كاتب الموضوع :
حلمْ يُعآنقْ السمَآء
المنتدى :
ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
رد: و بك أتهجأ أبجديتي
بسم الله الرحمن الرحيم
صلاتكم يا أحبة أولاً ،
سأكون هنا ، بإنتظاركم
الحاء
وَلَمّا أنْ جَعَلْتُ اللّــهَ لي ستراً منَ النوبِ
رَمَتْني كُلُّ حَادِثَة ٍ فأخطتني ولمْ تصبِ
ابو فراس الحمداني
،
طولٌ فارع زاده الكعب العالي بهاءا ، حُلتها مُبهرجة بـ بدلة انيقة بلون زهري ناعم ، سترة ذات أكمام تُقارب المرفقين ، و تنورة تنحسر عند الركبتين .. طلّة تصرخ عِنادا ، و رغبةً في الحرب
الحقيبة اللؤلؤية ترفع على الساعد المُنمّش بياضه ، المزين رسغه بساعة انيقة و سوارٍ ناعم يجاورها ، الانامل بأظافرها المطلية تداعب الوشاح المبهرج الملتف حول العنق الطويل الشامخ !
يدها الحرة تمسح بأناملها على خشب المكتب امامها ، و كأنها تقيّمه مع صاحبه ! ، بتلقائية انزلت حقيبتها على زاوية المكتب الخالية ، لتدور من حوله ، عيناها تتنقلان بين تفاصيله الانيقة بفضول لم تستطع القضاء عليه ، ليتوسع انتشاره حتى اصابع الكفين ، فتراها تنقب بين اشياءه الهادئة - رغم فخامتها - بعض من بقايا السيد الأبكم بوحه
انبهرت لدى إنتباهها للترتيب المنظم لكافة اغراضه حتى ما صغُر منها ، بالتأكيد هذه الاناقة المكتبية ليست من ابداع المساعد اليافع الجالس خارجا - ذلك المُرحب بزهو حضورها ، الممتعض من ضعفه امام حُسنها - اذ سمح لها بفعل ما لن يرضي مُديره المُعقد !
ناقمة عليه من مدير و جدا ، اذ لولاه ما كانت تخلت ابدا عن بقية حقها في ارث زوجها السابق ، كم ّودت لو تجد ما يرد لخد جبروته الصاع بعشراتٍ اشد ، اتراه سيتحلى بالغضب ان ملأت مكتبه العظيم بـ بقايا اوراق عقوده المُهمة ؟
سيكون حلوا مرآه و عروق عنقه تنتفخ قهرا منها ، والله لأنها من صورةٍ تسعدها حد الشماتة
تجاوزت تعقلها بدافع الهوس بأزعاجه ، لتتخذ من مقعده الضخم سكنى لجسدها ، بلحظة خاطفة انكمشت اطرافها و هبط قلبها حيث لا مستقر
لا تدري حقا ما حلّ بأجزاءها سوى أنها تفتتت . ثقل مهول قُذف بإتجاه اضلعها ، أنّت بلا شعور و نظراتها ترتكز على ساعدها الرفيع و تنمُل بشرته افزعها ، أ كل ذلك فقط لجلوسها في مقعد يعود للعراق !!
كورت كفيها و اسدلت الجفنين في محاولة بائسة لفض التوتر ، لتبوء بعد هينهة بنجاح هادئ مكَنها من رمي كافة مخاوفها بسلة المهملات فراحت تكمل نبشها عمّا يُخرج ابا الهول من صمته الكريه
امتدت رحلتها الاستكشافية لتشمل ادراج المكتب الخيزراني ، لتقع يديها على كثير من ملفات لم تجد لها تسمية تفي اهميتها ، تفاخرت بلا إهتمامها لفحواها برغم التواقيع المهمة المتواجدة و المبالغ الطائلة المصروفة بحق احد الادوية الغبية !
ارتضت نفسها العليلة بالحقد ان تبعثر المحتويات الورقية على السطح الاملس الجذاب امامها تمزج العقود المختلفة مع بعضها و ابتسامة خبيثة تزين الوجه المزدان حُسنّا بتجمله الصارخ ببهرج الالوان ، لتستمر بتنقيبها المريض حتى وصلت الدرج الاخير ، كادت ان تهمله مكتفية بالعاصفة السابقة ، إلا أنها و في اللحظة الاخيرة فتحته بحركة مُتمللة بيمناها بينما الشمال فتستحلي العبث بالاوراق المتناثرة امامها . على حين غفلة من خبث نيتها ، انحشرت انفاسها داخل قصبتها المنكمشة برد فعل مفاجئ ، غريب !
اصابعها العابثة توقفت عن عملها كما اغلب اعضائها الحيوية و يمينها تمتد لداخل الدرج مُخرجة ما يحويه من صُور ! ، إستغربت تشنج اناملها المتحركة بجمود ، ليغوص جسدها في المقعد الجلدي بتهالك لم يستحسنه عقلها ، بميكانيكية ثقيلة راحت تقلب بينها ، واحدة تتلوها أختها ، بطلّها صغير بعينين ضاحكتين حتى البُكاء ، انيق رغم صغر سنه ، ودود النظرات مشاكس الحركات كما تراه .. لوهلة ضاع منها بعضا من نفورها و اطل من عينيها بريق عتيق ، يمتد لسنين ماضية كانت فيها تتسم بالطبيعية ، و الطبقية !
ظلت تتأمل ملامحه بتركيز مهتم ، منشغلة ببشاته عمّا حولها ، أتراه يشابه بعضا من عراقٍ كبير ؟ هُنا فقط إستعاد حاجباها الاحمرين لقائهما الحميم ، و احتدت نظرتها الملتهبة من جديد ، فصارت تقلب ما تبقى بعجل حانق حتى سكنتها الدهشة عند احداها ، رفعت حاجبها و تعالى بها شئ غريب اصابها بالقشعريرة حتى منّابت شعرها .. حقا لم تظن بأن المدير العبوس يعرف كيف تكون البسمة !!
