءٌ من تصرفاتي !
حقاً تمنيتُ لو لم آتي إلى هنا
لحقني بخطواته حتى اصبح يمشي بجانبي , بشيءً من الغضب : ما تعرفي انه في رجال يطالعون فيكِ ؟ , و بعدين اياني و اياكِ تعطيني ظهرك مرة ثانية .
ضغطُ على حقيبتي , و بقهر : خلاص طيب يا سيد الذوق اتحفني بذوقك الي ما منه .
سحب يدي و دخلنا إلى محل آخر , أمسك بتنورة طويلة واسعة لا تمشي مع الموضة إطلاقاً و لا تطابق ذوقي الرفيع , قال بإبتسامة : هاذي زينة تغطي جسمك و كويسة كمان .
نظرتُ إلى التنورة بشزر من تحت خماري الذي لا يتضح منها غير عيني : مقررف مرة .
مشى من أمامي , و ببرود : مو شرط يعجبك اهم شي يرضيني .
و قفتُ أمامه وانا أشير إلى نفسي : الحين مين الي بيلبسه انا ولا انت خلاص خليني اختار الي يعجبني .
بإعتراض و رفض تام : لا , ما بتلبسي غير الي اخترته .
بتفكير : خلاص انت حاسب على الي عجبك وانا احاسب على الي عجبني .
اكفهر وجهه : من متى حرمتي تدفع على رجالها انتقي ألفاظك بعناية يا عُزوف بلاش نتضارب بالسوق , الملابس الي تبغيها
لو تفحطين ما تاخذينها .
بتساؤل و ملل : طيب ليش اشبها والله كويسة وحلوة .
أخذ يعدُ على اصابعه : واحد قصير , واحد عريان , و احد شفاف , واحد ضيق كل الملابس ممنوع تخرجين فيها لبرى البيت و لا بعد تبين تطلعين فيها للمعهد .
هززتُ رأسي بنفي : لا , مو كلها الحين بالله كيف ألبس قصير و عريان بمعهد ! باخذهم كذ بس اما الضيق والشفاف عادي لو لبستها بمعهد والشفاف طبعاً بلبس تحته شي .
بتجاهل : ما بتاخذي غير الي اختاره .
تناول بلوزة سوداء كانت جميلة نوعاً ما , ثم اعادها
قلتُ بإندفاع : طيب هاذي ساترة و كمان ماشي حالها يلا ناخذها .
بعدم اقتناع : صح ساترة بس سودا يعني بتطلع عليكِ زي ذاك الفستان لا ما ينفع هذا اللون يبرزك .
بذات الضجر : هففففففففف صح انك ممل , اللون الاسود لون رسمي وينفع للمعهد .
برفض : قلت لا هاللون بالذات يبرزك ما بتخذينه .
امسك ببنطال جينز واسع و طويل , مطرز بالفصوص
بإندفاع و انا امسك يده : رجعه رجعه مرة مقرف و ذوق بدوي بحت .
رفع حاجبه , و بإستنكار : لا يالحضرية الي يشوفك يقول ما هي بدوية و ما عاشت ابد بقبيلة ولا بعد قبيلة كلها تخاريف .
قدمتُ شفتي السفلى للأمام و بزعل : يعني صح بدوية بس خلاص ايام زمان ولت .
بإستفزاز وهو يقمع ضحكته خلف قناعٍ جامد : اهم شي انه اصلك بدوي و راح تلبسينه و يلا بسرعة بسرعة بيأذن المغرب .
أخذهُ , و أخذ غيرها من الأردية و كلها بغير رضى مني .
لن أخرج معه للسوق أبداً , سابقاً كان يعطيني المال و نخرج انا و أخواتي فلم أكن اشعر بذوقه المتدني
اما اليوم فعرفته , كم أشعر بالحنق و الغضب فلا شيء نال على إعجابي .
*
*
متمرسة بإختيار أبهى حُلة
لترتديها و تبزغ أجمل إمرأة على وجه الأرض
لن أسمح لكِ قارورتي بهذا
لا يستحق أحد رؤيتك يا فاتنة غيري
تنتقي الأردية بماهرة
تختار من هنا و هناك ليظهر أجمل رداء بالسوق
محترفة هي بتنسيق الألوان
لكن لن أسمح لكِ بعزف خطوات الجمال بأي مكان تطئينهُ غير المنزل
بالأمس بالذات تدافقت غيرتي بعد رؤيتك بالفستان
حاورتُ نفسي كثيراً كيف لمارسة أن ترى ظهرك ؟!
و منعتُ ذاتي عن زمجرتكِ فقط كي لا أتعسكِ .
***
قبل قليل إنتهت صلاة المغرب بالمساجد جلستُ على الكرسي و أمامي أحمد
بادر بالحديث : والله يالكاسر اني منقهر لا مسكنا بالمروجين ولا حتى بهالضخم اول حاجة ماسك سلاح بلا تصريح ثاني شي
يضرب رجال من المبتورين و الأخيرة انك شاك انه له علاقة فيهم او هو الي باتر ايديهم .
حركتُ خرزات السبحة : من ناحية اني شاك فيه فأنا بالفعل شاك فيه و تراه واحد من قبيلتنا و كانوا يسموه بزران القبيلة
غريب الأطوار لأنه معزول و له تصرفات غريبة و اضخم رجال شافت عيونا , لكن المهم خلينا بالمروجين ما في اي معلومات عن مكان نزول البضاعة .
وهو يحرك يده بالهواء : ولا اي معلومة الا المعلومة القديمة البضاعة نازلة من مصر , حتى المكان المشكوك فيه ما نزلوها منه .
