الفصل السادس
ان تستمر الحياة هي طبيعة كونية الا ان يشاء الله ان تقام القيامة، ان تاتي الفصول تباعا ببرودتها وصيفها وزهرها وخريفها، انا تحلق العصافير في الفضاء قافزة من غصن اخضر لاخر، ان تستمر حياتها هي دون الرجل الذي احبته بصدق وخذلها ان يسقط الزمن قناعه لينقذها لا ليشقيها، ان ترى بعينيها من يحبها بصدق ومن يمثل حبه عليها!!
مبتسمة ناظرا بامل الى الحياة بشمعة تفاؤل اضاءتها بقلبها هناك في الكعبة المشرفة عند عودتها من العمرة كم كانت اياما جميلة تلك بكل ما بها من طمانينة وسلام كيف للروح ان ترفرف لرؤية الكعبة وكيف ان كل ما بالانسان يُنسى؟؟ اجل يُنسى!!
هكذا هي طوت كتاب زواجها، دفنت حبها هناك...ما اجمل ان يُنسى كل شيء هناك جمعت حاجياتها منطلقة الى عملها بعدما رددت اذكار الصباح وصلت الى قسمها تبحث بلهفة عن رؤى تشتاق لصديقتها فاذا بها تنتظرها بقرب مكتب الاستقبال تنظر اليها بكثير من الغموض والترقب اقتربت اكثر الى ان وقفتا امام بعضهما لم تتكلما ارادت رؤى ان تبدا رهف بالكلام فهي لا تعلم على اي بقعة تقف صديقتها؟ فاذا بالاخرى تقفز اليها محتضنة اياها وسط ذهول رؤى ان كانت تنتظر شيئاً منها فلم يكن هذا ما تتوقعه!!
-اشتقت اليكِ،،كثيراً رؤى...
اغمضت عينيها بينما الدموع ترسو على خديها محتضنة صديقتها بقوة تعادل قوتها ها قد عادت قالت بين شهقاتها: وانا حبيبتي وانا...
تصلب جسدها قليلاً وارتدت الى الوراء ممسكة بوجهها: كفى لا دموع بعد الان..
ضحكت بين دمعة وشهقة رؤى: اه يا الله انها دموع الفرح،،خلت نفسي فقدتك صدقا فقد اضعت نفسي دونكِ!!
نظرت اليها وبريق غريب يتوهج داخل عينيها سلب لب رؤى اجابت رهف: اتحبنني صديقتي؟
مسكت بيدها تمشيان:اه ها هو الغرور،،لكنها اكملت: اجل صديقتي اني احبكِ.
بعد حين كانت تسترق النظر الى تلك الفتاة التي بدت كالياسمين كانت تبدو وكانها ليست هي؟ قد غادرها الحزن مسافرا في قطار لا رجوع له هذا ما تتمناه..
تابعتا عملهما بوتيرة سريعة وانتهى اليوم كما بدا بالنسبة اليها قالت رهف وهما تخرجان من المصعد الى مواقف السيارات:اتعلمين لماذا لا نسافر سوياً في الصيف قبل رمضان؟
رؤى وهي مشغولة بحجابها الملتصق بها:حقاً الى اين وماذا تعنين بـ سوياً؟
وصلتا الى سيارة رهف الصغيرة:اعني
سيدتي عائلتي وعائلتك الن يكون هذا جميلاً؟
نظرت اليها بعين نصف مفتوحة: والى اين؟
-اممممم لا ادري سافكر انا وامي وعندها اقترح على والدتك!!
نظرت بدهشة اليها:انتِ جدية اذاً!!
-اجل ولم لا انا لا امزح..
ضحكت رؤى:حسناً سنرى
-ساتي اليوم لزيارتك لارمي الصنارة من اليوم لارى متى سيتم اصطيادها؟؟ ها ما رايك؟
ابتسمت وهي تودعها فحمى تلك الفكرة اعجبتها ما اجمل ان تسافرا سوياً:اهلا وسهلا بك ساكون بانتظارك..
وصلت كلا منهما الى منزلها تلك ترفرف كطير جامح وتلك هائمة بفكرة طائرة تحملها مع رهف دخلت الى المنزل وهي متعبة لكن شيئا ما استرعى انتباهها لم يكن احدا في المنزل!! خفق قلبها للحظات اين هي امي؟ واذا بهاتفها يكسر ذالك الصمت اجابت بلهفة
-الو
-مرحبا يا ابنتي
خارت قواها فجلست على اقرب كرسي راته: يا الهي امي اين انتِ؟
ضحكت عفاف بخفة:اطمئني صغيرتي انا عند رزان لقد اتتنا دعوة غداء متاخرة
-امي انا في المنزل..