فهاهو ثغره يسفر عن ضحكة طنّ بأذنيها صداها .. عجبا !!
انفاسها تسارعت و شرارات غضبها تكاثفت و هي تدقق البصر بحمله للطفل ذاته بطريقة مُشاكسة تعاكس الطبيعية جاعلا إياه يتدلى رأسا على عقب ! إبتعلت ريقها قسرا و نظراتها اتخذت لها سبيلا واحدا ، اليد الحوائية الممتدة بغفلة منهما تحاول إسناد الصغير الضاحك بمتعة يتحسسها الكفيف ، توترت اعصابها بشدة فصار كفيها يهتزان قهرا من كل شئ حولها ، لترمي مابيدها بعنف حيث كانوا ، غير أبهة للجلبة الكريهة التي حدثت
اسندت ظهرها على المقعد بإستقامة طاردة هواء رئتيها بقلة ذوق لا تليق الا بها ، مغمضة عينيها الحمراويتين ، لا تدري كم ثانية استغرقها عقلها الباطن ليجهز عدته و يقرر الهجوم ، اذ تراها استعذبت هاجس شيطاني يتوسلها ان تُضَيِّع عليه احدى كنوزه الورقية الماثلة امامها بتشتت علّه يستشيط نارا دون انطفاء
بهستيرية حاقدة راحت تبحث بالادوات امامها عمّا يقلب عقوده لـ خرق بالية لا قيمة لها ، و لعجلها المتوتر اضاعت فرصتين من ايجاد سلاحها ، و في مسحها البصري الثالث ضاق بصرها فرحا بما لاقاه ، ثوان هي جعلت منها مجرمة توشك على تنفيذ عمليتها بقلب بارد ، بحركة بطيئة متلذذة حد الإنتشاء رفعت الإسطوانة الصغيرة الكُحلية بين إبهامها و الوسطى مميلة إياها قليلا ، تراقب تزحلق السائل الغامق من خلف الزجاج المُعتم ، و لما أوشكت على ضغط زنادها انتفضت روحها لا الجسد لصوت إكرة الباب اولا ، و مرآى ذي الملامح العابسة واقفا خلفه ، عيناه تصوبان كفها بقسوة لم تهز من شعيراتها الحمراء واحدة ، للأسف
: شدتسوين ؟!
سؤال يُقال رغم وضوح الحال ، فـ سأله !
لمحّ بطرف عينه كفها تعتدل مع الـ " محبرة " ، لتلتزم الصمت ، و الخيبة ! ، فصوت إنكسار أملها على قاعه الصلبة طن طنينه بأذنه
بحركة واعية ترك الباب من خلفه مشرعا إلا قليلا ، ليقترب و احداقه تضيق تدريجيا مع إنصياع جسده لغضب فار تنوره بصدره ! .. هذه المرأة الباذخة الوقاحة ، و اللا اخلاقية ، بدأت تُفقده صبره ، و كأنها لا تنتوي غير ذلك !
ابتلع كومة من الهواء المُلوث بحضورها السخي الإنحلال ، متمنيّا أن تختفي من امامه بـ رفة جفن ! ، لكن مُنيته البعيدة تلاشت لدى إبصاره إستقامتها البهية ، المتمكنة .. و كأن بها تتحدى عنفوان حلمه ، مُتناسية أن غضب الحليم لا يُنذر إلا بويلّاتٍ لأشباهها
تحركت من محلها بتهادي وقح ، ملتفة حول المكتب المتلقي عاصفتها ، لتسخر بالقول المتمايع و يدها الجميلة ترفع حقيبتها حتى وسدتها الساعد الأبيض المُنمش بهاءاً و حسنا : السلام لله دكتور ، لو بس قادر تنطيني نصائح عن الدين و متطبقها إنتة
لمّا قوبلت بـ سكونه ، و جُل انهيار سد صبره بمراقبته لما افتعلته بـ طيش يسكن عقلها الخرف ، بادرت بالتقدم اكثر مُضيفة بدلال كاذب ، تافه كما أبصرته غلظته : بإعتبار اليوم اول يوم دوام ، حبيت اجي من وكت " مبكرا " و ادرس تفاصيل عملكم ، لكن للأسف مقدرت افهم كافة التفاصيل ، فمحتاجة مساعدة جنابك
متفانية في سُخريتها ، و هو في تحمّله لسوء طباعها ، لم يكن قد إهتم لقوامها حتى ظهرت اكملها من خلف المكتب ، متحدية إياه بإستهتار المظهر !
و قبل أن يحاور حماقة لسانها ولج مساعدّه خلفه ، مبادرا بالقول المتماسك بعضه : دكتور أسف ، بس مدام فُرات آصرت تنتظرك جوة فـ ـ
لتستوقفه الفوضى المكتبية حتى توسعت احداقه فزعا ، و بحركة من المفترض ان تخيف الفرات نقل بصره سريعا حيث عراقا صامتاً ، مكتفياً بإيماءة هادئة لا تليق بضخامته ، دون إضافة قد تُرديه بتقريعٍ إنجر من جوّهما المتكهرب تاركا الباب خلفه كما كان
اما الاخر فأغمض عينيه مُستغفرا ، ناقما ، و حائر .. كيف السبيل لمناوشتها التفكر ؟ من يدلّه على وسيلة تقمع انحلالها و تشاركه الجهاد في سبيل عودتها لطريق قويم ، معتدل ! ، تأنى بـ تعبيره عن غضب أُفلتت كبوته ، إذ إنه عالم بردود افعالها اللا ودودة ، بخافت الكلم نطق و بصره مصُوب حيث بقايا المعركة المُتفانية حقدا : تصرف طفولي ، جدا
وهلة صمت ثم إسترسال مُهمَل النبرة : توقعتج اعقل من هالشي !
