انا لم أدس لها على طرف.. مالذي قالته عني؟؟
-هي لم تقل شيئاً.. يكفي انها لاتطيق النظر لوجهك والتحدث عنك حتى.
نهض فراس مواجهاً ابيه بعصبية:
-اسمعني بابا.. وافهمني جيداً.. هذا الزواج مشروع فاشل.. يجب أن ينتهي قبل نجن كلينا.
نظر له والده بصدمة.. كان يفكر ربما رأب الصدع بينهما وربما ان يحل مشكلتهما بالتروي.. التفاهم.. اي شيئ سوى مايقوله ولده عن الانفصال..
-انت لن تطلق ابنة عمك..
همسها بوضوح.. بصوت شاحب ولكن واضح وبطيئ لينال من ولده صرخة عصبية وهو يتحرك حوله بغضب:
-لقد زوجتني اياها دون حتى ان تسلني.. كمافعلت مع سيادة ولكنني لااريدها ابي.. لاارغب بتمضية حياتي مع فتاة مثلها..
-ماذا تعني بفتاة مثلها؟؟
-انها قروية.. متخلفة ولاتفهمني..
صاح بحنق ليزفر والده بنفاذ صبر:
-الزواج سيقربكما من بعضكما بني.. عليك ان تصبر ان تتعرف عليها لن تجد من تحافظ على بيتك وتبني اسرتك كإبنــة عمك.
-انا لاأريد أن أكون أسرة.. انا لاأفكر هكذا حالياً.. مااريده هو نجاح ألبومي الغنائي.. أريد الشهرة والنجاح..لا أريد امرأة قروية تتعلق بعنقي حيثما ذهبت.
صاح فراس بغضب.. وانتظر رد أبيه الذي تسمر يناظره بذهول بينما تصاعد من خلفه صوتها هامساً بجمود:
-وأنا لاأريده ايضاً..
التفتا معاً اليها.. كانت تشد اللحاف اليها وتقف تنظر لعمها بثقة مهزوزة وقلب راجف وقد اخترقتها كلمات زوجها كسكين حامٍ مؤلم..
-زواجنا كان خطئاً جسيماً ويجب ان نصلحه عمي..
نقل عمها بصره بينهما.. كان يرى الكثير من الكره.. ليس عدم التفاهم او الاحباط.. كان كرهاً واضحاً..
-عمي ارجووك..
همست ترجوه مقاومة دموعها.. رأت عمها يجلس وقد خانته ساقاه..
-ماذا سيقول ابي؟؟ مالذي سأفسره؟؟
-انت لن تقول شيئاً.. طلقنـــا.. الان.. دعنا نضعهم امام الامر الواقع عمي..
رفع عينيه اليها.. فأضافت بحسم:
-لو عدنا ولانزال متزوجين فلن يوافق أحد على طلاقنا عمااه.. سيغصبونننا على تكملة الزواج سنعيش معاً ولكن تعاستنا ستكون عبئاً ستحمله على كتفيك العمر كله.
نظر لها عمها بعينين ضبابيتين من كثر الدموع:
-ألهذه الدرجة..؟؟!! أجرمت بحقك..؟؟
اندفعت ترتمي تحت قدميه.. تهمس بوجع .. باكية ايام الشقاء الماضية:
-أرجوك عمي.. اتوسل اليك ان تخلصنا من هذا الزواج.. لافائدة ترجو له سوى انه يمزقنا أكثر وأكثر..
-أبي.. لاتحطم حياتنا أكثر.. أناارجوك.
تدخل فراس بصوت مهزوز.. لم يؤذه رغبتها في الخلاص منه فقد كانت تساوي رغبته هو نفسه.. كان يريد أن يعود حراً كماكان.. ان يحلق وحده ليربح حياته ومستقبله القادم.. لايريد ان يقيد الى امرأة لايرغبها حتى..
-ماذا سييقول قحطاان؟؟
همس عمها لتتألق عينيها وتدرك انه قد بدأ يلين.. لتهتف بحماس:
-قحطان سيغضب في البداية.. الكل سيفعل ولكنني انا كفيلة به عمي.. حين أشرح له.. سيتفهم صدقني..
