كاتب الموضوع :
عبير قائد
المنتدى :
سلاسل روائع عبق الرومانسية
رد: 34 - رواية "شيوخ لاتعترف بالغزل" لِ عبير قائدالفصل ال26 الرواية قمة في التميز
-لا لا..قحطان انا سوف..سأشرح لك انا اعدك..
بلل شفتيه بطرف لسانه بعصبية قبل ان ينظر لها ببرود:
-ليس لدي الوقت الان..لالشروحك ولاللقلق حول هربك او بقائك..
صمتت بقلق بانتظار قراره والذي لم يتأخر وهو يبتسم ابتسامة قاسية:
-ويبقى الحجز هو الحل الامثل..
-ماذا؟
هتفت ضائعة ليرفع حاجبه بتسلية وقبل ان تتحرك كان يدفعها للخلف برفق قبل ان يغلق الباب امامها باحكام.. اتسعت عينيها وهي تسمع اغلاق القفل عدة مرات وصاحت بحنق:
-قحطاااااان؟؟
-لاتفكري بالخروج من النافذة ياعزيزتي فنحن في الطابق العاشر..
صاح بقوة وهو يفتح باب الشقة ليؤمنه جيداً هو الاخر بعد اغلاااقه..بينما دارت هي حول نفسها بقهر.. ولكن هل تلومه على عدم الثقة بها؟؟ لا لاتستطيع..
جلست على طرف سريره بانهاك.. ليلة مثالية وانظري كيف انتهت.. فكرت بألم..ثم تنشقت بقوة وهي تعاود النهوض..لا لا لم تنتهي بعد.. فكرت بحزم..لم تنتهي بعد وتلك المناقشة ستتم وستخبره بكل شيئ.. كل شيئ.
بعد مايقارب الساعة والنصف..كانت تستلقي على الفراش متكورة تقاوم السقوط في دوامة النوم التي تحاوطها حين سمعت دوران مفتاح الباب في الاكرة..اعتدلت في جلوسها وتبقي عينيها على الباب الذي دفعه قحطان برفق ليلقي نظرة عليها قبل ان يدخل ويضع لها حقيبتها التي جائت بها من البلدة بهدوء هامساً ببرود:
-حقيبتك..
زمت شفتيها بغضب..هو لن يعاملها بهذه الطريقة..ليس بعد الأن..
غادرت السرير لتجتازه بسرعة نحو الخارج تشهد خطواتها الحانقة على مدى تعكر مزاجها .. شعرت به يلحق بها.. بهدوء..دخلت الى المطبخ وبدأت تقلب في رفوفه دون فائدة..تصفع ابوابه وتفتش الثلاجة دون ان تجد شيئاً..
-مالذي ترتدينه؟؟
نظرت له من تحت خصلات شعرها المبلول وهمست من بين اسنانها:
-ماذا ترى؟؟
راقبها بصمت ..بنظرة شملتها من قدميها الحافيتين صعوداً الساقيها العاريتين حتى بدأت ملامح تلك الكنزة الضخمة التي احتوت قدها كشوال من الكشمير تصل لركبتيها.. ثم تتدلى عن كتف واحدة وتخفي الاخرى بسبب فتحة العنق الواسعة..
-انها كنزتي..
-انا اشتريتها في باريس ام نسيت؟؟
هتفت بلوم ليبتسم بسخرية وهو يراها وقد عادت لبحثها..
-عماذا تبحثين؟؟
تسائل بتوتر..
-طعااام.. فأنا لم أكل شيئاً منذ ظهر البارحة..اليس لديك شيئ..؟
-انا لاأكل هنا.. لااستخدم هذا المنزل سوى للنوم ياسيادة لذا توقفي عن البحث.
نظرت له بحنق..وسارعت بضرب قدميها في الارض كالفتيات الصغيرات قبل ان تهتف:
-أنا جائعة..
رأته يرفع يده ببطئ كان يحمل كيساً ورقياً ..
-أدركت هذا..
تقدمت بلهفة لتختطف منه الكيس قبل ان تجلس لطاولة المطبخ.. فتحته لتنتشر الرائحة الشهية لنوع من المعجنات الساخنة.. صرخت معدتها باعتراض للتأخير.. ولكنها القت نظرة عليه..ورأتها مجدداً.. عيناه المتهمتان.. تصلبت وفقدت شهيتها مباشرة..
نهضت تواجهه رفعت رأسها اليه وهمست بشحوب:
-يجب أن نتحدث..
لم تتغير وقفت المستندة على الباب ولم تتغير نظرته ..
-بشأن ماحدث قحطان..بشأن تلك الليلة وبشأن الرسالة.
كان يرى مدى صعوبة ماتنطق به.. يعرف انها شجاعة..او حمقاء جداً لتذكر الامر.. ولكنه لم يتحرك رغم الصاعقة من الغضب والتي مرت امام عينيه وهي تذكر تلك الليلة وتلك الرسالة..
-يجب ان تفهم كل الامور ومنذ البداية.. ولكنني اريد منك وعداً.
طلبت برجاء.. ليجابهها بالصمت فتجاسرت على المضي قدماً وهمست وهي تضغط على كتفه:
-عدني ان تستمع لي..عدني ان تستمع لمالدي لأقوله..
-لايبدو أن لدي شيئ أخر لأفعله.
رد ببرود لتتراجع بألم.. هذا البرود.. هذا التصلب يقتلها.. رأته يتجاوزها ليجلس على طاولة المطبخ راقبته يعقد ذراعيه على صدره.. ورأت وجهه يفقد ملامحه لذاك القناع المتماسك..
أخذت نفساً عميقاً.. لقد فكرت مراراً وخلال ايام..بماستقوله..وكيف ستقوله..كيف ستشرح له وكيف ستثبت له.. ولكن الان..كانت تقف قبالته كمجرمة صغيرة.. مذنبة بكل الاتهامات التي ترشقها عيناه بلارحمة..
اغمضت عينيها تهرب من نظراته الثاقبة..
تحتاج لشجاعتها والتي هربت منها فرت بعيداً..
ابتلعت ريقها وهمست بصوت مرتجف:
-انا..انا فكرت مراراً وتكراراً..كيف ..كيف اقول مااريد..ولكن..الان اشعر..اشعر بأن كل ماسأقوله وماخططت لأقوله هو مجرد..
وفتحت عينيها هامسة:
-مجرد انتقاص كبير لماحدث فعلاً قحطان.. ولذا فأنا سأخبرك فقط بماحدث دون زينة او كذب.. اقسم انني لن أقول الا الحقيقة..
لم تدل ملامحه انه تأثر..بالكاد رمشت عيناه ..عيناه ثقيلتان.. وهي ترزخ تحت ثقلهما بكل ضعف.
-التقيت عبد العزيز قبل عام ..
بدأت..وشردت عينيها وهي تواصل:
-انا..لن أكذب.. لقد.. لقد وقعت تحت سحره..اااه..
بترت عبارتها بذعر صارخة حين انتفض من مكانه ليحشرها بقسوة بين جسده الضخم الغاضب والجدار البارد وهو يزمجر بعنف:
-انا لن ابقى للحظة واحدة استكع لمغامراتك العاطفية مع ذاك ال....... ماذا تظنينني؟؟
صاح بها بعنف لتنتفض مذعورة وتنظر له هاتفة:
-انا لم أعني مافهمته..لم اعني هذا؟؟
صرخت بألم حين امسك ذراعها بقسوة وهزها بعنف:
-اذا اردتي الحديث..فتكلمي في الامور المهمة ليس لدي اليوم بطوله..
اومأت بذعر ليعود ويقبض على فكها بأصابعه بقوة جعلتها تتأوه..وهو يزمجر:
-واسم ذاك ال..... لااريده ان يخرج من فمك والا فليلعنني الله سأحطمه وأصمتك للأبد.
