رائعة جدا ميرسي

العفووو يا فادي

الفصل الثامن

ضمن جو من البهجة والسرور وسماء الصيف الصافية تم زواجهما , فاجتمع كل اهل القرية لمشاهدة العروسين في عربتهما الجميلة خصوصاً ثوب العرس الابيض الذي ترتديه بيبا والذي زاد من جمالها واناقتها, وكذلك الوشاح الابيض الطويل الذي اخفى وجهها.ريحانة
لقد اثرت ضغوطات الآوانة الأخيرة على بيبا , الأمر الذي جعلها تخسر من وزنها بضعة كليو غرامات , مما جعل عيناها تبدوان اكبر من حجمها الطبيعي , اما فستانها الذي صممته احدى الخياطات الشهيرات في بوشامب فقد اخيط مجدداً عند الخصر حتى يلائم جسدها الذي اخذ بالنحول.
كان شوان قد عاد من كندا قبل الزفاف بيوم واحد, كانت تتوقع منه الاتصال بها او حتى مكاتبتها, لكنه لم يفعل شيئاً من ذلك, وقد تابعت التحضيرات للزفاف وهي غير متأكدة فيما لو العريس سيحضر الحفل او لا.
خرج والدها من العربة وقد بدا بكامل اناقته بالبذلة الرمادية اللون وقال :
- حسنا ها قد وصلنا .
كان في صوته علامات الارتياح فشعرت بيبا بالغضب الشديد تجاهه , ان همه الوحيد هو النجاة بنفسه حتى ولو على حساب تعاسة ابنته.ريحانة
لقد ارتسمت علامات الشيخوخة على مظهر والدها في الاسابيع الماضية بعد ان فرض عليهم شوان العيش في كوخ كاف اكثر من اللازم لهما وليسا بحاجة الى مكان اكبر , من هذا لشخصين, وسوف ينتقلان لإقامة فيه بعد زواج بيبا.
بالنسبة لبيبا نظرت حولها فوجدت لوسي تحدق بها , كانت لحظة حرجة بالنسبة اليهما وقد فضلت لوسي ان تتجنبها , ولكنها لم تستطع لأنهما صديقتان عزيزتان منذ طفولتهما , والكل يعرف ذلك.
شعرت بيبا بغيرة عميقة , فلطالما اعتبرت لوسي فتاة رقيقة ولطيفة قد تضمد الجروح بعد لسعة حادة , كما انها لم تنس اهتمام شوان بها وعدم اعتباره لزواجهما حاجزا يردعه عن الارتباط بأي امرأة اخرى.
تقدمت لوسي من بيبا بارتباك متغاضية النظر في عينيها واخذت ترتب فستان بيبا معبرة عن اعجابها بهذا الفستان الرائع.

كانت بيبا محط انظار الجميع عريسها شوان الذي وحده لم يلتفت لينظر الى جمال عروسه في ثوبها الأبيض الرائع , كان يرتدي بذلة انيقة تشبه بذلة والدها وعلامات اللامبالاة ترتسم على محياه الجميل , وبدل ان يكون هذا اجمل يوم في حياتها , شعرت بانقباض شديد و ضيق في انفاسها .
اختار شوان واحدا من اصدقائه ليكون احد الشهود, القت بيبا عليه نظرة سريعة فوجدته يتفحصها بكل دقة وفضول.
كان هذا الشاهد يشبه شوان في قامته الطويلة والرياضية , اما معالم وجههه فتعبر عن شخصية منفتحة ومحببة لكنه في الوقت الحاضر , ارتسمت على وجهه علامة استفهام وكأنه يتساءل عن هذا الوضع الغريب الذي علقت فيه.
بعد ان تمت مراسم الزواج , شعرت بيبا بيدي شوان الباردة تمسك بيدها لتضع في اصبعها الخاتم الذهبي , لقد اصبحت زوجته الآن.منتديات ليلاس
رفع شوان الوشاح الابيض عن وجهها ونظر في عينيها بطريقة حادة غير متسامحة , ثم مال نحوها ليقبلها قبلة باردة .
بعد ان ان ارتفعت اصوات المهنئين في قاعة الاحتفال وجدت بيبا نفسها قرب صديق شوان الذي قدم لها كرسيا لتجلس عليه معتذرا عن تأخره في التعرف اليها ومعرفا عن نفسه.
منتديات ليلاس
- بول كاربنتر.
ابتسمت له وقالت باحترام:
- كيف حالك يابول , انا سعيدة لتمكنك من الحضور في هذه السرعة.
- لم يكن من الممكن ان افوت مثل هذا الحدث , وبالنسبة للسرعة في هذا الزواج, عرفت الآن سببها , انك رجل محظوظ ياشوان.
اجاب شوان ببرود:
- ألست كذلك يابول؟.
فكرت بيبا بسعادة هذه اللحظة التي اصبح فيها اسمها السيدة بيبا شوان مورغن . سألت بيبا محاولة كسر الصمت :
- هل انت متزوج يابول؟
اجاب بول :
- نعم ولدي طفلين ايضاً , وزوجتي لم تتمكن من المجيء لأننا ننتظر المولود الثالث في تشرين الاول ( اكتوبر) وقد نصحها الطبيب بعدم الخروج من البيت ولكني اتمنى ان تزورينا في وقت قريب .. هل ستقوم بذلك ياشوان ؟
اجاب شوان :
- بالتأكيد.
ساورت بيبا خيبة الأمل ولم تغب عنها نبرة التحفظ في صوته, وتساءلت عن سبب ابعاد شوان اصدقائه عنها , لابد يخشى ان ينفضح امره, فيعرف الجميع حقيقة زواجهما , كان شوان قد استلم وثيقة الزواج من رجل الدين واخفاها في جيبه.
علق لسبب من الاسباب وشاح بيبا بالكرسي, فطلبت من شوان التوقف حتى تسحب الوشاح, فأنحنى شوان ليسوي الوشاح , عندها شعرت بالدوار لوقوفه قربها , قررت ان تتظاهر بالإغماء حتى يأخذها بين ذراعيه ولكنها طردت هذه الفكرة من رأسها بسرعة.

