السلام عليكم
حيااكم ياارب يعجبكم .. واعذروني عالتقصير ^_^
شيوخ لاتعترف بالغزل
الفصل الرابع عشر
***
من أنت من رماك في طريقي؟
من حرك المياه في جذوري؟
وكانَ قلبي قبل أن تلوحي
مقبرة ميتة من الزهور
مشكلتي لست أدري
حداً لأفكاري ولاشعوري
أضعتُ تاريخي, وأنت مثلي
بغير تاريخٍ ولامصيرِ..
محبتي نارٌ فلاتُجّنِّي
لاتفتحي نوافـذ السعيرَ
شفتانِ معصيتانِ .. أصفحُ عنهما
مادام يرشح منهما الياقوتُ
إن الشفاة الصــابراتِ أُحبـها
ينهار فوق عقيقها الجبروتَ
كرزُ الحديقةِ عندنا متفتحٌ
قبلتهُ في جرحهِ ونسيتُ
شفتان للتدمير يالي منهما
بهما سعدتُ وألاف ألفٍ شقيتْ
شفتان مقبرتان شقهما الهوى
في كل شطرٍ أحمرٍ تابوتُ
نزار
***
ترددت في ذهنه العبارات الغريبة ..
زوجة؟؟ له هو ؟؟ رفع عينيه بحدة لصديقه الذي ناظره بذهول .. هل يسخر منه؟؟ بالتأكيد يسخر منه .. زوجة؟؟ كرر لنفسه بذهول .. هو لم يتزوج .. لا لم يفعل ؟؟
-مالذي تقوله؟؟
همس بحشرجة .. ثم أضاف لصديقه المشوش أكثر منه:
-زوجة من ؟؟ عمن تتكلم؟؟
-يالهي قحطااان ..
هتف عمرو بتوتر ثم اقترب اكثر ينظر في عينيه:
-اسمعني جيداً .. هل تتذكر أي شيء حدث في الاسابيع الماضية؟؟
ضاقت عينا قحطان وتراجع يهتف بحنق:
-ماذا تعني بالاسابيع الماضية ..؟؟ اية اسابيع؟؟
مسد عمرو عنقه بتوتر ثم هتف:
-هل تخبرني انك لاتتذكر زوجتك ؟؟ لاتعرف عن زواجك ولاتتذكر ماحدث؟؟
عقد قحطان حاجبيه بقوة .. عصبية وغضب تملكاه جعلتاه يغمض عينيه بقوة وهو يتوعد رفيقه الذي يصر على أن يختبر صبره بلاتوقف:
-عمرو توقف عن اساليبك الملتوية واخبرني بالله عليك أنك تمزح..
هتف عمرو بحنق:
-كنت أتمنى أن أكون مازحاً ياقحطان ولكنها الحقيقة انت متزوج منذ مايقارب الشهرين ؟؟
-شهرين؟؟؟
اتسعت عيناه بذهول ..
شهرين كاملين ولايقدر على تذكر اية لمحة من تلك الزوجة المزعومة ... كيف له هذا؟؟ كيف حدث ولما؟...
نظر لعمرو بانفاس متلاحقة وهمس بحشرجة:
-سيادة ؟؟ هناك سيادة واحدة فقط في عائلتي .. ابنة العم سالم..!!
قالها ونظرة وحشية تطل من عينيه ليومئ عمرو بالموافقة فتشتعل لتشمله كله .. كان جسده ينتفض وبقوة .. تزوج ابنة سالم ؟؟؟ العم الغارق في ملذاته في الغربة ؟؟ العم الذي حطم تقاليد عائلته ورماها خلف ظهره .. العم الذي ترك عائلته وركض خلف اجنبية لامن دينه ولامن ملته فقط لاتباع غرائزه ومايسميه عشق؟؟!!
