كاتب الموضوع :
عبير قائد
المنتدى :
سلاسل روائع عبق الرومانسية
رد: 34 - رواية "شيوخ لاتعترف بالغزل" لِ عبير قائد الفصل العاشر رواية قمة في التميز
نظر لها بتوتر .. يكاد يقتلها .. وتتنازعه شفقة وهو يراها مرمية على الفراش بذاك الشكل الذي جعل قلبه يلتوي بطريقة غريبة حتى عنه هو شخصياَ.. تقدم دون تفكير .. رفع ساقيها الى الفراش برفق .. عدل الوسائد تحت رأسها لتواجهه عينيها الذاهلتين ..
-شكراً لك..
همست مخنوقة ليتراجع .. خرج كلياً من الغرفة واغلق الباب خلفه وهو يدعك وجهه بقوة .. منذ متى الضعف ياشيخ؟؟!! فكر بسخرية .. منذ متى ؟؟.. منذ تعرف اليها.. منذ دخلت حياته كإعصار وبعثرت أجندته ومزقت تفاصيله قبلها ..
جلس بفتور ينظر للفراغ امامه .. لما يشعر بالهدوء الأن .. وكأنه عرف حقيقة ذلك الحمل من عينيها.. كانت صادقة ؟؟ فكر بدهشة.. كانت صادقة وهو أدرك ذلك حالما نظر اليها.. تأفف بضيق واستند برأسه الى ذراعيه ,., لو كانت صادقة في دفاعها هذا فهل هي صادقة بكل شيء سواه ؟؟!!
اعتدل بحنق وهو يفكر .. لا .. انها مجرد ممثلة .. تجيد اكتساب الجمهور حين تريد.. ربما .. ربما هي مريضة فعلاً؟؟!!
طرقات متتالية على الباب أخرجته من شروده .. فتحه ليجد والدته تحمل صينية ضخمة عليها اطباق عديدة وهي تهمس:
-أحضرت لك العشاء.. لقد لاحظت سفرة طعامك الغريبة ..
قالتها بمرح غريب عليها وهو يتلقف منها الصينية ويضعها على الطاولة بجواره متنشقاً رائحتها الشهية .. وهو يكتشف جوعه القوي :
-شكراً لك أمااه ..
قالها وهو يقبل رأسها بحنو لتبتسم بفرح وهي تربت على كتفه:
-بارك فيك ياولدي .. انا لاأستطيع ان أصدق ..
رأى الدموع تتألق في عينيها فعبس بتوتر وهمس:
-امي لاتتأملي كثيراً ..
نظرت له بقلق فتنهد مضيفاً بحزم:
-قد تكون الممرضة مخطئة .. لاأعتقد ان سيادة حامل..
نظرت له أمه بصدمة قبل ان تهمس:
-ماذا قلت؟؟ ولكن.. ولكن لماذا؟؟
احاط كتفيها بذراعه وهمس رفيقاً بها:
-انا لااقول بأني متأكد .. ولكنه احتمال امي ولذا أريدك ان تكوني متوقعة لهذا.. غداً سآخذها للمدينة لاجراء الفحوصات اللازمة .. وسنتأكد..
-نعم بالطبع ولكنني واثقة من حملها..
همست أمه بثقة لينظر لها مشفقاً وهو يومئ برأسه بصمت لتسأله:
-لاتنسى ان تطعمها جيداً بني.. يجب أن تأكل لقد أصبحت الفتاة مجرد خيال لم اصدق حين رأيتها.
نظر لها بحدة وهو يرافقها للخارج ..
اغلق الباب واستند عليه..أصبحت حقاً كالخيال.. مجرد امراة شاحبة وقد اختفى كل ذلك السحر والبهااء..اختفى كأن لم يكن.. تنهد وتقدم الى الغرفة حيث كانت قد اخفضت النور وبدا وكأنها تغط في نومها .. همس باسمها .. وللحظات لم ترد..
ولكنه شعر بحركة خفيفة تحت الأغطية فهمس بتوتر:
-تعالي لنأكل..
صمتت للحظات قبل أن تهمس:
-لاأشعر بالجوع..
قبض اصابعه بقوة لصوتها المخنوق وعرف انها كانت تبكي..
اقترب منها وقبض على كتفها بقوة وهو يقول:
-انهضي وتناولي الطعام .. جائت به امي وسيعجبك..
مسحت دموعها بقوة وهي تشعر بالحرارة تجتاحها للمسة يده عليها وهتفت :
-لا اريــد ..
-سيادة انهض والا أجبرتك ..
صاح بعصبية لتتكور على نفسها بقوة وهي تبكي بعنف .. !! هزه بكاءها .. للعمق ..
جلس يجاورها على الفراش وهو يهمس لها:
-توقفي عن هذه الدموع .. لما تبكين الأن؟؟
-لأنني متعبة ..
همست .. تغالب دموعها التي استرسلت على وجنتيها دون توقف منذ سمعت صوته .. ولاتعرف السبب والأن بقربه هذا .. تجتاحها حرارة .. وتشوش يغرق فكرها ولاتعرف السبب .. سمعته يتنهد وبكل قوة .. وحنان فائق يديرها لتواجه عينيه الغارقتين في الظلام:
-أعرف بأنك متعبة ياسيـادة .. ولكن يجب ان تأكلي.. والطعام شهي للغاية .. وهو ساخن ..
همس يغريها لتتوقف دموعها تلقائياً وهي تنظر لوجهه .. وتتوه في تفاصيل رجولته الخشنة التي سببت تعثر دقات قلبها وهو يقبض على كتفيها بقوة ويجبرها تقريباً على الجلوس ومواجهته ..نظر لوجهها المبلل بالدموع ودون ان يقاوم بأطراف اصابعه مسح بقايا الدموع وهو يرى نظرتها الذاهلة هامساً:
-سأستحم وأغير ملابسي .. وأريدك ان تشاركيني العشاء.. انها وصية امي..
ضاقت عينيها بشك تهمس:
-ألم تضع لي سماً أو ماشابه..
اتسعت عيناه بدهشة للحظة قبل أن يقهقه عالياً .. لتتسمر هي متفرسة في ملامح وجهه التي شعت برحابة وبدت مغايرة لمايبدو عليه من قسوة وظلام حين يغضب ..
-لاتقلقي سآكل من كل طبق قبل أن تفعلي أنت .. والأن هيا..
نهض يرفعها معه .. كدمية تناظره بذهول ولاتقوى على مواجهة الرجل الغريب الذي كاد قبل لحظات أن يقتلها .. قادها للطاولة مستندة اليـه .. قبل أن يتراجع الى الحمام ..
تأملت الطعام .. وفكرت.. أي رجل هو هذا؟؟ تشوش ذهنها بقوة ولم تعد تستطيع الفهم؟؟ يربكها حتى العظم!! تصاعدت لها رائحة الطعام الشهية لتصرخ معدتها باعتراض على حرمانها من الطعام لوقت طويل .. فتأوهت وهي تبدأ بتناول الخبز الساخن .. بلهفة جائعة .. وتتجرع من الشاي الدافئ..
حين خرج من حمامه وضع عليه بيجامته واحاط عنقه بمنشفة صغيرة يجفف بها شعره .. وتوقف بابتسامة ينظر لها .. كانت تأكل .. وبشهية لم يرها فيها من قبل.. مست شغاف قلبه .. رغم انكاره وهزه لكتفيه بحنق وهو يقترب متنحنحاً مما سبب اجفالها وتوقفها وهي تنظر له ..
جلس قبالتها وقال بسخرية:
-هل أبقيتي لي شيئاً؟؟
احمرت بخجل وتراجعت في مقعدها ليسارع بالقبض على معصمها هامساً بقوة:
-كنت امزح ياسيــادة ..
خفضت عينيها ليبتسم رغماً عنه ..
تباً لها .. فكر بحيرة .. تقلبه من وضع لآخر .. لايكاد يرسى معها على بر ابداً ..
وهي بالمثل .. تشعر بالاختناق لتواجده قربها .. ولكنها لم تكن غاضبة او متألمة .. بالعكس.. نظرته الثاقبة تلك عليها تثير فيها دفئاً لايوصف.. دفئ غريب يشع من عينيه ويحيطها كلياً .. رغم قسوته فهو لم يقدر على ان يراها متعبة .. متألمة .. لقد مسح دموعها بحق الله..
فكرت بخجل ..
-أنا أصدقك..
همس بتوتر وهو يبتلع مافي فمه من طعام لتنظر له بدهشة .. فأضاف بنبرة هادئة تخفي مابداخله:
-أنا أصدق ماقلته بشأن الحمل..
شعت عينيها بأمل ليضيف:
-ولكننا سنجري الفحوصات كاملة .. حتى نعرف سبب اغمائك وارهاقك المتواصل في الايام الأخيرة.
نظرت له باندهاش للحظات .. رأت تقطيبة حاجبيه وصرامة فكه .. ثم ابتسمت بتلقائية.. لم يعهدها في عينيها قط .. ليبتسم مخفياً ابتسامته في كوب شاي .. فقط للغد .. فكرت بمرارة.. تريد الاحتفاظ بهذا السلام فقط للغد..
***
-ناديــن .. !! الى اين أنت ذاهبة؟؟
ابتعدت نادين عن المرآة تنظر لزينة وجهها المتقنة وجمالها الناعم هامسة:
-سأذهب لزيارة صديقة؟؟
ضحكت خالتها:
-في هذه الساعة؟؟
ابتسمت نادين بخفة واكملت ارتداء عبائتها وطرحتها ونقابها وهي تخرج لتقابلها أمها هاتفة بحنق:
-ألن تذهب للموعد الذي حددته لك؟؟
ارتسم البرود في عينيها وهمست:
-لا أمي .. لن أذهب وقد أخبرتك بهذا قبلاً...
حركت امها رأسها بنفاذ صبر وبدأت بالصراخ لتتجاهلها نادين وتنهي ارتداء حذائها دو الكعب العالي.. ووبحركة من كفها ودعت المرأتين للخارج ..
تعرف انه الليــلة هناك في المشفى .. وهي لن تفوت الفرصة لتراه .. لقد اشتاقت اليه .. لأيام طويـلة مرت لم تره واكتفت بسماع صوته الرزين والذي أصبح يذيب أوصالها على الهاتف فقط .. تنهدت وهي تغادر المنزل بخطوات مسرعة .. ستأخذ سيارة أجرة وتعود بواحدة ولذا فهي لن تتأخر كثيراً ..كان الشارع ساكناً وقد تجاوزت الساعة الثامنة مساءاً..
وقفت على حافة الطريق تنتظر مرور السيارات حين شعرت بتلك الحركة الغريبة خلفها ..
التفتت بسرعة لتتسع عينيها برعب وتتراجع وهي ترى الرجل التي هربت منه لأسابيع يقف مواجهاً لها بشراسة .. ارادت أن تصرخ .. ان تركض عائدة للبيت حيث خرجت ولكنه كان أسرع منها ..
أحاطت ذراعه بوسطها بقوة وامتدت الأخرى تحيط بفمها تمنع عنها الصراخ والاستجداء .. في حين رفعها عن الارض وتراجع بها للخلف مستغلاً خلو الشارع من المارة ..
لم تصدق .. حاولت الافلات منه .. حاولت التراجع والهرب ولكنها لم تقدر .. كان أقوى وأكثر شراسة .. حاولت الهروب ولكنها لم تجني سوى ازدياد القسوة في قبضته وتلك الحشرجة المكتومة من صوته وهو يأمرها بالصمت والا كسر عنقها ..!!
تملكها الهلع .. امتدت يديها ورجليها ترفسانه بلا توقف تحاولان الوصول الى شيء تتمسك به حتى لايجرها معه ولكن هيهات .. الرجل كان قوياً .. وبعنف رمى بها الى سيارة فان متوقفة قريباً منها .. ليرتطم رأسها بالمقعد بالجهة المقابلة ويهاجمها الدوار.. لقوة الضربة قبل أن تشعر بثقل جسمه عليها وهو ينتزع عنها نقابها بعنف لتشهق بألم وهو يقبض على فكها بأصابعه بعنف ويهمس لها بصوت خافت به فحيح:
-أخيراً التقينا مجدداً أيتها الجميلة..
اتسعت عينيها بذعر وحاولت التخلص من ثقله عنها متخبطة تحت ثقله لتكتشف برعب انها مثبتة بلاحول ولاقوة لتشع عينيها بالشراسة تنافس الهلع وتصيح:
-اتركني ايها الوغد .. دعنيييييي..
شعرت بالصفعة الأولى تنزل على صفحة وجهها بقسوة لتسكتها من غير شهقة الم غادرتها وهي تسمعه يصيح بخفوت:
-اصمتي.. اصمتي والا قتلتك في الحال ..
حينها شعرت بنصل السكين يلامس عنقها لتشهق بوجع وهو يضع كفه الكبيرة على فمها ويضغط بقوة مجبراً اياها على الصميت وهو يقترب بوجهه منها لتلامسها انفاسه الوضيعة المقززة :
-ستصمتين نهائياً يانادين .. لقد انتظرت هذه اللحظة طويلاً ...
وضحك مثيراً اشمئزازها ويده تجول بحرية على عنقها ومقدمة صدرها لتهمس باستجداء:
-اتركني.. ارجوك ..
اقترب بوجهه منها هامساً:
-لاتطلبي مني هذا ابداً .. لقد صبرت طويلاً وحان وقتنا معاُ..
شعرت بالغثيان يصيبها وهو يلامسها لتشهق حين شعرت به يرفع عبائتها عنها بسرعة لتحرك ساقيها بعنف وهي تحاول التخلص منه الا انه شدد ضغط السكين على عنقها حتى كادت تقطع لحمها الطري وهي تصرخ متألمة ..ليصيح بها:
-توقفي عن المقاومة ..
-دعني ايها المجنووووووون ..
صاحت برعب حقيقي ليهتف بعنف:
-توقفي نادين .. لن تحرميني ماكنت ستقدمينه للتو لغيري..
-ايها الحقير السافل..
صاحت بألم ليضحك وهو يقترب منها هامساً:
-ألسنا كلنا كذلك ..
فكرت بجنون انها لن تستطيع مقاومته .. كان اضخم منها بكثير.. والصمت حولها يدل على عدم وجود أحد حولها قد ينقذها .. حاولت التفكير بطريقة تخلصها مما هي فيه .. لتبزغ في عقلها فكرة سريعة فصاحت بقهر:
-على الاقل موعدي كان يعدني بعشاء فخم وغرفة لائقة وليس مكان قذر كسيارة قديمة متهالكة على مرمى البصر...
نظر لها بتوتر وهمس:
-وهل ستأتين معي ..؟؟
تحملت نظرته الجشعة وهمست:
-انت أو غيرك .. سواء عندي .. فكر بانها ليلة كاملة .. وبكامل رضاي..
التهبت عيناه برغبة عارمة لما تعده به .. جعلتها تشعر بالغثيان .. وهو يسألها:
-الن تهربي مني؟؟
أشاحت عنه بنظرها وهمست بمرارة:
-الى اين؟؟ فهاقد وجدتني..الى أين قد اهرب بعد؟؟
|