كاتب الموضوع :
ام عبيده
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
رد: 565 - الطفلة - ستيلا باجويل - قلوب عبير دار النحاس
"" نعم ، فقد انفصل والداي عندما كنت بالعاشره من عمري ، وكلاهما تزوجا وكان عندهما اولاد . ""
"" اه ، فهمت ""
اخذ روس يحرك كتفيه ، بينما كان يتسائل ما اذا كانت حقا قد فهمت ، اذ كان يشك فعلا في الامر ، فأمرأه مثلها لم تكن لتعرف ما معنى ان ينتقل طفل من بيت الى اخر ، فقد كبر وهو لا يعرف الى اي بيت هو ينتمي .
والان فهو يتجنب الاحتكاك بالعائلتين على السواء ‘ فكل من والده ووالدته يعيش مع شخص اخر ، وكل واحد منهما لديه اولاده . روس كان الولد الغريب المنبوذ ، كان حيا ليذكر والديه بالخطأ الذي تسبب به زواجهما .
"" لدي شك يا كاثلين ، وهناك شئ يحدثني بأنك ترعرت في منزل واحد مع والديك الحقيقين ""
كانت كاثلين قد تفاجأت بتخمينه ، مندهشه من انها قد اثارت انتباهه الى هذا الحد بالدرجه الاولى ، ومتفاجئه حيث انه قام بأستنتاج صائب ,
"" نعم ، الامر كذلك ترعرت في مزرعه تقع على بعد اكثر من ميلين من هنا ، وانا سعيده بالقول ان والداي لا يزالان معا وبعافيه ‘ وما زال يجمعهما الحب .""
اجابها : "" انت محظوظه ""
لم تستطيع كاثلين التحديد بالضبط ما اذا كانت تسمع رنة حزن او سخريه في صوته ‘ قد يكون القليل من الاثنين معا ، فقالت :"" نعم ، اظن اني محظوظه "" ثم نظرت الى الوجه الطفولي الحلو الذي كان يضغط على صدرها ، وتابعت :
"" اتمنى ان نستطيع قول الشئ نفسه لهذه الطفله البريئه ، ماذا سيمكنها القول عن طفولتها عندما تصبح في مثل عمري وتعود بذاكرتها الى الخلف ! ""
بسرعه تحولت تعابير وجهه واصبحت متجهمه ، حين قال : "" لا يسعنا التنبوء على اي حال ، كيف سيكون مستقبلها ، لكنني اعرف شيئا واحدا ، هو اني سأعمل على ان اتأكد ان الاشخاص الذين رموا بها على عتبة منزلي سوف لن يحصلوا ابدا عليها .""
تفاجأت كاثلين بالعنف الذي ابداه روس ، بالرغم من انه كان عليها ان تتوقع ذلك . وبعد تفكير منها رأت ان روس دوغلاس,,على مايبدو ,رجل يملك افكار متطرفه عن الحق والباطل ، تماما مثل شقيقها .
"" اني موافقه ، فمن الواضح ان اهلها لم يرغبوا في الاحتفاظ بها ، وهي تستحق من يحبها تماما كأي طفل في هذا العالم يستحق ان يكون محبوبا . ""
احست كاثلين بألم خفي في صدرها ، اجبرها على ان تنحني وتقبل خد الطفله الطري .
وهي تنظر الى اعلى ، لاحظت كاثلين روس وهو يراقبها ، وقد امتلأت عينيه بشئ ذكرها ان كلاهما رجل وامرأه ، ولا يوجد احد سواهما .
تنفست تنفس طويلا ، ثم اخذت تخرج الهواء من فمها على مهل قبل ان تتكلم "" تبدو الطفله تغط في نوم عميق الان ، سأنقلها الى غرفة الجلوس ، فقد تكون النار المشتعله في الموقد قد اضفت على الغرفه جوا لطيفا ودافئا الان ، وعلينا ان نرى كيف سنتصل بالشريف.""