تناولتُ الخريطة و فتحتها و أنا امعن النظر , بتفكير و أنا أشير إلى الطرق : شوف هم لهم اربعة طرق يسلكونها حتى يوصلون من مصر للسعودية
أولاها يتحركون من ميناء سفاجا إلى ميناء ضبا عن طريق البحر الأحمر و ثاني طريقة يتحركون من ميناء سفاجا إلى ميناء ينبع و برضوا عن طريق البحر الأحمر
وهنا بيقطعونه بالعرض , و الثالث يعبرون من ميناء الغردقة الى ميناء ضبا
و الي احنا من سنين مركزين نظرنا فيه الحركة من ميناء السويس بسفينة حتى يوصولون لميناء جدة , لأنه هالطريق هو الاسهل لهم بحيث
انه مباشر على طول من السويس لجدة بعكس الطرق الثانية بتنزل البضاعة لمكان و بيتم تهريبها لجدة لكن واضح انهم يستهلكون الطرق الثانية .
بإقتناع : ايه معك حق الظاهر إنهم يستهلكون المعابر الثانية واحنا تركيزنا على هالمعبر .
بتساؤل : وكم عدد المدمنين بمستشفى الأمل لهالسنة ؟
فتح الورقة المستقرة بيدينه , و بحسرة : السنة الي فاتت 39 بالمية هالسنة 42 بالمية وطبعاً بديهي بيزيد العدد مع الكمية الي دخلت امس و الي كانت اكبر كمية
المهم الي عمرهم مابين 20 و 29 و مابين 30 و 39 ذول اكبر فئة مدمنة و توصل نسبتهم 33 بالمية .
بعدهم الفئة من 40 لفوق نسبتهم 20 بالمية الفئة الأقل فئة المدارس من 15 الى 19 سنة و نسبتهم 3 بالمية
و طبعاً احنا غلطانين يوم سلطنا الضوء على طلاب المدارس بس لانه الفئة الأكبر بحسب الإحصائية طلاب الجامعات و الكليات .
مسحت وجهي , و بحزم : اجل خلاص راح يكون فيه تركيز على هالفئة العمرية أرسلوا بلاغ إلى قسم الشرطة النسائية .
بإستغراب : بس انت عارف الشرطة النسائية مالها دخل بهالأمور مجرد قضايا حقوق و عقار و مال لكن مالهم دخل بهالمعمعة .
طقطقت أصابعي بالمكتب : ايه ادري بس مجرد مبادرة بسيطة منهم يبلغون المسؤولات بتفتيش الجامعات و الكليات .
هز رأسه إيجاباً : ان شاء الله , يلا أستأذن .
بهدوء : إذنك معك .
بضاعة مخدرات شهرياً تنزل إلى جدة فيزداد عدد المدمنين بمستشفى الأمل لمكافحة المخدرات
حاولنا بشتى الطرق الإيقاع بهم , و لكن يبدو أنهم ليسوا بالنوع السهل سيتم مراقبة الطرق الأخرى
على أمل القبض عليهم
الأمل مشتق منكِ يا مستشفى الأمل فلتصبري .
***
دخلتُ إلى الغرفة و أنا أرتب حاجياتها وهي بالأصل لا تحتاج إلى ترتيب و لا تنظيف لأنها بكل يوم تُنظف
يحتضن إصبعي " الدبلة " التي قد اعطاني إياها " ركاض " سابقاً لا أردي لما أرتديتُه
لكن اظن انها لحظة االوداع اليوم سأفكر بك وغداً سأبيعك و أرمي بخاتمك بأقرب سلة قاذورات
عجرفات الماضي سأمحيها , سأكون مارسة جديدة
مررتُ بحياتي بمرحلتين الأولى حبي لك و رخصي بديني و عرضي
و الثانية ذكراك و شرائي لديني و عرضي
و سأمُرُ بالثالثة والتي ستكون نسيانك و قربي إلى الله , بإنه جل وعلا
إلى الآن لم أجد محطة تأويني
لا شيء أستطيع أن أربض إليه
قبضتُ على علبة أقلام معدنية لأمسحها , خلعتُ الخاتم و وضعته على المكتب
أدخلتُ اصابعي المغطاة بالمنشفة داخل العلبة ادعكها لأُكسبها بريقاً
إستذكرتُ حواري الأخير مع أبي ظانع و الذي كان بظهيرة اليوم
*
*
هتف بأسمي حالما كنتً سأخرج إلى القصر : مارسة
إلتفتُ للوارء حيث هو و أقتربتُ منه على مضض , و بهدوء : سم يبه
أشار إلى الأرض قباله : تعالي جلسي هنيه بسألك
جلستُ مقابله : تفضل يا ابوي
طرح الشماغ عن أعلى رأسه بالأرض : هاه فكرتي بحكيي معك .
بثبات : لا يا ابوي عطني مهلة اكبر رجيتك افكر فيها براحتي .
بشبه رضى : حاضر وانا ابوك
بإستفسار و انا أحرك يدي بالسجاد الكحلي : بس يا ابوي مو عبد القوي يكره الحريم كيف بيرضى فيني و هذا وانا شغالته ؟
أبتسم بفرح على تجاوبي معه : صح و انا ابوك لكن عميمك عبدالقوي بحياته ما حس بالانوثة و الدلال تزوج ساجدة بنت القبيلة بدوية عريقة مالها
بالدلع و هالحكي يا بنيتي و صحيح هالحين هي بالمدن لكن لهالحين توضح انها ملتزمة بالقديم اما انتِ يا بنيتي دلال و جمال و انوثة وذا الي يحتاجه عبدالقوي بكبر عمره .
بشيءً من القبول : خلاص يا ابوي بفكر و برد لك خبر , يلا أستأذنك بروح ألازم شغلي .
بدعوة : الله ينورلك يا بنيتي .
*
*
قد يكون هذا سبب مقنع لخضوع عبدالقوي لي بالرغم من بغضه للنساء أجمع .
أغلقتُ أنوار الحُجرة و خرجت .