كانت في تلك الاثناء تعرف الموسيقى الخاصة بالزفاف, واضطرت بيبا ان تظهر فرحها العميق في مناسبة كهذه.
التقطت الصور التذكارية مع المدعووين لتحفظ للأيام المقبلة , لذا ظلت تظهر السعادة والفرح وتبتسم للجميع بينما قلبها يقطر دماً.
قال لها شوان بسخرية :
- جيد جداً , تبدين كوربت اصيلة تحاول المحافظة على المظاهر حتى آخر دقيقة.
همست بحدة:
- هل تريد ان يلاحظ الجميع كيف انك اجبرتني على الزواج منك؟
تصنع الدهشة وهو يسألها :
- اجبرتك؟ أنا لم اجبرك , لقد اخترت انت ذلك بملئ ارادتك.منتديات ليلاس
قالت بمرارة :
- آه .. معك حق, فلو لم اقبل لانتهى الامر بوالدي في الشارع.
اجاب باستهزاء :
- آه .. ماألطفك تبدين كالإبنة المساعدة والمطيعة ولكن لا استطيع ان افكر انك فعلت ذلك من اجل والديك.
دهشت وقالت:
- ماذا تقصد؟
قال ببطء وثقة :
- تعرفين ما أقصده , فأنت تريدينني ولا يمكنك انكار ذلك, لقد لاحظت مدى انجذابك لي منذ المرة الاولى التي تقابلنا فيها .
منتديات ليلاس
خفق قلبها بشدة بقولها :
- لابد انك تمزح , فلولا الفوضى التى رمى والدي نفسه فيها لما فكرت بك ابداً ولما فعلت ذلك.
ضحك بخشونة ثم قال:
- تقولين لما كنت فعلت ذلك؟ على العكس اعتقد انك كنت ستفعلين ذلك لاذلالي تماماً كما فعلت جدتك .
وعندما حاولت الابتعاد عنه, امسك بيدها قائلاً:
- كلا لن افلتك , ليس قبل ان اقرر ذلك بنفسي فأنت ملكي الآن, لا تهتمي بشيء ابداً ستحصلين على مبتغاك قدر المستطاع.
حفل الاستقبال هذا انشغل به الطباخين طويلاً لاعداد الماكولات , كما اهتمت مارغوري باحضار الورود حتى بدا كل شيء رائعاً ماعدا العروس التي شعرت انها قد سجنت لمدى حياتها.
جلست بيبا مع شوان الى مائدة الطعام غير قادرة على لمس اي نوع من الاطعمة , ولكنها شعرت بالضعف عندما سمعت صوت شوان , وفكرت انه بعد بضع ساعات سيتوجهان الى روما ليمضيا شهر العسل القصير وهناك في غرفتهما سينتقم منها انتقامه العنيف.ريحانة
ظهر والدها بلياقته فوقف بين الجميع محاولاً القاء الكلمة المناسبة ترحيباً بصهره الجديد, بعدما انتهى والدها من القاء كلمته , جلس ليقف شوان بعده والقى كلمات موجزة ومضحكة امام كل المدعوين , وادركت بيبا من كلماته المبطنة انه عندما قال بأنه لن يفلتها ابداً, كان يقصد ذلك حقاً.