كيف تزوجها ؟؟؟ بأي قوة فعلها؟؟ مستحيل ان يتزوجها بارادته .. ليس هو؟؟
نظر لصديقه وهمس بغيظ بالكاد حاول احتوائه:
-كيف تزوجتها؟؟ لماذا؟؟
نظر له عمرو بحذر .. كيف له ان يقول له مالايعرفه؟؟ قحطان لم يفصح يوماً عن اسباب زواجه الغريبة بابنة عمه رغم يقين عمرو من وجودها ولكنه لايقدر على قول شيء .. ليس بعد ماقرأ ماكتبته تلك المراة ؟؟
-لاأعرف؟؟
قالها بتوتر.. لتشع عينا قحطان وعمرو يكمل بعصبية:
-انها ابنة عمك فلماتسألني انا؟؟
عقد قحطان حاجبيه وعاد يسند رأسه للوسائد خلفه .. ليقترب منه عمرو ويهمس:
-أخبرني ماتتذكر .. أخر شيء..
رمش قحطان بعينيه لعدة لحظات قبل ان يهمس:
-كل شيء مشوش .. اتذكركم بوضوح .. وماحدث حتى سفرنا انا والشيخ الى باريس .. كل شيء بعدها مشوش..
قالها بقهر ليربت عمرو على كتفه ويقول بتفهم:
-سأستدعي الطبيب .. قد يفسر لنا الامر..
قالها ونهض بسرعة ليتوقف ناظراً لقبضة قحطان القوية على ذراعه فنظر له باستغراب ليهتف قحطان معترضاً:
-لاأريد لأحد أن يعرف..
-ولكن ..
حاول عمرو الاعتراض لينهره قحطان بعنف:
-لاأحد ياعمرو .. أتفهم .. لاأريد أن يعرف أحد..
تراجع عمرو .. لايستطيع ان يعترض فهو خير من يعرف صديقه .. ويدرك جيداً ان اعترافه بالعجز ولو بشيء لايد له فيه لم يكن من شيمه ابداً.. كان عنيداً كالصخر .. صلباً كالحجارة صلداً مثلها.. عاد ليجلس وهمس :
-وماذا تنوي ان تقول لهم؟؟
استرخى قحطان في فراشه وهمس:
-سأجد حلاً ما .. لاتقلق بشأني..
اومأ عمرو بيأس .. كان يحاول ان يفكر بشيء يخبره .. يفسر له عدم تواجد زوجته .. ضغط بقوة على شفتيه وهم بأن يصارحه ولكنه لم يقدر ... لقد تحجرت الكلمات في فمه ولم يتفوه بحرف ..
وكأنما وصلت افكاره لصديقه دون حجاب فقد اعتدل قحطان فجأة وتسائل بخشونة:
-هل كانت معي وقت اصابتي؟؟
شحب وجه عمرو .. للحظة فقط وعاد يسيطر عليه بقوة وهو يتحكم بنبرة صوته .. ويحاول ان يبرر له .. الا ان قحطان نظر له بحدة وتسائل:
-قلت بأنها لم تكن في المنزل وانكم بحثتم عنها ولم تجدونها ؟؟
تباً .. تباً ..
صرخت ذاته وهو يناظر صديقه بسخط .. نسي كل شيء وتذكر جملته العفوية الخرقاء.. فكر بسرعة عمايجب قوله .. فكر للحظات سريعة قبل ان يسارع بالقول:
-لاتقلق لقد عرفنا فيمابعد انها سافرت لباريس..
عقد قحطان حاجبيه وغمغم بتوتر:
-كيف؟؟ تسافر وحدها؟؟
تسائل بخشونة ليسرع عمرو بالتغطية:
-انت سمحت لها قحطان امها مريضة وحالتها خطرة وكان يجب ان تسافر في حين انك لم تقدر على الذهاب معها..
عقد قحطان حاجبيه وهو لايقدر على استيعاب مايقول صديقه .. وعاوده الصداع وبقوة .. حينها سمعا الباب يفتح ويدخل احد الممرضين ليضع له المسكن .. وفي حين نظر له عمرو همس له قحطان:
-اريد ان اعرف من فعلها ياعمرو..
اومأ له صديقه ليعاود همسه:
-بأسرع وقت .. اريده حياً ياعمرو..
اضطربت عينا عمرو للحظة قبل ان يؤكد لرفيقه انه سيفعل مابوسعه .. ويتركه ..
