كاتب الموضوع :
حلمْ يُعآنقْ السمَآء
المنتدى :
ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
رد: و بك أتهجأ أبجديتي
حوقلة علت لتقطع دابر السكون الذي خلفه رحيل ذلك الهائج ، ليصطك الفكان غاضبان ، يكادان يقضمان اللسان الاخرس ، و كيف لا ينخرس بعد كل ما قيل ؟!
الى متى يجب أن يتحلى بالكبت و يتقلد شرف تنفيذ الوعود الظالمة ؟ يا رباه فقط قليلا من الصبر بعد
كفاه تولتا مهمة دعك الملامح المخضبة حيلة فقدت ، حاول تنحية ما يؤرقه عن فلك ذهنه و لو قليلا ، ليطرد كاملا و قبيل أن تتم المحاولة بعد ان تعالى رنين الهاتف بنغمته الكلاسيكية الأنيقة
اعتدل بجلسته المسترخية ، إذ كان على علم بأن القادم هو الأهم لـ ينشغل به ، رفع الهاتف حيث صيوانه الأيسر مكتفيا برد السلام الهادئ عمن تقاربه بذات الهدوء
لتقدم له ما يؤرجح ميزان التعقل بقولها الوجل ، و كأنها مدركة خير إدراك خطأ فعلها و القول : عراق ترة - يسار - بالبيت هسة
بتوجس من ادركه المخفي علق و حدقتاه تنصبان على نقطة واحدة مجهولة الوجود في الفضاء من حوله : و منو جابه ؟
تلكؤ بسيط فـ زفرة قصيرة و من ثم حديث موارب لا صلة له بالسؤال ! : يعني يا عيني قابل نعوفه وحده حاير ؟ عراق الطرق كلها مسـدودة - مغلقة - ، و الناس مو خوش اوادم اذا اخذ تكسي و طلع واحد ابن حرام و شافه مـ يندل شي مو جان رأسا اخذه و خلانا حايريـ ـ ـ
ليبتر سخف القول بـ فقدان صبر حليم ، ويل لمن يواجه غضبه
و لكنه ذا غضب يشابهه ، خافت النبرات ، عال الأنفاس ! : و رحتيييي انتي جبتيه ؟؟؟؟؟ رحتي للمطااار وحدج ؟؟
صمت اللسان و ضجة الانفاس كانتا الإجابة المدركة منذ البداية ، ليختل توازن هدوءه المعتاد ، فيعتلي القهر منبر السيادة عنده ، ليصرخ بها زاجرا - بنبرة معتدلة كما هي طبيعته - و جسده ينتفض بوجع لم يتلاش من طيف ذاكرته يوما ، و لن يفعل حتى يواريه الثرى
: - درصاااااف - جاااوبيني ، رحتييي وحدج ؟؟ - و دون إنتظار لإجابة افحمه بها صمتها استرسل بذات التعنيف - مخبلللة انتيي ؟؟ علمود هذاك الادبسز الحيوااان تروحين لـ تلفات الدنيا ؟ - امكنة بعيدة - اصلاا انتي وين تندليين !!
هوة انتي مصارلج سنة راجعة متفهميني ، اني من قلت خليه هناكة لحدما اخلص شغلي و اروووحله ليييش مسمعتي كلامي ؟
ردته شوية يتبهذل - يتعذب - و يعرف ان الله حق ، تروحين انتي و تجازفين هالمجازفة لييييش ؟؟ هوة يستااهل ؟ لج شلوون مـ خفتي ؟
ساكنة ، هادئة .. يظنها الجاهل بها غارقة فيما مضى ، إلا إنها لم تكن ، هي فقط مستسلمة لأن تجلد عقابا لفعلة سترعب كل من علم ، و كيف لا تفعل ؟
و بالطبع يستثنى من الكل ذلك الأخرق المحتجز بين جدران المنزل القديم ، فـ من مثله لا يقلق لأحد ، بل يقلق لأجله الجميع !
خب دجى الغضب بعد وهلة و معه نبضاتها ، فقط لمعة الاحداق ما تكاثف ، لتخبرها بأنها ممتنة ، و جدا ، ممتنة لأن الله أكرمها بعد ان صبرت ، و أحتسبته عنها وكيلا ، و من أفضل من الرحمن وكيلا ؟
ممتنة بـ أن تكون عرقا ملتحما بقلب الـ " عراق " ، و تثني الله دوما لكونها للـ عراق نبضا
: درصاف
شتان بين الندائين ،
فهذه المرة تغلب الحنو و الهدوء على النبرة المحببة لقلبها ، لتجيبه مسرعة ، ملبية دعوة عطفها على من جادت عليه بالقلق
: و الله العظيم مـ صار شي و الحمد لله الطريق مفتوح جان و كومة ناس رايحين يعني مو عبالك - لا تظن - جنت وحدي ، حتى مـ خفت و الله فـ ـ
بذات درجة الصوت الهادئة قطع سبيلها المتعروج ، و لكم تحب تحكمه السريع بـ غضبه : انييي اخاااف ، تسمعيني ؟؟ أنتي متخافين اني امووت خوف عليكم .. فدخيل ربج بعد لتسوين شي بدون مـ تقوليلي ، ترة والله العظيم ارجعج لكندا و ادز - أرسل - اخوج الهفة - الغبي - وياج .. و تدرين بية اسويها
عينان تبرقان و ثغر باسم ، من يراها من أول وهلة يدرك عظيم امل بالله لا ألم من وجع قدره !