نظر لها بشك.. وهمس بتردد:
-ربما.. ربمايجب ان ننتظر..
-لو انتظرنا فلن يتم الامر.. قحطان وجدي لن يوافقا مهما كان الأمر ومهما شرحنا لهم.
-وهل تظنين شقيقك سيسكت ان عرف بالأمر بعد الطلاق؟؟
-سيكون أمام أمرٍ واقع عمي.. حينها قد لايرضى ولكنه سيكون مجبراً على تقبله.
أسند سالم رأسه الى كفيه حائراً.. مالذي يجب فعله.. مالقرار الذي عليه اتخاذه.. هل يسايرهما أم يكون العاقل الوحيد بينهما ويرفض الانصياع وراء هذا العصيان الذي يرفعانه.. ولكن؟؟!!
مالذي يفكر فيه.. انها حياتهما معاً.. ابنه يعلن رفضه لمثل هذه علاقة والفتاة نفسها تبدو وكأنها تعيش أسود أيام حياتها معه.. ولكن.. ماذا لو كان هناك طفل؟؟ ماذا لو؟؟
-ماذا لو كنتما تنتظران طفلاً؟؟
احتقن وجه سلمى بينما ضحك فراس بسخرية وهتف:
-لاتقلق بابا.. فزواجنا لايزال حبراً على ورق..
نظر اليهما اباه بدهشة ليهز كتفيه ويقول بلامبالاة:
-أخبرتك قبلا أبي.. لاتوجد مشاعر تجمعنا..
-فلنحمد الله على ذلك..
همست سلمى بغيظ لسخريته.. وهي تحمدالله من كل قلبها وتنظر لعمها الذي بدا مشوشاً لبعض لحظات..
-طلقها..
هتف سالم بصوت مهزوز.. لتتألق عينيها بترقب وهي ترتفع لتلاقي عيني فراس الذي أخذ نفساً عميقاً.. ونظر لها للحظات قبل أن يقول بصوت ثابت:
-أنا أسف ياابنة عمي.. أنت طــالق..
اتسعت عينيها بصمت .. سمعت صوت عمها يستغفر بأسى.. قبل ان تهمس:
-انا لست أســفة..
ثم استدار عائدة الى غرفتها.. اغلقت الباب وتركت دموعها تنساب من عينيها بصمت.. تغسل ذلك القهر الذي بدأ يتكون في عمق صدرها وينتشر لتنتفض له أوردتها بقسوة.. أصابعها تتشبث بخاتم ذاك الذي طبع على قلبها بوسم من نار.. وكلها يستجيب لها اشتعالاً.. الان فقط.. ستفكر به دون أن تخشى العقاب.. ستتذكر نظرته اليها.. ابتسامته.. ستتخيل لمسته... وستعيد كلمات الغزل التي امطرها بها دون تأنيب ضمير..
الأن فقط.. ستعترف بحبه من أعماقها..
دون أن تشعر بأنها خائنة.. مُـلامة..
"أحبك.."
همست للعقيق الناري.. واغمضت عينيها.. تعيش خيالها..
***
حين يقتلنا الحنين الى ماضٍ لم نملكه في يوم.. سعادة ظننا انها تحتوينا تظللنا.. واستيقظنا لنجدها مجرد حلم تعاستنا اغتالته بلارحمة..
نهضت متثاقلة تجر قدميها الى النافذة لتطالع الشارع الغارق بالقذارة والفوضى..على الاشمئزاز وجهها حين راقبت احد المراهقين يناظرها من الرصيف المقابل ويغمز لها بوقاحة.. لتشيح عنه بعدها بزفرة حانقة ملول متعبة من كل ماحولها.. لقد سئمت هذه الحياة.. هذه العيشة المنحطة التي انغمست بها للنخاع.. كرهتها حالما تحطم الزجاج الذي كانت تشرف منه على حياة جديدة.. حلم جديد واكتشفت انه مجرد سراب لاتطاله اليد الا ليتبخر ساخراً من غباء عينيها!!