اما قحطان فقد بقي يقوم بحماقة تأثير المسكنات .. كان رأسه يؤلمه والاغراء للاستسلام للنوم فوق مايتصور .. ولكن .. صورة واحدة ظلت تسيطر على عينيه ورأسه .. صورة تجسدت بزمردتين تحترقان وسط نار مستعرة .. تشبثت الصورة بعقله وعينيه .. تشبثت بحماقة وابت ان تفكه .. حتى وهو يغرق في نعاس مستسلم وكأنها غيبوبة جديدة سيطرت عليه كلياً ...
***
وحين أعود مساء إلى غرفتي
وأنزع عن كتفي الرداء
أحس - وما أنت في غرفتي -
بأن يديك
تلفان في رحمة مرفقي
وأبقي لأعبد يا مرهقي
مكان أصابعك الدافئات
على كم فستاني الأزرق ..
وأبكي .. وأبكي .. بغير انقطاع
كأن ذراعي ليست ذراعي
نزار~~
***
استيقظت فجأة ..
فتحت عينيها دون مقدمات.. اعتدلت على الفراش تشعر وكأنما يد باردة اعتصرت قلبها ... منذ جائت الى هنا لم تنم .. منذ ثلاثة أيام وهي تقاوم ذلك الضعف الانساني وتأبى أن تغمض عينيها .. حتى البارحة .. لقد وقعت فاقدة الوعي ان صح التعبير..
نهضت بسرعة وارتمت على النافذة .. الريف الغارق ببرودة الصباح .. تنهدت .. بقوة ..
كتفت ذراعيها حولها.. ومضت تنظر للأفق .. ستشرق الشمس ..
ستكون باردة .. هامدة .. ستكون شمس دون حرارة او ألق.. مجرد قرص ينير الأرض بلادفئ حقيقي..
فتحت الباب الزجاجي الذي يؤدي للشرفة وتقدمت تجلس على حافتها الحجرية المنخفضـة .. تدلت ساقيها واستندت على الحافة بيديها .. كالأطفال رفعت وجهها يستقبل الشمس واغلقت عينيها .. شعرها الحريري يتطاير حولها .. كجزء من اشعتها .. أحمر كالنار المستعرة .. فتحت عينيها وهي تستشعر الاشعة المخملية تلامس وجنتيها .. تشتاق اليه .. تصاعد حنينها كثعبان خبيث التف حول عضلات قلبها واعتصره ببطئ.. ينزف المه وشوقه .. تركها تصدر انيناً ملؤه الشوق والفقــد .. !!
أيعقل أن تدمن شيئاً منذ التجربة الاولى ..!!
هي فعلت .. لم تنل من حنانه الا الشيء اليسير .. ولمرة فقط .. ولكنها أدمنته .. حد الثمالة .. تتقلب احشائها شوقاً اليــه .. توقاً للعودة الى ذاك الدفئ .. الى تلك القوة .. تريد ان تنظر في عينيه مجدداً .. تحتمي بذراعيه وتستند الى قوته .. اشتاقت صوته .. نبرته الخشنة .. كلماته القوية وبدويته التي أطارت بصوابها .. هل أخطأت حين رحلت؟؟ سؤال لن تعرف اجابته الا اذا فتحت قلبها لنفسها بكل شفافية .. تؤمن انها فعلت الصواب وأنها نجت بنفسها ولكن .. ؟؟ مما نجت بالضبط ؟؟ منه ؟؟ أم من حبه الذي بدأ يسيطر عليها وهي مستسلمة بلاحول ولاقوة؟؟
لاتعرف كيف سمحت له بالنفاذ اليها بتلك الطريقة.. سيطر بكلية على دقات قلبها واستولى على روحها بلاجهد؟؟ في طريقها لتكرهه .. لتكره حياتها معه .. هاهي تحبه .. وتتشوق للعودة اليه ..
أغمضت عينيها بقوة .. ضربتها النسمات الباردة .. ولم تنقذها الشمس الخجول من لسعة البرد القارص في اولى ساعات الصباح .. اااه كم تتوق ان يكون هنا .. الى جوارها فتركض اليه .. ترتمي بين ذراعيه,,, تتخلص من قرصة البرد التي تنخر في عظامها بين يديه ..