ثم بخطفة سريعة سلبها بعينيه الشرستين المرعبتين ، لتهتز حنقا من تتمة قوله ، الهامس بحدة : للأسف ، غيرتي نظرتي عنج
قد يفقد الإنسان نفسه ، بلحظة غضب واحدة تجرجره حتى بركة الحماقة ، بطوايعية ! و ها هي تنساق كـ حملٍ وديع بـ حركة صغيرة من عصا الراع ! ، فتقدمت خطوتيها نحوه صارخة من أسفل حُنجرتها ، مهددة باليمين الراجفة ، المحمّرة بشدة حتى غرقت ببحر حمرتها حبيبات النمش كـ سمكات غادرت بيوضها تواً : إحتررم نفسسسك و لتخليني اتجااوز
والله العظييم انتة لهسة م شفت مني شي ، والله
م ردت اتصرف وياك بطريقة مستهترة بس الظاهر انتة رايد هالشي
فارقت بينهما ثلاث خطوات إلا شعرة ، حينها إستسلمت لضوابط تنهيها عن خرقاء الافعال ، ليقابلها بحاجب ارتفع مع طرف الثغر الباسم سخرية و إشمئزازا ، لما دنّت لفحته نسائمها العطرة ، لترسم بعينيه تقززا أثار بها رغبة بالقتل ، و لم يكتم ما به او يحاول ، إذ علّق بتهادي صدّمها : ليش اكو عندج استهتار و وقاحة اكثر من الي داشوفه !
إهتزت مُقلتيها الناريتين في فوهة بركان حارق ، ملئته سيوله الحمراء حتى اوشكت أن تهبط على الخدين المُستنفرين اعتزازا بكرامة قد دُهست ، فغر فاهها ليصير متنفسها الوحيد هو ، بينما الانف الرفيع الشامخ إكتفى بالتعالِ الواه ، علّه يحفظ ما أُريق من ماء العزة
إنهيار تضاريس القوة من على الملامح المحمّرة كان عاريا أمام نواظره الجارحة ، لم يرف له نبضا مُتساهلا مع تحطم الانثى المتظاهرة عنفوانا ، ليضيف ناحرا لها ما تبقى من تباهِ : و هسة تتفضلين حضرتج ترجعين كل ورقة لمكانها ، و بنفس الوقت الي طشرتيهم بيه
شفتاها المُبهرجتان ، مزمومتان بشدة رغم إستماتتها للتصلب لم تنفع بإخفاء رجفتهما المُنفطرة قلبا ، إلا أنها و كما إعتاد منها كانت اشجع من التهاوي امام عدوّها الأوحد ، سالبها الاحبة و من ضمنهم ذاتها القديمة ، العراق و ابناءه .. فتراها ترفعت حتى عن الإنسحاب صمتا ، بل ودتّه دراميا ، مواكبا لـ سوء تعامل هذا الشهم !
: فعلا ، م شفت من الوقاحة و الإستهتار شي ، بس ان شاءالله حتشوف لحدما تعمى عيونك
لتكمل مشهدها المتعنت بخطوات عجلة تنتوي بها الفرار من عقاب لن تنفذه إلا موتا .. و إن أجبرها لتجتثنّ من صدره الحشا العفنة !
في عمق نفسه تصلبَ رافضا هجومها على ذاتها لا عليه ، ادركه توجعها و لا يدري أ أفحلت بإيلامه أم لم يهتز ، هو إنقباض قلب فقط ما أحس به و قدمه السليمة تتحرك به يمينا قاطعا عليها جُبنها و الإنهزام بأمرٍ صارم اللهجة : الفايلات ، ترجع مثل مـ جانت
إلا إنها بحركة لا مدروسة و لا مسؤولة ، أكملت دربها حتى تقاطعت معه بتصادم كتفين مُتقاربي الطول لا القوة ، فتخلخل قدها فوق الكعب الرفيع دلّها على ذلك ، إلا إنها اكملت المرور غير آبهة لما إفتعلته من أمرٍ صادمٍ لـ حضرته المُبجلة !
: فُراااااات
لم يستدير ، فقط صاح بها منفلت الأعصاب ، غير آبه إن تسللت صرخته من فوهة الباب حتى وصلت أسماع من بالخارج فيصعقوا من حضرة الرجل الهادئ
جُل إهتمامه كان بالغيظ السافر من هذه المتمكنة إستهتاراً لم يُقابل مثله قبلا و لا يظن أن في الـ - بعد - من هم مثلها !
أدركه توقفها الحذر ، و بعض من خوف ملأها !
فهاهي من غير ان تعي عكفت محلها دون ان تلتفت حدوه هي الاخرى ، تكتفي بالتنفس السريع ، الحانق ، تشتهي جُرأتها السالفة علّها بها تعود لما هي عليه .. ودت حقاً أن تعاكسه حتى تنثر رماد اعصابه المحترقة على طاولة مكتبه ، ملوثة أناقتها اكثر فأكثر
الا إنها لم تجد بها اي جسارة قديمة تؤهلها لفعل ما تود ، لوهلة أنار برأسها سراج التعقل ، إنها تعاكس الشخص الخاطئ ، توجه سيف إنتقامها نحو كبدٍ أخر ، يجب عليها ان تكتسبه بصفها كي تنتصر بهذه المعركة ! حتما عليها ذلك
و من معرفتها القصيرة بالعراق ، صارت أكيدة بأن إكتسابه كـ عدو لن ينتهي بالخير أبدا ، و العكس يتوج بالصحة الفعلية !
لم تتأخر أكثر بالإقتناع بفكرتها السريعة تلك ، بل و كما عادتها تكون وفية للتهور الذي يتملكها ، لـ تُصمم هذه المرة نحو هدف جديد ، و بوسيلة لم تكن لتتخذها يوما لولا أهمية الغاية !