***
صعدتُ إلى الجناح و أمامي عُزوف الغاضبة المتضجرة و الساخطة بتمام الساعة التاسعة ليلاً
دخلت إلى حُجرة النوم وكنتُ سأدخل خلفها إلا أن رنين هاتفي المحمول استوقفني عن الدخول
أخرجتُ الهاتف من بنطالي كان رقم " متعب "
رددتُ عليه
فإذا به يبادر بالحديث : السلام عليكم , وينك يالقاطع غايب هاه و الله انك ساحب على ابو المستشفى انت تبغاهم يطردونك بشرف
إبتسمتُ على إنطلاقه بالحديث , و جلستُ على الكنبة و ببرود : ايه ما يسترجون يطردوني , الا كيف كل الولادت سليمة
بجدية : ايه الحمدلله كل شي زين , و " بتساؤل " الا ليش غايب ؟
بهدوء : ابد مجرد طفش و شكله آخر غياب مسجل غيابين هالشهر شكلي جد بنطرد , الا وين شعلولك ذا المرجوج ؟
بضحك : المرجوج جنبي وتراه هو من أصر علي حتى اتصل بك .
فإذا بصوت مشعل العالي يصلني بخفيف بسبب البعد : ناااااااااااجي يالدب تعاااااااال كمل الدوااااااام .
ضحكت بصخب : تتحلم يا ابويااااا فاضي لوجهك انا .
قال متعب وهو يضحك : يقولك اذا ما جيت بيضيفك لقائمة المجانين على قولتك .
بمزح : ايه نشوف من منا يجنن الثاني .
بحزم : المهم ناجي يلا مع السلامة اتركك انتهى وقت راحتي .
بهدوء : مع السلامة يا اخوي .
أغلقتُ الهاتف وانا أبتسم لمرح مشعل
غريب هذا الطبيب الذي يراه للوهلة الأولى يظن انه جدي إلا انه يعشق الهزل بحدود طبعاً .
*
*
دخلتُ للحجرة وجدتها تقف عند المرآة و تنظر إلى رداءها بإشمئزاز
تعلقتُ بمقبض الباب , و بتساؤل : ما عجبك
إهتز جسدها للوهلة الأولى , ثم إستدرات اتجاهي و بزعل : كم مرة اقولك لا تتكلم فجأة تفجعني نبهني اول , " امسكت بتنورتها بأطراف اصابعها " واللبس جد معفن مرة ماهو بمستوى ذوقي .
إبتسمتُ بحب : بس انا عاجبني
ضيقت عينيها : تتمسخر حضرتك ليتني طلعت مع اخواتي .
أعطتني ظهرها و هي تتناول رداءاً آخر , بأمر : يلا اخرج وسكر الباب وراك بلبس لعل و عسى شي من هالزبايل يطلع زين .
خطوتُ بهدوء حتى أصبحتُ خلفها , عانقتُ بيدي خصرها , و وضعتُ ثغري بأذنها , و بهمس : ما هو اللبس الي يعطيك الجمال , انتِ اصلاً كتلة جمال اي شي تلبسيه تعطيه جمال .
*
*
إرتعش جسدي بين يديه حرارة أنفاسه أشعلت جلدي , و شوت سطح بشرتي حتى نضجتُ حُمرة خجل
عضضتُ شفتي , و شتتُ نظراتي بعيداً عنه
فليسطر هذا اليوم بتاريخ زواجنا , إعترف بجمالي ! , لا أصدق أقسم بأني لا أصدق
هو مدحني مرتين و بالمرتين اهتز عرش قلبي , عندما نطق لشدة حبه للحناء " حلو "
لكن ماذا اليوم ؟ , مدحني لذاتي !!
و تركني و أبتعــد حيث الباب , لماذا تركتني اندمت لهذا الإعتراف ؟
او السؤال المنطقي هل هذا إعتراف ام شفقة لحالي ؟
وضعتُ يداي بخدي اتحسس حرارتهما و كأنني بالفعل تعرضتُ للنار
أهذا هو الحب رجفة يصحبها حرارة فشعور بالفرح وكأنك طيرٌ له جناحان ؟
***
تشهد أرض مصر الحبيبة و بالتحديد مدينة 6 أكتوبر بمحافظة الجيزة التي توجد بها أكبر جامعة هندسة بمصر جامعة أخذت اسم مدينتها " جامعة 6 أكتوبر " أمطاراً غزيرة لهذا اليوم بتمام الساعة الثامنة ليلاً
كتبتُ أول سطوري قبل خمسة سنوات بأمطار تضاهي هذه الغزارة و بالمكان ذاته و منذُ ذلك اليوم
أطلق علي لقب " كاتبة " لم أكن أطمح بتاتاً لهذا اللقب لكن شاءت روح القدس أن أناله
نؤمن نحن المسيحيون بعقيدة التثليث فنؤمن بثلاث " الأب " " الإبن " و " روح القدس "
أجد كثيراً من الإختلافات بديانتي و ديانتك بدايةً من صليبي إنتهاءً برسولك يا " ركاض "
تركض أنت يا إنتقامي بمجاري مي العذبة , تقرع طبول حُبك , أرسمك حلم أبدي , و يكتبك الواقع راحلاً
و عدتني يا " ركاض " أنك لو تزوجت مصرية فلن تتزوج غيري , بينما و عدي قد غالب وعدك بمراحل عدة
و عدتُك يا " ركاض " بأني إن لم أتزوجك فلن أتزوج غيرك , و الفرق شاسع بين الوعدين
أنت تقول " إن تزوجت " وأنا أقول " لن أتزوج "
إشهدي يا ارض مصر مسيحية حائرة إسلام أم مسيح
إشهدي يا أرض " مي " فتاة متخبطة ببحور الحب
تحبك يا ركاض و تسعى للإنتقام
أنتِ يا مصر شامخة بنباتك , نسيمك و روائح عبيرك
و أنت يا ركاض تضيء مصر بنورك , و كلمك , وبهي حرفك
رصصتُ حروفي يوماً بمخطوطة المطــر
ذاك المطر الذي غمرنا بغزارته عندما كنت تعانق بيديك يدي فتبث لها دفئاً حميمياً
أعطيتُك مخطوطتي و أكاد أخر من طولي لشدة خجلي بأول ماخطت يداي , لكن منذ يوم تعارفنا لهذا اليوم لم أخفي عنك شيئاً إطلاقاً
و أخفيتً أكبر شيء " أحجية الإنتقام "
*
*
كنتُ قابعة على كرسي المكتب و أمامي دفتر صغير , أكتب به عن يوم المطر معك , و أشعر بحرارة بأسفل أقدامي
بالرغم من أن البلاط بأعلى مراتب البرودة , كنتُ على حياءٍ مما خطت يداي , لكن شعور بداخلي لا ولن يستكين
إن لم تخط يداي حروف قلبي , كانت تعابير وجهي تتغير مع حدة الكلمات و هبوطها , كنتُ أشعر بتذبذب في كتابتي
سطر قد حمل أجمل المعاني بأرقى الأساليب و آخر حمل أسوأها و أحدرها .
