الفصل الثالث




خرجت ليز من الحمام وهي تحاول ان تلقي عن كاهلها الإحساس بالألم الذي تشعر به من أثر ماحدث لها بالأمس , فهي لم تكن تود ان يصل الأمر مع نيكول لهذه الدرجة , لكنه حاول التلاعب بعواطفها , يظنها ساذجة , لكن الغريب ان جسدها يرتعد لمجرد لمسة ولو عفوية منه , رغم انها تريد ان تكرهه , ماذا حدث لها ؟!
كانت هذه الأسئلة تحطم رأسها وتشل تفكيرها ولا تزال معلقة بدون إجابة حتى وهي في طريقها للمطبخ , كان السيد جيسون موجوداً يتناول طعام الإفطار, فابتسم عندما رآها , لكنها باغتته بسؤال لا ينم عن ارتياح .منتديات ليلاس

- هل حالتك افضل الآن ؟
- افضل الآن .. لاشك انني كنت متعب جداً بالأمس .
- حسناً ...
قالت ليز ذلك وهي تضع فنجان القهوة على المنضدة, في حين سألها الجد:
- كيف كانت ليلتك ؟ هل اعجبتك المسرحية؟
ليز :
- كانت رائعة , الراوية جميلة , الجو ممتع , الموسيقى اكثر من مثيرة للخيال , لم اشاهد ذلك من قبل.
الجد:
- يبدو ان سهرتك كانت حالمة بمافيه الكفاية .
ليز :
- لعل فرايد لم يزعجك.
الجد :
- على العكس, إننا صديقان , فهو ابن طبيب , وقد نقل لي حبه لجده وتعاطف معي.
ليز في ابتسامة :
- بل انت الجد الحنون , وكرمك دائم , حتى في مجاملة فرايد.ريحانة
الجد:
- منذ فترة طويلة لم اسمع إطراءاً من احد , ومن اين سأسمعه؟ من جيسكي الفظيعة , التي لا هم لها سوى حساباتي في البنوك!
انزعجت ليز وتقلصت عضلات وجهها وهي تحاول ان تخفي وجهها.
الجد في اضطراب واضح :
- هل حدث شيء من نيكول بالأمس ؟
- على ما يبدو انه يعتقد انني من النساء اللاتي تتحدث عنهن , اراقب حساباتك المصرفية .

الجد :
- اللعنة ! سوف القنه درساً قاسياً.
- لا ياجدي .. ارجوك , لا اريد للأمر ان يسوء اكثر من ذلك.ريحانة
الجد في ابتسامة واضحة وهو يهدهدها:
- سوف اخبرك بأمر قد يوضح لك اشياء في شخصية حفيدي , هو نفسه لا يدرك انني افهمها عنه , إنها سر بيننا.
في همس ردت ليز :
- وسوف يظل سراً.
منتديات ليلاس
- كما تعلمين ان والدي نيكول كانا يعملان بعيداً عن قريتنا , وفي احد زيارتهما علما ان نيكول على علاقة بفتاة صغيرة تدعى لارنيس ( تذكرت ليز تلك الفتاة التي تزوجت الآن ولديها ثلاثة اطفال ) فعنفاه بقسوة ومنعاه, لكنه لم يمتنع , فلقد زاده المنع عناداً والتصق بالفتاة اكثر , ولكن تقريع والديه أثر في نفسه كثيراً, وزاد من تعقيده وسبب له خللا!ً, وعندما انتقلنا الى لندن تعرف الى فتاة صغيرة في السادسة عشرة واقام معها صداقة و طيدة, لكنهما طارداه في مشاعره وحذراه من الفتيات اللاتي يتقربن اليه .
لكن الطامة الحقيقية عندما تعرف على سيدة صغيرة وهو في الجامعة , وقد كانت على مايبدو دافئة للغاية , فقد سلبته عقله ووجدانه, لقد جعلته عاشقاً متيماً.منتديات ليلاس
ليز :
- وماذا حدث ؟
الجد:
- لقد شبعت منه , فألقت به بعيداً لتبحث عن رجل اكثر غنى , وصيد جديد.
ليز :
- لاشك ان ذلك أثر فيه تماماً .
الجد:
- لقد شوه صورة المرأة امامه , فهن إما فتيات مراهقات يحلمن بمداعباته , وإما يزحفن للمال بصور انتهازية خبيثة , حاولي ان تفهميه جيداً قبل ان تحكمي عليه حكمك النهائي .