تنهدت .. وعادت تنظر للأفق حيث الجبال المغطاة بالثلوج .. قممها بيضاء تشي بشتاء قارص قادم في الطريق ..
-سيــادة ..
انتفضت وتشبثتت بالحجر القاسي وهي تلتفت الى صديقتها التي ركضت نحوها متسائلة بجزع:
-هل أنت بخير مالذي تنوينه يامجنونة؟؟
اتسعت عينا سيادة وهي تضحك رغماً عنها:
-يالهي ريمي لاتقلقي لن اقفز من شرفتك ابداً ..
تنهدت ريمي بارتياح واقتربت تمسد كتفيها هامسة:
-ومالذي تفعلينه بالخارج في هذا البرد .. هكذا؟؟
مشيرة الى ماترتدي من قميص قطني ناعم بلاكمين وسروال من القماش نفسه يصل لركبتيها .. فسرحت سيادة بعينيها وهمست:
-لاشيء يضاهي البرد الذي اشعره بعيدة عنه..
نظرت لها ريمي بحزن دفين .. وهي تشعر بكل كلمة تجلدها ..
-لماهربت منه اذن؟؟ متى ستتعلمين ان تقفي وتواجهي ياسيادة.. أن تدافعي عماهو لك؟؟
تنهدت الفتاة بحرقة وهمست :
-هو يكرهني؟؟ يظن بي كل سوء.. ويعتبرني هم ثقيل يحمله على كتفيه..والان بعد هروبي منه وتلك الرسالة اعتقد بأنه يكرهني ولايريد سوى قتلي.
-انت لاتعنين ماقلته للتو .. أليس كذلك ..؟؟
همست ريمي بتوجس لتختنق المشاعر في اعماقها وتشرد ببصرها بعيداً .. كم تتوق لتخبرها بكل شيء ولكنها لاتقدر .. لاتقدر ان تزيد همومها .. نظرت لها وقالت:
-يجب أن اتصل بأمـي .. لابد انها ستكون قلقة ..
-هل تظنينها مستيقظة في هذه الساعة ..
-اعرف امي .. هي لاتنم حتى انتصاف النهار ..
-اذا خابريها .. حتى لاتقلق..
تنهدت سيادة وقفزت عن الشرفة تتجه للهاتف .. اغمضت عينيها وهي تضمه اليها وهي تعدد الكلمات التي ستقولها لأمها .. ستلقي التحيــة .. وتطمئنها عنها فقط .. وتصر على البقاء بعيداً لفترة ..
لاشيء اخــر..
سمعت الرنين الطويل .. وبعد فترة تهادى لها صوت امها الناعس:
-صباح الخير ماما..
همست بتوتر .. لتسمع صرخة امها المرتاحة وهي تقول:
-سيــادة .. بنيتي حمداً لله .. كيف حالك حبيبتي..؟؟
تنهدت سيادة وشعرت بغصة تملئها وهي تهمس:
-بخير لاتقلقي علي...
-أين أنت حبيبتي.. ؟؟ أين ذهبت؟؟
-اغمضت عينيها وهمست:
-انا بخير لاتقلقي بشأني.. كل ماأردته ان أخبرك بهذا أمي..
-انا وعزيز لم نتوقف لحظة عن البحث عنك؟؟ اين ذهبت حبيبتي؟؟
تنهدت بضيق وصرخت بعصبية:
-امييي .. لاشأن لعبدالعزيز بمكاني ارجوك اخبريه بهذا .. لقد انتهيت منه..
زفرت امها بضيق وصاحت:
-مالهراء الذي تتفوهين به؟.. عزيز فعل المستحيل من أجلك .. وهو يحبك ويعبدالتراب الذي تسيرين عليه .. لايصح ان ؟....
-امييييي...
قاطعتها بعنف .. لتصمت امها بذهول وسيادة تحاول السيطرة على اعصابها التي اشتعلت بقهر وهي تصرخ:
-انا لم اعد اريده .. ألاتفهمين .. انا لم اعد احبه وهو لايهمني ابداً..
-بعد كل مافعله من أجلك ؟؟
تسائلت امها بدهشة .. لتضحك سيادة بمرارة: