لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتملة (بدون ردود)
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية


موضوع مغلق
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (15) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-08-12, 03:45 AM   1 links from elsewhere to this Post. Click to view. المشاركة رقم: 36
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متألق



البيانات
التسجيل: Mar 2012
العضوية: 240258
المشاركات: 744
الجنس أنثى
معدل التقييم: طِيشْ ! عضو متالقطِيشْ ! عضو متالقطِيشْ ! عضو متالقطِيشْ ! عضو متالقطِيشْ ! عضو متالقطِيشْ ! عضو متالقطِيشْ ! عضو متالقطِيشْ ! عضو متالقطِيشْ ! عضو متالقطِيشْ ! عضو متالقطِيشْ ! عضو متالق
نقاط التقييم: 2673

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
طِيشْ ! غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طِيشْ ! المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي

 




السلام عليكُم و رحمة الله وبركاتهْ.
عساكُم بخير يارب و السعادة ترفرفْ بقلُوبكمْ ()"

سعيدة جدًا بكم وبكل عين تقرأنِي من خلف الشاشَة ممتنة لها وممتنة لوقتْ سمَحْ بِه قارئِي مهما بلغ عُمره أو جنسيته أو كان من يكُون .. ممنونَة جدًا لهذا اللطفْ الكبيرْ الـ تغرقونِي بِه في كل لحظة.
مُتابعتكُم شرف لي وشرف كبير .. أحمد الله وأشكُره على هؤلاء المتابعينْ .. والله ولو تابعنِي شخصُ واحد لـ قُلت : يابختِي .. كيف بـ كل هذه المتابعة الفاتِنة لقلبي وجدًا.

الله لايحرمنِي منكم و اعرفُوا أنكم تحلُون بـ جزء كبير من قلبي ()
شُكرًا كبيرة لهذا الدعمْ و من خلف الكواليس شُكرا على هذا الكم من التقييماتْ.



رواية : لمحتُ في شفتيها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية , بقلم : طيش !
الجزء ( 36 )

على خطوات رغبة
مدمره أتعثر ..

تلتهمني خيوط
أحلام داميه ..

ترعبني
بخيالات بشر
دفنوا تحت الثرى ..

يتساقطون أمامي
و يترنمون باسمي ..

بدأت أفقد نفسي
بيدي ..

ألوك الحقد
حلوى أتلذذ بها ..

مديرا ظهري
لرجاءات
كانت يوما
ما
تنير بصيرتي .

* وردة شقى




,

البارت 35 نزل يوم السبتْ في غير موعِده ، فإذا فاته أحد يرجع يقرآه ()

الغيمُ يظللها وهي تسير على الرصِيف ، أخرجت هاتِفها لتكتُبْ رسالةٍ نصية لرقمٍ يحمِل – بدون إسم – " غادة هربت مع وليد " , تلتها بإبتسامة و هي تلعنُ حظها في الداخل " بتشوفون كيف تلعبون عليّ " ، دخلت للصالُون النسائِي و هي تلفظُ بالفرنسية : أُريد صبغ شعرِي.
العامِلة : تكرم لنا عينك
أم رؤى : تحكين عربي ؟
العاملة الشقراء ذات البنطال الأسوَد و القميص الأسوَد و على ياقِتها الزخرفة التي تلوِّن جدران الصالون , بإبتسامة : فلسطينية
أم رؤى : يا أهلا فيك
العاملة : معك نسرين
أم رؤى : و أنا أمل
العاملة : نعمِل لك شعراتِك ؟
أم رؤى : إيه من فترة طويلة صبغته أبيض بس مانزلت الصبغة
العاملة بإستغراب : أبيض !! ماتتركي الشيب يجيك لـ شُو لاحئتُو *لاحقته*
أمل بضحكة : كان لشغل معيَّن وأضطريت أصبغه
العاملة : طيب مابدَّك شي تاني ؟
أمل : لا

,

في الصالة الداخليَة ، مُستلقِي على الكنبة ذات لونْ التُوت المُندَّسة في الزاويَة.
أغمضْ عينِه بتعبْ ، هي دقائق ما تفصلنا عن الواقِع و الخيال ، هي أحلام .. هي خُرافات أتعبنا العقل بتصديقنا لها.

الريفْ الفرنسِي الزاهِي ، فُندِق مُعلقَّة عليه المصابيح الصغيرة إحتفالاً بمهرجان الليمُون ،
يطرق الباب مرةً أخرى : غادة أفتحي والله ماهو قصدِي
ولا ردٍ يأتيه سوَى بُكائَها ، تسرَّب إليه الضمير اللاذِع وهو يهمس لها : لاتبكين بالحمام مكان شياطين !! ، طيب أطلعي خلينا نتفاهم
غادة بصوتٍ باكي : ماأبغى أتكلم معك بأيّ شي .. خلني بروحي
ناصِر تنهَّد : وبعدين يعني ؟ لا تحرقين لي دمِّي قلت لك ماكان قصدِي
غادة : كلكم زي بعض
ناصِر صمت لثوانِي والكلمة تحز في خاطِره كثيرًا : أنا مثلهم ؟
غادة و لا ترُد عليه و بكائِها تكتمُه و لكن مازالَ يُسمَع أنينه.
ناصِر بحدة : أفتحِي لا أكسره على راسِك
غادة : ماأبغى أفتح
ناصِر : 10 ثواني ياغادة لو مافتحتيه بكسره
ماهي الا 3 ثوانِي حتى أنفتح الباب بملامِحها المُحمَّرة من البُكاء.
ناصِر يمسكها من ذراعها و يسير معها للصالَة ,
غادة تسحب يدها وهي تتكتف : قلت لك من الأوَّل وجودنا هنا غلط
ناصِر : ماكان قصدي فهمتي على مزاجك
غادة : ماأبغى أفهم رجعني باريس
ناصر ينظُر إليها بنظراتْ تلعبُ في قلب غادة العاشق.
غادة شتت نظراتها بعيدًا عنه
ناصِر بجدية : لو أبِي ألمسك أنتي قدام عيوني 24 ساعة من سنين !! وماراح تقدرين تمنعيني
غادة تسقطُ دمعةٍ تلو دمعة : لا تكلمني بهالموضوع و كأن بيننا شي
ناصر : لأنك تفكرين باللي تبينه وبس !! ماتحاولين تهتمين بتبريراتي أو مقاصدي أنتي حتى ماتحسنين الظن فيني
غادة : أنا كذا ؟
ناصِر : أيه أنتي غادة أجل مين !! كل مرة تفهمين على مزاجك و تزعلين
غادة أرتجفت شفتيْها : طيب شكرا يجي منك أكثر
ناصِر : أستغفر الله بس
غادة : روح أحجز لك غرفة ثانية ماأنام معك بنفس الغرفة
ناصر : تعالي أضربيني بعد !! أصغر عيالك تأمريني
غادة : وتقولي ليه تسيئن الظن ! أنت شايف كيف تحاكيني
ناصر بعصبية : لأني طفشت منك و من حركاتك
غادة بنبرة هادِئة : طفشت مني ؟
ناصر : إيه والحين بتقولين ماتحبني وتبدين الموَّال
غادة : أكرررههههههك

أفاق من قيلولتِه شاهِقًا ، مرَّ والِده و عندما ألتفت توجَّه إليه مُرتعبًا من منظره : بسم الله عليك
ناصِر ويتنفس سريعًا و صدرِه يهبِط بشدَّة
والِده : وش شفت ؟
ناصر عقَد حاجبيه يسترجِع الحلمْ الذي أجتمع به مع غادة.
والِده : غادة ؟ .. يا ناصر كم مرة لازم أقولك الله يخلي لي شبابك لا ترهق نفسك ، بعد رمضان راح تمِّر سنة عليها وأنت للحين منت قادِر تستوعب
ناصِر : خلاص يبه روح لشغلك
والده : بروح الله يعيني عليك بس .. وخرج تارِكه
ناصِر يسترجِع تلك الليلة التي على الريفْ ، لم تكُن كما رآها أبدًا .. مازالت نبضاتِه تخفقْ بشدَّة.

في الشُرفة المُطلَّة على البحر ، تتغنجُ بين شفتيها أحاديثٍ و أين الشُعراء من قصائِد الشِفاه ؟
ناصِر يسحب هاتفها من بين يديها : لمرة وحدة أنشغلي فيني
غادة : طول عمري منشغلة فيك ولك و عشانك
ناصِر : أتركي الجوال طيب
غادة : أشوف عزوز كلَّم أبوي أو لأ أخاف يعرف أني هنا
ناصِر : قلت لك عزوز نايم بشقتِي و مرتِّب الوضع معاه .. تطمني بس
غادة أبتسمت : طيبْ
ناصِر : و بعدها ؟
غادة بضحكة : وش بعدها ؟
ناصِر : مافيه كلمة من هنا ولا هنا
غادة أشعلت الفرَح في صدرِ ناصِر بضحكتِها : شايف البحر شو كبير
ناصِر : ئد البحر بحبك
غادة : هههههههههههههههههههه أنا أحبك جدًا و كثير و وايد و كلش هواية .. و أيش بعد
ناصِر بضحكتِه أكمل : برشا و و بزاف و أوِي و كتير و قوَي
غادة : ههههههههههههههههههههههههههههههههه ولك عيني أنتا
ناصر : اشتريد اصير ؟ طير , اطير وياك هم اتحط والزمنـِّـك , تريد اتصير نجم بسماي ؟ هم تلمع وشوفنك
غادة : الله الله و من ورانا تحكي عراقي
ناصِر : هي قصيدة وحدة أزعجنا فيها عزوز على الرايحة والجاية , طاح بشي وعلق عليه
غادة : يازين اللهجة منك
ناصر ضحك وأردف : اشتريد اصير ؟ سمج بلماي تزوهر واصيدنك اشتريد اصير ؟ تريد اتموت اموت وياك كبل مااموت اصيح بصوت احبنك
غادة صخبت بضحكتها : من ورانا عزوز مطيِّح بالعراقي
ناصر : طيب ماعلينا من عزوز ردي على الكلام
غادة : ماأحفظ شعر عشان أرد عليك .. طيب ماتكفي عيُوني
ناصِر : عيُونك أحلى من كل الكلام أصلاً
غادة تقِف لتجلِس بجانِبه على نفسِ الكرسِي و البرد يعبثُ بأطرافِهم و الساعة تُوشك على الثالثة فجرًا
ناصِر أدخلها في - جاكِيته – لتضع رأسها على صدرِه و هي تُغمض عينِها و رُبما النوم يُريد التسلل الآن لجِفنها المُتعب.

تِلك الليلة و تفاصيلها الصغيرة تعبثُ بي ، لم نختلف أبدًا ؟ لِمَ أحلم بشيء مثل هذا !!!

,

تبحثُ بعينِها عن ضي ، تنهَّدت بإستغراب أن تخرج قبلها للعمَل , أخذت هاتفها لتتصِّل عليها
و لا ترُد ، أنشغل بالها من أن مكروهًا حدث لها
في جهةٍ أخرى ، وكُوب القهوة بينهُم ،
ضي : و محاضرات وقلق بس يعني يشغل الوقت
عبدالرحمن : الحمدلله
ضي : طيب وش صار مع بناتك ؟ أحس صاير شي
عبدالرحمن : لأ بس مشغول بالي
ضي : صايرة مشاكل بالشغل ؟
عبدالرحمن : تقريبًا
ضي : طيب أخذ إستراحة من هالشغل وإجازة و حاول هالأسبوع قد ماتقدر تنساه
عبدالرحمن : خلينا من الشغل قولي لي كيف اللي معك ؟
ضي : تقصد أفنان ؟ آآآآآ *بربكة* أقصد يعني اللي معاي بالشقة ؟
عبدالرحمن بهدُوء : أفنان مين ؟
ضي : أأأ
عبدالرحمن بحدة : أفناااان ميين ؟
ضي : ما أعرف إسم أبوها
عبدالرحمن بصوت خافِت غاضب : لاتكذبين عليّ
ضي بربكة : بنت أخوك
عبدالرحمن : وليه ماقلتي لي طيَّب ؟ لو رحت السكن عندكم وشافتني !! عمرك ماراح تآخذين شي يتعلق فيني بجدية يا ضي .. خرج من المطعم غاضبْ من تصرُفها الأحمق
ضي أخذت معطفها وبخطوات سريعة لحقته وبصوتٍ مُرتجف : عبدالرحمن
عبدالرحمن يلتفت إليها : ضي كم مرة لازم أفهمك ؟
ضي : ماكان قصدي
عبدالرحمن تنهَّد : أستغفر الله العظيم و أتُوب إليه
ضي : لاتزعل مني
عبدالرحمن ينظُر إليها و براءة ملامِحها تُسكِن غضبه
ضي : يعني أنا بعد لما عرفت أرتبكت ماعرفت وش أسوي وخفت أقولك وتتضايق مني
عبدالرحمن : تعوِّدي تقولين أي شي حتى لو يضايقني أحسن من أنه نتيجة كتمانك له تضايقني أكثر
ضي : ماراح أتعوَّدها
عبدالرحمن أرمقها بنظرات العتب و أكمل طريقه
ضي سارت معه وهي تُغلغل أصابع كفَّها الأيمنْ بكفِّه الأيسر : آسفة
عبدالرحمن : طيب .... أشار لسيارة الأُجرة حتى تقِف ودخلها معها
ضي أخرجت هاتفها ونظرت لإتصالات أفنان
عبدالرحمن : مين ؟
ضي : أفنان
عبدالرحمن و أخرج تنهيدة وتَّرت ضيْ
ضي أتصلت على أفنان : ألو
أفنان : وينك فيه ؟
ضي : زوجي جاء ورحت أشوفه ، أنا هالأسبوع بكون معاه يعني ماراح أجي الدوام
أفنان : كان تركتي لي خبر , أشغلتيني الله يشغل أبليس .. طيب حبيبتي أستمتعي بوقتك
ضي : إن شاء الله
أفنان : مع السلامة .. وأغلقته
ضي : عبدالرحمن
عبدالرحمن و فِكره مشغُول ، هُناك أشياء كثيرة ترتطم في بعضها البعض
ضي : خلاص عاد بتجلس كذا هي كلها أسبوع .. يالله أبتسم على الأقل عشاني
عبدالرحمن : ماني معصب بس قاعد أفكر
ضي : تفكر بأيش ؟ أفنان خلاص والله ماراح تدري
عبدالرحمن : يالله ياضي أشياء أنتي منتي فاهمة
ضي : زي أيش ؟
عبدالرحمن بقلة صبر : شغل شين غين لام
ضي بإبتسامة , تُباغته بقُبلة على خدِه
عبدالرحمن رُغما عنه – يروِّق – ما دامت ضيء تُشاغبه
ضي : أيوا كذا ...

,

على طاولة الطعام ، تضرب بالملاعق على الصحُون
عبير بتضايق : رتيل أزعجتيني
رتيل : تراها زا*ــة معي وواصلة
عبير : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه عادت حليمة لعادتها القديمة .. رجعنا لألفاظ الشوارع
رتيل : يارب لاتدبل كبدي على هالصبح
عبير : طيب شوي وتضربيني بعد ! خلاص آسفين .. وش صاير ؟
رتيل : كِذا صحيت و أنا معصبة
عبير تنظُر لشعرها الغير ملموم و على كتفِها مُتداخلة خصلاتِه وملتوية : واضح من شعرك
رتيل : ها ها ها ظريفة
عبير : هههههههههههههههههههههههه لا صدق وش فيك ؟
رتيل وهي تحاول ربط شعرها , متنهِدة
عبير : خليك من شعرك قولي وش فيك ؟
رتيل بتملل تركت شعرها عندما أستعصى عليها ربطِه بإحدى خصلاتِه : مو صاير شي أنا كذا نفسية
عبير : ترى ماهو زين تطلع لك حبوب على جبهتك بعدين
رتيل : يالله يا ثقل الدم
عبير : طالعيني
رتيل بعفوية رفعت عينها لها
عبير : كأني أشوف عبدالعزيز هههههههههههههههههههههههههههه
رتيل : سبحان الله لايقين على بعض بثقالة الدم
عبير : لايقين ؟ ليه صاير بينك وبينه شي
رتيل : طبعًا لأ ، مين هو عشان يصير بيننا شي
عبير : مدري عنك ! أخاف تسوينها بعد
رتيل : لا حول ولا قوة الا بالله .. لاتدخلين في مخي عبير ترى صدق مانيب رايقة !! أبوي متى يرجع بس
دخلت أوزدِي من الباب الداخلِي ، بيدِها ساقْ دُون بتلاتِ الزهرة وملفُوفة بشرِيط رقيق باللونْ الزهري.
أوزدي بـ - تميلح خادمات - ، تغنَّجت وهي تغمزُ لرتيل : for you
رتيل رفعت حواجبِها لتمايُل أوزدي : خير أنتي تحسسيني صايدة عليّ شي
عبير تأخذ الساق الذي لا يحتوي على وردة : ههههههههههههههههههههههههههههههههههههه أشهد أنها رومانسية سعوديين
رتيل تسحبها من يد عبير : كلب
عبير بجدية : لا تكلمينه ولا تفكرين حتى !! ترى من الحين نبهتِك
رتيل : طبعًا لأ وش فيك بعد أنتي الثانية
عبير : أذكرك إذا نسيتي .. وتوجهت للمغاسل
رتيل عضت شفتها بقوَة وألتفتت لتجِد أوزدي مبتسمة صرخت عليها : أنقلعي عن وجهي ... تمتمت : ناقصني أنتِ , طيب يالكلب الثاني ... سمعت صوت سيارته
هذه المرة حتى ضميرها و رادِعها الديني لم يقف أمامها ، : هيييه أنت
عبدالعزيز و يقترب من سيارتِه وألتفت وعيناه تُغطيها النظارة الشمسية : ماأعرف أحد بهالإسم
رتيل بسخرية : ظريف الله يسلم خفة دمك
عبدالعزيز أبتسم بإستفزاز : صباح الورد
رتيل : شف أنا مانسيت وش صار أمس ولا راح أنسى !! وتحسبني بسكت , لا ياعُمري أبوي راح يعرف وهددني بإللي تبي مايهمني
عبدالعزيز ببرود : طيب
رتيل بغيض تُريد أن ترى عيناه لتفهم شعوره أكثر : والتبن اللي جبته اليوم
عبدالعزيز يرفع نظارته على شعره القصير : لآلآ كِذا تسيئين لنفسك
رتيل تنظر له بإستغراب
عبدالعزيز : الوردة مايعطونها وردة فقلت خلاص أعطيك بس ساقها
رتيل و أشتعلت من داخلها
عبدالعزيز مسَك نفسه من الضِحك : مُشكلة السيئين في الحياة مايحبون يكونون بروحهم لازم يجرُّون واحد معهم
رتيل : وش تقصد
عبدالعزيز : ماراح تفهمين
رتيل : إيه طبعا ماراح أفهم كلام الكلاب اللي زيِّك
عبدالعزيز : لأ عشان شعرك الحين ضاغط على المخ فيبطىء الإستيعاب
رتيل قبضت كلتا كفوفها وهي تُغمض عينها لا تُريد أن تغضب
عبدالعزيز يتأملها كيف تمتص غضبها وصخب بضحكته ليُردف : أدخلي لا تفجرك الشمس .. ماهو ناقصك أبد
رتيل ولم تمسك لسانها : كلب تبن معفن *** **** و بعد خـ****
عبدالعزيز : ههههههههههههههههههههههههههههههه الله محيي أصلك
رتيل ورمت عليه ساق الزهرة ,
عبدالعزيز ينحنِي ليأخذها : عاد والله تكلفت بالشريطة
رتيل : سامج
عبدالعزيز أبتسم وهو يدخل سيارتِه و يخرُج
رتيل تنظُر إليه إلى أن أختفى عن عينها : أووووووووووووووووووووف .. دخلت للداخل
عبير : ماهو من جدِّك طلعتي له بهالمنظر !!
رتيل تنظر للبسها : يختي ضايقة فيني ومعصبة مافكرت
عبير : ولو بس فيه حدود مين هو عشان تطلعين له بهالصورة ؟
رتيل : ياربي ياعبير الله يرحم لي والديك لا تشتغلين عليّ بعد
عبير : وش قلتي له ؟
رتيل بكلمات سريعة غاضبة : كلب معفن حقارة الكون كلها تجتمع فيه
عبير : ليه ؟
رتيل : هو يبغى يقهر أبوي فيني الله يقهر عدوينه .. يختي كلب بس ليه أحبه
عبير ضحكت على كلمتها : والله عاد أسألي نفسك
رتيل : لازم أكرهه والله لازم

,

في مجلِسه ، الصمتْ يُدار بينهم
عبدالمحسن تنهَّد : بوبدر
سلطان رفع عينه له
عبدالمحسن : من جيت وأنت ساكت ، أبي أتفاهم معك بهدُوء
سلطان : قلت لك من قبل الجوهرة مالها طلعة من هنا
عبدالمحسن : بس هذي بنتي وماراح أرضى تكون هنا وأنت بداخلك ماتبيها
سلطان بصمت يُشتت أنظاره
عبدالمحسن : ماراح تجبرها تعيش عندِك !! و بناتي ماينغصبون على شي يا سلطان
سلطان تنهَّد بضيق : و هذي زوجتي
عبدالمحسن : زوجتك !! تضحك على مين بالضبط ؟
سلطان : تبيني أطلقها ؟
عبدالمحسن : إيه
سلطان : طيب أبشر بس ماهو الحين
عبدالمحسن : وليه ماهو الحين
سلطان : و أنا ماتعوَّدت أحد يجبرني على شي
عبدالمحسن : يا سلطان مانبي مشاكل وفضايح يكفي إلى هنا .. أنا طالبك
سلطان و هذا الطلب يُحرجه
عبدالمحسن : طلقها وكل شخص يشوف حاله ، لاتضحك علي وعلى نفسك , مستحيل ترضى تعيش معاها
سلطان و قلبه يشتعل بمرارة
عبدالمحسن : خلها ترجع معي الشرقية اليوم
سلطان بصمت
عبدالمحسن : لا تردني
سلطان : أبشر
عبدالمحسن : تبشر بالجنة
سلطان : أجِّل الطلاق لبعدين ، وماراح يصير الا اللي يرضيك
عبدالمحسن : طيب .. خل أحد من الخدم يناديها
سلطان وتوجه للخارِج ، ورغبته قادتُه للأعلى .. مشى بخطواتٍ ثقيلة حتى وقف عند بابِها ، فتحه دُون أن يطرِقه
نظر إليها وهي مُستلقية على السرير , عيناها مُحمَّرة و خصلاتُ شعرها حولها ، تلفٌّ شعرها حول إصبعها وغارقة في التفكِير.
أنتبهت و كتمت أنفاسها وهي تراه ، الخوفْ و الرهبة تدبُّ في قلبها
سلطان : جهزي نفسك
الجوهرة تنظُر إليه بخوف مما يجرِي الآن
سلطان : أبوك ينتظرك تحت
الجُوهرة وعيناها مُعلقة بعينِه ، تبكِي بشدَّة وكأنها تتوسَّل إليه بالغُفران.
سلطان واقِف ، ثابت ، مُتزن ، مكسُور ، مقهور ، ينظُر لعينها دُون أن يرمش
الجُوهرة بلعت ريقها و الرجفْة تُسيطر على شفتيها ، ملامِحها تترجاه
لا يُدار بينهُم شيء ، عيُونهم تتحدَّث.
كُل هذه الدُنيـا لأجلِك أٌقدمها ، أن أراك ، أقترب مِنك ، أن ألفظُ – أحبك – ولو للمرة الأولى في حياتِي وتكُون لك ، أنتْ يا صاحِبْ الحُب الأوَّل .. كُنت أرِيدك و لكِن أنتَ نبذتنِي من قوامِيسك ، لم يُشرِّفك يومًا أن ترتبِط بمن هو شاذٌ عن شرقيتِك المُتغطرسة ، لو تمُّد يدِك إليّ و تقُول – سامحتك – لو تتنازَل قليلا عن كبريائِك.
ألتفت ليُعطيها ظهره ، خرج من الغُرفة واقِفًا عند الدرج
أرتفع بُكائها بمُجرد خروجه وهي تضع كفوفها على شفتيها لتصدّ شهقاتها ،
يسمع لبُكائها عاقِد الحاجبيْن ، وقف دُون إتزان وهو يسنِد كفِّه على مقبض الدرج.
الجُوهرة وبشدة بُكائها نزف أنفها ، تمنَّت لو عانقها ، لو فقط يُزيل بعض التعب عنها ، لم تتمنى أن يحمل عنها أحدًا مشقة ولكن أرادته هوَ أن يقُول – أنا معاك – تمنَّت أن تسمعها و تسقُط كل هذا الضيقْ مِن قلبها.
أتجهت للدولاب ، لم ترغب بأن تأخِذ معها شيء وهذا لا يعني أنها تثق بالعودة هُنا ولكن تُريد أن تتركها له ولا تحتفِظ بشيئًا للذكرى ، أرتدت عبايتها ووضعتْ بعض الضروريات في حقيبة اليَد ، وقفت أمام المرآة لتمسَح دمُوعها ورفعت رأسها للسقف حتى يتوقف نزيفُ أنفها ، مازالت آثار ضربه و جروحه على ملامِحها ، تجاهلتها لا تُريد العودة للبُكاء.
نزَل ليتجِه لعبدالمحسن ،
عبدالمحسن رفع عينه المتلهفة للجوهرة ، وتساءل : وينها
سلطان : جاية .. أخذ كأس الماء وأفرغه بفمِه
عبدالمحسن : قدرك يا سلطان عارفه وسواءً كنت زوج بنتي أو لأ , قدرك في قلبي مايتغيَّر و هذا الأحسن لكم أنتم الإثنين
سلطان ينظُر إليه بضياع حقيقي
عبدالمحسن وبصوت المقهور : و بنفسي أنا بآخذ حقها إن كانت مظلومة و إن كانت غير كذا ماراح تفلت من عقابها
سلطان و لا يرد بحرف و عيناه هي من تحكي
عبدالمحسن رفع عينه لحضُورها و مرتدِية نقابها ، لا تُريد أن يراها والِدها بوجهٍ مكسُور.
سلطان ألتفت عليها و شتت نظراته عنها
عبدالمحسن وقف و بحنيَّة أخذها لحضنه و هو يُقبِّل رأسها
الجُوهرة و هذا ماتحتاجه لتحفَر أصابعها بصدِره و تبكِي كالأطفال
عبدالمحسن بصوتٍ خافت : ياروح أبوك
الجُوهرة و بدأ يخرُج أنينها
سلطان و ينظُر لشاشة البلازما المُغلقة التي تعكُس بسوادها منظر عناق عبدالمحسن بإبنته ، يكاد ينفجِر في داخله عكس البرود المُرتسِم على ظاهره
عبدالمحسن : خلينا نمشي
بهمس أجابته : بس دقيقة
عبدالمحسن فهم مقصدها : أنتظرك برا .. وخرَج
وقفت وصدرها يهبِط بشدة ، نبضاتها تتعالى و قلبها يصرخ كـ جنينٍ تائه في رحمِ عقيم ، بصوتٍ مبحوح يكاد لا يُسمع : سلطان
صامت لا يُرد و عيناه على النافِذة الآن.
الجوهرة ببكاء : ظلمتني كثير
سلطان ألتفت عليها وهو جالِس وبصوتٍ لايقل عن بحتِها ، هذه بحة القهر وهي تُجاهد أن تخرج : الله معك
الجوهرة ودمُوعها تتناثر : بس ؟
سلطان و عيناه مرةً أُخرى تتلصص على عينيها
الجُوهرة برجفة فكوكها : تذكر لما قلت لي أحسني الظن فيني .. أحسنته كثير لين شفت خيبتي معك ، بأول موقف تخليت عنِّي ، بأول لحظة أحتجتك فيها درت ظهرك عنّي ، ليه تسيء ظنك فيني ؟ ليه ماصدقت دموعي وبكاي ؟ ليه ماحسيت فيني لما كنت أبكي مفزوعة من أحلامي ؟ ليه ماقلت أنه فيه أشياء كثيرة منعتها تقول !! ليه طعنتني كذا ! أنا لو ما .. . . . *أرتعشت من كلمتها كيف تلفُظها* أنا لو ماأشوفك زوجي ما قلت ! ماتكلمت ! لو أني راضية ما شفتني أتعذب ، الله يصدقنِي يا سلطان يوم كذَّبتني ! الله يعرفني و يعرف نيتي .. ويعرف مين ظلم الثاني .. ماأبي منك شي ، بس لا تطعن في شرفي أكثر .. لاتطعنه يا بو بدر وأنت اللي ماترضى على حلالك بالغصيبة . . . وخرجت
سلطان مازال في مكانِه ، أمال الطاولة التي أمامه لتسقط دلَّة القهوة و الفناجينْ ، تناثرت على الأرَض ، لو يرى شخصًا أمامه لقطَّعه بغضبه ، في موضوعها هذا لم يغضبّ كشدة غضبه هذه و هو يرَى كيف رُوحه تشتعل و لا تُبقي خليةٍ في رأسه يُفكِّر بها.


,

صحَت مفزُوعة ، تنظَر لجانبيْها وكأنه حقيقة.
بصوتٍ مبحوح : ناااااصر
لم تجِد ردًا ، لم تسمع أحدًا ، توجهت للحمام وهي تُبلل وجهها بالماء البارد بعد أن أرتفعت حرارة جسدِها بما حدث لها في المنام ، فتحت باب غُرفتها لتجِد ولِيد أمام شاشة – اللاب توب – و غارق بالعمل.
رؤى : عبدالعزيز
ولِيد ألتفت عليها وبإبتسامة : صباح الخير
رؤى تنظُر إليه بتشتت : وين ناصر ؟
ولِيد ترك ما بيده ليقف أمامها : ناصر !!
رؤى : وينه ؟
وليد : مسافر
رؤى ودمُوعها تتناثَر على خدها : لا تضحك عليّ وينه
ولِيد بتشتت هو الآخر ، ينظُر لضياع عينيْها
رؤى برجاء : أبي أكلمه أبي أسمع صوته
ولِيد : رؤى
رؤى تصرخ : أنا ماني رؤؤؤؤى لا عاد تقولي رؤؤى
وليد : طيب سارا . . .
رؤى : مانييي سارا بعد
وليد : طيب أجلسي وأهدِي بتفاهم معك
رؤى : أنتوا ليه تكذبون عليّ .. أبي ناااصر جيب لي نااصر
وليد تمتم : حسبي الله ونعم الوكيل
رؤى جلست على ركبتيها و ببكاء : وين ناصِر !! قولي بس وينه
ولِيد يجلس على الأرض بجانبها ليُجاريها : بدق عليه وأخليه يجي
ضياعٌ يُشتتها و إغماءة تُسقِطها بقاعٍ مجهُول ، شخصُ تراه و شخصُ تسمعه و شخصٌ تُحادِثه و لا شخصٍ قادِرة على عناقه.
,
تلتحِفْ فراشِها و تُغطِي جسدِها باكمله , لا تُريد النوم ولكن تُريد الخلاصُ منه.
يُوسف : مُهرة
لا ترُد عليه
يُوسف : قومي معاي ننزل تحت
مُهرة بحدة : ماأبغي
يُوسف : تعوذي من الشيطان و قومي
مُهرة : قلت ماأبغى
يُوسف : لاتورطيني معك من أمس ماكليتي !
مُهرة بصوت خافت : مهتم حيل
يوسف وسمعها ليقترب مِنها ويسحب الفراش
مُهرة بعصبية : ماتفهم أقولك ماأبغى آآكل شي
يُوسف يمسكها من ذراعها : إن شاء الله بتآكلين
مُهرة تسحب يدها مِنه وبنبرة غاضبة : لا تلمسني
يُوسف و الحِلم ينزل عليه لدرجة أن يصبِر على صوتها المُرتفع عليه : غيري ملابسك وأنزلي معاي
مُهرة : يعني بتجبرني آآكل بعد ؟
يُوسف بحدة : إيه اجبرك
مُهرة : متعوِّد على الغصب
يُوسف وفهم قصدها جيدًا ،
مُهرة و شعرتْ بألمٍ أسفل بطنِها ، عقدت ملامِحها بالوجع لتُردف : ماني محتاجة حرص منك على أكلي , أنا أعرف مصلحتي
يُوسف تنهَّد : لا حول ولا قوة الا بالله
مُهرة أسندت ظهرها على السرير وهي تضع كفوفها على بطنِها ، كتمت نفسها حتى لا تُبيِّن وجعها
يُوسف خرجَ لينزِل للأسفَل ،
والدته : وين مهرة ؟
يوسف : ماهي مشتهية .. وأنا بعد بروح أجلس عند أبوي
والدته : أكل لك شي بسيط على الاقل
يُوسف : يمه تكفين والله نفسي منسَّده .. قبَّل رأسها و توجه للمجلس
هيفاء : متهاوشين وقولوا هيفاء ماقالت
والدته : بلا لقافة
ريم بحالمية : يعني ريان يناديني على الغداء أجلس أكابر وأقول ماني مشتهية
والدته : نععم !!
ريم بلعت ريقها : لآ بس أقول


,

الثالِثة عصرًا ، الرياض الصاخبة التي لايسقطُ بِها جفنٍ لتهدأ.
يركضُ بجانبه ، هذه الساعة الثانية و هم يجرُون على الأرضِ الغير مستوية
لا يُدار بينهم حديث ، يجزم بأنَّ سلطان مُتفجِّرة أعصابه و هذا واضِح جدًا
الآخر لا يُفكِر بشيء ، لا شيء يهُمه ، عندما تتكاثرُ خيباتِك تفقد الشعُور ، تُصبح سهلاً جدًا بأن تبتلعِك اللامُبالاة.
وقفْ عندما أنتهى الوقتْ للجري اليومي ، وعيناه تنظُر لسلطان الذي يُكمل الجرِي مرةً أُخرى.
يُريد الهرب ، يحاول أن يشغل نفسه لاشك في هذا ، لمَ نحنُ عندما نفقد خياراتِنا بالحياة نهرُب ؟ حتى أقوى شخصُ بِنا و أشجعهم يهرب ! ليس الهربْ بمفهومِ البُعد عن كُل من حوله ولكن الهرَب بالتفكير.
عبدالعزيز و أنفاسه المُتعبة ترتفِع و مازال يتأمل سلطان ، يمُّر بمُشكلة ؟ إن كانت تخص العمل لِمَ لا أعرفها ؟ رُبما شأن عائلي ، تنهَّد و هو يلفّ خصرِه بالحزام العريض حتى يربط الحبال بِه و يتسلَّق البُرج الأعلى بينهُم.
هوَ الآخر وقفْ ، توجه لساحة الرمِي ، شغَّل الآلة التي ترمي الدوائِر البلاستيكية في الأعلى و هو يصوِّب عليها ليُصيبها قبل أن تسقِط على الأرض.
يزفر غضبه بإجهاد نفسِه ،

،

بعد أن سأم من تكرار إتصاله عليه ولا يرد أرسل له – عزوز بس تفضى كلمني –
ينظِر للأرضِ البيضاء التي ستحوِي المسجِد ، واقِف هُنا منذ ساعات ، و كأنَّ اللقاء سيحصِل الآن
ودّ لو يُسافر لباريس حتى يٌقبِّل قبرها ، أبتسم تلك الإبتسامة .. تِلك التي ترتسِم على الصالحين اللذين يودِّعُون الحياة ،
في داخِله أحاديث تُنسَج ، أحاديث ميتَة تخشى الحياة أن تلفُظها
غادة ؟ لم أُحببك شخصًا عاديًا ، لم أُحببك لأسبابٍ مُعتادة بين الجميع ، أحببتُك مُختلفة مُتفرده , لم أُحبك من طيش ، لم أقع في حُبك أنا مشيتُ إليه بكامل إتزانِي لأنضج بِك ، و بعد هذا ؟ لم يكُن فراقِك أيضًا عاديًا ؟ والله لم يكن سهلاً عليّ أن أقول وداعًا ،
لم يكُن سهلاً أبدًا ، أفنيتُ الحياة أنتظِر تلك اللحظة التي ترتدِين بها الفستان الأبيض ، لحظة دخٌولك لحياتِي ، كُنت أعِّد الدقائق والثواني لذلك اليوم ، كنت أريد أن يشهد الجميع على حُبي ، كُنت أريد أن أحتضِنك و أُقبِّل فستانِك ، كُنت أريد أن أعيش تلك اللحظة بكامل تفاصيلها ، قضيْتُ أيام أُفكِّر ماذا أقُولك لك في ليلة زفافنا ، ماذا أُخبرك ؟ أُحبك يا من خُلقَت ليْ أو ماذا ؟ لأنَّ حُبنـا يسمُو عن الحدِيث المُعتاد ، فكرتْ ولم أصِل سوَى – أن أُقبِّل عيناك و أهمسُ لها – كفيفٌ دُونِك أرشديني و صمٌ بكمٌ لغيرِك حدثيني وأسمعيني ، مُكابِر أسقطي غروري ، كسيرِ رمميني بقُبلَة و أحبيني.
كُنت أحفظ ما أقُول لكِ لكن ما لمْ أحفظه هو كيف أقول – أجرنا و أجرك – لمن يُعزيني بِك في حفلِ زفافنا !
, *سقطت دمُوعه وهو يتذكَر تِلك الليلة ، تحشرج قلبِه بأفكارِه.
نزَل من السيارة ، عبر الطريق للأرضِ الخاوية و صلَّى ركعتيْن ممنِّي نفسه بأن أجر صلاتِه يُرسَل لها.

,

سلطان بضحكة وهو يجلس بجانبها : وأنتي تفكرين تهربين مني ؟
الجُوهرة بحرج توترت و ريحة العُود تخترق أنفها
سلطان ينظر لشيءٍ خلف الجُوهرة : خربت نومي والله
الجُوهرة ألتفتت ولكن هذه إحدى حيَل سلطان حتى يُقابل وجهه وجهها , باغتها بـ قُبلة عميقة
أغمضت عينها تُريد أن تحيَا الحُلم ولو لمرة وكفوفها مرتخية على صدره , أول قُبلة , أول شعُور , أول عناق .. هذا من المُحال نسيانه .. رجُلِي الأول في قلبي لا يُنسى منه شيء | حتى أبسط الأشياءِ و أصغرها.
أغمض عينه لأنثى وحيدة فريدة .. الحروف تتساقط من شفتيه وتعبر شفتيها بسكُون , تلتحمْ شفتيه بشفتيها , قُبلة ذات معنى عميق بداخله و داخلها.
أخبرهُم أنني أراك الوطنْ و شيء تلاشى قد عاد يُدعى : أمان .. أخبرهُم أنني أخاف حُبّك .. أخبرهم أنه قلبِي يريدك لكن الحياة لا تُريديني معك و الحُب لا أناسبه ولكنني أراك بِه.

أفاقتْ مع صوتِ والِدها : رايحين مكة
أخرجت زفيرها مُرتاحة : صدق !
عبدالمحسن : إيه
الجوهرة : الحمدلله انك هنا
عبدالمحسن أبتسم لها بشحُوب وهو يكمِل طريقه مُبتعِدًا عن الرياض بعد أن مزَّق تذكِرة سفره للدمام.


,

نجلاء بكُره : أحسن بعد
ريم : لآ حرام مسكينة شكلها تعبانة صار لها يومين ماتنزل تحت
نجلاء : مررة مسكينة ، هذي الأشكال من تحت لتحت لا تغرِّك
هيفاء : لآيسمعك يوسف بس
نجلاء : هذا الصدق ليه تزعلون منه ؟
ريم : والله ظالمتها ! يعني هي عليها حركات وكذا بس عاد ماهي حقودة أو ممكن تضرنا
نجلاء : تحسبينها مبسوطة وهي جالسة هنا وتحسب منصور قاتلها ! إلا كذابة تنافق تلقينها راعية سحور بعد
هيفاء : يالله نجلا وش هالحكي ، مفلمة مررة وش سحره
نجلاء : أنتم والله المساكين تنخدعون بسرعة ! بكرا تروحين الدمام وبسرعة يخربون بينك وبين ريان ! لاتصيرين طيبة بزيادة
ريم بربكة : ومين بيخرب بينا ؟ هو ولدهم الوحيد
نجلاء : أنا قلت لك وكيفي
دخل منصُور على كلمتها الأخيرة : مساء الخير
: مساء النور
منصور جلس بجانب نجلاء : لايكون قطعت عليكم ؟
هيفاء دُون أن تلقي بالا بما تقول : ماقطعت علينا الا جيت بوقتك ، مرتك قامت تخرف
نجلاء أشارت لها بعينها أن تسكت : بسم الله عليّ
هيفاء أنتبهت وسكتت
منصُور : وش عنه تسولفون
هيفاء وقفت بتهرب :انا صاعدة غرفتي .. وخرجت
ريم لحقتها : أنا بعد
منصُور بشك ألتفت على نجلاء
نجلاء : وش فيك تطالعني كذا ! كنا نسولف عن ريان زوج ريم
منصور : بس ؟
نجلاء : إيه بس .. يعني عن مين بنسولف بعد
منصور : مدري أسألي حالك

,

يأخذ لوحاته المرميَة في المُلحق الخارجِي ، وصعد بهم ، وقف أمامه : يا شقا قلبك يا ولد موضي .. أنت وش فيك ماتفهم ! يخي ريحتهم صكَّت راسي ماعاد أنام زي الناس من الريحة
هو : أبعد
الآخر : قلبي أرتجف من صوتك
وضع اللوحات جانِبًا ليلكمه على عينه : عسى أرتجفت الحين
الآخر : يا ولد اللذينا .. ويُمسكه من ياقتِه ليتخانقَا على الدرج ، بدأت الدماء تنزف من ملامِحهم من شدة ضربهم لبعض ، وكأن أحقادًا تُجرى بينهم.
أبتعد عنه وهو يمسح شفتيه النازفة :أنا أعرف كيف أوقفك عند حدِّك مسوي لي فيها !! اليوم أبوك بيوصله علم بنت عبدالرحمن وساعتها شف لك صرفة
هو : قوله و أنا مانيب متردد أني أقوله عن فضيحتك بعد
*: تهددني ؟
هو : أنقلع عن وجهي بس .. أخذ لوحاته ولكن دفعه من الخلف ليسقِط على اللوحاتْ ، المجهول الكئيب لم يتردد لحظة بأن يكسر لوحاته على رأس من يُهدده


,

دخل بيته راميًا مفاتيحه جانبًا ، ينظُر للظلام الذي يحفِّه . . يكاد يختنق من الوحشَةِ ،
نظر لهاتِفه وأجاب : هلا بهالصوت
: هلا بالقاطع
سلطان بضحكة أردف : والله أنشغلت يا عمري يالله ألاقي وقت أحك فيه راسي
: الله يحفظك ويريِّحك ، قولي وش أخبارك ؟
سلطان : بخير الحمدلله أنتي وش مسوية ؟
: إن شاء الله قبل رمضان أنا عندكم
سلطان : هذي الساعة المباركة
: ومنها أشوف الجوهرة
سلطان توتَّر : لا هي ببداية رمضان بتكون عند أهلها
: حامل ؟
سلطان : مين ؟
: بعد مين ؟ قصدي الجوهرة يعني رايحة لأهلها كذا
سلطان : لا مافيه شي زي كذا
: علينا ؟ ترى عمتك ماتحسد
سلطان : ههههههههههههههههههههههههه صدق مافيه شي
عمته : مشتاقة لسوالفك ! تكلم قولي وش صار وش ماصار ولا تقولي أنك بتنام
سلطان بتعب جلس بالصالة المُظلمة : لعيونك نسهر
عمته : العنُود خلصت الماستر
سلطان ببرود : مبروك
عمته بجدية : سلطان مانبي مشاكل لا جت
سلطان : وأنا وش دخلني فيها خلي بنتك تلتهي بحالها وتكفيني شرَّها
عمته بعتب : هي يجي منها شر ؟
سلطان : طيب متى بترجعون ؟
عمته : الوصول بتوقيتكم 9 ونص بليل بكرا
سلطان : توصلون بالسلامة
عمته : الله يسلمك ، طيب سولف لي عن حياتك مع الجوهرة ؟
سلطان : تلفين وتدورين عليها
عمته : ولدي وبتطمن عليه
سلطان : أنتي على المشتهى مرة ولدك و مرة أخوك ومرة زوجك
عمته : هههههههههههههههههههههههههههه لأنك كامل والكامل الله
سلطان : إيه أضحكي عليّ بهالكلمتين
عمته : يالله قولي بيذبحني الفضول
سلطان : وش تبين تعرفين ؟ مافيه شي !! عايش والحمدلله
عمته : بس للمعلومية مابقى شي وتدخل سن اليأس
سلطان أنفجر ضِحكًا و رُبما هذه الضحكة غابت فترة طويلة ليردُف : سن اليأس لكم
عمته : يالله عاد فرِّحنا نبي بيبي يحمل إسمك
سلطان : الله كريم
عمته : بسألك
سلطان : سمِّي
عمته : غرفة سعاد للحين موجود ؟
سلطان تنهَّد : سكري على الموضوع
عمته : بتأكد بس
سلطان : حصة الله يخليك سكري لنا على الموضوع
عمته : عمتك حصة ماهو حصة حاف
سلطان بسخرية : أبشري يا عمتي
عمته : تتطنز وماتشوف نفسك , اللي بعمرك عيالهم بالجامعة
سلطان : خافي الله من الكذب !! متزوجين وأعمارهم 10 سنين !
عمته : نفس أبوك الله يرحمه ماتزوج الا بعد ماطلعت روحنا وجلس 5 سنوات يقول أنا جالس أكوِّن نفسي عشان أصير أبو
سلطان بضحكة : وأنا كذا
عمته : الحمدلله والشكر يصير عمرك 50 وللحين تكوِّن نفسك !!


,

رتيل تُحادثه : لآ ولا شي
والِدها : المهم أنتبهوا على نفسكم ومافيه طلعة
رتيل : أبد منقبرين في البيت
والِدها : هههههههههههههههههههههههه حلو
: عبدالرحمـ .. لم تُكمل وهي ترى الهاتِف
رتيل : أفآآ يالغالي من ورانا هههههههههههههههههههههههههههههههه مطيِّح مين بالضبط ؟
والِدها ويحاول يمتص غضبه من صوتِه : وش اللي من وراكم ؟
رتيل : مين هذي ؟ هههههههههههههههههه
والِدها : محد
رتيل : يبه ماأكذب إذني سمعتها وهي تقولك عبدالرحمن .. مين قدِّك انا قربت أصلا أنسى إسمك
والِدها : آهآآ تقصدين هذي اللي تشتغل بالفندق حافظة إسمي
رتيل بسخرية : وسعودية بعد ؟ ماشاء الله التوظيف هناك توب
والِدها : تتطنزين !!
رتيل : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههه محشوم أفآآ عليك ، بس قولي ماراح أقول لأحد
والدها بغضب : تستهبلين أنتِ !! أقولك عن مين
رتيل : خلاص خلاص ماعاد بعرف , بس الله الله لا تضيِّع الزبدة منك *الزبدة = البنت*
والِدها مسك ضحِكته ليقُول بصوتٍ حاد : رتيييل أعقلي
رتيل : هههههههههههههههههههههههههه وش عليك مجدد الشباب بباريس
والدها : كذبتي وصدقتي كذبتك
رتيل : الله أعلم عاد مين صدق كذبته
والدها : تكلمي معاي زين
رتيل : طيب أرسلي بالواتس آب صورة المنظر اللي قدامك
والدها : يعني مسوية تحجرين !!
رتيل : ههههههههههههههههههههه بس أبغى أشوف
والدها : أستغفر الله العلي العظيم
رتيل : الحق الزبدة لا تذوب هههههههههههههههههههه ... خلاص بسكت
والدها : تكرمينا والله
رتيل : وش دعوى ؟ زعلت علينا !! المهم يبه لاتطوَّل ماينفع رمضان يبدأ بدونك
والدها : إن شاء الله
رتيل : تآمر على شي
والدها : سلامتك
رتيل : الله يسلمِك ، مع السلامة يا عبدالرحمن *أردفت كلمتها الأخيرة وهي تقلد الصوت التي سمعته*
والدها ضحك و أغلقه
ضي بتوتِّر : ماكنت أدري أنك تكلمهم
عبدالرحمن : هالمرة عدَّت
ضي : كنت بقولك العشاء جاهز
عبدالرحمن وقف : ماجلست يومين عندِك وبغيت أنفضح عند بنتي وبنت أخوي
ضي تضايقت من كلمتِه و كأنها عالة عليه ، وقفت تنظُر إليه وهو يسير بإتجاه طاولة الطعام الدائرية
عبدالرحمن ألتفت عليها : وش فيك واقفة ؟
ضي جلست بمُقابله و الضيق يرتسم بين ملامِحها
شعَر بوقع جملته عليها : ماكان قصدِي
ضي بإبتسامة تقاوم دموعها وهي تخفض رأسها : لا عادي ..
عبدالرحمن : ضي طالعيني
ضي بمُجرد أن تلاقت عينها بعينه , نزلت دمُوعها
عبدالرحمن وقفْ مُتجِها إليها وهو يمسَح دموعها : آسف
ضي بعتبْ : صاير تتثاقل تجيني والحين حتى لما جيتني صرت تهاوشني على أتفه سبب
عبدالرحمن ولأنه يدرك خطأه ، سكت
ضي ببكاء : ماأبي منك شي كبير كل اللي أبيه إهتمام لو شويّ
عبدالرحمن يسحبها لصدرِه ويُقبَّل رأسها : حقك عليّ
تتعلق به كـ طِفلة : بدونك أضيع والله أضيع و أنت صاير مايهمك أيّ شي يتعلق فيني
عبدالرحمن : ماهو مسألة مايهمني بس مضغوط من الشغل و المشاكل ماني قادر حتى أتحكم بعصبيتي
ضي : سوّ اللي تبيه بس لا تكون جاف معي كِذا !!
عبدالرحمن : إن شاء الله ، . . أبعدها عن حِضنه وأبتسم لها . . ماأبي أشوفك تبكين مرة ثانية

,

الكعبة ، أمام عيناها ، تنظُر إليها بشوق ، أخذت شهيقًا وكأنه أعاد إليها بعض من الفرَح المنسي في قلبها ، كبَّرت لتُصلِي ركعتان شُكر قبل أن يُؤذن الفجر ، في أولِ سجدةٍ لها ، أطالتها دُون أن تنطِقَ حرفًا ، بكت بشدَة لأن تشعُر بأن الله وحده من سيرمم كسرَها و متأكدة من ذلك ، رتَّلت في سجدتِها بخفُوت لايسمعُها أحدٍ سوَى الله ، تُريد أن تختلِي مع نفسِها و أن تبُوح ما بها دُون تضييق أو تقييد ، قالت " الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ , رَبَّنَآ إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلْظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ , رَبَّنَآ إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ ءَامِنُوا بِرَبِّكُمْ فَاَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاَتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ , رَبَّنَا وءَاتِنَا مَا وَعَدْتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ "
اللهم أجعلنِي منهُم ، اللهم يارب .. ياربي يا حبيبي أجعلنِي منهُم.