إستدارت متحركة بـ هدوء رواه صوت كعبها على السجادة الخفيفة ، لمحت تصلب كتفيه البائن من تحت سترته الحبرية و لوهلة اصابها القلق ، أشخص مثله .. يمتلك مثل هذا القوام المتماسك ؟!
عيناها توجهتا حيث ساقه العرجاء فجعلت منه مائلا حيث يمناه ، دون أن تعي وجدت نفسها تفلت من صدرها تنهيدة ملؤها الحسرة ، لتصله بحرارتها ذاتها ! حتى استدار ممتعض الملامح حاد البصر ، يعرف غضبه جيدا اين يتوجه
أوشكت نيران احداقه ان تشويها الا انها و بقد ليّن تفادت الاشعة متحركة شمالا حيث الطاولة الممتلئة بفوضويتها ، للحظة توسع محجراها صدمة و كأنها ليست الفاعل الاحمق !
بـ تردد استطردت الحديث ، مولية اياها الظهر ، و بكل ما إستطاعت حاولت ان تكسب نبرتها التودد : حرجع كلشي بمكانه ، اسفة جان تصرفي طفولي
عندها التفت كله حيث هي ، غير مصدق اي صدقٍ ما قيل ، و فُعل !
يراقبها موقنا بفطنة الناضجين عمراً و هموما بأنها تحيك الكثير برأسها الاحمر المشتعل ، ساعداها الناصعان جمالا جذبتا بصره الرافض اياها ، دون ان يتحكم بلسانه الناطق حقاً ، راح يحوقل بتعب من محاولاته الحثيثة لردها قويمة التصرفات ، و الملبس
تحرك متوجها حيث المقعد الجانبي ليتخذه محلا لمتابعة طيشها الاخرق و محاولة ترتيبها الحمقاء
دون شعور صار مسلوب السكينة ، كل ما يشغله هو الغضب ، ودّ لو بإمكانه تقطيع اناملها تباعا علّها تتوب عن طلي الأظافر و ملاعبة الإيشارب السخيف الملتف حول عنقها .. ليته يخنقها !
: دكتور ، الي عليه ختم راح اجمعه بهالجهة و انتة فرقه عالفايلات ، و اني اسوي الي ما عليهم ختم
تزامن قولها " الواقع " مع همة حركتها وهي تكوم امامه بعض اوراق ، و من امامها مجموعة أخرى
ملامحه ظلت كما هي ، جامدة تراقبها بذهول ودّ لو روّح عن نفسه بإرتفاع حاجبين و " نعم ! "
و لكن العراق ليس إعتياديا البتة ، و كيف يصبح بعد كل ما رويّ على أرضهِ من هِجاء
كادت ان تندلق مقلها حالما أبصرت وقوفه الهادئ ، خلع سترته الانيقة ، ثم فتحه لأزرار كفيه فيكون اخيرا الانقلاب هو مصيرهما من قبله !
اخفت كفاها تحت الطاولة لتنفس عن غيظها بتقليصهما حتى شعرت بأنها ستنفجر به لا محالة ، من اين له برودا كهذا ؟
لا زالت غير مستوعبة ردود افعاله الى حد الذهول ، و لا زال كريما في اغداقها بالصدمات ، فتفغر فاه وقاحتها ، لينتصر هو !
كانت تتظاهر بالإنشغال ، حد الغرق ، و خفية منه تسترق لحُسن أداءه البصر ، فهاهو بتمرس و ثقة ينفذ عملاً أشغلته به ، متحركا بخفة يُحسد عليها ، على يمينها تارة ، و على مقعده الجانبي اخرى ، منشغلا حتى رأسه كان
لشدة اسرافها في تفاصيل شخصه ، جادت على نفسها بالعمل الضئيل ، المخزي .. لم تكن بذات انتباه لكل ما تفعله ، حتى اخزاها بـ لحظة اتخذها هدفاً له منذ بداية الحرب ، اذ عكف على إلهاء عقلها فتخديره ، ثم .. يقضي عليها بخبث ثعلب
: ممكن اعرف ليش صافنة علية " حضرتج " ؟؟ محتاجة شي مني ، قولي ، لتصفنين هيج و تضايقيني !!
خبثه آلمها حقا هذه المرة ، فليست من تافهات العقول ممن تستحقن موقفٍ كهذا
سكن الإنكسار احداقها حتى شعرت بأنها صارت تبصره بعدستين متهشمتين
وجعها لم يُخفى عليه ، أدركت ذلك لحظتها ، و إصراره على موقفه زاد من ثلماتها ، إذ ظل شامخا كأسمه ، رافعا احد حاجبيه و كأن به ترقب ما تقره ، فتفضح
لا تدري من أين إستلت لإنوثتها وحشية الطباع ، لتكون كـ قسورة حين الجوع ، جوعها لكسره كان جل ما تشتهيه ، هو من اشعل فتيل قهرها الآن بعد ان غلفت جدرانها بالابيض و ودتها حُسنى لأجل إنتقامها ، لكنها الآن في خضم كرامة عبث بها العراق ، فـ تعسا ثم تعسا ثم تعسا لها إن تذللت !
: مُعجبة
لفظ مائع كما العسل ، نطقه لسانها ، و معه العيون .. اذ راحت تقابل احداقه بـ مقل حمراء ، شديدة التوحش ، و التغطرس ، و التمكن
كادت ان تصفق لنفسها ، مقبلة خديها امتنانا .. فها هو العدو يفقد السيطرة ، يتحامل على صدمته دون جدوى ، ودّها مكسورة فإستخدمت إحدى ثلماتها لـ غرسها بـ صدره المرتفع قهراً وهي تستطرد بدهاءٍ وجدته لذيذا : همم ، دا افكر اكيييد الي بالصور ابنك ، يشبهـــ
لم تفتأ أن تنهي قولها لما تحرك مسرعا ، قلق الخطى ، غاض البصر عن حقارتها ، كل اهتمامه مصبه درج مكتبه !