اقتربت من المرآة لتنظر لنفسها بوجه متجهم..
لقد خسرت نصف وزنها.. عظام وجنتيها غائر والهالات السوداء تحت عينيها تكاد تبدو بشعة للناظرين.. حتى عينيها بلونها العاصف اسودت وبدت فاقدة للبريق الذي لطالما ميزها.. بشرتها البيضاء اصبحت باهتة جافة وكأنها ارض جرداء..
"الى متى تقتلين نفسك نادين ويتجاهلك المـــوت بسخرية؟"
اغمضت عينيها بقوة وتجاهلت دموع ارادت شق طريقها عبر وجنتيها بقوة.. سمعت الطرقات الخافتة على باب غرفتها.. القت نظرة على الفراش حيث رقدت شقيقتها الصغرى نائمة بعمق .. ثم التقطت غطاء رأس ووضعته عليها كيفمااتفق واتجهت نحو الباب الذي يفصل حياتها الجديدة عن العالم..
فتحته لفرجة صغيرة ورأت خلفه المرأة صاحبت المنزل حيث استأجرت الغرفة:
-الى متى تنوين الاختباء بالداخل يافتاة.. لقد قارب الوقت الظهيرة ويجب ان تساعدي الفتيات في المطبخ..
اومأت بصمت وعادت تغلق الباب لتستند عليه ودموعها البائسة تنساب عليها متجاهلة قوتها.. هذا ماآل اليه وضعها.. بالكاد ببعض النقود الباقية لها استأجرت هذه الغرفة في منزل بحي حقير تتشارك مع ست فتيات اخريات مقابل اجرة زهيدة بشرط المساعدة في الاعمال المنزلية والطهو..
الفتيات كن يتقسمن الى نوعين..
فتيات جامعة جئن من الارياف .. وفتيات هجرن بيوتهن هرباً من بطش اب أو أخ مستبد..
وكانت هي النوع الثالث.. الهاربة من نفســها.!!
ارتدت ثوب منزلي طويل وربطت شعرها بقوة قبل ان تخرج لممارسة عملها اليومي مع الفتيات.. زمت ملامح وجهها متجاهلة التقارب مع الفتيات الاخريات اللاتي كن يتشاركن قصصهن بشكل واضح وبضحكات امتلئت بالمرارة احياناً و المرح في احيان اخرى..
بعدها ساعدت شقيقتها في الاغتسال والتجهيز للمدرسة..
-متى سنذهب لزيارة أمي يانادين؟؟
تسائلت الصغيرة ببرائة.. لتختنق العبرة في حلقها وتجاهلت السؤال اليومي كعادتها:
-عليكي ان تجتهدي في المدرسة ياسارة..اليوم لديك اختبار مهم ويجب ان تنالي علامات جيدة.
-حااضر.. وانت ماذا ستفعلين؟؟
تنهدت بسخرية:
-سأذهب للبحث عن عمل.. النقود التي بحوزتي قاربت على النفاذ.. هيا بنا..
التقطت الصغيرة حقيبتها وارتدت نادين نقابها واسرعتا للخارج بعد أن اغلقت الغرفة بحرص..
حاولتا جهدهما تفادي قاذورات الشارع ولكن محاولتهما لم تجنبهما تجاوز احد القذرين الذين تبعهما مطلقاً العبارات الفجة للتغزل بنادين .. والتي تشبثت بكتفي شقيقتها بحرص وحثتها على المشي.. لم يكن لديها مايكفي من المال لأخذ سيارة اجرة للمدرسة.. لذا فقد كانت الحافلة الصغيرة المكتظة هي السبيل الوحيد.. ولحسن الحظ فقد خلصتها من ذلك اللزج..
وقفت تودع اختها وحالما غابت عن عينيها حتى تنهدت بأسى.. واستدارت تبدأ مشوار طويل متعب.. للبحث عن عمل يبدو فاشلاً منذ البداية قبل ان تبدأه حتى..
-ناديـــــن..