,

عبير تمسحُ رسائِله و كأنها تُريد معاقبة نفسها حتى تُجبر ذاكرتها على النسيان ، تنهَّدت و هي تحذف آخر رسالة له ، تشعُر بالضيق من خلو حياتِها منه ولكن ضميرها مُرتاح و ينام دُون أن يخشى عقاب الله أو عقاب والدها.
دخلت رتيل : نايمة ؟
عبير : أنتِ وش شايفة ؟
رتيل : سوِّي لي شعري
عبير : والله رايقة !
رتيل : تكفين
عبير : رتيل بكرا الحين بنام
رتيل تُلحِّن الكلمات : طفش ملل زهق
عبير : وش تبين تسوينه ؟
رتيل : بالسراميك
عبير : عز الله جلسنا لين الصبح
رتيل: وش دعوى عاد لا تبالغين !
عبير : طيب جيبيه من غرفتك
رتيل : وتمد كفوفها : جايبته
عبير رمت هاتِفها ووقف خلف رتيل الجالسة أمام التسريحة : كأن صبغتك بدت تنزل ؟
رتيل : لآ للحين بني بس من الضوء عاكس
عبير : ماألومه يعكس الأسطح الخشنة
رتيل : لاكانت حاجتك عند الكلب قوله ياسيدي فعشان كذا أنا ساكتة عن السماجة
عبير ضحكت و بدأت تُقسِّم خصَل رتيل لتبدأ بتنعيمه.

,

تقلَّبتْ كثيرًا على الفراش ، ويدِها لا تُفارق بطنها ، تكوَّرت حول نفسِها فلا طاقة لها أن تتحمل الألم أكثر.
نزع الكبك من كُمِّه و مازال يُراقب إلتواءاتِها ، شعر بتأنيب ضمير لما فعله ، ولكن سرعان ماقال في نفسه " تستاهل " , أقترب منها وهو يفتح أزارير ثوبه : مهرة
لم ترد عليه وهي تضغط على أسنانها حتى لا تُصدر الـ - آآه –
يُوسف بتملل : وش فيك ؟
ولا رد أيضًا , دفنت وجهها في المخدة
يوسف ويتنازل عن كبريائه قليلاً ليجلس بجانبها : ردِّي علي ! وش صاير لك
مُهرة بصوت مخنوق : ولا شي
يُوسف : وش اللي ولا شي !!! أنتي شايفة نفسِك ، قومي أوديك المستشفى
مُهرة بصوت متقطع : لأ
يُوسف وضع كفِّه على رأسها ولكن مُهرة أبتعدت عن يدِه
يُوسف بعصبية وصبره نفذ : أستغفر الله ..
مُهرة وتحاملت على وجعها لتلتفت إليه : ماأبي منك شي
يُوسف : شوفي نفسك بالمراية كيف صايرة !! بكرا تموتين عندي وأتورط فيك
مُهرة بقهر : أيه طبعا زي ماتورط أخوك بجثة أخوي
يُوسف بغضب ضرب كفِّه على الطاولة لترتجف مُهرة من مكانها ، وبصراخ : لآ تجننيني بهالموضوع ! مية مرة أفهمك ومية مررة مخك مقفل !! أصغر عيالك أنا تجلسين تحكين على الجاية والطالعة بهالموضوع ! أحترمي نفسك لا والله أخليك تلحقين أخوك
مُهرة صمتت قليلاً وهي تنظُر لغضبه كيف هطل عليها ، لترنّ في إذنها كلمته الأخيرة ، لم يُقدِّر حتى حُرمة الموت !!
يُوسف أبتعد وهي يلعنُ شيطانه : حسبي الله ونعم الوكيل بس
مُهرة لم تتردد بالبُكاء للحظة أمامه ، بكت من وجعِها ومن وجع كلمات يُوسف للتوّ





دخل و هو ينظِر لأضواء القصِر المُغلقة ، يبدُو نائِمُون ، أتجه لبيتِه و فتح البابْ و عندما فتحه تحرَّك خيطٌ مربوط بالمقبض من جِهة و من جهة أخرى مربوط من أعلى الباب حيثٌ مُعلَّق – صحن –
أنقلب الصحن الممتلىء بالتُراب ليسقُط عليه
عبدالعزيز تجمًّد في مكانه مصدُوم ، كح من التراب الذي دخل فمِه ، أبتعد والتراب متناثر عليه وعلى شعره وبداخل ملابِسه وبتقرف : طيب يارتيل أنا أوريك
تقدَّم قليلاً حتى أنتبه لخيط آخر : مسوية ذكية
أبتعد عن الخيط ليصدِم بخيطٍ آخر أسقط عليه مياهٌ باللون الأزرق ليتبلل بعد حفلةٍ من التُراب
بغضب أبتعد عن المكان و الأرضية تمتلأ بالتُراب واللون الأزرق
نظر للورقة على طاولة غرفة نومه " نعميًا "
بغيض تمتم : مردودة يا بنت عبدالرحمن

,




.
.

أنتهى ،

أتمنى ينال إعجابكمْ و يروق لكمْ , و الحمدلله أنّ هذه الأعيُنْ تقرأنيْ جدًا ممنونتكم ()

نلتقِي بإذن الكريم - ثاني أيام العيد -
أستغلُوا الأيام الجايـة بما يرضي الله و الله يكتبنا من عتقائَــه ()

لاتحرمونِي من صدق دعواتكمْ و جنَّة حضوركمْ.
و لا ننسى أخواننا المسلمين في بُورمـا و سُوريــا , كان الله في عونهم و اللهم أرنا في بشارٍ و أعوانه عجائِب قُدرتكْ.

*بحفظ الرحمن.
























 
 

 

عرض البوم صور طِيشْ !  
قديم 20-08-12, 01:57 AM   المشاركة رقم: 37
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متألق



البيانات
التسجيل: Mar 2012
العضوية: 240258
المشاركات: 744
الجنس أنثى
معدل التقييم: طِيشْ ! عضو متالقطِيشْ ! عضو متالقطِيشْ ! عضو متالقطِيشْ ! عضو متالقطِيشْ ! عضو متالقطِيشْ ! عضو متالقطِيشْ ! عضو متالقطِيشْ ! عضو متالقطِيشْ ! عضو متالقطِيشْ ! عضو متالقطِيشْ ! عضو متالق
نقاط التقييم: 2673

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
طِيشْ ! غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طِيشْ ! المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي

 




السلام عليكُم و رحمة الله وبركاتهْ.
عساكُم بخير يارب و السعادة ترفرفْ بقلُوبكمْ ()"

سعيدة جدًا بكم وبكل عين تقرأنِي من خلف الشاشَة ممتنة لها وممتنة لوقتْ سمَحْ بِه قارئِي مهما بلغ عُمره أو جنسيته أو كان من يكُون .. ممنونَة جدًا لهذا اللطفْ الكبيرْ الـ تغرقونِي بِه في كل لحظة.
مُتابعتكُم شرف لي وشرف كبير .. أحمد الله وأشكُره على هؤلاء المتابعينْ .. والله ولو تابعنِي شخصُ واحد لـ قُلت : يابختِي .. كيف بـ كل هذه المتابعة الفاتِنة لقلبي وجدًا.

الله لايحرمنِي منكم و اعرفُوا أنكم تحلُون بـ جزء كبير من قلبي ()
شُكرًا كبيرة لهذا الدعمْ و من خلف الكواليس شُكرا على هذا الكم من التقييماتْ.



رواية : لمحتُ في شفتيها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية , بقلم : طيش !
الجزء ( 37 )


إذ كان شعرك في كفي زوبعة

وكأن ثغرك أحطابي .. وموقدتي

قولي. أأفرغت في ثغري الجحيم وهل

من الهوى أن تكوني أنت محرقتي

لما تصالب ثغرانا بدافئة

لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

تروي الحكايات أن الثغر معصية

حمراء .. إنك قد حببت معصيتي

ويزعم الناس أن الثغر ملعبها

فما لها التهمت عظمي وأوردتي؟

يا طيب قبلتك الأولى .. يرف بها

شذا جبالي .. وغاباتي .. وأوديتي

ويا نبيذية الثغر الصبي .. إذا

ذكرته غرقت بالماء حنجرتي..

ماذا على شفتي السفلى تركت .. وهل

طبعتها في فمي الملهوب .. أم رئتي؟

*نزار قباني.



دخل و هو ينظِر لأضواء القصِر المُغلقة ، يبدُو نائِمُون ، أتجه لبيتِه و فتح البابْ و عندما فتحه تحرَّك خيطٌ مربوط بالمقبض من جِهة و من جهة أخرى مربوط من أعلى الباب حيثٌ مُعلَّق – صحن –
أنقلب الصحن الممتلىء بالتُراب ليسقُط عليه
عبدالعزيز تجمًّد في مكانه مصدُوم ، كح من التراب الذي دخل فمِه ، أبتعد والتراب متناثر عليه وعلى شعره وبداخل ملابِسه وبتقرف : طيب يارتيل أنا أوريك
تقدَّم قليلاً حتى أنتبه لخيط آخر : مسوية ذكية
أبتعد عن الخيط ليصدِم بخيطٍ آخر أسقط عليه مياهٌ باللون الأزرق ليتبلل بعد حفلةٍ من التُراب
بغضب أبتعد عن المكان و الأرضية تمتلأ بالتُراب واللون الأزرق
نظر للورقة على طاولة غرفة نومه " نعميًا "
بغيض تمتم : مردودة يا بنت عبدالرحمن

نزع قميصه المُبلل – بالقرف – ليرميه على سريره ، تأفأف على غباءه حين رأى الفراش الأبيض مُلطَّخ ببعض الترابْ و اللون الأزرق ، تحمم و أستغرق في تحممه ستُون دقيقة ، يبدُو أن مقلب رتيل بِه تخلخل جسدِه و جدًا.

,

في الصباح الباكِر – الساعة السادسة صباحًا –
أقفلت آخر حقائِبها ،
تنهَّدت : يالله يمه خلصتي ؟
خرجت والدتها وهي تلفُّ حجابها : إيه
العنُود : شيكت على الغاز و الأفياش كل شي تمام
حصة : الحمدلله وأخيرًا تعلمتي
العنود : لأني دارية مخزون التهزيء الفائض عندك
حصة : تكلمي مع أمك زين
العنُود تُقبِّل خدها : هههههههههههههههههههههههه أفآآ يا حصوص لايكون زعلتي علينا
حصة : حصوص بعينك قولي يمه
العنُود وهي تخرُج : إن طارت طيارتنا بسجد سجود شكر
حصة بغضب : ماعمري شفت ناس تكرره أهلها زيّك
العنود : الله والأهل ! حسستيني بنات عم ولا خال !! كلها سلطان ترى مدري على وش متلهفة للرياض
حصة : وسلطان ماهو أهل ! إلا كل أهلي بعد عيني هو
العنُود تعقد حاجبيْها وهي تُقلد نبرة والدتها : يالله لا تشقينا بس
حصة : شوفي عاد من الحين أقولك ، مالك دخل فيه ولا هو له دخل فيك
العنود مدت شفتها السُفلى : وأنا أصلا متى كان لي دخل فيه ! هو اللي حاشر نفسه فيني ويمه لا تعصبيني وتقولين بنجلس عنده عشان ماأنهبل
حصة : إيه بنجلس عنده ليه ماهو عاجبك
العنود : لا يمه ماآخذ راحتي وهو موجود ! ولا بروح لأبوي
حصة : تهدديني بعد يابنت أبوك .. أقول قدامي بس لايجيك كف يخليك تمشين زين
العنود سحبت شنطتها وهي تتحلطم : يعني ضاقت الدنيا لازم عند سلطان ! أووووف بس
حصة : ياقليلة الأدب لا تتأفأفين عليّ
العنود : ماأتفأفأف عليك أتأفأف على التصرف نفسه
حصة : بدون فلسفة و كملي طريقك . . دخلُوا المصعد ليتوجهُوا للمطار.


,

تقف أمام المرأة مُعجبة بنفسها ، أبتسمت : ودي أتزوج نفسي
عبير : هههههههههههههههههههههههه الحين تروحين تصورين نفسك وتطبعين الصورة وتعلقينها بغرفتك كل ماأحبطتي تأملي فيها
رتِيل وشعرُها ينسابْ كالحرير على كتفِها و يعكِس على بشرتها البرونزيَة " فتنةً " : لحظة لحظة قبل التصوير لازم شوية إضافات
عبير : بروح أجيب الكام .. وخرجت متوجهة لغرفة والِدها.
رتِيل تضع الكحل على الطريقة الفرنسية ، و لونُ التوت يغزو شفتيها ، شدَّت على رِمشها بالماسكرَا وهي تتلوَّن بالإعجاب بنفسها : عبوووور يالله .... مرَّت ثواني طويلة ولم تأتِي ، بإبتسامةة أتجهت لها.
طلَّت من بابِ غُرفة والِدها : أنتِ وينك ؟
عبير بين يديْها أوراق أو شبه أوراق ، تقِف عيناها مدهُوشة ، تنظُر بِشكّ ، تنظُر بعين الخيانة.
رتيل : وش فيك ؟
دمعةٌ تسقِط لتُبلل منتصف الورقة ،
رتيل بخوف سحبت مابين يديها وهي تقرأ أشياء لامفهومة , أردفت : وش ذا ؟
عبير : بعثة مدري دراسة ! بس شوفي الإسم
رتيل تقرأ بصوتٍ مسموع : ضي مشعل .. ؟ طيب وش يعني !
عبير بعصبية : أقري تحت وش مكتوب ؟
رتيل وهي تقرأ في داخلها " الحالة الإجتماعية : متزوجة / عبدالرحمن بن خالد آل متعب "
عبير ببكاء و غضب : كيف يتزوجها ! بأي حق أصلا !! ليه يكذب علينا !! كذاااااااااااااااااب خاين كلهم كِذا !! الله يآخذها معه
رتيل وصامِتة لا تنطق حرفًا
عبير خرجت وهي تدفع رتيل جانِبًا بقوة و تغلق باب غرفتها بإحكام لتبكِي دُون قيود
رتيل و تتذكَّر الصوتُ الأنثوي الذي سمعتِه , لأنها لم توَّد أن تفكِر لِمَ كان ذاك الصوتُ هناك تركتهُ ولم تُلقِي له بالاً حتى هذه اللحظة ، ليس سيئًا أن يتزوج بالنهاية هو أبِي الذي من حقه السعادة ولكن سيء جدًا أن لانعلم.

,

فتح عينه على صوتُ المكنسة المُزعِجة ، كانت الخادِمة تُنظِّف الصالة المُجاورة ولكن يكاد الصوتُ يغرز إبرًا في أُذنِه ، تصلَّب ظهرِه من نومه على الأريكة ، نظر لساعته تُشير إلى التاسعة و النصف صباحًا , وقف و قدماه مُتنمِّلة .. صعد للأعلى ليتحمم و يخرجُ لعمله.
هي نِصف ساعة حتى وقف سلطان بصدرِه العاري أمام المرآة ليُغلق أزارير قميصه العسكرِي ، سرَح و نظرهُ يتجِه صوبَ عوارِضه الخفيفة و – السكسوكة – ، و كأنَّ أمرِ جماله يُهمه لدرجة أن يتأمل به.
الجُوهرة تسرقُ فِكره ، يحاول أن ينشغل بعيدًا عنها ، يحاول أن لا يغضب بذكراها.
بدأت ملامِحه اللينَّة تشتَّدْ و يرسمُ الغضب طريقه بينها
تنهَّد و هو يدّخل السلاح في حزامه ، نزل للأسفَّل ليأمُر عائشة : اليوم ماما حصة بتجي ! حضري غرفتين
عائشة : فوق ولا تهت *تحت*
سلطان : تحت .. .. أتجه للباب ليلتفت . . و جهزي العشاء بعد

,

أجواءِ روحانية تحفُّهم ، بالفُندِق المنزوِي بجانِب الحرَم ، جالِسانْ بعد صلاة الضحَى.
بصوتٍ ممتلىء بالحنيَّة : عسى أرتحتي ؟
الجُوهرة : الحمدلله
عبدالمحسن : بكرا بنمشي بس ماودي نرجع الشرقية بهالوضع
الجُوهرة تداخلت أصابعها المُرتبكة وهي تُخفض رأسها ليتجِه شعرها بإنسيابية نحو حِضنها ويكشف عن عُنقِها
عبدالمحسن ينظُر بدهشة للجروح التي تعتلي رقبتها : هذا من مين ؟
الجوهرة رفعت عينها
عبدالمحسن ، يتجمعُ الدمْ بوجههِ غضبًا : ضربك ؟
الجوهرة : يبه الله يخليك لا تسألني عن شي
عبدالمحسن بحدة : كيف ماأسألك و رقبتك كلها جروح والله أعلم بالخافي !
الجوهرة بصوتٍ خافت : كلهم راح يسوون معي نفس الشي
عبدالمحسن : قصدك ريان ؟
الجُوهرة ولا تتجرأ أن تضع عينها بعين والِدها : ريان لو عرف ماراح يرحمني
عبدالمحسن : ولا أنا راح أرحمه لو مدّ إيده عليك
الجوهرة ونِصف إبتسامة إمتنان لوالِدها ، أردفت : الله يخليك لي
عبدالمحسن : كلمت سلطان . . الطلاق أنسب لكم إثنينتكم
الجُوهرة و رمُوشها ترتجِفْ بحديثِ والِدها
عبدالمحسن بضيق على حالِ إبنته : كيف راح تقدرون تعيشون ؟ يابوك الشرف يكسر الظهر و الله يكسره
الجُوهرة بكلمِه تسقُط دمعتها لتستقِر بحُضنِها
عبدالمحسن بحُرقة : و تُركي !! يا كُبرها عند ربي .. يا كُبرها ، أخويْ من لحمي ودمي يسوي فيني كذا ! ينهيك وينهيني ! لو ماكان سلطان الله أعلم كيف بتكون فضيحتنا ؟
الجُوهرة تغرقْ ببكائها وشعرُها يتوَّلى عملُ المناديل.
عبدالمحسن و يترُكها تبكِي ليتحدَّث بكل مايفيض به و القهرَ يرتسِم بين ملامِحه : ليه ماقلتي لي من زمان ! ليه صبرتي كل هالسنين ! كيف صبرتي . . أبي أعرف كيف قدرتي تنامين !! . . . . الجوهرة
رفعت عينها و وجهها يصرخُ بالبكاء
عبدالمحسن بحُرقة أبٍ على إبنته ، أيحتمل كُلِ هذا ؟ مُجرِد التصوِّر كيف أبٍ يُقهَر و يُغدَر وإبنته أمامِه مكسُورة ، ياإلهِي كيف يحتمل ؟ كيف يتخيَّل أنَّ إبنته بهذه الصورة : ليه صار كِذا ؟
الجُوهرة بصوتٍ يئن يخترقهُ البُكاء و القهَر : كان بمكانة ريان
عبدالمحسن عقد حاجبيه و عينه تحمَّرُ قهرًا : هذا ولدِي ماهو أخوي بس
الجوهرة بدأت شهقاتها تتعالى ، هذه السكراتُ التي كأنها تُوشك بعدها على الموتْ .. أتحتمل هي الأخرى أن ترى الموتَ يخجل من أن يقبضُ عليها ، يمُّر بجانبها ليُعذِبها دُون أن يُنهِي هذا العذاب ويرحمها : ضايقني يبه !! 7 سنين ماتركني فيها مرتاحة ! خلاني أعيش النقص .. كنت أشوف كل صديقاتي متزوجات وعندهم عيال وأنا لأ ؟ كنت أضيق من نفسي ! لأني مقدرت . . وقفت حياتي بعد اللي صار ! تخليت عن كل أحلامي لأن مالي مُستقبل . . . . أحتجت أصرخ .. أحتجت أتكلم بس بلعت صوتي ! نسيت كيف كان صوتي من 7 سنين !! . . نسيتتته .. * بكلمتِها هذه أخفضت رأسها وهي تشهقُ ببكائِها *
دقائِق من البُكاء و صوت شهقاتٍ لا ينتهِي
الجُوهرة و للتوّ تعلمتْ الكلام : لما جاني وليد ! قلت دكتور نفسي ومتفتح يمكن يقبلني ! حسيت أني ولا شيء ! حسيت بشعور يساويني بالحشرات !! أنقهرت من نفسي لما فكرت بوليد بهالصورة ، بس تركي رفض أجبرني أقولك ماأبيه و أنا كلي كنت أبيه ... هدم حياتي ! و لما شفت سلطان خفت ! أعرف مين هو ؟ و أشوفه بالجرايد كثير ! خفت من شخصيته .. خفت كثير حتى من صوته .. مالي حياة مالي بداية ... طيب وين نهايتي ؟ معلقة ماأعرف وين أبدأ !
وبصوتٍ موجوع أكملت : حبيته لأنه زوجي غصبًا عنِّي يا يبه حسيت بطعم أمان ماشفته 7 سنوات ، 7 سنوات وأنا أحس كأني مرمية في حربْ و حصار !! يالله يايبه لو تعرف كيف لما أصحى عند سلطان كنت واثقة أني ماراح أشوفه ، كنت واثقة أنه سلطان بيحميني
رفع عينه لإبنته وهي تحكِي بجرحٍ عميق ، تمنَّى ان يبكي ؟ يا وجعه وهو بهذا العُمرِ يتمنَّى أن يبكِي و يشهقُ ببكائِه لسبب واحِد أن لا يجعل إبنته تتغرَّبُ بدمُوعِها ، هُنا الرجال منذُ نعومة أناملهم لا يبكون فـ بعد هذا العُمر إن تمنُوا البكاء حتى يخفُّ الحمل عليهم يُواجهُون جِدار مُجتمعٍ لم يعوِّدهُم على البُكاء كما عوَّدهُم على الضحك.
الجُوهرة و الدمُ ينزف من أنفِها ، تركته يُلطِخها : شفت شي نسيته .. وبكيت لأني عارفة أنه راح يطلقني وأنه مايبي وحدة ماهي بنت ! . . يبه تعرف وش تمنيت ؟
والِدها يعيشُ جلدًا لذاتِه كيف غفل عنها كل هذه السنين ! رُغم أني كنت قريبًا جدًا مِنها ، كُنت أريد أن تُفضفض لي بكل ما يُحزنها ، كنت بجانبها دائِمًا لكن جهلت أن أقرأ عينها . . بقيتُ أميَّا لا يفقه بالقراءة شيء حين طرق الحُزن باب أبنتِي.
الجُوهرة : تمنيت أعرف أنطِقها له ، كسرني الصمت ! كسرني كثير حتى نسيت كل الكلمات الحلوة ، كنت أبي أعيش معاه زي كل المتزوجين .. كنت أبي أمارس حقي بالحياة !! كنت أبي بس هالحياة ماتبيني .. فقدت كل شيء ! فقدت كل شيء .. رددتها و اوجعت والِدها بها
أردفت : و خسرت سلطان ... أهانِي كثير بكلامه وأوجعني .. محد صدقني إلا أنتْ .. محد يبيني إلا أنت .. وأكتشفت محد يحبني عشاني الجوهرة الكل يحب الشخصية اللي تخبيت فيها طول هالسنين ! . . وأول من تخلى عني هو .. أول من مديت إيدي له وخذلني هو سلطان . . . ماألومه بس وش ذنبي ؟. . . مايحق لي أعيش ؟ مايحق لي أفرح ؟ أنا صرت حتى الضحك أشتاقه
والِدها بصوتٍ مخنوق : يحق لك ! ويحق للي سلب حياتِك أنه يتعاقب
الجوهرة بحقدِ كبير ، ليست بطُهِر الأنبياء حتى لا تحقِد ، هي بالنهاية إنسانة مهما بلغت طيبتها لن تستطِيع أن تُسامَح شخصًا أنتهك عُذرية الفرَح و أفشَل حُبها الذي شعرت به للمرةِ الاولى إتجاه شخصٍ يُدعى سلطان : أبي حقي منه ، الله ينتقم لي منه !!!! الله ينتقم لي منه ولا يترك في قلبه راحة ...
والِدها و هذه الكلمات كأنها حديدٌ تحت الشمسِ يغلي في دماغه ، أخيه يُدعى عليه بهذه الصورة البشعة.

،

بصوتٍ مُرتبك يُكمل : وفجأة لقيتها طالعة من الصالون بشكل غير ، غادة ماهي موجودة معاها و وليد منقطع ماأشوفه
مقرن : مجنون أنت ! كيف تركتهم !
سعد : والله أني مراقبهم بس مدري وين أختفوا
مقرن : الله يورِّط العدو زي ماورطتني ! سعد أسمعني غادة لازم تعرف مكانها

في مِثل هذه اللحظة يدخُل عبدالعزيز مبنى العمل بلبسٍ عسكرِي يزيدُه هيبة ، بشعرٍ قصير و عوارِض خفيفة ، وفي خصره سلاحٌ أسوَد مُهيب وفي جيبه نظارته الشمسية المطويَة و قُبعته العسكرية في حزامه من الخلف و بخطواتٍ قليلة يدخُل سلطان خلفه.
عبدالعزيز ألتفت عليه : صباح الخير
سلطان : صباح النور . . وسَار معِه بإتجاه مكتبه و يُسرة و يُمنى يقِف الموظفين و يلقون التحيَة عليهم.

مقرن : غادة مايصير تجلس مع وليد دقيقة وحدة ! أقلب باريس عليهم !! مفهوم ؟
فُتِح البابْ بهدُوء
مقرن بإبتسامة يُضيِّع مجرى الموضوع : وسلِّم لي على الأهل . . أغلقه قبل أن يسمع ردِّه.
سلطان : مين ؟
مقرن : سعد
سلطان : سعد ؟ خير صاير شي
مقرن أشار له بعينه و كلامُ العيون هُنا مُتقن
سلطان : مافيه غريب وبعدين عبدالعزيز مانخبي عنه شي
عبدالعزيز جلس بمُقابله يعلم أنه – يطقطق – عليه بهذه الكلمات ،
مقرن : أبد بس يقول واحِد ألمانِي دخل بيته بباريس و نهبه ومالقى غير أمه و باين عليها ماهي متأثرة ! تخيَّل مع أنه فيها أشياء ثمينة راحت
سلطان ويفهم تمامًا ألغاز مقرن وأن الألماني يُقصد به وليد ، و نهب باريس يعني غادة لكن كيف : كيف نهبوا بيته ماهو حاطين عليه مراقبة ؟
مقرن : هنا المصيبة تعطلت الكاميرات في الوقت اللي أنسرق فيه
سلطان : طيب وأهله فيهم شي ؟
مقرن : قلت لك أمه شكلهم مخرعينها أو مسوين لها شي ! يقول من الصدمة حتى راحت صالون وصبغت شعرها وتبي تتشبب وتركت الحجاب الله لايغضب علينا
عبدالعزيز ضائِع بينهم ، يشعُر بأن هُناك شيءٌ مفقود بمحورِهم
سلطان : و أخته ؟
مقرن : طارت الطيور بأرزاقها
سلطان وفهمها من عينِ مقرن : لا حول ولا قوة الا بالله
مقرن : مدري وش أسوي قلت له يطلع لي هالألماني من تحت الأرض !! تعرف فيه أوراق مهمة وأشياء تخصه ومتضايق عليها
سلطان : طيب شف وضعهُم ماأبغى يتضرر أحد من عايلته
مقرن : تطمن من هالناحية . . عن إذنكم .. وخرجَ تاركهُم
عبدالعزيز رفع حاجبه بإستغراب : حتى حواراتكم صايرة تثير الشك
سلطان : أنت اللي تبي تشك بأي طريقة .. وقف
عبدالعزيز تنهَّد
سلطان : وحلِّق شعرك لا يطول أكثر
عبدالعزيز وقف ليسير خلفه مُتجهين لساحة التدريب : قصير بس أنت تدوِّر عليّ الزلة
سلطان ألتفت عليه وبحدَّة فمزاجه هذه الأيام لا يحتمل : أسمي سلطان ماهو أنت !! تأدب
عبدالعزيز : تعال أضربني بعد
سلطان وحجرٌ مربع ثقيل رماهُ على عبدالعزيز ليرتطم بصدرِه ، مسكه بين كفوفه وصدره يتوجَّع من الضربة ولكن أظهر بروده.
سلطان جلس على كُرسي يُقابله كُرسي فارغ آخِر تحت شمسٍ حارقة : أجلس
عبدالعزيز يُنزل الحجَر على الأرض و يجلِس
سلطان : بعلمك طريقة تساعدك للأيام السوداء
عبدالعزيز بسخرية : أيامي كلها سوداء حدد
سلطان : الحمير بروحهم اللي يحددون
عبدالعزيز رفع حاجبه بغضب من كلمتِه : هالمرة أنت اللي تأدَّب
سلطان : لازم تتوعَّد على هالكلمات ! لأنك ماراح تسمع حبيبي وعزوزي وقلبي وحياتي
عبدالعزيز شتت نظراته بعيدًا عن سُلطان ، مُمتعِض من حديثه
سلطان : أبوك الله يرحمه لما كان يدرَّبني قالي أحنا نتلفظ عليك بألفاظ شينة ماهو تقليل إحترام لكن أنت رجُل قدوة ولازم تسوي على أعصابك كنترول
عبدالعزيز تمتم : الله يرحمه ويغفر له
سلطان بإبتسامة على ذِكرى سلطان العيد : كان يناديني يا حمار تعال هنا و ياكلب و كل الأشياء الشنيعة اللي تخطر على بالك حتى مرَّة تأخرت على الصلاة وحلَّق شعرِي وبالموس جرحني و لما يعصب منِّي يقول راسك كبير على الفاضي وكنت أعصب منه كثير الله يرحمه وكل اللي كانوا في دفعتي نادوهم بهالألفاظ ! وماهو معناته أنه مافيه إحترام ! لأ . . كانوا يخلونا نتعوَّد عليها عشان إذا سمعناها بالشارع من أحد مانتهوَّر لأننا محنا مواطنيين عاديين ، إحنا عندنا أسلحة ممكن واحد يستفزنا ونفرغه عليه ! كان لازم نضبط أنفسنا ، ولأننا بمجتمع أكثر شي يستفزه هذي الكلمات كانوا يدربوننا على أساسها بس لما رحت تُركيا بدوَرة كانوا يستفزونا بالضعيف ويشبهونا بالحريم وبالشواذ جنسيًا لأن عندهم هناك هذي الكلمات اللي تستفز الشعب زي ماأحنا نعظم كلمة حمار وكلب والى آخره من هالكلمات وتستفزنا !! وطبعًا فيه ناس كثير من دفعتي ماعجبهم الوضع وعلى طول أنسحبوا ماعرفوا يتعودون
عبدالعزيز وعيناه تغرق في عين سلطان وهي تحكِي ،
سلطان يُكمل : أنت منت قادر تضبط نفسك ، أدنى شي يستفزك ! وأنت منت عادي يا عز ، أنت بإيدك سلاح مرخص يعني منت مواطن حالك حال أيّ شخص ثاني ، مانشره على أحد لا عصَّب وتنرفز من كلمة لكن نشره على شخص مسؤوليته الأمن ، فيه دورة بتجي بس مطولين عليها بتكون بالجزائر إن شاء الله وراح تكون فيها ، بعدها بتترقَّى وبتنضم رسميًا هنا
عبدالعزيز وعيناه مُندهشة
سلطان : أول مرة بتكون صعبة عليك بعدين راح تتعوَّد وأنت قدَّها وقدود ، شهر تدريبات شاقة و بعدين شهر بتكون في الصحراء وبدون أدوات إتصال ولا أكل ! وبتعتمد على نفسك وتدوِّر على أكلك و النوم بيكون ساعة في اليوم ، بس بالبداية كذا بعدين راح يجي أسبوع بتكون وجبة وحدة في اليوم و يوم الإثنين بس للنوم لأنه نص الأسبوع وطول الأسبوع أنت صاحي ، لاتفهم هذا إنه تعذيب ، دايم الناس تشوف أنه التدريبات تعذيب ! بس بالعكس ، بكرا لا صارت حرب الله لايقوله وآسروك ! بيعطونك أكل ؟ طبعًا لأ لازم تخلي عنده مقدرة وقوة أنك تتحمَّل الجوع لأطول فترة ممكنة و إن صارت حرب أنت مفروض عينك ماتنام لأن ماتدري العدُو متى يباغتنا ! فلازم تسيطِر على مُعدل ساعات نومك ، لو قارنت نفسك بعد التدريب مع شخص عادي راح تكون قدرة الإحتمال عندك أقوى منه بكثير ، ولأنك رجُل وطن .. ماودِّك تفتخر بنفسك وتقول أحمي ديني وديرتي ؟ ورجال الأمن يا عبدالعزيز عيب عيب يكونون ضُعفاء !! والضُعف هنا أقصد فيه النوم و الأكل و لهو هالدنيا !!
عبدالعزيز : فاهم عليك
سلطان : ممكن تتعرَّض لعقوبات كثيرة من أتفه غلط ، إذا تأخرت ثانية عن الصلاة أنت ممكن تجلس طول اليوم واقف تحت الشمس !! ماأبالغ لو قلت تجلس ساعات ونهار بطوله ، أهم شي الصلاة وفيه محاضرات دينية دايم بالمنتصف و على آخر الشهور المُدربين بيصيرون ألطف معاكم وقريبيين
عبدالعزيز : كم مدتها بالضبط ؟
سلطان : بوسعود منسقها لكن آخر ماأتفقنا عليه هي 4 شهُور لكن بعدها لازم شهرين في الطايفْ و إن شاء الله إن تمَّت راح تستلم هالرتبة *أشار لكتفه*
عبدالعزيز وعينه تتأملُ كتف السلطان و الرُتبةِ التي عليه وبدأ يخيطُ الأحلامِ من جديد ،

،

تطرقُ الباب : عبور أفتحي يختي ماأبي أنام وانتِ متضايقة ، أكيد أبوي يبي يقولنا ! يمكن أحنا فاهمين غلط
ولا يأتيها رد ،
رتيل : أنا شعري حتى لما يتعدَّل مايكمل حظه .. *مع صمتها أردفت* أدري سامجة بس أبي أضحكك ، يالله أفتحي الباب ولا بتصل على أبوي وبقوله وش شفنا ووش صار بعد
عبير تفتح الباب وعيناها مُحمَّرة ، خيبة كبيرة تُصاب بها من والِدها
رتيل : من جدِك تبكين ! والله لو أنه زوجك ومتزوج عليك . . جلست على السرير . . ماله داعي كل هالبكي !
عبير : هو خبَّى علينا لأنه يعرف أنه غلطان
رتيل : طيب ليه غلطان ! بالنهاية يعني أبوي ونحبه لكن رجَّال لازم يتزوج كِذا ولا كِذا لازم حُرمة في البيت بعد مانغيب إحنا !
عبير تُشيح نظرها بعيدًا عن رتيل وهي تبكِي بصمتْ
رتيل : بكر إن تزوجنا مين يبقى عند أبوي ! يعني لاتفكرين بأنانية
عبير : وش أنانية ومين هذي بعد ! طيب كان قال لنا نختار له وحدة نعرفها وواثقين فيها ماهو بالخش والدسّ
رتيل : يالله .. *تأفأفت* نظام قديم مرة حقين سندريلا وزوجة الأبو شريرة . . أضحكي بس يقال قابضة على أبوي في شقة دعارة ! تراه زواج وبالحلال يعني خذي الأمور ببساطة
عبير : احر ماعندي أبرد ماعندك ، طول عمرك عقلك محدود وتفكرين بتفكير مراهقة مايهمك الا نفسك !!
رتيل وأختفت الإبتسامة من وجهها وهي تنظُر لعبير كيف أندفعت بالتعليق عليها
عبير بغضب : رتيل أصحي !! وش عادي أنه يتزوج بهالطريقة أصلاً أنتي لك عقل عشان تصحين وتفكرين زي الناس
رتيل بصمتْ مُتجمِّدة – مصعُوقة –
عبير تأفأفت : وتقولين أخذي الأمور ببساطة !! وش هالبرود اللي عندِك ! أقولك أبوي متزوج وماندري مين هي ومكذِّب علينا بعد وتقولين لي أهدي
رتيل بهدُوء : يعني وش أسوي ؟
عبير بصراخ : وأنا وش يدريني وش تسوين !! واللي يرحم والديك ياتقولين شي يطيِّب الخاطر ولا أبلعي لسانك ،
رتيل بلعت ريقها ، لم تستوعب بعد أنَّ هذه الكلمات تخرج من عبير
عبير بعصبية : لآ تطالعيني كذا !!
رتيل : لأني ماني فاهمتك
عبير : ماهو لأني ماني واضحة بس عقلك وقف عند نقطة معينة !!
رتيل : أنتِ قاعدة تحطين حرتك فيني وبس ؟
عبير : رتيل بالله أسكتي ماني ناقصتك
رتيل بغضب : لا ماتقولين كلام كِذا وبعدين تقولين أسكتي
عبير : وش تبيني أقولك !! إيه أنا قاصدة هالحكي ! ، أنتي تعرفين زين أنك فاشلة بالحياة وبكل شي ! عُمرك سويتي شي صح بحياتك ! عمرك فكرتي صح ! دايم تطلعين من مصيبة وتدخلين بمصيبة ثانية ، عندك شي عادي زواج أبوي لأنك متعودة على المصايب !! أنتِ منتي قادرة حتى تفكرين زي الخلق والناس !! أنتِ لو تموتين محد بيذكرك بشي لأن مالك وجود أصلاً ، فشلتي أبوي كثير بأفعالك و الحين جاية تعلميني كيف أفكر ولا وش أسوي وكأنك صاحبة فضيلة بهالحياة وأنتِ الصح منك مايطلع ، الناس تتنافس بعقولها وأنتِ للحين بالجامعة وحوستها ، اللي أصغر منك تخرجوا وأنتِ توِّك بسنة رابعة اللي عيَّت تعدِّي .. تفكيرك تفكير بزارين ماتفكرين الا بوناستِك ! أنانية بس تبين تفرحين حتى لو غيرك يبكِي ! مايهمك شي غير وناستك
رتيل وعيناها بدأت بالرجفة بمُقاطعة : كل هذا بقلبك عليّ ؟
عبير تنهَّدت : رتيل ماني ناقصتك !! عُمرك ماراح تفكرين بنضج ! أصلا وش يفيدني رايك بزواج أبوي !!! فكيني بس
رتيل بعصبية : إيه صح لازم أبكي و أصارخ وأنافق عشان أطلع بعيونك ناضجة !! لازم أكون ثقيلة وماأضحك عشان أكون ناضجة !! لازم أكون ضد الأشياء عشان مايطلع تفكيري تفكير بزارين ، الحين صرت أنا اللي أفشِّل أبوي ؟
عبير : إيه فشلتيه ! انتي عارفة وش سويتي مع عبدالعزيز !! أصلا أنتِ بعيونه رخيصة وتستاهلين لأنك برجلك رحتي له
رتيل أمالت فمَّها وهي تحاول أن تمسك دموعها و تُحدِّث نفسها " لا تبكين " ، أردفت بصوتٍ جاهدت أن يتزِن : يجي منك أكثر !! ماأصدق أنه هالكلام يطلع منك
عبير : أطلعي وأتركيني بروحي ! أنا ليه أضيع وقتي معاك
رتِيل ما إن أعطت عبير ظهرها مُتجِهة إلى الباب حتى أنسابت دمُوعها بهدُوء ، حُب عبدالعزيز أضعفها بعد ما كانت لا تبكِي بسهولة ، أبتعدت عن غُرفتها ونزلت للأسفَل و من الباب الخارجِي جلست على المقعَد الخشبي المُتمرجِح بالحديقة الخلفية ، مسكت نفسها دقائِق حتى بكتْ دُون قيُود.
جرحتها عبير بشدَّة ، تذكرت جُرأة عبدالعزيز معها ، أستحقرت نفسها أكثَر وهو يستسهلُ لمسَها ، رجفت بأكملِها وهي تحتاجُ عناقُ أحدهُم ، كلماتِ عبير طعنتها ولم تُبقي بروحها مكانًا للإنشراح ، ضاقت بحدِيث جعلها تشعُر بأنها – لا شيء –
لا أحد يحاول أن يفهمنِي ، الجميع يحكم من الظاهِر ، يُشبِهُونِي بالحجر و أنَّ الإحساس لا يقربُ إليّ بأيِّ صلةٍ ، يُريدوني أن أبكِي أمامهم حتى أبين أنني أشعُر و أن إحساسي مازال حيًا ، بهذه الحياة يُريدوني كـ تمثالٍ يتكلم وقتُ الحاجة فقط ليس من حقِه الضحك وإلا أنتشرت الشقوق في جسدِه . . هذه الحياة لا أنتمي إليْها.

,

على غير العادة ، نفسيتُه سيئة وقف مُستنِدًا على مقبض بابُ المطبخ
والِدته ألتفتت : تبي شي ؟
يُوسف ومُنحرج : إيه يمه بس يعني .. مُهرة تعبانة فـ خلي الشغالة ترسل لها أكل فوق
والدته : بسم الله عليها ، وش فيها صار لها كم يوم مختفية ؟
يُوسف : مدري يمكن سخونة وكذا
والدته : لآ تهملها يايمه يمكن فيها شي لاسمح الله ، ودَّها المستشفى وطمِّني
يُوسف : لآ مايحتاج
والدته : مايصير هذي أمانة في رقبتك ، روح ودَّها وطمِّنا
يُوسف : طيب العصر
والدته : وش العصر ؟ الحين ودَّها ولا أنا أوديها مع السواق
يوسف تنهَّد : طيب هي ما كلت من أمس خلها تآكل بعدين يصير خير
والدته : صاير بينكم شي ؟
يوسف بنرفزة : وش بيصير يمه الله يهديك !!
والدته : ماهو من عادتك نفسك بخشمك وحالتك حالة !! قولي أنا أعرف سوالف هالحريم
يوسف أبتسم ببلاهة : شوفيني مروِّق
والدته : لاحول ولا قوة الا بالله .. وش فيك يوسف أنهبلت ؟
يوسف : يمه يعني الواحد صاحي ونفسه بخشمه وتقولين لي لازم أروق ومدري وشو ! خلاص خلي الشغالة تودي لها . . لازم تحقيق يعني
والدته : طيب خلاص لا تطلع عروقك بس !! وليه مارحت الشركة
يوسف بسخرية : بمشي سدير أتحرَّى هلال رمضان
والدته ضحكت لتُردف : حتى وأنت معصب تنكِّت
يوسف يبتسم : لأن يمه صايرة تخلين الواحد يوسوس بنفسه
والدته : بسم الله على قلبك
يُوسف يمسح وجهه : أبوي موجود ؟
والدته : إيه ويحسبك رايح الشركة لأن مافيها أحد
يوسف تنهَّد : لحول مخي موقف كل الكذبات أستهلكتها
والدته : يمكن بكرا رمضان وناوي تكذب . . أستغفر الله بس
يُوسف : يرحم لي شيباتك يمه خلي المحاضرة بكرا .. وخرج مُتجِهًا للصالة جاهِزًا للتهزيء
رفع عينه والِده وبجانبه منصور : يا سلام !! وعيونك بينفجر منها النوم يا الهيس الأربد
يُوسف جلس : يالله صباح الخير
بومنصور : أي صباح خير ! إحنا مو قلنا يوم أنت تداوم ويوم هو !!
يُوسف : طيب اليوم تعبت يعني الواحد مايتعب
منصور : سلامتِك
يُوسف : الله يسلمك
بومنصور : شف يوسف لاترفع ضغطي !! عطيناك إجازة ولا أستفدت منها شي ! و لأنك خبل خذوا فلوسك بالفيزا وماعطوك إياها !! والحين بعد ماتبي تداوم
يوسف : لحول ! يبه تكفى والله أمر بمرحلة كآبة يعني مانيب ناقص
منصور : وكآبة ليش
يوسف : إيه عاد الحين يطلع فيني علل الكون ! كآبة كِذا من نفسي ومن هالدنيا
منصور بسخرية : بسم الله على قليبك وأنا أخوك
يوسف : هذا أنتم جاهزين للطنازة ماتطلع منكم الكلمة الحلوة
بومنصور : أقول لا يكثر ! عاد يقال الحين لا داومت صفقاتنا تمشي الا طلّ مامشى منها شي من يوم شفنا وجهك
يوسف : شكرا يجي منك أكثر ! لا تخلوني الحين أتهوُّر وأستقيل وأطيِّح سوقكم ترى عندي 25% أسهم يعني ممكن أبيعها على واحد كلب ويوهقكم
بومنصور : يهدد بعد ولد عبدالله !! أقول وراك بس
يُوسف يأخذ بيالة الشايْ ليملأها بالقهوة ، هذا الصباح يحتاج – مخمخة –
منصُور : عساك بس مرتاح ؟
يوسف ويفهم مقصده : مقطعتني الراحة
بومنصور : ومرتك بخير ؟
يوسف ألتفت عليه بشك : إيه يعني وش بتكون ؟
بومنصور : خواتك يقولون صار لها كم يوم مانزلت تحت ! ولا تآكل معاهم
يُوسف : تعبانة شوي
بومنصور : تعبانة وبس ؟
يوسف وهذا الموضوع يشد أعصابه : أستغفر الله !! يعني يبه وش بيكون فيها !
بومنصور : أنا أقول لا تظلم بنت الناس ! صدق صار الموضوع بطريقة ماترضي أحد لكن هذا مايعني أني برضى أنك تظلمها !! تراها حسبة هيفا وريم !! حط هالكلام في بالك زين
يُوسف ويُفرغ القهوة في فمِه ليُردف : لحد يتدخل بحياتي ! خلوكم بعيدين وأنا أعرف كيف أديرها ماأحتاج أحد يعلمني
بومنصور بجدية : أنا أنبهك ماأعلمك

،

الليلة الماضِية كانت من أجملِ ليالي عُمرها ، لم تحظى بليلةٍ كهذه ، نشفتْ شعرها المُبلل لتتجه و تُحضِّر الفطُور ريثمَا يستحِمُ الشخصُ الذي تمركز بقلبها و بشدة.
في هذه اللحظاتْ عقلها يتطاير فرحًا وقلبها يرقُص حتى بدأتُ تعزفْ بصوتِها وهي تقلِي البيض.
يجب أن أعترفِ أنَّ حياتِي في الملجأ كانت سيئة لم أعرفُ بها معنى للحُب هُناك أبدًا ، لم أختلِط بأحدًا ، حتى رأيتُ بها عبدالرحمن ، رُغم زواجُنا الذي بات مستورًا عن أعيُن الكل رُغم كل ماعانيتهُ فـ ضحكةٌ مِنه قد تُنسيني عناءِ هذه الحياة.
تصالحتُ مع نفسِي منذُ دخلت عالمِ الـ عبدالرحمن ، منذُ اليوم الأوَّل الذي باغت قلبي بحُبه ، أنـا أحُبه و هذا يعني أنَّ الحياةُ ترقِد بين كفتيَّ.
قطَع أفكارِها : مروقة اليوم
ضي أبتسمت وهي تُنسق طبقيْن على الطاولة : دامِك جمبي أكيد بروِّق
عبدالرحمن : عسى دُوم
ضي جلست بمُقابله وهي تضع آخر طبق ، لتُردف : عِندك شي تسويه اليوم ؟
عبدالرحمن : لأ بس ماني مرتاح بباريس وافنان موجودة
ضي : تبينا نطلع ؟
عبدالرحمن : وش رايك نهجم على إيطاليا
ضي بضحكة : صدق ؟
عبدالرحمن : إيه ميلانو أقرب شي لباريس
ضي : كم بنجلس فيها يوم ؟
عبدالرحمن : إللي تبين بس يعني ماهو أكثر من 4 أيام
ضي ضحكت لتُردف : يابخيل تقولي اللي تبين وماهو أكثر من 4 أيام
عبدالرحمن : لأني حاجز العودة للرياض بعد كم يوم فما ينفع
ضي : لا تجيب لي طاري الرياض ! خلني بستمتع في كل لحظة
عبدالرحمن أبتسم لها وهو يشربُ من كوب الماء ، نظر لهاتِفه و إتصالاتٍ مُعتادة من عمله و أصدقاءِه ، الغريبْ أنَّ قائمة الإتصالات الفائتة لا تحوِي رتيل أو عبير.
ضي : إفطر ولاحق على الجوال
عبدالرحمن : بشوف البنات
ضي سكتت لا تُريد ان تعلق ويفهمها خطأ
عبدالرحمن : غريبة ماترِّد .. الساعة عندهم الحين 10 وربع !! معقولة نايمين
ضي : إجازة أكيد بينامون
عبدالرحمن ويتصل على رتيل .. وأيضًا الحالُ يُشبه عبير – لا رد –
عبدالرحمن : مُستحيل عبير تنام لين هالوقت .. أتصَل على البيت وردَّت أوزدي : ألو
أوزدي وعرفتُه من صوتِه : هلا بابا
عبدالرحمن : وين عبير ؟
أوزدي : فوق غرفة
عبدالرحمن : نايمة ؟
أوزدي : MAYBE
عبدالرحمن : طيب ورتيل ؟
أوزدي : برا
عبدالرحمن : وين برا ؟
أوزدي : هديقَه *حديقة*
عبدالرحمن : طيب ناديها
أوزدي : تيب .. وتركت السماعة لتتجه إلى الحديقة الخلفية
رتيل ومازالت تبكِي بهدُوء الأجواءِ من حولها
أوزدي و أقتربت حتى بان ظِلها
رتيل بخوفٍ منذُ تلك الحادثة لم تتخلى عن هذا الخوف ، أنتفضت من مكانها لتلتفت عليها برُعب
أوزدي خافت من شكلِ رتيل الباكِي
رتيل : بسم الله .. وش تبين ؟
أوزدي : بابا عَ تليفون
رتيل تنهدت وهي تمسحُ دموعها بكفوفها وتتجه للداخل: ألو
والِدها : هلا رتيل
رتيل بصوتٍ واضِح عليه آثار البُكاء : هلابك ، شلونك يبه ؟
والِدها : لحظة وش فيه صوتك ؟
رتيل : ولا شيء
والِدها : ماهو عليّ هالحكي !
رتيل : يبه قلت لك مافيه شي
والِدها و شكوكه تتجه صوب عبدالعزيز : وين عز ؟
رتيل : وش يدريني
والِدها : أقصد يعني طلع للشغل
رتيل : مدري
والِدها : طيب وعبير ؟
رتيل : بغرفتها
والِدها : أنتم وش فيكم اليوم !! أمس مكلمك مافيك شي !!
رتيل : وأنا الحين مافيني شي
والدها بحدة : رتييييل !!
رتيل : يبه الله يخليك صدق مصدعة ومانمت من أمس فعشان كذا صوتي تعبان
والِدها : طيب وين عمك مقرن ؟
رتيل : يجينا الصبح يشوف الأوضاع ويروح للشغل وبليل بعد
والِدها : طيب ، أنتبهي على نفسك
رتيل : إن شاء الله
والِدها : بحفظ الرحمن
رتيل : مع السلامة .. وأغلقته
ضي : وش فيهم ؟
عبدالرحمن : قلبي يقول فيه شي صاير
ضي : هذي رتيل
عبدالرحمن : إيه
ضي : يعني وش بيكون فيها ! حبيبي لا توسوس كثير
عبدالرحمن : ماهو عنّ بس قلت لك عن سالفة عبدالعزيز وخايف أنه يقرب لهم
ضي : لا مستحيل يقرب لهم ! ماهو بهالدناءة عاد ولد سلطان
عبدالرحمن : قلبي يقول أنه عارف بزواجه من رتيل
ضي : مو تقول مقرن وصَّل الشيخ للباب وأنت ماعطيته فرصه يشوف شي
عبدالرحمن : إيه بس هو صاير غريب حتى ماني قادر أفهمه ، وخايف على عبير بعد
ضي : ليه ؟
عبدالرحمن وهو يحرِّك أصابعه على الطاولة وكأنها بيانُو : قبل ملكة عز بيوم أتصل على مقرن شخص وهدده إن لو عز تزوج عبير راح نندم و تهديدات طويلة
ضي رفعت حاجبها بإستغراب : هددكم بعبير !! طيب ليه يعني مين أصلاً ؟
عبدالرحمن : مُستحيل عبير تخون ثقتي فيها ! انا متأكد مثل ماأنا متأكد أنك قدامي الحين أنه عبير ماتدري عن شي ! بس مين هو ؟ ماني قادر اعرفه قلت لمقرن يشوف لي الشبكة ! طلع متِصل من بقالة و مع ذلك رحنا للبقالة وقالنا أنه مايتذكَّر أحد جاه
ضي : يالله ياعبدالرحمن أنتم وشغلكم هذا !! والحين رتيل متى بتعرف بزواجها ؟
عبدالرحمن مسك رأسه وبتعب : أحس قاعد أضحي ببناتي
ضي وتمدّ إيدها لتضغط على كفِّه : مو دايم تقولي أحيانًا لازم نضحِي عشان نعيش
عبدالرحمن بضيق : بس هذولي بناتي ، مستعد أضحي بنفسي لكن بناتي لأ
ضي : طيب رتيل ماتزوَّجت واحد غريب أو واحد بيضرِّها تزوجت ولد شخص غالي عليك كثير الله يرحمه
عبدالرحمن : الله يرحمه ، أنا عارف عز لكن هو مقهور وأكيد تصرفاته بتكون مبنية على غضبه ماهي مبنية على عقل ! لو عرف بزواجه من رتيل أنا واثق أنه بيضرَّها
ضي : وإن شاء الله ماراح يضرَّها يعني حتى لو زوَّجته عبير نفس الشي
عبدالرحمن : بس عبير قوية ماينخاف عليها ، رتيل مهما بيَّنت أنها قوية من الداخل ضعيفة
ضي : طيب ليه هددك بعبير بالذات ؟
عبدالرحمن : مافيه غير إحتمال واحد أنه يعرف عبير وهذا الشي قلت لك أنه مستحيل ، أنا واثق في عبير كثير لو قالي رتيل ممكن أشك لكن عبير مستحيل إلا من سابع المستحيلات ، المُشكلة أنه قالنا هاللي هدد عن موضوع محد يعرفه غيري أنا و سلطان و مقرن و بومنصور .. أجبرني أختار رتيل ...... إلى الآن ماني مستوعب كيف الحالة اللي وصلنا لها

،

الماء تُدغدغ أطرافهُم وهم يسيرُون بجانِب البحرِ ،
وليد : وبس . . أهم شي الأدوية بالوقت الحالي
رؤى وتتشابك كفوفها : بيطوَّل حالي كذا ؟
ولِيد : إن شاء الله مايطوِّل ، توكلي على ربك وعنده الفرج
رؤى بضيق : أحس أني ضايعة !! ناس كثيرة في عقلي وأحداث كثيرة بس ماني قادرة أسترجع شي بس أحس فيه أشياء . . يعني مدري كيف أشرح لك
ولِيد : فاهم عليك بس تنتظمين على الأدوية وجلساتنا يوميًا راح تسترجعين شخصيتك الأساسية !! وتعيشين بهويتك اللي تبينها ومنتظرتها من زمان
رؤى : يارب
دقائِق غرقُوا بمنظرِ البحر في ذاكرتهم ، حتى قطعته رؤى : هالشخص أحسه يشبه أحد
وليد ينظر للإتجاه التي تقصده رؤى ولم يكن هُناك أحدًا ، بدأت لا تُفرق بين الحقيقة والوهم , يُجاريها : إييه
رؤى : شايفينه من قبل ؟ كان بميونخ صح !
وليد : لأ هذا أول مرة أشوفه
رؤى بوجع : ليه يسوي بحاله كِذا !
ولِيد بصمتْ ينظُر لتفاصيل ملامِحها المتوجِعة والدمعة التي تعكِسُ الشمس ولا تسقِط
رؤى بلعت غصَّتها : الحياة سيئة
وليد : الناس قاسية
رؤى وتنسابْ دمُوعها : كيف وصلنا لهالحالة ؟
ولِيد تنهَّد وهو يقِف : حظوظنا شحيحة !! لو نشحذها عطتنا ظهرها و مشت
رؤى وبهدُوء أستسلمت لبُكاءٍ عميق : ودِي أغرق ، أذوب بالمويا و يختفي كل شي
وليد ولَّى وجهه ناحية البحَر و كفوفه تغرق بجيُوبه : تدرين وش أعظم خسارة بهالحياة ؟
رؤى ألتفتت عليه
وليد : أنه حياتك تضيع وأنتِ تدورين عن هالحياة ! عن الحُب ، عن الإستقرار ، عن العايلة .. حلمت كثير باليوم اللي أشوف في هالحياة
رؤى : ما حبيت قبل ؟
ولِيد : لأ ، ممكن إعجاب إنجذاب أشياء زي كذا بس حُب لأ .. لأن عندِي قناعة تقول الحُب اللي ننساه بسهولة ماكان من الأساس حُب
رؤى : ومين أُعجبت فيها ؟
ولِيد : ماأعرفها كنت أجي الهايد بارك أقرأ و كانت دايم تمِّر من قدامي ، تصدقين كلمتها و جلسنا مع بعض شربنا القهوة بس ماقالت لي أسمها يمكن هذي حسنة ، أحيانًا أحس أنَّه اللي ما يعرفنِي نعمة.
أكمل بعد تنهيدة : أتصَل عليّ أبوي وقالي عن بنت عبدالمحسن آل متعب ، مدح لي العايلة وأهلها كثير ، قلت الحياة تجارب وأجرِّب الزواج التقليدي ، و فشلت .. و خيبة زي كل خيباتي في الحياة ، عُمرها ماوقفت هالحياة معاي !! عُمرها ماكانت مُنصفة لي .. عشت حياتي بالغربة و لما تعلقت بشخص أحبه و هي أمي .. ماتت !! خالي من الحُب ، أحس بالوحدة و الموت .. *بُسخرية على حاله* أصلا وش يفرق ؟ الوحدة والموت وجهين لعملة وحدة.
رؤى : وأخوك ؟ أبوك ؟ أعمامك ؟ خوالك
وليد : خوالي ! ماأعرفهم ، أو ماأبي أعرفهم ! مسيحيين ومتعصبين لدينهم ! نبذوا أمي عقب ماتزوجت أبوي ، ماتت أمي ومع ذلك محد جاء وحضر
رؤى : الله يرحمها
وليد ويضرب بحجرٍ صغير في عُرض البحر : أسلمت قبل وفاتها بشهور ، حسيت أنه الدنيا ماراح توسعني من الفرحة ، مع أنه أبوي مطلقها ولا يهمه تسلم ولا تكفر ولا وش تسوي فيني حتى ممكن تخليني أتنصَّر معها ....
رؤى : وتزوَّج
وليد : بالضبط ، تزوَّج و عنده ناصِر أتوقع الحين بثالث إبتدائِي أو يمكن برابع .. ماأدري ماشفته الا كم مرَّة لما كنت أنزل الرياض
رؤى وهي تعقدُ حاجبيْها وكأنها تُصارع شيئًا : ناصر !!
ولِيد ألتفت عليها : قلتي إسمه كثير ، تهذين فيه أكثر وأنتِ نايمة
رؤى : وش أقول ؟
وليد : سامحني و كأنك غلطتي في حقه
رؤى : أنت قلت لي ماعندي غير أخو واحد ؟
وليد : إيه عبدالعزيز هذا اللي قلتيه ليْ
رؤى تُفاجئه : تحبني ؟
وليد سكَت ، لم يكن مترددا بالجواب وكأنه غير مُطمئن من وضع قلبه ولكن شعَر بأن لسانه عُقِد
رؤى : ماراح تقدر تنساني ، يعني لو رحت لو تخليت عنك .. لو الحياة أوجعتك فيني !! بتضِّل تحبني ؟
وليد يُشتت أنظاره : تدرين أنه أقدارنا واضحة ؟ أنا عارف كيف النهاية بتكون !! أنا واثق تماما من المآساة اللي بتصير .. أنا أعرف كيف الغرق يكون !!
رؤى و تنسابُ دمعةٍ مالِحة ، شيءٌ من الضياع يرتديها ، أشتهت أن تُعانق أحدًا ، نعمة العناق هذِه !! أشتهتها ولكن لا أحد بجانِبها تستطيع أن تُعانقه و يأخذُ من صدرِها كل همومها .. لا أحد غير وليد الذي من المُستحيل أن تتجاهل الدين .. مُستحيل أن تتعدَّى دينها و إن نسَت أغلبِ عاداتها.
ولِيد بملامِح البدوِي إن تغاضينا عن لونِ عينه المُكتسبة من والِدته : قد هالبحَر يا رؤى أحس بالقهر ، أحس بالضيق ، أنا مؤمن أنه الله يعدِل بين خلقه ، و عارف كيف ممكن تكون النهاية بعلاقتنا هذي
رؤى تُقاطعه : الحرام ممكن يكمَل لكن بدون راحة
وليد : تختنقين يا رؤى .. تختنقين كثير
رؤى : قلت لي مرَّة أننا نقدر نحوَّله حلال
وليد ألتفت عليها بصدمة من أنها تتذكَّر فذاكِرتها لا تحتمِل إلا النسيان
رؤى وضعيفة تلك الثقة في داخلها : قلتها صح ؟
ولِيد هز رأسه بالإيجابْ ليُردف : عُمري ما كنت بحيرة زي ما أنا الحين
فضفضة ولِيد هذه تغصُّ بي ، حزينة أنا ، بائِسة لا مجالْ للوضوح في حياتي ، لو أنَّني أدرُك كيف أمحِي حُزنك يا ولِيد و لكن من يُعلمنِي كيف أقِف مُجددًا بضحكةٍ لا تغيب ! علِّمني يا وليد.
وليد بكلمةٍ موجعة ، بكلمةٍ هزَّت أركانِه ، بكلمة أسقطت غرور شرقيتِه ، بكلمةٍ رقيقة بعثرت قلبِ الثلاثيني هذا ، : من يكفِّر عن الحياة ذنبها معاي ؟
رؤى و بكت دُون توقف ، بكت بغصاتٍ مُتتالية ، أشعُر و كأني أستلِم خبرُ وفاةِ أحدهُم ، أشعُر بأنَّ الحياة توقفْت عِند كلمتِه هذا ، أشعُر بعظِيم ألمِك يا وليد
وليد بِبحَّة مع الأمواجِ التي تنتهي عند قدمِه : مالنا في الحُب صاحب


،

على سرِيرها تلفٌّ خصلاتِها بأصابعها ، دمُوعها لم تجِف بعد ، ياااه كم قسوَت على رتيل ؟ أشعُر بالذنب ينتهِك جسدِيْ ، لا أُفكِر بموضوع أبِي الذي أشعُر وكأن العار حلَّ علينا ، كل تفكِيري يتجِه لرتيل ، ماذنبها كي تتحمَّل مزاجيتي المُفرطة و غيرتي على والِدي !! أشتهِي أن أعتذِر لها وأخبُرها بأنّها اليوم تبدُو أجمَل النساءِ على أرضِه ، لم تعشق رتيل شيئًا كالمدِيح الذِي يُغري أنوثتها ، لو أنَّ الإعتذار قد يُغيِّر شيئًا لقُلته ولكن دائِما ماكانت ومازالت أيضًا رتيل بعيدة وقريبة منِّي في مثل الوقت.
نظرت لجوالِها وهو يُنبه عن رِسالة ، قرأت " لا يليقُ بالجميلة أن تبكِي "
أخذت نفسًا عميقة حتى يبدأ بحرًا من الملوحة يهطِل على خدَّها ، أُريد أن أشتُمك الآن ، أريد أن ألعنك مرات و مرات كثيرة أمامِك ، ضعيفة أنا بحُبي لك وأنت تثِق بغطرستِك أنك قادِر على كسبِي.
بجنُون ضغطت على رقمِه تُريد ان توبخه بسبب أو بدون سبب ، تعرف أنَّ حدود الله تنتهَك بإتصالها هذا ولكن سئمت .. ضاقت .. غير قادِرة على الخلاصِ منه .. ولن يحلُّ عليها الخلاص من غضب الله.
أتاهُ صوتُه المُبعثِر لخلاياها ، الرجُولي البدوي الصارخ الصاخب المُزعج الهادىء العذب الخشن . . و المُحب ، أيّ تناقضات هذه يُرددها قلبي عندما أسمعك.
: مساء العبير
عبير بعصبية : قلت راح ننتهي !
: ما أعرف كيف أنتهي منك
عبير : يا غرورك
: أعرف
عبير : و تبغى تتملكني وبس !! أنا أعرف كيف تفكِر ، تحسبني مقدر أنساك وأني مقدر أتجاهل فكرة وجودك .. غلطان و اللي تبني عليه غطرستك وساديتك ما يمشي معاي
: ما تقدرين تنسيني
عبير ببكاء مقهورة , تتزاحم الكلماتْ عند شفتيها و الشتائِم أيضًا ولكن لا تقول شيئًا
: إيه نعم أنا أحب التملك ، أتلذذ بهالتملك !! و انا أعرف أنه كل طرقك راح تجيبك ليْ
عبير : لا تتحداني !
: حاولي تنسيني وراح تنشغلين فيني
عبير : علاقة أساسها حرام أكيد ماراح تنتهي بسعادة ! وهذا اللي بيأكِد ليْ انك مستحيل تكون زوجي في يوم من الأيام
: أذبح اللي يقرب لك ، لا تحلمين كثير إن ماكنت زوج لك ماراح تكونين لغيري
عبير و هذه اللهجة غريبةٌ عليها ، تشعُر بأنَّ تهديده من ثِقة ، هذه الثقة تُضعفها كثير
: الحين حبيبتي تنام و تهدأ .. أتفقنا ؟
عبير : أنت مين ؟
: زوجك
عبير و تجهشْ ببكائِها
: أششششششش لا تبكِين ، لا تبكِين أنا أحبك
عبير بنبرةٍ ترتجفُ قهرًا : مين أنت ؟ قولي مييييين
: تتزوجيني ؟ و حالاً ؟
عبير سكَنت ، تجمَّدت ، شيءٌ يخترقُ قلبها بهذا السؤال
: تخافين الحرام ؟ هذا أنا أبيك بالحلال
عبير بلعت ريقها ، تضعفُ أكثر ، جُدرانها تتفتت أمامِه ، أردفت : لأ
صُدِم ، الدهشة أرتسمت على وجهه : لأ ؟
عبير : ماني رخيصة لك ... وأغلقتِه في وجهِه !
نظَر لمن يُراقبه ، بيدِه اليُمنى كأسُ من الشايْ الساخِن و يدِه الأخرى مُستنِد بها على مقبض الباب : تكلمها ؟ متى تعقل وتكبر من بنت لبنت !! من مصيبة لمصيبة
: ماني رايق لك أطلع برا
هو :والله لو يدرِي أبوك عن سوالفك بيعلقِّك عند باب البيتْ ويعلمك كيف تحب بنت عبدالرحمن
بحدَّة : قلت لك أطلع
هو بسخرية : اطلع ؟ ههههههههههه لايكون حبيتها !! ههههههههههههههههههههههههههههههههههه أقتلني أقتلني وقول أنك حبيتها ههههههههههههههههه يالله يا سُخرية هالأقدار فيكم !! يا شينها لا حبيت إنسانة عارف أنها ماتبيك
ينظُر له مُصطنع اللامُبالاة ، تجاهله وهو ينظِر للوحاته
هوَ : لهدرجة مُغرية ؟ طيب ورِّني صورتها يمكن تعجبني
رفع عينه و كأنّ البراكين تنقلُ حممها بنظراتِه
هو : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههه لألألأ كِذا الحال ميأوس منه ، تغار يا روح ماما ؟ تغار عليها !! هذي أنا أعلقها فيني بيومين .. أعرف أنه ذوقك رخيص زي وجهكِ .... نسونجي ماعليك شرهة
وقف وبدأت خطواتِه هادِئة
هوَ : ماشاء الله رجَّال !! هههههههههههههههههههههه حاول تمِّد إيدك و خبرك يوصل لأبوك وهذي المرة أنا عند وعدي والله لأقول لأبوك بسيرتك الوصخة !! مسوي فيها العفيف وتركت التدخين وهذا أنت ترجع له ! انت مستحيل تكون شخص صالح لأنك ببساطة زمن التغيير ولَّى 29 سنة ماتغيَّرت فيها بتتغيَّر الحين !! أنا أحلف لك أنك ماراح تقدَر تصلي التروايح في رمضان كل الأيام ! أنا مستعد أحلف لك انه شعرك أهم من هالعبير !! أنت أصلاً مالك هدف بهالحياة !! إلا صدق *قالها بتهديدٍ واضِح* أبوك يدرِي كم مرَّة تشرب فيها ؟ يالله تكسَر خاطري والله
واقِف بثباتْ ، يستمِع لمن يدسُّ أنفه بحياتِه وكأنهُ وصيٌ عليه
هوَ يُكمل : هههههههههههههههههههههه والله أنه يشفق عليك ، أنا صدق ماني أحسن منك بس على الأقل أصلي حتى لو مو في المسجد ! صدق أدخِّن بس ماأشرب ! صدق أنه عايش على البركة بدون هدفْ بس على الأقل ماألحقّ خلق الله ! انت ماتقدر تعيش بدون حريم ! ماتصبِر !! وليتك توفي لوحدة تخونها مع مليون وحدة !! يا رخص الرجولة فيك .. تدري أحيانًا أقول الرجولة ما لها صِلة فيك !! أنت ذكَر وشبه حيوان في السنة تحِّب مليون وحدة ، تغازل غيرها مليون ! أنا أصلاً لو تقولي أنك نايم مع وحدة ماراح أستغرب . .
لم يُكمِل من اللكمَة التي أتت على شفتيْه وأسقطت كُوب الشاي على الأرض
الرسامُ أفرغ جحيم عبير و رفضِها بمن أمامِه ، أمسكهُ من ياقتِه وضربْ رأسِه على حافةِ الباب ، و أسقطهُ على الطاولِة الزُجاجية ليتناثر الزجاج حول جسدِه ، أوسعهُ ضربًا جعله غير قادِر على مقاومتِه ، لطَّخ وجه من أمامِه باللكماتِ والجروح ، قوتِه هذه أتت عنيفة وجدًا
وقف يُلملم قميصه الذي تقطَّع وبعصبية : قسم بالله لا أخليك تندم والله ثم والله ليوصل لأبوك اليوم وبتشوف كيف تمِّد إيدك .. وخرج
مسح أنفِه بطرفِ كُمِّه ، ليعلم الجميع بمن أنا ، أقتنعت وبشدة أن لا قُدرة عليّ للتغيير حتى من أجلِ عبير .. أخذ علبة السجائِر وأخرج سيجارة لينفثُ بها غضبًا ، أيّ راحةٍ هذه ستتسلل لقلبِي وأنا بعيد كُل البعد عن الله ، يأِستْ من أنَّ لي طريقًا في هذه الدُنيا للصلاح ، أشعُر و كأنَّ من سيُقربني لله هي عبير ، . . . يا غبائِي وأنا أُفكِر بأن هناك وسيطٌ بيني وبين الله .. هذا وأنا أدرسُ التوحيد منذُ سن السادسة و لا أعرفُ كيف أنَّ الله قريبٌ رحيم ومهما بلغنا الذنوب يغفر لنا الرحمن بإذنه الغفور.

،

الساعَة السابعة مساءً *
ركَن سيارتِه و هو يتصِل على ناصِر مُتجِهًا لبيته : تونِي أفضى
ناصِر : خف علينا بس
عبدالعزيز : والله ماألقى وقت أحك فيه راسي ، تعالي طيب الحين
ناصر : لآ مقدر بس كنت أبي آخذ رايك بشيء
عبدالعزيز ويفتح بابه وهذه المرة يفتحه بحذر شديد ، المؤمن لا يُلدغ من جُحره مرتين
رفس الباب برجله وهو ينظِر ويتأمل المكان المُرتَّب ، يبدُو في النهاية سأقع بحُب هذه الخادِمة التي تُجيد الترتيب هكذا !! ضحك على سُخف أفكارِه.
ناصِر : لحول وش فيك
عبدالعزيز : ولا شيء بس أقولك من كثر ماأنا وحيد و حزين شكلي بحبّ شغالتهم
ناصِر : الله يكفينا الحزن ، أسمعني عزوز أنا بفسِّر حلم غادة
عبدالعزيز صمت لثواني ثم أردف : لأ
ناصِر : يمكن فيه شي لازم نعرفه ، يعني ممكن عليها دين كانت مخبيته عننا
عبدالعزيز : قلت لك لأ ، ان الرؤيا على جناح طائر إذا فسرت وقعت
ناصر : طيب وإذا وقعت ؟ يعني هي ماتت الله يرحمها ! ماراح يضِّرها شي إن شاء الله
عبدالعزيز بخوف : لآلآ يا ناصر واللي يرحم والديك لا تفسِّر شي
ناصِر بضيق : أتعذب ياعبدالعزيز ! ماعاد لي قدرة أتحمَّل أكثر ، أشوفها تبكِي ولا أقدر أسوي شي
عبدالعزيز وهذه الذكرى تتُعبه : طيب وش أقول أنا ؟ يكفينا عذاب ! إن فسرناه وطلع شي شين والله ماراح أقدر أنام زي أيامي الأولى !! ماأبغى أعيش بحالتي ذيك .. ماأبغاها يا ناصر
ناصر بتعب تنهَّد : تشوف غيرها ؟ يعني أبوك أمك أحد ثاني ؟
عبدالعزيز : هالفترة بس هي ، بس قبل كم يوم حلمت بأمي . . أبتسم عبدالعزيز على ذِكراها و بعينه تلمعُ الدمعة المنزويَة و ترفض النزول.
ناصر : حلو ؟
عبدالعزيز : يوووه يا ناصر أشتقت لها كثير ، كانت واقفة بحديقة أو ماأدري وين بالضبط بس كان كله خَضَار ، أبتسمت لي .. تخيَّل شفتها تبسم ليْ
ناصِر يسمعُ إليه و قلبه يبكِي على حال عبدالعزيز
عبدالعزيز : كنت بجيها .. كنت بسلِّم عليها .. قمت وليتني ماقمت .. لو الحلم مكمِّل شوي بس لو أتنفسها أكثر .. رحت فتحت الدولاب وأنا مآخذ بعض أغراضهم من باريس .. رجعت نمت على طرحتَها وريحتها والله يا ناصر للحين فيها ... تمنيت أحلم فيها
ناصِر في حالةِ سكُون ، تذكَّر وِشاح غادة الذي أخذه مِنها ، ولكنه في شقته بباريس لو أنه يطير لباريس الآن و يذهب لشقتِه ويبحثُ عن تفاصيلها هُناك.
عبدالعزيز : يمكن بكرا رمضان
ناصر : أول رمضان بدونهم
عبدالعزيز : أخاف العيد !! ماراح أتحمَّل ودِّي أنام في هاليوم كلَّه وماأصحى الا اليوم الثاني ، ماابغى أشوف فرحة أحد .. أخاف عليهم لا أحسدهم .. وصلت لمرحلة أحسد الناس على فرحها !!
ناصر : مايهم العيد !! اللي يهم كيف بتقدَر تنام أصلاً بليلة العيد
عبدالعزيز و نفسيتهُ مازالت تتذبذبْ ، حزين جدًا ، الحُزن على الرجال لا يُطاق ، تشعُر بوجعهُم كأنهُ سيوفْ . . . يالله ماأعظمُ حُزنِ الرجال !!
ناصِر : تدري أنك تضيِّق الصدر
عبدالعزيز أبتسم : و تدري أننا دايم نفتح جروح بعض !!
ناصر بضحكة بحّ بها صوتِه : إن كان رمضان بكرا لو سمحت لا تتصل
عبدالعزيز : مين قال بـ هنِّيك ؟ مرة مآخذ بنفسك مقلب ! أنا زين أتذكرك
ناصِر بسُخرية : من كثر اللي حولك ماراح تعرف تهنِّي مين ولا مين
عبدالعزيز : شُكرًا على مشاركتك لي الوحدة
ناصر : ههههههههههههههههههههه أجل الفطور عندك ؟ خلك رجَّال وقول تم
عبدالعزيز بضحكة طويلة : ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه ماهو تمّ وأنا رجَّال غصبًا عنك
ناصر : يا بخيل .. وأغلقه في وجهه
عبدالعزيز رمى الهاتف وهو يضحَك دائِمًا ماكانت أحاديِثه الساخرة مع ناصِر تنتهي بإغلاق أحدهم في وجه الآخر.
خرَج و يسيرُ بهدُوء نحو الحديقة الخلفية ، تراجع قليلاً عندما رأى ظهرُ جميلةٍ بشعرٍ مُسدَل على كتفِها بنعومة ، أولُ ماخطَر على باله عبير و في داخله قال بإندفاع " دائِمًا ماأقول أنَّ عبير أجمَل من رتيل بمئةِ مرَّة "
الظُلمة تُخيِّم على هذا المكان ماعدا الإنارة التي تأتِي من الباب الخلفِي.
و مقعدٌ طويل من الخشبْ مُعلَّق بسلاسِلٍ يتمرجحُ بخفَّة ، عيناها متوِّرمة من البُكاء و الوحدة و أشياءٍ بائِسة أمرضت روحها.
مازال يرنُّ بمسمِعها حديثُ عبير ، لا قُدرة على تجاهله أبدًا.
شعرت بأن أحدهُم يجلس بجانبها ، ألتفتت برُعب وهي تُشهق.
عبدالعزيز : بسم الله عليك
رتيل حاولت الوقوف لتبتعِد ولكن يدِه تُقيدها من بطنِها ، شعرت بغثيان و بمعدةٍ فارغه تعتصِر بقبضتِه.
رتيل بحدة رُغم صوتِها المُرتجف : أبعِد عنِّي
عبدالعزيز : مين مزعلِّك ؟
رتيل بعصبية : قلت لك أبععععد عنِّي
عبدالعزيز و يضع ذراعه خلف ظهرِها ليشدُّها نحوِه و يُلصِقها بجانبه ، يُعاندها ويغيضها أكثر.
رتيل في داخلها تحاول أن تتزن بما ستقول ، لاتبكين يا رتيل ، لا تبكِين وتضعفين . . هو مايستاهلك !! لازم توقفينه عند حدَّه
ألتفتت عليه وليتها لم تلتف ، كانت قريبة مِنه حدَّ أنَ الهواء رُبما لم يعُد يفصُل بينهم ، ضاعت الكلمات و هي تضيع في عينه ، نست كيفية الكلامْ بس عجزت ان تتذكَّر كيف يجب أن تتحدَّثْ.
أنفاسها تضطربْ و قلبُها ينتفِض ، و أنفاسِه تحرقُ وجهِي ، أدركُ كمية الحِقد في قلبه عليّ و على والِدي ، لكن . . . .
لا يُوجد لكن عند عبدالعزيز ، أقترَب مِنها ، جبهتهُ تُلاصِق جبهتها و أنفُها الشامِخ رُغم صِغره يُعانق أنفُ عبدالعزيز ،
شعرت بأنَّ نبضِها يقِفْ وَ جسدِها يرتعِش و مغص في بطنِها من الربكة اللتي ترتمي على قلبها.
عبدالعزيز يُخلخل أصابعه بشعرها الناعم ويجُّرها نحوِه أكثر و يُعاوِد فعلته دُون أن يُفكِر بعواقِب أفعالِه ،
تشعُر بأنَّ شفتيها تحترِقْ تحت وطأتِه ، تشعُر بأنَّها فعلاً رخيصة ، تشعُر بأن ضميرها يموت شيئًا فشيئًا ، حتى أنَّها غير قادِرة على الدُعاء لحظةً و هي تعصِي الله هكذا !! ، كم هو تافه الحُب و أنا بين أحضانِه معصيةً الآن ،

عبير تقدَّمت لشُباكِها و كادتْ تفقِد توازِنها وهي تنظُر لرتيل و عبدالعزيز في هذا المنظَر المُخِّل ، لم تُفكِر بشيء سوَى أن دموعها سقطت !! أولُ ماأتى في بالها " والله شديد ذو إنتقام " ، أرتعشت بأكملِها من هذا المنظرْ . . غير مُصدِقة بأنَّ رتيل تتنازل بهذا الرُخص أمام عبدالعزيز ! يالله كم أستحقرك أنتِ و عبدالعزيز الآن ، كيف ترتضِي بأنَّ تُقبِّله و تغرقُ في تقبيله و هو ليس بمحرمٍ لها .. يالله لا تقع علينا السماء السابعة من حجمِ هذه المعصية !! يالله أرحمنا .. يالله أرحمنا . . ارحمنا يالله إنا نخافُ يومٌ عظيم.
أبتعدت عن الشُباك و لن تسمع بهذا الهبل أن يحدُث هُنا.

رتيل تدفُّه بقوة لتقِف أمامه مُمتلئة بالدمُوع ، واقفة لا تقول شيء ، على غير العادة ، لا تُطلق أيّ شتيمة في وجهِ عبدالعزيز
خيبتها هذه المرة تكبُر أكثر وأكثر ، خيبتها هذه المرة لا مجال بها للعتب ، خيبتها هذه المرة تتمدد و لا أكادُ أسيطِر عليها.
عبدالعزيز بلل شفتيْه بلسانِه و يرفعُ عينهُ لها ، باكية حزينة ! أدركُ يا رتيل كم من الحُزن الآن يُغلفُ قلبك ! اعرفُ تمامًا كيف الحُزن يكون و الخيبة أيضًا !! أنا قادِر على تدميرك في لحظة و رُبما هذه اللحظة قريبة.
رتيل مازالت واقِفة ، تبكِي بصمتْ ، عيناها لا ترمش موجَّهة بسهامٍ موجعة لعينَا عبدالعزيز ، همست : ليه ؟
عبدالعزيز ، في ثغرِك ألمحُ طيف مقبرتِي في هذه الحياة ، أعرفُ تمامًا أنَّ معصيتي أنتِ ، أعرفُ أكثرَ أن المقبرة سأُدفن بها لا مُحال و أنَّ والدِك لن يدعُو ليْ بدعوةٍ واحِدة ، لا علاقاتِ في الحياة ، هذا مايجب أن ألتزِم به . . أدرك وحدة أولئك الحمقى في المبنى الرديء كيف يعيشون حياتهم بوحِدة لا يعرفون معنى الصداقات والإجتماعات !! و لن أكون منهم ،
إن عصيتهُم فأنا أذهب لمقبرتِي طواعيةً ، و أنا أُريد هذه المقبرة .. أُوَّد الموتُ أكثر ولا أفهمنِي ، أعاقب نفسِي أريد أن أتصِف بصفاتٍ أكرهها .. مجنُون أنا و لا أرِيد أن يَعلَق بجنوني أحد !
رتيل بصوتٍ مجروح : ليه تعذبني ؟
عبدالعزيز وقف لتبتعِد بخطواتِها للخلفْ : مين اللي يعذِّبك ؟
رتيل بوجع : أنت
عبدالعزيز : أنا أنتقم لنفسِي ، تعرفين وش يعني موجوع ؟ ماتعرفين لأنك عايشة حياتك زي ماتبين !! ماتعرفين وش يعني وحدة .. لآ أهل .. لآ شيء !! كل شيء في قلبي أغتصبوه !! أغتصبوووووووه .. رددَّها وأحرق سمعها به.
أردف : على فِكرة يسعدني أقولك اني تزوجت .. أبوك ماقالك ؟ شهد على زواجنا مقرن .. كلميه قولي له مين أخترت
رتيل تعتصِر ببكائها ، أرفعت نظرها للسماء الصافية و هلالٌ يُضيئها ، خيبةٌ أخرى لا تستطيع أن تُصدقها.
عبدالعزيز : بتكون زوجتي اللي بحطها بعيوني ، بدوِّر فيها عن الحياة اللي مقدرت أعيشها !! ، تبين تعرفين من هي ؟
يكفِي جرح يا عبدالعزيز ، قلبي يتقطَّع .. لم أشعُر بحرارة الغيرة كشعورِي بأنَّ الجليدُ من حولي ينهارْ و قلبي يحترِق تحت نارٍ لا ترحم ، كأنَّ احدهُم يطعنني بسكِينٍ غير حادَّة و يُمررَها بهدُوء و لا يرحمُنِي بقتلٍ واحِد.
عبدالعزيز بحدَّة غاضبة ، بصوتٍ يتفجَّرُ حُرقة : بخليك تتعرفين عليها قريبْ ، راح تقابلينها كثيرْ !!!
رتِيلْ و لا يهدأُ بكائَها ، كأنها طفلةٌ أوقعوها في منتصفِ الطريقْ من فُرطِ الوحدة ضربوها ولم تجِد من يُدافع عنها ، حتى ظِلَّها وقف خلفها ، لا تعرفْ تحمِي نفسها أم تحمي من ؟ ، كل شيء ينهارُ أمامها ، حُبها و أشياء جميلة في قلبها ، تبكِي بوجَع ، ياااه يا شعُور الإهانة بالحُب كيف يأتِي مذاقهُ حارِقًا يلسعُ لسانِها وقلبها أيضًا
عبدالعزيز بحدةٍ أكثر وهو المقهور من نفسه قبل كل شيء : أحبها أكثر من أيّ شيء ثاني في حياتي هذا إذا كان باقي لي حياة ، أتصلي على أبوك وأسأليه !! على فِكرة أعرفها من باريس .. إسمها أثير .. حلوة كثير تحسين كل جمال الكون في ملامِحها و خلوقة *قال كلمتِه هذه بقسوةٍ على رتيل*
أكمل : و تعرف حدودها كثير .. تحبني أكثر من نفسها وتدوِّر رضايْ
رتيل أخفضت رأسها ليغتسل شعرها بدمُوعها ، حُرقة و قهر .. يالله يا عبدالعزيز كم انا مقهورة مِنك ، يالله كم هي خيبتي واسعة !! أنفاسي تضيق ، أشعُر بأنَّ الكون يلتفُ حولِي ويُزاحمنِي الهواء إن بقيَ هواءَ الآن !! أخفف من هذا العذاب ، توقَّف عن قولِ الجحيم والله لا طاقة لدِي ، والله أني ضعيفة ، والله أني يائسة لا حول لي ولا قوَّة حتى أتحمَّل هذا الحديث.
عبدالعزيز : ماراح تقولين لي مبروك ؟
رتيل بين بُكائها : يكفييي
عبدالعزيز ببرود : ليه تبكين ؟
يالله يا عبدالعزيز على هذه القسوة ، تقتُلنِي وتمشِي بجنازتي ، أيّ قوة أتتك حتى تُضُر قلبي بهذه السهولة دُون أن ترمش تأنيبًا ؟
لا أفهمك ، كل ما في الأمر أنَّني أُعاقب بك ، أنتَ ليس هِبة أو بركة سماء . . انت ذنب ، عقاب ، عذاب ، معصية .. معصية يا عبدالعزيز.
عبدالعزيز : أبحثي عنها بالنت راح تلقين صفحتها بتويتر ، أثير روَّاف .. شوفيها وماراح تلوميني أبد أني أخترتها .. وتركها تُلملم خيبتها.
ذهب هو أولاً و لم تذهب هي .. لم تُهان في عُمرها إهانةٍ كهذه ، كل الإهانات الماضية كانت تكسِر عقلها وبعضُ قلبها ولكن هذه الإهانة تكسُر قلبها وعقلها معًا .. كيف أحتمل ؟
نظرت إليه حتى دخل بيتِه ، حتى دخل عُتمته الرديئة ، تمتَّع بيْ ليُهينني أكثر ، ليستلِذ بتعذيب قلبي بينما هوَ غارق في أُخرى ، إن لم تُبادلني هذا الحُب على الأقل أمضِ بسلام ، لِمَ جرحتني بمثل هذا الجُرح ؟ كيف أتطهَّرُ مِنك ؟ كيف أطلبُ من الله مغفرة معصيتي بك ؟ كيف أقُول لهذه الحياة أنَّني أعيشُ مخاضِ حبٍ لا يُريد أن يتركني بسلام !
لا أجوبه لديك يا عبدالعزيز لأنك أرخصتني ، أنتَ من أغتصب هذا القلبْ ! ليتَك عرفت أن تنتقِم بشيءٍ آخر غير القلبْ.
تُدرك جيدًا أن الحُب مرضٌ لا شفاءِ منه ، لِمَ يا دوائِي ؟
دخلت و كانت بإستقبالها عبير ، أبعدت نظرها عنها لتصعد ولكن وقفت عبير أمامها
رفعت وجهها الشاحِب الممتلىء بملوحة دمعِها ، لتتلقى الصفعةُ الأولى بحياتِها من عبير ، صفعتها بكل ما أُوتيت من قوَّة ، صفتها بحُرقة الأخت على أختها ، بحُرقة على الله الذي يراهُم بهذه المعصية !!
كادت تسقِط ولكن أتزنت ، رتيل القويَة الشامِخة المتهورة المتمردة التي لا ترضى بالإهانة سكتت .. لم ترُد على عبير !
عبير بحدة : لييييييييييييييييييييييه ؟
رتيل رفعت عينها عليْها لوهلة شعرت بأنَّ من أمامها والِدتها ، لوهلة شعرت بأنه يحقُّ لها الإرتماء بحُضنها وإن كان جافًا سيُبلله دمعي بالتأكيد ، لوهلة أرادت أن تقول " سامحيني يا أمي "
عبير : ماخفتي ؟ و بليلة رمضان بعد !! بليلته تسوين كذا !! لو أنه رجال مالمسك في غياب أبوي ! لو أنك ثمينة ما قرَّب منك !! يالله يا رتيل لو تدرين بقهري وأنا أشوفك كذا ... يا رخصك .. يا رخصككك ماني مصدَّقة أنك وصلتي لهالدرجة من الرخص !! الله لا يبارك في حُب جمعكم في ليلة مثل هذي بهالمنظر !!
رتيل صامِته ، هذه الليلة لم تنَم بعد ، هذه الليلة مُتغطرسة لا تُريد ان تنتهي إلا بسيلٍ من الإهانات ،
عبير : ماراح تكبرين وتحسين بفداحة اللي تسوينه !! الله لايحاسبنا بالسفهاء امثالك أنتِ وياه ... وصعدت للأعلى تارِكة رتيل كما تركها عبدالعزيز للتوّ.
خيباتٍ مُتتالية ، من أصعبِ أيام حياتها ، لم تقوَى على الصعُود ، جلستْ على الكُرسي القريب منها ، بكَت و أجهشت بالبُكاء وهي تغرزُ أظافرها بفخذيْها وكأنَّ بعض القهر سينجلِي بتصرُفها هذا.

،

في مجلِسهُم بعد إعلانِ رمضان ، ضجَّت الروحانية في البيتْ.
تُقبِّل رأسه : مبارك عليك الشهر يبه
والِدها : علينا وعليك يتبارك
ريم : يالله أحس رمضان هالسنة غير بكل شي مدري أحس بشعور حلو إتجاهه
يوسف : لاحقة على العرس
ريم تفجَّرت بالحُمرة : مين قال أقصد العرس ؟
هيفاء : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه كم أحبك يا يوسف
يُوسف بإبتسامة مُدللة لهيفاء : أنتِ بس أشرِي لي على اللي يقهرك و انتفه لك
ريم : ماشاء الله يعني نتفتني الحين
يُوسف : لا تتحدين ترى والله الحين اخليك تنحبسين بغرفتك أسبوع أخليك تستشعرين بحلاوة رمضان
والدتهُم : أستغفر الله هالحين الناس مستانسة ويذكرون الله وأنتم تتهاوشون ! يوسف حاط عقلك بعقل ريم
ريم : وش قصدك يمه ؟
والدتها و – تبي تكحلها عمتها - : أقصِد أنه يعني رجَّال وكبير مفروض مايتطنز عليك
يُوسف : لآلآ يمه مايصير كذا وش قصدك يعني ريم بزر !! ماتوقعتها منك يمه
هيفاء : ههههههههههههههههههههههههههههه شيطانك قوي
يُوسف بضحكة يُردف : بصراحة ريم لازم تآخذين رد إعتبار من أمي كلمتها قوية بحقك هذا وأنتِ بتتزوجين بزر أجل هيفاء وشو ؟
هيفاء : نععععععععععم !!
والِدهم : سُبحان الله فيه ناس تحس أنهم راضعين من أبليس
يُوسف : لآلآ يبه بصراحة ماتوقعتها منك ! تقصد أمي ابليس .. أعوذ بالله من التشبيه
هيفاء و ريم و والدته و والدها ينظرون إليه بغضبْ من تصرفاته التي تُريد الإيقاع بهُم
يوسف ينفجِر ضحِكًا على أشكالِهم : مير وش سحوركم اليوم ولا بتطردوني ؟
والده : قم أنقلع برااا ليت أمك يوم جابتك بركت عليك
دخل منصُور مُبتهِج : مبارك عليكم الشهَر .. قبَّل جبينْ والِده و رأسِ أمه ،
يُوسف وقف بتثاقُل : يخي دايم تحسسني أني بزر قدامك ! لازم أوقف وأسلم عليك .. و بتقدِير كما هو المُعتاد قبَّل رأس منصُور
منصُور : وأنت بزر ماجبت شي جديد
يُوسف : تقديرًا لعُمرك بسكت

،
دخلت القصِر وهي تتأملُه ، أشتاقت لهذا المكان كثيرًا
سلطان : نورتِ .. مُتجاهلاً من هي خلف عمتِه
حصة : تسلم لي عينك ..
سلطان يحذِف هاتفه ومفاتيحه على الطاولة
حصة بإبتسامة : هالعادة ماراح تنتهي
سلطان : لا أنكسر جوالي
العنود تمتمت : يا شينك
حصة وكزتها بمرفقِها لتُردف : مغيِّر أثاث هالصالة ؟
سلطان : قبل فترة ..
عايشة بإبتسامة مُتمايلة : كيف هال ماما هِسة ؟
حصة : هلا عايشة بخير شلونك أنتِ ؟
عايشة : تمام كله زين ..
حصة : يازينك والله حتى أنتِ وحشتيني ... تقدمُوا لغرفهم المُعتادة ولكن قاطع هذا التقدُم : حضرنا الغرف اللي تحت ؟ أوسع لكُم و أكبر
حصة أكتفت بإبتسامة و أختفُوا من أمامِه
سلطان : حضري العشاء ماعلى أتروش .. وصعد للأعلى ، دخل جناحه المُوحش ، رمى سلاحه وحزامه على الكنبة وصوتُ حزامه وهو يقع على الطاولة جعلت تِلك الليلة تدُور في عقله وتنتشي ، يجنُّ جنون عقله الآن وهو يتذكَّر كيف ضربها ؟ كيف سمع آهآتها على أنها لا شيء و انها من العدَم و لا وجُود لها.
أستعاذ بالله وهو يرمي قميصه العسكري على الكنبه و يدخلُ الحمام.
في جهةٍ أخرى بالأسفَل.
حصة : وأنتِ تدرين أنه مايحب سالفة كشفك عشان كذا تتنقبين !
العنود تنهدت : يمه وش أتنقب عشان حضرته ؟ هو ماهو أبوي ولا أخوي عشان يتحكم فيني !! أستغفر الله بجلس أداري خاطره .. ينقلع عن وجهي ماني مسوية شي عشانه
حصة : أجل تبين تطلعين من البيت كاشفة ويشوفونك الجيران و يقوِّم علينا الدنيا أنتِ تعرفين سلطان لا عصَّب والله ليصلِبك عند الباب.
العنود : ماله دخل فيني ! هذا اللي ناقصني بعد
حصة : هو سِتر لك وبعدين حرام الكشف
العنود بسخرية : أمدى يمه تغيرين رايك !! أنتِ ماتنقبتي الا يوم تزوجتي أبويْ
حصة : إحنا قبل كنا بجهل
العنود وضحكت من فُرط قُبح العذر : كنتوا بالجاهلية ؟ حسستيني أنك عاصرتي الفتوحات الإسلامية !! ماكأنك منولدة بالستينات
حصة : هذا اللي شاطرة فيه تتطنزين على أمك !! أسمعيني زين ولا تكثرين حكي ! تنقبي ولاتكثرين طلعاتك
العنود : مشتاقة لصديقاتي وكل يوم بطلع معهم وماله دخل فيني
حصة : لحول أتكلم كِذا وترد عليّ كِذا ! انا قلت لك وأنتِ كيفك عشان لا عطاك كم كلمة تسد بدنك ماتقولين ليش
العنود : يالله على رياجيل عايلتنا فيهم طبع شين يكرهونك بعيشتك
حصة : بسم الله عليك من هالعايلة !! نسينا تغربتي كم سنة ونسيتي ديرتك و ناسك
العنود : يمه خلاص أحس نفسي برجِّع كل اللي أكلته اليوم بهالسيرة .. وكانت تهِّمُ بالخروج
حصة : بنت !!
العنود : هاا
حصة : وجع !! بتطلعين كذا قدام سلطان
العنود : ما كأنه متعوِّد عليّ
حصة : الحين هو متزوج و مايجوز تطلعين له كذا
العنُود وتضيِّق على والدته : وقبل لايتزوج كان عادِي أطلع عنده ! تكفين يمه أرحميني من مُجتمعك المتناقض يحلل ويحرم متى ماأشتهى
حصة : الحين صار مجتمعي ! يابنت اللي مانيب قايلة
العنُود : تبيني أحط طرحة !! إذا كذا قولي لي وبروح عند أبوي ماأتحمل أجلس في بيت ماآخذ راحتي فيه
حصة : الحين إن جت وشافتك الجوهرة ! عيب بحقَّها
العنود : إسمها الجوهرة ؟
حصة بإبتسامة مُبتهِجة : إيه بموت عشان أشوفها
العنود بتغطرُس : ذوق ولد أخوك شين أخذيها مني تلقينه متزوج وحدة ماكملت حتى ثانوي !
حصة : بنت عبدالمحسن آل متعب
العنود : وخير ياطير !! أنا ماأعترف بالأسماء أعترف بالإنجازات !! يعني عمها عبدالرحمن آل متعب !! بس هي وش ؟ تلقينها ولا شيء
حصة : هالكلام ما ينقال قدامه فاهمتني
العنود بملل : طيب .. وخرجت دون أن تلتفِت لأوآمر والدتها.

،

هذه آخرُ صلاة في الحرم ، تشعُر بأنَّ قلبها رُغم الراحة إلا أنه يُريد التشبُث بالكعبة ، لآ تُريد ان تخرج منها الآن ، أشتاقتها ولم ترتوي بعد بشكل كافٍ منها ، مازالت تحسُ بأن روحها متعطشة إليْها ، أطالت سجُودها و ركوعها كأنها تُبطىء الوقت ، قضت صلاةُ التراوِيح و صلَّت بعدُها ركعةٌ لتشفِي بقايا حُزنها ، بكت كثيرًا في وداعِ مكَة ، تشعُر بأنَّ الأمل يفتح ابوابه بإتساع أمامها ولكن لا تُريد أن تتركها ، توَّد لو أنها تعتكِفُ هنا و يختفِي هذا العالمُ من امامِها .. " يا حظّ أهل مكة بمكة "
صحت على صوتِ والدها : يالله ؟
الجوهرة وهي ترتدِي نِعلها أمام الحرم ويسيرَان على أقدامهم مُتجهين للفُندق القريبْ ، أغسلت وجهها و شربتْ من زمزم.
أرتدتْ نقابًا آخر يبدُو أرتبًا بعد أن تبلل ذاك بدمُوعها.
لم تكُن هناك أغراض تُذكر لهُم ، سوَى أنهم بالصباح أشترُوا بعض الأشياء الضرورية.
خرجُوا للجهةِ الأخرى حيثُ سيارتهم ، و بطريقٍ يعُود لجِدة ، قلبها تعلَّق بمكَه تمنَّت لو تجلسُ أكثر لكن لا مجال فـ والِدها مُستعجِل هذه المرة.
قطع تفكيرها : وش رايك نجلس بجِدة كم يوم ؟
الجُوهرة : كيفك
والِدها : أبي مكان ترتاحين فيه
الجوهرة : مكة
والدها : عارف بس تدرين أنه موسم و لازم حجز من قبلها ، زين لقينا فندق بهالوقت اللي الناس كلها جاية
الجُوهرة أبتسمت : ولا يهمك ، تكفيني هاليومين أرتحت فيها كثير الحمدلله
والدها : الحمدلله ، نرجع الشرقية ؟
الجوهرة أرتعشت من هذه السيرة ، لاحظ والدها ربكتها.
: محد بيقدر يفتح فمه معاك !!
الجُوهرة : ماأبغى أمي تتعب وهي تشوفني أكيد بتشك
والِدها : بنقدَر نفهمها أنه صار سوء فهم بينك وبين سلطان
الجُوهرة تنهَّدت
والِدها : تدرين أنه تركي هرب !! ماأقدر أستوعب وين وصلت فيه هالحقارة ؟ ماني قادر أتصوِّر أني ماعرفت أربِّي أخوي ، أتصلت على أمك الصبح وقالت لي أنه مسافر من كم يوم و ماله حس .. عرفت أنه هرب
الجوهرة بربكة : يبه جاني
والِدها : جاك ؟ وين !!
الجُوهرة و حديثها يرتجف : في بيت سلطان ، قالي أروح وياه !
والِدها : كيف تروحين ؟
الجوهرة ببكاء : يقولي انه يحبني وأنه محد بيحميني غيره و انه لازم نهرب
عبدالمحسن أوقف سيارته جانبًا غير مُصدق ، هذه الصدمة الثانية لا تسَعنِي ، كيف ؟ أُريد أن أعرف كيف ؟ أيعنِي أن تُركي شاذًا عن الفِطرة يُحب أبنتِي بطريقة شهوانية ! يارب ألطُفْ بيْ.
الجُوهرة : قال بيروح عن طريق الكويت .. هذا آخر شي قاله بعدها تركني
عبدالمحسن بقهر : والله لأعِيد تربيتْك
الجوهرة و حدَّةِ والدها نادِرة جدًا ، تهديده شعرت بِه بنوع من الإطمئنان وأيضًا بخوف عليه من أقاويل تُركي.

،

لا ترُد ، تبكِي بشدَّة و وجع عميق ، مُتربعة على السرير والمناديلُ حولها
بصوتٍ حاد : مُهرة وراتس بلا !! أتركي عنتس الدلع
مُهرة : كلمت عبدالله ماكلمك ؟
والدتها : الا قالي مُهرة تبيتس و تبي تجي لتس
مُهرة : يمه ماني طايقته ،
والدتها : لآ يكون تتوحمين عليه
مُهرة بعصبية ممزوجة ببكاء : يمه حرام عليك انتِ تفكرين وين وأنا وين !! أقولك ماني طايقته هو وأهله
والدتها : خلي عنتس هالحتسي وأركدي عند رجلتس
مُهرة : يممممه
والدتها : وصمَّه وش أقول انا من ساعة ؟ مُهرة أنتِ لتس عقل وتفكرين ! أعرفي مصلحتس وينهي ، بتجين هنا بيآخذتس واحد من عيال خالتس ويكرهتس بعيشتتس .. هذاني حذرتتس .. أختاري أيّ عيشة تبين
مُهرة و ترفعُ عينها ليُوسف الذي دخل ، مسحت دموعها ولكن مازالت تتمرَّد دمعةِ كلما مسحت أخرى
والدتها تُكمل : أسمعيني زين .. تحمَّليه و بتقدرين تكسبينه بـ صفتس ، الكلمة الحلوة تليِّن الرجَّال
يُوسف ينظُر إليها بتفحُص و يُدقق بعينيْها المُتخمة بالدموع
مُهرة صامِته لا تستطِيع أن تتحدَّث أمامه بل باتت لا تُعرف الآن ،
والدتها : أنتي معي يالمقرودة
مُهرة : إيه
والدتها : تعالي بسألتس
مُهرة و شعرت من نبرتها ماهو السؤال
والدتها : أنتِي وش بلاتس منكتمة الله يكتم عدوينتس
مُهرة : أسمعك يمه
والدتها بسؤالٍ مُبطن : صار بينتس وبين يوسف شي ؟
مُهرة تفجَّرت أوردة جسدِها و وجهها ومازال يُوسف يُراقب وجهها الذي يقلبُ للحُمرة الآن ، مِمَ تُحرج الآن ؟
والدتها تضحك لتُردف : إيه عفيَّة على السنعة دللي رجلتس بس
مُهرة كادت أن تضحك من نبرةِ والدتها ولكن كتمت ضِحكتها بين بُكائها لتتحوَّل تلك الضحكة لإبتسامة شقية ترتسِم عليها
يُوسف ومازال جالِس على الكنبة أمام التلفاز المُغلق ، أيّ تناقضات هذه في ملامحك الآن ؟ تبكين ثم تُخجلين ثم تبتسمين.
والدتها : قضى صياحتس ؟
مُهرة ضحكت ضحكة قصيرة لتُردف : إيه
والدتها : أضحكي بس وش لتس بشقا الدنيا لاحقة على الكُبر وحزنه يا يمه
مُهرة : تآمريني على شي ؟
والدتها : سلامتتس
مُهرة : الله يسلمِك ، بحفظ الرحمن .. وأغلقته لتقع عيناها في عين يُوسف.
يُوسف : شخبارها ؟
مُهرة : يهمك تعرف أخبارها ؟
يُوسف بهدُوء : إيه يهمني
مُهرة : بخير
يُوسف بعد أنا طال الهدُوء قطعه مرةً أخرى : طيب جهزي نفسك راح نطلع
مُهرة : وين ؟
يُوسف : بتشوفين بنفسك
مُهرة : ماأبغى
يُوسف بهدُوء أكثر : ممكن ؟
جاء طلبُه ألطفْ من أن ترَده ، صمتت لتتجه للحمام وتُغسل وجهها من آثارِ البُكاء والكحل الذي يُشكِّل هالاتٍ حول عينها.
يُوسف أتجه للسريرْ ليأخذ هاتِفها ، نظر للتاريخ الأسوَد ذاك ، مع من كانت تُكلِّم ، " عبدالله " .. من عبدالله ؟ في هذا اليوم لم تتصل إلا عليه !
من خلفه : تطمَّن ولد خالِي
يُوسف ألتفت عليها وبعتب واضِح : كان ممكن تقولينها لي في ذيك اللحظة
مُهرة : ليه تعاتبيني وكأن فيه شي بيننا !!
يُوسف : أنتِ تشوفين الزواج كِذا ؟
مُهرة : أنت تشوف الزواج ضرب و غصب !!
يوسف : أستفزيتيني
مُهرة : قهرتني
يُوسف : صبرت عليك كثير وطوَّلت بالي أكثر لكن أنتِي اللي جنيتي على نفسك
مُهرة : طيب ... جلست على كُرسِي التسريحة
فهم مقصدها ، وأردف : قومي ماراح آخذ من وقتِك كثير ، ساعة وراح ترجعين
مُهرة : وين بتوديني ؟
يوسف بحدة : مُهرة !!
مُهرة و تنظُر لعينه ، لم تتأمل بعينه مُسبقًا كما تتأمل نظرته الحادة عليها ، غرقت في تفاصِيل عينه حتى شعرت وكأنها تعدُ شعرُ وجهه.
يُوسف : ألبسي عباتِك ولا تتأخرين . . أنتظرك تحت .. وخرج

،
في ليلةٍ ضجَّت بها مساجِدُنا بسكينة القرآن ،
دخل وفي فمِه السوَاك أمالُه بلسانه جانِبًا حتى يتحدَّث : وين رتيل ؟
نطقت من أمامِه و تجمَّد بل صُعِق و أنظارِه تتشتت و عقله يدُور دُون خيطٍ يُفكِر به بإتزان : متــى !!!

.
.





.
.



أنتهى

لمحَة ملوَّنة " بضحكة يُردف : لما عالباب يا حبيبي منتودع بيكون الضو بعدو شي عم يطلع بوقف طلع فيك و ما بقدر أحكيك وبخاف تودعني و تفل و ما ترجع "

لمحة رمادية " قال بغضب : اللهم أني صايم ، أسمعيني زين لو ..لم يُكمل حديثه وهو يراها تستلعن وتعطيه ظهرها ، هذا ماكان ينقصه ، صعب جدًا مهما بلغ قدرُ من أمامه أنَّ أحدهُم يُعطيه ظهره ، لم يتمالك نفسه وهو يشدُّها من شعرها "

كل عام وأنتم بخير وصحة وسعادة () تقبَّل الله مننا صيامنا وقيامنا يارب ،
عساكم من عوَّاده يا جميلين :$

نلتقِي بإذن الكريم - الخميس -
راح نرجع لمواعيدنا القديمة ، كل خميس و أحد إن شاء الله.


لاتحرمونِي من صدق دعواتكمْ و جنَّة حضوركمْ.
و لا ننسى أخواننا المسلمين في بُورمـا و سُوريــا , كان الله في عونهم و اللهم أرنا في بشارٍ و أعوانه عجائِب قُدرتكْ.

*بحفظ الرحمن.
























 
 

 

عرض البوم صور طِيشْ !  
قديم 23-08-12, 08:11 AM   المشاركة رقم: 38
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متألق



البيانات
التسجيل: Mar 2012
العضوية: 240258
المشاركات: 744
الجنس أنثى
معدل التقييم: طِيشْ ! عضو متالقطِيشْ ! عضو متالقطِيشْ ! عضو متالقطِيشْ ! عضو متالقطِيشْ ! عضو متالقطِيشْ ! عضو متالقطِيشْ ! عضو متالقطِيشْ ! عضو متالقطِيشْ ! عضو متالقطِيشْ ! عضو متالقطِيشْ ! عضو متالق
نقاط التقييم: 2673

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
طِيشْ ! غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طِيشْ ! المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي

 




السلام عليكُم و رحمة الله وبركاتهْ.
عساكُم بخير يارب و السعادة ترفرفْ بقلُوبكمْ ()"

سعيدة جدًا بكم وبكل عين تقرأنِي من خلف الشاشَة ممتنة لها وممتنة لوقتْ سمَحْ بِه قارئِي مهما بلغ عُمره أو جنسيته أو كان من يكُون .. ممنونَة جدًا لهذا اللطفْ الكبيرْ الـ تغرقونِي بِه في كل لحظة.
مُتابعتكُم شرف لي وشرف كبير .. أحمد الله وأشكُره على هؤلاء المتابعينْ .. والله ولو تابعنِي شخصُ واحد لـ قُلت : يابختِي .. كيف بـ كل هذه المتابعة الفاتِنة لقلبي وجدًا.

الله لايحرمنِي منكم و اعرفُوا أنكم تحلُون بـ جزء كبير من قلبي ()
شُكرًا كبيرة لهذا الدعمْ و من خلف الكواليس شُكرا على هذا الكم من التقييماتْ.



رواية : لمحتُ في شفتيها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية , بقلم : طيش !
الجزء ( 38 )



قلتها منذ زمن
عندما تكون الآثام طريقا للجنه ..


بدوت بمقلتاها
قاتلا لادين له ..

اقتات على الحب
بتلذذ
و أنا أذيقها
وجعه
بصورة تسقطها
دون سقوط
و تخنق
كل آه ..

أستل أنفاسها
أنينا أستمتع به ..

لا أشعر بالذنب
أبدا لا أشعر
بل
بمتعة لا حدود لها ..

تروقني عبراتها
و انكسارات
تأبى الخضوع لي ..

إنها سبيل
لا سابق له
أن أشعرك الذنب
و أنا أبتسم ..

أجعلك
كتائهة لا تعلم
ملاذا ..

فأنا أدرك جيدا
أن ثغرك لن يبصق
الحقيقه بل ستظل
ضعفا أفترسك به ..

*وردة شقى


،

في زاويـة البيت ، مُتكِأة و عقلُها يتكأ على الشك ، ماذا حصل مع إبنتِي ؟ هذا ما يشغُل تفكيرها و يعقدُ بين خيوطه بأنَّ شكِها يقين : ياربي بيذبحني أبوك هو وبنته
ريان و مُتملل من هذا الموضوع : يمه يعني وش أسوي ؟ قلت بروح لهم وعيَّا !! تبيني اتصل على سلطان ؟ كِذا بتحرجينا يمكن بنتك غلطانة بحقه وأبوي راح يشوفها
والدته بعدم إقتناع : لآ الجوهرة مستحيل تغلط بحقه
ريان : لا تثقين فيها كثير !! الحريم ناقصات عقل
والدته بتذمُر : يالله عاد نسمع للمجنون الثاني ! أستح على وجهك ناقصات هالعقل ربوك ولولاهم ماجيتوا
ريان : ماقصدت اسيء لكم بس أقول أنكم ماتفكرون زين
والدته بسم الله عليك ياللي تفكر زين من إتصال واحد طلقت مرتك
ريان تنهَّد : خل تجي بنت عبدالله و أذكري منى قدامها !!
والدته : أكيد ماراح أذكِرها أنت تسنَّع مع بنت الناس ..... صدق ذكرتني وش صار على الأثاث ؟
ريان يرتشِف من كُوب قهوته ويُردف : كل شيء تمام
والدته بعد صمت لثواني : راحوا الثنتين وجلست لحالي
ريان : وأنا ؟
والدته : البنت غير
ريان بإنفعال : وش غير ؟ الرجال أفضل منهم ! ولو يقولون أختار شخص تعيش معاه العمر كله أكيد الواحد يختار رجَّال يعيِّشك أما البنت وش تفيدك فيه
والدته : أستغفر الله بس أنت متى تفِّك هالعقد بمخِّك ! بكرا تهين ريم عشانها بنت ! يالله لا تحسابنا حتى بعصر الرسول عليه الصلاة والسلام بطلوا هالعادة وأنت للحين بالجاهلية الأولى

،

في يدِه الكُوب يعتصِر حتى رماهُ وتناثَر زُجاجه ، أنحنى بظهره قليلاً ليُمسك رأسه بيديْه الواسِعة ، أنفاسه مازالتْ تتصاعَد وكأنه للتوّ خرج من حربْ.
يشعُر بأنَّ رتيل أستفزت كل قوَّاه ببكائِها ، مقهُور ، غاضب ، سيء .. سيء هذا الشعور ، أرهقته و جدًا ، كلِماتها سهمٌ ينفذ من قلبه ولا يرحم ، لم يراها بذاكِ الضُعف من قبل ؟ لِمَ ضعفت إلى هذا الحد ؟
ياإلهِي ماذا يحصُل بي !! وصلت لمرحلة حتى عقلِي توقف بها عن التفكير.
أوَّد لو أنّ أقتلع بُكائِها ، أن أقتلع عيناها من الأساس ، نظراتِها أكرهها ، أكره تِلك النظرات.
عروق يدِه بارِزة وأعصابه تتفتت من شدِّه عليها ، ينتظِر أن يأتيه أحد ليُفرغ غضبه عليه ولا يرى سوَى ظِله
أغمض عيناه لثواني .. هي اللحظة من تخطُفنا لِما نوَّدُ نسيانه

يسيرُون بجانِب حمامِ السباحة الخاص بالشاليه القريب من شواطىء فرنسـا.
عبدالعزيز مُدخل كفوفه بجيُوب البرمُودَا و عيناه مُغطاةٍ بالنظارة الشمسية البُنيـة
ناصِر يضع على رأسِ عبدالعزيز قُبعة من القش و عينِه تُغطيها النظارة الشمسية السوداء
غادة : أوقفوا جمب بعض بصوِّركم
ناصِر وقف بجانب عبدالعزيز و بمُشاكسة من عبدالعزيز تأبَّط رأس ناصِر ، و رفسةٌ مِن ناصِر أضحكت عبدالعزيز لتلتقِط غادة الصُورة بتلك الحركات العفوية
ناصِر : أنا أوريك .. ويدفعه على حمام السباحة
غادة و تدفع ناصِر خلفه بضحكة : إلا عزوز
عبدالعزيز يحذف نظارته خارِجًا : عاشت بنت سلطان
وفي مُنتصف الحوضُ العميق ، عبدالعزيز يدفع وجهِ ناصِر للغرق و ناصِر يُبادله الحركة
غادة : يالله يامزحكم الشين ... تعالوووووووووووووووووووو
عبدالعزيز يهمس بإذن ناصر : دراما ... فهمه ناصِر ليبدأوا بالتمثيل وكالعادة يكذبون ولا تتعظ غادة و تصدقهم.
أخذ يُغرقه ناصِر أمام غادة المتوقعة مثل مُشاكساتهم
غادة : عزوووز أتركه مافيه مزح بهالأمور
عبدالعزيز يرفسه على قدمِه لأنه مازال يتحرك ، ناصِر وسينفجِر من الضحك ولكن حافظ على سكُونه.
غادة : عبدالعزيز .. *بجدية صرخت عليه* هيييييييييييييه وش سويت ... ناصصر . . أدري تكذبون عليّ ... ناصصصر .... *بدأت العبرة تتضح على صوتها*
ناصِر لم يقاوم حتى خرج على السطح والضحكة تتسع
عبدالعزيز : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه ه شف الغباء تقول أدري تكذبون عليّ وتبكي ...
غادة بعصبية : سخيفييين !! يعني فيه أحد يمزح كذا ؟ تحبون ترفعون ضغطي
ناصر ويسبح بإتجاهها
عبدالعزيز بخبث : لا تنسى بس أني موجود
ناصِر بإبتسامة يمدّ إيده لها : صدق بطلع ؟
غادة : كذاب
ناصر : والله بطلع
غادة مسكت يدِه لتسحبه ولكن هو من سحبها لتغرق معهم بالمياه الدافئة
غادة بغضب : وتحلف بعد !!
ناصِر يخرج من حمام السباحة : وأنا عند حلفي هذا أنا طلعت
عبدالعزيز : قايل لك ماهو وجه ثقة ... سبح بإتجاهها وخرجُوا معًا
غادة كانت منحرجة وبشدة من عبدالعزيز إثِر ملابِسها المُلتصِقة ، شعرت وكأنها تتعرى أمام أخيها ، إلا أنها لم تكُن مُحرجة بوجود ناصِر بل حاولت أن تسيِر خلف ظهرِه وتستُر نفسها بناصِر بدلاً من أن تستتِر خلف أخيها.
عبدالعزيز يآخذ نظارته وشعرُه يتحرك بحيث الهواءِ يتجِه : نرجع لغُرفنا نبدِّل بعدها نروح نآكل لنا شي
ناصر : طيب أجل أسبقنا
ألتفت عبدالعزيز عليهم : لأ ماأتفقنا كِذا ، أنا أمس كم رسمت لك خط أحمر ؟
ناصِر بإبتسامة ذات معنى لعبدالعزيز : وأنا كم رسمت لك
عبدالعزيز ويفهم مغزى التهديد هذا : أنا حطيت قوانيني لك.. أمشي غادة وخليه يولِّي هالمجنون
ناصِر ضحك لأن غادة تمسكت به و لا يظهِر منها إلا طرفٍ والبقية خلف ناصِر ،
عبدالعزيز : يالله يا رب لاتفجعني !! غادة أمشي
غادة تفجَّرت بالحُمرة : طيب .. خلاص أنا وراك
عبدالعزيز : والله اني تأكدت أنه الشُعراء بياعين حكي ، ضحكت عليها بكلمتين وصدقتك
ناصر : ههههههههههههههههههههههههههههههه خلاص بنمشي معك يخي ذليت أمنا !! نخلص من أبوك وتجي انت
عبدالعزيز وهو يسير : تبوني أطربكم
ناصر : مانتحمَّل النشاز
عبدالعزيز : أنا لولا الحرام كان غنيتْ وعلقت نص مراهقات الكرة الأرضية فيني والنص الثاني يكرهوني لنجاحي
ناصر : لو فيك خير حفظت القرآن دام صوتك حلو
عبدالعزيز أنحرج : يعني مسوي فيها تسكتني ؟
ناصر : ههههههههههههههههههه كويِّس أنك عرفت
عبدالعزيز بعناد وبصوتٍ عذب ينطق القصيدة الرقيقة : لما عالباب يا حبيبي منتودع بيكون الضو بعدو شي عم يطلع بوقف طلع فيك و ما بقدر أحكيك وبخاف تودعني و تفل و ما ترجع
ناصِر : لاعاد تحكي لبناني واللي يرحم والديك
عبدالعزيز بعناد يُكمل : بسكر بابي شوفك ماشي عالطريق فكر أنزل أركض خلفك عالطريق و تشتي عليي ما تشوفك عينيي و أنا أركض وراك أمدلك أيديي
غادة صخبت بضحِكتها : ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه

فتح عينه وهو ينظِر للزُجاج المتناثِر ، ياااه يا غادة هذه الأيامْ تلتهمين عقلي بِك ، . . أشتاقُك.

،

فِي المطعم الهادىء بمثل هذا الوقتْ المُتأخِر تقريبًا ، في زاويةٍ بعيدًا عن الأعيُن الفضولية و الأضواءِ الخافتة تُسيطر على الأجواء ، الصمتْ يلتحِفهُم ، يُوسف يبحث عن المدخل للموضُوع ، تنهَّد بطريقة أثارت الريبة في نفسِ مُهرة.
أردف وهو يحك جبينه بتوتِّر : أبغى أكلمك عن .. حياتنا
مُهرة وبمثل تنهيدتِه أكملت عنه : منت راضي عنها ؟
يُوسف : أكيد ماني راضي ، ماأطلب منك مُعجزة لكن اهلي بدوا يسألوني عنك وينتبهون على صدِّك .. جامليهم لو شوي ، على الأقل نص ساعة باليوم أنزلي فيها وماهو شرط تحضرين الغداء ولا العشاء .. بس جامليهم !! ماهي صعبة مرة
مُهرة وضعت كفوفها على أسفلِ بطنها متوَّجِعة وغثيان يُداهمها ، تجاهلت هذا الألم : طيب
يُوسف : خلينا نبدأ من جديد ، بحاول أنسى كل اللي صار وأنتِ بعد
مُهرة : أنسى وشو ؟
يُوسف : أنتِ فاهمة قصدي
مُهرة بقهر : لآ ماني فاهمة !!
يُوسف بحدة عينيْه : مُهرَة !!
مُهرة ضعفت لتتساقَط دمُوعها ، كل شيء بهذه الحياة لا يكمَل معِي ، أراد أن يُشرِبنِي ذُلاً لم يكفِه بأنَّ أخيه خطف منِّي رُوحِي و أبِي و اخِي و وطنِي .. لم يكفِه أبدًا حتى أراد أن يتملَّك جسدِيْ بأهوائِه.
يُوسف : بكرا رمضان خلي النفوس تصفى
مُهرة بنبرةٍ موجوعة : مين لازم يعتذر ؟ أنا ولا أنت !! بسهولة تقول أنسي !! تبيني أمشي مثل ماتبي ومثل مايبي مزاجك متى ماتبي نبدأ صفحة جديدة ومتى ماتبي تنهي حياتك معي .. وأنا لازم بكلا الحالتين ماأناقشك
يُوسف : ماأبغى أناقشك في اللي صار من قبل ، أنتِ تذكري أفعالك لاتحطين اللوم عليّ .. كم مرة تغاضيت عن كلامِك ؟ لو غيري كان ذبحك لكن قلت اصبر و اسوي نفسي ما اسمع لكن خلاص ماعاد فيني أصبر أكثر .. أنا أبي أرتاح ماني مضطر أعيش بهالضبابية
مُهرة : وأنا بعد أبي أرتاح
يُوسف : طيب وأنا قاعد أقولك الحل .. ننسى ونبدأ من جديد .. *وبكلمةٍ أردفها ونظراته مشتتة بعيدًا عنها* نبدأ كـزوجين.
مُهرة رفعت عينها و قلبها يتسارِع بنبضه ، تشعُر وكأنَّ روحها تقِف بحُنجرتها بحديثه هذا.
يُوسف يضع عينه بعينِها : أنا وش ممكن أسوي أكثر من كذا ؟ بالنهاية أنا رجَّال ولي متطلباتي ومثل ما لك حقوق لي حقوق .. أبد ماني مجبور أسمع منك كلام يسِّم البدن و أسكت !!!! ماعاد عندي صبر أكثر إما نعيش زي العالم والخلق ولا كل واحد يشوف طريقه
مُهرة هذه المرَّة كان وقعُ " الطلاق " المُبطِّنِ بحديثه مُختلف ، لقب " مُطلقة " يُشعرها بالأسى على نفسِها وكأنَّ الطلاق " حرام " وليسَ حلالاً شُرِع مثل ما شُرِع الزواج و ليس بعيبٍ لكن نظرة المُجتمع لها .. صعب جدًا أن تتقبَّل وهي بهذه البيئة ولكن كرامتها تُهان أيضًا .. الأولى أن تكسِب كرامتَها و إن كان سيُكلفها الكثير : طيب كل واحد له حياته
يُوسف يشرب من كأسِ الماء الزُجاجي ليُردف ببرود عكس مابداخله : مثل ماتبين .. بحاول ألقى لي يوم أوديك فيه حايل
مٌهرة : ماأبي أرجع حايل
يُوسف بنظرةِ شك من أن يكُون فهمها خطأ
مُهرة : أقصِد يعني طلقني ومالك أيّ علاقة فيني
يُوسف بغضب : كيف مالي علاقة وين بتروحين يعني ؟ مالك أحد هنا !!
مُهرة : دراستي بعد رمضان راح تبدأ
يُوسف ومازال يحتَّدُ صوته : وش دخلني بدراستِك !! لايكون تبين تجلسين بروحك هنا .. لآ يا حبيبتي غلطانة هالنظام مايمشي معي
مُهرة بحدة وهي تغرز أصابعها ببطنها : بتكون مطلقني وش دخلك فيني بعدها ؟ مالك حق تتدخل بحياتي بعد الطلاق
يُوسف : تروحين لأمك و هناك بكيفك إن شاء الله تروحين المريخ
مُهرة : لأ
يُوسف : عشان خوالك ؟ . . ماله داعي تتحججين بدراستك
مُهرة بعد ثوانِي طويلة : أنت وش تبي مني
يُوسف يُؤشر على الطاولة بأصبعيه : إما زوجة أو مطلقة .. وغيره ماعندِي
مُهرة : وأنا أخترت ومالك دخل فيني بعدها
يُوسف بحدة : لايكون تبين تجلسين في بيتكم وبروحك !! ولا ...
قاطعته : أحفظ لسانك ماني بنت من الشارع عشان تحكي كذا
يُوسف : حافظه قبل لا أشوف وجهك .. فهميني كيف تعيشين هنا بدون رجَّال ؟
مُهرة : أنا أقدَر أدبِّر عُمري
يُوسف : يا صغر عقلك بس
مُهرة رمقته بنظرات حاقِدة
يُوسف : لا تنرفزيني أكثر .. الليلة بنهي هالمصخرة اللي عايش فيها !!
مُهرة بصوتِ مُرتجف حاولت أن تُظهِره بإتزان : خلااص ودني حايل
يُوسف لم ترمُش عيناه وهو ينظرُ إليها ، جحيمٌ بين أهدابه يكاد يفيضُ بحممه على مُهرة
مُهرة : أنا ماني رخيصة لك ولا لغيرك ، مكان أنهنت فيه ماأرجع له .. وأنت ماقصَّرت
يُوسف بعتب : من أول يوم قلت لك أنِي مُستحيل أعايرك بشيء لكن أنتِ اللي عايرتي نفسك وأنتِ اللي أجبرتيني .. أنتِ بنفسك أخترتي أكون قدامك بهالصورة لأن لو كنتِ محترمة هالزواج ولو شويَّة ماكان غصبتك على شيء ماتبينه

،

أغلقت أزارير قميصها و من فوقه معطفها الذِي يصِل لفوق رُكبتِها قليلاً ، أخذت حقيبتها الكرُوس و بين كفوفها ملفيْن بلونِ الفحم ، قبل أن تخرج سحبت ورقة لتكتب عليْها " أنا رايحة ( كَــان ) و مفتاحِي عند الحارس "
أغلقت باب الشقة جيدًا و أتجهت لمحطة القِطار ، ساعَة بالتمام حتى وصلت للمحطة ، جلست في مقاعِد الإنتظار وأخرجت هاتفها ، أتصلت على والِدتها ولا مُجيب .. تنهَّدت وهي تضعه في جيب حقيبتها ،
رفعت عينها لتتأمل بملامح المُغادرين ، التأمل هوايـة تستسيغُها دائِمًا ، تذكَّرت كيف كانت هي ورتيل عندما يجتمعان يقِفن بأعلى ( السطح ) حتى يُراقبن المارَّة في ساعات الفجرِ الأولى ، أيامُ مراهقتهم كانت " شنيعة و جدًا " لأنهمَا ببساطة تقمَّصن أدوار " العرابجة "
سمعت الصوتُ الإلكترونِي الذِي يُنبه عن وصُول القطار المُتجه إلى مدينة كان ، أخذت حقيبتها الصغيرة و صعدت السلم المُتحرك لتذهب إلى مسارُ القطار.
دخلت القطار وكان مُزدحم نوعًا ما ، مُصمم على جهتينْ وبينهما ممر للحركة ، وكل جهة تحوِي مقعدين مُقابل مقعدين وبينهم طاولة.
لم ترى أي مقعدِ فارغ و الأنظار المُريبة تتجه إليها بسبب حجابها ، جلست مٌقابل شخص مُغطى وجهه بالكتاب و واضح أنه في تركيزٍ عالٍ بما يقرأ ، أختارتهُ لأنه وحيدًا ليس بجانبه أحد ولا بمُقابله أيضًا.
5 ساعات لا أعرف كيف ستُقضِى بهذا القطار و أجوائه السيئة رُغم إتساعه و تخيلت بأنها ستجلس لوحدِها ولكن صُدِمت بالواقِع.
من أمامِها فرك عينيْه لينزل الكتاب قليلاً وتلمحه ، بشرتُه مائِلة للسمَارِ قليلاً تُذكرنِي بشبابنا و عيناه مُظلمة كالليل ، مُثبت نظارته الشمسية على شعره القصير ، حول رقبته يلتفُّ " سكارف " بخامة بربرِي و فوقه جاكيت أسود و يظهرُ معصمه بساعةٍ ذو جلدٍ أسود يبدُو أنه من الأثرياء ولكن إن كان ثريًا لِمَ يركب " قطار ؟ " الطيارة أسهل وبساعة ونصف سيصِل .. غريب !!
لم تُكمل تفكيرها وتأمُلها بالشخص الغريب حتى سمعته يتمتم " أستغفر الله العظيم و أتوب إليه "
فتحت فمِها بصدمة و بعفوية بمثل الوقت غير مُصدِقة ، تمنَّت لو ان الأرض تبتلعها الآن شعرت بالخجل و بالخُزِي من انها تجلس بقُرب أحد الخليجيين تفهم نظرتهم للفتاة و تعرف كيفية تفكيرهم ؟
لو انها جلست بجانب أحد الفرنسيات ستتحمَّل مُضايقتها بالنظرات ولكن لن تتحمَّل أبدًا أن تجلس بقُرب رجلٍ خليجي.
أغلق الكتاب ونظر إليها وملامِحه مازالت باردة
أستوعبت أفنان حتى شتت نظراتها بعيدًا و ملامِحها البيضاء تتلوَّن بالحُمرة.
: السلام عليكم
أفنان بصوتٍ خافت : وعليكم السلام
بعد صمتٍ لثواني أردف : متضايقة ؟
أفنان بربكة : هاا ؟ آآآ .. لأ يعني لأ
أبتسم لتُبيِّن صفة أسنانِه اللؤلؤية : لأن الطريق طويل لازم تكونين مرتاحة
أفنان ولعنت نفسها بداخلها مرارًا وهي تشتمُ نفسها لِمَ جلست هُنا ، 5 ساعات كيف ستقضيها ، يا إلهِي كيف سأُحادثه ؟
: نواف
أفنان بفهاوة : هااا ؟
: إسمي نواف
أفنان حكت جبينها بتوتر : والنعم ..
نواف : جاية هنا دراسة ؟
أفنان بربكة : عليّ دورة
نواف رفع حاجبه بعدم فهم
أفنان : أقصد عندي يعني دورة شغل وكِذا
نواف : بالتوفيق
أفنان وهي تُخفض نظرها و كل ماأتى ببالها لو ريـان يعرف بما يحصل الآن أكاد أجزم أنَّه سيُقطعنِي قطع أمامه
نواف : من الرياض ؟
أفنان : لأ الشرقية
دار الصمت مرةً أُخرى و لا شيء يُذكر . .
قطعه وصُول المرأة الأربعينية ذات هِندام مُرتب وبيدِها جهازٌ رمادِي يأخذُ شكل المُستطيل
أخرج نواف تذكرته لتقطعها من هذا الجهاز
أفنان بربكة تبحث عن تذكِرتها بحقيبتها ، من التوتر عيناها تسقط مئَة مرة على التذكرة ولكن لا تأخذها ، مرَّت ثواني طويلة وتكاد تتعرَّق من ربكتها.
مدَّتها إليها
بإبتسامة بادلتها الأربعينة : رحلة موفقة.
نواف أخذ كتابه مُجددًا ولكن هذه المرة تركه على الطاولة و يقرأه وهو منحنِي بظهره
أفنان أنتبهت لهاتفها ردَّت على والدتها : يا هلا
والدتها : هلابك ، شلونك يمه ؟
أفنان : بخير الحمدلله أنتِ شلونك ؟
والدتها : بخير الله يسلمك ، كنت نايمة يوم أتصلتي
أفنان : كنت بطمنك الحين بروح لكَان بنجلس كم يوم بعدين نرجع لباريس
والدتها : ومين معك ؟
أفنان بتوتُر : آآآ .. ضي .. صديقتي ضي معي
والدتها : إيه زين لا تروحين بروحك أنتِي بديرة كفار يخطفونك بسهولة
أفنان أبتسمت : لآ ولا يهمك فيه رقابة علينا و المُشرفين ماهُم مقصرين
والدتها : الحمدلله ،
أفنان : شلون أبوي أتصلت عليه أمس وجواله مغلق
والدتها : والله مدري عنه هو واختك وراهم علم
أفنان : وشو ؟

،

في صباحٍ روحانِي ، يرتعشُ البيتْ بصوتِ القارئ ياسر الدوسري ، في المطبخ تلفّ ريم السمبوسة وبجانبها هيفاء ومُقابلهم نجلاء تلفُّ ورق العنبْ
بإبتسامة عذبة : هذا أول رمضان مع منصور
هيفاء : يجيب الله مطر بس
نجلاء : أحسه هالمرة غير بجِد
هيفاء بطنازة : وش رايكم تحتفلون ؟
نجلاء : أنتِ وش يفهمك ؟ ماتعرفين قيمة البدايات ، يعني أول رمضان أول عيد أول كلمة أول ..
قاطعتها هيفاء : لاتجيبين العيد بس
نجلاء ضحكت لتُردف : ربي يحفظه ويخليه ليْ
: آميين ،
ريم : صدق نجول متى ولادتِك ؟
نجلاء : نهاية رمضان بس يارب بعد العيد
سمعُوا أصواتٍ تتعالى ، أنتابهُم الخوف .. و جبينهُم يتعرجُ بخطوطِه المُستغربة ، خرجُوا لمنتصف الصالة.
منصُور : إذا أنت منت كفو وقادِر ليه تتزوجها ؟
يوسف ببرود : أنا كفو وقادر لكن هي طلبت وأنا ماأجبر أحد ، بكيفها تنقلع لحايل ولا لأيّ زفت !! مالي دخل فيها ولا أحد له دخل
منصور : مراهق أنت !! الطلاق عندك لعبة ،
والِده مُقاطعًا : أنا ماأرضاها على بناتي يتطلقون بهالصورة ! تبيني أرضاها على بنت الناس ؟
يوسف تنهَّد : هذي حياتي .. *نطق الكلمات ببطىء شديد* حياة مين ؟ حيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــاتيْ !! ولحد يتدخل فيها ماني بزر تحركوني مثل ماتبون !
والِده : لآ بزر دام بتتصرف بهالطيش أكيد بزر
يُوسف : أستغفر الله العظيم وأتوب إليه
والدتهُم : اللهم أننا صايميين بس ، تعوذ من الشيطان لايضحك عليك أبليس
يوسف : أبد الشياطين ماهي حُولي اليوم !! قراري مآخذه بتفكير وبعقل
والده : حشا والله منت مطلقها وهي مالها أهل
يوسف بسُخرية ممزوجة بغضب : واللي بحايل حاشية سموَّها ؟
والده بحدة : أحفظ لسانك ولا ترفعه عليّ
يوسف جلس وهو يتنهَّد : لو سمحتُوا أطلعوا من السالفة !!
والدته : طيب فكِر ، صلِّ إستخارة .. حرام والله حرام اللي قاعد تسويه بنفسك
يوسف : مالله أراد يتم هالزواج ! يعني وش أسوي ؟ أكيد خيرة ومهي نهاية الدنيا ، تروح تشوف حياتها وأنا أشوف حياتي
والدته: إلا نهاية الدنيا أنا عندي الطلاق نهاية الدنيا ، بكرا ربي يعاقبنا في خواتك
يوسف : وش يعاقبني ! يمه الطلاق حلال وش فيكم أستخفيتوا كأني أكفرت
منصور : يوم طقيت الصدر وقلت بتزوجها كان لازم تفكِر ماهو تتزوج إستهبال يومين وبعدين تقول بطلقها !! أنا كان ممكن أتزوجها ولا هبالك هذا !!
بعيدًا عنهُم ، توجهت أنظارهُم لنجلاء الواقفة بينهُم ، شعرَت بغثيانْ وهي تسمعُ منصُور يقول مِثل هذا الكلام ، أرتعش قلبها بغضبْ و ألم .. أنسحبت من بينهم صاعِدةً للأعلى والقهرُ يفيض.

،

أسفَل فُراشَها ، كحلها مُسالٌ كغجرية بعينيْها هذه ، جسدِها مُرهق تشعُر بأن لا قُدرة لها على الوقوف ، مُتعبة وبشدة .. حد أنَّها مُتضايقة من الشمس المُتطفلة ولكن لا طاقة لها تجعلها تتجه لنافِذتها وتُغلق الستائِر.
هذا أول رمضان تبدأهُ بهذه الصورة ، كان يجب أن تستشعر بروحانيته من أولِ لحظة وثانية ، رُغم كل تصرفاتِي إلا أنَّ رمضان شهرٌ إن حاولت التمردُ عن روحانيته وقف عقلي أمامي وأيضًا والدِي ليُذكِرني بقراءة القرآن و الأجرُ العظيم الذي يحفِّ الثلاثين يومًا.
لم تأكُل شيء من أمس ، سوء التغذية بدآ يظهُر على وزنها المُتناقص بإستمرار ، أغمضت عينيْها لتفتحها ودمعاتٌ تهرِب لتلتصِق على خدها ، لم تُفكِر بصفعة عبير التي لو كانت بظروفٍ مُختلفة لمَا سمحت لها و ردَّت بإندفاعها الدائِم ولكن كان شعُورها واقِفٌ و قلبها غير مُتزن و جسدِها بأكملِه مُضطرب ، تزوَّج !!
بكَتْ بإنهيارٍ تام ، قاسي جدًا يا عزِيز ، لو أنَّك تحفظُ أمر زواجِك بعيدًا عني لمَا خسرت شيء ولكن قصِدت أن تُهينني أن تجرحني وأن تُحزني .. تُريد أن تُحزنِيْ وفقط.
من هذه أثير ؟ تذكَّرت الفيديُو اللذي رأته في باريس عندمَا كانت تبحثُ بتطفُل عن شيء يُبعد مللها في تلك الأيام ، تذكَّرت وهي تراه مع عبير و أختيْه و كلماتِهم " طبعا أنت محجوز لأثير وغصبًا عنك بعد ههههههههههههههههههههههه ، التي تُشبه عينا عبدالعزيز ردَّت عليها : مين قال أثير ؟ لاياحبيبتي "
يبدُو أنه كان على علاقة معها منذ حياتِهم ، كل هذه الفترة كان يحبها ، و رُبما كان يُكلِمها ويتحدث معها بالساعات و ... يشتاقُها .. و ... " تبكِي من تفكيرها ، غير قادِرة على تجاوز حُبه "

،

وضع السلاح في مكانِه على خصره وهو يُخرج نظارتِه الشمسية ، ألتفت على عمته : صباح الخير
عمته : صباح الورد يا ورد
سلطان ضحك ليُردف : غازليني بس عاد ماهو بنعومة
حصة بإبتسامة واسعة : وأنت ورد فيه أحسن من الورد ؟
سلطان أبتسم : مايرضيني هالغزل
حصة : نفس أبوك لا الكلمة الحلوة تعجبكم ولا الكلمة الشينة
سلطان : مين قال ؟ أنتِ كل اللي تقولينه حلو
حصة : والله ياسلطان تعرف تتغزل
سلطان : هههههههههههههههههههههههه ماجربتيني
حصة : والله الزواج غيَّرك
سلطان تغيرت ملامِحه للبرود مرةً أخرى
حصة : إيه ذكرتني أبي رقم الجوهرة
سلطان : وش تبين فيها
حصة : كِذا ، أبي أكلمها
سلطان : ماعندها جوال
حصة أبتسمت : وش هالتصريفة الغبية !!
سلطان رفع حاجبه : لأني عارف تفكيرك ، أطلعي منها يرحم لي والديك
حصة : والله مانيب قايلة شي بس بتطمن وأسمع صوتها
قاطعهُم دخُول العنود
سلطان رفع حاجبه : من وين جاية ؟
العنُود و تُليِّن صوتها وتُبطىئه بدلع : رحت الصالون
سلطان : صالون الحين ؟
العنُود : مالك دخل .. يمه شوفيه
سلطان يحاول أن يُحافظ على هدوئه : حصة بنتك ذي عقليها لا والله ..
العنود تقاطعه بعصبية : تحلف عليّ بعد !! أسمعني زين يا روح أمك مالك حق تحاسبني بتصرفاتي منت أبوي ولا أخوي
سلطان ويشعُر بأنَّ الكون ينخسف به من أنَّ " إمرأة " ترفع صوتِه عليه ، ألتفت عليها
وقفت حصة أمامه : ماعليك منها خلاص أمسحها بوجهي .. *ألتفتت على العنُود وبعينِها تترجاها أن تعتذر*
العنود : مالي دخل يمه شوفي لك صرفة مع ولد أخوك هذا !!
حصة : أقول أبلعي لسانك
سلطان وللتو ينتبه بأنَّ لا وجود للنقاب ، : وكاشفة بعد ؟
العنُود بدلع : إيه مالك دخل لو أطلع ببكيني
سلطان نظر لعمتِه ثم أردف : اللهم أني صايم ، أسمعيني زين لو ..
العنُود بإستلعان أعطته ظهرها لتتجه لغرفتها
سلطان و غضبٌ يُثار في صدرِه ، لم يستطِع أن يُقدِّر عمتِه ويسكت .. شدَّها من شعرِها بقوة و كان سيضرِبها لولا أنَّ
حصة سحبت يَد سلطان مِن شعر إبنتها مُترجية
سلطان بعصبية : لو أشوفك طالعة أقص رقبتك .. أنا أعلمك كيف تعطيني ظهرك ... خرج و تركهُم
العنود بكت ولم تُبقى شتيمة لم تقُلها لتُردف : يعجبك يمه ؟ أنا يمد إيده عليّ .. مالي دخل ماأجلس في بيت هالمجنون
حصة : وأنتِ ليه تراددينه ؟ وبعدين كيف تعطينه ظهرك وهو يكلمك ، تدرين أنه هو عصبي لآ تسببين لنا مشاكل معه
العنود بعناد ودمُوعها الناعمة تعانق بشرتها البيضاء : ماأبغى ، أعيش عند أبوي أكرم لي مية مرة منه
حصة : وتخليني ؟
العنود : أجل أخليه يتحكم فيني !!
حصة : أنتِ أشتري راحتك ولا تحتكين معه ولا تطلعين بلبسك الضيق !! ألبسي شي واسع وطرحة تغطي شعرك مايصير بعد يشوفك على الطالعة والنازلة كأنك وحدة من محارمه
العنود : عشتوّ !! بجلس أتغطى في البيت اللي بجلس فيه ومفروض أني آخذ راحتي
حصة : عيب وقبل لايكون عيب مايجوز ، لو أنك محترمة حدودك معه ما كان مدّ إيده عليك
العنُود : ماتفرق طول عمره يشوفني
حصة : لآ تعاندين
العنود وهي تتجه لغُرفتها : أنتم تبون يصير فيني مثل ما صار بالهبلة سعاد !!

،

مرَّت الأيامْ بمُشاحِناتْ أطرافْ عديدة ، لآ أحَد مُرتاح رُغم أنَّ الجو الروحانِي يُساعِد على السكينة و الهدُوء ، الحُزن ينهشُ بأطرافِها و الكبرياءُ يقتِل قلبَ الأخرى ، النساء الحزيناتْ خلفهُن رجال مُتغطرسُون.
لم تُحادِثه إلا بأسلوبٍ جافْ مُنذ ذاك اليومْ ، تشعُر بسكينٍ يُغرز ببطنها المُنتفِخ كلما تذكرت كلمِته.
منصور : انا بنام بالإستراحة اليوم لا تنتظريني على السحور
نجلاء : رجعنا للأستراحة وأيامها
منصور تنهَّد : إيه
نجلاء : يالله صبرك
منصور : انتِ وش صاير لك ؟
نجلاء : أبد أتدلَّع
منصور ضحك ليُردف : تدلِّعي على راحتك يا عيوني
نجلاء : أحر ماعندي أبرد ماعندِك
منصور : تراني ماني فاهم وش تقصدين بس إذا كان موضوع راسمه لك هبالك ماأبي أسمعه
نجلاء : يعني أنا هبلة ؟ إيه ماهو أنت قادِر بسهولة تتنازل عنِّي وتلحق ورى زوجة أخوك
منصُور وتغيَّرت ملامحه للحدَّة : نعم ؟؟
نجلاء بقهر : أشوف حتى يوسف وهو زوجها يوم تكلم عنها رحت دافعت !!!
منصور : أستغفر الله بس .. أقول أعقلي ولا تفتحين على نفسك باب مايتسكَّر
نجلاء وتستنتِج ما يُحزنها : ذبحت أخوها عشانها ؟ أكيد !! أكييد واضحة أصلاً أنه لك يد في هالعايلة .. تعزَّها ولا ماتدافع عنها كِذا الا بسبب
منصور بغضب يعلُو صوته : نجلاء قسم بالله لو تجيبين هالسيرة على لسانك تحرمين عليّ ليوم الدين
نجلاء وبكتْ من حلفه : لهدرجة أنا رخيصة عندِك ؟
منصور بعصبية وهو خارِج : إيه ...

،

لا حديثٌ بينهم ولا تجتمعان حتى على الفطُور.
صباح الغد سيشهد حضُور والِدها الخائِن بنظرها ، كانت جافة بمُكالماته السابقة وحاولت أن تُشعرِه بغضبها وكُرهها لكذِبه وهو يعلل أسبابه بإنشغاله بالعمل.
جلست على الأريَكة وهي تُنزِل طرحتها بعد أن أتت للتو من صلاة التراويح ، يجب أن أُحادثها ، مهما كان تبقى هي الصُغرى و التوبيخ ليس حلاً ، هي تحتاج لحلٍ أكثر من حاجتها للصُراخ والغضب ، ولكن في تلك الليلة كان الغضب مُسيطِر عليّ من كُل الجوانبْ و أكملتها هيَ ، صعدت للأعلى لتفتح باب غُرفتها بهدُوء.
تسللت على أطرافِ أصابعها حتى وصلت لسريرها وجلست على طرفِه : رتيل ... رتول .. *وضعت يدِها على يدِ رتيل وصُعقت من برودتِها رُغم أنَّ التكييف ليس بهذه البرودة*
بدأت نبضاتُها تتخبَّط خوفًا عليها : رتُول حياتي ... أخذت الماء الذي بجانبِها وبللت كفوفها ومسحت وجهها .. رتييييل ..
ركضت وعلى طرف الدرج صرخت : أوزديييي
أتتها مُسرعة الأخرى : YES
عبير : قولي للسواق يجهِّز السيارة بسرعة ونادي ساندي .. أتجهت لغُرفة رتيل وهي تُخرج عباءةً لها وتُلبِسها وكأنها جِثة لا تتحرَّك ولا يُطمئِنها سوَى نبضاتُها المستشعرة من عُنقِها.
أتجهت لغُرفتها هي الأخرى وسحبت طرحةً لها ونقابْ
ساندي وقفت مُتفاجئة من منظر رتيل الهزيل وملامِحها الشاحبة و ماحوَل عينيْها مُحمَّر ، حتى هي لم تتعوَّد أن ترى رتيل بهذه الصورة.
تساعدت هي وساندِي بحملِ هذا الجسدِ الضعيفْ ، ودقائِق بسيطة حتى خرجت المُرسيدس السوداء من قصرِ أبو سعود
وعلى خرُوجِ السيارة كان داخِلاً عبدالعزيز بعد ما أنتهت الصلاة وفي فمِه السواك ، نظَر لأوزدِي ناداها : أوزدي
ألتفتت عليه
عبدالعزيز يُحرك السواك بلسانِه يمينًا ليتحدَّث بوضوح بعد أن غابت عن عينه هذه الأيام : وين رتيل ؟
أوزدِي وملامِحها تضيق : 5 minutes ago she went to the hospital
عبدالعزيز تجمَّد في مكانِه ، آخر ماتوقع سماعه : WHAT'S UP WITH HER ?
أوزدي هزت كتفيْها بعدَم معرفة
عبدالعزيز يُخرج هاتفه وهو يتجِه نحو سيارته ، يتصِل على السائِق وطال الإنتظار ولم يرُد.
بدأ الغضب يرتسم طريقه بين ملامحه الحادة ، قادَ سيارته لخارج الحيْ ، لا بُد أنهُم بأقرب مستشفى ،
في آخرِ إشارة رفع هاتفه المُهتَّز وكان السائِق : ألو ... وينك ؟ .... طيب مع السلامة .. وأغلقه ،
بدأت خيوط عقله تتشابك فيما بينها ، ماذا حصَل لها ؟
هي دقائِق طويلة حتى وصَل للمُستشفى القريب ، ركَن سيارتِه بطريقة غير نظامية و دخل المُستشفى ليسأل : رتيل عبدالرحمن آل متعب .. توَّها جت
رد الموظفْ الإدارِي بإجهاد : أكيد بالطوارىء من هالجهة * وأشار له *
أتجه للجهةِ المُشار إليها وتراجع عندما رأى عبير ، عرفها رُغم أنها مُتغطيَة من أسفلِها حتى أعلاها.
وقف بعيدًا حتى لا تُلاحظه ويبدُو أنها تنتظِر خارجًا ورتيل بالداخل ، ثوانِي قليلة حتى شهِد حضُور مقرن بجانب عبير ، تراجع أكثر للخلف حتى لا ينتبهُوا له.
مقرن : بشرنا
الدكتُور بإرهاق واضِح : معاها إنهيار عصبي راح تتنوَّم كم يوم
مقرن : نقدر نشوفها الحين ؟
الدكتور : تقدرون بكرا إن شاء الله
مقرن : يعطيك العافية .. ألتفت على عبير .. وش صاير ؟
عبير لم تُجيبه بشيء وقلبها مازال يتصاعد بنبضاتِه وكأنَّ روحها ستخرُج ، فِكرة أن تخسَر شقيقتها تجعلُها في مرحلة من الغضب على ذاتها و القهر و تأنيب الضمير وأشياءٌ سيئة كثيرة ، هي على إستعداد تام بأن تتنازل وتعتذِر لها ، تُريد ان تفعل أيّ شيء مُقابل أن تكُون بخير.
مقرن : عبير أكلمك !! .. وش صاير ؟ أكيد في مصيبة صارت خلتها تنهار
عبير بصُوت مرتجف : مدري
مقرن : ماأبغى أبوك يعرف ، قولي لي منتي خسرانة شي
عبير : تهاوشت معها وبس
مقرن : وبس ؟ الحين رتيل تبكي ولا يجيها إنهيار عشان خناق بسيط ؟ ماهو عليّ هالحكي
عبير ألتزمت الصمتْ
مقرن : طيب أمشي خلينا نروح ونجيها بكرا وقفتنا مالها داعي
عبير : مقدر أنام عندها ؟
مقرن : لأ .. بكرا من الصبح بنكون عندها .. إذا أتصل أبوك لا تجيبين هالطاري هو لا جا يعرف من نفسه
عبير : إن شاء الله
بمُجرد إختفائِهم من أمامه ، أتجه بخطواتٍ واثِقة لغُرفةِ رتيل ، دخل والسكُون يتوسَّدُها .. سحب الكُرسي البلاستيكي ليجلس بجانبها.
عيناها ذابلة و بشرتُها السمرَاء تشتكِي الشحُوب ، شفتيْها وكأنَّ أحدٌ سحب اللونُ الزاهِي مِنها ولم يُبقي سوَى البياض ، شعرها البندقِي مُغطى بقُبعةٍ بلاستيكية و ثيابُ المستشفى المنقوشة باللون الأزرق ناعمة و خفيفة جدًا ، و يدِها اليُسرى يخترقُها أنبُوبِ المُغذي.
أنحنى على جبينها ليُقبِّله بهدُوء وعاد لموضعِ جلُوسه ، خلخل أصابع كفِّها الباردة بكفيْه ، لحظات صامتة و عينه لا ترمُش مِنها ، مرَّت ساعة بدقائِقها الطويلة ولم يتحرك من مكانِه ، بإختلاف الظروف يعُود الموقف ليدُور عليه ، وكلماتها حين همست بها" المحزن بكل هذا أني ........ أحببك .. وتعبك فضحني كثير .... "
بدأت بتحريك رأسِها وجبينها يخطُّ بتعرجات ألمٍ وعيناها مازالت نائِمة الجفن ، فتحت عينِها بإنزعاج من الضوء
لتُغمضها مرةً أُخرى دون أن تشعُر بالكائِن الذي يجلسُ بجانبها ولا حتَى بيده التي تُعانق كفَّها.
فتحتها و بياضُ محاجرها مُكتسِي بالاحمر ، ألتفتت لتقع عينها بعينِ عبدالعزيز ، كان هادىء لا ينطق حرفًا ولا حتى ملامِحه الباردة تُوحِي بشيءٍ
لم تُسعفها طاقتها المُنهارة بأن تسحبُ كفِّها منه ، نطق عبدالعزيز بعد صمتٍ طال : رتيل
رتيل لم ترد عليه وهي تلتفت للجهة المُعاكسة لعبدالعزيز ،
عبدالعزيز ترك كفَّها وهو ينظرُ إليْها بنظراتٍ مُقابلة بالصدّ من رتيل.
رتيل بصوٍت مبحوح ومتعب : أتركني
عبدالعزيز مُلتزم الصمت و كأنه لايسمعها ، يُراقب محاولاتها البائسة بأن لاتبكِي !
رتيل مسحت دمعتها قبل أن تسقط على خدها ، تشعر بالإختناق ، تُريد أن تضربه .. أن تُقطعه .. أن توبخه .. أن تفعل شيئًا يشفي ما بصدرِها عليه ، تنظرُ لبياض الجُدران من حولِها و صُداعٍ يُداهمها أو ليس بصداع بل قلبُها يتوجَّع و يختنق كثيرًا.
عبدالعزيز : ليه سويتي في نفسك كذا ؟
زِد بأوجاعِي أكثر ، أسألنِي أيضًا لِمَ أُحبك ؟ أسألنِي حتى أكره نفسِي أكثر ، يا ربي دخيلك .. تسقاطت دمُوعها .. تخلَّت عن كُل قوة كانت تكتسيها فيما مضى ، هي تضعف و تكرهُ ضعفها ، الحُب مهما قوَّى بنا جوانب فهو يضعفنا بجوانبٍ أُخرى نراها بوضوح كل لحظة و ثانية ، غزآ صدرِها الألمْ ، أحاول أن أتشافى منك يا عزيز.
عبدالعزيز عقد حاجبيْه ليُردف : رتيل
رتيل أتى صوتُها مُتقطِعًا : أتـ .. ررررر ... أتركـــنـ .. ـي.
عبدالعزيز ويمسكُ كفَّها من جديد ليفرض نفسه عليها
رتيل حاولت سحب يدها ولم تستطِع فأستسلمت له ، فالوضع الآن يجعلها في حالة ضعف كبيرة
عبدالعزيز بصوتٍ خافت وكأنّ أحدًا يُشاركهم الغرفة : سلامتك من كل شر
رتيل رفعت يدها الأخرى لتضغط على عينيْها حتى لا تبكِي أكثر ، تكره نفسها إذا ضعفت امام أحد ، ليت والِدها الآن معها تضع رأسها على صدرِه وتبكِي دون أن يسألها شيء ، ترتمي بحضنه و تبكِي دون أن تخشى أن يرى دموعها ، مرَّت سنواتِ عُمرها ولا يشهدُ دموعها سوى وسادتِها ولكن الآن تحتاج أن تبكِي أمام كائِن حيّ و إن نظر إليها بشماتة على الأقَل تخرجُ الغصة التي في قلبها.
بدأ يُحرك أصابعه بباطنِ كفِّها ، لستُ أقل مِنك سوءً . . كُلٍ منَّـا موجُوع ، كُلٍ منَّا يُعانِي جرح من غيره ، لستُ أقل مِنك يا رتيل ضيقًا فأنا أتوجعُ من نفسِي أكثر من وجع غيري على نفسِي .. أكثر منهم و . . . . و لا شيء سوى أنني في كل مرة أزيد إقبالاً على الموت.
رتيل بدأ صوتُ بكائِها يخرُج و يلتهم مسامِع عبدالعزيز و تلفظُ : أطللللع .. أطلللع من حياتي ماأبغى أشووفك ... وش بقى بتسويييه ؟ .. يكفييي خلاااااص ماعاد لي حيل أتحمَّل أكثر .. أطلللللللللللع
عبدالعزيز مُتجاهل كلماتها و يضغط بأصابعه على كفِّها أكثر ، يُريد أن يوصل إليها شيئًا لكن غير قادِر على شرحه إلا بلغة الأصابع و هي لا تفهُم عيناه أبدًا.
كتب لها بأصابعه على باطن كفِّها ، أنتبهت له و إحساسها يشرح لها ماذا يكتُب ،
توقف أصبعه عن الحركة مُعلنًا إنتهاء الكلمات ، زادت ببكائِها وهي تحاول كتم شهقاتِها وضعت كفَّها الاخرى على فمِها الشاحبْ ، أُريد لهذا الألم أن يمُوت.
عبدالعزيز أبتعد وهو يتجه إلى الباب وقبل أن يفتحه ألتفت إليْها ونظراته مُرتكِزة بعينيْها الذابلة : الظروف ماتجي على الكيف يا رتيل ... وخرج

،

الثانية فجرًا بتوقيت باريس ،
أنشغل ببعض الأوراق وهو يلملمها على عجَل.
أغلقت حقيبته و ألتفتت عليه و عيناها تفيضُ بالحُمرة ، أسبوع أعتادت أن تصحى على صُورتِه ، أسبوع مرَّ كـ يومْ : عبدالرحمن
أخذ هاتِفه وجوازِه ورفع عينه لها
ضي بنبرةٍ مُرتجفة : لآ تطوَّل
أبتسم وهو يمَّد ذراعه لها لترتمِي عليه و تبكِي على صدرِه ، بللت قميصه بدمُوعها ، تشعُر بإختناق و كل هذا الكون لا يُفيدها بشيء مادام نبضُها يغيب.
عبدالرحمن : وش قلنا ؟ إن شاء الله بس ألقى فرصة راح أجيك
ضي بصوتٍ مخنوق : وهالفرصة ماتجي الا بالسنة مرة
عبدالرحمن : لأ ، بتجي كثير إن شاء الله .. مسك وجهها برقةِ كفوفه .. أهتمي لنفسك وأنتبهي لصحتك وأكلك و للشغل ، لاتكثرين طلعات و لا تطلعين بليل و لا تآخذين وتعطين مع أيّ احد ، حاولي تكونين رسمية مع الكل لأن ممكن يكونون يعرفوني
ضي : طيب
عبدالرحمن : وإن حصل شيء أتصلي على الرقم اللي عطيتك إياه يعني في حال مارديت عليك
ضي أبتسمت : إن شاء الله خلاص تطمَّن
عبدالرحمن يطبع قُبلة على جبينها : مع السلامة .. وأخذ حقيبته و جاكيته على ذراعه
عبدالرحمن وكأنه تذكر شيئًا ، ألتفت عليها : صح مفتاح الشقة يعني لا صار شي بينك وبين أفنان تقدرين تجين هنا وفيه حراسة على العمارة وبكون متطمن عليك اكثر
ضي : أصلاً شكلهم بيفصلوني من هالشغل لأني ماأداوم ولا أسجِّل حضور
عبدالرحمن : كلها كم أسبوع ويخلص !! وبعدها نشوف وين نستقر ؟
ضي ضحكت
عبدالرحمن رفع حاجبه : وشو ؟
ضي : نستقر !! يعني ماقلت تستقرين ، بالعادة تفصل نفسك عنِّي بكلامك
عبدالرحمن أبتسم : عمري مافصلت نفسي عنِّك
ضي بخجل : يا عسى دايم كذا

،

آثار السهَر تظهر عليْهُما و الصومْ دُون سحور يُرهِق.
مقرن : طيب ؟
عبير : وش طيب !! يعني أنت راضي يتزوج
مقرن : عبير أبوك ماهو بزر وبعدين وش فيها لا تزوَّج ؟ بكرا انتِ بتتزوجين ورتيل بتتزوج مايصير بعد بتحكرين على أبوك وبتقولين له لأ ماتتزوج !!
عبير : طول هالفترة مخبي علينا الله يعلم من متى متزوجها !! يمكن من سنين وإحنا نايمين بالعسل ولا ندري وش صاير هذا إذا ماكان عندنا أخوان بعد
مقرن : لآ تطمني ماصار لهم فترة
عبير شهقت : يعني أنت تعرف !!!
مقرن : لا تحسسيني أنها مصيبة ، إيه أعرف وداري
عبير بإنفعال : وليه مخبين عنَّا ؟
مقرن : لأن أبوك مايبي وعنده أسبابه الخاصة
عبير : أسبابه الخاصة مثل أنه يبي يكون مراهق وهو بهالعمر
مقرن بحدة : عبــــــــــــــــــــــيـــــــــــــر !!! هذا أبوك تكلمي عنه بإحترام
عبير : هو ماأحترمنا ليه إحنا نحترمه !! أجل فيه أحد يتزوج عقب هالعمر
مقرن : وليه الزواج محدد بعمر معيَّن
عبير : بس هو أبو وعنده بنات وش يبي يتزوج
مقرن : أنا عارف أنك منتي أنانية ليه تفكرين بهالصورة ؟
عبير تنهَّدت
مقرن : هالكلام ماأبغى أسمعه لا وصل أبوك ، فكري كويِّس وماله داعي تعلمينه أنك عرفتي
عبير بسخرية : إيه عشان أستمتع بكذبه وهو يقول والله كان عندي شغل وهو مقضيها معها
مقرن : عبير وش قلنا ؟ عيييب هذا وأنتِ الكبيرة يطلع منك هالحكي
عبير : لأني مقهورة وش هالمصخرة إحنا آخر من يعلم وإحنا مفروض أول من يعلم بموضوع زي كذا
مقرن بحزم : أنتهينا .. خلاص تزوج وأنتهى الموضوع ، ترى أبوك فيه اللي مكفيه لا تزيدينها عليه
عبير : وش اللي فيه ؟ ماهو كافي عايشين حياة السجون ، إحنا اللي فينا اللي مكفينا ومحد داري عنَّا
مقرن : أستغفر الله .. أنتِ وش فيك اليوم ؟
عبير : زي ماهو عايش حياته إحنا نبغى نعيشها
مقرن : وأبوك مقصر عليك بشي ؟
عبير : ماله حق يرفض كل اللي يجون يخطبونا !!
مقرن : هذا اللي مضايقك ؟
عبير : لآ ماهو بس هذا ، لكن أنا أبغى أطلع من الحياة اللي في هالبيت
مقرن : أبوك يدوِّر مصلحتك ومصلحتك ماجت في أيّ واحد تقدم لك
عبير : أنا أعرف مصلحتي أكثر منه
مقرن بهدُوء : ليه تعرفين أحد من اللي تقدموا لك ؟
عبير صُدِمت بالسؤال : عفوًا ؟
مقرن : مُجرد سؤال
عبير : طبعًا لأ وش يعرفني في ناس ما قد سمعت أسمائهم
مقرن : من خواتهم من أي أحد
عبير بربكة : لأ
مقرن وأراد ان يختبرها : غريبة
عبير : غريبة بأيش أنا تكلمت بس كَـ مثال عن أنه أبوي متحكم فينا و هو مع غيرنا متهنِّي
مقرن : أنا مو قصدي كذا
عبير تنظُر لهاتفها الذي يُعلن عن وصول رسالة ، بدأت فكوكها بالإرتطام ببعضها البعض من الربكة ، أغلقت هاتفها وسط شك مقرن
أردف : مين ؟
عبير : محد
مقرن : عبير
عبير بلعت ريقها : قلت محد يعني أكيد وحدة من البنات تبارك بالشهر
مقرن تنهَّد وهو يقف : أنا رايح الحين و مثل ماقلت لك لاتزعجين أبوك وهو توَّه جاي من السفر وتعبان

،

في ساحة التدريب الحارِقة ، جالسَان وبينهُم طاولة مثقوبة بطلقاتِ الرصاص.
سلطان : يا نهارنا اللي ماهو معدِّي
عبدالعزيز : والله منتبه لك بس أنت سريع ، خفف شوي وبعرف
سلطان : شف لو ماعرفتها بعلقك هناك *أشار للبُرج العالي*
عبدالعزيز أبتسم : طيب
سلطان يُحرك شفتيه بحديثٍ دون صوت ليُردف : وش قلت ؟
عبدالعزيز ضحك من شدة " الوهقة " : أول كلمة تعال بس الثانية مافهمتها
سلطان : قلت يا حمار ركِّز بس طبيعي ماراح تفهمها
عبدالعزيز : ماني عارف وش فايدة هالتدريب الخايس
سلطان : مثلا لو حبسوك ناس و أرسلنا لك شخص يسوي نفسه مايعرفك ويبغى يتواصل معك لكن الغرفة كلها كاميرات مراقبة ممكن يكشفون هالشخص اللي أرسلناه .. هالطريقة بتكون سهلة وبيعرف منك معلومات كثيرة
عبدالعزيز : طيب أدري أنها مهمة بس تعرف الواحد صيام وين يركِّز
سلطان : وش دخل صيام ؟ بالعكس تركيز الصايم يكون عالي
عبدالعزيز : طيب أنا بجرِّب
سلطان : يالله
عبدالعزيز حرَّك شفتيه بكلامٍ دون صوت
سلطان : أرحمني الله يرحم والديك
عبدالعزيز ضحك ليُردف : صح
سلطان أبتسم : 10 ثواني لك وتعرف وش أقول
عبدالعزيز : حرِّك شوي شوي عشان أفهم
سلطان حرَّك شفتيه للمرةٍ الألف اليوم وسط أنظار عبدالعزيز المُدققه
عبدالعزيز : آآ .. فيه كلمة تدريب
سلطان : نلعب إحنا ؟ طيب يومك عرفت كلمة تدريب يعني قادر تفهم الكلام الثاني
عبدالعزيز : والله أنت تتكلم بسرعة
سلطان : صدَّع راسي ، يخي مايبيلها سهلة بس ركِّز هذا أسهل شي تعلمته في حياتي
عبدالعزيز : طيب أنت تنطق حرف اللام غلط
سلطان : أنا ؟
عبدالعزيز : إيه كذا تشتتني لأن حرف اللام تخلي فيه لسانك على أسنانك اللي فوق بس أنت تخليه تحت وعلى ماأستوعب تروح للكلمة الثانية
سلطان بسخرية : عندك ملاحظات ثانية ؟
عبدالعزيز : سلامتك
سلطان : أنقلع عن وجهي الشرهة عليّ ماهو عليك .. يجي بوسعود ويعلمك
عبدالعزيز : الواحد بالاول يغلط لين يتعلم تبيني من أول يوم أعرف
سلطان : صار لي 3 ساعات وأنت ماعرفت ولا كلمة
عبدالعزيز بسخرية : عرفت تعال و تدريب
سلطان : بس ماعرفت حمير
عبدالعزيز بغطرسة : إيه عاد أمثالي ما يقرأون كلمات مستحيل تنقال لهم
سلطان رفع حاجبه وبمثل نبرته : للأسف انك مضطر تتنازل شوي عن غرورك وتسمع ياكلب وياحمار وغيره من هالكلمات
عبدالعزيز تنهَّد وهو يمسح عينه وبعد ثواني أردف : يالله قول شي
سلطان حرك شفتيه ببطء و لمده 15 ثانية حتى لفظ عبدالعزيز : تصنع الرجال بس الأولى وشو ؟
سلطان : الشدائد
عبدالعزيز : يخي الكلمة صعبة أختار كلمات سهلة لين أتمرَّن
سلطان : طيب خذ هذي ... ثواني أخرى تمُّر بحديث الصمت حتى نطق عبدالعزيز ضاحكًا : وش قصدك ؟
سلطان : يالله قول وشو بالأوَّل
عبدالعزيز : أحمد أكل التفاحة
سلطان يصفق : برافووو يا حبيبي تبيني أطبع على إيدك نجمه و ممتاز ؟
عبدالعزيز الذي يأخذ هذه الأمور بحساسية مُفرطة خصوصًا إن أتت من سلطان و بوسعود إلا أنَّه هذه المرة يضحك وبشدة
سلطان أبتسم : يارب لا تعاقبنا بس
عبدالعزيز : لأن شوف كيف تنطق الشدائد يعني صعبة حركة لسانك فيها
سلطان نظر إلى أحمد وناداه بصوتٍ عالي
أحمد : سمَّ
سلطان : قول له أيّ جملة بدون صوت
أحمد ونفَّذ أمرُ سلطان وهو يلفظُ جملة طويلة دُون ان يخرج صوته
عبدالعزيز : لآ طوييلة مررة
سلطان : قال بعد الثلاثين يوم يجي العيد حتى الجمل الغبية ماتفهمها
عبدالعزيز : أسمح لي ما أقابل الا أذكياء
سلطان : أقول عز ترى نهايتك شكلها بتكون اليوم !! ركِّز الله يآخذ شر العدُو
أحمد أبتسم : ترى فيه لوحة مرسوم عليها الحروف كلها وطريقة اللسان فيها
سلطان : روح جيبها
أحمد : إن شاء الله .. وذهب
سلطان : يالله يا حبيبي بتدرسها كويِّس عشان بكرا نختبرك فيها

،

فِي قصر سلطان أغلقت المُصحف لتُنادي على عائشة
عائشة بإبتسامة واسعة : هلا ماما
حصة : أقول عيوش اجلسي .. سولفي لي عن مرت سلطان ... الجوهرة
عائشة ومُتعتها أتت : وااااجد وااجد زين
حصة : يعني شكلها كيف ؟
عائشة : وجه هوَا فري فرييي بيوتفل
حصة أبتسمت : طيب ليه راحت ماتعرفين ؟ يعني ما قالت لك شيء !! ولا صارت مشكلة
عائشة بملامِح حزينة : إيه واجد مسكين .. هادا بابا سولتان يخلي هوَّا يروح غرفة فوق
حصة ضربت صدرِها بدهشة : مخليها تنام بروحها اللي مايستحي ؟
عائشة ولم تفهم ولكن أكملت : بأدين يجي بابا جوهرة ويروه ويا هوَا * بعدين ، يروح *
حصة : طول عمره جلف مايعرف يتعامل مع الحريم .. طيب كملي ماعرفتي وش صار بالضبط ؟
عائشة : لآ ما يأرف بس ماما جوهرة واجد فيه كرايْ *تبكي*
حصة : يابعد عُمري والله .. طيب أسمعيني ماتعرفين رقمها ما قد كتبته هنا أو هناك أو بأي مكان
عائشة : لأ بأدين بابا سولتان يقول لماما جوهره لا يجلس ويَّا أنا واجد
حصة ضحكت : والله من هالعلُوم
عائشة : شو ؟
دخلت العنُود : مساء الخير
حصة : مساء النُور .. وينك فيه لو راجع سلطان الحين وما لقاك والله لا يذبحني معك
العنود : أنا ماني عارفة أنتي عمته ولا هو
حصة : لا تكثرين حكي وبسرعة غيري عباتك
العنود تنظر لعائشة بإزدراء : هذي وش مجلِّسها هنا
حصة : ماهو شغلك
العنود بسخرية : تسحبين منها أخبار حرم الفريق سلطان بن بدر * الفريق = رُتبة عسكرية *
حصة : قلت ماهو شغلك
العنود : إيه وش تقول عنها ؟
حصة : شكل الخبل مزعلها
العنود : ماألومها والله فيه أحد يقدر يعاشر هالمجنون
حصة : يا ماما سلطان كلن يتمناه رجَّال ومايعيبه شي
العنود : إيه نفخي ريش ولد أخوك وهو مايستاهل .. أنا بنام صحوني قبل الفطور .. ودخلت غرفتها

،

النهار طويل و أذانُ المغرب في التاسعة ليلاً بتوقيت باريس و الإمساكُ يُباغتهم في الثانية فجرًا ، مُتعب الصيام هُنا ومع ذلك رؤى مُعتادةٌ عليه وَ وليد أكثر أعتيادًا.
الغيم يُزاحم الشمسِ في مقعدها بالسماء ، الجو يُنبأ عن مطرٍ قريب .. رؤى تسيرُ بجانب البحر : وليد
وليد ألتفت عليها
رؤى بإبتسامة : قد جيت هنا ؟ ولا هذي أول مرة
وليد : جيتها مرة وحدة عشان ندوَة في جامعتهم
رؤى : أحس أني قد جيت هالمكان من قبل
وليد : يمكن قبل الحادث شفتيه مو عرفتي أنك عايشة في باريس
رؤى : معقولة كنت أدرس هنا ؟ يعني ما هو من شهرة جامعاتهم
وليد : يمكن أهلك كان عندهم شغل هنا
رؤى : يمكن
بدأ المطر يهطُل و يملأُ ملح البحرِ بعذُوبتِه ، تبللت أجسادِهم بمياهٍ طاهرة مُرسلة من السماء ،
وليد : الدعاء مستجاب ، أدعي
رؤى في داخلها تزاحمت أمنياتها ولكن أخبرت الله بما توَّدُه وبشدة " يارب أجمعني بعائلتي "
أكملوا السيْر على أقدامهم حُفاة و الرملُ يُلامس أطرافهم ،

،

في الدُور الثانِي ، دورة المياه المُقابلة لمكتبِه.
يُغسِّل وجهه و مُثبت هاتفه على كتفِه : إيه
ناصر : و بعد العيد برجع
عبدالعزيز : وش عندك هناك ؟
ناصر : كِذا شغل
عبدالعزيز : عليّ هالحركات ؟
ناصِر : أمش معي كلها كم يوم
عبدالعزيز : ماظنتي أقدر لأن هالفترة كلها تدريبات
ناصِر تنهَّد : أنا سحبت على شغلهم لأني عارف أنهم ماراح يعطوني إجازة
عبدالعزيز : بتروح باريس وبتزيد همومك وترجع
ناصِر : لا والله برتاح هناك أكثر
عبدالعزيز : هذا وجهي إذا أرتحت ..
ناصِر : يقال الحين متهني هنا
عبدالعزيز أبتسم بسخرية : هنا جحيم و هناك جحيم ماتفرق مرَّة طيب أبيك بموضوع
ناصر : وشو ؟
عبدالعزيز : ماينفع بالجوال ، تعال البيت
ناصر : طيِّب ، مسافة الطريق

،

بين شوارِع الدمام بدأ يُخفف سرعته و كأنه يستجيب لقلب إبنته الكارهة لمدينتها هذه اللحظة
والِدها قطع الصمت : لا تبينين لهم شيء ماله داعي أحد يعرف خليها بيني أنا وياك و سلطان .. *تنهَّد* .. و تركي.
الجوهرة : أصلاً انا ماأبغى أحد يعرف
والدها : وهذا الصح ، محد بيفيدك لا عرَف بالعكس راح يضايقونك .. *بإبتسامة* وطبيعي ماراح أخلي أحد يضايقك بكلمة يكفي اللي صار
الجوهرة : إذا سألتني أمي ؟ أكيد بتعرف على طول وتشك
والدها : قولي لها مشكلة بيني وبين سلطان وإذا سألتك وشو قولي ماأبغى أحد يتدخَّل و أنا أصلاً بنهي الموضوع من أوله و أقولها أنها ماتفتحه أبد
الجوهرة نظرت لبيتِهم اللذي لم تشتاق إليه أبدًا ، ركَن والِدها سيارته
ستواجِه معركة حامية بين ريان و والدتها ، مُتأكدة أنا من ذلك .. يارب لا تُضعفني أمامهم.
دخلا البيت الهادىء ولو سقطت إبرة لا سمعُوها من شدة السكُون ،
عبدالمحسن بصوتٍ عالي : أم ريــــــان ؟؟
خرجت من المطبخ : هـلـ .. لم تُكمل وهي ترى الجوهرة
الجوهرة بإبتسامة شاحبة وملامِحها البيضاء قد تطهَّرت من آثار جروحها السابقة ، تقدَّمت لها وقبَّلت جبينها ورأسِها : شلونك يمه ؟
والدتها بنظرات شك : بخير .. وش صاير ؟
عبدالمحسن بمثل إبتسامة إبنته : وش يعني بيصير ؟ .. المهم بشرينا عن أحوالكم ؟
ام ريان : كلنا بخير .. أسألكم بالله وش صاير ؟
الجوهرة : يعني مايصير أزوركم ؟
والدتها : هذي تسمينها زيارة ؟
الجوهرة : إيه حتى شوفي ماني جايبة أغراضي
والدتها و بعض الراحة تسللت إليْها : طيب وشلون سلطان ؟
الجوهرة : يسلم عليك
والدتها : الله يسلمه ويسلمك
أبوريان : أنا بروح أريِّح ساعتين ، الطريق ذبح ظهري .. وصعد
والدتها بهمس : صاير بينكم شي ؟
الجوهرة : بس برتاح شوي هنا ولا ماأشتقتي لي
والدتها تسحبها لحُضنها وهي تمسح على شعرها : إلا والله أشتقت لك و البيت فضى عليّ لا أنتِ ولا أفنان

،

- الخامسة عصرًا -

بدهشة نظر إليه : مجنوووووووووووووووووووون !!
عبدالعزيز تأفأف : لآ تجلس تلومني أنا قلت لك عشان أرتاح
ناصر : ماني مستوعب طريقة زواجك الغبية
عبدالعزيز : عاد هذا اللي صار
ناصر : وأنت مسوي نفسك ماتعرف ؟
عبدالعزيز : كان بوسعود حاط البطاقة وبياناتها في جيبه اللي قدام ولمحت موالِيدها 88 و قلت مافيه غيرها لأن أختها متخرجة وأكبر
ناصر بسخرية : برافو والله
عبدالعزيز أبتسم بخبث : بالبداية قلت خلني أسوي نفسي غبي قدامهم وماأعرف مين بس بعدين قلت ليه ماأستغل الوضع وأهدد بوسعود فيها مقابل يقولي كل شي يعرفه عن أبوي
ناصر : يالخيبة والله !! طيب هي وش ذنبها وش دخلها بجنونك أنت وأبوها
عبدالعزيز : ذنبها أنها بنته
ناصر بحدة : أصحى ! انت ماكنت كذا وش هالمصخرة اللي عايش فيها تتزوج على أساس أنك ماتعرفها وعشان تهديد بس و الحين تعرفها وتبي تهدد أبوها فيها .. تهدد ببنت ؟ عيب والله عييييب
عبدالعزيز تنهَّد وألتزم الصمت ، النقاش مع ناصر لن يُجدي بشيء
ناصر : لايكون قربت لبنته وهي ماتدري انك زوجها
عبدالعزيز مازال صامت
ناصر وقف وكأنه صُعق بالكهرباء : قربت للبنت وهي ماعندها خبر أنك زوجها ؟ تبي تهبِّل فيها .. مات ضميرك . . ما تخاف من الله ؟
عبدالعزيز : هم ماخافوا من الله بحركاتهم فيني
ناصر بعصبية : هُم غييير و زواجك من بنت بوسعود غييير
عبدالعزيز : عاد قدَّر الله والحين هي زوجتي
ناصر : زوجتك قدام بوسعود بالإسم لكن من وراه زي ****** تقرب لها
عبدالعزيز رفع عينه بحدة : ناصصصصر
ناصر بغضب كبير : لأن لو فيك ذرة رجولة ما أنتقمت من الرجَّال في بنته !! وين عايشين إحنا ؟؟
عبدالعزيز : الموضوع صار وأنتهى
ناصر : يومه صار تآكل تبن وماتقرب لها بغياب أبوها
عبدالعزيز ببرود : ماهمني لا هو ولا بنته لكن اللي يهمني أعرف كل شيء أنا أشتغل فيه ماني جدار عندهم يتصرفون من كيفهم ومتى ماأشتهُوا علموني

،

في جهةٍ أُخرى ،

قبَّلت جبينه ببرود تام : الحمدلله على سلامتك
والِدها : الله يسلمك ،
و بإستغرابٍ أردف : وين رتيل ؟
مقرن : والله مدري وش أقولك .. تعبت وتنومت بالمستشفى بس تطمن قبل شوي كنت عندها
بوسعود و كأنَّه يتبلل بماءٍ بارد ، تفاجىء : كنت حاس أنه صاير شي .. بأي مستشفى ؟
مقرن : توِّك جاي وين تروح الحين !!
بوسعود بحدة : ماراح أرتاح إلا لما أشوفها
مقرن تنهَّد : طيب .. وخرج معه لسيارتِه.
عبير تمتمت : مررة خايف عليها !!
أنتابها القهر و بشدة من فكرة أنَّ احدهُم يُشارك والدها حياتِه و تحِل محل والدتهُم ، الكُره مسيطر عليها إتجاه " ضي مشعل " وهي لم تراها ، حتى عمي مقرن يعرف بالموضوع ! لِمَ تستَّروا جميعهم بهذا الخبر عنَّا ؟

،

واقف بجانبه مُتقرفًا من رائِحة الألوان ، رافع أكمام ثوبه للأعلى و السواك على جانِب فمِه : أعتذر وراح أسكت
الرسامُ ترك فُرشاتِه ليرفع عينه عليه : أعتذر ؟
ذو شعرٍ ملتوِي بخصلاتِه و غُرزٍ كثيرة تلتهِم ملامِحه ، يبدُو وكأنُّه رجُل عصابة بمظهره هذا : إيه قول آسف وبسوي نفسي ماسمعت بشي
الرسَام : تدل الباب ؟
بغضب رفع حاجبه : يعني تبي أبوك يعرف ؟
الرسام : أطلع برااا
بحدة أكثر : لا تتحداني والله لأسويها وأقوله
الرسَام : سوَّها مايهمني
: صدقني ماهو من صالحك عندنا شهُود
الرسَام : مين تقصد بالشهود ؟ عبدالمحسن أكبر غبي شفته بحياتي
تنهَّد بضيق : أسمعني زين محد بيخسر بالموضوع كله غيرك أنت !!
الرسام : وأنا أبي أخسر .. ممكن تطلع براا
أردف الآخر : طيب زي ماتبي بس بكرا تعال ترجانِي عشان أخلصك من أبوك
الرسام ببرود : الله معك
سمعُوا صوت والِد تعيس الحظ يأتي من الأسفل
بضحكة أردفها الآخر : وهذا الأبو عند ذكره ، عندك ثواني إذا ماأعتذرت والله لا أنشر غسيلك كله قدامه
واحِد ، إثنين ، ثلاثة ، أربعه ، خمسة .. طيب زي ماتبي .. خرج ليطِّل على الدرج : يــا . . .
،

كان الفرنسية ، في عمارةٍ يُغلفها الزجاج من كل جانب لتتقاطع على شكلِ نوافِذٍ طولية و كثيرة.
بملل على مكتبِها ترسمُ بقلمِ الحبر الأسود رسومات بيُوتٍ مُتداخلة بشكلٍ هندسي ،
رفعت عينها عندما لمحت ظلٍّ يعكس على ورقتها ، و بدهشة رجعت للخلف بكُرسيَها ذو العجلات فسقطت على ظهرها و الإحراجُ يرسمُ طريقه بين تقاسيمها البيضاء . .

.
.






.
.

أنتهى

نصف حقيقة ( لمحة ) " والله شفتهااااا !!! "


نلتقِي بإذن الكريم - الأحد -
منوريني جميعًا بكل صفحاتي الشخصية برا المنتدى ()

لاتحرمونِي من صدق دعواتكمْ و جنَّة حضوركمْ.
و لا ننسى أخواننا المسلمين في بُورمـا و سُوريــا , كان الله في عونهم و اللهم أرنا في بشارٍ و أعوانه عجائِب قُدرتكْ.


*بحفظ الرحمن.
























 
 

 

عرض البوم صور طِيشْ !  
قديم 26-08-12, 06:58 PM   المشاركة رقم: 39
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متألق



البيانات
التسجيل: Mar 2012
العضوية: 240258
المشاركات: 744
الجنس أنثى
معدل التقييم: طِيشْ ! عضو متالقطِيشْ ! عضو متالقطِيشْ ! عضو متالقطِيشْ ! عضو متالقطِيشْ ! عضو متالقطِيشْ ! عضو متالقطِيشْ ! عضو متالقطِيشْ ! عضو متالقطِيشْ ! عضو متالقطِيشْ ! عضو متالقطِيشْ ! عضو متالق
نقاط التقييم: 2673

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
طِيشْ ! غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طِيشْ ! المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي

 




السلام عليكُم و رحمة الله وبركاتهْ.
عساكُم بخير يارب و السعادة ترفرفْ بقلُوبكمْ ()"

سعيدة جدًا بكم وبكل عين تقرأنِي من خلف الشاشَة ممتنة لها وممتنة لوقتْ سمَحْ بِه قارئِي مهما بلغ عُمره أو جنسيته أو كان من يكُون .. ممنونَة جدًا لهذا اللطفْ الكبيرْ الـ تغرقونِي بِه في كل لحظة.
مُتابعتكُم شرف لي وشرف كبير .. أحمد الله وأشكُره على هؤلاء المتابعينْ .. والله ولو تابعنِي شخصُ واحد لـ قُلت : يابختِي .. كيف بـ كل هذه المتابعة الفاتِنة لقلبي وجدًا.

الله لايحرمنِي منكم و اعرفُوا أنكم تحلُون بـ جزء كبير من قلبي ()
شُكرًا كبيرة لهذا الدعمْ و من خلف الكواليس شُكرا على هذا الكم من التقييماتْ.



رواية : لمحتُ في شفتيها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية , بقلم : طيش !
الجزء ( 39 )




نسيت ملامح وجهي القديم

ومازلت أسأل: هل من دليل؟!

أحاول أن استعيد الزمان

وأذكر وجهي..

وسمرة جلدي

شحوبي القليل

ظلال الدوائر فوق العيون

وفي الرأس يعبث بعض الجنون

نسيت تقاطيع هذا الزمان

نسيت ملامح وجهي القديم

*فاروق جويدة




كان الفرنسية ، في عمارةٍ يُغلفها الزجاج من كل جانب لتتقاطع على شكلِ نوافِذٍ طولية و كثيرة.
بملل على مكتبِها ترسمُ بقلمِ الحبر الأسود رسومات بيُوتٍ مُتداخلة بشكلٍ هندسي ،
رفعت عينها عندما لمحت ظلٍّ يعكس على ورقتها ، و بدهشة رجعت للخلف بكُرسيَها ذو العجلات فسقطت على ظهرها و الإحراجُ يرسمُ طريقه بين تقاسيمها البيضاء . . مدَّ يدِه ولكن تجاهلتها لن تنسى بالغُربة أن مُصافحة الرجال الأجانب " حرامًا "
أحترمها أكثر وهو يرجع بخطواتِه للخلف : بسم الله عليك
أفنان تقِف بربكة وهي تنفضُ ملابِسها و ملامِحُها مختنقة بالحُمرة
نواف : سُبحان الصدف
أفنان وضعت أصبعيْها على عُنقها وكأنها غصَّت بشيء : آآآحم .. آآ إيه
نواف شد على ربطة عنقه الكلاسيكية و رمقها بنظراتٍ عاديـة بالنسبة له الا أنَّ أفنان زاد إرتباكُها وتوِّترها.
نواف : أنا مُحاضِر هنا
أفنان حدَّثت نفسها بعفويَة " والله أني قايلة هالوجيه الفخمة ما هي وجه تدريب " ، أردفت : تشرفنا مرة ثانية
نواف ينحني ويرفع الكُرسي الساقِط : عفوًا
أفنان أنحرجت بأنها لم تشكُره وكأنها قليلة ذوق : أعذرني بس ماني متعودة يعني .. آآ يعني آخذ وأعطي مع الناس الغريبة
نواف : لازم تتعوِّدين لأن الشغل كله يعتمد على التواصل مع الناس ، مسؤوليين العلاقات العامة مفروض مايرتبكون بسرعة
أفنان أخذت نفسًا عميقًا حتى ترُد : إن شاء الله
نواف : ماراح نتشرف ونعرف إسمك ؟
أفنان : هاا !! آآ أقصد إيوا أيه .. إيه أسمي عبدالمحسن .. من الربكة وإستجابتها لعقلها الباطني ظنَّت أنها قالت إسمها قبل إسم والدها.
نواف أبتسم : عبدالمحسن ؟ والله شكل السعودية تطوَّرت بالأسماء
أفنان حكت جبينها : آآآ لا لا أقصد .. يعني إسمي أفنان وأبوي إسمه عبدالمحسن
نواف رحم حالها المُرتجف الآن ويبدُو كأنه أول رجلٌ يُحادثها ، : طيب يا أفنان فيه محاضرة الحين ولا من أولها غياب ؟
أفنان تمنَّت أن تلمُّ كفيَّها أمامه وتترجاه لتقُول له " الله يخليك فارق أحس أنفاسي تضيق " ، أردفت : لآلآ الحين بجي
نواف بادلها بإبتسامة و أبتعد ،
أفنان تنهَّدت وهي تأخذُ بعض الأوراق وتلحق بالمُدعى نواف

،

قبل سنـة – شتاءُ 2011 –

يتجوَّل بالمزرعة مع صديقه ذُو العشريناتِ من عُمرِه : وبس هذا اللي صار يا عبدالمحسن
عبدالمحسن رفع حاجبه مُستغربًا : طيب أنا رايح تآمر على شي
فارس : سلامتك .. راقبه بعينه حتى خرَج من حدُود هذه المملكة الجديدة ، ردَّ على هاتفه : هلا يبه
رائِد الجُوهي : وش سويت ؟
فارس : زي ما قلت لي كلمت صديق بوسعود أنه يكلمه بإستئجار المزرعة و *بُسخرية أردف* طبعًا نظام حلف على بعض وأنه مايدفع شي من جيبه .. وبس توّ الصبح كلمني مدري وش إسمه صديقه ذا .. آتوقع إسمه محمد مدري أحمد .. وقالي أنه المزرعة تحت أمري
رائد : كفو والله ، الغرف مفتوحة ؟
فارس : نصَّها مقفلة
رائِد : طيب أسمعني الحين ترجع البيت وتترك المزرعة ، سويت اللي عليك وأنتهت مهمتك
فارس : طيـ
لم يُكمل لأنَّ والده ببساطة أغلقه في وجهه كالعادة ، تنهَّد و هو يدُور بين الغُرف المغلقة و يتفحص المفتوحة.

صيف 2012 ،

بضحكةٍ خبيثة يقف عند أعلى الدرج ليُردف بصوتٍ عالِي : يا رائــــــــــــــد
أقترب بخطواتٍ مُتعبة و بإبتسامة مُشتاقة : وين فارس ؟
فارس خرَج له وقبَّل رأسه : هلا يبه
رائِد جلس بأريحية على الأريكة المنزوية في الصالة العلوية ، تأفأف من رائحة الألوان : مدري وش مستفيد من هالرسم ؟
فارس : إشباع ذات
حمَد : تكلم فيلسوف زمانه
فارس رمقه بنظراتٍ حاقدة وجلس مُقابل والده : شلونك ؟
رائد : تمام .. وين الخدم ماشفتهم ؟
حمد : صرَّفتهم يخي خفت عليهم من ولدِك
رائِد عقد حاجبيه بإستنكار : كيف ؟
فارس توسَّعت محاجره بصدمة : وش قصدك ؟
حمد : العلم عندِك
رائِد بنبرةِ شك : وش صاير ؟
حمد : أقوله ولا أنت تقوله !!
فارس ببرود ظاهرِي : وش بتقول ؟ تكذب الكذبة وتصدقها
حمد : اعوذ بالله يعني أتبلى عليك
رائد بحدَّة : اخلص أنت وياه وش صاير !!
حمَد : ولدِك مقضيها من بنت لبنت وعاد الله أعلم وش يخطط عليه
رائِد أحمَّر وجهه من الغضب و هو ينظِر بشراراتٍ من نار بإتجاه إبنه ، رُغم كل الملوِّثات التي تُحيطني إلا أن أبني يبقى مُنعزِلاً عنها ، لن أرضَى بأن يرتمِي بقذرِ النساء و لا بأن تُفسَد اخلاقِه و إن كُنت غير مُشجِعًا لأن اكون قدوة ولكن إبنِي خطٌ احمر لا علاقة له بعملِي.
حمد : عاد هذا غير الشرب يالله أكفينا الشر
رائِد و صدمةٌ آخر بل فاجِعة حلَّت عليه : تشرب ؟
فارس بلع ريقه : يكذب عليك ..
حمد ويُمثِّل الصدمة : انا أكذب ؟ مين اللي رجع ذيك الليلة سكران وأنت تهذِي بوحدة من البنات *مدَّ كلماته ببطىء شديد و كأنه تهديدٌ صريح بكشفِ عبير إبنة عبدالرحمن لوالِده*
رائِد وقف و الغضب يتجعَّدُ بملامِحه الآن ، وقف فارس أمامه ليُبرر : قطعت الشرب من زمـ
لم يُكمل من صفعةٍ جعلت أنفهُ ينزف ، لن يستطِيع أن يُجادل أبيه فيبقى هذا الرجُل الواقف أمامه ذو هيبةٍ مُربكة و ذو بطشٍ شديد ، يُدرك بأنَّ والِده يحاول أن يعزله عن بيئته ولكن لن يستطِيع حتى لو جعلهُ يرتمِي في قصرٍ كهذا يبعد عن الرياض مئات الكيلومترات و يُسلِّط عليه إحدى رجالِه المُزعجين و اللذين لا يترددوا لحظة بأن " ينغصُّوا عليه عيشته " ، لن يستطِيع أن يمحِي كلمة " إبن رائِد الجوهي " من سجلاتِي ، مادُمت يا أبِي مواطِنًا سيئًا فأنا بالطبع ساكُون ذو صفحةٍ سوداء أمام الجميع بسببك.
رائد بعصبية كبيرة : وتقول ليه تخلي حمد يراقبني ؟ لأن الكلاب اللي زيِّك يحتاجون حراسة !! والله يافارس لا أذبحك وأشرب من دمِّك لو أسمع أنك تشرب ولا مضيِّعها مع بنات الشوارع .. والله لا أمحيك من هالوجود
فارس مُلقى على المقعد الجلدِي بلونِ الخشب ، مسح الدماء العالقة تحت شِفته ، وعينهُ تُهدد حمَد وبشدة.
حمد بنبرةِ خُبثٍ مُهدِّدة بعد نظرات فارس : وعلى فكرة ولدك ذا يبي له تأديب !! صار له يومين مايتدرَّب ولا فكَّر يمسك سلاحه
فارس بنبرة هادئة : قلت لك من قبل أنه ماعندي ميول عسكري عشان أتـ
قاطعه والده بجنُون وغضب كبير : تآكل تبن وتتدرَّب ماني جاي أطلب رايك .. غصبًا عنك رضيت ولا مارضيت
فارس شتت نظراته بعيدًا عن والِده ولا يرد عليه بحرفْ
والِده سحبه من ياقة قميصه و هو يتوعدُه و شرار من نارٍ تخرج من عينِه : أسمعني زين !! تترك حركات المراهقين حقتك وتقابل تدريباتك !! لا أسمع أنه يوم مرًّ بدون لا تمسك سلاحك والله مايصير لك طيِّب
فارس بصمت ونظراته تتجه لكُل الأشياء التي تجاوره إبتداءً من هاتِف المنزل المفصُول و مِن الأريكة الطولية باللون " الزيتي " و درجاتُ البنِي تتخِّذ من الخُداديات طريقًا لها و اللوحات المُعلقة بكثَرة على الحائِط المُغطى باللون البيجي و تنسابُ من سقفِه ثريــا بلون الذهب تُقابلها الطاولة الدائرية التي تنتصف المجلس.
إنتهاءً بوجهِ حمد القبيح بنظرِه ،
والده بصرخة : مفهوووووووووووووم ؟؟
فارس بخفوت : مفهوم
دفعه والِده على الأريكة مرةً أُخرى ليُردف : جبت لي المرض الله لا يبارك فيك .. وخرج غاضبًا بعد فترةٍ طويلة لم يدخُل بها منزله هذا.
حمد يُمثِّل الملامح الحزينة وبصوتٍ ناعم : قايل لك اعتذر ياحبيبي ؟
فارس وفعلاً بمزاجٍ مُربك لكل من حوله ، رمى الهاتف بقوَّة ليُعلِّم على جبهة حمد
حمد بعصبية : الله يآخذذذك يا كلب

،

تنظُر لبياضِ الجُدران و دمُوعها تهتَّز على أهدابِها ، لا شيء يستحق في هذه الحياة أن نفديه بأرواحنا ، قلبي لا يهدأ وهو يسمعُ الصدى الحاد لـ " تزوَّجت " والله لا يهدأ و لا يُريِّحني ، مهما حاولت أن أتخطاك أتعثرُ بِك مُجددًا ، أحاول ان أنسى فقط " أني أُحبك " و أنسى كُل شيء بما فيهم تفكيري بنسيانك ولا أنسى " أحبك " ، أحتاج يدٌ سماويـة تمتَّدُ إليّ و تصفعُ حُبك وتصفعُ لحظةٍ قُلت بها " أحبك " ، أشعُر بأنَّ الأقدار تُعاقبنِي . . أهنتُك برجولتك ولكن إهاناتِي صغيرة و طائِشة أمام إهانتك الفظيعة بحقِّي ، كيف أُحب من أهانهُ لساني بالسابق ؟ أكاد أجزِم أنَّها عقوبةٍ منِّي لأنني " شتمتُك "
ياااه يا عبدالعزيز ألهذه الدرجة شتيمتُك " معصيـة " حتى أُعاقب بها بحُبِ كسير ؟ ألهذهِ الدرجة أنا ضائعة لا أفقهُ قولاً غير " أُحبك "
لم تكُن مُطيعًا لحُبِي يومًا ، كُنت خير عاقٍ لقلبٍ تمنَّى لو كان لك وطنًا . . رحلت إليْها ؟ من هي أثير ؟ أحُب المراهقة والشباب ؟ أحُبك الأوَّل والأخير . . " طيب وأنا ؟ "
ألتفتت للباب الذِي يُفتح و أهتَّزت رموشها لتتساقِط كُراتِ الملح الشفافة .. لتتساقَط الدمُوع و الخيباتُ تعكسها.
جلس بجانبِها لترتمِي على حُضنِه و تشدُّ بأصابعها على كتفِه ، ليتَ الحُزن يا أبي يعرفُ مخرجًا منِّي.
والِدُها يمسحُ على شعرها و يتمتمُ بصوتٍ ضيِّق : سلامتك
رتِيل يتصاعدُ بُكائِها والبحةُ تهمس لها : أشتقت لك
عبدالرحمن بقهرٍ على حالها المُزري : و أنا يايبه أكثر ، . . أبعدها عن صدرِه وهو يمسحُ بكفيِّه دمُوعِها : ماني متعوِّد عليك تبكين ؟
رتيل و محاجُرها تختنِق بالملح : أبي أرجع البيت ..
عبدالرحمن : مامرِّيت دكتورك إلى الآن قلت أجي أشوفك بالأوَّل
رتيل تمسح عيناها المُحمَّرة بكفوفها الباردة : صح الحمدلله على سلامتك
عبدالرحمن أبتسم : الله يسلمك ، ماراح تقولين لي . . وش اللي صار ؟
رتيل أعتدلت بجلستِها وهي تمسحُ أنفِها المُحمَّر من بكائِها المتواصِل : اهملت أكلي هاليومين وبس
عبدالرحمن يقلد نبرتها : بس ؟
رتيل وصوتُها يضيقُ أكثر ، رمشت وبهذه الرمشة سقطت خيبتُها متكوِّرة على هيئة دمعة ، أردفت بوجعٍ شديد : متضايقة
عبدالرحمن و بداخله يحترق عليها : من إيش ؟
رتيل هزت كتفيْها بعدم معرفة ، أخفضت رأسِها و الحياة تُخطف من ملامِحها لتُبقِي الشحُوب ، بنبرةٍ مُهتزَّة أكملت : أحس بمووت .. منقهرة حييل
عبدالرحمن : بسم الله عليييك من الموت والقهر .. قولي لي بس وش اللي ضايقك ؟
رتيل و تشعرُ بغصَّة غير قادِرة على البُوح ولا تُريد ان تصمت و تكتُم ، تُريد أن تشتِم و تخرج الفوضى التي بداخلها ، تُريد الحُريـة الروحية لقلبها : موجوعة بس محد يحس .. مححد جمبي ، أبي بس مرة وحدة أصادف أحد مايرمي قهره و عصبيته عليّ .. ماني جدار كلهم يفرغون عليّ ، تعبــت و أختنقت من كل شيء ..... أموت من وحدتي يُبه
عبدالرحمن وهذا الحديثُ كـ سيفٍ على قلبِه يقطعُه قطَع ، ينكسِر لوضع إبنته وماتشعُر به . . أقصَّرت ؟ أم لم أعرف أن أُشبعهم حنانًا وحُبًا كما ينبغي ؟ مهما حدث أبقى انا الأب و الرجُل و الأكيد أنَّ صبيـات بمثل أعمارهن في حاجةٍ لإمرأة توجِّههُن .. ولم أستطِع أن أكُون بمثل مكانة هذه المرأة التي تلبَّستُها وهمًا و فشلت.
الشمسْ تُزاحم النجُوم الذِي شارفت على النوم ، في ساعاتِ الفجرِ الأولى ، على فراشِها متكوِّرة كـ جنين ، أعتادت النوم بهذه الطريقة منذُ مدةٍ طويلة ، الظلامْ يخنق عينِها و يُبكيها ، و جِفنُها نائِم و الرعشة تُصيب أهدابها .
يقتربْ إليْها بثيابٍ رثـــَّة و شعرُه الأسوَد طال و مُبعثَر غير مُرتب ، مسك كفيَّها و عيُونه مُحمَّرة تبكِي دماءً : حبيبتي
واقِفة بجانِب النافِذة المُهشمَّة و الزُجاج مُتناثِر حولها ، يخترقُ بعض الزجاج قدمِها و لا تشعُر بشيء ، مات الشعُور بها .. مات الإحساس غير قادِرة على / أنّ تحس بالدماء التي تهطُل من قدمِها .
سقط على قدمِها باكيًا مُترجيًا : الجوهرة . . ليه تتركيني ؟ ، أنا أحبك .. لييه ؟ أنا بس اللي أحبك .. ريان يشك فيك بشيء وبدون شي و أبوك ماراح يبقى لك طول العمر و سلطان اللي تحبينه تركك بأول مصيبة جتكم .. لو يحبك ماتركك .. لو يحبك صدقّ عيُونك .. أنا بس .. أنا والله بس اللي أحبك
أجهش بالبُكاء كالرضيع ، و الدماء تنزف من كفوفه المُخترقة الزُجاج : أحبببك ... ليه ؟ بس قولي لي ليه ؟ أنا لك و للعمر كله .. كلهم مايبونك .. كلهم ما يحبونك .. كلهههم والله كلههههم
صرخ : كللللللللهم .. بس أنا .. أنا اللي أحبك .... تعالي .. تعاالي قولي لي أنك تحبيني .. لآتخليني أموت و أنا ماسمعتها منك
الهواء يُرفرف من خلفِها و خطوةٌ واحِدة ستسقطُ من الطابق الثاني الذِي يبدُو الآن وكأنه الطابق العشرُون ، الدماء تُلطخ وجهها و عيُونها تفيضُ بالحُمرة و شفاهِها جافَّة و كأنها أحترقتْ بحممٍ من نار ، شعرُها ينزل على بعضُ وجهها مُبعثر ، أردفت : أحببك ، كنت أقول أني أعرفهم لكن كلهم كنت أجهلهم .. أنت وحدك اللي وقف معاي .. أنت وحدك
بإبتسامة من تُركِي أوقعتْ السن الأمامِي و الدماء تُبلله و مع ذلك تجاهل جروح وجهه ، : كنت عارف أنك ماراح تخليني ،
وقَف ليتمسكُ بها جانِبًا ، أرتخت أضلُعها بقبضته .. أرتخت حد أنَّ نسمةُ هواء أوقعتها على " حوش " منزلهم.

أفاقت من نومِها مُتعرِقة و الدموع تُلطخ وجهها ، فكوكها ترتطمُ برجفة و أطرافُها ترتعش ، وضعت يدِها على فمِها حتى لا يخرجُ أنينها ، أنهارت و هي تُردد في داخلها " لآ ماأحبه .. والله ماأحبه .. لا لا لا ماأحبه ... لا ياربي لألألأ .. أنا ما أحبه والله العظيم ماأحبه .. ياربي حرااام ماابغى أصير زيَّه .. لأ والله ماني كذا .. والله " ردّدت حِلفها كثيرًا وهي تبكِي و الأنينُ يتصاعد دُون أن تقاوِم هذا الصمتْ .
دخل والِدها : بسم الله عليك .. جلس بجانِبها لترتمِي عليه وهي تتشبثُ به : يبببببببببه ما أبيييه تكفىىى يبببه
عبدالمحسن بغير فهم : خلاص تعوِّذي من الشيطان .. كابوس
الجُوهرة : ما أحبه والله العظيم ماني زيَّه والله ماهو برضاااي قسم بالله والله يبببه ما أحبببه .. أكررههه
والِدها شدَّ على ظهرها لتبكِي بإختناقٍ وهي تحفرُ ملامِحها بصدرِه ، قهرٌ يتوسَّدُ قلبِه على إبنته التي في حالة اللاوعِي وتهذِي بحُرقة ، يا إلهِي أرحمنـا و أرزقنا النفس الصبورة .
الجُوهرة بصوتٍ مبحوح : تكفى قوله أنك جمبِي .. قوله يبببه و لا بيقرِّب ،
أغمضت عينيْها بشدَّة لا تُريد أن تراه : يببببه قوله .. لآ تسكت .. يقول أنك بتتركني .. والله يقول كِذا ...
والِدها و العبرة تخنقُ حُنجرِته ، وصلت إبنته لمرحلة الجنُون .. ياااه يا تُركِي أأستحقُ مِنك كُل هذا ؟
الجُوهرة فتحت عينيْها بخوف وهي تنظرُ بإتجاه شُباكِها ، صمتت لثوانِي طويلة و والدها يقرأ عليها حتى صرخت بوجعٍ عميق : آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه .. بمُوووت .. بمووووت يبببه
على الأرض مُبعثرة والظلامُ يندَّسُ بينهم ، لا ترى شيئًا سوى ملامِح تُركي الحارِقة أمامِها ، ليلة الإغتصاب تِلك تشعُر بها ، آهآآتها تلك الليلة و وجعها و صرخاتها تُعيدها .
بصوتٍ محروق : حرراااام .. لا تسوي كذا .... حرااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااام
صرخت : يمممممممممممممممممه ... يبببببببببببببه ... رياااااااااااااااان ... آآآآه يا ربي ... يممممممممه تكفيييييييييييييين
حضنها عبدالمحسن و هو يمسح على شعرها و مازال يقرأ عليها " الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم
فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ، فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله ، والله ذو فضل عظيم "
الجُوهرة تُمسك كتفْ والِدها بطريقة مُريبة مِثل ما مسكت كتفْ تُركي تلك الليلة : الله يخليييك حرااام عليك ... أتركنننييي .. أتركنننننيييييييييييي
دخلت والدتها ومن خلفِها ريان و علاماتُ التعجب تُنقش على ملامِحهم ، و الرُعب يدبُّ في نفسِ أم الجوهرة .
أشار لهم عبدالمحسن بالخرُوج و بنظراتٍ حادة جعلتهُم لا يُناقشوه بشيء ، خرجُوا و أغلقوا الباب و كلٌ مِنهم يُفكِر بطريقته ، ماذا يحصُل ؟
عبدالمحسن أدرك أنها تسترجع ليلتُها التعيسة ،
بهمسٍ ميِّت : وينهم ؟ ليه تركوني ؟ .. تصاعد أنينها و بشكلٍ مُوجِع لقلب والِدها ،
سقطت دمعته ، نزلت و أخيرًا .. رحمت حالِها وهي تستقرُ على شعرِ إبنته ، بصوتٍ مخنوق يرتفع : والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون ، أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ، ونعم أجر العاملين
غزرت أظافِرها بصدرِ والدها : وين أبوي ؟ .. وينننه ؟ مايتركني .. أبوي مايتركني
والِدها بهمس : معاك يا يبه
الجُوهرة ببكاءٍ يختلطُ بدماءِ أنفِها : أبييي أبُوي .. أبيي أبووووي ... *صرخت* يبـــــــــــــــــــــــه يـــــــــــبــــــــــــــــــــــه
تعالت صرخاتها المناديـة لوالِدها وهي بين أحضانِه لتُردف أخيرًا بصوتٍ خافت و هي تعصرُ عينيْها لا تُريد أن ترى شيئًا سوى الليل : أخوك ذبحني
عبدالمحسن تنهَّد وبصوتٍ رجُولِي ثقيل : وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ . الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ . أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ "
ذهب صوتُها قليلاً ، أبعدها برفق عن صدرِه وهو ينظُر لملامِحها الشاحبة و الميِّتــة ، أنزل رأسها على الوسادة و هو ينحني ليُغطِي جسدِها بفراشٍ خفيف ، قبَّل جبينها البارد و هو يدعِي في داخله لها " يارب أرحمها برحمتك التي وسعت كُل شيء "
خرج و كان أمامه ريـان و زوجته
ريان رفع حاجبه بإستغراب من عين والِده المُحمَّرة : وش فيها ؟
والده : تعبانة شوي ، لآ تزعجونها خلوها تنام كم ساعة
والدته و أهدابها ترتعش وتُنبأ بالبُكاء : وش فيها بنتي ؟
عبدالمحسن : مافيها الا كل خير بس شافت كابوس
أم ريان : لآ تكذب عليّ !! جيَّتها هنا فيها سبب واللي قاعد يصير الحين له سبب
ريان بنبرة شك : وش مسوي لها سلطان ؟
والده بغضب : قلت مافيها شي .. أتركوها لحالها .. تمتم و هو نازل للأسفل " اللهم أني صايم بس "

،

أنحنى ساجِدًا على الرُخامِ البارد ، ردَّد " سُبحان ربي الأعلى " ، صمَت و لا شيء يلفظُه ، أطال سجُودِه و الشمس تشرقْ و تتسلل إلى نافِذته ، مرَّت الثوانِي الطويلة دُون أن يلفِظ شيئًا ، تمتم بصوتٍ محرُوق : يارب
و كأنَّ هذه الكلمة أسقطت حصُون أهدابِه حتى أرتجفتْ دمعًا ، كيف أصوم ؟ أحد يُعلمِّني كيف رمضَان يُقضى بلا أهل ؟ بلا أُمٍ تُحضِّر لأجلِك السحُور ، بلا أبٍ يشدُّ عليك للصلاة ، بلا أختْ تُوقضِك على أوقاتِ الصلاة و السحُور و الفطُور .. بلا أحد ،
يا الله .. اللهم لا إعتراض على أقدارِك .. اللهم لا إعتراض .. يارب أسألك النفس المؤمنة الصبورة ، يالله أني أسألك و لا أحد يملكُ أمرِي سواك ، يالله أنِّي أضعفُ أمام ذِكرى من أنجبتنِي و من هذَّبنِي و ربَّانِي ، يالله .. مقهور يا الله .. مقهُور و أمُوت من قهرِي هذا .. يالله أرحمهم برحمتِك التي وسعت كل شيء و وسِّع مُدخلهم ، يارب جازِهم عن الحسناتِ إحسانًا و السيئات عفوًا وغُفرانًا ، يارب آنس وحشتهم .. يارب *أختنق بصوتِه وهو يُردد " آنس وحشتهُم * يارب هُم أهلِي و كُل حياتي فلا تجعل آخر لقائِي بهم في دُنيـاك ، يارب أسألك بوجهِك الكريم رب العرش العظيم أن تجمعنا في الفردوس الأعلى بجانِب أنبيائك وعبادُك الصالحين ،
صمَت و جسدِه يكاد يُصلب من إطالته لسجُودِه ، الحزن يُطبق كفيِّه بشراهة على قلبه ، بصوتٍ مُبكِي يخرج من رجُل بدَّد الموتُ قوتِه : أشتاقهم يالله .. أشتاقهُم فـ يارب خفف عليَّ حُرقة فراقهم و أجمعني بهم في دارِ الآخرة .

،

على التُرابْ جالِس و أساسُ المسجَد قد بُني قليلُه ، عيناه تُحلِّق بعيدًا و جبينه يبكِي معه عرقًا من الشمسِ الحارقة ، ينظرُ للاشيء ، هذه المرَّة لا يبكِي هذه المرَّة يحترق بداخله شرّ حُرقة و كأنَّ ليلة زفافه كانت بالأمس ،

أمام المرآة يُعدِّل البشت و بجانبه عبدالعزيز ،
عبدالعزيز بسكسوكة و عوارِض مُحددَّة و بمثلِ حالته كان ناصِر ، ضبَّطَ نسفة شماغه وبضحكة : أروح ملح على المرتبكين
ناصِر و الربكة واضحة بين ملامحه : إكل تراب تراها واصلة حدِّي
عبدالعزيز : ههههههههههههههههه ريلاكس روِّق ياخي وأنا أقول ذيب ماينخاف عليه
ناصِر بتوتُّر و نبرةٌ عفوية : يخي والله خفت
عبدالعزيز أنفجَر ضاحِكًا : تكففى خلني أصوَّرك بس للذكرى بعد كم سنة عشان تضحك على نفسك
ناصر بدون تركيز : صوِّر وش دخلني فيك
عبدالعزيز أخذ كاميرآ الفيديو و أشغلها : الليلة عرس مين نصور ؟
ناصِر يلتفت عليه : ههههههههههههههههههههههههههه عرس اللي نازل حظَّه من السماء
عبدالعزيز : يالله قول شيء
ناصِر بإبتسامة تُظهِر صفَّة أسنانه العلويـة ، يبدُو مظهره اليوم ساحِرًا أم أنَّ كُل " عريس " يكُن ساحِرًا بجماله في ليلة زفافه : وش أقول الله يآخذ العدُو
عبدالعزيز بإبتسامة : قول أي شي يخي هذا وأنت شاعر وتعرف تصفصف الكلام أحسن مني
ناصر : أيّ شاعر يابطيخ أنا كويِّس أعرف أسمي
عبدالعزيز : كلمة لغادة طيب ؟
ناصِر و أنفجرت أوردته بالحُمرة ، عبدالعزيز لم يقدر عل الوقوف أكثر حتى جلس وهو يصخب بضحكته : آآآخ ياقلبي ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه أنحرجت يا حبيبي هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه هههههه والله لا أمسكها عليك طول عمري ومسوي لي فيها الثقيل واللي مايتحاكى ههههههههههههههههههههههههههههه
ناصِر يمسح قطرات العرق التي هطلت من مساماته : يا ******* قسم بالله أفجِّر فيك الحين .. طفّ الكاميرا الخايسة اللي معك
عبدالعزيز بخبث : طيب كلمة لغادة .. كلمة ماهو أكثر من كلمة ...
ناصِر أبتسم : عزوز والله توتِّرني شوي و ****** على نفسي
عبدالعزيز وينفجِر بضحكته مُجددًا : عقبك ماظنتي بتزوَّج ، أبك راححت الهيبة هههههههههههههههههههههههههههههههه

أبتسم للفراغ الذِي ينظُر إليه ، ليلة عرسه و ضحكاتِه مع عبدالعزيز و شعُوره المُتلخبط و ربكته و توتُره ، كل التفاصيل الصغيرة أولُها رعشة قلبه حين يُنطق إسمها ، كل هذا .. يحفظه جيدًا ولن ينساه أبدًا .
أول ليلةٍ شعَر بربكة شيء يُدعى " عرس " أول ليلة يشعرُ بالحياة بها مذاقٍ مُختلف ، أول ليلةٍ تخنقه بهذا التناقض .. أولُ ليلةٍ أبكته بعد سنينٍ من الجفافِ لم تنزلُ دمعةٍ مِنه ، أول ليلة رجع بها مُراهق لا يفقه بالصبر شيئًا وهو يصرخُ بإسم حبيبته ، أول ليلةٍ أسقطتنِي . . . يا غادة .

،

بإرهاق نزل الدرج و خطواتِه سريعة و كأنه يُريد اللحاق بشيء رُغم أنَّ الوقتُ مازال مُبكِرًا ، ألتفت على عمته
حصة : تعال أبيك بموضوع
سلطان : معليش حصوص مشغول لا رجعت
حصة : حصوص بعينك .. تعال بسرعة موضوع 5 دقايق
سلطان تنهَّد وهو يجلس بمُقابلها وينظرُ لكوب القهوة الذي أمامها : قهوة ؟
حصَّة أنحرجت لتبتسم بتضييع : من السحور
سلطان ضحك بخفُوت لأنَّه واضِح بأنَّ الكُوب مازال حارًا ، أردف : إيه وش تبين ؟
حصَّة بتوتُر مُتزِن : يعني أمس وأنا أشوف الدور الثالث وكنت يعني أتفرج و .. يعني ماله داعي غرفة سعاد !! خلاص يعني ما تفيدك بشيء وبعدين الجوهرة موجودة يعني ماهو حلوة تشوف الغرفة بعد وصورها موجودة بكل مكان
سلطان ببرود : طلعي نفسك من هالموضوع .. وقف ولكن يد حصَّة سحبته ليجلس : لا حول ولا قوة الا بالله .. شوي بس أسمعني
سلطان بحدَّة : وش أسمع ؟ هالموضوع كم مرة تناقشنا فيه
حصَّة عقدت حاجبيْها : طيب أنت أهدا ، الحين الجوهرة ليه غرفتها فوق ؟
سلطان صمت لثواني : ماهي فوق ..
حصَة : إلا بالدور الثالث وأنت بالثاني !! وش فيك سلطان ؟ يخي منت قادر تتأقلم مع الحريم .. قولي وش مضايقك يمكن أنت فاهم أشياء غلط ، يعني فيه أحد ينام بالدور الثاني وزوجته بالثالث .. والله ما قد شفت ناس كذا
سلطان تنهَّد : حياتي الخاصة وأنا حُر فيها لا تتدخلين الله يسلم لي هالوجه
حصَّة أبتسمت : يا حبيبي أنا أتدخل عشان مصلحتك ، يعني
سلطان يقاطعها : أنا أعرفها مصلحتي كويِّس
حصَّة : طيب خلاص أن شاء الله تنوِّمها بالسطح !! لكن ليه للحين في بيت أهلها ؟
سلطان بإمتعاض : ماشافتهم من زمان ومشتاقة لهم
حصة : عليّ هالحركات ؟ طيب عطني رقمها بس أبي أكلمها و لابعد مالي دخل .. يخي بكلمها وبسأل عن أخبارها بس
سلطان تنهَّد بغضب : حصصصة الله يرحم لي والديك لا تتسلطين عليّ هالصبح ،
حصة بحدة أكبر : أنا أبي رقمها بس
سلطان : مافيه قلت مافيييه
حصة : يعني أنتم متهاوشين
سلطان بحدة وهو يقف : إييييييييييه
حصة : طيب كل مشكلة لها حل ، ليه ماعندك فن التعامل مع حواء
سلطان بغضب : يا عسى مافيه حواء .. أرتحتي !! .. وخرج مُغلقًا الباب بقوَّة هزَّت البيتْ ،
حصَّة ضحكت من دعوتِه لتُردف : راسه يابس

،

يُسدِّد على قارورات المياه المثبتة على الأرضِ الخضراء ، مرَّت ساعتيْن وهو على هذا الحال ،
من خلفه : برافووو ههههههههههههههههه
لم يلتفت عليه و أكمَل تسديداتِه و تدريبه الذي يكره ، ليس مُجبر أن يتدرَّب مثل هذه التدريبات التي يراها لن تُفيده بشيء ،
حمَد : زعلان علينا ؟ ماترَّد بعد
وقف بهيبته التي تُشبه هيبة والِده ، بعِرض كتفيْه و عضلاتِ بطنه الواضِحه من قميصه المفتُوح من شدَّة الحرّ ، سدَّد بجانب ذراع حمد ولو ألتفت قليلاً لأنغرزت الطلقة في ذراعه
حمد بغضب : أنت مجننووون ؟ والله لو تعيدها معي لا يوصل علم بنت عبدالرحمن لأبوك
فارس : ورني عرض أكتافك
حمد أبتسم : معصِّب عشان الكف ؟
فارِس صمت لثوانِي و بُركان يثُور في داخله ، أردف : أبوي لو يقطعني قطع حلاله
حمَد : هههههههههههههه الله على البر ماأتحمَّل ... قلبي الصغير مايتحمَّل بر الوالدين اللي نازل عليك
فارس أبتسم ببرود : أنا أقول تلف حول البيت أحسن لك كود تخفف من هالكرشة
حمَد قطَّب حاجبيه بإنزعاج هو غير قادِر حتى على إخفاء غيرته من بُنيةِ فارس وجسدِه : شايف جسمك قبل لا تشوفني ؟
فارس ينظر لنفسه وهو يتصنع البراءة : أنا !! وش فيني ؟
حمَد بإمتعاض ينظرُ إليه ليُردف : متباهي مررة بنفسك لا تنسى من تكون ؟
فارس : أكون فارس ولد رائد الجوهي اللي مخرفنك
حمَد بقهر : قد هالكلمة ؟
فارس ضحك بخبث : لا يكون بتشيلني بطرف أصبعك *حمد قصيرُ القامة*
حمَد بقهر يدخلُ للداخل وهو يُعلِّي صوته : حسااابك بيجي وبتشوف يا ولد موضي
فارس وضع السلاح بخصرِه و هو ينظُر لما حوله ، الحرس مُنتشرين بكل مكانِ لن يستطيع الخرُوج أبدًا ،
أقترب من الباب الخلفي ليرى أحد الحرس عريض المنكبيْن و طويل القامة – ضخم – ببشرةٍ سمراء تعكُسها الشمس : السلام عليكم
: وعليكم السلام
فارس : بروح أتروش وبعدها بطلع
: آسف ، طال عُمره معطينا أوامر ما تطلع برا البيت
فارس بحدة : وأنا قلت بطلع !!
: أعذرني ماهو بإيدي
فارس بعد ثواني صمت : كم أعطيك ؟
الحارس بإبتسامة : قلت لك معليش مقدر
فارس : أعطيك اللي تبيه
الحارس : أسمح لي هذي الأوامر
فارس أحمَّرت بشرتِه البرونزيـة غضبًا و هو يتوجه للمُلحق الخارجِي ، عله يُفرغ بعض غضبه بلوحاته ، " عبير " تُداهمه يشعُر بأحقيته بها ، يشعُر بأنه سينحرها إن فكَّرت بغيره والله لن تعيش معه براحة و أنا حيّ .
مسك هاتِفه أمام لوحةٍ مكسيةٍ بالسواد عدا جُزءٌ بسيط يظهرُ به عينا صبيـةٌ فاتِنة ، ياااه يا أنتِ ،
ضغط على رقمِها ، طال الإنتظار ولا مُجيب ، يدرُك أنها لن ترُد ولكن مع ذلك يحاول
في جهةٍ أخرى كانت تستشور شعرها المُبلل ، أنتبهت لهاتِفها الذِي يهتَّز على الطاولة ، أغلقت الإستشوار و أخذته وهي تنظر لإسمه " مجهُول "
لن أضعف مُجددًا ، سأقتلعك من ذاكرتِي وإن تشبثت بِها ، لن أسمح لك بالتمادِي أكثر ، يالله لا تُضعفني أمامه و عوضني خيرًا مِنه ، أيّ حُب مراهقة هذا يأتي من مُكالمات ؟ أيّ حُبٍ رخيص يأتِي من صوت ؟ أيّ حُبٍ هذا لا تُنجبه سوى رِحمُ عاهِرة !! ثبِّت يقيني يالله و باعِد بيني وبين حرامك كما باعدت بين المشرق والمغرب .

،
تتقيأ بإستمرار ، من الفجِر وهي تعتصرُ ألمًا ، كان كل إعتقادِها بأنَّه بسبب ما حدث و لأنه أول مرة فمن الطبيعي أن تشعُر بالغثيان وهذه الأعراض ولكن طالت جدًا ، لم يرجِع يُوسف من الأمس .. " أحسن "
أخذت منشفتها الصغيرة وهي تمسحُ وجهها لتجلس على الكُرسي المخملي ، لم تجلس سوى ثواني لتعُود للحمام و تتقيأ مُجددًا بوجعٍ شديد ، مسكت بطنها وهي تعتصرِهُ بكفِّها : آآآآه
كانت تُريد أن تتصل عليه فالألم لم يعد يُحتمل ولكن أخذتها العزَّة بأن لن تتنازل وتتصِل هيَ ، شعرت بالدوَار و حرارة جسدِها تتفجَّرُ ، أوجعها صدرها حتى نامت دُون أن تشعر على الكُرسِي .

،

بالإستراحَـــة حيثُ هناك أشخاص سُكارى دُون أن يشربُوا شيئًا ، بلوت في وقتٍ كهذا !!
ولكن مع إبتكار طريقةٍ أخرى لها ، فالخاسِر يُعلق على إذنه " مشابك الغسيل " و أكثرهُم مشابكًا مُضطر بكل أسف أن يأتِي لهُم بالفطور.
منصور بنعاس تمدد مُبتعدًا عنهم : أنا براا
علي : والله من الخرشة
منصور : إلا كلكم غشاشيين عورتوا أذني وخربتوا نومتي
يُوسف و معلق على إذنه اليُمنى ثلاثةُ مشابك و اليُسرى مشبكيْن : الله يآخذ العدو بس
فيصل : هههههههههههههههههههه لحظة خلني أحسب هالدُورة
طارق : كلكم متزوجين مفروض مقابلين حريمكم إلا أنا يا حر قلبي بس
يُوسف : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه الحين يبدأ موال كل يوم وأنا المسكين اللي محد مداريني
طارق : إيه لأنك كلب علمتني على رومانسية الهيلق اللي زيِّك أجل دبدوب أحمر
منصُور ضحك ليُردف : وأنت من جدك تصدقه !!
طارق : وش أسوي قلت عيال النعمة رومانسيين وأكلت تبن من وراه
فيصل : وزِّع بس وزِّع .. هههههههههههههههههههههه الدبدوب وش قال يوسف ؟
يُوسف يقلِّد بصوته : آيْ لُوف يووو
فيصل : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههه يالله لا تشمَّت أحد فينا
طارق : إيه تشمتوا !! كلاب الله يوريني فيكم يوم
يوسف : أصلاً ماتوا الرومانسيين .. مين الحين رومانسي ؟ يخي فلَّها بس وكبِّر مخدتك بلا حب بلا خرابيط ، وش زينة الحياة الدنيا ؟
فيصل بعبط : المال والبنون
يوسف : بالضبط المال وعندنا الحمدلله والبنون الله يرزقنا .. خلاص ماقالوا الحب الله يآخذ الحب بس
علي : سوّ دراما بعد وقول أنه قلبك مكسور
يُوسف بملامحٍ حزينة : كاسرني الحُب مو مخليني أنام
منصور يمُدِد ذراعيه وهو يتثائب : خلونا ننام يا شباب
رن هاتِف علي ووضعه على " السبيكر " ليصرخ إبنه الصغير : يببببببببببه تعاااال شوف الحماااارة تبغىى تآآآخذ الريموت
علي وهو يأخذ الورق مُتجاهلاً الكائن الحي الذي يصرخ
منصور : رد عليه
علي : هو يفهم الحين أني بجي البيت وألعن شكله بس أنتظر
ولحظات قليلة حتى يتكلم الطفل بهدُوء : يببه والله مالي دخل بس خذت الريموت واليوم يومي .. حاجزه من أمس
علي : قايلكم أفهم فئة البقر اللي عندي
يُوسف : أنا بكرا لا جاني ولد ..
لم يُكمل من صرخات الإستهجان حوله
أردف فيصل : يا كثر هياطِك .. قلت بكرا لا تزوجت بجلس عند مُرتي وبسفِّرها وبونِّسها وبخلي كل بنات الرياض يحكون عننا
علي يُقلد صوت يُوسف بسُخرية شديدة : بكرا أفرفر من شيخ لشيخ من كثر الحسد على حُبنا
منصور لم يتحمل حتى أنفجر ضحكًا من سُخريتهم على يُوسف
يُوسف يرمقهم بنظراتِ حقد : طييب يا عيال الـ******
طارق : هههههههههههههههههههه والله حوبتي ما راح تتعدَّاك
منصور : يوسف واضح أنك تمصخرت
يُوسف : شف يعني الظروف أختلفت ، لأن الزواج صار بسرعة وعلى وقت دوامات مقدرت أسفِّرها
فيصل يُعزف كلماته بصوته : ياااا كثر ما كذببت و ياكثر ما هايطت علينا وإحنا نسلك لك
يوسف : لا أبو من جمعكم يا كلاب
علي و يرن هاتفه مجددًا : على الطاري يجونك .. صدق كلاب ، فتحه على السبيكر حتى يخرج صوتٌ أنثوِي يميلُ للدلع الفطري
علي رمى أوراق اللعب بربكة وهو يأخذ الهاتف ويخرُج من بيت الشعر ،
صخبُوا بضحكاتهم التي تواصلت لوقتٍ طويل ولم ينقطِع أبدًا وسط تقليدهم للصوت وسُخريتهم ، بمعنى آخر " تسدَّحوا ضحك"

،

نائِمة بهدُوء على السرير الأبيض ، ملامِحها مُرتخيـة بسكُون ، أزالُوا القُبعة الشفافه التي كانت تُغطِي شعرها الذي مرفُوع بتموجاته للأعلى وخصلةٌ مُتمرِّدة على عينِها الميتـةِ الجفن ، دخل عليها بخطواتٍ خفيفة ولم يرى كُرسيًا فجلس بجانب رأسها على طرف السرير . . رفع خصلتِها ليُدخلها ببقية شعرها و أنفُها مُغري للتقبِيل .. أنحنى بإبتسامة ضيِّقة ، قبَّل مُقدمةِ أنفِها و هو يهمس : رتيل
فتحت عينِها بإنزعاج من الدغدغة التي أسفَل أنفها ، ألتقت عيناها بعينِه و أبتعدت بغريزة الدفاع عن النفس ليرتطم رأسها بحواف الألمنيوم - قُبضان السرير الطبي - ،
توجَّعت من الضربـة ، مسك كفِّها خلف رأسها ليُقربها من الوسادة : بسم الله عليك
رتيل عقدت حاجبيْها و نظراتِها عتب أم ماذا ؟ كانت تحكِي أشياء كثيرة غير قادِرة على شرحها بصوتِها ، لُغة الحُب و العتب – لُغة العيون –
شتت نظراتِها بعد صمتٍ طال للأعلى ، لتقُول بصوتٍ خافت : وش تبي ؟
عبدالعزيز بصمتٍ ينظرُ إليها و يُركِزها بعينيْها
رتيل و كلمةُ رمضان تمُّر في عقلها و قبلها قلبها ، تعصي الله في رمضان .. يالله شعُور سيء العصيان إن أتى بأيامٍ فاضلة ، ضاق قلبها بإتساعِه ، ضاق من همِها و حُزنِها ،
رتيل تكتم بُكائها و أعصابها متوتِرة : بصفتك مين جاي ؟ أطلللع
عبدالعزيز مازال صامِتًا ، يتأملها و كأنه للتو ينتبه لتفاصيل ملامِحها ، عيناها التي تضجُّ بالصِدق و أنفُها الصغير و بشرتُها البرونزيـة و شفتِها التي بدَت مائلة للبياض ، شعرها البُندقِي الملتوِي حول بعضِه مُحدِثا ربكة ببعض خصَلاتِها المزروعة بمقدمةِ رأسها لتنزل على عينِها بهدُوء ،
رتيل بحدة وصوتُها مازال مبحوحًا : بتصل على أبوي لو ماطلعت
عبدالعزيز و كأنه يتلذذ بتعذيبها ، أدخل أصابعه بخصلاتها المُتمرِدة وهو يلفُّها حول أصبعه و إبتسامةٍ شقيَّة تعتليه
رتيل تحاول سحب شعرها ولكن قوتها ضعيفة جدًا أمامه ، بغضب : أبعد إيدك
عبدالعزيز بضحكة : توني أنتبه أنه شعرك حلُو
رتيل تفيضُ بقهرها ، أيّ ذلٍ هذا ؟ أيُّ حُرقة تشعُر به الآن ، تُريد أن تبكِي لتريِّح صدرها الملغوم بحممٍ بُركانية ، تُريد أن تصرُخ ليبتعِد عن وجهها و هي تشعُر بعذابٍ الله يُدنِي منها ، لا صوت لها .. مُتعبة غير قادِرة حتى على الوقوف بوجهه .. تبخرَّت كل قوتها أمامه وإندفاعها و تهوُرها بإطلاق الشتائِم نحوه ،
عبدالعزيز و ينزلُ بأصابعه ناحية خدِها ليمسح دمعةٍ أرتجفت على هدبِها ولم تسقُط ، أرتعشت من لمستِه الباردة وهي تقترب من عُنقِها الحار ،
ألتفتت يسارًا حتى يُبعِد يدِه و بصوتٍ باكي يأِست منه : تقولي ماتخافين الله وماتشوف حالك .. أطلع برااا خلااص طلعت حرتك فيني وأرتحت
عبدالعزيز و صمتُه يُثير الغضب في نفسِ رتيل ، أبعد كفوفه ليستقِر بها على جبينها و يقرأ عليها آية عذبة " إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا " رددَّها مرتينْ و هو يُكرر كلمة " سكينته " أكثر من مرَّة.
دقائِق طويلة و السكُون يلفُّ رتيل ويُبكيها ،
عبدالعزيز : ليه البكي ؟ الدكتور يقول لازم تبتعدين عن الاشياء اللي تزعجك و اللي تضايقك
رتيل بإندفاع : وأنت تزعجني وتضايقني
عبدالعزيز بضحكة مُهذبة خافتة أردف : أنا غير
رتيل بكلمتِه زاد بُكائها ، و بإنفعال : أطللللع .. ماأبغىى أشووووووفك .. أكرهههههك .. تعرف وش يعني أكرهههك ماعاد أطيققك
عبدالعزيز ببرود : شعور متبادل
رتيل اخفضت رأسها وهي تبكِي بشدَّة و تجهشُ بدمُوعِها ، يالله كيف له قلب يُهينني هكذا ؟ .. كيف له قلب يُخبرنِي بزواجه ؟ يالله ألا أستحق بعض من الرأفة ، .. قليلاً من الرحمة حتى أستوعب أمرُ موت هذا الحُب ، على الأقَل أمارس تأبين هذا القلب قليلاً . . يالله كيف تقوى يا عزيز ؟ كيف تقوى أن تُبصق عليّ بهذه الأثير ؟ كيف تقوى أن لا تُحبني ؟ لم تفعل شيء لي والله لم تفعل ما يستحق أن أُحبك لأجله ؟ ولكن قلبِي .. من الله .. من قدرٍ كُتب على قلبي حُبِك ، " ليييه توجعني و أنا روحي فداك "
عبدالعزيز يمسح على شعرها : بطلي بكِي ، كل هذا عشان أيش ؟
بغضب يصرخ بها : عشان أيش ؟
رتيل بإنهيار : أتركننننييي .. ماهو شغلك .. كيفي أبكي أضحك أسوي اللي أبيه مالك دخخخل ...
ضمت كفوفها وغطت بها وجهها وهي تختنق بصوتها : أبععد عنِّي .. أبععععد
عبدالعزيز بحدة : بطلي دللع .. ليه كل هذا ؟ أبي أفهم ليييه
رتيل وكأنها عادت طفلة ببُكائها و بتوبيخ عبدالعزيز تزيد بُكائها ، : ياربيييييييييييييي
عبدالعزيز بقلة صبر أبعد كفوفها عن وجهه ليعصر ذراعها بقبضته و يُركِز عينه الحادة في عينيْها : تكلمييي !! ليه كل هذا ؟
رتيل رفعت عينها للأعلى و هي تخافه الآن ، نبضاتها ترتعش و معدتها تشعرُ بالغثيان ..
عبدالعزيز بحدَّة أوقفت قلبها لثواني : من الترف صايرة تنهارين على أشياء تافهة !!
حُبك تافه ؟ أصبح أمر قلبي تافه ؟ كل هذا الحُب لا شيء في حياتِك ولا لمساحة صغيرة .. مساحة فقط أشعُر به بأنَّ مازال بالحياة مُتسعا يُدرَك ، أأصبحت الآن مُترفة لدرجة أن أبكِي على أشياء بنظرك هي تافهة ؟ أن أُحبك يعني أن أكون تافهة .. أمُور كثير لا تهمُك ، حُزنِي عليك و مِنك لا تعنيك شيئًا ، قبحٌ على قلبٍ مال إليك .. قبحٌ على حياةٍ جمعتني بك .. أنا تافهة عندما أحببتك.
عبدالعزيز ترك ذراعها وهي متوجِعة وَ مكان قبضته مُزرَّق ،
تنهَّد و الغضب يسيطِر على أعصابه المشدودة : غيرك مآكل تراب من هالحياة وللحين واقف على رجله وأنتِ .. *نظر إليها بتقزز*
أدرك أنك تُريدني أعترف بأنِي بالمستشفى بسببك وأنني مُنهارة مِنك وأنك تحلُّ جُزءٍ كبير بحياتي بل أنت كل حياتي ، أنا أدرك أنَّ غرورك لا يسقط بسهولة و تُريدني أن أشبعه ولكن لستُ أنا من ستتقبَّل الإهانة مرةً أخرى ،
رتيل وهي تمسح دموعها بكفوفها : أطللع برااا ومالك دخخل أبكي من اللي أبيه .. وش يخصِّك ؟
عبدالعزيز وقف : تافهة ..
رتيل و رجعت للبُكاء و كأنه يُشارك عبير الجرح ، يالله لا قُدرة عليّ أكثر لهذه الكلمات .. كيف أكرهك ؟ ليتني أعرف طريقًا لأكرهك به بكل حواسِّي و مشاعري .. ليتني ألقاهُ هذا الطريق .
بغضب أخذت علبة الماء و ألقتها عليه وهو يتوجه للباب ، ضربت أسفَل رقبته ، عض شفتِه وألتفت عليها ليقترب مرَّةً أخرى
عبدالعزيز رفع حاجبه بغضب كبير ،
رتيل صرخت : أطلللللللـ
كتم صوتِها وهو يضع كفَّها على فمِها وبصوتٍ حاد : صايرة تمدِّين إيدك بعد !!
رتيل وتشعر أنَّ فكَّها يتفتت بقبضتِه بل يذُوب ، دمُوعها تحرق خدَّها وهي تهطلُ بغزارة
بدأت تتحرَّك ببعثرة حتى تتخلَّص من قبضتِه ، وهي تضرب صدرِه و كتفه ولا يشعر فقط هي من تشعُر بأنَّ يدِها تتكسَّر .
عبدالعزيز : لو تعيدين هالحركة معايْ ماراح يحصلك طيِّب
دخلت الممرضة مُتفاجئة و غاضبة
عبدالعزيز أبعد يدِه عنها و بتهديد وهو خارج : أنتِ اللي بديتي وتحمَّلي ..
تحسست فمها و الدمُوع تملأها ، وضعت رأسها على ركبتيْها وهي تجهشُ بالبكاء ، والله أني لا أستحق كل هذا ، لا أستحق أن تؤلمني بهذه الصورة ، لا أرى في تعذيبك إيايْ شيئًا من الجمال .. لا شيء .. ولا أنت ستفرح بأفعالك ، لِمَ تُلبسنِي الوجع رُغمًا عنِّي ؟ . . . . . كيف فقط .. قُل ليْ كيف تسعَد بوجعي ؟

،

في الصالة العلويـة ، للمرةِ الأولى تحكِي لهُم و هي تبكِي : يعني أنا وش ذنبي ؟
ريم : أكيد ماهو قاصد بس كان معصِّب
نجلاء : يهتم لها بشكل مبالغ فيه .. كل هذا عشان أيش ؟
ريم : نجول والله أنتِ فاهمته غلط .. كِذا تفتحين عيونه عليها هو يمكن بس شفقة
نجلاء : ما شفتيه وهو يتكلم عنها
ريم : إلا شفته وسمعته ... صدقيني قاصِد أنه حرام على يوسف يطلقها بهالصورة ماهو قاصِد أنه يبيها أو يحبها
هيفاء : أنا رايي من راي ريم ، أنتِ صايرة تتحسسين كثير .. روقي وأهدِي وفكري فيها وش يبي فيها منصور ؟ الحمدلله بيجيكم ولد إن شاء الله قريب وبتنبسطون فيه وفوق هذا يحبك .. وش اللي بيغيَّره عليك ؟ لآ تخلين الشيطان يدخل بينكم
نجلاء : قهرني يعني أحد يدافع عن مرت أخوه بهالصورة أكيد فيه شي
ريم بصوتٍ خافت : أنتِ عارفة كيف صار الزواج ؟ لو صار بطريقة ثانية كان ماسأل عنها .. صدقيني أنا أعرف منصور وأعرف كيف يفكِر
هيفاء : روقي بس الدنيا ماتستاهل .. يروح منصور ويجي بداله
ريم بحدة : هيوووف ووجع
هيفاء : ههههههههههههههههههههههههههههههه خلو صدوركم وسيعة لا توقف على الرياجيل
نجلاء أبتسمت بين دمُوعها
هيفاء : شفتي أعرف كيف أضحكها ، بس أتركي عنك البكِي وأمشي ننزل تحت عند امي
بإهتمام أردفت : عاد تدرين أنه بيمِّر أكثر من أسبوعين ومانزلت ولا شفناها
ريم : ماألومها البنت ماهي طايقتنا وإن جلست قطت علينا حكي يسم البدن .. ماتقصَّر ماشاء الله
نجلاء بكُره : عساها بهالحال و أردى ..

،

مثبَّت الهاتف على كتفِه وهو يقرأ بعض الأوراق : إيه
ضي : وبس راحت كـَان وجلست بشقتك
عبدالرحمن : كويِّس
ضي : شخبار رتيل ؟
عبدالرحمن : إن شاء الله اليوم بتطلع من المستشفى
ضي : الحمدلله على سلامتها
عبدالرحمن : الله يسلمك ، داومتي ؟
ضي : هالأسبوع كله محاضرات فن التعامل وماأعرف أيش .. طفش مرَّة حضرت وحدة وسحبت على الباقي
عبدالرحمن أبتسم : شكلي برجِّعك الرياض ماأستفدنا من روحتك شي
ضي بشقاوة : ترى ماأقول لأ
عبدالرحمن ضحك ليُردف : مابقى شي أصلاً لين بعد العيد بكم أسبوع وترجعين
ضي وتوَّد أن تُأكِد إحساسها : أرجع وين ؟
عبدالرحمن يفهم مقصدها : المكان اللي كنتي فيه قبل
ضي بخيبة : متأكد ؟
عبدالرحمن بضحكةٍ هادئة أردف : ليه ماكنتِ مرتاحة بالشقة ؟
ضي : الشقة حلوة بس فاضية مافيها غيري أنا والجدران
عبدالرحمن بنبرةٍ غريبة : طيب
ضي : وش طيب ؟ فهمني ماأعرف بحكي الألغاز
عبدالرحمن : لا تتغابين أعرف أنك فاهمة
ضي : هههههههههههههههههههههههه كنت أبي أتأكد
عبدالرحمن أبتسم وهو يرفع عينه للباب الذِي يفتح : طيب وتأكدتي ؟
ضي : إيه تأكدت الحمدلله ... طيب ماأبغى أشغلك ، تآمر على شي ؟
عبدالرحمن : سلامتك ، بحفظ الرحمن ..
سلطان جلس : عز ماجاء اليوم ؟
عبدالرحمن : بس كان طالع قبلي !!
سلطان بتملل : عاد شف بأي زفت راح
عبدالرحمن : وش فيك معصب ؟
سلطان وكأنه انتظر أحد يسأله حتى يُفرغ غضبه عليه ، سكت يقاوم هذا الغضب إحترامًا لعبدالرحمن
عبدالرحمن : أطلب لك قهوة تروِّق ؟
سلطان بنفسٍ " شينة " : شكرا على الظرافة
عبدالرحمن أبتسم : يخي تعوَّذ من الشيطان ، الناس ترتاح برمضان وأنت تعصِّب
سلطان يمسح جبينه : كلمت أخوك ؟
عبدالرحمن : بو ريان ؟ قبل كم يوم تطمنت عليه
سلطان : شلونه ؟
عبدالرحمن : لآ حاله تمام ورجعوا الشرقية
سلطان بإستغراب : رجعوا ؟ ليه وين كانوا ؟
عبدالرحمن : راح مكة يعتمر هو والجوهرة وبعدها جدة كم يوم ورجعوا
سلطان و كأنَّ الغضب بدأ يرسم طريقه من جديد
عبدالرحمن : ليه ماكلمت الجوهرة ؟
سلطان مُلتزم الصمتْ ،
عبدالرحمن وكأنه يفهم أشياءً مُزعجة من صمته : صاير شي ؟
سلطان : لأ
عبدالرحمن : قولي ماني غريب
سلطان : قلت لك لأ . . . طيب كلمت تركي ؟
عبدالرحمن : لأ مختفي هالولد ، أتصلت عليه الأسبوع اللي فات وجواله مغلق والحين خارج منطقة التغطية !!
سلطان وقف : طيب أنا برُوح مكتبي
طرق الباب و دخل عبدالعزيز : السلام عليكم
: وعليكم السلام
سلطان : وين كنت ؟
عبدالعزيز رفع حاجبه : وش رايك تسألني بعد كم مرَّة رحت فيها الحمام ؟
عبدالرحمن بحدة : عــــــــــــــــــز ..
سلطان و سيُفرغ غضبه دُون أيّ مقاومة : نعععم !! تكلَّم زين ماني أصغر عيالك
عبدالرحمن وقف و هو يتعوَّذ من الشيطان : أستغفر الله بس .. هدُّوا كل واحد منفِّس على الثاني
سلطان : تغيِّر ملابسك وتلحقني
عبدالرحمن من النبرة واضح أنه سيُدرِّبه بقسوة : خلاص أنا بدربه اليوم
عبدالعزيز أنزعج من نبرة بوسعود الممتلئة بالشفقة وكأنه يحميه وخائف عليه من هذا السلطان !! : خيير ترموني بينكم !!
سلطان بحدة : علمنا حضرتك كيف تبينا نعاملك ؟
عبدالعزيز بعصبية :أنت جاي معصب وتبي تطلع حرتك على أيّ أحد
سلطان مدّ يدِه على ياقة ثوب عبدالعزيز و لكمهُ على فمِه لتسيلُ بعض قطرات الدم ، لم يتردد عبدالعزيز بأنّ يمِد يدِه على سلطان بنفس اللكمة وأتت على عينِه
كان باب المكتب مفتوح وأمام مرأى الجميع يحدثُ هذا الضرب بين " سلطان بن بدر " و " عبدالعزيز العيد " . . سلطان بن بدر بقامته " يتعارك مع أحدهم ، هذا خبرٌ مُثير سيتداول بين أوساط الموظفين لفترةٍ طويلة .
عبدالرحمن يسحب عبدالعزيز من الخلف وهو يصرخ بهم : اللهم اننا صايميين بس .. أستخفيتوا وش خليتوا للبزارين !!
عبدالعزيز وضع أصبعه يمسح الدم المُسال من فمِه بجهةٍ كان سلطان يأخذ منديلاً يسدُّ نزيف أنفِه ،
عبدالرحمن بنبرةٍ غاضبة : حشى بزارين ! هذا وأنتم أكثر ناس مفروض تعرفون تتحكمون باعصابكم !! يالله لا تشمت علينا أحد
عبدالعزيز بصراخ : إذا مالقيتوا عليّ شي رحتوا تتحرشون تبون تغلطوني وبس !!
سلطان بغضب أكبر : إيه طال عُمرك .. ندوِّر عليك الغلطة ونكبرها بعد .. وش تبي ؟
عبدالعزيز عض مكان جرحه ونزف أكثر : لأنكم كذااابين !! إيه نعم كذاابييين وتحاولون تخفون كذبكم بهالأساليب الرخيصة
عبدالرحمن بهدُوء : عبدالعزيز .. ماله داعي هالكلام
سلطان بحدةٍ وهو يحذف سلاحه على الطاولة : عساك ماصدَّقت ، على الأقل أساليبنا ماوصلت أننا نهدد ببنات !! إحنا مانهدد الا برياجيل وأنت فاهم قصدي زين
عبدالرحمن و يبدُو هو الآخر سيغضب ، موجِهًا حديثه لسلطان : سلطاااااااان الله يرحم لي والديك لاتعيد بهالكلام
عبدالعزيز وأنفاسه تضطرب وصدره يهبط و يرتفع : آهاا فهمت ، تبيني أهددك برياجيل .. أبد أبشر ماطلبت شي ، خطوتين وأنا عند الجوهي .. وش تبيني أقوله ؟ عن صفقة موسكو ؟
سلطان وبراكين تخرج من عينِه كان سيتقدم إليه لولا وقوف عبدالرحمن بالمنتصف
سلطان بصراخ : كل يوم والثاني يجلس يهددنا .. مصخرة و ********* .. جلس على الكرسي ببرود دُون أن يلقي بالاً بما قال
عبدالرحمن ألتفت على سلطان بصدمة بل دهشة قوية من اللفظ المُسيء لعبدالعزيز وجدًا
عبدالعزيز لم يكُن أقل دهشَة من كلمته المُنقصة من قدرِه وتربيته ،
عبدالرحمن أدرك أنَّ حربًا ستُقام الآن ، : عبدالعزيز
عبدالعزيز و عيناه تثُور بحُمرة البراكين ، غضب كبير يرتسم بملامِحه .. رُبما غضبه هذه المرةِ غير .. رُبما غضبه هذه المرَّة " لا يرحم "
سلطان ومُجرد ثواني قليلة حتى أتاه تأنيب الضمير اللاذع على كلمتِه بحق عبدالعزيز ، ليته مسك لسانه ،
سكُون مُربك يُدار بين أعينهم الآن ،
عبدالرحمن بلع ريقه : أمش معِي
عبدالعزيز بنبرةٍ هادئة عكس ما بداخله : اللي رباني و ماهو عاجبك هو نفسه اللي كان له الفضل بأنك وصلت لهالمكان
عبدالرحمن بصوتٍ خافت : مايقصد أبوك !!
عبدالعزيز بغضب أنفجر وصوته يصل للطابق بأكمله : أجل يقصد مين !!! لآتجلس تدافع عنه كأنه ما قال شي !! ... لعنبوها من حياة خلتني أجيكم .. الله يحرق قلوبكم واحد واحد مثل ماأحرقتوا قلبي .. وخرج والممر يضج بالموظفين وأنظارهم المُتفحصة ، خرج بوجهه أحدٌهم بملفاتِه ، بغضب رماها على الأرض ورمى فوقها بطاقته الإلكترونية التي يدخل بها للطابق هذا ،
ركب سيارتِه و سُرعته تتجاوز الـ 240 .. يشعُر بأنَّ روحه تخرج من مكانها ، لا يعرف إلى أين يذهب ، به من الغضب ما يجعله في حالة من التوتر الكبير ، بهِ من الغضب ما يجعله يُريد أن يسحق أحدهم بهذه السيارة و يرى دمائِه .. يُريد أن يذبح شخصًا وليت هذا الشخص يكون سلطان
مسح على وجهه وهو الذي لا يدِّل بمناطق الرياض كثيرًا ، يبدُو وكأنه يخرج منها . . قلبه متوجِّعٌ جدًا . . مُثقل بالهمُوم ، يُريد ان يعصر قلبه من كل هذا .. يُريد أن ينسى فقط ، ولكن ذاكرته تتشبَّثُ بكل التفاصيل صغيرها و كبيرُها ، لا أحد بجانبه ، لا احد يشكِي له . . " يالله يا " يُــبــه " لو تسمع ما يُقال عنك و أنت تحت التراب ، هؤلاء اللذين من المفترض أنهم أصدقائك !! هُم نفسهم من جرحُوا بِك ،
لو الإنتحارُ بشريعتنا حلال لما ترددَّت لحظة من الخلاصُ من هذه الدُنيــا السيئة ، لا شيء يستحق العيش و أنت يا أبِي لستُ هُنـا ، يا رب الجنة .