شهقت بخوف وهو يفلتها.. تراجعت للحائط اكثر ..وهو يبتعد بخطوات واسعة حتى اصبح خلف الطاولة وكأنما لايثق الا بوجود حاجز بينهما..حاجز يبعده عنها ويحميها منه.. كانت يداه ترتجفان.. يالله ماشعر به لحظة قالت اسمه..لقد اراد قتلها..
-انا ااسفة..
همست باكية..تخفض رأسها وتنتحب..لم يتحرك ليهدئ بكائها..لم يقترب ليعتذر هو الأخر..فقط وقف هناك كالطــود.. طود اسود قاتم..خطف قلبها..
-الامر..مااريدك ان تعرفه بشأن علاقتي بذاك الرجل..
سمعت هسيسه الغاضب فصرخت بسرعة:
-انها لم تكن كماظننتم كلكم.. وأنت خير من يعرف..انت..تأكدت بنفسك ..
هتفت بمرارة.. وهي تنظر لوجهه المتصلب.. اقتربت صارخة:
-حين رحلت عن باريس مع ابي واخي لزيارة البلدة التي لطالما حدثني عنها وقص لي الكثير من القصص عن اناسها الرائعين كنت سعيدة وانا اترك امي والرجل الذي ظننتني احبه يخططان لحفل الزفاف..
قحطان انا لم اكن اعرف ماقاله لأبي..لم أعرف ابداً عن اتهاماته البشعة ولم اعرف تورط أمي به كذلك.. كنت اعيش في الحلم.. واستيقظت منه بقسوة..
راقبها بصمت.. يتذكر ذلك اليوم.. اليوم الذي هبت فيه العواصف والتي اشرقت فيه الشمس في وقت واحد حين نظر اليها.. يتذكره وكأنه البارحة..هبوبها عليه كنسيم بحر..ثم انقضاضها كعاصفة..
-كنت مشوشة حين علمت بمافعله..كنت اشعر بالكراهية..كرهته كثيراً بحجم ثقتي به.. اردته ان يختفي من حياتي والا اراه مجدداً وفعلت.. ثم كنت أنت.
وصمتت تنتظر ردة فعل..اي شيئ ولم تجد كان لايزال يقف هناك ينتظرها ان تكمل.. فأخذت نفساً عميقاً وواصلت بتهدج:
-انت.. لااعرف كيف شعرت نحوك منذ البداية..كنت مأخوذة بك..كرهتك لاشك ولكن.. كان هناك شيئ ما.. حين وقفت امامي وقطعت يدك فقط لتثبت للجميع انني عذراء.. لتثبت لأبي..
وامتلأت عينيها بالدموع وهي تنظر اليه..
-كنت غاضباً منه..حانقاً عليه لأنه زوجك بي رغماً عنك..ومع ذلك انت رفعت رأسه عالياً انت جعلته رجلاً امام الجميع بل أمام نفسه قبل اي احد..
-كان يجب لأحد ان يفعل..
هدر بصوت مرعب فاتسعت عينيها وهو يقترب منها صارخاً:
-عمي..تذلل لي.. اتفهمين.. لقد توسل لي لأتزوجك وانقذ شرفه واحميه من العار..كان يجب ان ارفع رأسه والا لم اكن لأقدر ان اضع عيني في عينيه سيادة..لم يكن ليستحق.
-وانت فعلت..
همست ..
-انت انقذتني وحميت سمعتي امام الجميع..لم أكن ادرك قيمة هذا الامر في ذلك الوقت ولكنني الان افهمه.. اعرف ماعانيته واعرف مقدار ضبط النفس الذي عانيت منه..وانا لم اساعد.
-لا لم تفعلي..
تهكم بمرارة لتعترض:
-كان لدي عذري.. كنت مخطوفة في بلدة نائية وانا القادمة من باريس..كنت قد اجبرت على الزواج من رجل لم اره من قبل في حياتي ومن المفروض ان اقبل واستسلم..
صاحت بحنق..
-لم يربيني ابي على الاستسلام قحطان.. ولم اكن لأفعل..