سمعت الصوت المبحوح لتتسمر مكانها.. وتحاول تجاهل ضربات قلبها الهادرة التي صمت أذنيها ونشرت حرارة متقدة الى باقي اجزاء جسدها .. لا لا.. ليس مجدداً ياربي ارجوك..
حركت رأسها بانكار دون ان تلتفت للخلف.. حيث علمت انها ستراه.. ستراه هناك؟؟؟
-نادين انظري الي..
مناشدته التالية سببت رعدة الى اطرافها فتمسكت كفيها ببعضها بقوة وغامت عينيها بدموع حبيسة متجاهلة عد احساسها بساقيها وهي تفكر انها لابد تحلم.. ذاك الحلم الذي حطمه واقعها بقسوة..
-نادين الجميع ينظر الينا..
هتف بحدة ليخرجها من حالة الجمود التي بدت بها وتحرك ليقف قبالتها بأنفاس لاهثة لاهفة للمحة منها.. لقد انتظر منذ باكورة الصباح لرؤيتها تأتي بشقيقتها ولم يكذب الله رجاءه.. وشعر بكل دقة من دقات قلبه تصرخ باسمها حالما ظهرت امامه.. رباااه كم هي ثقيلة على روحه رؤيتها بعيدة عنه بهذا الشكل.. كم هو قاسٍ ان يراها دون ان يكون له الحق بان يناديها بحبيبتي.. او يشعر بها..رباااه ساعدني..
-ماذا تريد مني؟؟
همست مخنوقة.. الا يعرف ان رؤيته بالنسبة لها نوع من انواع العذاب؟؟ الا يدرك انها بالكاد تزيحه من عقلها وتمحو ذكراه في كل ساعة تمر في حياتها.. الا يفهم كم هو صعب عليها ان تعيش وتدرك انها قد خسرته للأبد؟؟
-يجب ان نتكلم..
تلفتت حولها باضطراب تهرب من عينيه في الاساس وتتجنب الوقوع من جديد بالشرك..
-لايجب علينا علي.. لقد انتهينا.. ارجوك دعني وشأني.
نظر اليها .. لايريد ان يزيح عينيه عنها.. لايريد ان يرمش حتى لو فعل.. سيراها بذاك الثوب الاحمر تتراقص لرجل ....
تنحنح بقوة هز رأسه بعنف يطرد الصورة المقززة ثم عاد ينظر لها.. تهرب بعينيها لاتريد ان تراه ام تخشى ماقد تراه في عينيه من احتقار ان فعلت؟؟
-الامر اكبر من هذا نادين..
حاولت النظر اليه ولم تقدر لما لايفهم ان الامر يقوف قدرتها.. ان الامر يتعدى احساسها بالخجل.. ممارآه.. مماعرفه عنها .. يتعداه كله لمشاعرها نحوه.. ومافعله ابتعاده عنها بها وبقلبها المحطم..
-لايوجد اية امور تجمع بيننا.. لاداعي لأن تأتي الي او تبحث عني..
همست بألم ليصرخ:
-لست انا من يبحث عنك.
انتفضت لصوته العالي.. وخفضت رأسها تهرب من عيون الناس التي جلدتهما بلارحمة وسط الشارع ليحتقن وجه علي.. ودون وعي يقبض على ذراعها ويجرها خلفه بحركة سريعة.. حتى وصل الى سيارته التي وضعها على مقربة من المدرسة وهتف بخشونة:
-اصعدي..
التفتت تواجهه دون النظر الى عينيه او وجهه وهتفت بخوف:
-لن اذهب معك لأي مكان..
-نادين لايصح أن نتكلم هنا..
-قلت لك ان لاشيئ يجمعنا لنتكلم عنه لم لاتفهم؟؟
هتفت بعنف وهي تنفض ذراعه الممسكة بكتفها بحرقة..
-لاتمثلي دور الضحية المكلومة معي نادين..
همس بغضب مكتوم.. لم يحرك المها الذي شق عينيها في قلبه ذرة تعاطف وقلبه يختبئ خلف عاصفة غضبه وحقده الكبير عمافعلته به..
-لاأمثل اية أدوار ياعلي.. انا فقط لااريد رؤيتك.لمالاتفهم هذا.