-اوه حقاً،، اسفة لاني لم اتصل قبل الان حسبت انك ما زلت في عملك او في طريقك للمنزل،،لا باس اغتسلي واستبدلي ثيابك وتعالي والدك سياتي الى هنا ايضاً..
صدقاً لم تكن تود الذهاب تريد ان تاكل شيئاً وتنام لكن ان لم تذهب ربما رزان ستحزن او تفهم شيئاً اخر هي في غنى عنه لذا استسلمت ستضحي بقيلولتها لاجل شقيقتها: حسناً امي انتظروني
في صباح اليوم التالي
كانت رؤى لا تسعها الارض ولا الكون من فرحتها ستسافر مع رهف!! من يصدق ان عقل ابيها لان ووافق لم تكن مصدقة عندما سمعت موافقته المبدئية لفكرة السفر مع عائلة رهف لكنها راقت له رغم ظنها انه وافق لاجل رهف فهي من اقترح عليه بعدما الحت عليها والدتها صدقاً تلك الفتاة لها اسلوب مقنع يجب عليها ان تصبح سياسة لربما تصلح العالم بيديها..
لكن فرحتها لم تكتمل فالواضح ان هناك مصيبة تنتظرهم بالمستشفى فسيارات الاسعاف لاتعد ولا تحصى تقف امام بوابة الطوارئ وطائرة هليكوبتر تحط من بعيد في مكانها يا الله لطفك..
دخلت وهي خائفة تدعو لكل المصابين بالشفاء فكما سمعت انها حادثة سير بليغ والضحايا كثر بين بليغ ومتوسط ومن مات!! ولكنها فور وصولها الى قسم الجراحة سمعت نداءا عبر المذياع الخاص للمستشفى يستدعي الممرضات فورا الى الطوارئ
هرعت رهف ومن معها الى قسم الطوارئ وقفت ذاهلة لبشاعة ما ترى دماء واشلاء احست بالغثيان والدوار واذا بطبيب ما يصرخ بها منادياً ليوقظ حواسها لتهب لمساعدتهم متناسية ما يدور بين يديها..
سالها طبيب جراح تعمل معه:رهف عليك ان تتعاملي مع هذه الحالة ريثما ارى غيرها لا شيء لا تستطعين فعله تصرفي وكاني معك مفهوم؟
نظرت الى المريض واليه:لكن..
-لا تقلقي انتِ ممرضة جيدة افعلي ما ترينه مناسباً لحين عودتي..هيا رهف
وقفت كالبلهاء بعد خروجه تنظر الى المريض الذي كانت الدماء تغطي معظم جسده ووجهه بدات بعملها بقياس نبضه الذي كان ضعيفا ووضعت له مهدئاً وستبدا الان بجراحه!!
كانت يده مكسورة وجرح بالغ على راسه والكدمات تزين ما تبقى منه وجرح اخر بدا لها على ساقه يالله اي حادث سير هذا الذي كنتم فيه..وفجاة اذ بيد تمسك بيدها بقوة
نظرت اليه ذاهلة وهي واعية الى تسارع نبضات قلبه اقتربت منه تريد امتصاص ردت فعله بنبرة هادئة طالبته: اهدئ الان ستكن على ما يرام،،ساعتن بك..
اغمض عينيه السوداوان قليلا اراد التكلم لكنها وضعت يدها على جبينه: لا تفعل ،، ليس الان
وسرعان ما غفى مجددا متاثرا بالمهدئات..نظرت اليه وشرعت تخيط له جراحه واستدعت من يجبر له يده بدا لها افضلا حالا لكن على الطبيب ان يراه واتى واثنى على عملها: قلت لكِ ان باستطاعتك فعلها جيد جيدا رهف..
لوهلة ظنت انه سيرتب على كتفها ولكنه لم يفعل احست بالزهو بنفسها فابتسمت القت نظرة على المريض وخرجت عائدة الى قسمها..
فتح عينيه وسرعان ما احس بان صداع هائل يصيبه نظر حوله فوجد نفسه في غرفة الوانها خضراء تحرك قليلا لريح جسده اكثر لكنه تاوه متوجعا نظر الى الجبيرة في يده وتحسس اللفافة البيضاء على راسه وساقه المكشوف نصفها تحيط بها ايضا لفافة بيضاء وصدره يؤلمه..اين هي من قالت انها ستعتني بي؟؟
فاذا بالستارة تفتح ودخلت هي واخرى قالت مبتسمة: لقد استيقظت الحمدلله على سلامتك...
اقتربت ترى مؤشراته الحيوية سالته:كيف تشعر؟؟
لم يجب لا لانه لم يرد لكنه لم يستطع ظل ينظر اليها تنتظر منه ان يجب اكملت: لا باس انك متعب نم الان سياتي الطبيب ليراك بعد لحظات..
