- لقد نسيتي هذا ..
واوقع حقيبة الماكياج الى جانبها على السرير.
- شكراً لك ..
وابقت عينيها مركزتين على يديها المرتجفتين .ريحانة
- لست ادري لماذا كنت تستخدم حمامي , او كيف وصلت اليه, ولكن اتمنى عليك ان تخرج فوراً .
فقال بهدوء:
- انه حمامي ايضاً .
ورفعت رأسها لتراه واقفاً قرب السرير والمنشفة لا تزال حول خصره النحيل.
- ماذا تعني انه حمامك ايضاً.؟
- الحمام يصل بين الغرفتين .
وانخفضت عيناه ببطء , ولاحظت ان طرف روبها انزلق ليكشف عن ثيابها الداخلية , فاعادت لفه جيداً عليها.
- لماذا لم تخبرني منذ البداية ؟ لقد دخلت الى هناك و ..
- ظننت انك سمعتي صوت الدوش , وانك عرفتي ان هناك شخص مافي الداخل.
وهزت رأسها , محاولة ان تفهم مايقول , ثم تذكرت شيئاً فقالت وكأنها توجه اتهاماً:
- لقد وضعتني امك في هذه الغرفة !
- مجرد صدفة .. ولكنني اعتقد انها ظنت اننا ننام معاً , واعتقدت انه هذا أسهل من السير بعد منتصف الليل في الممرات.منتديات ليلاس
وشعرت كاترين بالغضب يغلي بداخلها , فقالت:
- كيف تجرؤ على التفكير هكذا؟
فقال لها رالف مداعباً:
- يجب ان تشعري بالسرور.
- ولكننا لسنا .. لسنا ..
منتديات ليلاس
- ولكنني لست سيئاً لهذه الدرجة .. هل أنا سيء؟ هل وجدتي اي أثر لاستخدامي الحمام هذا الصباح ؟
- حتى انني لم ازعج نفسي بالنظر , لابد ان اغراضك موجودة في الخزانة , واغراضي في حقيبتي , واعتقدت ان الباب الآخر يقود الى غرفة فارغة , لماذا لم تخبرني؟
- لقد كنت بعيدة مني ليلة امس ولم استطع إخبارك , لذا فكرت ان اخبرك اليوم.
- في كل يوم يمر اشعر انني غبية اكثر وساذجة , لابد انك فكرت ان تجعل من شكوك والدتك امراً واقعاً.
- لا.. لم اكن افكر هكذا.. امامك الكثير لتضحي قبل ان يستطيع اي رجل ان يلمسك ويجدك دافئة , لقد كنت صبوراً معك يا كاتي, ولسبب وجيه جداً, وظننت انك قد بدأت تستسلمين لمشاعرك , ولكن يبدو انني مخطئ , والآن اعذريني , عليّ ان احلق ذقني , وبعدها الحمام لك.
- أليس هناك حمام آخر لتستخدمه؟
- استخدمي حمامك , ولا تقلقي , سأقفل الباب من الداخل بعد الآن.
وعاد الى الحمام على طرف السرير الى ان سمعت صوت القفل يفتح , وعلمت ان رالف قد انهى عمله في الحمام , وتساءلت ما إذا كان قد اشتم رائحة عطرها , فقد كان العطر الذي اهداه لها.
واسرعت كاترين لوضع ماكياجها , ثم ارتدت الثوب , واقفلت السحاب ببطء وركزت الحمالات على كتفيها , ثم ارتدت حذاءها الفضي , ونظرت الى نفسها في المرآة , واحست وكأن الفستان يعطي شعاعاً من النور الفضي الأزرق من حولها , وبدت في المرآة واثقة النفس , متوازنة شهية , وجهها قد يكون دون تعبير , ولكن كان هناك حزن في عينيها , ألم يقل احدهم مرة إن العينين هما نافذتا الروح؟

9- دروس فاشلة



الأمسية كانت دافئة تماماً, بحيث لم تحتج الى معطف , وعندما سمعت قرعاً خفيفاً على الباب , اجفلت معتقدة انه رالف , ولكنها ارتاحت عندما علمت ان الطارق عي ماغي , التي نادتها:
- كاترين .. هل انت جاهزة ؟
- اجل..