لما صار قربها ، و دون ان يزوره الوعي ، او يزورها وجده يشد قبضته على طرفي المقعد الجلدي مُحركا اياه من خلف المكتب ، ليطردها بعيداً ، كارها وجودها في دائرته النقية ، حول ذكرى بضعة القلب ذاك !
لكون الحقد كان يملأه ، دون الادراك وجده يدفعها بقوة لا مُبصرة عاقبة التهور ، وان ابصرت اهملت !
" اه "
نطقتها بهمس مشدود ، تائه .. مخلوعة القلب !
لم يكن الظن لها رفيقا بأن يفتعل هذا الاحمق مثل هذا العمل لمجرد إستفزازه ، و برد فعل تلقائي راحت كفاها تغطي الركبتين حيث تلقتا ضربة قوية من الجدار امامها حيث ارتطمت
شعرت بدبابيس تغرز في صدرها ، مبتلعة ريقها المُر كالعلقم ، و كأنها تخبرها بهول ما فعلت ، أ ضغطت على زناد الجنون اخيرا ؟ هل سيصرخ و يعث برزانته فوضى ؟
ما الداع لدرامية تصرفه ؟
لم تستطع ابصار ما يفعله ، اذ كانت تواجه النافذة الكبيرة المُطلة على الشارع الرئيسي ، تراقب المارة بـ نبضٍ خاو ، و يداها لم تزلا تواسيان الركبتين المكشوفتين عبثا
صوت الدُرج زلزل سمعها مرتين ، فأولها فتحه ، و لما إطمأن على كنزه عاد فأغلقه ، ثم بصارم الحديث رشقها ، مجتهدٌ في كبت ريح غضبه : تفضلي برة
دمعة ترقرت في الإحداق دونما سيطرة الفُرات ، و تهدج النبرة أوجعها على حالها ! ، لكنها واصلت المسير بدرب القوة ، متشبثة بقشة أصولها النفيسة : بوقت مـ يكون مكتبي الخاص حاضر اكيد حتفضل برة
اذا معاجبك وجودي انتة تفضل
كُل خلاياها إنكمشت لما دنى من خلفها ، لتعلن شجاعتها الإنهزام امام جبروت غضبه السافر ، اجفانها انغلقت حالما لفحها قربه المهيب ، متحسسة هالة الغضب من حوله و سمعها يترجم لها تحركاتها !
فهاهو يرفع سترته بحدة الالف رجل ، راحلاً و الحقد يسبق خطاه العرجاء ، العجلة
و يخلف من وراءه ضربة بابٍ مزلزل
صفعها الانهزام حينها ، و لم تذق لذة طعنه بكسرها بل العكس ، شعرت بأنه إنتصر
وهذا ما لن تتقبله مطلقا ، و للحظة فقط كانت قد قررت المواجهة علّها تقتل ما به من سيطرة ، قدماها النائمتان على رأس عجلات الكرسي المتحرك ، ما إن مسّتا الارض الباردة حتى شعلا برأسها موقد التنبه
لتحني رقبتها قليلا ، ثم تبصر عُريهما من الحذاء ذي الكعب المرتفع ، فتزم شفتيها رفضا لهذا الخطأ الفادح ، توجه بصرها نحو فردتي الحذاء الانيق النائمتين اسفل المكتب !
هل رآهما ؟ بئسا لعينيه ان فعل ، ألف بُئس
انحسرت انفاسها الحانقة ، و راحت عبثا تحاول اخماد مرجل صدرها المُتقد ، يداها تنقبضان حينا ، ليعودا فينبسطان اخر
بصرها متذبذب بين جموع المارة من خلف النافذة الكبيرة
حتى رأته ، بخطاه !
يعبر الشارع بتمهل ، أول إبصارها له توجعت ، ثم غادرها التوجع بالندم
لم ترغب بمراقبته ابدا إلا أنه امامها ، مكشوف النوايا لها ، و ها هو حالما غضب اختار لنفسه ملجئا بسلاسة ، ام انه معتاد ان يكون المقهى الذي امام مبنى مكتبهم جحره حين الضيق ؟
تغيرت وجهة نظراتها حتى راحت تقرأ إسم المكان المزين بعارضة ضوئية ضخمة ، اضاءتها كانت خافتة بوضح النهار ذاك ، لذا لم تشدها كثيرا حتى جُر إنتباهها مجددا على ذلك الغاضب الذي ظهر من خلف زجاج المقهى
متخذا له محلا في ذلك الفراغ ، ثوان مضت و انظم له اخر لم تتبين ملامحه من على ذلك البعد الا انها لمحت اهتمامه بتربيتة كتف واسى بها العراق الجريح ، فآلمتها عليه دون شعور
بددت ذلك الوهن المريع بسرعة غزالٍ طريد ، مستقيمة القد حافية القدمين ، متوجهة حيث الطاولة تصبو لإلهاء فكرها بترتيب فوضى مشاعرها قبل الفوضى المكتبية
*
ألا أيُّها العشَّاقُ ويحَكمُ هُبُّوا … أُسائلكمُ هلْ يقتلُ الرَّجلَ الحبُّ
جميل بثينة
أُنسي كان أنتِ ، يا أرضاً حملتنا فوق قاعها أعواماً قِصار ، راحتي تمثلت بسلالمكِ الحبيبة ، حيث اللقاء الأول ، و التعثر الأول !
دسائس الفتن ما فرّقتهما ، دون أن تعلم الدُر أمراً إكتفت بتصديق اوزاره بحق نفسه قبلها ، دونما تفكر أردت وصال ثقة تشدهما لبعض ممزقاً ، مهمل الطرفين على قارعة الالم ، حتى جعلت من الوجع هاجس حياته !