-هل تريدنا ان نتصل باحدهم؟
نادتها الاخرى: رهف هيا الان،، انه لا يستطع ان يجب سنرى لاحقاً عندما يتحسن حاله..
ثار شيئاً ما في داخله وعندها نطق اراد ان تظهر كلماته عميقة بعمق صوته: رهف
التفت اليه وابتسامة خجولة تلوح على شفتيها والاخرى ارتدت اليه محدقة ولكنه ندم احس بالسكاكين تقطع احباله الصوتية اقتربت منه: نعم؟
احست رهف بمعاناته: اعلم انك تريد ان تسالني شيئا،،لكن انتظر انك هنا منذ يومان ولكنك تتحسن استرح..
لكنه نظر اليها نظرة لم تفهمها راى حاجبيها يلتقيان قال لها: لا احد...لتتصلي به
دهشت وشعرت بالخجل: لا باس نم الان
اطاعها هذه المرة فقد غلبه الارهاق والتعب اغمض عينيه وهو يسمع ضحكتها رهف اسمها جميل كما هي..
رهف ضاحكة على رؤى الغاضبة:ذاك يا الهي هل اظن ما تظنيه؟
اومات بالايجاب فمريضهم لم يعجب بتعليق رؤى حول استطاعته بالتحدث:اوه اجل..
-كنت اتمنى ان تري شكلك رؤى كان مضحكاً..نظرت اليها مرة اخرى وحتى الان...
وقهقهت بصوت عال لدرجة ان ضربتها رؤى على كتفها: فلتصمتي يا رهف
مقلدة بخشونة نبرة صوته عندما ناداها فضحكتا معاً..
جاء الطبيب لرؤيته مع ممرضة اخرى قال له ما به تحديداً كان همه الوحيد يده فهي كنزه!! بعد ان انتهى الطبيب من حديثه ساله: من عالجني؟ ان سمحت لي بالسؤال؟
-انها الممرضة رهف..
ابتسم لنفسه ظنه كان بمحله هي من كانت معه وداوت جراحه هي من لامست يدها جبينه ويديه..
باقتراب الظهيرة نظرت الى غرفة ذلك المريض فذهبت اليه احساس من الذنب لان لا احد له هنا يؤلمها فتحت الستارة فكان نائماً انه بعمر شقيقها ابراهيم ربما؟ تاملته قليلا شعره اسود هكذا بدا قبل ان يحلق بسبب جرحه حاجبان رائعان وعيناه سوداوان كما سبق ان رات وبنيته متوسطة ربما طوله بطولها تقريباً!!
اقتربت تتفحص المغذي الذي بيده رفعت راسها فالتقى الذهب بظلام عينيه ارتبكت لكنها قالت: ايقظتك؟
همهمت بخفة واجاب: لا،، هل لي ان اشرب ماءاً اذا سمحتي؟
التقطت عبوة ماء معدني واقتربت لتسقيه شربها كلها قالت له: واحدة اخرى؟
نفى وهو يكاد يلتهمها بنظراته: لا شكراً وشكراً لانك اعتنيتي بي!!
ابتسمت له: انه واجبي فلا تشكرني..حسناً علي الذهاب
ابتسم لها فاذا بتجاعيد عند حافة عينيه تتجمع فزاددت من شكله وقاراً..
-رهف
ارتدت اليه وعلامة استفهام كبيرة فوق راسها اه كم تبدو ملامحها شفافة:اسمي هو عمر..
اجابته وقد احست انا بقائها قد طال:اجل اعلم ان اسمك عمر..فقد اخبرنا الطبيب
ورحلت واشتعلا خداها بسببه له عينان تحرقان!!
انه يهذي ماذا يريدني ان اناديه باسمه؟؟
محدقا بالسقف همه الوحيد كان خوفه الشديد على يده فمهارته تكمن فيهما اي صدف هي قادته الى هنا؟ اهو القدر؟ لكنه كسر وسرعان ما سيشفى..
بعد عدة اسابيع امضاها بالمستشفى حان موعد خروجه مع كسر في يده والتئام جروحه خرج من هناك وهو يعد لنفسه خطط مستقبلية وكان الحظ من حليفه فلم تكن هناك ليودعها ممرضته رهف فكما اتاها برمشة عين هكذا رحل!!
وصلت الى القسم وهي تتحدث الى رؤى عن ترتيبات سفرهم فكان سفرهم قريبا سيسافرون الى تركيا لمدة اسبوعين،،بعد تلك الثرثرة ومعاينة المرضى دخلت الى غرفة المريض عمر ولكنها وجدتها فارغة!! لقد رحل!! ذهبت لتستكشف الامر من ممرضة اخرى فاجابتها انه رحل البارحة باكراً احست بالخذلان هي من كانت تحس بالذنب ان لا عائلة له وها هو ما ان شعر بالتحسن حتى رحل دون ان يودعها؟؟
المريض عُمر