: حبيبي
همست بها دون أن تدرك انهمار سيل عاطفتها نحو هذا الصنديد المتصدأة جدران قلبه لشدة ما فقد
و بها محت كل ما اجتاحه من نار تلظته سلفا ، ليزفر بإستغفار مثخن بالخشوع ، و من بعدها راح يعاتبها بـ هدوء نبرة : زعلتيني منج والله
بس هسة عوفينا - دعينا - بعدين نتناقش ، و قوليلي .... شقال ؟
ضاق بؤبؤيها لتلوح بذهنها هيئة الـ - يسار - الاخيره و سخطه اللاذع ، لتحاول تدثير المشكلة بلحاف التعقل : مقال شي ، بس شوية ماخذ على خاطره .. اصلا اني مـ حجيت وياه ولا بردت قلبه
لتسترسل بـ محاولة لنزع اغلال قيدت راحة شقيقها منذ ان اصابه كرب الخبر : لو تشوفه عبالك عمره مشايف هالشوارع
فيكون لها العكس ، إذ فارت نبرته مع تدخل حتمي من قوات السخرية العتيدة : طبعا ، مو دعش سنة تنسي الواحد ابوه هم مو بس الشوارع
ثم يكمل منبها اياها بأنه ليس بغافل عن عملية تهربها تلك ، و بذات النبرة الهازئة مضافا اليها موجة فتور ، راح يعلق : در ، ترة اعرفه و اعرف لسانه الطويل وادري اكيد صيح و عيط " صرخ ، زجر "
- صمت قصير فإستدراك - اهم شي قلتيله ينتظرنا نجي ؟ ما اريدها تشوفه وحدها
يمناها القابضة على المقود ارتخت قليلا ، و معها الحاجبين ، لتحاكيه بضيق بدى على النبرة الممتعضة : طبعا قلتله ، و دا اخابر عليها عبالي - ظننت - اقوللها تروح لماما تجيبها من المدرسة حتى مـ يبقون وياه وحدهم
لـ يبتر الحديث بلوم تلى زفرته الحارة : طبعا كله صوجج - ذنبك - ، أني قتلج خليه ينتظر بالمطار هم شوية يتأدب وهم احنة نرتب امورنا ، رحتي انتي و ركضتيله
سكنت و ظن معها ألا تجيب ، فهم أن يتحدث لتقاطعه بـ همس ، و كأن صوت العاطفة لديها خجل ، يواري سؤته بـ جلباب الخفوت : عراق قلبي مـ ينطيني ، صدق احجي عليه و ارزله - أوبخه - بس ورة غربتي وياه و الله صار قطعة من قلبي ، ترة اني ربيته فـ لتلومني اخاف و انقهر عليه رغم عيوبه
انحشر التأنيب في حنجرته ، و كيف يؤنبها بعد أن عادت لتتطبع بذات الدر القديم ؟ ، اكتفى بقول خفيف النبرة ، مزج معه شيئا من لطف : بعد لتقولين انتي مربيته ، يابة اخوج هذا بذرته تعبانة ، التربية ما الها علاقة ، قابل انتي علمتيه يظلم العالم و ميحترم اهله ولا يخلي تقدير لاحد ؟
و كسيل جارف ، باح بقهر تملكه اعواما دون ان يفصح عنه ، فـ من اعتاد الكبت يتعسر عليه البوح إلا لـ من يماثله صمتا ، ناسيا أنه في مقابلة حصرية ، فريدة مع - در - سالف الأزمان ، مقابلة قد يقطع تصويرها انفلات سيطرته على الذات : يمكن عباله - ظن - نسيت له شلون كسر ظهري بموتة ابوية وو .....
و فجأة أختنق القلب بغصته ، و كادت الأحداق ان تندلق قهرا من المحاجر ، وما إن إشتد عود وجعه من المصاب حتى ذبح نحره بقول خشن ، راض بما قدمه الله تعالى ولا يطلب سوى رضاه : لا إله إلا الله .. إنا لله و إنا إليه راجعون ، أستغفر الله العظيم
تزامن ذكره للإله الرحيم مع تدليك شماله لـ صدغه الأشيب ، ليجلى حنجرته بعدها ، فيستطرد مكملا بنبرة متحشرجة بالغصات ، و كأنه يفرغ بعضا من حزن شق جيب صبره بـ غيظ يصب جامه فوق الرأس الأقرع : واحد تافه و ميعتمد عليه و اني اختي ما دام حجت و قالت كافي فـ أني بعد ما ابقيها إله
لم تغالب دمعات الحزن المندلقة فوق السطح الخمري ، بل تركت لمآقيها حق التصرف بعاطفة هاجت و ماجت بعد إنصات القلب لـ غصات منبع قوتها من بني البشر ، منبع تأتيه مواسم جفاف ترديه يابسا متقرحا ، ليعود بعد الإستعانة بالله فيفيض و تنهل لنفسها منه دلاءا
لحظات كهذه ربما لن تكرر قريبا ،
فقط عودة الأحمق المتهور ، و ظهور آثار شرخ قديم في جدران بيتهم الحبيب ، و أركانه .. و أخيرا ، جفاف منبعها عادوا بها الى الوراء أعواما ، لتطل صبية حلوة ، بقلب ناعم النبضات ، و مآقي لا تحتمل ثقل الدمعات .. فتهديها الخد بـ كرم معطاء
بهمس متحشرج ، تمتمت و لا زالت في محلها السابق ، أمام بوابة المنزل : عراق ، إنتة الجبير و متعود على سوالفه ، الله يخليك لـ تتعب ماما فوق تعبها ، أحجي وياه و رزله و طيح حظه مـ يخالف ، بس هم حس بيـ ـ ـ
لتجفل لنبرة علت فجأة بعد ان جلى حنجرته حتى يفيض غيظا : شبيج در صدق دتحجين ؟ شحس بيه ؟
عافها - تركها - مثل الوردة و علق برقبتها بلووتين و ورة مـ جهاله صاروا بطوله راجع بكل وقاحة و الله ليش ؟ لإن القشمر - محط سخريته - قررت و اخيراا انو تفكر بعقلها و تشتري الباقي من حياتها !!!
فتعود متأبطة ذراع التعقل ، بمحاولة واهية لـ رتق جرح عتيق ، عميق ! : ميخالف عيني بس هم لتنسى جهالهم ، أكيد مـ يرضيك يتشتتون
ليزفر هو بهم صريح : و اني شكاسر ظهري و مصبرني ذيج - تلك - السنين غير الجهال !
فيضيف مستدركا فجأة : صدق إنتي خابرتيها - إتصلتي - لتمني لو لا ؟
تأفأفت بذات غيظ متملل و هي تعتدل بجلستها المسترخية على المقعد الجلدي ، يمينها راحت تدير المفتاح في بيته الرفيع ، ليرتفع صوت المحرك و معه نبرتها : خابرتها بس موبايلها مغلق
فيكمل هو عنها : اكيد ، يعني هاي مـ تجوز - لا تكتفي - ، مـ فد يوم خابرت و جاوبتني
على غفلة منها تسللت بسمتها الخفيفة بمكر - من ستظل أنثى - على الثغر الرفيع ، لتشاكس غيظه : سبحان الله نفس الاهمال ، صدق الطيور على اشكالها تقع
فيقطع عليها الدرب بنبرة قصدت لجم محاولاتها المستقبلية لتحول دونها و الإستمرار : اكسر رجله اذا راح يمها
لكنها أبت إلا أن تكون بصف صغيرها الضخم : عراق ترة هية مرتـ ـ ـ
فينهي الحوار ببأس رجل : درصاف ، إذا عرفت انتي واقفة بصفه و مساعدته اقلب الدنيا على راسج و راسه ، فكري شوية بأختج المسكينة الي ذااقت الويل من ورة سخافته و استهتاره و نسواااانه ، خزااانا - فضحنا - يومية - كل يوم - نسمع عنه سوالف والله تنزل راس الواحد بالقاع و انتي هم بعدج تدافعين عليه !!!!
ويين عقلج مـ تقوليلي !
بس يابة والله العظيم تمني مـ تصيرله مرة اذا مـ صارلها رجال سبع ينشد بيه الظهر
بحنق من غطرسته المفحمة بالهدوء ، و التي عندها تتلاشى نبرتها الحازمة تكلمت : بس انتة تدري تمني الي سوته بس حتى تقهره ، يعني خوما صدقت هية تريد تتطلق !!
لو تريد جان من زماان سوتها مو هسة - الآن - ورة مـ جهالها كبروا
: در رجعيلي السيارة ، عندي طلعة ضرورية يللا
هذا هو ،
يرخي لك السد حتى تتجرأ و تترك سيولك تفيض ، فيغلق بوجهك المصب فجأة مسببا فيضان عظيم يحول اطراف شواطئك لبقايا ، ينتج عنها ايقاف صادم لـ خلايا ذهنك العاملة بسرعة عنيفة !
بنبرة ثابتة ، لا تقارب الإنهزامية .. و كأن الـ در الحديث ، المطلي " فولاذا " عاد ليزين عقود نحورهم : مو عندي روحة للدار هسة
زفرته الطويلة لامست اعصابها ، لتخبرها بأنه ابصر القناع الرمادي اللماع الملتحم بملامحها دون أن تكون أمامه : تعاليلي و اني اوديج ، بس استعجلي
: إن شاء الله
زفرة اخرى ، فـ ضربة خفيفة لم تدرك مقصدها رغم تأكدها من المصدر : إنتي قلتيله لأخوج مـ يطلع من البيت؟ هذا مستهتر ليروح يفتر و يسويلنا شغلة
و بالإسلوب البارد ذاته ، راحت تردد كـ آلة حية : لا لـ تخاف ، هوة كلشي مد يندل من ورة الشوارع المسدودة و الصبات " الحواجز الكونكريتية "
: إي زين
ديللا يابة إستعجلي
ما إن رمت بالهاتف في حجرته الصغيرة ، حَتى ندت من بين الشفتين تنهيدة وجع .. وجع ذو نوع فاخر ،، لا تزيده السنون سوى جمالا و إمتلاء !
أريتم يوما وجعا جميلا ؟!
أقسم بأنكم تفعلون .. فـ والله ما وخزتم بـ رأس إبرة إلا ولكم فيها في الأخرة ثوابا و جزاءا
أرأيتم روعة الوجع و حسن وجهه ؟
فإبتهجُوا قليلا ، ليست سوى دار فناء و إبتلاء
لستُ ممن يتخذون الحُزن ملجأً
لمْ يعُد الألم يعنيني
ولن يتمكن من هزم كياني
سأطردهُ كالأرواح الشريره
سأُناجي ذاتي
وأصرخُ بصمتي
لا تستسلمي
ثابري
تحدي
إقفزي لوادي الفرح
أُنثري الورود على أضرحة المستقبل
فـَ علهُ يستيقظ من سُباتهِ
تَهادي على شاطئ الذكريات
ولا تُحيطيها بالحُزن
انما عطريها ببسمةٍ من شفاهِ الغياب
قّبلي الزمن قُبلةً تُحيّه من الممات
عَطري عقاربَ الوقتِ بالياسمين النازح من بِلاد الشهُداء..
بـ قلمْ : ميرفت ايوب نجار
من اختيار العزيزة سيرينآ تعبيرا للحِلمْ
*
يتمشى القسمُ في قلبِ الأًجلْ وأراني لك ما وفّيتُ دَيْني
كيف يفنى ما كتبناهُ بنارْ وخططْناهُ بسهدٍ ودموعْ
لم تزَلْ ذكراهُ من بالي وبالِكْ كيف ينسى القلبُ أحلامَ صباهْ؟
التقت أرواحُنا في ساحةٍ كغريبينِ استراحا من سَفرْ!
وتساءلتُ عن الماضي وهلْ حَسُنت دنيايَ في غير ظلاِلكْ؟
يا حبيبي! أين أمضي من خجل وفؤادي أين يمضي من سؤالِكْ!
يتمشى القسمُ في قلبِ الأًجلْ وأراني لك ما وفّيتُ دَيْني
درجَ الدهرُ وما أذكرُ بعدَكْ غيرَ أيامِك يا توأم نفسي!
درجَ الدهرُ وما أذكرُ بعدَكْ غيرَ أيامِك يا توأم نفسي!