شعرتُ بأصابعك تلامس شعري الشبه ناعم وتدسه وراء محيط أذني , وبهمس هادىء ناعس : صباح الخير .
إبتعلتُ ريقي , و أحتضنتُ مخطوطتي إلى صدري بخجل , لم أكن أنوي البوح بما خطه قلمي الركيك و قتذاك و لكن بإجراءات التعديل سأبوح لك
رددتُ , بخجل سترتُه بالثبات : صباحك فل و ياسمين يا روكي .
وضعت يدك موضع صدري تحاول إبعاد يدي المحتضنة للمخطوطة , بهدوء : ممكن أشوف وش تكتبين ؟
هززتُ رأسي بالنفي , و بخجل : لا دي حاجة خاصة فيني .
دنوت مني و جبينك يحتك بجبيني و أنفاسك تخالط أنفاسي , بنبرة رومانسية : هممم و انا مو من خصوصياتك اجل يحق لي النظر
أدخلت يدك بين يدي لتسحب الدفتر على مضض
فتحت الدفتر , و أغلقتُ أنا عيناي السوداء
قرأت بصوتك الرجولي الذي به بحة مميزة بطبيعتها و أخرى لسيجارة تعمل على قتلك ببطىء شديد
مخطوطة المطر ..
أخطُ أول حروفي , و أرسم أولى خيالاتي بأجمل لوحة مطرية
تهطل بغزارة مبهجة ليتهلل و جهي فرحاً
تزداد غزارة و أزداد حرارة
هو يعانقني بشدة من برودة المطر القارسة
أياخاف علي منك و انا من كتبتُ أحرفي إليك
أهل تُكذبني يا " مطر " أهل سمعت صوت قلبي
يضج بالحب , لكن صدقني كتبتُ هذه الكلمات لكلاكما
صحيح يا " مطر " لو لم يكن هو بجانبي لم أكن لأكتبها
فلتشهد يا " مطر " حباً لم يكن على مر السنين
* و انتهت حروفي الأولى التي لم تكتمل بعد , لم أكملها حتى الآن , أخاف أن يتطاير صوتك عن مسامعي إن إكتملت هذه الحروف
أراك سراباً سينقشع بأي لحظة و يهبط بالقبر او بأغلال المساجين *
وضعت يدك فوق يدي تبعدها عن عيني و أنا أشدها بخجل , لتحط أذنك بثغري وتهمس : حرفك من ذهب يا مي
و سحبت يدي عن عيني بسهولة , وانت تكبلها بأغلاك الوهمية
شددت على يدي بين يديك, و بتحفيز : ترى حلو انه هاذي اول كتاباتك شوي تكات و تصيري كاتبة بجد , انا ما اقولك كلماتي هاذي حتى اشجعك
بعض الأحيان يكون التشجيع تحطيم فعلي هذا اذا شجعتك على خطأ , لكن أنا من كل دواخلي اشجعك و اقولك وراكِ مستقبل اتمسكي فيه يا مي
أنتِ تعرفين انا وش كثر انسان طموح و رغم المعمعة الي انا معيش نفسي فيها الا اني احاول بكل قدرتي اوفق بين دشرتي و دراستي .
حينها رفعتُ عيني إليك وقلت : شكراً على كلامك يا روكي كتير , بس لو انتا هتكتب عن المطر ايه هتكتب ؟
آنذاك تركت يدي و كأنك تترك أرض مصر كلها , كانت عيناك تنظر للبعيد , و بصوت هادىء : رسمتني يا شمس صفراء حلماً
ظننتِ الآمان معي , الأ تعلمين يا عظيمة , بأن مستقبلك سيقتل إن إقترب منك المطر و غطتك الغمام هماً
ماذا عساكِ تفعلين يا صغيرة ؟! , أي إغراء تملكين
بتِ يا شمساً صفراء تقتلي المطر
و يشق ضوئك خطوطه بين الغمام
أكنتِ تريدين إحتضان المطر لك
إختراقه لعذرية الحب العفيف منكِ
أتظني ان المطر أبعدك يا صفراء كرهاً
ام هل علمك عام أنه لم يبعدك إلا حباً
لا تمارسي طقوس القرب مع اي قطرة غيري
إنتظري عودتي بقيت خمسة أعوام
حينها وضعتُ يدي بوجنتك ليلتف رأسك إلي , قلتُ بإحساس : جميل يا روكي جميل اوي ده حوار بين المطر و الشمس .
نظرت إلي بنظرة لم أفهمها البتة لتنطق بغموض : شمس عفيـــــفة من اي دنس .
اليوم حينما أصبحتُ أجيد الكاتبة و أفهم كل منطلقاتها , بدأ الريب يخالطني و يتجانس مع افكاري
لماذا أشعر الآن و كأنك تحكي عن مرأة برداء أصفر عفيفة لا تعرف للشر سبيل ؟!
أشعر و كأنك كنت تكذب علي و قتذاك
أهناك إمرأة تسكن قلبك غيري , يكفي جسدك الذي نالته نساء لا يحصى عددهن فلتعطني قلبك
هذا هو آخر عامٍ لك " روكي " و آخر متطلباتي منك .
