كاتب الموضوع :
عبير قائد
المنتدى :
سلاسل روائع عبق الرومانسية
رد: 34 - رواية "شيوخ لاتعترف بالغزل" لِ عبير قائدالفصل ال 15 & 16 واية قمة في التميز
لم تتوقف عن الارتجاف لحظة .. غطتها بكل حنان ومسدت رأسها بعطف .. وتركتها لدموعها المنهمرة بلاحساب وتسللت الى خارج المخدع حيث أخذت هاتفها وحاولت الاتصال به للمرة الألف دون فائدة ..
تنهدت بغيظ وجلست تسند ذقنها الى باطن كفها وهي تتذكر ماحدث قبل ساعات وهي تراقب ضوء الشمس الوليد ..
كانت ترتقب عودته من عند شقيقته بلهفة .. ليست مرتاحة أبداً لشراسته وهو يغادرها وتدرك انه بصدد ارتكاب جريمة حين تفاجأت بالباب يدفع بقوة وبه يدخل محملاً بشقيقته فاقدة الوعي..
تسمرت تنظر اليه بذهول وهو يتجه الى غرفة النوم حيث وضع الجوهرة برفق على الفراش وهتف بها :
-سيــادة تعالي وساعديني..
أسرعت نحوه لتشهق مرعوبة وهي ترى وجه الجوهرة وقد تورم وظهرت عليه كدمات محمرة وتئز شفتيها بالدم..
-هل ضربها ذاك المتوحش؟؟
نظر لها قحطان بفروغ صبر:
-أحضري بعض الثلج والقطن لتنظيف جروحها ..
سارعت لتنفيذ مايقول .. وسرعان ماكنت تنظف جروح المرأة التي كانت تئن بألم وتستعيد وعيها ببطئ.. في حين كان قحطان يراقب بصمت وعقله يعمل بسرعة الصاروخ.. لايصدق ان اخته سكتت لسنوات ماكان يفعله بها هذا المجرم القذر المريض.. لايصدق ان ابنة ناصر العزب تعرضت للضرب ورأسه يشم الهواء.. لايكاد يصدق..
احتقن وجهه بقهر.. ووجه لها نظرة لائمة .. لو اخبرته منذ البداية.. فقط لو قالت له او لمحت لكان استطاع حمايتها .. لكان مزق ذلك القذر بيديه كما ينوي ان يفعل الان .. تنهد بحرقة واقترب من الفراش حيث بدأت الجوهرة باستعادة وعيها وفتح عينيها متأوهة تنادي طفليها بشحوب..
-لاتقلقي ياجوهرة .. الطفلين بأمان عند فتحية..
نظرت له بذعر .. قبل أن ترفع كفيها تخفي كدمات وجهها عن عينيه الصقريتين ليهتف بحنق:
-لقد رأيت وعرفت كل شيئ.. لاداعِ لإخفاء وجهك عني ياشقيقتي..
بكت بمرارة .. وحاولت النهوض:
-انها مشكلة بسيطة قحطان .. انها شيئ تافه..
اتسعت عيناه بذهول وصاح بها:
-تاافه؟؟!!
تراجعت شاهقة وهي تواجه غضبه:
-لم يكن يعني ضربي ياقحطان .. أنا استفزيته .. انا..
-جوهـــــرة ..
هدر بغضب عارم لتنكمش باكية .. وتسارع سيادة لأخذها بين ذراعيها بسرعة وهي تهتف:
-لاتخفها قحطان .. ارجوك اتركنا الان..
نظر قحطان لزوجته التي مسدت رأس شقيقته بحنان وهي تدمدم لها بكلمات مواسية حنونة ليقول بزمجراً:
-بيننا الكثير من الكلام جوهرة .. الكثير جداً.. سكوتك عن ذاك الحيوان هو ماجعله يتمادى في جنونه ووحشيته.. ان كان يظنك دون أهل أو عزوة فقد جُنّْ.. لقد نسي من انت ومن يكون جدك واخيك.. ولكنني سأعيد له ذاكرته اليوم ..
نظرت له متضرعة وقلبها يرتجف خوفاً:
-لاتؤذيه ياقحطان.. ارجوك اخي .. هو لايعي مايفعل بي حين يكون غاضباً ..
-استغفر الله العظيـــم..
صاح قحطان بجنون جعلها تقفز لتتشبث بسيادة اكثر وقحطان يهدر:
-وتدافعين عنه أيضاً.. مالذي فعله لك؟؟ غسل دماغك.. ؟؟
-انه والد طفلي..
