في الوقت الذي كان فيه يعمل في الارض, والحيوانات , وإصلاح جدران الأسوار , والأشجار , هجر كل شيء آخر , ولكن كارن بالتدريج رتبت المكتب وانهت كل الاعمال الضرورية , اجابت على الرسائل , وطلعتها وأرسلتها بالبريد , وأرسلت الفواتير لتحصيلها , ودفعت ما عليه من فواتير , ووضعت كل شيء في الملفات بترتيب , بحيث تستطيع وضع يدها عليها بسهولة وسرعة .
وكان روك يزورها معظم الايام لسبب او آخر , لقد كان على كل الاحوال صاحب الارض , وحياتهما العملية كانت متشابكة اكثر مما اعتقدت كارن , ولم يكن يمكث طويلاً , ولم تكن وإياه ابداً على انفراد , فقد كان معهما إما والدها , او مديرة المنزل او والدة روك , مما جعل الأمر أسهل , واصعب, على كارن على كلتا الحالتين , لقد كانت مرتاحة لعدم التوتر بوجود روك معها لوحده, ولكن ذلك لم يخفف ألم الرغبة التي كانت تشعر به عندما تراه .منتديات ليلاس
ولكنها لم تكن متفائلة كثيراً حول إخفاءها مشاعرها عن روك فعيناه السريعتا الادراك لم يكن يفوتهما شيء, والنظرات العرضية او الابتسامة الساخرة اخبرتها انها لم تكن تخدعه , ولكن روك كان دائماً حذراً في إبقاء مسافة بينها وبينه.
ومضى اسبوع دون سماع اي خبر عن كارلا وتشارلز , ومر الوقت بسرعة اكثر مماتوقعت كارن , لأنها استطاعت ان تشغل نفسها عن التفكير بالعمل الجاد, وأنهت عمل سنوات من الأمور المكتبية , وبدأت تساعد والدها في اشياء اخرى , في الطبخ , وفي اعمال المزرعة, كان يوم العمل يبدأ باكراً , وكانت تأوي الى الفراش باكراً, لتنام بسبب الاجهاد الجسدي عند العاشرة و النصف.
منتديات ليلاس
في احد الايام كانت مشغولة بتحضير عشاء والدها , عندما دخل روك دون ان يدق الباب , وخفق قلبها وهي تستدير لتراه , إنها المرة الأولى التي تراه فيها منذ يومين , وكانت تحس بفراغ المنزل من حولهما.
- أوه ! .. هذا انت! ابي يتجول في الحقول, إذا كنت تريده تستطيع ان تلحق به..
- لا .. أنا اريدك أنت!
- اوه ؟...
- لقد وصلنا خبر عنهما!
- ممن؟.. اوه من تشارلز ؟
- وكارلا .. لقد وصلتنا رسالة هذا الصباح .
ونظرت كارن الى قطعة اللحم التي كانت تقطعها , محاولة إخفاء الانزعاج الذي تشعر به لفكرة سماع أنباء عن الهاربين , ولم تكن تعلم كيف ستتدبر أمرها لو عرفت انهما افترقا , او لو ان تشارلز عاد , وعليها ان تعود له , ولكنه إذا فعل , ستقول له (لا ) عندها سيعتقد ان السبب هو الغيرة , ولكن هل يهمها ماذا سيعتقد؟ وسألته بصوت أجش, عندما لم يقل لها فوراً ماذا تقول الرسالة .
- حسناً ؟ ماذا يقول تشارلز ؟ اين هو؟
- لقد تزوجا, وفي الاسبوع القادم سيسافران الى استراليا.
وبدا لها الأمر قاسياً , وبدلاً من قطع اللحم انزلقت السكين فجرحت أصبعها, فصرخت بحدة, وتدفقت دموعها من الألم.ريحانة
وأسرع اليها روك متسائلاً:
- ماذا فعلتي؟
وأمسك بيدها وأجبرها ان تريه الجرح , وتمتمت :
- لا شيء!.
وارتجفت للمسته وحدق بها .
- ألهذا تبكين وترتجفين مثل الورقة على الشجرة لأجل لا شيء؟

وعضت على شفتها وحاولت ان تستدير مبتعدة, ولكنه لم يتركها , وأمسك بذراعيها وهزها بعنف :
- ماذا هناك؟ ألا يجب ان اقول لك الحقيقة ؟ لا .. انت لا تريدين سماعها! اليس كذلك؟ سوف تقضي على الخيال الزائف الذي تفضلينه في حياتك , ولكن هذا لا يفيد!
- لماذا تصرخ في وجهي؟ ليست غلطتي ان تهرب أختك مع تشارلز وتتزوجه!
- إنها غلطتك ان تبكي لأجله!
وضمها اليه , كانت مرهقة الاعصاب بحيث انها لم تقاوم , واغلقت عينيها وجسدها يرتاح عليه, وترك ذراعيها و أمسك بخصرها وقال:
- متى ستواجهين الحقيقة ؟
و تأوهت كارن , ونظرت اليه بيأس :
- روك..
- انت لا تحبينه , ولم تحبيه ابداً.
وتنهدت وكأنها تعترف :
- لقد ظننت انني أحبه.
- ولكنك الآن تعرفين حقيقة مشاعرك.
- انا لست من النوع الذي يرضى بعلاقة عابرة .. ولا استطيع العبث مع أي كان , ثم أنسى فيما بعد!
- يا إلهي .. انا سعيد لسماع هذا .. ولا أنا ..
منتديات ليلاس
- ولكن .. انت .. منذ ان التقينا كنت تغازلني , وتعبث معي.. مع أننا كنا غريبين تماما عن بعضنا!
- ليس تماماً .. لقد عرفتك منذ ولدت الى ان اصبحت في الثالثة عشر , وهذا لا يجعلك غريبة عني.
- ولكننا لم نلتق فيما بعد! كنت قد كبرت , ولا اظن أننا تبادلنا الكلام!
- لقد تعانقنا مرة..
- لقد قلت هذا من قبل .. ولكنني لا أذكر.ريحانة
- لقد أقمنا حفلة ميلاد في منزلنا , وحضر كل الاولاد في المقاطعة وكل اولاد المستأجرين, واصدقاء , وكارلا من المدرسة , ولعبنا مايحب ان يلعبه الأولاد..
- كنت أنا هناك أليس كذلك؟
- اوه لقد كنت هناك ياحلوتي, كنت ترتدين ثوباً جميلاً , من الأورغاندا الابيض , طويل وفضفاض, وياقته مستديرة , وربطة مخملية خضراء على وسطك , وبدوت فاتنة , لقد بدوت فجأة وكأنك لم تعودي صغيرة , كان من الواضح انك ستصبحين امرأة جميلة بعد وقت قصير.
وعادت كارن تتذكر حلمها , ولكنها لم تذكر الحفلة , وهذا غريب .. واخذت تنظر اليه , واعاد لها النظرات وهو يبحث في وجهها عن الذكرى التي يريدها , وتابع كلامه :
- إحدى الألعاب كانت الغميضة .. ألا تذكرين ؟ واختبأت في خزانة في الطابق العلوي , وبعد قليل فتح الباب و..
وارتعدت كارن , ووضع يده على وجهها وتابع :
- اجل .. لقد كنتي هناك , وجذبتك داخل الخزانة , وعانقتك ..
كيف نسيت هذا الأمر طوال هذه المدة؟ هل كانت صدمة لها بحيث امحت الذكرى بدلاً من مواجهة ماتعنيه ؟
- ثم مر بنا جمع من الاطفال , فلحقتي بهم, وبقيت أنا في الخزانة , اشعر بالبلاهة , كنت تقريبا بضعف عمرك , كنت لازلت طفلة , فتاة صغيرة في الثالثة عشر , وكنت انا في العشرين! لم أدرك ما أصابني يومها ماعدا انك كنت مختلفة تلك الليلة وجميلة , وكنت أنظر اليك طوال الحفلة .. ألا تذكرين .. هل أخفتك يومها؟

