كاتب الموضوع :
عبير قائد
المنتدى :
سلاسل روائع عبق الرومانسية
رد: 34 - رواية "شيوخ لاتعترف بالغزل" لِ عبير قائدالفصل ال30الرواية قمة في التميز
-انا لن اترككي.
قال بعناد لتنتابها موجة أخرى من الألم وتصرخ:
-بلى سوف تخرج قحطان.. لن تبقى هنا.. هيا اذهب.
تراجع بدهشة.. ونظر لعينيها المشعتين فزفر ببطئ قبل أن يتراجع خارجاً بسخط بينما تهالكت سيادة على السرير وهي تنزع ثيابها كي ترتدي الرداء المخصص للولادة..
...
-لقد تاخرت..
هتف بغضب وهو يدور في الممر امام الغرفة كليث حبيس..
-لاتقلق اخي.. لم تمضي سوى ربع ساعة فحسب..
نظر للجوهرة بعاصفة وعاد ينظر للباب وانتفض اليه وهو يرى الطبيبة تغادر بابتسامتها المثيرة للأعصاب:
-سيــادة في حالة ولادة سيد قحطان..
-ماذا يعني هذا؟؟ لاتزال مبكرة.. اوقفيها.
صاح بعنف لتغمض الاختصاصية عينيها وتهتف بصبر:
-هذا يحدث أحيانا.. لانستطيع ايقاف الولادة الان.. الطفل ينزل وعنق الرحم متوسع بدرجة كبيرة.. انها حالة نادرة وخصوصاً للأمهات البكر,,ولكنها ستحصل على الطفل في اقل وقت ممكن..
اتسعت عيناه بذعر وتراجع ليجلس وقد وهنت ساقاه وأسند رأسه بين يديه بصدمة..
-فقط ادعوا لها..
رباااااه..
كل شيء ينهار أمامه.. قد يفقد سيادة.. يفقدها حقاً..
ابتلع ريقاً جافاً والتفت لأمه التي جلست جواره تحيط كتفيه بمواساة وهو يهمس بشحوب:
-هل ستنجو؟
-لاتخف بني.. سيادة مقاتلة..وقد نجت من أصعب من هذا..
أسند رأسه للجدار خلفه واغمض عينيه بألم.. كم يرغب بأن يكون معها.. يمسك بيدها ويهدئ من روعها.. ولكنه كان خائفاً مثلها.. ربما لهذا طلبت منه الخروج.. رباااااااااااه انها وحدها بالداخل..
فكر بارتياع لينهض غير قادر على الصبر ..والجلوس..
مضى الوقت ببطئ..
وصل باقي افراد العائلة.. حتى عمه سالم وايفا زوجته.. والتي جلست ساهمة تناظر الفراغ دون كلمة..
حتى عمرو جاء.. وقف الى جوار قحطان يشد من يده وهو يهمس:
-تجلد يارجل.. ستكون بخير..
-انها مبكرة جداً ياعمرو..
هتف بقلق.. بخوف ليربت عمرو على كتفه وقال لها:
-لاتنسى ان علياء ابنتي ولدت مبكرة ايضاً..
-تلك ظروفها مختلفة..
هتف بيأس ثم تذكر ماعانته الصغيرة بعدها من بقاء في الحاضنة وتلك العملية المريعة والتي شقوا بها صدرها الصغير وألمه قلبه لفكرة ان يخوض تجربة كتلك..
-توكل على الله يارجل.. ستكون بخير..
-والنعم بالله..
همس بتوتر وعيناه لاتفارقان الباب..
وبعد ساعة كاملة من الانتظار المثير للأعصاب.. خرجت القابلة مبتسمة ليهجم عليها بلهفة:
-هل هي بخير؟؟
-نعم انها بخير.. لقد تمت الولادة والأم وابنتها بخير..