اشاح عنها..لتواصل بحرارة:
-لقد كرهت نفسي كل يوم لماكنت تفعله بي.. كنت تحبسني وتنظرلي تلك النظرات التي تتهمني فيها بلارحمة.. لقد قمت بضربي..وجعلتني خادمة لااسوى شيئ..
صاحت باكية.. ليلتفت لها بغضب ويصرخ:
-كنت بين ذراعي وتنادينه هو؟؟
تيبست مذعورة اما ثورته وهو ينفث غضبه بلاهوادة:
-كان يجب ان اقتلك..ولكنني ضعفت..
اعترف بقهر..لتنتحب مجدداً وهي تعترف:
-كنت خاائفة..
تسارعت انفاسه وهو يرى دموعها التي انهمرت بغزارة :
-كنت خائفة منك ومماتثيره بي من مشاعر..عرفت انك ستأخذني تلك الليلة..كنت سـ..كنت..
اختنقت بالدموع ولم تجرؤ على ان تكمل..رأته يبتعد يتجه الى النافذة لينظر عبرها للشمس التي صعدت ببطئ..
-لم اعرف كيف ابعدك عني سوى هذه الطريقة..انا لم أكن مع عبد..... لم اكن معه قط هكذا.
بكت بمرارة.. ثم اقتربت منه..همست له بعتب:
-انت وامك قحطان كنتما تحطمانني.. كنت ميتة واردت الموت في اليوم الف مرة فقط لأتخلص منكما معاً.
اغمض عينيه واسند رأسه للزجاج البارد..شعر بها تقترب تصاعد صوتها خلفه بخفة:
-حين اتينا لعدن..كل ماكنت افكر به هو انني خرجت من السجن..كنت مجنونة واردت الابتعاد بأي طريقة.. وحين تكلمت مع امي لم اكن اعرف انه هناك وانه سيخطط لما حدث.
تصلب في وقوفه شعرت ببروده حين التفت.. القسوة عادت لعينيه وهو يسألها بشحوب:
-هل هو من خطط لمافعلتيه؟؟ الهروب..الرسالة..ماذا عن ليلتنا معاً؟؟ هل كانت من تخطيطه كذلك؟؟
صرخ بعنف لتتراجع برعب وهي تهز رأسها بقوة:
-لا لا.. انا..انا لم ..
-انت ماذا سيادة؟؟ لقد خططتي لكل شيئ.. اوقعتي بالرجل الاحمق في شباكك وحين ظن بأنه قد امتلكك الى الابد عاد ليدرك انه لم يفعل.. وكأنه يقبض على هواء.. سراب لاوجود له.
لا لا.. فكرت بمرارة..لاتستطيع ان تجعله يفكر هكذا.. وكل تلك المرارة والالم يغزوانه ويسيطران عليه.. لايجب ان يشعر بهذه الطريقة..
اقتربت منه بشجاعة رغم النظرة الصاعقة التي تنذر بالتراجع لألف ميل..
-انا لم اقدم نفسي لك بسببه.. قحطان ماحدث بيننا لاعلاقة له به انا اقسم..
-لماذا هربتي اذاً؟؟ لماذا هربتي كاللصوص عند الفجر...
انهمرت دموعها وهي ترى الألم وتشعر به في ذبذبات صوته.. رباااه لقد كان مجروحاً.. متألماً للنخاع..
-كنت اريد الانتقام منك..
همست مخنوقة.. رأت عيناه تتحجران فسارعت :
-كنت اريد الانتقام لكل مافعلته بي..خططت لأن ارى نظرة الذهول في عينيك حين تعرف انني لم اكن لسواك قبلاً.. اردت ان ارى ارتباكك وحيرتك.. اردتك ان تريدني ان امتلك هذه القوة عليك..
عض شفتيه بقسوة وهرب من عينيها.. ادرك انها محقة.. لقد امتلكت تلك القوة عليه.. ولاتزال..
-حين كتبت الرسالة كنت حانقة ومتألمة أردت أن أؤذيك..كنت مجرد حمقاء وغبية..
احاطت وجنتيه بكفيها وهمست في عينيه:
-تلك الليلة قحطان.. تلك الليلة عرفت انني احبك..
|