بسرعه نهض روس واقفا على قدميه وهو يقول :"" هل تريدينني ان انقلها ، ام تستطيعين انتي القيام بذلك ؟ .""
ابتسمت تقديرا لخدمته ز واجابت : "" يمكنني تدبر امرها إذا ماحملت لي تلك البطانيات . "" قالت ذلك وهي تومئ برأسها نحو كدسه مكومه على الطاوله .
تلمس روس البطانيات وهو يظن انه لم يتبق له من شئ ليفعله سوى ان يقضي ليلته في المنزل .
ابتسم ابتسامة المراوغ وهو يتبع كاثلين الى خارج المطبخ ، حسنا ، ياروس راح يسائل نفسه ، كم هو سئ ان تمضي ليلة العيد مع امرأه جميله ومولوده جديده ؟.
"" ياله من شعور مدهش "" قال روس ذلك عندما دخل الثلاثه الى غرفة الجلوس ، تابع : "" اثناء صعودي الى منزلك لم اكن اتصور انني سأنعم بالدفئ ثانيه .""
اما الدار حيث يطيب الجلوس فيه اما الموقد ‘ فقد تألف من اريكه مخططه وعلى جانبيها كرسيان محشوتان بحشوة زائده ، وها هي النار الان تشتعل في الموقد ، وتملا الغرفه حراره بهيجه ، وضعت كاثلين الطفله على طرف الاريكه وغطتها ببطانيه خفيفه .
وفيما هي تبتعد عن الطاوله رأت روس واقفا امام الموقد ، معرضا ضهره للنار وكان يداعب باصابعه خصلات شعره المتموجه وكأنه يطرد التعب .
الان وقد حصلت الطفله على مايلزمها من عنايه اصبح لدى كاثلين متسع من الوقت التفكير . كانت تشرع في تصور ماعناه روس دوغلاس اثناء هذه الامسيه ، وكان عليها الاعتراف بانها اعجبت بالرجل للجهود التي بذلها ، لا شك ان ايجاد الطفله كان بمثابة صدمه له ، واطرقت تفكر نكونه كان عليه ان يحملها وهو يتسلق جبلا منزلقا ، وتحت الامطار المتجمده ، لم يكن الامر بالنسبه اليه بمثابة رحله ممتعه قام بها ,
"" لابد انك مرهق ، لم لا تجلس وتستريح في حين اقوم انا بطلب دائرة الشرطه ! "" هذا ما اقترحته عليه وهي تتقدم نحو الهاتف .
جلس على الكنبه . وقال :"" انت على حق ، اني متعب ، في الخارج يبدو الجبل مغطى بقشرة من الجليد . مقابل كل قدم خطوته صعودا ، كنت انزلق الى الخلف قدمين ,""
سألته : "" لست قادره ان اتخيل كيف صعدت الجبل والطفله بين ذراعيك . ""
"" حسنا ، ان ذلك لم يكن اكثر سؤا من محاولتي اجتياز الطريق العام بشاحنتي .""
كانت كاثلين على وشك الامساك بالهاتف ، لكن ملاحظاته جعلت يدها تتوقف عن الحركه ، وسألته : "" انك لم تحاول ، هل قمت بذلك ؟""
وبعبوس هز رأسه ايجابا وقال : "" الانوقد هدأت كفايه حيث يمكنني ان افكر ، ارى اني كنت مجنونا اذ حاولت قيادة الشاحنه في مثل هذا الطقس ، فقد كنت على وشك الانزلاق عن حافة الجبل . ""
ان فكرة تدهوره مع الطفله الى الوهد المعتم البارد جعلتها ترتعد خوفا . "" حسنا ن من حسن الحظ انك لم تنزلق ""
لقد شعر انه احمق على الرغم من انه يملك سببا حقيقيا لذلك ثم قال : "" كان علي ان احشر سيارتي في الخندق ، امل فقط ان تبقى هناك حتى يوم غد ، او الى حين استطيع اخراجها من الخندق . ""
"" في حال تمكن عمال الطرق من الوصول الى المكان الليله فقد يدفعون بها الى الخارج ، لو كنت مكانك لما قلقت بشأنها . "" قالت ذلك وهي ترفع السماعه الى اذنها ز ثم تابعت "" ان مسألة السيارات التي يتركها اصحابها شئ عادي جدا هنا في فصل الشتاء . ""
مدت كاثلين يدها لتضغط على رقم الطوارئ في دائرة الشرطه ، ثم توقفت اذ لاحظت ان خط الهاتف معطل .
ثم سألت بصوت عال : "" ما بال هذا الهاتف ؟"" وهي تضضع السماعه ثم ترفعها .
"" حاولي الاتصال بموظفة الهاتف ‘ لكندون جدوى فتأوهت قائله : "" اه ، ماذا نفعل الان ؟ لا نستطيع ابلاغ السلطات المختصه عما حصل من دون هاتف ! . ""
اشار روس لها بيده محاولا تهدئتها . "" لا تغضبي ، قد يعود الخط ليعمل من جديد في وقت قصير . ""
"" وفي حال انه لم يعمل ؟ ماذا سيحصل لو ان الشريف ظن اننا قد خطفناها او سرقناها ؟ ماذا لو ظنوا اننا تهربنا من الاتصال بهم ، قد يوجهون الينا تهمة بعدم الابلاغ عن الجريمه ! أه ...يا روس ""
ولدى رؤيته كاثلين ترتعد من الوضع الذي وصلا اليه ، مضى روس اليها وقال : "" ان نخلط بين الاشياء ، امر لن يفيدنا بشئ . ""
امسك يدها بيده ، فوجد اصابعها بارده وقد تجمدت ، راح يفرك اصابعها بأصابعه الدافئه ، وهو يقول "" لن يتهمنا احد بشئ هيا ... تناسي الامر ... سنحاول مجددا بعد قليل . ""
تنهدت كاثلين بحزن وهو يقودها الى الكنبه ، ويقول : "" اعرف انك قد تكونين على صواب ، اظن ... لا اعلم الان ، لقد ولى امر الاهتمام الطارئ بالطفله ، والان بدأت اشعر بالصدمه التي تسببها كل ذلك . ""
جلس روس بجانبها على الكنبه الطويله ، وتابع : "" صدقيني ، اعرف ماتقولينه ‘ كان ينتابني نفس الشعور عندما ادخلتني انا ومعي الطفله الى منزلك . ""ابتسم لها ابتسامة اعتذار : "" اعرف اني بدوت قويا بعض الشئ ، لكنني عادة لست كذلك .""
لمرتين متتاليتين كانت كاثلين ترغب في صفع روس على وجهه . لكن الان وقد مرت الكارثه الاساسيه ، علمت انه كان يتصرف دون اكتراث بالطفله ، ثم ردت عليه قائله : "" وانا لست عادة قويه . ""ثم لاحظت انه لا يزال يمسك بيدها ، فما كان منها الا ان دفعت يده بلطف وتابعت : "" اذن انت قد صدر السماح عنك .. وهل صدر عني ؟ ""
تمنى لو انها لم تسحب يدها ، فقد احب ملمسها ... وبشرتها الناعمه واصابعها الطويله الطريه التي كانت تطبق على اصابعه .
ثم قال مؤكدا لها "" ليس هناك من شيئ لنسامح من اجله . ""
"" حسنا ‘ والان بما ان الطفله قد شربت حليبها ، يجب ان نأكل نحن . قبل مجيئك كنت احضر وجبه خفيفه ، هل تناولت شئا من الطعام هذا المساء ؟ ""
عندما سألته ، نظر بارتياح ، مما جعلها غير قادره على لجم نفسها من الضحك .