،

في ساعات الليل و بعد الفطُورِ بوقتٍ طويل ، دخلوا : السلام عليكم
: وعليكم السلام
والده : وش فيها إذنك ؟
منصور : متمصخر باللعب
يوسف : أقول أسكت لا أنشر غسيلك
منصور : ههههههههههههههههه . . وين البنات ؟
والده : فوق ، وبعدين ماتستحون ؟ منتم عزابية تجلسون تقضونها إستراحة !!
يُوسف : كلها كم يوم .. انا بروح أتروش وأحط راسي وأنام مقدرت أنام من رجل فيصل المعفن
والده : فيصل فهَّاد ؟ شخباره خبري فيه لما كان بالجامعة
يُوسف : أبد طايح حظه مُدرس رياضيات مدري عربي
والده : إيه وش فيه التدريس ؟ بالعكس ماشاء الله أذكر أنه متفوق بدراسته
يوسف : فيصل ماغيره !! متفوق ؟ لا يبه غلطان فاشل داج ماعنده ماعند جدتي
منصور : مدرس عربي
والده : إلا هو ، كرمه أمير الرياض أيام التخرج بالجامعة طالع من الأوائل
منصُور : أماا !! ماأصدق والله ماهو مبيِّن عليه
والده : طيب وش أخباره ؟ تزوَّج ؟
يوسف : عنده بزر لو تشوف ناقة خالي شبيب تقول سبحان الخالق
منصور : هههههههههههههههههههههه لا تبالغ !! إلا ماشاء الله عليه ولده مرتب ومتربي صح
والده : أعزمه على الفطور
يوسف : لآ لازم الشلة كلها
والده : شلتك الداجة لأ وألف لأ
منصور : لآ يبه ذولي شباب إستراحة الإرجوانة غير عن ذوليك . . يالله عن أذنكم . . وصعد
والده : تعال أنت أجلس أبيك بموضوع
يُوسف بهدُوء : عارف وش الموضوع ، بنتظر لين يخلص رمضان و ساعتها يصير خير
والده : لين وقتها لنا كلام ثاني
يُوسف تنهَّد وصعد للأعلى بـ " الهاند باق " المتوسطة الحجم .. فتح باب غُرفتِه ورماها جانبًا وألتقت عينه بجسدِها النحيل على الكُرسي و التعب واضح بملامِحها ، نائمة لهذا الوقت ؟ ماقصَّتها مع النوم ؟
أقترب منها وبنبرة هادئة : مهرة .. مهرررة
تنهَّد وبصوتٍ أعلى : مُهرة . .
فتحت عينها بإنزعاج و متوجعة من ظهرها ونومتها على الكرسي . .
يُوسف : شكلك ماأفطرتي بعد ؟
مُهرة برعب : كم الساعة ؟
يُوسف : 10 ونص
مُهرة و كم صلاة فوتتها منذُ الظهر !! كيف نامت كل هذه الفترة ،
يُوسف : من متى نايمة ؟
مُهرة تجاهلت سؤاله وهي تُفكِر بمئة موضوع بثانية واحِدة ،
يُوسف : قومي وبقولهم يحضرون لك الفطور
مُهرة وقفت وبمجردِ وقوفها شعرت بأن معدتها تتقلص أم تتمدد ، لا تعلم أيّ شعورٍ هذا يُداهمها الآن ، وضعت كفِّها على بطنِها وضغطت عليه بألم كبير ،
يُوسف لم ينتبه لها وهو يُعطيها ظهره و ينظر لشاشة هاتِفه ، أبتسم لمُحادثة علِي و شتائمه التي لا تنتهِي ، ألتفت مرةً أخرى رافعًا حاجبه : للحين واقفة ؟ أخلصي لأني بدخل أتروَّش
مُهرة جلست مرةً أخرى غير قادِرة على الوقوف ، ألم بركبتِها و ببطنها و دوَار ، أشياء تُزعجها بل تؤلمها حدّ أنها تعجزُ الكلام ،
يُوسف عاد لهاتفه ليُغلق جميع الدردشات ، رمى هاتفه وتنهَّد مُستغربًا أنها مازالت جالسة ، جلس على الطاولة مُقابلها : وش فيك ؟
مُهرة ودمُوعها تخرج من شدةِ الألم ،
يُوسف يضع كفِّه على جبينها وحرارتها مُرتفعة بشكلٍ مهوِّل وبعصبية : ما تبطلين مكابر !! ..
مُهرة لن تستطيع مُناقشته بشيء ، كتمت على نفسِها حتى لا تخرج تأوهاتها
يُوسف يُخرج من الدولاب عباتِها وطرحتها : أنادي لك أمي تساعدك ؟
مُهرة هزت رأسها بالرفض ،
يُوسف رحمها و حاول أن يليِّن صوته : ماهو قصدِي أعصب عليك بس ليه ماأتصلتي .. ماقلتي لأحد ... يعني من الصبح وأنتِ كذا ؟ لو ماجيت الله العالم وش ممكن يصير
مُهرة أخفضت رأسها وشعرها يدلُ طريقه حول عينيْها ليلتصق بدمُوعِها ،
يُوسف : طيب ألبسي عباتِك الحين ..
مُهرة بصوتٍ خافت : راح الألم
يُوسف ويكاد يُجَّن مِنها : حرارتك مرتفعة ، أمشي نروح نتطمَّن
مُهرة بهدُوء : خلاص قلت لك مافيه شي ، أنا أعرف أتصرف
يُوسف : مُهرة لا تعاندين خلينا نروح ونتطمن !! تنامين يوم وتصحين يوم ثاني و فوق هذا تتألمين كل شوي وأكلك هاملته .. بعرف أنتِ تعاقبيني ولا وش ؟
مُهرة رفعت عينها له لتُردف : لأ .. يعني أنا ماني مشتهية
يُوسف بغضب : طيب ماتبين تآكلين من أكل أهلي قولي لي !! أنا أجيب لك شغالة لك بروحك .. ماهي حالة هذي
مُهرة تخفض بصرها ، تشعرُ بالغربة هنا ، لا أحد بجانِبها .. إحساس الوحدة يقتُلها بل يتشبَّع بها موتًا ،
يوسف : طيب قومي معاي الحين تنزلين وتآكلين
مُهرة : بصلِّي أول
يُوسف : كم صلاة طافتك ؟
مُهرة : بس صليت الظهر
يُوسف بدهشة : نايمة كل هالمدة ؟
مُهرة وقفت وهي تحاول أن تُبعد أنظاره عنها : ماحسيت بنفسي
يُوسف عقد حاجبيْه : طيب يالله أنتظرك ، مرَّت ساعة بالتمام حتى فرِغ يُوسف من الإستحمام و هي أيضًا ،
مُهرة ترفع شعرها الطويل باكمله للخلف ، لتُردف : خلاص إذا عندك شغل روح
يُوسف : وش بيكون عندي يعني ؟ صلاة التراويح وقضت .. مافيه شي
مُهرة بنبرةٍ مقهورة لم تستطع ان تتزن بها : الإستراحة
يُوسف أخذ هاتفه ومد يدِه لها
مُهرة توقفت ، تُمسكه أم ماذا ؟ ثواني طويلة حتى تخلخلت أصابع مُهرة بأصابع يُوسف ، نزل معها للأسفل ولصالة الطعام الجانبية ، نظر للأكل بنفسٍ مفتوحة : والله أمي مهي قليلة .. جلس و هي جلست بمُقابله
من خلفه والدته : طبعًا ماني قليلة
يُوسف ضحك : أحسبك طلعتي مع البنات
والدته : شخبارك مُهرة ؟
مُهرة بإحراج كبير : بخير
أم منصور كانت تُريد أن تُبعِد الحرج عنها ولكن ليس بيدِها حيلة : بالعافية عليكم ، . . وخرجت
يُوسف أخذ صحنها ليضع لها بنفسه " اللي يحبه هو " أنتبه لنفسه أنه وضع الأشياء التي يُحبها هو فقط ،
أردف : تآكلين نوع معيَّن ؟ ولا عادي ؟
مُهرة : لآ عادي
يوسف وضع الصحن أمامها : أبيك تنظفينه ليْ
مُهرة أبتسمت بعفوية و كأنها شعرت بذنب أخيها فتلاشت إبتسامتها ، أخون أخِي و أرخص دمِه إن بادلتهم بالوِّد و هُم " قتلى "
يُوسف لاحظ ضيقها المُفاجىء : تبيني أطلع عشان تآكلين براحتك ؟
مُهرة رفعت عينها له ،
يُوسف : عادي عطيني إياها على بلاطة ماعندي حساسية من هالأشياء
مُهرة : ماني متضايقة
يُوسف : كويِّس لأني جوعان ..
تذكَّر فطورهم اليوم بالإستراحة ، " يا بخلك يا طارق " ، شعر بأنه تفطر طعامًا إن رآه قطٌ لترفَّع عنه و تجاهل هذا الطعام .

،

في المُستشفى ساعدتها على إرتداء ملابِسها ، أغلقت عبايتها : وين أبوي ؟
عبير : جايْ
رتيل جلست على طرف السرير مُنتظِرة ،
عبير لا تعرف كيف تفتح الموضوع معها : تحسين أنك أحسن الحين ؟
رتيل بقهر : أنتِ وش تتوقعين ؟
عبير ألتزمت الصمت فالدكتور أعطاهم تعليمات طويلة و عريضة أهمها أن لا نتجادل معها بشيء لأن أعصابها مشدودة ،
دخل والدهم بإبتسامة : يالله مشينا
رتيل أمالت فمها بإمتعاض وهي ترتدِي نقابها وتخرج خلف والِدها . . ،
هذه المرَّةِ دون سائق فـ والِدهُم تولَّى القيادة ، أخرج هاتفه وسط الصمت وهو يرِّدُ على مقرن : هلا
مقرن : هلابك ، كلمت ناصر يقول ماهو عنده
بوسعود تنهَّد : يعني وين راح ؟ .. طيب يمكن قايل لناصر لا تقولهم ..
مقرن : لا ماظنتي لأن ناصِر كان متفاجىء وقال أنه أكيد بيرجع مايدِّل بالرياض كثير فأكيد ماراح يبعِّد
بوسعود : المشكلة مايعرف أحد يعني وين بيروح ؟
مقرن : بس دام أغراضه موجودة ومامرّ البيت يعني إن شاء الله بيرجع .. أكيد
بوسعود : الله يستر لا يسوي بنفسه شي .. كلِّم أحمد يشوف إشارة جواله من وين ؟ يمكن نعرف مكانه
مقرن : طيب الحين أكلمه
بوسعود : مع السلامة وطمِّني . .
عبير بإهتمام : مين اللي بيسوي بنفسه شي ؟
بوسعود : عبدالعزيز
رتيل و قلبها أفاق من سُباتِ الصمت ، ألتزمت الهدُوء وعينها تنظرُ للطريق وكأنَّ الأمر لا يهمها ،
عبير صمتت لا تُريد أن تتعمق بالموضوع أكثر بوجود رتيل
بوسعود و يتكلم بعفويةٍ طبيعية : مشكلة هالولد .. لا عصَّب ماعاد يشوف قدامه
عبير ودَّت لو تترجى والدها بأن يكفِّ حديثه عن عبدالعزيز ولكن والِدها الذي لا يتكلم بأمور عمله و بمشاكله أمامنا تسلط اليوم ليتكلم وكأنهُ يستقصِدُ رتيل !
بوسعود تنهَّد : الله يستر بس ... راح يجننا وراه
" راح يجننا وراه ؟ " جُننت و أنتهيتْ ، أين ذهب ؟ . . حتى في إتساعِ ضيقي مِنك أنا أهتم بك يا عزيز !!

،

يقرأ الرسالة المُستلمة بعينيْه " تُركي بالكويت ، يقولون مرّ من جمارك الخفجي "
تنهَّد و هو يعرفُ بأنَّ الجحيم سيحِّل على تُركي قريبًا وجدًا ، أرسل أمام أنظار العمَّة المُدققة بتعابير وجهه " جيبه لي هالأسبوع "
حصَّة : خير اشوفك اليوم ماتترك الجوال من إيدك
سلطان : يالله يا حصة صايرة كنك مرتي
حصة : ليه الجوهرة تدقق على كل شي ؟
سلطان و ضاقت ملامحه بسيرتها : لأ بس أطرح مثال
حصة : طيب ، أنا أبي غرفة سعاد
سلطان رفع حاجبه : نعععم !!
حصة بتوتر : إيه يعني العنود تسهر و أنا أنام بدري فأبي آخذ راحتي
سلطان : طيب ، فيه غرفة ثانية وأبشري أخلي عايشة تجهِّزها لك ، البيت كله تحت أمرك
حصة : بس أنا أبي غرفتها
سلطان بغضب : لآتجننيني !! أنا داري أنه السالفة عناد
حصَّة بحدَّة : شف سلطان ماني راضية على حياتك هذي ! مسألة أنه محد وراك وعشان كذا تسوي اللي تبيه ماهي عندي ! انا حسبة أبوك وأمك واللي تبي بعد
سلطان بإبتسامة سخرية : ترى فارق العُمر ماهو مرَّة
حصة وتتمسكن بملامحها : سلطان يعني ترضى تزعلني كذا ؟ أنا أبي أفرح فيك وأنت تسكرها بوجهي ، يعني ليه سعاد موجودة بحياتك للحين ؟ والجوهرة مرمية في بيت اهلها ولا كلفت روحك تسأل عنها
سلطان تنهَّد : يارب رحمتك .. تعرفيني ماأحب أحد يتدخل بحياتي حتى لو أبوي عايش ماكنت راح أرضى يتدخل
حصة : بس عاد أنا بتدخَّل وأسمح لي
سلطان : وش أسمح لك ماأسمح لك !! لا تعورين راسي فيني اللي مكفيني
حصة : إيه طبيعي بيعوِّرك راسك لو أنك تعرف تتعامل مع الحريم زي الناس كان الحين أنت ملاك طاير بالسماء
سلطان بقلة صبر : الله يخليك لا تعيدين لي الموَّال
حصة : إلا بعيده أنا شيبي ماطلع ببلاش
سلطان : طيب تبيني أريِّحك من الآخر ؟
حصة : إيه
سلطان ببرود : بطلقها
حصة شهقت برعب : لعنبو إبليسك ماكمَّلت سنة ،
كمَّلت بغضب : طيب على الأقل عطها فرصة البنت تثبت لك صفاتها وشخصيتها على طول بتطلق !! هذا وأنت عاقل وتعرف تدبِّر أمورك .. إذا من أول مشكلة بتطلق !! مايمدي أصلا تمشكلتوا !!
سلطان : الموضوع عندي أنتهى
حصة : لآ والله منت مطلقها
سلطان بحدة : تحلفين عليّ ؟

،

في مدينةٍ تجهلها وبشكلٍ أدق خائفة بطريق العودة لشقتِها ، كان خلفها مجموعة من المُنتسبين للدورة ، حمدت ربَّها حتى لا " يخرب البرستيج " في طريق عودتها التي مُدرِكة بأنها ستركض من شدة الخوف.
بدأوا يتفرقون بين الطرق ، ودَّت لو أن تترجى أحدهم أن يأتِي معها ، ألتفتت و الظلامُ يخيِّم على " كـان "
كانت هُناك فتاةٌ مغربيـة ، كانت ستُكلمها ولكن أتجهت للمقهى المنزوي بالزاوية ،
: تدورين أحد ؟
شهقت : هاا .. لآلأ ..
نواف بيدِه بعض الأوراق : طيب أنتبهي لطريقك .. وأكمل طريقه بجهةٍ مُعاكسةً لها
أفنان تُحدِّث نفسها " حلال ؟ إيه صح حلال يعني وش فيها لو أقوله بس يوصلني .. لآ عيب .. طيب يعني كيف أكمِّل طريقي كذا .. حسبي الله عليهم راميني بمكان مدري من وين جابوه .. أكلمه ولا لأ .. ياربي .. فشلة .. وش بيقول عني ؟ تحاول تتميلح .. إيه والله واضحة كأني أتميلح قدامه .. ياربي أكلم المشرفة .. والله تهزأني .. " تنهَّدت وهي تتجه خلفه وبصوتٍ خافت : إستاذ نواف
لم يسمعها وهو يُكمل طريقه ،
أفنان بصوتٍ واضح : إستاذ نواف
ألتفت عليها ، ورفع حاجبيّ التي تشعُر بأنهُما في حالة رقصٍ مُستمرة ، يلعبُ بحركة حواجبه كثيرًا هذا أكثر ما لاحظته به
أفنان بدأت " تُعضعض " شفتِها السُفلية من الحرج : آآ .. يعني كنت بقولك .. ممكن يعني بس تروح معاي للطريق الثاني بس يعني لين الحي وبعدها خلاص لأن .. يعني ماأبغى أزعجك بس مالقيت أحد و .. يعني بليل وكذا .. يعنني ..
نواف : قللي من " يعني " بكلامك
أفنان فتحت فمِها بـ " فهاوة "
نواف : طيب كملي معاي طريقي فيه الشارع الثاني يوديك على نفس الحيّ
أفنان حسَّت بإحراج كبير : لآلآ خلاص روح أنا أرجع
نواف : أنتِ شاربة شي ؟ على فكرة المشروبات اللي بالمكاتب فيها كحول
أفنان : هاا !! لا .. ماشربتها والله ماشربتها
نواف ضحك ليُردف : منتي صاحية .. أمشي طيب
أفنان : أنت فهمتني غلط أنا .. بس لأني خفت عشاني لابسة حجاب ومافيه عرب كثير
نواف : لاحول ولا قوة الا بالله ، يا ماما أمشي
أفنان " وش يا ماما ؟ .. شايفني بزر قدامه " : أنا آسفة أزعجتك .. خلاص والله خلاص
نواف أنفجر بضحكته : طيب لأن شكل تفكيرك وقف اليوم .. ومشُوا بالطريق الآخر الذي تُريده أفنان
أفنان تمشي من خلفه وهي تنظرُ لـ " ظهره " . . " يا هي سواليف كثيرة بتنقالك يا ضي "

،

توقف عقلُها عن النبض ، صورةٌ أمامها واضحة جدًا .. يلفظُ كلماتٍ كثيرة بعينٍ مكسُورة بالدمع ، يحلف ويُردد " والله شفتها "
هذا الرجُل أعرفه . . والله أعرفه وليس بغريبٍ عليّ ، لِمَ يبكي ؟ لِمَ يحلفْ و يُردد وكأنه غير مُصدِق ؟
أولُ مرةٍ أرى بها تقاسيمُ هذه الملامح ، منذُ فترة أرى أجسادًا بوجُوهٍ مطموسة ، هذه المرَّة ملامحه واضحة ، عيناه ، أنفه ، شفتيْه . . كُل تفاصيله الصغيرة تُرى جيدًا ، . .
ألتفتت لمن يجلسُ بجوارها : مين ناصر ؟

.
.



.
.

أنتهى

+ أنا أمرّ بشوية ظروف تآخذ من وقتِي الكثير و ماأبي أقفل الرواية و تطفشون وأطفش معكم
لذلك تحملوا هالفترة أنه البارتات بتكون قصيرة بس لين ربي يفرجها ()


نلتقِي بإذن الكريم - الخميس-
منوريني جميعًا بكل صفحاتي الشخصية برا المنتدى ()

لاتحرمونِي من صدق دعواتكمْ و جنَّة حضوركمْ.
و لا ننسى أخواننا المسلمين في بُورمـا و سُوريــا , كان الله في عونهم و اللهم أرنا في بشارٍ و أعوانه عجائِب قُدرتكْ.


*بحفظ الرحمن.
























 
 

 

عرض البوم صور طِيشْ !  
قديم 30-08-12, 10:03 PM   المشاركة رقم: 40
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متألق



البيانات
التسجيل: Mar 2012
العضوية: 240258
المشاركات: 744
الجنس أنثى
معدل التقييم: طِيشْ ! عضو متالقطِيشْ ! عضو متالقطِيشْ ! عضو متالقطِيشْ ! عضو متالقطِيشْ ! عضو متالقطِيشْ ! عضو متالقطِيشْ ! عضو متالقطِيشْ ! عضو متالقطِيشْ ! عضو متالقطِيشْ ! عضو متالقطِيشْ ! عضو متالق
نقاط التقييم: 2673

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
طِيشْ ! غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طِيشْ ! المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي

 




السلام عليكُم و رحمة الله وبركاتهْ.
عساكُم بخير يارب و السعادة ترفرفْ بقلُوبكمْ ()"

سعيدة جدًا بكم وبكل عين تقرأنِي من خلف الشاشَة ممتنة لها وممتنة لوقتْ سمَحْ بِه قارئِي مهما بلغ عُمره أو جنسيته أو كان من يكُون .. ممنونَة جدًا لهذا اللطفْ الكبيرْ الـ تغرقونِي بِه في كل لحظة.
مُتابعتكُم شرف لي وشرف كبير .. أحمد الله وأشكُره على هؤلاء المتابعينْ .. والله ولو تابعنِي شخصُ واحد لـ قُلت : يابختِي .. كيف بـ كل هذه المتابعة الفاتِنة لقلبي وجدًا.

الله لايحرمنِي منكم و اعرفُوا أنكم تحلُون بـ جزء كبير من قلبي ()
شُكرًا كبيرة لهذا الدعمْ و من خلف الكواليس شُكرا على هذا الكم من التقييماتْ.



رواية : لمحتُ في شفتيها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية , بقلم : طيش !
الجزء ( 40 )




(حلم)

كأنّما تَسْتنطقُ الصاعقة الحجارْ

تحاكم الصاعقة السماءْ

تحاكم الأشياءْ

كأنما يْتسل التاريخ في عينيّ

وتسقط الأيامُ في يديّ

تسقط كالثمارْ...

*أدونيس



،

توقف عقلُها عن النبض ، صورةٌ أمامها واضحة جدًا .. يلفظُ كلماتٍ كثيرة بعينٍ مكسُورة بالدمع ، يحلف ويُردد " والله شفتها "
هذا الرجُل أعرفه . . والله أعرفه وليس بغريبٍ عليّ ، لِمَ يبكي ؟ لِمَ يحلفْ و يُردد وكأنه غير مُصدِق ؟
أولُ مرةٍ أرى بها تقاسيمُ هذه الملامح ، منذُ فترة أرى أجسادًا بوجُوهٍ مطموسة ، هذه المرَّة ملامحه واضحة ، عيناه ، أنفه ، شفتيْه . . كُل تفاصيله الصغيرة تُرى جيدًا ، . .
ألتفتت لمن يجلسُ بجوارها : مين ناصر ؟
وليد بضِيق يستلقي على التُراب الناعم وهو يُغطي عينه بذراعه : ماأعرفه
رؤى تنظُر لبحرِ دُو فيل الواسع كإتساع وحدتِها : شوفه يصرخ
وليد يُدرك بأنها تتوهم : أتركيه يهدأ من نفسه
رؤى و دمُوع تعتصِر بعينِها : مخنوقة . . قلبي يعوِّرني
ولِيد بصمتْ يتأملُها ، قلبه يتجزأُ لأكثرِ من جُزء ويبكيِها
رؤى : أحس فيهم
وليد بهمس : مين ؟
رؤى بلا وعي : ما أعرفهم ، هو متضايق يا وليد
وليد وهو الذي لم يعُد يعرف كيف يتعامل معها ولا يعرفُ أهو عبدالعزيز أم وليد ، أشعُر بها إن عادت لشخصيتها القديمة و أيضًا أشعُر بها إن بقيتْ بشخصية رؤى التي بعد الحادث لكن أحيانًا أُصلبْ أمامها ولا أعرفُ مالمُفترض أن يُقال ،
رؤى بتنهيدة أردفت : ليه سوَّت فيني كذا ؟ ليه أُمي قاسية ؟
وليد : ماهي أُمك
رؤى صرخت ببكاء : إلا أمي .. ماكان جمبي أحد الا هيْ ... هي أُمي
وليد جلس بجانبها ، لو أنَّ حلالاً أن يحضُنها فقط ليقتلع هذا الألم ، يالله كيف أراكِ بهذه الصُورة ولا أفعل شيئًا ، كيفْ أروِّضُ نفسي عن الحرام و أنا أراك طُهرٍ لا يختلط به ذنب ، يالله ألنـا قُدرة على تحمل كل هذا ؟ يارب نسألُك ضياءً يُبدد ظُلمة قلبها ، أُدرك كيف حُزنِك متكوِّرُ عالقُ بحُنجرتِك ؟ أتلفُظينه يا رؤى و يرتاح صدرِك أم تبتلعينه .. يااه يا هذه الأرض لا تستوي ولو لمرَّة لأجلنا لأجل أن نهرب ، أن نهرب من حُزنِ هذه الدُنيا .
جمعت كفيِّها لتُغطي ملامحها السُكريِّة و هالاتُ قصبٍ أسود تطوف حول عينِها ، جاهشةً بالبُكاء وكلماتها مكسُورة تنطقها بتقاطيعٍ أدمَت قلبِها : ليه بس ليه ؟ ماأبغى منها شي بس تقولي ليه سوَّت فيني كذا ؟ . . يعني أنا أستاهل كل هذا ؟ .. وينهم ؟
صرخت : ويننهم أهلي ؟ .... ياربي قولوا لي وينننهم بس أبي أعرف وينهههم ؟.. لا تقولون ميتيين .. أبيهم ..
بصوتٍ يُخالط أصوات الأمواج : أبيييهم
وليد بلع ريقه بإختناق : تعوّذي من الشيطان
رؤى وعيناها تذهب لماضِي بعيد ، مُجتمعين بأجساد لا ترى ملامِحهم إن كانت بائسة أم سعيدة !
صوتٌ رجُولي ضخم : ماعندي لعب ، ترى بالعصا
صوتٌ رجُولي آخر ذو نبرةٍ عذبة : والله والله والله حفظتها .. يبه تكفى أحس مخي بيوقف
و صوتٌ أنثوي : أنا حفظتها
مرةً أُخرى الصوتُ الضخم الذِي قيل عنه " يبه " : طيب أنا أبي أحفظكم أشياء ثانية
الصوتُ الأنثوي مرةً ثانية : وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَاراً
الرجُل الصغير : هاا هدول قالتها وحافظة الرقية كاملة وأنا صميتها صمّ
الرجُل الأكبر : الله لايعوق بشر محفِّظكم نص القرآن يعني محفظكم
وقف ذاك الشقي : المهم أني حفظتها كاملة الحين وسمَّعتها لك يابابا *أردف كلمةِ بابا بسُخرية* ..

رجعت مع صوت الأمواج لتهمس : هدول ؟
وليد : خلينا نمشي
رؤى ألتفتت عليه بعيُونٍ ممتلئة بالدموع : أقرأ عليّ
وليد جلس لثواني يستوعب ، ثم أردف : طيب
رؤى جلست أمامه
وليد وضع كفِّه الأيمن فوق حجابها ليبدأ بالفاتحة ومن ثُم " الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاة وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ "
أكمل تلاوة الآيات القُرآنية الواردة بالرُقية الشرعية إلى أن وصَل لسُورة الناس و بُكاء رؤى مع القرآن يتواصل ،
أنتهى وهو يردد " اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت عليك توكلت وأنت رب العرش العظيم ، ما شاء الله كان وما لم يكن ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، أعلم أن الله على كل شيئ قدير ، وأن الله قد أحاط بكل شيئ علماً ، وأحصى كل شيء عدداً ، اللهم إني أعوذ بك منه شر نفسي ، وشر الشيطان وشركه ، ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها ، إن ربي على صراط المستقيم "

،

على طاولتِها في المقهى الباريسي ، بكفِّها اليُمنى كُوبِ قهوةٍ سوداء كقلبها في هذه اللحظات ، أرهقها الإنتظار حتى رفعت عينِها للباب الذي يُدلف من قبلِ رجُلٍ عشرِيني ذو هندامٍ أسوَد و وشاحٍ حول رقبته باللون الرمادِي ،
جلس بمُقابلها وهو يمدُ لها ظرفٍ أبيض أسفل الطاولة : كِذا أنتهى شغلك ترجعين لمكان ماجيتي ولاأبي أشوف وجهك في باريس
أمل بخبث : رقمي عندكم إذا بغيتوا شي ثاني
: إن لعبتي بذيلك معنا ماهو أحسن لك .. تطلعين برا باريس وتنسين شي إسمه رؤى مدري غادة .. وخرج
فتحت الظرف أسفَل الطاولة بعينِها تعدُّ الأوراق النقديـة ، أرتسمت بجانبها إبتسامة و تركت بضعُ أوراقٍ على الطاولة وخرجت ،
رجلٌ آخر يمشي خلفها إلى أن مرَّت من جانب قوس النصِر ، تبِعها حتى دخلت بين الضواحي الضيِّقة ، سحبها من الخلف وهو يُضع كفِّه على فمِها لئلا تصرُخ.

،

في مساءٍ جديد على الرياض ، غائِب ليومينْ . . أين أراضيك يا عبدالعزيز ؟
أتصل عليه للمرةِ الألف في هذا اليوم " أترك رسالة بعد سماع الصافرة "
ناصر يترك له ملاحظة صوتية : عزوز وينك ؟ يعني تبي تخوفنا عليك وبس .. إذا سمعت هالرسالة تتصل عليّ ضروري ، بعد بكرا رايح باريس .. أتصل على رقمي الفرنسي .. عزوز .. لاتلعب بأعصابنا أكثر "
رمى الهاتف على الكنبة وهو يُغلق سحاب حقيبته التي سيذهب بها إلى باريس ،
يالله يا عزيز مازلت تلتهم عقلي بالتفكِير بك ، قلقي عليك يُفكِك بخلايايْ ، ماذا يحدُث معك ؟ أعرفُك جيدًا من المُستحيل أن تهرب دُون أن تُخبرني بشيء ، كيف تهرب وجوازِك ليس بحوزتِك ؟ . . أنت هُنا و تحت سماء الرياض ولكن هذه السماء مازالت تُمارس الجفاف معي كما أعتادت.
ألتفت على والده : للحين مافيه خبر عنه
والده : الله يستر ، خابره عاقل ماتطلع منه هالأشياء
ناصر تمتم : ماخلوا فيه عقل
والده : وشو ؟
ناصر : ولا شي .. أنا بروح ادوِّر عليه بالأماكن القريبة

،

على طاولة مكتبة يستنِد ، بضيق : طيب و المستشفيات ؟
متعب : إيه طال عُمرك ، إسمه ماهو موجود بكل المستشفيات حتى الخاصة دوَّرت فيها
عبدالرحمن الذِي لم ينام جيدًا من قلقه : أستغفر الله العظيم و أتُوب إليه
سلطان : مستحيل طلع من الرياض وهو مايدِّل
متعب : كاميرات المراقبة اللي في طريق الشرقية راقبناها مامرَّت لوحة سيارته
عبدالرحمن يحك جبينه يحاول أن يلقى مكانًا رُبما يحويه ، تنهَّد ليُردف : ماهو لابس شي من أدوات التجسس ..
متعب : السماعة لأ و الكبك بعد ماكان لابسه
سلطان : كان لابس ثوب وقتها !
متعب : إيه بس الكبك عندنا ماخذاه معه ..
عبدالرحمن : الله يصلحه بس
سلطان : طيب متعب شيِّك على الفنادق
متعب : إن شاء الله .. وخرج
جلس سلطان مُتعبًا من التفكِير و بمثل حاله كان عبدالرحمن بل أشد ، مسألة غياب عبدالعزيز تُربِكهم كإرتباكهم في حالِ حدُوث حادثة بأوساطِ الرياض فكيف لو كان هذا الغيابْ يُسيطر على رجلٍ " مُهم بالنسبة لقلوبهم مهما أظهروا غير ذلك "
عبدالرحمن بجدية حادَّة : بس نلقاه إن شاء الله تطلِّع نفسك من الموضوع كله ، مالك علاقة فيه ولا أبيك تختلط معاه خله يسوي اللي يبيه ..
سلطان : لا تخاف بعتذر له
عبدالرحمن غير مُصدق ، يعرف سلطان منذُ سنين ويعرف أنَّ " آسف " لآتخرج منه وإن أراد الإعتذار فإنه يبيِّن ذلك بطريقة مُبطنة و ليست مُباشرة وهذه الطريقة قد يفهمها عبدالعزيز بشكلٍ خاطىء : أنا أعتذر له بالنيابة عنك بس لا تستفزه
سلطان رفع حاجبه : منت مصدقني ؟ والله العظيم بعتذر له
عبدالرحمن بعينِ الشك : سلطان !! ماهو عليّ هالحركات أعرفك ماتحب تعتذر لأحد
سلطان أبتسم : فاهمني غلط

،

شدّهُ من شعره حتى أغرقه بحوضِ المياه : أصححى يا مجنووون جبت لي المصايب
بهذيان مُزعج : يختيي أبعديي
حمد : أنا صرت أختك ! قلت بخليك تشرب شوي تنبسط بس منت كفو على طول سكرت
فارِس التي تضيق ملامحه أبتعد عن المياه وهو يبتلعُ بعض الماءِ بغصَّة : أتركنيي
حمد بعصبية : بس يجي أبوك يعلمك كيف تشرب ؟
فارس : أنت عطيتني
حمد بتفاجؤ :أنا !! يالنصاب .. روح بس للوحاتك أسكر معها ولا شرايك تتصل على وحدة من اللي مشبِّكهم
فارس يُمسك هاتفه بضحكة وخطواته غير مُتزنة يكاد يسقُط في كل خطوة : على ميين نتصل ؟
حمد : أنت أختار هههههههههههههههههههه
فارس يرتمي على سريره : وش إسمها ذيك خويتي اللي عرفناها بلندن ؟
حمد : خلود ؟
فارس : إيه خلوود .. هههههههه خلوود إسمها ماهو حلو
حمد يجلسُ بجانبه : إيه ياماما إسمها مررة ييع
فارس يضغط على الرقم ويضعه على " السبيكر " ، أتاهُ الصوتُ الأنثوي المبحوح : ألوو
فارس : يا روح .. آآ ..
همس لحمد :أنا وش إسمي ؟
حمد بضحكة صاخبة : أتوقع إسمك الحركي زياد ولا ؟
فارس : إيه زياد .. هلا ياروح زياد
خلُود : حبيبي مشتاقة لك
فارس : وأنا والله مشتاق لك مررة مرررة مررررررررررة كبر بيتنا
حمد بملامِحٍ حزينة : هههههههههههههههههه يا حياتي على الحُب
فارس يُغمض عينه : وينك يا قلبي ؟
خلُود : أنت سكران ؟
فارس بتخبُط : إلا صاحي وعن 600 حصان أفآآ عليك
خلُود : تيب تحبني ؟
فارس بملل : إلا أموت فيك
خلُود : تيب يا حياتي هالفترة كل يومين والثاني جاينا واحد يخطب .. حبيبي أستعجل ماصارت
فارس : يا روحي جالس أكوِّن حالي ، يعني ماما تبغاني أكوِّن نفسي أكثر
خلُود بدلع : أنتظرك العُمر كله
فارس : تافهة
خلود : نعععععععععععم !!
فارس : أقصد أختي الخبلة اللي دخلت .. رفس حمَد بعيدًا عنه ،
خلُود :إيوا حبيبي قولي وش أخبارك
فارس : هذي ماما تناديني .. أكلمك بعد ماأشوفها
خلُود : تيب أنتظرك
فارس : مع السلامة يا حُبي .. وأغلقه
حمد : ههههههههههههههههههههههههههههههه أتصل على بنت عبدالرحمن وش إسمها
فارس بضحكة : لآلآ هذي خط احمر .. خلها تولي بقطع علاقتي فيها
حمد : افآآ وراه
فارس : مغرورة وكريهة
حمد يُمثِّل الحزن : تكسر الخاطر
فارس : بس أنا بأدبها ، فكر معي شلون أجيبها هنا ! أحسها ***** " كلمة غزلية مُقرفة تُناسب قذارة فارس هذه اللحظة "
حمد صخب بضحكته : والله حتى أنا أحسها كذا ، جيبها خلنا ننبسط

،


سلَّمت من صلاتِها وهي تنظرُ للزاويـة الممتلئة بالورود بأنواعها ، يُغرق قلبها بغزلٍ لا ينضبّ ، لآتُنكِر إشتياقها لصاحب هذا الجمال ، صوتُه يدغدغ سمعها دائِمًا ومازال ، صخب رجولته وهي تتشكَّل بصوتِه لا يخرجُ من ذاكرتها ، كل شيء يطرق قلبها بتفاصيله الصغيرة التي لا تعرفها ، تُدرك انه يُحب الأدب الفصيح و يُحب محمود درويش لذلك دائِمًا ماتكون رسائله مُقتبسةً مِنه ، شغُوف بالفنون الجميلة و الرسِم ، يُحب الغموض والكآبة في ألوانه ، تعرف جيدًا أنه يخافُ الوضوح رُبما لسبب ما لا أعرفه أو رُبما غروره يمنعه ، أشعُر بتملكه الرهيب ليْ ، هو يتوقع أنني لن أقدِر على الإنسلاخِ منه و انا فعلاً كذلك ولكن سأحاول ، ربُّ محاولة يائسة تخلقْ لِي حلاً لم أتوقعه ، ماذا لو لم أستطِع ؟ سيتخلى عنِّي بسهولة !
يا غرورك يا أنتْ أجزمُ بأنك تُريد أن تُعميني بك و أن لاأرى غيرك وأن لا أعيش إلا لأجلك .. أعرفُ أنَّك تُريدني بصورةٍ إنهزامية حتى تتملكنِي كجاريَة في حُبِك ، كلماتِك و كل شيء يخصُك يُخبرني بهذا الشيء.
أذكُر أول هديةٍ مِنك ، أول ربكةٍ أعتلتنِي ، أول كلمةِ حُب تغنجت بها أسماعِي ، كان صباح الخميس الناعِس من شهرُ أيـار الذي يُدعى بغربِ العالم شهر العشب الطويل وكان كذلك لقلبي الذي تشعَّب وأخضَّر بزهرٍ لا يجفّ و لا يذبل ، ياإلهِي أكان مِنك أن تسقيني دائِمًا حتى تُسيطر على جذوري المتشبعة بِك !

،

رفعت شعرها المموَّج بكثرة تُشبه تكاثِر عزيز في قلبها ، رطبَّت وجهها و هي تأخذُ نفسًا طويلاً
أحاول أن أتجاهل مرورك العميق بقُربِ قلبي ، غائِب لأكثَر من يوم . . أيُعاقبك الله أم ماذا ؟
كل شيء يبدُو لي الآن أنه عقاب و جزاء ، لا شيء بينهم ينتصف .. إهانتِي لك عوقبت عليها بجحيمٍ مازال عالقٌ بقلبي و إنهيارِي كان مجالاً لشماتتِك بيْ ، و رُبما مُشكلتك التي لا أعرفها مع أبِي هي عقابٌ إلهِي لك.
يالله يا عزيز لو تعلم فقط بأنَّ كل من حولِي يُذكرنِي بك ، لا شيء يمُوت إلا وحُبك يُحييه ، كيف أتيت وأقتحمت كل أسواري ؟
لم تفعل لي شيئًا يُجبرني أن أُحبك ، كيف تتكاثَر بي و أنا مُتشبعة بخيباتِي منك ؟ يُحزنني أن أكون بهذه الصُورة الإنهزاميةِ أمامك ؟ يُحزنني جدًا أن أُحبك رُغم كل ماحدث ، أنا لا ألُومك لأنك لن تفهم معنى أن أُحبك و لن تفهم.
مسكت كفِّها وقلبُها يسترجعُ ماكتب على باطنه " أصعب الجروح تلك التي يحفرها الانسان بيديه "
أعرفُ ماكنت تُريد إيصاله ليْ ، أن أنساك و أن أتخلى عن حُبك وكأنه أمرٌ إختياري ، ليتك تفهم يا عبدالعزيز أنَّ الحُب قدرٌ إلهي لا يُمكن أن نقِف أمامه ، لآ يمكن.
هذه الجملة تمُّر عليّ للمرةِ الثانية أذكرُ دكتُورة مهارات الإتصال في سنتي الأولى بالجامعة ، كانت تحكِي لنا بوقتٍ فائِض بالمُحاضرة ، أرادت أن تشغلنا بأدبٍ كان وقتها أنَّه مجالٌ لا يهمني ولا يعنيني بشيء ورُبما مجالٌ تافه بالنسبةِ ليْ ،
تربَّعت على سريرها وهي تفتح حاسُوبها المحمول وكتبت في مُحرك البحث " أصعب الجروح .. " لم تُكملها و " قوقل " يضع لها إقتراحات بأنَّه غسان كنفاني.
حفظت صفحةُ موقعه الشخصي و تذكرت شيئًا ، فتحت موقع " تويتر " وكتبت في خانة بحثه " أثير روَّاف " لم تلقى أيّ نتائج
كتبتها بالإنجليزية ووجدت هذه الملعونة بنظرِ قلبها ، قرأت ما يُوجد تحت إسمها " سعُوديـة مُتغربة ، أنا أحكي عن الحرية التي لا مقابل لها..الحرية التي هي نفسها المقابل *غسان كنفاني "
أشتعل قلبِها غيرةً و حقدًا ، يُشاركها الميول والإهتمام وحتى حُب الشاعر نفسه ، هي تقرأُ لغسَّان وهو كتبْ على يدِي إحدى مقولاته .. يبدُو أنَّ حُبكم اللعين يحيَا حتى ببُعدِ الأجساد ،
نظرت لتغريداتها ونظراتُ الغيرة تلتهِمها .. تذكرت صورتها وعادت لتضغط على الصورة لتكبُر بإتساع شاشتها ،
همست لنفسها " شينة .. هذي أم الأخلاق بدون حجاب ولا شي "
خلف بُرج إيفل تقِف وبين كفوفِها قطةٍ بيضاء تُشبه بياض ملامحها و لا يظهرُ جسدِها بأكمله بل إلى منتصف بطنها تنتهي الصورة ، شعرُها أسودٌ ناعم ذو طولٍ لا بأس به على كتفِيْها و نظارةٌ سوداء تُغطِي عيناها و ضحكةٍ ترتسم بشفتيْها المُكتسية بالتُوت الأحمر و أنفَها يخترقهُ – زمام –
عضت شفتيْها وهي تُدقق بملامِحها تُريد أن تخرج منها عيبٌ واحِد ، ولكن لا عيُوب رُبما عيناها التي تُغطيها " سيئة "
لا مُقارنةً بيني وبينها ، تبدُو أنثى أكثر منِّي ، حتى جسدِها الذي لا يظهرُ بأكمله إلا أنه من الواضِح أنه مُتشبع بالأنوثة.
" بس والله شينة .. شيننة إلا شينة واضح "
عادت لتقرأ تغريداتها ، كانت البداية من " صباح الأمطار و جمال باريس هالأيام "
تمتمت : صباحك معفن يشبه وجهك
قرأت " شايفيين هالشريريين جابوا لي عصير حااار " *كانت واضعة صُورة لشخصيْن يبدُو أنهم عرب*
رتيل وفعلاً جُنَّت وهي تتحدَّث مع نفسها : ها ها ها يا ثقل دمك يالشينة
تركت تغريداتها لتدخل على الصور جانبًا ، لا تعرفهم .. بدأت تنزل لأولِ الصور وُضعت في الحساب ، أرتعش قلبها وهي ترى صُورة عبدالعزيز يُعلق على لوحة الإقتراحات ورقةٍ بيضاء غير واضحة الخط
مكتُوبٍ بتغريدتها " يا حياتي من أمس هو و عادل يطالبُون بإجازة هههههههههه هاردلك يا شباب على الرفض "
أغلقت حاسُوبها و الغضب يشتعل بها ، لِمَ فتحت صفحتها ؟ حتى احترق أكثر
إذن هذه زوجتِك ؟ الله يآخذك أنت وياها ... أستغفر الله.
وضعت أصابعها بين أسنانها اللؤلؤية لتُقطِّع أظافرها والتفكِير بهذه الأثير يقتلها ، حُب و عمل يربطكم و ماذا أيضًا ؟
هذه ذات الأخلاق الرفيعة و الجمال !! واضِحة جدًا أخلاقِها ،