- لا .. ولكن هذا حدث في اليوم التالي..
- ماذا حدث في اليوم التالي ؟ لا أتذكر..
- لقد فجرت أمي كل غيرتها من أمك, كانت تكرهكم .. وأنا..
- شعرتي بالذنب لأنك سمحت لواحد منا ان ..
- لم أعد أذكر الحفلة ولا أنت .. ولكنني اتذكر الآن , ربما ذلك عائد الى انني كنت خائفة ان تعرف ماحدث , لكانت كرهتني أنا ايضاً ! وخاصة ...
- وخاصة ماذا؟. خاصة انك احببت مافعلته معك؟
واطرقت , وهي تبتسم , ولم ترد , لقد اعترفت بالكثير حتى الآن ..
- اتساءل ما إذا كان هذا هو دافعك لأن تكوني قاسية على كل عائلتي , وخاصة أنا , لم تكن أمك وحدها التي دفعتك للظن بأننا عائلة مغوية وعابثة , لقد ساعدت أنا في إعطائك هذا الانطباع .
وضحك , ثم تابع :
- لقد كنت عدو نفسي دون ان ادرك!.
وقالت كارن ببعض الحزن :
- ربما !.. لقد كنا جميعاً أسوأ اعداء لانفسنا , ألم نكن هكذا؟
لماذا كانت تحلم بتلك الحفلة ؟ أليس لأن عقلها الباطن كان يحاول ان يقول لها ماتشعر به حقيقة حول روك ؟ حلمت بأنها طفلة , وفي وضعها العاطفي كانت لا تزال طفلة , ولهذا ركزت على تشارلز كشريك لحياتها لأنه لم يقترب منها او يلمسها , في أعمق جزء من عواطفها , كانت معجبة بتشارلز وأحبته , ولكنها لم تحبه الحب الحقيقي ابداً, بنفس القوة التي تشعر فيها بحب روك , لقد اختارت تشارلز لأنه مسالم ولن يؤذيها ابدا!.
وقال روك بجفاف:
- على الأقل أنا لم أنسك ؟ وبقيت أذكر ماحدث بعد سنة , لن أقول إن هذا سبب عدم زواجي , ولكنني اعتقد انني في اعماق فكري كان لديّ ذلك التصور لفتاة كنت أحلم بها .. ولم اجد من يماثلها .. ولا واحدة لها هذا الشعر الاحمر او العينين الخضراوين الساحرتين!
وانقطعت أنفاسها , وهمس لها :
- أحبك ياكارن!.
وصدمت كارن وهي تقاوم آخر معركة لها مع الخوف وعدم الثقة , ثم همست له :
- وأنا أحبك.
وتنفس الصعداء :
- آه ..
وتهلل وجهه بالانتصار , ثم فتح عينيه ونظر اليها بشغف , جعل الدم يرقص في شرايينها.
وضمها اليه , وارتمت عليه .. بكل الرغبة التي كانت تخفيها عنه منذو زمن, وهي تعرف الآن انها ليست بحاجة الى إخفائها ثانية..

النهاية

بشكر كل من زهرة منسية و رحاب و عشق القمر
على تواجدهم المستمر وبشكر كل من ضغط ايقونة الشكر

شكرا ليكى حبيبتى ريحانة ...
عجبتنى النهاية جدا ...
رجعلها عقلها وقلبها مع بعض ...
وزى ما توقعت هو كان بيحبها وهى كمان ...
تسلم ايديكى وعنيكى يا قلبى ...
وكنت فعلا باتكلم على الفصل الجديد ...
عقبال كل رواية يا قمر ...
والله بحبك ..