والتقطت حقيبتها وفتحت الباب , ونظرت اليها ماغي بدهشة :
- لقد كنت اعلم ان هذا الثوب سيليق بك.
فابتسمت لها كاترين , وقد اعجبت بالثوب الاسود الذي ترتديه .
- وانت ايضاً تبدين رائعة.
وقالت ماغي :
- الليلة , سيعرف اليانكي كل شيء عن نساء الجنوب الانيقات , اريدك ان تأسريهم كلهم بسحرك .

- ولماذا ؟
- اوه.. تستطيعين تسميتها بنزوة امرأة عجوز , إضافة الى انني اعتقد انك ستتمتعين بهذا متى بدأت به.
كان رالف يرفع كأس الشراب الى فمه عندما دخلت كاترين وماغي الى غرفة الجلوس , يده توقفت في الهواء في منتصف طريقها الى فمه, واستقرت عيناه على المرأة ذات الشعر الاسود , وتحركت نظراته من طرف حذائها الفضي , عبر الثوب اللماع الازرق القاتم, الذي يلتف بجمال حول جسدها , ثم الى كتفيها العاريتين , ورقبتها العاجية , والوجه الوسيم الذي يحتوي على العينين البنفسجيتين , الى ان وصل الى الشعر الاسود البراق, وابقت نظرتها اليه دون تعبير , وكأنها لم تلاحظ كيف ان سترته المخملية الزرقاء تبرز كتفيه العريضين, وكيف ان قميصه الابيض يزيد بروز ملامحه السمراء .منتديات ليلاس
وابتسم لها دايفد بافتتان , وهو يبدو انيقاً بسترة السهرة السوداء .
- انت تبدين جميلة جدا ياكاترين .
وكانت صونيا تبدو انيقة ايضاً بثوبها الذهبي القاتم , وفيليس تقف الى جانبها ترتدي ثوباً مشمشياً عاري الكتفين.
ونظرت صونيا من حولها الى المجموعة الصغيرة ..
- هل الجميع جاهز؟
فقال رالف:
- سأخذ كاترين معي في السيارة .
فقالت امه:
- انا واثقة انها ستكون مرتاحة اكثر في سيارتنا , خذ فيليس معك.
وتجاهل رالف كلامها وتقدم نحو كاترين عند الباب , واستدار ينظر الى امه قائلاً بادب ولكن بثبات :
- كاتي ستذهب معي , وسنلتقي في النادي.
منتديات ليلاس
واخذ يد كاترين , وجذبها نحو الردهة ثم الى الباب الامامي دون ان يسألها ما إذا كانت ترغب بالذهاب معه , وحاولت ان تجذب يدها منه:
- لقد فعلتها الآن , ماذا ستظن امك بعدما فعلته امامها ؟
- لتظن ماشاءت .
إحدى الغرف الكبيرة في النادي خصصت للحفلة , وكانت قد بدأت بالامتلاء بالناس عندما وصلا , تقديم رالف لمرافقته الفاتنة كان سريعاً ومختصراً , ومع ان العديد من الرجال اقتربوا منهما , متشوقين للقاء الجميلة السوداء الشعر بثوبها الأزرق اللماع إلا انه صد الجميع بتعليقاته المختصرة .
- آسف ياجيف .. السيدة لا تتكلم سوى الرومانية , ولا تفهم كلمة انكليزية , وانا اتذكر جداً ان اللغات لم تكن من اهتمامك في المدرسة .منتديات ليلاس
وقال لرجل آخر :
- هل تصدق انها ام لستة اطفال؟
واقبلت صونيا نحوهما وهي مقطبة .
- رالف .. الرقص على وشك ان يبدأ.
- وهل سيسمح لي بأن ارقص مع فتاتي المفضلة ؟
- بالطبع...
فتمتم رالف لكاترين.
- ارجو ان تعذريني .. سأعود اليك فوراً.
ووقفت كاترين , وقد آلمها ان دعوة رالف للرقص لم تكن موجهة لها, وللحظة شعرت بالاضطراب لوقوفها بين غرباء متسائلة كيف ستسطيع تمضية الامسية , ولكن لم تكن بحاجة للقلق, لانها لم تبق وحدها لوقت طويل , فعندما بدا واضحاً انها لوحدها , اصبحت محاطة بالعديد من الرجال كلهم يطلبون الرقص معها , ولكن كلما نظرت نحو رالف وجدته يرقص مع فتاة مختلفة , وبدت كل امرأة اجمل من الاخرى, وكانت كاترين مسرورة كلما نظر اليها رالف ليجدها ترقص مع رجل مختلف .

- هل تشرفني الآنسة ويزدوم بهذه الرقصة ؟
واستدرات كاترين , وقد تعرفت تماماً على الصوت المنخفض, وابتسم لها رالف ومد يده.
- اتحبين ان تعطي فرصة للرجل الذي اتى بك الى هنا للرقص معك .
- اجل..
همستها له لم تكد تبغ أذنيه وهي تضع يدها في يده , وما إن اخذها رالف بين ذراعيه حتى خفتت الاضواء وانقلبت الموسيقى الى نغمات السلو الحالمة , واخذت حركاتهما تتماوج بتناغم تام.
دفء انفاسه دغدغ خدها وأذنها بينما عطر المسك لما بعد الحلاقة كان يداعب انفها , وانحنى اكثر على أذنها ليقول :
- كنت تمتعين نفسك الليلة .. أليس كذلك ايتها الساحرة الصغيرة ؟
- ألست مسروراً ان دروسك لي في كيفية التصرف مع الرجال قد نجحت!
- لم اكن اقصد ان تتمرني على هذا مع نصف سكان ولاية نيويورك .منتديات ليلاس
ومررت اصابعها على خصره وتوقفت في مكان معين وقالت ممازحة :
- دعني ارى .. أليس ذلك الجرح موجود هنا؟
- توقفي عن هذا.
منتديات ليلاس
- ولماذا اتوقف؟ ألا تعتقد امك اننا عاشقان ؟ انا واثقة انك تسمح لصديقاتك بمثل هذه الحرية.
- بعد ثانيتين سألقيك ارضاً وابدأ بتقبيلك امام الجميع , فلا تدفعيني اكثر من اللزوم.
خلال ماتبقى من السهرة التصق رالف بكاترين , وعندما اعلن دايفد بفخر خطوبة جانيت وتيد , نظر رالف الى عيني كاترين نظرة طويلة .
كان الوقت متأخراً عندما رافقها الى السيارة , وجلست في مقعدها ووضعت يديها فوق رأسها قائلة :
- الجميع كانوا لطفاء , اعتقد ان اليانكي .. اهل الشمال .. ليسوا سيئين ابداً.
- طبعاً , ليس بعد ان يتذوقوا انوثة اهل الجنوب .
خلال توجهها الى المنزل , استدارت في مقعدها لتواجهه:
- لقد قلت إنك ستسافر بعد الحفلة .. الى اين انت ذاهب؟
- لم اقرر بعد .. ربما الى المكسيك , ثم بعدها الى كندا , حيث عرض عليّ صديق منزله ..
- اذاً لقد انهيت مسودة القصة؟
- بمايكفي ليكون لدي وقت فراغ , لماذا لا تأتين معي ؟ انا واثق ان ماغي ستعطيك إجازة لو طلبتي منها.
دعوة رالف المرتجلة جعلت كاترين تصحو اكثر من دوش بارد , فقالت بسرعة , بعد ان استدارت في مقعدها لتنظر من النافذة .ريحانة
- لا .. شكراً لك.