وأنا الطائرُ! قلبي ما صبا لسوى غصِنك والوكرِ القديمْ
ما تبدّلنا! ولا حالُ الصِّبا والهوى الطاهرُ والودُّ الكريمْ
ما تبدّلنا! ولا حالُ الصِّبا والهوى الطاهرُ والودُّ الكريمْ
لم تزَلْ ذكراهُ من بالي وبالِكْ كيف ينسى القلبُ أحلامَ صباهْ؟
قد صحتْ عيني على فجر جمالكْ كيف يُنسى الفجر يا فجرَ الحياهْ؟
قد صحتْ عيني على فجر جمالكْ كيف يُنسى الفجر يا فجرَ الحياهْ؟
وحطَطْنا رحلَنا في واحةٍ زادُنا فيها الأمانيْ والذِكرْ
وتساءلتُ عن الماضي وهلْ حَسُنت دنيايَ في غير ظلاِلكْ؟
يا حبيبي! أين أمضي من خجل وفؤادي أين يمضي من سؤالِكْ!
شدَّ ما يُخجِلُني جهدُ المُقِلْ مِنِ شباب ضاعَ أو من نورِ عينِ
يتمشى القسمُ في قلبِ الأًجلْ وأراني لك ما وفّيتُ دَيْني
أنا شاديكَ ولحني لك وحدكْ فاقضِ ما ترضاهُ في يومي وأمسي
درجَ الدهرُ وما أذكرُ بعدَكْ غيرَ أيامِك يا توأم نفسي!
وأنا الطائرُ! قلبي ما صبا لسوى غصِنك والوكرِ القديمْ
ما تبدّلنا! ولا حالُ الصِّبا والهوى الطاهرُ والودُّ الكريمْ
لم تزَلْ ذكراهُ من بالي وبالِكْ كيف ينسى القلبُ أحلامَ صباهْ؟
قد صحتْ عيني على فجر جمالكْ كيف يُنسى الفجر يا فجرَ الحياهْ؟
إبراهيمْ ناجي
تحتكر الهدوء لذاتها ، و تكيل لـ من تقابلهم صدقات ، من بسمات .. تحتمي من شمس سماءهم بـ عوينات ذات إطار ذهبي رفيع ، تخفي خلف العدسة المعتمة مقل بلون الـ عسل المحروق ، و لمعة الكريستال البراقة .. الكفان تستندان على عجلة المقود ، بأنامل تطرقها بتوتر ملحوظ ، لم تمتلك له الاخر عدسة حالكة فتخفيه !
عنقها يستدير ذات اليمين تارة ، فالشمال .. مدركة تمام الإدراك لهفة تلك الأحداق المتابعة كبرج مراقبة ، يسكنه قناص محترف .. و لكن ، من هنا لا يقارب الإحتراف .. و هي ليست بفريسته .. رغم إعترافها برغبة أن تكون .. لا تدري لم اليوم بالذات .. تجدها تنشد لشئ في المحيط .. شئ أيقظ توجس الفريسة بها للمرة الأولى .. و كأن .. و كأن عقدا و نصف قد ركض عائدا بها حيث كانت يوما ، ريم شريدة .. بريئة ، قبل أن ينهش قلبها نمر وضيع .. لم تذكرته الآن ؟!
أ تخشى عودة افتراسها بعد حركتها الأخيرة ؟ بعد أن قررت إستخدام قرنيها لـ دفع ذلك الأبله المغو ، لم تراها محتقنة الرأس بـ التناقض .. فلا تود أن تكسر مرة اخرى ، لن تحتمل أن ينهش كتفها كما فعل قبلا ، فهو خبيرا بأكل الكتف .. و بذات الوقت يسكنها الضد ، فلو فعلها و إستسلم ستسحقه .. بكعبها الغالي ستثقب صدره حيث القلب المخدش بأظافر الحسناوات ، و الجسد المحترف بملاعبة الرخيصات !
شفتاها مزمومتان بخط رفيع ، زهري اللون و النكهة ، فهي لم تفتأ أن تقضم أطرافهما بذات حنق .. تنقل نظراتها حيث الساعة الإلكترونية حانقة ، علمتها السنون أن الإنتظار ليس سوى عدو ، حقير .. فـ صارت تحاربه و تبغضه ولو سخفت المواقف ، حررت يمينها المقود لتمدها نحو زر تشغيل الراديو ، ثوان و إنطلقت تلك الموسيقى المضجرة ، راحت تذلل دقائق انتظارها بـ اللهو في أثير السيارة .. بـ التنقل بين قناة لأخرى ، حتى إنشرحت أساريرها لما رأت مقصدها ، فشرعت البوابة الكبيرة أمامها ، كخلية نحل موسم حصاد صيرت ، موقف يتكرر عليها خمسا من ايام الإسبوع ، ترجلت من السيارة ليظهر طولها المياس .. بـ لباسها الإسلامي الفضفاض ذي اللون الرمادي ، تحركت خطوة فـ تناهى لها احتكاك حذائها ذي الكعب الواطئ بالأرض الإسفلتية ، أغلقت الباب من خلفها بـ حركة خفيفة .. رشيقة
رفعت يسراها حيث الحجاب الأسود بـ زهوره الرمادية الناعمة لتتأكد من عدم هروب إحدى خيوط الذهب المحاكة فوق فروة رأسها الخالي من كل شئ سوى ، صغيريها !