وقال معترفا : "" لكي اكون صادقا معك ، اني اتضور جوعا ن لم اتذوق الطعام منذ صباح هذ اليوم . ""
وبخته قائله : "" كان عليك قول شئ من هذا النوع في وقت سابق . "" وكانت ابتسامه على وجهها قد خففت من حدة صوتها .
هز كتفيه ، وكأن راحته الجسديه لم تكن بالنسبه اليه ذات اهميه كبيره ، وقال : "" حتى اني لم الحظ اني جائعحتى الان كانت الطفله كل ما افكر به . ""
"" وانا ايضا ، لكنها نائمه الان بسلام ، اذن لم لا تتمدد على الكتبه بجانبها ، وسأذهب لتحضير اي شئ نأكله نحن الاثنان . ""
كان روس يراقب كاثلين وهي تغادر الغرفه ، وبدا كأن تلك المرأه قد خدرته بجاذبيه خاصه ، ففعل ما اوصته به وتمدد على الكنبه ، لكنه كان حذرا فأبعد جزمته عن الوسائد .
راح روس يخاطب نفسه بأنه لم يكن مخدرا ، وهو يغير وضع رجليه ليحس براحه اكبر ، لقد كان متعبا فحسب ، واحداث الساعتين الماضيتين تركته مضطربا . علاوه على ذلك فهو لم يطن حدثا طبيعيا ، ان يجد طفله على عتبة بابه . كما انه لم يكن امرا عاديا بالنسبه لامرأه ، ان يندفع الى بيتها رجل وعلى ذراعيه مولوده جديده لذا لم يكن امرا عجيبا ان يكون كل منهما مضطربا .
حملته افكاره الى النظر الى طرف الكنبه حيث ترقد الطفله فوجد وجهها محمرا ومنتفخا ، وانفها افطس وفمها قد تغضن وبدا كوقس صغير ، ولما تطلع روس فيها تخيلها كتلميذه محببه في الصف الرابع الابتدائي ن منمشه الوجه ن وشابه جميله في لباس لحفله راقصه .
واطرق يفكر ، انه لامر غريب ، اذ لم يشعر بصلة تربطه بأشقائه وشقيقاته كأرتباطه بهذه الطفله التي رآها فقط منذ ساعات .
ربما عليه ان يشعر بعقدة الذنب حيال ذلك الامر ، لكن هذا الشعور لم يخالجه ، فهذه الطفله من دون والدين او مأوى . اما شقيقاته واشقائه ، فمثل هذا الشئ متوفر لهم .
وهو متكئ برأسه على الكنبه اغمض عينيه ، واخذ نفسا عميقا ، كاثلين غالاغر هايز ، وفجأه مر هذا الاسم في مخيلته ، حاملا معه صورا عاصفه عن تلك المرأه التي لم يكن يتوقع ان يراها على الشكل الذي بدت عليه عندما استقبلته مع الطفله عند الباب الامامي لمنزلها .
توقع روس ان يرى ( منتدى ليلاس )امرأه بارده ، لائقه على الارجح ، اكثر من عاجزه ، وحتى الان ، فقد اثبتت (ام عبيده ) انها ليست على هذا النحو ، وعليه ان يعترف نها قد اسرت لبه ، ومن هم مثل روس ، عادة ن لا يمكن لاامرأه ان تأسرهم ، فقد كان يحب صحبة النساء ، لكنه لم يكن من نوع الرجال الذين يديرون رأسهم مرتين لامرأه .
فهو يعتبر ان الحب والزواج من نصيب شبان اخرين ولا يحبذ اولئك الرجال الذين يرغبون بمنزل يستقرون فيه مع عائله كبيره ، لم يكن ذلك النمط من العيش يروق لروس دوغلاس . فقد شاهد ما كان يجري في ذلك البيت العائلي ، اما فيما يتعلق به ، فقد يمكنه العيش خارج هذا الاطار .
انتهى الفصل الرابع
اتمنى لكم قرائه ممتعه
|