*
*
صرختُ بأعلى صوتي , و قلبي قد هبط أرضاً لهول فزعي , إنتفض جسدي , وأنا أُحسس بيد تقبض على يدي بمنتصف الغابة المعتمة , جاء صوتك حنوناً : بسم الله عليك مي حبيبتي اشبك ؟ انا روكي
إلتفتُ إتجاهك , و ضربتُ صدرك بحنق : روكي خوفتني ليه كده ؟ ليه ؟
مددت يدك إلى خدي تمسح قطرات المطر بنعومة فينزل مليارات القطرات من شعري المبلول ومن أعلى الغمام , بذات الحنان : ما قصدت حبيبتي مي , ايش تسوين بالغابة و حدك ؟ يلا ادخلي جوا الكباريه لين يخف المطر و بنرجع للبيت
أعطيتُك ظهري و أنا أرفع رأسي للأعلى , وأفتح فمي بوسعه , انتظر القطرات المطرية تروي ريقي
و فتحت أنت يديك بوسعها و ألتصق ظهرك بظهري رفعت رأسك للسماء , و بجلجال صوتك : تعبــــــــــــــــــــــــــــان ,, تعبـــــــــــــــــان
تعبـــــــــــــــــــان ,, تعبـــــــــــــــــــــــان
بنبرة خوف دون أن ألتفت : مالك ايه الي متعبك روكي ؟
لم تسمعني فرفعتُ نبرة صوتي : مـــــــــــالك روكي
ضحكت بجلبة تعالت على زخات المطر : ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه , اصـــرخي يا مي قولي كل شي بخاطرك , اصرخي قبل ما ينزل احد ويظن اننا مجانين صرحي باللي بقلبك
و لا أدري ما الذي حدث لي لكن لطالما تمنيتُ أن أصرخ بهذا الجنون ولا يتهمني إنسيٌ بالجنون
و ضجت الغابة بأصواتنا : تعبـــــــــــــــــــت منكوووووووووووو , سييبووووووووووووني في حااااااااااااالي تعبـــــــــــــــت أوي
و أخذنا نصرخ و الكباريه به جلبة موسيقية و لا يدري عنا إلا الأب و الإبن و روح القدس
تراقصنا مع قطرات المطر و حفيف الأشجار و صقيع الأسنان , شعرتُ و كأن اليورانيوم اثقل المعادن وزناً كان يقطن بصدري
واليوم إنزاح بعيداً تطاير بالأعالي , كنتُ أشاهد هذا بالتلفاز و اتمنى أن يصبح واقعاً .
بدأ صوتك الثقيل يختفي تدريجياً
أمسكت بخصري لأستدير اتجاهك , أخفضت رأسي ودفنت وجهك بشعري المبلول الملتوي , وانت تهمس بصوت مبحوح بما يمزق اوردتي ويقطع نياط قلبي : هالسنة و بعدها ارجع للوطن , أشكرك مي لانك كنتِ لي وطن بوسط غربتي , ملامحك تذكرني بأرضي ملامح بدوية حادة و فاتنة رغم انك مصرية
أشكرك مي على كل شي .
و انهمرت دموعي شلالات تمحوها قطرات المطر , وبقينا على ارجولنا نستمع إلى رنين طقطقاتها .
***
إنتهى دوامي الآن الساعة العاشرة ليلاً و ها أنا أقف عند محل " تاج توج " و توب تن " بثوبي الأبيض حيث يفترض ان يتواجد مبتوروا اليد
أرتدي الثوب و أترجل سيارتي الخاصة بعيداً عن إطار العمل ليثق بي " أغيد " و يفصح عن حقيقتهم متأكد أن وراء مظهرهم هذا سر دفين
لكن لا مبتور يقبع ها هنا يبدو بأن ذاك الضخم " سمحي " هو من بترهم و أبعدهم عن هذه الناحية خوفاً من اعتقالي له
أعانهم الله كيف لي ان أصل إليهم الآن , ليس لدي أي معلومةٍ عنهم , أرجو من الله أن تجمعني الأيام بهم
اليوم انتهى المركز بناءً و طلاءً يحتاج فقط إلى يومٍ واحد للتهوية لأنه كُتم جراء الطلاء
و سيُفتح مركز الكاسر للخير و تلازم حبيبتي عملها الذي لطالما حلمت بهِ .
حركتُ السيارة و توجهت حيث المنزل .
***
ما بالي واهنة هكذا , منذ إعترافه ذاك و أنا لستُ بطبيعتي أقيس الحُجرة بخطواتي رواحاً و رجوعاً
شيءٌ ما يقول فلتسأليه ان كان ما نطق لسانه أحرفاً بزغت من قلبه و من صدق عقله , و آخر يقول لا تسأليه فحتماً سيزيدك إحباطاً
فما قاله ما كان إلا هروباً من طنطنتي و تذمري , و حال ذاهبي له كيف سأ سأله سيبدو مظهري سخيفاً جداً , سأبدو وكأني بحاجة إلى مدحه وأنا بالفعل بحاجة إليه
لكن هذا لا يعني اعترافي بحاجتي , إذاً ماذا ؟ ماذا أفعل ؟
سأخرج و أوكل أمري لله , وقفتُ أمام المرآة و رفعتُ شعري لأاعلى بـ " شباصة "
خرجتُ إليه بالصالة و جدته قابع على الكنبة بقميص نوم رجالي من القطن باللون الرمادي , ويتابع صدى الملاعب بالتلفاز بكل تركيز
يبدو انه لن يعرني إهتماماً فهو من عشاق هذا البرنامج الذي يعرض على قناة " ام بي سي " بتمام الساعة الثانية عشر بمنتصف الليل بتقديم " مصطفى الأغا " .
شجعتُ نفسي وأقتربتُ منه على مضض , جلستُ بجانبه بسكون و من حسن الحظ إنقطع برنامجه بفاصل إعلاني كتم الصوت , ترقبني , و بتساؤل : مو قلتِ فيكِ نوم ايش جابك ؟
نشبتُ أصابعي ببعضها و دون النظر إليه : افهم انك ما تبغاني ؟ , عموماً ما جاني نوم لو قعدتي هنا تضايقك بروح احاول انخمد
ببرود : لا انرزعي مكانك ما باقي على البرنامج الا شوي , بعدها وش بسوي لحالي اجلسي نتضارب مع بعض شوية .