زفر براحة وامتنان وهو يحمدالله بلاتوقف.. بينما تعالت التنهيدات الفرحة من خلفهما ونزلت المباركات على قحطان كالمطر وهو لايستطيع احتواء فرحته التي ظهرت جلية في عينيه وابتسامته الواسعة جداً وهو يعانق عمرو بقوة ثم عمه سالم والذي أخفى دموعه بصعوبة وهو يوقل:
-مبارك ماجائك بني.. حمدلله على سلامتهما..
-الحمدلله ياعمي.. الحمدلله..
تمتم قحطان بشكر عميق قبل ان يلتفت للقابلة وبلهفة:
-أريد أن أراها..
-سنأخذ السيدة لغرفتها هناك في الحال بينما تعاين طبيبة الاطفال الصغيرة وتتأكد من صحتها.
اومأ قحطان بتوتر قبل ان تستوقفه كلمة واحدة..
"صغيرة؟؟"
ونظر للقابلة التي حدقت به بدهشة لصياحه:
-ماذاتعنين بالصغيرة؟؟ زوجتي وضعت صبياً..
رفعت الفتاة حاجبها وقالت بثقة:
-لا .. بل هي وضعت صبية فائقة الجمال.. رغم ان وزنها اقل من كيلوين ولكنها بصحة جيدة وصراخها يصم الأذان.
انتفخت اوداج قحطان بانفعال وهو ينظر للفتاة بشراسة.. ليجذبه عمرو ضاحكاً:
-ياللهول قحطان ستأكل الفتاة المسكينة دعها تذهب.. انها عطية الله فلم الاعتراض؟؟
-أول مولود لشيخ العزب هو صبي..
هتف قحطان بعناد عصبي جعل الجميع ينظر اليه بدهشة..قبل أن ينفجروا بالضحك وعمرو يغمز له بمكر:
-ألم أقل لك ان هناك نساء خُلقن ليغيرن هذا الغرور المزيف ياصديقي..؟؟
رمقه بتوحش قبل ان يسرع نحو الباب المؤدي لغرفة سيادة بخطوات غاضبة..كان يغلي من الداخل.. لم يحدث قط ان كان اول مولود لأي من اسلافه انثى.. لم عليه هو أن يتقبل هذا الأمر..؟؟
زفر بحنق وفتح الباب وهو مصر على اعطاءها بعضاً مما يفكر به.. والذي انحسر كليا عن عقله وهو يتوقف بذهول للمنظر امامه..
كانت تستلقي على ذلك السرير شبه جالسة.. وقد تهدلت بضعة خصلات من شعرها الاحمر مبللة امام وجهها.. تبدو بهشاشة ورقة شجر بتلك الكتفين النحيلين والذين اظهرهما بوضوح روب المشفى الرقيق.. ثم كانت تلك المخلوقة بين يديها..
تصلب بوقوفه وهو يراقب كيف احتوت سيادة ابنتها بحنان وأسندت وجهها اليها.. بينما ترفع الصغيرة كفاً بالكاد يُرى لتتشبث بأصبعها بقوة رقيقة..
شعر بقلبه يثب من صدره وينضم اليهما.. وساقاه تتسمران مكانه..
رفعت عينيها اليه.. ورات قلبه ينبض في عينيه وهو ينظر اليهما.. تركت دمعتها تنساب على خدها وهي ترفع له ذراعها هامسة:
-تعال.. انها تريد ان تراك لتفتح عينيها..
اقترب بصعوبة.. انفاسه متلاحقة بشدة.. جلس الى جوارها ونظر لابنته.. شعر بالذهول ..وتسمر ينظر اليها وسيادة تهمس:
-انها ترفض ان تفتحهما حتى تأتي..
نظر لها بصمت بعينين متسعتين لتضيف بابتسامة:
-كماكانت ترفض التوقف عن الركل والتحرك حتى تسمع صوتك حبيبي..
عبرة احتكمت حنجرته ومنعته من التكلم وهو يتذكر ماتقول لتواصل بضحكة:
-رغم أنك كنت تناديها بعمرو..وهذا اسم لايناسب صبية مثلها ألاتظن..؟؟
-لا..