مرت اعوامه السالفة بتباطئ سخي ، ظّن بها أن لا لقاء في الدنيا سيجمعهما ، مكتفياً بتزيين إسمها بدعاء صلواتهِ ، لـ تكون قرينته في الاخرة ، حيث المتاع الحقيقي ، و الباق
لتكون عودتها مفاجأة ، حميدة ، صافية كما هي خصالها ، حتى و ان فارقتها كثيرٌ من تلك الخصال لا زال بعضها يلوون الدُر ببهاءه ، كالصمت القديم حين الخجل ، و الغضب .. و اليوم فعل لها ما يُسبب الأمرين !
لا يظن بأنها ستبوح بكرهها لـ تصرفهِ الطائش ، بل تكتف بالإنزواء حيث اقاصي دنياه ، ظناً منها أنه سيتركها رهينة التشرنق الكريه هذا ، ساء ما تظن تلك الحبيبة
بذات جودة التفكير كان موقناً بأن إعصارا قيصيرا بإنتظاره بعد إنهاء تقديم محاضراته لهذا النهار ، الجميل على غير ما اعتاد من نهاراته الراحلة .. و بالفعل لم يكد ينهي ما عليه من عمل ، حتى زاره الاسمر بملامح جامدة ، يحاكيه بحدة واصرار النبرة : ايهم شسويت اليوم ؟ فضحتها لدُر ، شلون تخليها بهيج موقف مـ تقلي !
كان جالسا على مقعده البسيط ، امامه شاشة الحاسب الشخصي يستظل بها وجهه الباسم ، و كأن بالفرح راح يرافق خطاوي دربه الآتِ
و لما صار السكون الرائع قرينه ، اضاف الرفيق بـ نبرة تحمل من القسوة اوزاناً ثقال : جاوبني ، مستحيت على نفسك بربك ؟
هاي سواية هااي ؟؟ شقد عمرك حتى تتهور هالتهور ؟ مفكرت بيها ؟
هنا ، انفلت شريط صبره ، ليستخدم يمناه في غلق فم الحاسب الشخصي ، صائحا بجذل كسول : قيصررر ررجاءا لتتدخل و تــ
فيكون الاخر اقوى منه حديثا و حججا ، فراح يحاكيه ممتعض الملامح ، كاشفا هواجس نفسه لمن يعمي بصره عن رؤيتها : اتدخل غصبا عليك ، انتة تعرف اسبوع بالزايد و تنتشر قصتكم بالكلية ، اكيد طالب لو معيد لو اي مصيبة راح يعرف و اعتبر وقتها الكل عرف
لما كان الاخر منتصب الجسد امامه ، متمكن عليه ، قرر مجابهته حينها بشبيه فعله ، ليستقيم من محله ، عاقد العزم على مواصلة مسيرته و ان تسطر امامه من المعارضين الفاً و اكثر : واذا عررفوا ؟ قابل جنا مسوين شي غلط ؟
لم تجد نبرته بدا من التهدج ، فإنفلات بضع اوتارها جعل الرجفة حملدارا للصوت الاجش ، و هو يستنطق مستعذبا ماضٍ لذيذ : جنت خاطبها
وخزة الالم بصدر قيصر لم تكن سببا بتراجعه ، هو رافض لـ هذا الطيش و لن يزل يفعل حتى يجد الأيهم بدهاليز مخه بعض تعقل ، تنفس بعمق حتى استجمع قدرته على تحمل جرعات الالم ، ناطقا بـ تقريع ذابح ! : جنت ايهم ، جنت
تنهيدة حملت وجعه على حال الرفيق ، و من خلفها اتم القول بلييّن الحديث علّه يجبر قليلا مما كسره : عوفها و بلا هالتصرفات ، خليها بحالها ، انتة شفتها شلون كبرانة و مهمومة ؟؟
ارتفعت يمينه لتحمل من على انفه الشامخ النظارة الطبية ، و تناولت اليسار مهمة الضغط على المحجرين علها تخفف وطأة القول ، نفس ثقيل جرجره من الصدر الملكوم حُزنا ، ثم اعتراف يتذيل بالقهر : و تتوقع اني شنو الي حررق قلبي غيرر شوفتها مهمومة ؟
هذه المرة ابعد جفنيه كل البعد عن بعضهما ، مؤكدا لنفسه قبل الرفيق ما يوده الفؤاد المكبوت شوقا : قيصرر دررة ان شاءالله تررجع مثل قبل ، ساعدني بهالشي بدل متحجي علية
انهدام الواجهة المرحة ، المصطنعة أودت بقساوة القيصر صريعة العطف ، ليكون هادئ النبرة هُنا ، متأرجح بين طرفين ، عزيزين على القلب الفتي ، و بعد زفرة تحمل وهناً ، علّق : شسااعدك ياخوية متفهمني !
صدقني احسن شي تسويه تبتعد عنها وتخليها بحالها هية مناقصة ضيم
بإقرار مُصر جاءت جملته و هو يستدير من حول الطاولة المكتبية ، رافعا من على سطحها هاتفه حصرا : انتة صدقني ، لازم تساعدني خوية لاازم
ادرري بيك هم مستحيل تشوف دررة هيج و تسكت
مال القيصر حيث الماض هو الاخر ، ليجد في نفسه عجز لمواجهة هذه العاصفة الأيهمية ، فإكتفى حينها بإتباع خطى يعلم جيدا أين تقودهما !