بإمتعاض : و ليش شايفني اندرتكر قال اجلسي نتضارب قال .
أشار إلي بإصبعه و هو يضحك : هههههههههههه هاه شفتي على طول قلبتيها صراخ , انا ما اقصد مضاربة جسدية لا قذايف لسانية .
كتفتُ يدي إلى صدري , و بصدود : مالت , اصلاً انا البقرة الي جايتك , بروح انام احسن لي .
إنتصبتُ واقفة من على الكنبة على أمل أنه ينادني و سأعود , لكن لم ينادني بل قمعني أكثر
وهو يقول بكركرة : هههههههههههههه طبيبك يقولك لا تنسين الحليب و فرشي اسنانك كمان .
أي قسوة تعيش بداخلك يا " ناجي " أهل تظن أن برودك هذا لا يتخلخله التجريح ؟!
*
*
أتبررين مجيئك بهجران النوم لكِ يا قارورتي
لا تكذبي فأنا أعلم بأن النوم من هجركِ يا معزوفتي
أعلم سبب مجيئكِ إلى هنا كان بلسانك أحرفاً قُتلت قبل ولادتها
كنتِ ستسألين " أهل بالفعل أنا جميلة ؟ "
وكنتُ سأكذب و تصدقين فأقول " لا بل كانت شفقةً مني "
و هذا سيدعكِ تبكين على مدار الليل
و أنا لا أريد إيذائكِ يا قارورتي
لا أريد خدشك فيكبر الخدش و يتشعب إلى أن تنكسري لنصفين
لا أريد هذا فسامحيني على أسلوب الجمود و الآمبالاة الذي واجهتُكِ بهِ
لا أعرف كيف نطق لساني بما نطقت , تملكني لساني ولم أستطع تملكه
أخشى أن أؤكد بجمالكِ , فتتركني وحيداً على قَرِعَةُ من الأرض
جافاً , يابساً بلا ماء و لا هواء إلى أن يحتلني الموت
تتزوجي من غيري فيموتُ قلبي , لن أسمح بهذا , لا ولن أسمح
أنتِ لي , و أنا لكِ .
***
ألقيتُ التحية وردوا بأصوات متفارقة , وجدتُها تجلس على الأرض و بجانبها أطفالنا ريناد و ريتاج و لجين و رائد و مؤيد , تلاعبهم وتقترح عليهم ألعاباً بدلاً من تلك اللعبة
فهي لم تشأ ان تحرمهم من الأجهزة حتى ليومٍ واحد , خطوتُ إتجاههم و جلستُ على الأريكة و أنا أُخفض جسدي بمستواهم
رفعت رأسها إلي وهي تبتسم : كيف شغلك اليوم الكاسر ؟
بادلتُها الإبتسامة : كل شي تمام الحمدلله الا وش مسهر العيال لهالحين الساعة وحدة ؟ وراهم مدرسة
وهي تنظر إليهم بحب : ماهم راضيين ينامون
بادرت ريتاج بالحديث : بابا خلينا شوية ماما حملت لنا ألعاب حلللللللوووووووة
قال رائد و أنظاره بالآيباد : ايوا بابا بس شوية
إتسعت إبتسامتي : طيب قدامكم نص ساعة غير كذا مافي عشان المدرسة
فإذا بإصواتهم تتعالى بسعادة
وبينما هم منشغلين , وجهتُ كلامي إليها : عندي لك بشارة
إتسعت إبتسامتها : وش هي ؟
بتحميس لها : وش تتوقعين ؟
رفعت كتفها وأنزلته : مدري , يمكن انتهى بنا المركز
حركتُ رأسي بالإيجاب وقلت : يوم بس عشان التهوية وبعدها يبدأ الشغل , بكرة اطلعي للسوق واشتري ملابس رسمية تنفع للشغل
بقبول : طيب , وبقول لوحدة من اخواتي تطلع معاي .
بدأ مؤيد بالتثاوب وهو يترك جهازه ويتوجه لغرفة نومه , ولحقه اخوانه واحداً تلو الآخر
وقفتُ من على الأريكة و أنا اتوجه لـ " الحمام "
و هوازن تخرج رداءً لي من الدولاب .
***
دخلتُ إلى الحجرة , رميتُ غترتي على الكنبة و جلست , فتحتُ أزارير ثوبي الأسود الأولى , و أرحت ثقل جسدي بخلفية الكنبة
رأيتها تدخل من الباب و أغمضتُ عيني بخفيف أشعر بالصداع
سمعتُ صوت تقلبها بالسرير , و بهدوء : الساعة اثنين و نص ما بتلحقي تنامين الا ويأذن وراكِ دوام المدرسة , ليش ما نمتِ من بدري ؟
بجمود : كان في برنامج وتوه انتهى , و خلاص اسكت خليني انام .
بذات الهدوء : نفسي يوم واحد يعدي و كلامك يكون زين " و بتساؤل و أنا أفرك رأسي وعيني لا زالت مغمضة " عندك بندول ؟
ببرود : لا
برجاء , لأول مرة يظهر بصوتي لها : قومي عُطرة والي يسلمك دقي على الخدامة خليها تطلعلي بندول , ماني قادر اصلب طولي .
بلامبالاة : ما لي دخل فيك , قوم بنفسك .
بتحايل : اعتبريها رد دين , داويت يدك داوي صداعي .
بإستنكار : لا والله , انت داويت الي جرحته لكن مو انا من جابلك الصداع حتى اداويك .
فتحتُ عيني , حتى أراها قاعدة على السرير بنصف جلسة و عيناها تثقبني بتفحص , بإستفزاز : ومن قال انه ماهو بسببك , من يجلس طول اليوم يصايح فوق راسي ماهو بإنتِ .
ضيقت عينيها الواسعتين : انت كنت بشغلك يعني صداعك منه ما هو بمني .
و قفتُ بشدة و أنا أتوكأ بأصابعي على أطراف الكنبة , و بعتب : تعب يدك و لا وجع قلبك .