همس بشحوب.. ثم وكمالمسحور مد اصبعه يلامس وجنتها الصغيرة جداً والمتغضنة كثيراً.. لتستجيب الصغيرة اولاً بفتح فمها الشبيه بالياقوت.. ثم رفرفت جفنيها الخاليين من الرموش.. وقد صدق ماقالته امها..
لقد انتظرته لتفتح عينيها,,
شهق بتأثر وهي تفتحهما.. كانتا أكبر مافيها.. بدت غريبة كفأرة برأسها الصغير المتعرج.. ووملامح وجهها المستدقة..انفها الذي لاتظهر منه سوى فتحتين بالكاد تسمحان للهواء بالدخول.. وذقن شبه معدومة.. ثم عينين بحجم هائل فتحتهما لتنظرا له باستغراب..
اتسعت عيناه بذهول.. وابنته تنظر اليه بتركيز وكأنها تراه حقاً..
عينيها بلون الزمرد.. اخضر براق.. كأمها.. قبل أن تغلقهما وتعود للنوم ..
-ان لها عينيكي..
همس بتأثر وهو يلتفت لسيادة المبتسمة ودموعها تغمرها وهي ترى تاثره العميق بابنته
-ولها شعري ايضاً..
-ليس لديها شعر..
همس باستنكار لتتسع ابتسامتها وتكشف عن ذراع الصغيرة وكتفيها والتي ظهر بهما زغب احمر ناعم جعله يحبس انفاسه وهي تهمس:
-انها صهباء مثلي ياقحطان..
ابتسم حينها.. واتسعت ابتسامته لتشمل وجهه وهو يقبلها بلطف على شفتيها هامساً:
-لقد تسيدتي الموقف كلياً الأن اليس كذلك؟؟
ضحكت بمرح وأسندت رأسها على كتفه ليضمها بحنان محاذراً ألا يؤذي الطفلة بأي شكل:
-هل تأذيتي؟؟
همس بقلق.. لتجيب بنعاس:
-لا.. لقد نسيت كل الألم حالما رأيتها قحطان.. نسيت كل شيء..وانا أدرك أنها سالمة..
-حمدالله..
همس وهو يقبل رأسها بحب.. ثم أنزل عينيه للصغيرة النائمة بهدوء:
-لاأصدق ان مخلوقاً بهذا الحجم..يسبب كل هذه الفوضى..
ابتسمت لابنتها بحنان ثم ناولتها اياه هامسة بارهاق:
-خذها عني..اريد الاستلقاء لبعض الوقت..
اتسعت عيناه بارتباك وهي تترك الصغيرة بين ذراعيه الضخمتين لتضيع كلياً ويصعق هو من خفتها.. ولكنه لم يتراجع وهو يشعر بالشفقة على امها التي استلقت واغمضت عينيها.. بينما نهض هو بهدوء وبدأ يردد الأذان في أذنيها بصوت حازم.. لتفتح عينيها وترمقه بنظرة زمردية مركزة .. ضحك حينها وقربها ليقبل رأسها بعمق وهو يهتف بها :
-لن تخيفيني بهذه النظرات ياابنة امك.. انا والدك وليس العكس.
-ماذا سنسميها ..
تسائلت سيادة بقلق.. لينظر للصغيرة بين يديه وعينيها الواسعتين النجلاوتين.. وهمس بابتسامة:
-هبة..
رددت الاسم خلفه بخفة.. ثم ابتسمت واغلقت عينيها هامسة:
-اعتني بهبة جيداً حتى انام..
-سأخرج بها لتقابل عائلتها..
قال بحماس وهو يخرج مغلقاً الباب خلفه.. بهدوء.. ليجد ترقب عائلته كلها وهو يواجههم بهبته الصغيرة.. الهبة المبكرة.. والتي خطفت قلبه.. كمافعلت والدتها قبلها..
....
النهايـــــــــــــــة...
...
2/1/2015
عبير قائد
************************************
|