علاجٌ سماوي فقط من سينصف الدُر حتى تلتئم جراحاتها ، أتراهما سيكونان بإذن الله سببا في تضميد جرح عتيق لا زال سيلان نزفه قائما رغم فصول العمر الراحل ؟ أم أن غوصهما في بركة الفقد سيخنق انفاسها اكثر و يصيرا حينها داءا لا دواء دون ان يدركا حقا فداحة الفعل ؟
جر انفاسه قلقا مما ينتويه المجنون المندفع حيث نبضه ، ليحاول الهاء تهوره بـ هادئ الصوت : ايهم انتظر ، خلي اخابر طيب تجي ويانة ، عالاقل نروحلها بحجة
تعطلت الخُطى القافزة ، ليلتفت عجلا نحو القيصر ، ناطقا بعفوية مشتعلة : ايييي عاشت ايدك ، يللا بسررعة دق عليها
هذه المرة تبدلت الادوار ، و صار الايهم مراقباً ساكناً في حضرة مظلومية أسمر البشرة أبيض القلب ، بسبابة يمينه دفع نظارته المتوسدة انفه الحاد ، يستمع بإنصات لـ مكالمة باردة ، نسيمها راح يهز وريقات العُمر حد الرجفة
: السلام عليكم
طيب تعاليلي يم القسم
لا ماكو شي بس اني و ايهم رايحين لفد شخص انتي هم تعرفيه
تعالي دنروح سوة
ماشي ، لتتأخرين منتظريج
بصره المصُوب أرضا ، و صدره المختنق نفسا ، حُررا من الحبس الإنفرادي حين انهاء الإتصال الاثقل على القلب من سبعة جبال مُتراصة
يُدرك جيدا متابعته من قبل عيون الايهم ، لكنه كعادة انعجنت بـ شخصه ، تهاون بـ قيمة حرقه ، منشغلا بـ إخماد نيران من حوله : هسة جاية
نبرته كانت خافتة ، تدرأ عن نفسها الخزي ان أرتفعت
و لإن الاخر عالم بحاله ، ترك له مساحةً تسع لإبتلاع شوك زهرته القادمة ، بكآبة صمت !
كانا متواجهان ، كلٌ يدور بفلكه بتخبط ذي التسعون نبضة حين طلّت عليهما عشرينية مفعمة بالجمال ، وجهاً و روح .. ببنطال جينز عريض ، يعلوه " تيشيرت " رمادي فضفاض ، و الحقيبة الرياضية تمتطي الكتفين بدلال
ملامح مغموسة بفيض رقة و جمال ، شقراء لمعانها يصيب بالعشي عيونا تبصرها !
يوماً كان مُشرقا بشمسه ، و ضحكتها ، هذا ما يمكن أن يتلوه القُراء على ملامح الأسمر ، ليلين التجهم ، و ترتسم البسمة الخفيفة على الوجه العبوس حال محاذاتها لهما ، و قولها المنفعل : صبااح الخير على خوالي ،
وييين نرووح و المن نشووف ؟؟ ترة محاضرتي بعد 5 دقايق فيعني بسرررعة بسرررعة بسرررعة لازم ارجع
رفيق الخال كان لمرحها موازيا ، ضاحك المبسم لمرآها الجميل كما الزهرة : هوة رراح نشوف دكتوررتج بالمحاضررة ، دنسويلج واسطة يمها بلكت تنجحين دورر اول و تخلصينا
بعفوية اختبأت خلف قيصر ضاحكة حياءاً : ههههه خاالوو ايهم شنو هالسمعة يا عيني ، ليش تخجلني ؟
سبقهما بخطاه ، متبعاً قلبه الراكض ، و كلامه موجه للصغيرة : انتي لو تعررفين الخجل يا خالوو جان فررحتينا بنجاحج !
لتسارع بحركتها حتى وصلته و في ادبارهما الصامت ، تشدو ضحكتها كـ تغريدة اول الفجر ، باعثة للسلام ، كـ قولها: ههههه peace يعني
لما انعطفوا حتى مركز تجمع الطلبة ، حاكتهما بضحكة مكتومة ، و النبرة يكسوها ثوب الجدية : قل اعوذ برب الفلق ، كلما يشوفوني وياكم البنات لازم يحسدوني
: حقهم يحسدوج حبيبتي ، اكو وحدة وياها اوسم دكتوررين بالكلية و متنحسد !!
يعني بغض النظرر خالج ميتقاررن بية ، بس تررة هم حلوو يمشي الحال
استوقفته بنبرتها الشديدة ، الممتلئة زهوا و رضا : اصلا خالو احلى رجال بالدنيا !!
نظرة خاطفة رماها على الرفيق ، و كأنه يطمئن على وجوده دون الهرب من حديث يشذب اطراف مشاعره ، ثم استطرد بمرح يبطن بالجدية ، يخبر الصديق ان لا مجال لجنونك ، فأمرك عسير يا أسمر : حتى احلى من أميرر ؟
: امييير احلى شاب ، غير تصنيف يتصنف وية الشباب
مراقبة قيصر اخبرته بأن لا فائدة من حدة منجله على الاغصان الميتة ، فكل شئ سواء ، تنهد بخفة ثم اضاف بهدوء سطى على مرحه : استحي منا ولج استحي
ضحكة ملونة تجعل مبصرها يستبشر بالحياة وهج سعادة ، ثم تأدب سريع ، فقد دخلوا الارض المحضورة ، رواق الاساتذة !
تلكأت خطى قائد مسيرهم ، ليلتفت طالبا العون من القوات الخلفية ، فتتبدل الاوضاع مجددا ، و يصير قيصر المتقدم بينهم ، لما دخلوا الحجرة البسيطة بادروا بالسلام ، لينفض الهدوء راحلا ، حاملا امتعته البالية ، متوجها حيث لا يعلم !
: جبنالج طيب و جينا
قالها قيصر ، ببسمة خفيفة يود بها تلافي ما حدث صباحا ، و هي من كانت قد اقرت بتزمت داخلي ان لا حوار سيجعل منها تشارك من افطر صيامه بالغدر ، تجدها تنكث وعدها مع نفسها بأسرع ما يمكن
و كيف لا و قد اتياها و برفقتهما دُمية حية !!