مضى اليوم دون ان تلتقي بنيكول , وقد كانت سعيدة لذلك, لكنها لم تستطع ان تبعد عن ذهنها السيدة جيسكي وكونه يستمتع معها , لكنها في جميع الاحوال ارتدت فستاناً مناسباً للسهرة , فهي قد ورطت نفسها في تحديد موعد مع جيرمان , لكن الأمر لم يكن بهذا السوء الذي توقعته , فقد كان جير إنساناً لطيفاً ودوداً, يحب الجلوس اليها, وقد ارتاحت للجلوس اليه وللرقص معه, وقد ساعد ذلك على خروجها لمرات متوالية والعشاء معه في افخم المطاعم.منتديات ليلاس
مرت ايام الأسبوع الثاني في هدوء لم تلتق بنيكول, وكانت سعيدة طوال الوقت , والآن وهي تجمع اوراقها استعداداً لمغادرة المكتب في نهاية الاسبوع جاءها صوته :
- هل انت هنا؟
سقطت الأوراق على الارض وارتعدت فرائسها وكأنما سقطت على رأسها مطرقة افقدتها الوعي , لكنها ردت بتشنج:
- لم اتخيل وجودك!
كان الرد جافاً , لكنه تقدم بعض خطوات وحاول مساعدتها في جمع الأوراق , فصاحت به :
- استطيع معالجة الأمر .. فقط ابتعد.
ثم دارت تحتمي خلف المكتب وهي تكمل :
- لقد كنت على وشك الرحيل .. فهل يمكنني ذلك الآن ؟
ابتسم ابتسامة ساخرة لسؤالها , ثم سألها :
- هل انت مستريحة هنا؟
- إن كنت تقصد العمل فهو عظيم .
- لقد وصلتني التقارير الأسبوعية عنك, ويبدو ان رؤساءك المباشرين معجبين بك, هل انت مستريحة عندما تتعاملين مع الرجال هنا.
كان السؤال يعني نفسه قبلهم.
- اظن انني تأخرت في العمل ويجب ان اذهب.ريحانة
- ليس قبل ان أسمح لك , ألم تدركي انني صاحب المكتب!.

- عفواً سيدي .. لقد ادركت ذلك عندما ان اقوم بأية اعمال نظير جلبك لنا الى لندن وكنت تتمنى فشلي حتى تجد مبرراً لعدم قبولك لنا.
لامس يدها , ثم سحبها بين يديه يحتضنها وهو يقول:
- لم اظن لحظة انك ستفشلين, وإلا ماكنت سمحت لك بالعمل معي , فعملي ليس مجالاً للتجربة .
كانت تتصبب عرقاً وهي تحاول كبح جماح عواطفها تجاهه وتردد في داخلها ( يجب ألا اسمح له باللعب بمشاعري ) ثم قالت بصوت حاد :
- لا بأس , هذا منطقي, وهذا تقدير طيب منك.
قالت ذلك وهي تضع حقيبتها على كتفها .
- المنطق خلف اكثر الجرائم المالية والعاطفية .
قالها بصوت حاد .
منتديات ليلاس
رددت بهدوء مبالغ فيه:
- لا يوجد في العواطف منطقية!
قالتها وهي في طريقها الى الباب. فقفز نيكول في خفة ليقطع عليها الطريق ويمنعها بجسده من الخروج قائلاً:
- حسناً , مادامت العواطف غير منطقية , فلماذا تخرجين مع جيرمان , فهل هي عاطفة , ام أمور منطقية ؟
صرخت في وجهه:
- إن هذا لا يعينك, تستطيع إملاء اوامرك فيما يخص العمل في مكتبك الموقر, لكن هذا لا يعطيك الحق للتدخل في حياتي.
لف ذراعه الأيسر حول خصرها , في حين اسند رأسها بكفه الأيمن وضمها اليه لتلامسه فتذوب بين ذراعيه , واخذ هو يهمس في أذنها بحنان وهو يقبلها في رقبتها:
- حقاً.. إن هذا الأمر لا يهمني.