دافعت متحشرجة .. ليهتف باصرار:
-طفليك بعهدتي منذ الان .. أما هذا الحيوان فانسيه .. فلاشيء سيتبقى منه بعد أنتهي منه..
قالها بسرعة وهو يسرع للخارج لتندفع سيادة خلفه وهي ترق لحال الجوهرة المنهارة .. وقبل ان يغادر الغرفة توسلت له:
-توقف قحطان ارجوك..
نظر لها بحنق لتهمس:
-لاتغضب من جوجو انها بحالة نفسية سيئة.. ولاتعرف مايجب ان تفعل..
-كان عليها ان تلجئ لي.. كان عليها ان تثق بأنني لن أسكت عمايفعله ذلك القذر بها..
-اعرف اعرف.. ولكنها كانت بحالة سيئة قحطان .. تربت على منطق ان كل مايحدث خلف باب منزلها اسرار عليا ولايجوز افشاءها .. انها تعاني بسبب منطق مجتمعكم قحطان .. ليست مشكلتها وحدها..
نظر لزوجته باستياء وهو يعي ان ماتقوله صحيح ولكن بداخله يرفض مطلق أذية يمكن أن تقع على شقيقاته.. في حين واصلت سيادة بدهاء:
-أخبرني أنت مثلاً اماهو رأيك بضرب النساء؟؟
عقد حاجبيه وهتف:
-من يضرب امرأة بلاحول ولاقوة هو رجل ناقص لايستحق لقب رجل يحمله..
رفعت حاجبيها وكادت تصرخ به انه فعل معها المثل ولكنه عاد يقول بفطنة وعيناه تلمعان بحكمة:
-وأنا لاأتحدث عن تأديب الزوجات الذي أوصانا به رسولنا الكريم حين تشـز أو ترتكب معصية تستأهل معها كسر رأسها .. قال تعالى: (واللاتِي تخافونَ نُشوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ واهجُرُوهنَّ في المضاجعِ واضرِبُوهُنَّ).
عقدت حاجبيها بغيظ وهو يستخدم معلوماته الدينية التي لاتفقه فيها اي شيئ.. وشعرت بنفور من هذا الامر الرباني وظلم .. الا أن قحطان همس بحدة:
-ان الامر له الكثير من الضوابط الشرعية سيادة .. وهو جاء كأخر حل وفيه العديد من النقاشات والرسول نفسه عليه الصلاة والسلام لم يضرب امرأة ولاخادماً قط .. ليس كهذا المتوحش الذي احال شقيقتي الى وسادة ملاكمة ..
ثم تنهد وأكمل:
-ادرك خشيتها وأسبابها ولكنني لن اقف مكتوف اليدين .. وسأفعل مايتوجب علي كي أضمن ألا يكرر مافعله معها ابداً ..
ثم غادر بسرعة ومنذ ذاك الوقت وهو خارج المنزل ..
تنهدت وعادت الى غرفة نومها حيث وجدت الجوهرة تجلس ساهمة والدموع تتجمع على وجنتيها .. اقتربت منها وهمست:
-أتريدين مسكناً اخر جوجو؟؟
رفعت عينيها اليها وهمست:
-ألم يتصل بعد؟؟
هزت سيادة رأسها نافية لتتنهد الجوهرة وتغلق عينيها بوجع فتسائلت سيادة هامسة:
-مالذي تخشينه الان جوهرة ؟؟ انت بحماية شيخ العزب ..فمالذي تخشينه؟؟
نظرت لها الجوهرة بشرود قبل ان تهمس:
-أخشى القادم.. أخشى ماسيقولونه عني .. وعنه..أنت لاتعرفين قسوتهم على المرأة هنا سيادة..
أضافت بمرارة .. لتحتقن الدموع في عينيها وتواصل:
-سيتهمونني انا بأنني افشيت اسرار زواجي.. سيقولون عني انني من كنت أستفزه.. هنا اللوم كله يقع على المرأة .. في بلدتي الرجل لايخطئ.. ابداً لايخطئ..
-ولكن هذا غير صحيح.. انت ضحية ..
اعترضت سيادة بقهر.. لتضحك الجوهرة بدموعها وتهمس:
-ليس حين يخبر الجميع انني لااقوم بكل مايريده مني.. او اذا ماتهمني بالتقصير في حقوقه وحقوق طفليه.. او حتى اتهامي بابشع من هذا..
-قحطان لن يسمح له..
صاحت سيادة بثقة لتهمس الجوهرة بثقل:
-قحطان في النهاية رجل.. وهذا ابن عمه ..
-وأنت شقيقته..
صاحت سيادة مستنكرة لتسكت الجوهرة وتشيح بوجهها فابتعدت سيادة بتوتر وهي تشعر بالقلق من مجرد احتمالية صواب ماقالته.. وقلبها يغلي .. وهي ترغب بعودة قحطان بأسرع مايمكن..
....
وهناك في المخزن الذي تسربت اليه أشعة الشمس الدافئة وبددت القليل من برد الصحراء.. وقف قحطان برفقة ابناء عمومه وزوج عمته في مواجهة الحسن المثبت الى كرسي قديم وقد تهدلت كتفاه ونزفت شفتاه ورأسه من ضرب مبرح .. بالاضافة لحالته الذهنية التي تراوحت بين الهذيان وفقدان الوعي ..
وأمامه وقف قحطان يسأله ببرود:
-ألاتنوي اخباري عن عصابة الاتجار التي تعمل معها؟؟
رفع حسن جفنين ثقيلين ونظر لابن عمه ذو الصورة المهتزة وهمس:
-سيقتلونني.. سيقتلـ...
قبض قحطان على شعره المخضب بالدم والعرق وهدد:
-وأنا سأشق عنقك إلم تخبرني الان في التو.. تكلم ياحسن.. تكلم الان..
كان كله يحترق.. ماقاله ابن عمه عن تجارته وكيف استغل اسم عائلته لادخال السموم البيضاء الى البلد وكيف يتعامل مع العصابة باعتباره رسول للعائلة .. كاد يجن وهو يسمع ماكان يقوم به من افعال مشينة باسم آل العزب .. وشعر بالجنون أكثر لأن لاشيء ممافعله هذا القذر قد وصل لأسماعه .. كان عمله من السرية بحيث لم يصل لهم قط..
-قحطان دعه الان.. ربما ان تركناه في البرد والجوع والعطش سيتكلم..
تدخل احد ابناء عمومه ليبتعد قحطان عن الرجل بقرف.. ولكنه لم يتركه بل انحنى نحوه وهمس:
-والجوهرة ياحسن..
همس حسن بتوتر:
-لاشأن لك بزوجتي.. ماافعله بها وما..ااآآه..
قطع عبارته بتأوه عميق حين قبض قحطان على عنقه بعنف وضغط أكثر وهو يسمع لحشرجة الرجل وهو يصيح:
-زوجتك هي شقيقتي.. حفيدة شيخ العزب.. ولا أنت او غيرك تملك الحق بمسها بسوووء..
-انهاا.. زو..زوجتي..
تحشرج صوته وقحطان يشدد ضغطه على عنقه بوحشية هاتفاُ:
-زوجتك يعني ان تحافظ عليها .. لاأن تحاول قتلها.. أيها الحيوان القذر..انت لن ترها بعد الان ابداً.
شعت عينا حسن بالغضب والجنون وهو يصرخ:
-اياااك قحطان.. ايااااك.. لن تقدر على ابعادي عن زوجتي.. هي لاتستطيع العيش بدووني..
صفعه قحطان بقوة وهو يصرخ:
-اخرس ياجباان.. لو كنت رجلاً كفاية لمامارست قوتك على من لاحول لها ولاقوة .. ايها القذر اللئيم.
ثار جنون حسن وبدأ يحاول النهوض من الكرسي المثبت ارضاً وهو ينتفض محاولاً فك قيوده:
-انت هو السبب.. انت سبب كل الخرااب..
ضاقت عينا قحطان وهو يشعر بالغضب الهادي .. غضب مزقه من كل مكان.. هذا الرجل لن يهدأ حتى يثير فيه كل عصب .. كان عليه أن ينتهي من المسألة حتى يعود الى منزله .. لقد حل الصباح ويجب ان يخبر جده بكل ماحدث.. ولكن قلبه لم يكن قد بردت حرته بعد .. لذا وبكل قسوة اندفع نحو حسن وحرر يده اليمنى بغلظة وهو يصيح:
-هذه يدك التي كنت تضرب بها اختي ياحسن أليس كذلك..؟؟
اتسعت عينا الحسن وهو يحاول جذب ذراعه بضعف من قبضة قحطان القوية والتي اندفع اثنين من ابناء عمومته لمساعدته وتثبيت الذراع وفرد كفها على طاولة قريبة في حين كان قحطان يتناول مطرقة حجرية ضخمة ..
-مالذي تنوي فعله ياقحطاان.. توقف قحطااااان..
صرخ بهلع وعينااه تتسعان بذعر وقحطان يدمدم ببرود قاتل:
-حتى لاترتفع يدك على امرأة قط بعد الان أيها الناقص..
وبكل قوة هوى بالمطرقة .. وتردد صوت الصراخ .. عويل مزق صمت الصباح .. مزقه الى اشلاااء..!!
***
***
أمر الشارع المرأة بطاعة زوجها في كل ما يتعلق بعقد النكاح من حقوق، وجعل المرأة التي تُطيع زوجها في ذلك من خير النساء، فروي عن عبد الله بن سلام أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "خير النساء مَن تسرُّك إذا أبصرتَ، وتُطيعك إذا أمرتَ، وتحفظُ غَيْبتَك في نفسها ومالك"، إلا أنه قد يظهر من المرأة عدم اكتراث بحقوق زوجها عليها، فتضرِب بهذه الحقوق عُرْض الحائط، كأن تُسافر بدون إذنه، أو تعصي أمره، أو تُدخل في بيته مَن يكره، أو لا تحفظ ماله، أو تحتدُّ عليه في الحديث، أو تتعمَّد إهانته والإساءة إليه، ونحو ذلك، ففي هذه الحالة حرص الشارع على ألا يتفاقَم الخلاف بين الزوجين إلى الحدِّ الذي تستحيل معه المعاشرة بينهما .فأرشد مَن له القِوامة على هذه الأسرة، إلى ما ينبغي أن يكون بحفظ كيانها من التصدُّع أو الانهيار، وذلك بأن يعظ زوجتَه بالحسنى، فيُذَكِّرها بحقوقه عليها، وما ينبغي أن تكون عليه العلاقة بين الزوجين، وهذه العِظَة هي أُولَى درَجات التأليف بين الزوجين، تتلوها درجتان أشد منها يتبعهما الزوج إذا دعت إليهما ضرورة الحِفاظ على كِيان الأسرة، وأكثر النساء اللاتي أظهرن عدم الاكتراث بحقوق أزواجهن، تكفيهن هذه الموعظة للعدول عما انطوت من هذه الاستهانة.إلا أن بعض النساء قد يستمرِئْن هذه الاستهانة بحقوق أزواجهن، وتُلقَى عليهن الموعظة فلا تجد منهن إلا آذانًا مُعرِضة نافرة، ونفوسًا ساخطة، وفي هذه الحالة لا تجدي موعظة، فكان لا بد من الالتجاء إلى وسيلة أخرى لحفظ بُنيان الأسرة من التصدُّع أو الانهيار، وهو إعراض الزوج عن زوجته، بأن يستدبِرَها في الفراش، حتى تستشعر عِظَم ما أهدرته من حقوقه عليها، وغالبًا ما تأتي هذه الوسيلة بالمقصود منها، خاصة مع ذوات الطِّباع الحادَّة، اللاتي يؤذيهن هذا الإعراض، وليس في هذه الوسيلة أو سابقتها امتهان لكرامة المرأة أو تحقير من شأنها، كما أنه ليس فيها عُنف أو تعنيف. وهناك وسيلة ثالثة هي أشدُّها وأقساها على النفس، قد يضطر الزوج إلى استعمالها عند الضرورة إليها، وهي الضرب غير المُبَرِّح، الذي لا يكسر عظمًا ولا يدمي جلدًا، ولا يُسَبِّب عاهة، وهذه الوسيلة، وإن كانت مشروعة بنصوص الكتاب والسنَّة، إلا أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حضَّ على عدم استعمالها، فروي عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: "وخيرُكم لا يَضرِب" ورُوي عبد الله بن زمعة عنه قوله: "لا يَجلِد أحدُكم امرأتَه جلد العبد، ثم يُجامعها في آخرِ اليوم"، وروي عن عائشة قالت: "ما ضرب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ امرأة له ولا خادمًا قط"، وهذا دليل على أفضلية عدم ضرب الزوج زوجته عند خوف نُشوزها .ومما يدل على مشروعية استعمال الوسائل السابقة قول الله، تعالى: (واللاتِي تخافونَ نُشوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ واهجُرُوهنَّ في المضاجعِ واضرِبُوهُنَّ) وما رواه معاوية بن حيدة عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من قوله: "حق المرأة على الزوج أن يُطعِمَها إذا طَعِم، ويكسوَها إذا اكتسى ولا يضرب الوجه ولا يُقَبِّح، ولا يهجُر إلا في البيت" وروَى عمرو بن الأحوص عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: "استوصُوا بالنساء خيرًا؛ فإنما هن عندكم عوانٌ، ليس تملكون منهن شيئًا غير ذلك، إلا أن يأتين بفاحشة مُبَيَّنة، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربًا غير مُبَرِّح ".
|