تفجر الحنق ، و قص شريط الإنتظار ما إن أبصرت فلذتي الكبد يبرقان بين الجموع الراكضة ، كنجمين يتلألئا في سماء مليئة بأمثالهما و لكن دون ذلك السطوع المغري ، لحظات بحثهما لم تطل لـ تشرق الوجوه المجهدة أكثر ، فتراهما راكضين نحوها متماسكي الأيادي ، كان الإرهاق مضاعفا على وجه ذكرها الصغير ، فـ عاتبت أنثاها بنظرة ودودة لم تعبر عتبة العدسة المعتمة ، فإرتدت لتصب في الاحداق مجددا ، تقدمت خطواتها بـ عجل لتصلهما محاولة أن ترفع من على الصغير ثقل الحقيبتين .. و كما هو حبيبها ، نسخة خاله ، رفض بـ رجولة تعشقها .. بعد أن اوصل شقيقته لـ بر الأمان - حضن والدته - .. حرر كفها محتضنا حقيبتها فوق صدره ، متمتما بنبرة لاهثة : السلام عليكم ماما
: و عليكم السلام عمري
دنطيني الجنطة ماما تكسر ظهرك
: لااا .. ما بية شي لتخافين
راقبته بـ عينين تبرقان عشقا و هو يتوجه بـ سرعة نحو الباب الأمامي ، ليرمي حقيبة شقيقته أولا بإجهاد واضح ، و من ثم يستدير فيخلع ثقل خاصته من على ظهره الصغير ، غمرتها رغبة بـ إحتضانه و مزج عظامه بأظلعها لكنها أكثر من مدركة بأنه لن يسمح بذلك ، على الأقل هنا !
: مااامييي قولي لـ - يزن - خلي اقعد ليقدااام ، شنو كل يومية هوة و الله ضجت حراام عليه
: اني الرجاال ، و الرجال يقعد ليقدام .. - زين - لتضوجين ماما و هية تعبانة
: إفففففف
: زييين حراام لتتأفأفيين
: أستغفر الله العظيييم ياا ربي
ظلت تراقب المشاكسة اليومية ، التي دوما ما تختتم بـ تأنيب من رجلها الصغير ، لـ طفلتها المدللة ، لمعت نظراتها من خلف العوينات بـ بريق لذيذ ، هذان هما القلب و الكبد ، لا حرمها الله روعة الإنصات لـ حماقات فتاة ، و رجولة فتى !
ما إن اعتدلت جالسة فوق مقعدها ، إنحنت بجذعها قليلا لتغلق الباب ، محدثة الصغيرين بـ هدوء صابر : ماما احنة شنقول يومية ، عيب هالعركات - المشاجرات -
لترفع نظراتها حيث المرآة الأمامية ، قاصدة التنقيب عن غضب المغنجة لتجده متمثلا بعقدة حاجبين و ذراعين ، أخفت إبتسامة حنون و من بعدها اردفت : زنزون ، باعيني " أنظري لي "
لذيذ هو الامتعاض البادي على الوجه المدور الصغير ، لتلك العنيدة و هي تجر بنظراتها حتى تحصرها في فلك والدتها التي سرعان ما تحدثت : ماماتي حجي اخوج صح ، هوة القداام للولد ، يعني حتى عيب اذا اصدقاءه يشوفوه يقعد ليورة ، مو عيب ماما ؟ إنتي شنو رأييج قوليلي ؟
هذه المرة تركت لبسمتها حرية الظهور و هي تلمح تقلب نظرات الـ " زين " بـ تفكير عميق ، لذيذ .. حتى إستسلمت اخيرا لتردف هادئة ، مخذولة : صحيح ماما ، خلص خلي يقعد ليقداام ، بس لمن نروح وية خالوو اني اقعد وياه .. ماااشيي ؟
فيحادثها من تتماثل معه شكلا .. لا رجاحة عقل فتي : مااشيي بس خلصيناا و سكتي
تدخلت لتزفر بملل راح يهدد امن رونق مزاجها : يزن .. عيب ماما اختك لتضوجها
فـ تضيف بعدها بحنق : ترة ضوجتوني و جنت ناوية اخذكم لـ " صاج الريف " نتغدا بس جديات ضوجتوني ، عقااب ماكو روحة
ما إن انتهت من الحديث حتى انقلب جو السيارة بلحظة لتتقاذف الإعتذارات و التوسلات - على اسماع قلبها الرؤوف - من حيث لا تدري ، إكتفت بالإنصات صمتا و كأنها تستعير من أخويها تلك القدرة الرهيبة على التجلد بالثبات أمام جميع المغريات " كـ فرحة صغيريها "
بتملل أوقفت سيل التوسل ذاك الذي جرف قلبها حيث مأواه الحنون : خلص اذا قعدتوا عقال رح افكر بالموضوع ، هسة قولولي .. وزعولكم اوراق الانكلش ؟؟
و كما العادة كانت الثرثارة الصغيرة الأولى في الإفصاح و هي تتقدم لتحشر نفسها بين المقعدين الأماميين هاتفة بـ زهو التمعت به عيناها : يسسس يسس ، أند آي كوت أ فل ماارك ، جست آز يوجول ، ثانكس كـ ـ
: عربي ماما
بحزم نطقتها و يمناها تعبث بهاتفها الصارخ إثر مكالمة لم يسعفها " شحنه " أن تتبين هوية صاحبها
فعدلت الصغيرة جملتها على إستحياء : الحمد لله و الشكر
تأفأفت بـ قهر من النفس ، إذ نسيت بالأمس ملئ بطن هاتفها بالطاقة اللازمة ، و ها هي تأكل غرس يدها المهملة ، صارت تبحث في الادراج القريبة عن الموصل القصير لينقذها من رداءة الموقف ، و بذات الوقت تستجوب صغيرها الذي سرعان ما شاركها عملية البحث تلك دون أن تطلبه : و إنتة يزوني ؟ ميحتاج أسأل مو ؟
: طبعاا مام ، الحمدلله ، اصلا الأسئلة جانت سهلة قتلج من البارحة
ليضيف مستنكرا بعد أن اغلق الدرج بـ شئ من حنق : أي ماما انتي لييش متشحنين موبايلج ؟ يعني اذا ما اشحنه اني خلص تعوفيه ، و حتى الشاحنة ماكو ، شنو منزلتها من السيارة انتي ؟
حاولت كتم بسمتها من تأنيب طفلها ، و كأنه هو من يتولى أمرها لا هي ، و إن إلتقطت صورة للواقع فـ يحق له تعنيفها على اهمالها الدائم لكل شئ !
هي الأخرى توقفت عن البحث العقيم ، لترمي هاتفها بالزاوية المخصصة له بلا اهتمام ، و اضحكتها تلك النظرة الساهمة بحنق من فتاها ذي الاحداق النرجسية ، سمت بالله تعالى ، لتشرع في تحريك السيارة ، ليردف الناضج بعد برهة ، و بضيق : لبسووا الحزاام ، يعني اذا ما اذكركم متتذكرون
: حااضر عيوني ، أسفين
قالتها بضحكة حلوة ، و صوت المدللة يصلهما بنبرة مغنجة يشوبها الحزن
: صدق مامي مصطفى اخذ 50 و بقى يبجي
اجابت و بالها شرد لوهلة مع " أبي مصطفى ! " : ليش حبيبي ال50 هم زينة
هذه المرة تكفل الـ - يزن - بالتعليق : مو تعرفين عمو رائد هسة يرزله ، فخاف منه
بتنهيدة اودعت بها ضيقها باحت بما يزعجها : هاي مشكلة رائد ، أبد ميعرف يتعامل وية ابنه .. رح يعقده بهالترهيب هذا
و على ذكر ذلك الرائد ، تراه حط بمركبته امامها ، و بوضع مائل قليلا بقصد إغلاق طريق عبورها السوي ، فما كان منها سوى أن تركن مكانها ، و بين الكم الهائل من المركبات المزدحمة قرب البناية التعليمية ، راقبته يترجل ببطئ من سيارته الفخمة .. فتنتشر من حوله هالة الركود الفخمة ، بنظرة بها بسمة توتر راحت تتابع تقدمه الراكز من مركبتها ، ناحية الباب المجاورة لـ صغيرها ، و بحركة تلقائية مدت يدها لتضغط على زر النافذة لتفتح ، ثوان و صار قريبا ، يرمي السلام عليهم بهدوءه المحبب ، ليتملكها الحنق من نفسها و هو ، كان ما بينهما طبيعيا حتى يومين إنصرما .. لم جازف ، فإستغلت !!
لم تكن يوما ممن يقدمون مصلحتهم الشخصية بأنانية فيجوروا على القلوب النقية ؛ لكنها فعلت .. و كيف لا تفعل و هي يوما كانت نقية ، كـ ثوب عرس العذراوات ، و لكن ذاك الـ - * - من لوث جلباب نقاءها ، و ها هي تتجمل بأبشع صفاته ، الانانية !!
كعادتها لم تخلع النظارة عند محادثته ، صدقا لا تدري إن كانت فعلتها يوما فإستذاق بصره العسل ، تناهى لها مزاحه الخفيف مع الطفلين ، لتذكره بغفلة من عقله .. عما سهى عنه مركونا في السيارة ، وحيدا كـ زهرة ذبلت دون السقيا : أبو مصطفى شلونه مصطفى ؟ شو مـ جبته ؟
كان واقفا على مسافة مناسبة ، و بعد ذاك القول راحت رجليه تجرانه خطوة مدبرة ، متقهقرة .. ليجيبها بـ برود تلحف به صوته : يقول تعبان
يللا ام يزن خوما محتاجة شي ؟
بـ حدة خفيفة اعتادتها معه و غيره ، تمتمت : تسلم
: و موضوعنا ؟
: بيتنا موجود
حزمها الصارم إعتاده ، فصار عنده طبيعيا ، متوافقا مع شخصها الجميل ، أما هي .. فكانت حانقة جدا من فعلته الغير مسؤولة و التي قد تأتي لها بـ أقاويل سخيفة لا تستحقها و لم تنتويها ، حاجباها تعشقا بقهر لم تكتمه ، و إلتفتت بحدة حيث نافذتها بعد أن شعرت بـ كتلة بشرية تقف حائلا بينها و الكون ، بـ عنف ضغطت سبابة شمالها على زر النافذة ، لتشرع بوجه الـ " تيشيرت " الأصفر الملتصق على بنية عضلية مفصلة بدقة متناهية ، دون إنتظار لرؤية هوية المزعج نطقت بـ غيظ من " جنس الرجال أجمع " : نعـ ـ ـ
: نعم الله عليج ..... توونة
شهقة تزامنت مع إرتداد سريع للخلف ليرتطم ظهرها بالمقعد اكثر و ودت لو تحفره و تلقي بجسدها المشلول بين براثنه ، إهتز قلبها ، و تخلخلت وتيرة النبض بـ إزدواجية مرعبة ، فبدل النبضة صارت نبضتين ، فأربع و ست .. تلألأت حدقتاها بماء عذب ، صاف .. أسدلت جفنيها كـ مخمور يسوق مركبته في حلبة سباق ، حتى ادرك النهاية .. إستسلمت بإرهاق حل بجسدها فجأة و تمكن من عضلاتها اجمع لترتخي دون مقاومة ، ساكنة سكون الأموات ظلت !
ثوان هربت من الدهر جمدت بها لـ تشعر فجأة بحرارة إنسياب - منصهر ما - من يسار الصدر لما فوقه و تحته ، أيعقل أن فؤادها قد ادركته " الميوعة " ؟! .. إبتلعت غصتها الحارة ما إن دنت منها نيران خارجية ، مصدرها ظل مجهول حتى تمالكها الإدراك المشوش ، و فتحت عينيها لتبصر ما لا تود و ترغب .. ذراعان إمتدتا لداخل السيارة ، يستند بمرفقيه على النافذة المفتوحة ، و جذعه يميل فيهيمن عليها و من معها بـ ضخامة هيئته .. و حقارته !
كفاه يحتضنان بعضهما امامها ، و ساعده يكاد يلامس ذقنها ، بينما انفاسها الهائجة كونت على بشرة ذراعه غيمات مثقلة بغيث صباهما
" بابااا " و " بااابي "
تداخلا بـ إنتفاضة غير مصدقة ، و كأنهما الأخرين ظنا كل الظن ألا يجود عليهما الأب الفاضل بـ عودة ، فلقاء !
تشنجها تضاعف لما تسلقت فتاتها الشوك حتى تصل أبيها ، متقدمة بين المقعدين لتحشر بنيتها الصغيرة .. إن كان بين - لمسها و الـ لا لمس - شعرة فقد قطعت من منبتها ، إذ مدد جذعه حتى يلج اكثر ، فضرب أنفها بـ مرفقه الخشن ، و دون اعتذار اكمل وجهته حيث مدللته ، التي إشتاقها و جدا ، و جدا أخرى تضاف لـ كونه مبصر من قبل العذال !
رفعها من تحت أبطيها ، ليخرج بها من مربع النافذة ، بحماسة تليق بـ - مراهق - علت صرخته بـ " آوووبااااح ، لج حبيبة بابا شلونهااا "
إحتفظت من داستها طفلتها للوصول لـ والدها بذات قهر صامت ، و الدمع راح يأكل قرنيتيها ليداهمها غثيان دون تقيؤ ، فظل محبوسا هناك ، حيث لا علم للحقير عن كونهما تخمتا .. دمعا !
ادارت وجهها ذات اليمين ، حيث حبيبها الفتي ، دوما ما كان بقلبها شاعر هذا الصغير ، و ها هو يثبت وصالهما الوجداني بـ لمسة حانية على كفها المتخاذلة فوق فخذها ، بصفار رسمت على وجهها إبتسامة ، لم تتجرأ و تصل عينيها المختبئتين خلف عتمة النظارة ، و ذاك التواصل ذاته ، طرق قلبها قبل الذهن ، ليجعلها تهمس له بما توده عيناه بلهفة صغير كبر دون أبيه !!
: إنزل سلم عليه حبيبي
لا تدري كيف إلتقط ' ذاك ' همستها تلك ، لتراه يكرر حركة دخول ذراعيه فرأسه و الكتفين ، و هذه المرة صارت الضربة بفعل الكتف العريض .. فـ أبدت سوءة ألمها بـ آهة لم يهتم مجددا بآداب الإعتذار عنها ، ردد بضحكة قاتمة ، مهددة بـ شر
: تعال مناا " من هنا " بابا ، لـ تنزل ، لك كبرااااان .. صاير رجاال تخبببل
إعتراض الصغير بـ قوله اللاهث ، القلق " لالالا بابا خلي انزل منا .. أخاف أأذي ماما "
كان كعقار مخدر لالم الجسد .. و بتناقض عجيب عمل كـ منبه ذهني سريع المفعول ، إذ إستوعبت توا .. أنه قد عاد ، بعد دهر تسلسلت حبات سنينه لتكون عقدا ، و حبة منفردة كانت لتكون سلسلة لعقد اخر ؛ فاخر الغياب
عاد و الزهو يملأ رأسه ، و قلبه الخداع ، تكاد تستنشق بـ عطره النفاث مزيج لـ مئة عطر أخر ، لأخريات .. جاد على نفسه بهن في البعد ، بكل قذارة رجل ؛ خائن !
: لتخاف بابا ، ما اقدر أأذي أمك ، لتخاف عليها مني
شخير هازء كان ردها ، ثم اشاحت بوجهها حيث اليمين مجددا ، هذه المرة لم تتقلص بقربه ، و لم تنكمش الملامح ، بل إسترخت ببرودة لامست منابت شعر ذراعه ، لتشعله محترقا .. أخرج الصغير مغدقا عليه بمشاعر زائفة ، كـ وجوده أجمع ، ممثل بارع يتقن دور الإبوة الأحمق ، و لا يدري أن هذا الشرف به لا يليق .. أبدا !
من خلف النظارة إستطاعت مسح صورة شاملة لمظهره ، التافه .. و كأنه عاد مراهقا ، بل عاش مراهقا فهو لم يغادر مرحلة الحمق تلك ، لم يغادرها البتة !
ذلك الغزو الإعصاري شتت ذهنها ، و النبض لوهلة .. لبرهة طالت بعض الشئ ، و ها هي تدرك توا أن هنالك شاهدا لم يزل مستقيم الجسد ، حاد البصر كـ هيثم أدرك الخطر !!
زفرت بإستغفار قلب صادق ، و نظرها مصوب للأمام ، عيناها تضيقان حتى تقلصت مساحتهما للثلث ، لا شئ يظهر على ملامحها سوى الجمود ، المفكر .. و كأنه سلب منها راحة أعوام ، بلحظة عودة
رغم إنكار العقل ما يأويه الجسد من تخلخلات ايضية ، و قلبية .. هنالك نقطة في اخر سطر ، أثبتت لها بأن المطلوب قد تم إثباته .. و أنها و للمرة الأولى تستحق أن توصف بالـ إستغلالية !!
ببرود إلتفتت حيث الباب الذي شرع في غفلة منها ، لتلقي بصرها بـ سخرية واضحة على التكوين المنتظم لعضلات - متباه أحمق - ، تقصدت رفع خنجرها و خدشه .. إذ أطرقت برأسها قليلا ، كي تظهر جزءا من عينيها من خلف النظارة ، و بإبتسامة هازئة راحت ترفع بصرها من قدميه المحشوتين بـ حذاء فخم ، راق .. و بتقييم مستفز صارت تلوي شفتيها مع هزة خفيفة لرأسها متقنة رسم صورة الإستحسان المصطنع .. ظلت مستمتعة بإستفزازه ذاك حتى وصلت الاحداق ، حينها فقط .. جف ريقها حد التخدش ، و إبتلعت جمرة شوق لذلك الوجه الأبله .. الحقير
غافلها بـ بسمة مغوية ، و هو ينحني بجذعه نحوها ، مستندا بساعد يساره على سقف السيارة بينما الكف اليمنى تحتضن ظهر المقعد ، برأس مطرق ، و نظرات تدق القلب كـ ' مطرقة ' جلى حنجرته بـ هدوء ، أفزعها .. ليهمس ببحة كادت ان تلامس شغاف قلبها إلا حقدا وقف بوجهها فتلاشت بتأثيرها خير تلاش
: مرت دعش " أحد عشر " سنة !!!
فقط إبتسمت ، و بفتور ألهب عينيه راحت تخلع نظارتها فـ تعري امامه روحها ، تلك التي أنضجتها السنون .. فعقلت
توسعت إبتسامتها الصفراء مهتمة بتفاصيل رجفة نظراته المتنقلة بين جوهرتيها الـ داكنتين إحتراقا ، كـ قلبها صوبه !!
: أكيد مشتاقتلي
لم تستطع كبح جماح ضحكتها الباردة ، لتفتلها دون تخطيط ، و تميل بذات الوقت اماما مادة بيسراها نحو كتفه ، لتدفعه دون ان تفلح بزحزحته إنشا ، فقط ما كسبته نارا احاقت بأناملها .. إلا إن بلوغ الوجع بها .. و الغبن ، ساعدها على التصرف بنضوج تام و هي تهمس بتروي متعقل : وخر - يسار - ، خلي الجهال يصعدون دنروح .. تعبانين و حضرتك يا ' أبوهم ' موقفهم بالشمس !!!
: نزلي .. - لحظة صمت ادركتها الوقاحة ليسترجع نذالة الرجال - جان طلعتج من الجامة مثل جهالج ، بس ما شاء الله الخير مسمنج و مغيرج
تزامن قوله - القبيح ، و المموج بالصلافة - مع إعتدال جذعه بوقفة مستقيمة ، مشرعا الباب امامها ، فما كان منها سوى أن تتقي الله في طفليها ، و تترجل بقدمها اليسار اولا فاليمين ، رفعت يمناها بالنظارة لترتديها مجددا ، و جسدها الاحمق تشنج دون ان يشاورها و هو يدرك فعليا الاقتراب الخطر من الحقير
أطرقت ببصرها حيث الصغيرين ، لتفتن بمظهرهما و هما يعلقان بصريهما بـ كمال عائلتهما ، اغرمت بـ فتاتها و هي تضيق احداقها إثر أشعة الشمس القوية ، لتحاكيها بـ نعومة فلتت منها دون احتساب وجود لمجرم .. حب !
: ماما صعدي للسيارة ، و كم مرة قتلج لتصغرين عيونج هيج مو زين يا ماما
: حااضررر ماماااتيي
صاحت بها الصغيرة بحماس عال ، لتستجيب لأمر والدتها في غضون لحظات ، لتنقل الأخيرة بصرها حيث رجلها الصغير .. الذي سرعان ما إقترب منها بـ غريزة حماية تسكنه ، فإنتفض قلبها نبضا له .. إنحنت نحوه ببطئ ، لتقبل وجنته المحمرة ، فتهمس له بـ هدوء : لتخاف حبيبي ، اصعد يم اختك هسة نصعد احنة هم
ليأتيها هتافه بمقل مرتجفة قلقا ، و لكن جاء الهتاف مكتوما .. خافتا : أخاف بابا يضوجج
كادت أن تذوب لشدة العشق ، هي لا تمييز بين طفليها ، فكلاهما عين تبصر بها حلو دنياها ، هما زينة حياتها ، و لكن هذا الرجل بهيئة طفل لها معه مواقف بطولية تجبرها على إغداقه بشرف العرش الإسطوري ، بعد أن خان الملك الأول ، فنحي من منصبه بـ تهمة غدر ، قذرة .. أنانية جدا !
إحتبست شهقة الصدمة بصدرها وهي تجر لتستقيم واقفة شقها الأيمن يدك بضربة خفيفة بـ جبل متغطرس ، احمق !
بعد الفراق ، اللقاء الأول ، النظرة الأولى ، و القرب الأول .. كاللقاح الأول ، يزرقون بالوريد السم .. فترتعش ، و تصيبك حمى و هذيانا ، تجوب صورهم و ذكراهم في دمك قبل اعصابك ، تبصرهم و تحادثهم فترتجف لرؤياهم قريبين .. كنبضك
لن يأخذ الأمر سوى قليلا لتستوعب ، و يستعيد جسدك عافيته .. فتصلب طولك واقفا ، لا مطرق رأس حنينا ، و لا متهدل الاكتاف شوقا .. ستقف .. باردا ، ساكنا كـ وقفتها ، و بعد تلك الوقفة .. لو زرقوك سم الكون اجمع لن تهذي بهم مجددا ، فمناعتك منهم قد حصنتك خير تحصين ، و فاض بجسدك رفضه للهوان ذاك
لم يهتز لها هدبا و هي تنصت ساخرة لـ قوله الحانق ، و كأن به لـ قوامه عليها مصدقا : اوقفي عدل ، شنو هالإستهتار بنص الشارع
لوهلة أرجفته و هي تهديه بسمة خفيفة ، زرقاء !! .. فتستنطق المارد المسجون في قمقمه ، محاولا النهوض و قطع اغلاله الضخمة ، فتصلهما ضجة أنفاسه و إزعاجه .. متمثلا بـ غضب راح يسرح و يمرح بعينين زرقاويتين كـ لون سماء بيوم ربيعي .. بديع الحسن
أهملت الضغط على مكابح ثورته المنطلقة من صدره للاحداق ، و صممت على إذاقته مر كأسه المعتق في خزائن الذاكرة ، حتى صار ثمينا بوجعه .. تركته لتتوجه بحركة هادئة ، باردة الى الجهة الأخرى من السيارة ، و دون أن تهتم لوجود ذلك المتفرج الصامت .. الذي أحسن تفكيك المشهد أمامه ، ليظل العبوس ملازما للوجه المهذب
*
بإذنِ اللهِ سَـ تُتبعْ
حُلمْ
التعديل الأخير تم بواسطة تفاحة فواحة ; 29-11-13 الساعة 08:15 PM
سبب آخر: ^___^
|