: يا هلا بيكم و بيها
: مرحبا دكتورة
طوّت صفحة الصباح بتمهل ، و بخافت القول تحدثت بعد ان استقامت مُرحبة بحضورهم السخي الذكريات
: مرحبتين حياتي
شنوو هالجمال ماشاءالله
خجل اسدل ستارته على الطيب فراحت بسمتها الودود تكسو الملامح المتوّردة ، لتهمس و جسدها طبيعيا يزحف ليحتمي بـ قيصر ، الامر الذي استنفذ طاقته ببطئ ، ملتفتا حدوها ، قائلا بلطيف الحرف : طبطب معرفتيها ؟
رمشت بتكرار جعل منها تسلية حسنة للثلاثة ، ثم نطقت بضحكة خفيفة و اناملها تتخلل غرتها الشقراء المستوية الطول : لا والله
دُمية كارتونية بحتة ، كيف لهم ان يسمحوا لها بعبور عتبة الباب بجمال كهذا دون حجاب يستره ، و يحميها ؟!
هذا ما طرأ ببال الدُر لحظتها ، لتتلاشى الفكرة لما لمحت الخاتم اللمّاع في إصبعها ، ماشاءالله ، نطقتها بتمهل ، فمن امامها تجسد عذوبة الجمال بأبهى حُلته ، دون التبهرج الزائد ، فلباسها فضفاض يتحلى بالبساطة الا ان الوجه الحسن يكفي لسلب البصر
كانت منشدة فعلا للصغيرة و تأثير السنون على نضجها ، ليتقطع خيط تواصلها بالجميع حين لمحت دنو الايهم ، و كأن به انتظر حتى يتيقن من هدوء يحيل بينها و بين قتله بعد افعاله الغبية !
هاهو يتخذ من احد المقاعد مجلسا ، و معه يجلجل صوته الاجش قائلا بمودة سخية ، نظراته تتجه نحو الشقراء شمالا بينما قلبه فكُل نبضاته يجذبها شقه الايمن حتى ظّن بأن شلل نصفي سيسكن جسده ابديا
: طيب هاي دُررة ، تتذكرريها ؟
جنا ناخذج لبيتهم تلعبين وية اخوانها تمني و
توقف ، لم يفلح بنطق احرف الجرح المُزمن ، " زين " من فُقِد و معه من الروح ثلمات !
لتجيئهم عاصفة طيبة ، كحياتهم السالفة ، متمثلة بقفزة عجلة من الصغيرة ، و صيحة تعلن العصيان على الرقة : يااا ، اتذكرررها اتذكررهاا طبعااا
و قبل ان يعلق احدهم ، رمت بهم نحو مجزرة الحنين ، دون دروع ولا اسلحة ! كانوا هم الضحايا المسلوبةً ارواحهم فداءا
استدارت كليا نحو ايهم ، ناطقة بإنفعال عشريني ، الهب المتلقي بنارٍ تصلي الافئدة ، و كفاها تشيران نحوه : مو هية خطييبتك خالوو
لحظة كانت كناقوس استيعاب في رأسها ، إنكمشت الانامل المنبسطة لتكور الكفين ، و بـ توتر اغرق الاحداق و النبرة استطردت و قبضتاها تغطيان الثغر الثرثار : اوه سوري والله
ببسمة ودها لعوب ، تُلهيهم عن نظرة البؤس المُطلة من الاحداق ، علّق : عادي خالو عادي ، جانت خطيبتي
لكن للأسف مصاررت القسمة
خطوة تقدمها قيصر معلنا رفضه لهذه المسرحية المبتذلة : ايهممم
راقبت حركته المُهملة مغرقا نفسه في المقعد اكثر ، غير آبه لـ سخافة فعلٍ لا يليق بعمره و منصبه ! ، تنهدت حيطة من الاختناق ، مُجبرة ذاتها على التصبر ، صمتا .. فراحت تقول بهدوء ، يناقض انتفاضة الروح : عذروني عندي محاضرة
لتستكمل جملتها مُحاكية الصغيرة ، المُتابعة ما يحدث بقلب نبضاته متذبذبة الوتيرة : يللا طيب حبيبتي انتي تعالي وياية
بكفيه ضرب على فخذيه ليستقيم ، تلج زفراته في اوردة الماض الحزين ، متلاهياً بباهت الكلم : معذوررة دررة ، اخذي رراحتج و اي شي تحتاجين احنة موجودين
وضبت ما تحتاجه بحركات متأنية ، رزنة .. و دون ان ترفع بصرها نحوه أكدت عليه ما توّده : شكرا متقصر دكتور
ألقِ دلُوك يا قلب ، فهذهِ فرصتك المتاحة ، إفرش ناوياك أمام عينيها لتقرأها بتروي ، فلتتورط بكَ حنينا ، كما أنت تتورط عشقاً بذكراها ، و رؤياها ، و الأنفاس
بـ حشرجة أنّ صوته لتدرك مُجددا وقع عودتها على عُمره المُعدم : ليش هالررسميات يا عيني !
يعني قابل هسة دتقولين لقيصرر دكتورر ؟
إن كان ينتوي الوصل بعد عُمرٍ شابت سنينه ،
و إن كان يُملي عليها الشوق مُكرهاً ، ستنجلي همته عند إصطدامه بقوقعتها الصلدة ، فهاهي تجيبه بما لا توده نفسه و لا ترضاها
: قيصرر اقله ابو طيب
تريدني اقلك ابو ابراهيم ؟ يعجبك ؟
بددت نشوة روحه بقول كان كـ دودة عمر تقتات على بقاياه ، مطرق رأسه يتابعها و البصر غائما بهمه ، تغيرت !
دُررة تثبت له حين كُل لقاء إنقلاب شخصيتها الحنون ، تُدرك بأنها تطعن كبده و لا تكتفِ ، أنى لها أن تقتدي بالرجال حين قسوتهم ، و النسيان ؟!
فقاعة اللوم فجرها القيصر ، ذاك الذي شعر بتورّم شماله كمداً على أخيه المظلوم ! ، و بقول باهت لونه ، تحدث : دُرصاف توكلي على الله و روحي لمحاضرتج
*
|