اقترب وهتف لاهثاً:
-صدقي او لاتصدقي.. انا ايضاً لااريد رؤيتك.. ولكنني مرغم على هذا.
تحملت كلماته الموجعة والتي طعنتها بقسوة وحاولت التركيز على ماقاله:
-من يرغمك على رؤيتي ولماذا؟؟
خفض عينيه مستغفراً يحاول ان يهدئ من عصبيته.. من حرقته من الانفعال الشديد الذي اجتاحه بلارحمه وهو يسيطر على ردة فعله امامها:
-قلت بأنني لن أتكلم هنا.. تعالي معي.
حاولت التغاضي عن ارتباكها.. عن مشاعرها وهي تستجيب لدفعة من يده لتصعد سيارته معه تجلس شبه ملاصقة للباب بعيدة عنه.. لم تكن تريد الذهاب معه ولكن.. شيئ ما.. ربما القرب منه.. القرب منه يدفعها لان تشعر بالامان رغم تاريخهما العاصف معاً..
لم يتكلم ابداً.. السيارة التي احتوتهما وبسبب الصمت شعرت بها اقرب لمساحة ملعب كرة قدم وعشرات الياردات تفرق بينهما.. !! التزم الصمت فلم تجرؤ على كسره.. لم يفعل سوى انه اتصل بشخص ما واتفقا للقاء في الحال في مقهى عائلي قريب.. قاد سيارته بسرعة وحرفية بالغة حتى وصل للمكان.. ارادت سؤاله عمن ينتظرهما هناك ولكنها لم تجرؤ.. علي كان بعيداً للغاية.. بعيداً بشكل مرعب.. أجبرها على الصمت والتراجع..
حال ترجلهما من السيارة اقترب الرجل..
تأملته بحيرة وعرفته على الفور.. كان ذلك الطبيب.. من عالج امها؟؟
عقدت حاجبيها لن تنكر خوفها.. وريبتها.. ولكن .. كانت تثق بعلي.. وتعرف انه مهما حدث فهو الى جانبها الان ولن يتركها..
-صباح الخير انستي..
قالها الطبيب بابتسامة عذبة جعلتها تخجل وهي تهرب من عينيه الغريبتين:
-صصـبااح الخير؟؟!!
ردت مهزوزة لتتسع ابتسامته يطمئنها:
-لاتقلقي انستي ادرك ان الامر يبدو مريباً وانك لابد قلقة ومتشككة ولكنني اعدك انه سيكون مفاجأة..
وتردد للحظة يبحث عن التعبير المناسب لوصف الوضع:
-مفاجأة مثيرة.. وسعيدة للغاية..
قالها بابتسامة..قبل ان يشير لها لتتقدمه نحو المقهى.. التفتت لعلي الذي كان يبدو متحفزاً.. وكأنه هو الاخر يرتاب من الوضع كله.. اليس شريكاً بهذا الامر؟؟
ابتلعت ريقها وهمست له:
-تعال معي..
نظر لها بحيرة. بتردد.. لايريد ان يتدخل.. لايريد ان يعود لمكانه في حياتها.. مكان كرهه.. واشمئز منه ولكنها لم تترك له الخيار.. لقد نظرت اليه بتلك العينين العاصفتين وهمست برجاء مخنوق بالبكاء:
-لاتتركني الان ارجوك.
زفر تردده مع الهواء واومأ موافقاً قبل ان يتحركا سوياً نحو المبنى المكون من طابق واحد واسع مطل على البحر..
***
إنّنا نشعر بالأسى على أنفسنا أحياناً ,
ليسَ لأنّنا أسأنا التصرّف ,
بل لأنّنا أحسنّا التصرّف أكثرَ من الّلازم ..
جبران خليل جبران...
.....
انتصفت شمس الصباح.. وحان الوقت لتجهز مع والدتها غداء اليوم.. كانت تنوي مغادرة غرفتها حين رأته يتجه نحوها بخطوات هادئة.. تنهدت بقلق.. هل يجب أن تسأله لم لم يقضي ليلته في جناحه مع زوجته وقضاه بدلاً عن