- لماذا لا يا كاتي عندما تكونين على استعداد لقول نعم ؟ لماذا تغلقين على نفسك وراء هذا الجدار؟ مما انت خائفة ؟

وبقيت كاترين صامتة الى ان اوقف رالف السيارة داخل الكراج , فقالت وهي تحدق في الظلام:
- من الصعب جداً التصرف ضد كل التعاليم التي تتلقاها طوال حياتك , جدي لم يوافق ابداً على زواج أمي بأبي , واعتقد انه لم يكن ليوافق على احد في الواقع .. كان يقول بأنها توفيت وهي شابة لأنها تجرأت على التصرف دون إذنه , وكان يلوم والدي لأن دخل حياتها واخذها منه , وكان مصمماً على ان لا يحدث هذا لي , لذا لم يسمح لي بالخروج مع احد , انا لا اعرف الكثير عن امي ماعدا ان فلسفتها كانت التمتع بالحياة , وقد تربيت على الاعتقاد بأن العواطف مليئة بالخطيئة , ويجب كبحها, ومن الصعب عليّ ان افهم انه كان على خطأ , اشعر وكأنني في معركة مستمرة مع نفسي .. ولم اعد اعرف ماذا افعل .
- لماذا لم تقولي لي يومها إنك في السابعة عشر ياكاتي ؟ لماذا تركتيني اعتقد انك اكبر سناًَ؟
- هل ستستمر في رؤيتي لو عرفت انني لم انهي مدرستي بعد؟ لا اعتقد , تلك الليلة كنت مثل سندريللا .. ولم تتح لي فرصة ترك حذائي الزجاجي ورائي .. ولم افكر بأنني سأراك ثانية, لذا لم اجد اي خطأ في خداعك..
واغلق عينيه وكأنه تذكر شيئاً مؤلماً.
- تلك الليلة .. هل أذاك بطريقة ما؟ اتذكر كم كان غاضباً , لم يكن من حقي البقاء لأتأكد من سلامتك , صدقيني لقد اردت البقاء , ولكنني كنت اخاف ان تصبح الامور اسوأ.
منتديات ليلاس
- جدي كان يستخدم الكلمات ليجعلها اسوأ من العقاب الجسدي, وقال لي إنك لن تعود ابداً , وانك كنت تعبث معي فقط .ريحانة
- الهذا لم تجيبي على رسائلي ؟
واستدار رأس كاترين بسرعة نحوه , وقد فغرت فاها من الدهشة .
- رسائل ؟ انا لم اتلقى اية رسائل.
الصدمة في صوتها جعلت رالف متأكداً انها تقول الحقيقة .
- لقد فعلها جدك, وهذا واضح .. لم يرد ان يبدو كاذباً, لذا لابد انه اخفى الرسائل عنك .
واصيب تفكير كاتي بالدوار.. لقد كتب رالف لها ! ولم ينسها. لماذا اخفي جدها الرسائل عنها؟ . لقد ارادها ان تعتقد ان رالف تركها دون اية كلمة , وقال رالف بصوت منخفض :
- على الأرجح لم يرد ان يخسر مدبرة منزل دون اجر , ولابد انه ظن انني سأخذك منه كما فعل والدك عندما اخذ امك , لقد كان محظوظاً معك اكثر بتسميم افكارك ضد الرجال , واستخدمني كمثال رائع.
- رالف .. ماذا قلت لي في تلك الرسائل؟
- لماذا الخوض في الماضي الآن.
وضحك ضحكة خشنة , وفتح باب السيارة وخرج مستديراً الى ناحيتها , ثم فتح لها الباب .
دخلا المنزل بصمت متوتر , وامام باب غرفة نومها امسك بيدها , نظر اليها بطريقة حميمة هزتها حتى قدميها , وشعرت بخيبة امل غريبة عندما لم يعانقها , ولكن كيف تتوقع منه هذا بعدما قالته له؟
- لقد كانت حفلة جميلة .
- تصبحين على خير يا كاترين .. نامي جيداً.
بعد ان اغلقت باب الغرفة اضاءت احد المصابيح , وخلعت ثوبها واندست في روبها ودخلت الحمام , ثم نظرت الى الباب الذي تعرف انه يقود الى غرفته.. هل تقفله ؟ كانت تعرف انه لن يفتحه دون دعوة منها, بعد كل ماحدث , وقررت ان لا تقفل الباب وعادت الى غرفتها.