مشيتُ عدة خطوات امام انظارها ولم أستطع الإكمال , أغمضتُ عيني و أنا أتراجع للكنبة الأقرب إلي من الباب , رميتُ بثقلي عليها
وصلني صوتها الخائف , المهتم ,المتسائل : معن من جدك مصدع ؟
بقهر : لا ابد امزح معك بس .
قامت من على السرير بخطوات سريعة إلى حقيبتها لتخرج عبوة بندول و تتناول حبتين , مشت إلى الطاولة لتسكب بالكأس قليلاً من الماء
إقتربت مني , جلست بالأرض فالكنبة لا تتسع لكلانا مدت يدها بالحبتين إلى ثغري , بينما أنا أخذتُ أنظر لعينيها الخائفة الفزعة
حنونة أنتِ يا عُطرة رغم قناع القسوة الذي يغلفكِ
لكن خليعة يا عُطرة رغم قناع البراءة الذي يغطيكِ
ربتت على ركبتي بخفة , و بتنبيه : معن افتح فمك , بيزيد صداعك .
فتحتُ فمي , لتدخل الحبتين فأعض اصبعها برفق
نظرت إلي بحنق وهي تهز رأسها ذات اليمين و ذات الشمال : حتى وانت تعبان متوحش .
رصصتُ أسناني لتصتف على اصبعها بجانب بعض و عضضتُها بدفعة واحدة , فإذا بأسنانها تعض شفتيها بألم
رفعتُ أسناني عن أصابعها , واخذتُ كأس الماء من يدها الأخرى , شربتُه جغمة و احدة وأنا أنظر إليها من قاعدة الكأس الزجاجية
فأراها تفرك بيدها المعصوبة إصبعها المعضوض , رفعت عيناها لي و بإمتعاض : محد يعطيك و جه , بروح انام احسن لي .
أمسكتُ بيدها و لا أدري لما ؟ فقط ما اعرفه اني أريدها بجانبي بهذا الحين
نظرت لي بإستغراب : سيبني بروح انام .
بشبه تهديد : ان نمتِ بمنعك تكملين شغلك .
توسعت عيناها , و بإستنكار : هالله هالله الحين بس عشان صداعك اترك شغلي ! " و بإستفزاز " اصلاً ما تقدر تجبرني على شي ما ابيه
تدري بشتكي لأبوك و بيجبرك تخليني اكمل شغلي .
رفعتُ حاجبي , و بإستهزاء : اشوفك محتمية بظهر ابوي ؟!
أشارت إلي بإصبعها المعضوض , و بحنق : والله ابوك أخذ مننا الكثير و واجب عليه الحماية رد للجميل .
أمسكتُ بإصبعها بيدي الأخرى , و بغيض : انتِ ما تكفين عن هالكلام تراكِ ذليتينا فلوس ابوي فلوس ابوي والله فاهمين بس حبيبتي شي مقابل شي
انتوا لو ما ابوي حرك فلوسكم كان زمانكم بالشارع فاهمة بالشارع ابوي الي كبر هالفلوس عمرها ما كانت فلوس ابوكِ بهالكثر حطي كلامي هذا
براسك و كبري عقلك كفاية غباء والله متى ما جاز لنا نقدر نرميكِ بالجزمة برى البيت .
بحقد : طبعاً أخذتوا و شبعتوا ثم ترموا صح لكن ما اقول الا حسبي الله و نعم الوكيل , احنااا يتامى ما حسينا بالحنان الي حسيتوه فقدنا الأمان من زمااان
اتقوا الله فينا , خاف ربك يا معن كل اخوانك مهنيين اخواتي الا انت و بعد تطعني بشرفي ما عاد بقلبي قوة تعبت منك وعافيتك و بكل صلاة بدعي عليك , ما بكون الغبية الي تدعي على نفسها بالموت , لكن بكون المظلومة الي تدعي على ظالمها .
وقفتُ على اقدامي و الصداع قد بدأ يختفي بمفعول البندول , شددتُ بقبضتي على يدها المعصوبة و بصوتٍ عالي وانا أسحبها ليرتطم رأسها بصدري : وش ظاااااالمك فيه انا جاوبي وش ظالمك فيه ؟ ابوي و رافع من قدركم لدرجة يدهس بأمانينا لسعادتكم
والله لولا الله ثم ابوي والله اني كنت بطلقك ثم اتزوج و انساكِ ما كأنك كنتِ لكن ابوي قالها مرة و حلف فيها قال قبل نتزوجكم " والله و عز الله و جلاله كانكم تأذون بنات بو اصلان او تطلقهن او تمنعهن من شي يريدونه والله ان ما ارضي عليكم ليوم الدين , والله اني بريء منكم ليوم الجمع "
بتوجع : معـ...ن شعـ...ري
ارتخت أصابعي حتى تحررت خصلاتها عن قيدي , بحرقة : وش ظالمك فيه يا عُطرة جاوبي ؟ شرفك و ما طعنتك فيه للوهلة الأولى صبرت و سألت و الإجابة انك رخصتِ بثوبك و ش تبين اكثر ؟!
أشارت إلى نفسها وهي تصرخ بجنون و تشد بجامتها و كأنها ستشقها لأشلاء : شريفــــــــــة انا طاهرة انا والله عمري مارخصت بنفسي الله يقهرك مثل ما تقهرني الله يردها لك اضعاف مضاعفة يارب الله يردها لك الله لا يسامحك الله يجبر بكسري .
تنهدتُ من بعد إكتناز : هدي بيسمعونـ
لم ألحق و أكمل كلمتي إلا و الباب يطرق
نظرتُ إليها بعتب و بهمس : من صوتك .
مشيتُ ناحية الباب و هي من خلفي
فتحتُ الباب فإذا بها أمي واقفة و وجهها لا ينعم بإرتياح لشدة قلقها , بخوف علي وهي تحاول النظر لما خلفي حيث عُطرة : وش صايرلكم يا يمه ؟
بإبتسامة مطمئنة : ما به شي يا يمه خلاف بسيط وبنحله إن شاء الله .
بغير قبول : أكيد يا وليدي ؟
إقتربتُ منها , قبلتُ رأسها بإحترام و بتأكيد : ايه يا يمه اكيد .
فإذا بعُطرة تزيحني عن طريقها لتقف أمامي و وجهها مقابل أمي , بصوتٍ عالي : خايفة عليه هاه اشبعي فيه بروح انام عند اختي احسن لي منكم .
أبعدت أمي عن طريقها بأطراف أصابعها بكل وقاحة ومضت بعيداً
حسناً كان بإمكاني أن امنعها لكن لا أريد أن أُكبر حجم الموضوع و يصل إلى أبي حينها سيتوجب علي الإعتراف بخنا ثوبها وهي مهما كان عرضي و لا أرضى لها الضير , منذ أن تزوجتها لم أرى
منها تصرفاً سيء لكن هذا لا يغفر لها لا يكفر عن ماضيها ماضي فات و لم يمت و لن يموت .
مسحت أمي على وجنتي برفق و بحنان : يا وليدي وش حاصلك ضايقتك بشي كدرت خاطرك يا وليدي , آآه و انا امك لو هو بيديني كان اتخيرلكم من أحسن بنات الأرض
لكن ذا ابوك مغلق الأبواب بوجهي .
أمسكتُ يدها التي بوجنتي و قبلتُها برقة و بهدوء : يمه لا تخافي مثل ما قلت لك خلاف بسيط و بنحله لكن تعرفين عُطرة من يومها صغيرة و صوتها يعلى و غضبها يغطي على تفكيرها بترجع تفكر و بتهدا امورنا لا تشيلين بخاطرك يا يمه .
سحبت يدها بخفة من بين يدي وهي تعطيني ظهرها و تجُر خطواتها بعيداً .
*
*
طرقتُ الباب بخفة , طرقة فأخرى و أخرى
و ما ان قررتُ الإنسحاب حتى يأتيني صوت هوازن الناعم من خلف الباب : مين ؟
رددتُ وأنا أحاول الحفاظ على ثبوت نبرتي أشعر أني سأبكي بأي لحظة , و هوازن هشة ضعيفة لا تتحمل الدموع حتماً ستشاركني دموعي : عُطــرة
ثواني عديدة و فتحت الباب وهي تبتسم و ترتدي بجامة تسترها و لا تظهر منها شيء , حقاً ليس منكِ إثنين يا هوازن
دخلتُ , و وقفتُ خلف الباب , وهي تقول و كأنني ضيفة جديدة : تفضلي تفضلي
نعم نحن ضيوف بعض رغم اننا اخوات الا اننا بعيدات عن بعضنا كثيراً لا أخفي الحقيقة دائماً هوازن تحاول الإحتكاك بنا , لكن انا و عُزوف دائماً ما نتهرب
جلستُ على كنبة المجلس , قالت هي بخجل : معليش والله ما كنت ادري انك بتجين بروح اسويلك عصير
رفعتُ يدي لأعلى أهزها بالرفض : لا لا ما ابغى شي تراني بنام عندك شوية , صار بيني وبين معن خلاف بسيط كنت بنام تحت بأي مجلس بس عارفة انه بيجيني وانا مافيني اتكلم كثير
وهنا هو ما بيتجرأ يدق الباب حتى يزهمني .
بنصح يغلفه القلق : عُطرة حبيبتي هذا زوجك شريك حياتك لكل واحد منكم على الثاني حق ان هو زعلك و ضايقك بشي سامحيه
و بيجي يوم انتِ تزعليه وهو يسامحك عُطرة انتِ أختي الكبيرة الي ياما وياما كانت أُمنا الحنونة و انا اعرفك زين يا عُطرة لا تزعلين مني
بس انتِ فيك طبع العناد و الرجال بطبعه دايماً يحب يكون قيادي و ما يحب الحُرمة الي تقوده بكل شي فصدقيني مهما كانت مشكلتكم سايريه
شوي و بتعدي على خير لازم بكل مرة واحد منكم يتنازل للثاني حتى تصفى القلوب و تنحل الأمور .
آه ليت الأمر كما تظنين , أتمنى لو كان الأمر عناداً و كبرياءً وحسب لكن ليس بعنادٍ و لا كبرياء
انه شرف مطعون و عفة قتلها الطب .
إبتسمتُ و أنا أستلقي على الكنبة : بنام هنا قفلي الباب الي بيني وبينكم و بلغي زوجك بوجودي هنا .
هزت رأسها بطاعة و هي تتوجه للإضاءة و تغلقها و تغلق الباب من خلفها وتخرج .
***
الآن الساعة الثالثة ليلاً , و إلى هذا الوقت هو لم يتصل ! , لم يرسل !
أين إختفى ؟ لما توقف ؟
ما بالي اهتم لأمره هكذا ؟
نامي يا انهار فلتنامي هو لا يستحق جزءاً من وقتكِ للتفكير به .
***
الآن الساعة الثالثة والنصف ليلاً , و بهذه اللحظة تذكرت ان خاتمي " الدبلة " تركتُه بمكتب عبدالقوي
إلهي ماذا لو رآه ؟ لو سأل أبي هل إبنتك مخطوبة ؟ بماذا سأجيبك يا أبي ؟ كارثة أقسم بأنها كارثة وحلت بي
من المؤكد ان هذا العجوز قد نام حسناً سأدخل بسرعة إلى مكتبه و أجلب الخاتم و أهرب بعيداً .
خرجتُ من غرفتي بهدوء وعلى أطراف اصابع اقدامي , ومنه إلى خارج منزلنا فإلى العشب الذي يكسي الممر و ينتهي بالقصر
أخرجتُ ميدالية المفاتيح من جيب بنطالي فتحتُ باب القصر و دخلت , وبخطواتٍ سريعة مضيتُ حيث مكتبه
دخلتُ , و أنا أتنفس بإرتياح لعدم وجوده هاهنا
تقدمتُ للمكتب
فإذا بصوتٍ من خلفي : تبين هذا ؟
***
إنتهى الجحيم
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
كونوا بخير $