،

أرتفع أذان المغربْ ليلتَّم الشملُ القليل على الطاولة ، الربكة تُثير البعض والشك ينغمسُ في قلوب البعض الآخر.
أكلت شيئًا يسيرًا حتى ضاقت شهيْتِها : الحمدلله
والدتها : ماكليتي شي ؟
الجوهرة بتوتِّر : لآ بس شبعت
ريَّان بنبرةٍ ذات شكٍ كبير : شبعتي ؟ الله على معدتك اللي ماعادت تتحمَّل تآكل
والده : وش قصدك ؟
ريان : ماأقصد شي بس أقول يعني ليه سلطان مايسأل ؟
الجوهرة رجعت بخطواتٍ قليلة للخلف وكأنَّها تتجهَّز لمعركةٍ تواجه فيها ريَّان
والده : مالك دخل
ريَّان يشربُ من الماءِ قليلاً حتى يُردف بلامُبالاة : غريب أمركم ، تركي مختفي وتقولون مسافر و سلطان قاطع و يمكن راميها ويبي الفكَّة ..
والده يُقاطعه بحدة : أحفظ لسانك زين
ريان بغضب لم يستطع أن يتحمل أكثر : أبي أفهم وش صاير في بيتنا ؟
والدته بخوف : تعوذوا من الشيطان لاتخلونه يدخل بينكم
الجُوهرة بنبرةٍ مُرتجفة : يعني مايصير أجلس عندكم كم يوم ؟
ريـان : إلا يصير بس أنا أحس فيه إنَّ بالموضوع
الجُوهرة هزت رأسها بالرفض لتُردف : تبيني أتصل عليه قدامك عشان تفهم أنه مابيننا شي
ريان بحدة : إيه
الجوهرة بلعت عبرتها المُرتبكة لم تتوقع أن يكُون هذا ردِّه ، عادت أنظارها لوالدها وكأنها تطلبُ النجاة الآن
والده بعصبية : ريـــــــــان لا تتدخل بمشاكل أختك
ريان أبتسم بغضب : أنت بنفسك قلتها ! مشاكل أختك ؟ يعني فيه مشاكل
والده : ومالك دخل فيها
ريان ألتفت على الجوهرة : وش المصيبة اللي طايحة فيها هالمرَّة ؟
والده : لاحول ولا قوة الا بالله .. يعني تعاندني
ريان يقف ليُقبِّل رأس والده وبهدوء : ماأعاندك بس أبي أعرف وش مهببة بنتك !!
الجوهرة بضيق حاولت أن تتشجَّع : مشاكلي تخصني بروحي ، مالك حق تتدخل فيني ،
شتت نظراتها عنه لتلفظ بشمُوخٍ هزيل : أنا متزوجة يعني ماعدت صغيرة وأعرف كيف أدبِّر نفسي
ريَّان بغضب كبير : نععم يا روح أمك !!
وقفت والدته : ريان خلااص .. أرحمنا الله يرحمك
ريان : طالع لها لسان بنتك هالـ
قاطعه والده بغضبٍ أكبر : لاتنسى نفسك
ريَّان بنبرةٍ مُتقززة : كشفك سلطان !! أكيد عرف بمصايبك اللي مانعرفها .. أصلاً أنتِ رخيصة من قبل .. من يوم طلعتي له ورى البيت .. يالله على القرف اللي فيك وعلى أخلاقك !! ومسوية فيها العفيفة
والده بصرخة أسكتته : أبلع لسانك ، أختك أشرف منك .. ماهو أنت يابابا تشكك في تربيتي لأختك .. هالكلام ماأبغى أسمعه منك مرة ثانية والله يا ريان لو أنذكر مرَّة ثانية لا أنت ولدي ولا أنا أعرفك
ريان تنهَّد وهو يخرج مُتمتمًا : حسبي الله ونعم الوكيل ..
والدته تنقلُ نظرات الشك و الإمتعاض بين الجوهرة و أبيها ، تنهَّدت لتخرج هي الأخرى تاركتهُم
الجوهرة ما إن رأت والدتها تقِف بصفّ ريـان حتى نزلت دمعتها
والدها : ماعليك من أحد
الجوهرة تمسح دمعتِها بكفوفها : حتى أمي متضايقة مني !!
والدها : تلقينها بس متضايقة من التصرف نفسه

،

أغلق هاتفه وهو يلفظُ كلمته الأخيرة : كيف يعني ؟ ... يجيني لو من تحت الأرض ..
حصة : مين هذا اللي تبيه من تحت الأرض ؟
سلطان بإبتسامة : شغل
حصَّة : طيب تعال أجلس جمبي بقولك شي
سلطان : تمارسين امومة متأخرة عليّ
حصة ضحكت لتُردف : يالله يا سلطان فرحني عاد
سلطان ينتظر آذان العشاء حتى يهربْ من تساؤلات عمتِه ،
حصة : سلطان يعني عيب إلى الآن هي في بيت أهلها ، أتصل عليها الحين
سلطان : لأ
حصة برجاء : تكفى طلبتك
سلطان تنهَّد : حصة الله يخليك لا تزنين على راسي
حصة : طيب عطني بكلمها
سلطان : وبعدها تنسين سيرتها
حصة بمُسايرة : إيه ماعاد بفتح موضوعها
سلطان أخرج هاتفه مرةً أُخرى : أتصلي من جوالك
حصة : وليه ماهو من جوالك ؟
سلطان بنصفِ إبتسامة : كِذا مزاج
حصة : عمرك ماراح تتنازل .. عطني
سلطان : 055 .. وأكمل لها الرقم ،
حصَّة بإبتسامة واسعة تضغط على زر الإتصال
سلطان : كلام النص كم تتركينه
حصة : هههههههههههههه أهم شي الرقم صار عندي
سلطان أخذ فنجانه وهو يترقبْ صوتُ عمته المُرحِّب بها
حصَّة بمكرِ النساء تضعه على السماعة الخارجية " سبيكر "
أتى صوتُ الجوهرة بعد ثوانِي إنتظارٍ طويلة ، صوتٌ مُهتز مُرتبك باكِي : الو
حصَّة : السلام عليكم
الجوهرة تحاول أن تتزن بصوتها : وعليكم السلام
حصَّة : أنا عمة سلطان
الجوهرة صمتت ثواني لتُردف : هلافيك
حصَّة : بشريني عن أحوالك ؟
الجوهرة : بخير الحمدلله
طال صمتهُم و أنظارُ حصة تُراقب سلطان الغيرمُبالي لصوتِها
حصَّة : ما ودِّك تجينا ، يعني أنا جاية الرياض هالفترة ومشتاقة أشوف اللي أخذت قلب ولدنا
سلطان ألتفت عليها بنظراتٍ حادة ذات شرر
حصة بصوتٍ مُهتز إثِر الضحكة التي تُمسكها بصعوبة : معاي ؟
الجوهرة بتوتِّر كبير : إيه ، آآ ... " لآجواب لديْها "
سلطان يُأشِر لها بأن تُغلق الهاتف ولكن حصَّة تُعاند : ترى سلطان أحيانًا يقول حكي بس كذا يعني مكابرة رياجيل تعرفين عاد الرجال عندنا
سلطان عض شفته وهذه المرة خرج صوتِه ليُحرج حصة فتُغلقه رُغمًا عنها : مين تكلمين ؟
الجوهرة توقف قلبها لثوانِي طويلة ، مرَّت فترة شعرت بأنها سنين وهي لم تسمع صوتِه المُربك لحواسِّها ،
حصَّة بنظراتٍ مُتحديَّة : زوجتك
سلطان وأراد أن يقتلها فعلاً ، : عطيني
حصة غير مُصدقة ونظراتِها تميلُ للشكّ
سلطان يسحب الهاتف من كفِّها ليقف متوجِهًا للخارج : ألو
الجوهرة أخذت نفسًا ونسيت شيئًا يُسمى زفير ، شعرت بالإختناق من صوتِه
سلطان : الجوهرة ؟
الجوهرة برجفة : هلا
سلطان شعَر بأنَّ كُرهًا جديدًا يشتعل في قلبِه وهو يتذكَّر " تُركي " ، نارٌ في صدرِه لا تنطفئ
الجُوهرة وربكتها جعلتها تتحدَّث دُون وعي : كيفك ؟
سلطان بصوتٍ حاد يُشعل حممًا في أُذنِ الجوهرة : أنتظر خبر يفرحني
الجُوهرة بصمتٍ من نوعٍ آخر
سلطان بغضبْ لم يُسيطر عليه : بجيب تُركي و قدامك بذبحه وبذبحك وراه
الجُوهرة ببكاء : ليه ماتصدقني ؟
سلطان بعصبية : أصدق وش ؟
الجُوهرة بغصَّة : مالي ذنب
سلطان : تدرين أنك من أوقح الناس اللي شفتهم بحياتي .. وأغلقه في وجهها ،
وكأنه للتو يعلم بموضوعها ، الغضب يدبُّ في قلبه دُون رحمَة يشتهي أن يُقطِّعها ويُقطِّع تُركي خلفها ، كيف كانت تصحى بآخر الليلة مفزوعة ؟ لِمَ كانت شكوكي تذهب لشيءٍ آخر ، كانت تراه وهي تُشاركني السرير ، كانت ترى رجُلاً آخر و هي في حُضني !
يالله على هذه الوقاحة ، بُكاءِك لن يُغيِّر شيئًا ، ماحدث بالماضي لن يُمحى بسهولة ، لن يُمحى وأنتِ أنثى ناقصة بنظرِي وبنظر كل شخصٍ يشهدُ هذه القصَّة الدرامية التي تحاولين الدفاع عنها !! تحاولين أن تُخبرينا أنكِ بريئة ، لو أنكِ بريئة لما صمتِي كُل هذه المُدة . . أنتِ توسدتِي الصمت لأنكِ مُذنبة.

،

في مكتبه المنزوِي أقصى الدُور الأوَّل ، أمامه مقرن وبينه عدةِ أوراق : تتوقع ؟
مقرن : دام محنا قادرين نوصل للي أتصَّل أنا أتوقع أنه عبير تدري
عبدالرحمن وغير مُصدق : لآ .. ماني قادر أصدِّق أنه عبير تكون تعرف أحد !!
مقرن : أنا ماأقول عبير في علاقة مع أحد ، يمكن ضايقها وهي ماعطته وجه وعشان كذا
عبدالرحمن : كان راح تكلمني لو ضايقها أحد
مقرن : طيب يمكن خافت
عبدالرحمن تنهَّد : يارب رحمتك بس على هالمصايب اللي تجينا من كل صُوب
مقرن : هدوئها هذا ماهو لله
عبدالرحمن : كيف يعني ؟
مقرن بلع ريقه : لآ يعني هي قالت لي بتسوي شي وبعدها هوَّنت وشكلها خافت
عبدالرحمن : ماني فاهم عليك ، وش كانت بتسوي ؟
مقرن بصمتٍ طال أردف : مدري يعني بناتك أحيانًا يطلعون بأفكار وكذا
عبدالرحمن عقد حاجبيْه : انت عارف شي وماتبي تقوله ليْ ؟
مقرن : معقولة أعرف شي ومااقولك ؟
نظر لخلف مقعد بوسعود و أنوارُ منزِل عبدالعزيز مُضاءة : عز شكله رجع
عبدالرحمن ألتفت ليرى نافِذته ووقف مُسرعًا للخارج ، فتح بابه بهدُوء و عبدالعزيز مُستلقي على الأريكة
عبدالرحمن تنهَّد براحة ليُردف : عز
ولم يرفع شماغه الذي يُغطي عيناه : نعـــم
عبدالرحمن أنتبه للنبرة الغاضبة ، جلس على الطاولة المُقابلة له : يعني كذا تخوِّفنا عليك ؟ حتى ماترد علينا ... وين كنت كل الأيام اللي فاتت ؟
عبدالعزيز أزال الشماغ عن عينه ليستعدِل بجلسته و ملامِحه تتفجَّرُ بالتعب : انا أخاف على نفسي أكثر منكم ماني محتاج هالنفاق
رن هاتِف مقرن ليخرج تاركهُم مع بعض ،
عبدالرحمن ونظراته الخائفة محصُورة بالإهتمام الصادق : طيب سو اللي يريِّحك
عبدالعزيز رمى الكبك على الطاولة بجانب عبدالرحمن وهو يُفكِك أول أزارير ثوبِه بصمتْ مُطبق
عبدالرحمن : كليت شي ؟
عبدالعزيز ببرود : ماني مشتهي
عبدالرحمن بإبتسامة : خلنا نروح المسجد مابقى شي على الأذان
عبدالعزيز وقف : بتروش وألحقك
عبدالرحمن : طيب أنتظرك

،

مرَّ أسبُوعين لندخل العشرِ الأواخر المُباركة ، وداعُ الشهر ضيِّقٌ على من يتعلقُ قلبه بروحانيـة رمضان.
في المُستشفى ، وقف مُتصنِمًا – يا إلهِي على هذه المواقف لا أعرفُ كيف أتصرف بها –
دقائِق و محاجره مُتسعة و الصدمة ترتسمُ على ملامحه ، لا يشعُر بالفرح ولكن أيضًا لا يشعر بالحزن ، منذُ سمع " مبروك المدام حامل " وأعصابه و مشاعره مُتلخبطة و مُتشابكة.
شيءٌ في داخله يفرح و آخر يحزن ، تناقُض يشعُر بِه .. ومازال الصمتُ سائِد ، صمتُها يُثير في داخله ألف علامة شك وشك .. لا أُصدق بأنها ستفرح بهذا الجنين ؟ رُبما .. سبحان من يُغيِّر ولا يتغيَّر.
وصلُوا للبيتِ و تبعته للأعلى ، دخلُوا غرفتِهم التي تُعتبر ضيقة بالنسبة " لزوجين "
يوسف بهدُوء : مُهرة
مُهرة رمت نقابها جانبًا وألتفتت عليه و الدمُوع تكتسيِها : صار اللي تبيه .. وش أستفدت الحين ؟
يُوسف لا يُريد أن يُجادلها ويُثير أعصابها ، ألتزم الصمت
مُهرة ببكاء عميق : ليه تبي تقهرني ؟ ليه تبي تجبرني على شي ماأبيه ؟ قولي بس وش الحياة اللي ترتجيها منِّي !!! حرااام عليكمم
بإنهيارٍ تام وأعصابٍ مُتعبة : تبون تذبحوني مثل فهد .. تبون تقهروني وبس .. خافوا ربكم كافي اللي سويتوووه
يُوسف يقترب منها محاوِلاً أن يُهدئها ، و خطواته أشعلت في صدرِها غضبٌ كبير حتى أنها رمَت كُل شيء بجانبها عليه وهي تصرخُ فيه وتبكِي بقهرٍ مخنُوق ،
يُوسف يُضمُ كفوفها حتى تتوقف عن الحركة ورميْ الأشياء
بضُعف الأنثى المكسورة ، سقطت على رُكبتيْها و بجانبها يُوسف
مُهرة بنبرةٍ مُهتزة : ليه تسوي فيني كذا ؟
يُوسف و الضيقُ يدل قلبه الآن : قومي أرتاحِي ،
مُهرة بعصبية : ماأبغى .. أترك إيدي
يُوسف مازال مُمسك بكفُوفِها : أشششش .. خلاص أهدِي
مُهرة تُخفض نظرها وشعُرها ينساب من خلف الطرحة التي بدأت بالسقُوط ،
يُوسف : قومي غسلي وجهِك و نامِي من أمس وأنتِ صاحية
مُهرة وقفت بضُعف كادت تسقط لولا يدِ يُوسف الممدُودة ، سكنت لثوانِي حتى عادت للبُكاء
يُوسف أجلسها على السرير وهي بدورِها تمددت عليه لتخنق ملامحها بالوسادة وتبكِي بشدة
يُوسف : تعوَّذي من الشيطان ، قولي الحمدلله على كل حال
مُهرة ولا تردُ عليه سوى بالبُكاء وكفِّها تعتصر بطنِها ، يالله على حِزنها العميق في هذه اللحظات ، كيف تُصبِّر نفسها ؟ هو لن يخسِر شيئًا ولكن أنا الخاسرة الوحيدة في كُل هذا ، هو الذِي يحاول أن يظلمني .. ، لا أحد يشعُر بوجعِي لاأحد .. حتى أُمي.
كيف أعيش و أبني حياتي مع أخ من قتَل روحي وسلبْ وطنِي ؟ كيف أتعايش معهُم ؟
مقهُورة كيف لهُم هذه القدرة على تجاهل دمَّ أخي . . يا قساوة قلوبكم.
وضع يوسف كفِّه على كفِّها ليسحبها بعيدًا عن بطنها : مايجوز .. هذي روح لاتخنقينها
مُهرة بصوتٍ مُتحشرج : ماأبيه .. ماأبيـــــــــــــــــــــــــــــه
يُوسف دُون تردد سحبها لحضنِها لتضع رأسها على صدرِه بدل وسادتِها ، حاولت أن تقاومه وتبتعد ولكن أستسلمت له وهي تغرزُ اظافرها الطويلة المُنسَّقة في صدره ،
مُهرة بإختناق : ليه ؟ .. بس قولي ليه
يُوسف بمثل الهمس يُريد أن يُسكِن قلبها : أنتِ زوجتي و حياتِي .. أكيد ماراح أفكِر أأذيك !!
مُهرة مُغمضة عينيْها بتعب وهي تتشبثُ بصدرِه كطفلة : راح تطلقني !!
يُوسف : خلاص نامِي
مُهرة تعُود للبكاء مُجددًا وهي تُبلل ثوب يُوسف : تبي تقهرني مثل ماقهرني أخوك في فهد
يُوسف بهمس : الله يرحمه ويغفر له
مُهرة و يبدُو كأنها تفقد الوعي : عُمرك ماراح تحس .. هذا أخوي تعرف وش يعني أخوي .. مهما صار بينه وبين أخوك مايقتله مايذبحه .. يحسب ماوراه أهل يبكونه .. هو روحي ودنيتي وكل شيء بحياتي .. ليه بس ليييه ذبحه ؟ .. ليته ذبحني ولا أشوفه مذبوح .. ليت روحي طـ
يُوسف يُقاطعها بوضع كفِّه على فمِها : لاتتمنين الموت ..

،

في منزله ، أفكاره مُتلخبطة لا مسار لها ولا حل
أبتسم وهو ينحنِي ليضع سلاحه المرمي جانبًا : شلونك ؟
عبدالعزيز ولا يرُد عليه ، مُتجاهله تمامًا
جلس على الكُرسي المقابل له : أنا آسف
عبدالعزيز رفع عينه المُندهشة ، يُريد أن يُصدق .. يكاد يحلف بأن من أمامه ليس سلطان .. يعتذر ؟ أهذه نهاية الدُنيا أم ماذا ؟ سلطان يتنازل عن كبريائه و يعتذر ؟ يالله على هذا التغيير أو النفاق لا أعرف أيُّهم أصدق بوصف سلطان الآن
عبدالرحمن : هذا سلطان وأعتذر لك .. ماهو من شيم الرجال يردون الإعتذار
عبدالعزيز أبتسم بسخرية : قصدك أنسى وأرجع معاكم ولا كأنه صار شي .. على أساس أنكم متعودين تهينون الناس ويركعون لكم
سلطان بهدُوء : طبعًا ماراح تركع لنا .. ينقطع لسان من يهينك
عبدالعزيز : أهنتني مرة و ثنتين وثلاث ..
سلطان : وأنا أرجع أقولك أنا آسف .. و عُمري ماأعتذرت لشخص وهذا أنا أعتذر لك مايفسِّر لك هالإعتذار أيّ شي ؟
عبدالعزيز : يفسِّر لي المصلحة
سلطان : يفسِّر كبر مكانتك عندي
عبدالعزيز تنهَّد ، مشوَّش وعقله لا يستقيم أبدًا
عبدالرحمن : تبي تآخذ إجازة بالوقت اللي تبيه وبالمدة اللي أنت تبيها بعد أخذ .. ماراح نمنعك عن شي
عبدالعزيز بقهر وعقله مُتعب من التفكير : أبي أعرف وش صار بأهلي !!
سلطان : الله يرحمهم
عبدالعزيز : طيب بس سؤال وبعدها مستعد أسوي لكم اللي تبونه
عبدالرحمن : أسأل
عبدالعزيز : أختي غادة اللي كانت زوجة ناصر ؟ وش صار لها قبل الحادث !! أبي بس أعرف إذا صار شي أنا مدري عنه لأني مقدرت أشوفها ، ماتت قبلهم كلهم
سلطان و عبدالرحمن مُلتزمين الصمتْ ، لآ رد لديهم ولا ملامِحهُم تُنبأ بالرد
عبدالعزيز : قلبي يقول فيه شي ماأعرفه ،
بجنُونٍ وقهر : قولوا لي .. بس قولوا وش صار بأختي غادة ؟
عبدالرحمن : ماصار شي
عبدالعزيز وكأنه يفقد الأمل من جديد ، نظراته مُوجعة لسلطان الذي يلتفت للجهة الأخرى محاولاً أن لا يراه
أردف : و أبوي ؟
عبدالرحمن بصمتٍ مُطبق ، قلبه يتقطَّع عليه الآن.
عبدالعزيز بنبرةٍ مكسورة مُهتزة : بيخلص رمضان وبيجي العيد وكلكم بتكونون عند اهلكم ولا راح يهمكم شي .. بس أنا ؟ بكون عند مين ؟
عبدالرحمن : أنا أهلك .. أعتبرني أبوك أعتبرني أي شي
عبدالعزيز : ليه ماتحس أني بختنق من الرياض !! أنا ماني عارف وش تستفيدون منِّي ؟ وش تبون منِّي !!
عبدالرحمن : مانبي أحد يضرِّك والله يا عز وأقسم لك بربي أنه فيه ناس تبي تضرِّك وأننا نبيك تكون قدام عيوننا عشان نرتاح ونتطمن أكثر
عبدالعزيز : ما تطمنتوا ! كم مرة أنرميت في المستشفى ؟ من جيت الرياض والمصايب ما تفارقني
عبدالرحمن يُشير لسلطان بعينه حتى يتكلم ويقنعه
سلطان ألتفت عليه وهو يضع كفِّه على كتف عبدالعزيز : عز تعوَّد ، يعني كلنا نفقد ناس غاليين على قلوبنا لكن نتعوَّد ،
عبدالرحمن و أراد لسلطان أن يحكِي بأريحية أكثر رُغم أنه لا شيء مُخبىء عنه ولكن مع ذلك أستأذن بالخروج وتركهم
سلطان : في أول سنة مسكت فيها منصبِي و ألقينا القبض على جماعة تهرِّب بالحدود جوّ ناس مجهولين وحرقُوا بيتي .. وفقدت أمي وأبوي اللي هم بالنسبة لي حياتي كلها !! فقدت كثير بس ماوقفت .. بوسعود كم مرة حاولوا يغتالونه ؟ ويخطفون بناته !! كم مرة أضطر أنه يحرم بناته من الطلعة عشان محد يجيهم !! أنـا حتى زوجتي جننونها وفقدتها .. ليه ماتحاول تفهم أننا نحميك ؟ ليه دايم تأخذنا بسوء ظنِّك ؟ ليه ماتحاول بس تحسن الظن فينا ؟ إحنا مضطرين والله العظيم أننا مضطرين .. مضطرين نخبي عليك أشياء كثيرة .. أنت بس عطنا وقت وراح تفهم كل شي بوقته .. لآتستعجل علينا !! أنا ماتت أمي وأنا أحسبها تتعالج والكل خبَّى عليّ بما فيهم أبوك الله يرحمه عشان كنا في مرحلة مهمة تخص الجوهي نفسه وكان يعرف أني لو دريت بوقتها ممكن يخرب مخطط كامل كنا نجهزه من فترة طويلة ، أنت متصوِّر كيف أنه أحد يصلي على أمك ويعزيها وأنت ماتدري !! أسأل عبدالرحمن كيف أبوك خبى عليّ ؟ لأنه كان يدري أنه ماهو من مصلحتي أعرف حتى لو كانت أمي ! أفهمني يا عز أحيانًا نجبر أننا مانقولك لأنه ماينفع .. مايصير .. ما يصير تعرف
عبدالعزيز بلع غصتِه : ليه نرخص حياتهم ؟ طيب ليه ندخِّل نفسنا بكل هالمعمعة
سلطان بنبرةٍ ذات بحة مُوجعة : عشان أرضنا

،

تضع يدِها على قلبها : يمممه يممه قلبي يدق
هيفاء : ههههههههههههههههههههه باقي 20 يوم بالتمام وتنزفِّين على ريان
ريم بربكة وإبتسامة شقيَّة تعتليها : مدري كيف بنام ! أحس من الحين بيجيني أرق من التفكير
دخل منصور : أحد منكم شاف يوسف اليوم ؟
هيفاء وريم : لأ
منصور : غريبة مختفي .. جلس ليُردف : زوجته نزلت لكم ؟
ريم : لأ ..
منصُور رفع حاجبه : صدق نجلا وينها ؟
هيفاء : ههههههههههههههههههههههههههههه ياحبيبي حتى زوجته مايدري وينها
منصور بنبرةٍ هادئة : بيجيك كف يعلمك كيف ماأعرف عنها
سمع سلامُها من الصلاة ، ألتفت ولم يعلم بانها موجودة : انتِ هنا
نجلاء لم ترد عليه وهي تنزع الجلال بغضبْ ، لتجلس مُقابلةً له وبنبرةٍ مقهورة : عسى قلبك تطمَّن ؟
منصُور بضحكة : دام أشوفك أكيد متطمِّن
ريم : عن أذنكم .. وخرجت
هيفاء تربَّعت على الكنبة وهي تترقَّب الحرب الكلامية التي ستبدأ الآن.
نجلاء بدأت تعض شفتيْها من القهَر ،
منصور : تعالي أجلسي جمبِي وش فيك مبعدَّة مرة
نجلاء : أتوحم عليك
هيفاء : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه عاد بحسب خبرتي المتواضعة النساة ماتجي في الشهر الأخير
نجلاء بحدة : وأنتِ وش دخلك ؟
منصور : خليها تحكِي وتطلع اللي في قلبها كود تهدأ
نجلاء : ومين قال في قلبي شي !! أكبر همي أنت وياها
منصُور أبتسم : طيب
هيفاء : هدِّي هدِّي لا يتأثر عبود ويطلع لنا عصبي زي أبوه ، يقولون نفسية الحامل تأثر
نجلاء : لا حول ولا قوة الا بالله .. قلت مالك دخل
هيفاء : ههههههههههههههههههههههه حرام عليك هذا وانا أحاول أسعدِك
نجلاء : لآمشكورة ماتقصرين
منصور وإبتسامة يتضح من بعدِها صفةُ أسنانه : صبِّي لي شاي بس
هيفاء تُحاول أن تُحرِّك في نفسِ نجلاء شيئًا : من عيوني يا أحلى أخو في الدنيا
منصور : ههههههههههههههه أول مرة أحس نيتك صافية
هيفاء : حرام عليك أنت ومرتك ظالميني مررة
نجلاء تُقلد صوتها : ظالميني مررة
منصور أنفجر بالضحك ليُردف : نجول خلاص
نجلاء : إيوا خلاص !! الحين تقول خلاص ! أشوف تفكيرك كله فيها هالأيام وتسأل بعد
منصور يُجاريها : أتطمن
نجلاء بقهر : تتطمن !! بعد تعترف
منصور : أتطمن على روحي وحياتي اللي هي انتِ .. فيها شي
نجلاء وستُقطِّع شعرها : لا تستخف فيني !!!
هيفاء : أنا بنحاش .. أشوفكم على خير ..

،

فتح عينه النائِمة على وشاحِها ، صُداع يُهاجمه لا يعرف كم من الوقت بقي نائِمًا على الأرض ،
أستعدَل بجلسته و عيناه الناعسة لا تنطق سوى " غادة "
أعتصر رأسه بكفوفِه مُتعبًا من الصداع و الذكرى و الفُقد و الوحدة و أشياءٌ كثيرة تُضيقُ بصدرِه.
وقف و كاد يسقطُ من دوارِ رأسه الآن.

فِي ميناءِ باريس الذِي يشهدُ الغروب الآن و الشمسُ تستِر في خُدرها لتنام.
بقُربِ السُفنِ و المودعين و المُسافرين يجلسانْ على الصخرِ الذِي ينتهِي بالمياه المُتسربة بين أصابع أقدامِهم ،
تمدُّ شفتِها السُفلى بأصبعها غير مُصدقه : صدق ؟
ناصر بإبتسامة : للأسف
غادة : يا كذبك
ناصر : هههههههههههههههههههههههه لا والله كلمتهم وقالوا مافيه حجز عشان كِذا خلينا نغيِّر
غادة : أنت أصلاً من زمان ماتبغى جنوب أفريقيا بس والله مشتهيتها والبنات كله يسولفون عنها يعني مليت من هالأجواء أبغى شي جديد ماشفته
ناصِر : غادة يعني فكري بشاعرية شوي ، شهر عسل بأفريقيا وحيوانات وأدغال ومدري وشو
غادة : بالعكس بيكون متعة ، صديقة هدول رايحة ويا زوجها تقول تصبحين على عصافير ملوَّنة و أصواتهم ويعني دنيا غير
ناصر : مع إحترامي لها هي كذابة لأن مافيه عصافير ملونة ببيئة جافة .. خلينا نروح مكان ثاني والله أنا نفسيًا ماأحب هالأماكن
غادة بقهر :كل شي أحبه أنت ماتحبه
ناصر : إلا أحبك
غادة بضحكة : يعني والله تقهرني !! طيب لا تقولي أوربا لأن أحس كبدي بتنفجر من لوعتها
ناصر : وش رايك بالرياض ؟
غادة : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههه نكتك بايخة
ناصر : لآ صدق تدرين قبل أمس أشوف صور للمالديف
غادة : ماأحب الجزر
ناصر رفع حاجبه :المسألة عناد ؟
غادة بضحكة : ماأحب أجواء البحر
ناصر : هالمرة أنتِ اللي يا كذبك
غادة بإبتسامة : طيب أعلن موافقتي

عاد لواقعه ، تجهيزات الزواج مؤلمة و مُوجعة و لا حسنةٌ طيبة يقتبسُها من هذه الذكريات !!
يالله يا غادة لو تعلمين ما يحدُث بي الآن ومايفتُك بقلبي ؟ أمرضُ بك و عجزٌ على ذاكرتِي الهزيلة أن تنساك ، لو تعلمين أنكِ تخترقين أعماقي كما أنكِ الماء ولا أستطيعُ العيش دُونِه ، مرَّت سنَـة وأنا أعجَز عن تصديقِ رحيلك و أقِف عاجز عن رُؤيـةِ غيرك و لا أرى أحدًا يستحقُ الحُب كما تستحقينه !!
أنا أقِف بعجز عقلٍ أن يُفكر .. كيف عشت هذه السنة بطُولها دُون أن أسمع صوتِك ، أن أختار معكِ فستانك ، أن أُشاركِك طعامك ، أن أُوصِلك بسيارتي ، أن تُخبريني " أنا لحبيبي وحبيبي إلي " ، أن تُعلميني الفرنسية كما أنَّها تتغنجُ بين شفتيْك ، أن تعقدين ربطة عُنقِي بطريقةٍ كلاسيكية تُشبه الفيونكة التي تعتلِي جبينك إن شككتِ بكلامِي ، أخبرتُك مُسبقًا أنكِ مُختلفة حتى في غضبك ، لم تكُونِي إمرأة عادية لأُحبك بل كُنتِ مُختلفة لأكتمل بك.

،

تتشابكُ كفوفها بإرتباك ، تشعُر بالضيق و الحُزن ، رُبما لأن وقعُ الطلاقِ على نفسها مُرّ .. أو لأنه من سلطانِها ، يالله على الحُزنِ الذي ينهالُ عليها ، حاولتُ أن أقسم لك يا سلطان بأنني بريئةٌ بما تظُن ولكن لم تترك لي مجالاً حتى أقُول لك " أنني أُريد بدايةٍ معك " لو أنَّ لا وجود لهذه الكرامة لكُنت بين أياديك الآن ولكن كُنت قاسي جدًا حد أنني لاأستطيع أن أقف مع قلبي الذي يُريدك ، مجبُورة أن أترِكَ يُمناك و مجبُورة أكثر أن لا أُدافع أمامَك وأنت تُبصق علي بظنُونِك السيئة.
والِدها : كلمته و قال إن شاء الله
لم تستطع إخفاء دمعتها التي تنساب بهدُوء على خدِها ، " إن شاء الله " على أمرُ طلاقي .. لم يتحشرج بها صوتِك وأنت تقولها ؟ لم يتحرك بك شيئًا ؟ لم يضيقُ قلبك وأنت تلفُظها ؟ أيعني أنني سأنتظرُ ورقة طلاقِي منك في كُل صباح ؟ أو هُناك أملٌ للرجوع ؟
يالله يا سلطان ليتك فقط تعتذر عن كلماتِك و تقُول " أُريدك " و سأتجاهل كل شيء و أقع بك كما لم أستطع من قبل.
ليتك تُفكِر قليلاً .. ألهذه الدرجة لا أملك مساحة صغيرة في قلبك ؟ . . و تلك النظرات كيف أنساها ؟ نظراتُ حُبك .. قُل أنك تحبني وأنني لا أتوهَّم ؟
أرجُوك لا أُريد أن أموت مرتيْن ، فقط تريَّث .. لاتتركني ، والله أُحبك .. أُحبك بكامل إنهزاميتي وخسارتي .. أُحبك وأنا ضعيفة مكسورة ، كُنت جيدة طوال الأيام الماضية ولم يهُمنِي حديثك ولم يشغل بالي أيضًا ، تقربت من الله حد أنني أستغنيتُ عنك لفترة ولكن الآن أشعُر بأن الله يُمرضني بك ، كلمة " طلاق " أشعلت في قلبِي حُبًا لا ينضب ، لماذا أُحبك في النهاية ؟
نحنُ لا نختار بداياتُنـا لذلك نقِف حمقى أمامها ولا نُحسن التدبير بها ولكن دائِما بالنهاياتِ مانخسَر ، لأننا نضجنا بما يكفِي حتى نشعُر بأنَّ الرحيلُ ملاذُنـا و حلُنا الأخير.

،

نامَ بجانِبها و غرق في نومه وهي الأخرى تغرقُ أيضًا على صدرِه ، مرَّت الساعات ولا تشهدُ الجُدرانِ سوى على هدُوءِ أنفاسهم المُنتظِمة ، الساعة تقتربْ من الثانيـة فجرًا منذُ الغرُوب وهم نيَام.
بدأت مُهرة بالحركة وعينها تنفتِح بهدُوء ، رفعت رأسها ليرتطم بوجهٍ بشرِي ، صُداعٍ يُرهقها الآن و رُبما نومِها كل هذا الوقت يجعلها في وضعية مُتعِبة ، فتح يُوسف عينه بضِيق ، ثواني صمت طويلة ليستعدِل يُوسف ويجلس ، أخذ ساعته : الساعة ثنتين ..
مسح على رأسه وهو الآخر يبدُو الصداع يداهمه : مدري كيف نمت !!
مُهرة وعينِها متورِمة من البُكاء ، أتجهت للحمام تاركةً يُوسف يدفن وجهه في الوسادة بإرهاق كبير.
تنهَّد وهو يسحب هاتفه ليرى إتصالاتٍ كثيرة ، فتح المحادثات وأولُ محادثةٍ بالواتس أب كانت لـ " علي "
" يا خايس ... يا معفن ... يا زلابة .. يا كلب ... رد ياحيوان ... طيب أنا أوريك ... ما ردّ الكلب إلا لقصابه ... يا حمار ... يوسف صدق رد يخي فيه موضوع ضروري .... يعني ماترد ؟ ... طيب يا ولد عبدالله ... "
أتصل عليه بصوتٍ مليءٌ بالنوم : خير مقلقني ؟
علي : وأخيرًا رديت يا زلابة يوم جاء دورك هربت
يُوسف ضحك ليُردف بصوتٍ مُثقل : والله نايم ولا دريت عنكم
علي : طيب قم ولا عليك أمر وتعال الإستراحة فيه سحور على كيف كيفك
يُوسف : على حسب اللي جايبه ، إذا طارق أنسى
علي : ههههههههههههههههههههههه لا ولا يهمك هالمرة انا بنفسي
يُوسف بسُخرية : عاد الله والأكل اللي بتجيبه ، لآ معليش بتسحَّر في بيتنا عند أميمتي
علي بخبث : أميمتك !! الله يالدنيا
يُوسف وفهم قصده : ههههههههههههههههههههههههههههههههههههه يخي لا تضحكني وأنا توني صاحي من النوم ، أحس صوتي كنه صوت واحد توَّه بالغ
علي : عييب عيب هالكلام مايجوز ههههههههههههههه
يُوسف يلتفت على مُهرة التي تقف عند المرآة ويخفض صوتِه : عندك شي ثاني ؟ يعني هذا الموضوع الضروري ؟
علي : يخي تعال كلهم صايريين ثقيلين دم
يُوسف أنفجر بضحكته ليُردف : توَّنا قبل كم يوم تقولون أنا السامج المهايطي
علي : بس معليه سماجتك تنرحم عندهم
يُوسف بهدُوء : لا والله مالي خلق ، توني صاحي وخمول وإرهاق برجع أنام بعد شوي
علي : طيب أنقلع .. وأغلقه بوجهه
يُوسف وهو على السرير يُريد من يحمله إلى الحمام من شدةِ خموله : روحي أكلي لك شي قبل لا يأذن
مُهرة بهدُوء : ماني مشتهية
يُوسف وقف : أجل أنتظريني .. سحب منشفته و دخل الحمام.
مُهرة لم تفهم معنى أن تنتظِره ؟ ، جلست وهي تتحسس عيناها المُحمَّرة ، حامل ؟ يالله ما أشدُ ضيق هذه الكلمة !! في وقتٍ تتسابق به الإناث للفرح بطفلٍ يتغذى بأحشائِهن إلا أنا .
سيكُونِ عمه قاتل لخالِه الذي لم يراه ؟ وقعُ هذه الجملة كسيفٍ يُنغرز في قلبِي ، لِمَ يُوسف لا يشعُر بأنَّ هذه الحياة لا تستقيمُ بيننا ولا تتزن ، ليتهُ يفهم فقط يفهم .. يُمارس الزواج التقليدي بحذافيره دُون أن يلتفِت لمشاعرِي ولو قليلاً.
دقائِق طويلة يحترق بها قلبُ مُهرة حتى خرَج يُوسف و " الفوطة " تلتفُ حول خصره و قطراتُ المياه تسقطُ من شعرِه على صدرِه العشبِي ،
أبعدت أنظارها للنافِذة الطوليـة في لحظاتٍ أرتدى بها يُوسف ملابسِه ووقف أمام المرآة يُجفف شعرِه ، لم ينتبه لدمُوعها وكل تفكِيره بأنها فترة وستمُّر ، يُدرك أنها مُنزعجة و انها تشعُر بأنها تبني حياتها في منزل قتلى و لكن كُل هذا سيتصحح بالقريب العاجل ، أنا مؤمن بأن بعضُ الأشياء نتركها للوقت هو من سيتصرف بها ويقنعنا بها .
ألتفت عليها : خلينا ننزل تحت
لم ترُد عليه ، أقترب منها ليلحظ دمُوعها ، جلس بقُربها و كفوفه تمسح دمُوعها : بتبكين إلى متى ؟ يعني بيتغيَّر شي ؟ بيموت اللي في بطنك إذا بكيتي ولا بيختفي كل شيء بمجرد ماتبكين !! خلاص حاولي تتصالحين مع نفسك وتتكيفين مع الموضوع !
مُهرة بكلامِه تزيدُ بُكائِها لتردف : بسهولة ؟ تبغاني أضحك على الموضوع ولا أنبسط !! يالله على برودك وأنا أحترق .. ماتحس فيني ؟ ماتحس كيف هالألم يذبحني
يُوسف عقد حاجبيْه : أحس فيك ، بس أبيك ترتاحين
مُهرة : ماراح أرتاح ؟ كيف أرتاح وأنا ماني واثقة فيك ولا أحس بالأمان معك ؟
يُوسف صُدِم بل صُعق ، نزلت كفوفه عن وجه مُهرة ، تفكيره متوقِف مُستحيل أن تكون صادقة بكلامها ، يالله ألهذه الدرجة وصَل كُرهك ؟
مُهرة تمسح بقايا دمُوعها على وجهها : أبي أروح حايل و اليوم قبل بكرا
يُوسف ينظُر إليها بنظراتٍ غير مفهومة ، بنبرةٍ مُتزنة : طيب إذا تبين ترتاحين عند امك فترة ماعندي مانع
مُهرة : فترة ؟ يعني تبغى تجبرني أجلس عندك وأنا ماأبي هالحياة معاك
يُوسف بهدُوء : ماراح أجبرك !! تبين الطلاق ؟
مُهرة بصوتٍ مخنوق : ماأبي أي شي يربطني فيك
يُوسف : يعني ؟ . .بعصبية يُردف : هذا ولدي حطي هالشي في بالك !!!
مُهرة ترتجفُ أهدابِها لتبكِي مرةً أُخرى : ماأبي .. ليه ماتفهمني .. كيف أعيش معاك قولي كيف ؟
يُوسف بغضب كبير : وأنا ماراح أجبرك !! بس يطلع الصبح أوديك حايل هاللي ميتة عليها !! لكن اللي في بطنك تحافظين عليه و لا تخليني أهدِدك وأكون حقير يا مُهرة
مُهرة ضغطت على شفتيْها حتى تمنع شهقاتِها ، يُريد أبنه مثل أيّ رجُل شرقي لا يشعُر بالمرأة سوَى جسَد يتكاثَر بأطفالٍ صغار.
يُوسف بنبرةٍ هادئة : طيب قومي أكلي لك أيّ شي
مُهرة بضيق : ماأبغى
يُوسف تغلغلت أصابعه في أصابع مُهرة رُغمًا عنها ليُوقفها : أمشي
مُهرة ملامِحها تنتشِر بها تجاعيدُ البكاء ،
يُوسف : لاتبكِين
مُهرة و سقطت دمُوعها الغزيرة بإنسيابية : ضايقة و ماني مشتهية شي
يُوسف و جسدِه يُلاصق جسدِ مُهرة : قلتي تبين حايل وقلت لك من عيوني ، قلتِي تبين الطلاق قلت لك طيب وبوقتها نتفاهم .. وش أسوي عشان تروح هالضيقة ؟
مُهرة تختنق بقُربِه ، تشعُر بالضياع بأنَّ لا احد ستحتمِي به ، تشعُر بالذل إن أقترب أو حاولت هي الإقتراب ، تشعُر بالإهانة بأنَّ لا كرامة لها إن وافقت يُوسف بما يُريد ، تُريد أن تُدافع عن عزة نفسها و لكن أيضًا ستخرج من جحيمِ قلبٍ إلى جحيمِ عقلٍ وتخلفٍ بأوساطِ خوالها.
يُوسف يمسح دموعها ويرفع خصلاتِ شعرها عن عينِها : خلاص لاتبكِين وتتعبين نفسك على شي راح وأنتهى ، أمشي نآكل الحين قبل لا يأذن و بعدها ترتاحين و بس تطلع الشمس نمسك خط حايل

،

مُمسكة الشوكة التي تعكس ملامِحها الهادِئة ، تحاول أن تمسح الكحل المُسال أسفَل عينِها ،
قاطعها حضُورِ الأنثى السعُودية : أفنان أبغى أسألك وين أرشيف المحاضرات ؟
أفنان : والله مااعرف يمكن .. أتوقع أنه كل مُحاضِر يحتفظ بأرشيفه لوحده
الأخرى : لآ مُستحيل لأن رحت لإستاذة آنجي وقالت أنه ماعندها
أفنان بنظرات حيرة : طيب تعالي نروح المكاتب اللي تحت أكيد هم يحتفظون فيها
الأخرى : لا يخوِّف الدور الأول كله رجال ونظراتهم تروِّع
أفنان : ماتوقعتك جبانة يا سمية
سمية : هههههههههههه بسم الله على قلبك الشجاع .. أمشي يالله
أفنان وقفت وتتظاهر بالشجاعة المُفرطة ، نزلوا للأسفل متوجهين للمكاتب المنزوية بآخر الدُور ،
أفنان تسأل المُحاضِر المصري : وين نلقى أرشيف المحاضرات ؟
المُحاضر بلكنة الفُصحى المُعتاد عليها : بالداخل
أفنان : شكرا .. دخلُوا والغبار يهجم عليهم
سمية : وععع وش هالقرف .. وين أدوِّر الحين
أفنان : شوفيهم مرقمين .. شهر أوقست بهالممر
سميَّة : آمممم أبغى محاضرة يوم الإثنين حقت استاذ نواف و أبغى محاضرة إستاذة أنجي ومحاضرة الدكتورة كريستا
أفنان ألتفتت للرفوف الممتلئة بالملفات ذوات الألوان الكئيبة : أبحثي أنتِ باليسار
سُمية تُدندن وهي تبحث : آممممم لقيته هذا حق استاذة أنجي بس لحظة بآخذ بس حق يوم الإثنين
أفنان : هنا أسماء غريبة ..
سُمية شهقت لتلفت عليها أفنان و تصرخ هي الأخرى

يسيرُ بجانِبها والسلاحُ يُعانِق كفِّه ، وضع ذراعه الأخرى خلف كتفِها : بس ؟
رتيل أبتسمت : إيه بس
والدها : هالمرَّة بصدقك
رتيل : وش دعوى يعني أكذب عليك ؟
والدها : لأني مشتاق لضحكتِك ، أنا أحب رتيل اللي ماتنهار بسهولة و اللي دايم تضحك و تحييني بضحكتها
رتيل بهدُوء : كبرنا
والدها : ههههههههههههههههه كلام جديد ، كبرتوا على وش ؟ على الضحكة ؟
رتيل بشقاوة : لآ جاني الهم
والدها يلعبُ بشعرها : والله ؟ وإن شاء الله وش هالهم
رتيل بسخرية : لا همّ بنات وش يعرفك فيه
والدها : أصير لك بنت
رتيل : ههههههههههههههههههههههه على طاري البنت ، عبير ماقالت لك شي ؟
والدها رفع حاجبه : لأ .. ليه ؟
رتيل : لا ولا شي بس هي عندها موضوع
والدها : حتى مقرن يقول عندها شي !! وش سالفتكم ؟
رتيل وهالاتٍ سوداء حول عينِها التي تضحك اليوم : روح أسألها وش دخلني أنا ؟ ،
والدها تنهَّد : طيب مافيه شي ثاني تبين تحكينه لي ؟
رتيل : لآ تطمَّن
والدها : شي من هنا ولا من هناك
رتيل بإبتسامة : ولا شي أنا صايرة أتدلَّع هالأيام
والدها : يحق لك ، تدلَّعي لين تقولين بس
رتيل ضحكت لتُردف : لا والله مدري وش صاير فيني ، صايرة بكايَّة أي كلمة تبكيني
والدها ويشعُر بأنَّها حزينـة وكأنَّ قلبها يُخبرها بأنَّ أمرًا لا تعرفه و قد يكون سيئًا يرتبط بها ، يالله إن كانت تشعُر ؟!!
رتيل : وين رحت ؟
والدها : معك ، يالله أدخلي نامي
رتيل : لآ مافيني نوم بجلس شوي هنا .. *تذكرت وجود عبدالعزيز* لآلآ خلاص بدخل داخل
والدها : طيب يا روحي شيلي هالكراتين وأتركيها على جمب والخدم بكرا يرمونها
رتيل : إن شاء الله
والدها : تصبحين على خير
رتيل تُقبِّل جبينه : وأنت من أهل الخير والسعادة .. بمُجرد دخُولِ والدها ذهبت لتحمل الكراتين المثقوبة بطلقات النار ، تركتها جانبًا وبطريقِ العودةِ سحبها شخصٌ لصدرِه وكفِّه على فمِها ،
ألتفتت بعينٍ مرعوبة ،

،

وقفت مُتخصِرة أمامِه لتلفُظ بنبرةٍ مُتغنِجة : أيوا ؟ وش قلت ؟
سلطان بحدة : حصة أمسكي بنت لا والله أخليك تصلين عليها الليلة
حصة بعصبية : عنوود ووجع ! أنقلعي لغرفتك
العنُود بنبرةٍ مُهددة : شف لا تنسى موضوع سعاد !! يعني إذا ماتبغى يوصل لزوجتك شي عن ماضيك الجميل !
سلطان وقف وبجنُونٍ غاضب : تهدديني ؟ أنا أتهدد ؟
حصة بترجي : تكفى سلطان خلاص أجلس
العنُود بضحكة خبيثة : إيوا بالضبط أنا أهددك يا عمِّي وش تبغى تسوي ؟



.

أنتهى + أتمنى أنه يُلتمس لي 70 عذر إن تأخرت يعني ماله داعِي أدخل صفحتي بالسايات مي وألقى كلام ممتلىء بسوء الظن.
للمرَّة الألفْ أكررها إن وعدتُكم بينزل بارت بيومه فإن شاء الله ماراح يمنعني شيء وبينزل لكن ممكن أتأخر بالوقت لكن بالنهاية ينزل بنفس اليوم إلا إذا صار شيء منعني وأكيد ببلغكم وماراح أتركم ،

+ اللي يسأل عن أعراض مُهرة ببداية الأمر وأنه مستحيل حمل إلا قبل مايمِّر عليها أسبوعين وأكثر ،
ببساطة اللي سوَّاه يُوسف كان لأوَّل مرة فطبيعي يجيها غثيان والخ خصوصًا أنه نفسيتها كانت غير قابلة للأمرَ.



نلتقِي بإذن الكريم - الأحد -
منوريني جميعًا بكل صفحاتي الشخصية برا المنتدى ()

لاتحرمونِي من صدق دعواتكمْ و جنَّة حضوركمْ.
و لا ننسى أخواننا المسلمين في بُورمـا و سُوريــا , كان الله في عونهم و اللهم أرنا في بشارٍ و أعوانه عجائِب قُدرتكْ.


*بحفظ الرحمن.
























 
 

 

عرض البوم صور طِيشْ !  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتملة (بدون ردود)
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t186834.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
ظ„ظ…ط­طھ ظپظٹ ط´ظپطھظٹظ‡ط§ ط·ظٹظپ ظ…ظ‚ط¨ط±طھظٹ طھط±ظˆظٹ ط§ظ„ط­ظƒط§ظٹط§طھ ط£ظ† … - ط¹ط¯ظ„ظ‰ ظ…ظ†طµظˆط± ظ†ط§ط¦ظ… This thread Refback 17-03-16 06:19 PM
[ظ‚طµط© ظ…ظƒطھظ…ظ„ط©] ظ„ظ…ط­طھ ظپظٹ ط´ظپطھظٹظ‡ط§ ط·ظٹظپ ... | grosiralami.com | PinBB: 541310B9| SMS/WhatsApp: By Request This thread Refback 10-05-15 01:15 AM
Untitled document This thread Refback 08-03-15 01:41 AM
Untitled document This thread Refback 22-12-14 12:07 PM
Untitled document This thread Refback 20-12-14 09:56 AM
Untitled document This thread Refback 28-11-14 03:53 AM
Untitled document This thread Refback 28-11-14 03:49 AM
Untitled document This thread Refback 28-11-14 03:38 AM
Untitled document This thread Refback 19-11-14 12:20 AM
Untitled document This thread Refback 15-11-14 01:52 AM
Untitled document This thread Refback 14-11-14 12:56 AM
Untitled document This thread Refback 11-11-14 08:37 PM
Untitled document This thread Refback 10-11-14 12:04 PM
Untitled document This thread Refback 03-11-14 07:03 PM
Untitled document This thread Refback 22-07-14 03:55 PM


الساعة الآن 02:14 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية