كاتب الموضوع :
رباب فؤاد
المنتدى :
رومانسيات عربية - القصص المكتملة
رد: 31_ قلب أخضر بقلم رباب فؤاد .. القلب العاشر
ارتفع رنين هاتفها الجوال وتراقص اسم المتصل بتناغم على الشاشة فابتسمت وهي تلتقط الهاتف وتجيبه قائلة بترحيب حقيقي ـ"يالها من مفاجأة سارة. الأستاذة (سلمى الإسناوي) تنير هاتفي المتواضع باتصالها".
أتتها ضحكة (سلمى) الهادئة على الطرف الآخر وهي تشاكسها بمرح ـ"فليدون التاريخ تلك اللحظة الحاسمة التي أطلب فيها رقمك وأجده متاحاً، ولا أجدك تثرثرين كالعادة مع أخي الثرثار".
ارتفعت ضحكتها المرحة رغماً عنها لتلحظ امتعاض والدتها من الصوت المرتفع، فنهضت مبتعدة إلى غرفتها لتقول بنفس المرح ـ"يا إلهي..إنهما سابقتين تاريخيتين بالنسبة لهاتفي..أن تتصلي بي وأن تجدي الهاتف متاحاً. لابد وأنه يوم حظي اليوم".
ثم ما لبثت أن غيرت لهجتها لتمثل الضيق عاتبة على صديقتها ـ"لكنني ما زلت غاضبة منك لأنك لم تأت للمبيت لدينا أمس. (لميس) كانت مستعدة لقضاء ليلة فتيات صاخبة احتفالاً بك، وهذا حدث لا يتكرر إلا كل مائة سنة ضوئية. ورغم ذلك فضلتِ العودة إلى الإسكندرية ليلاً".
حاولت تهدئتها قائلة بهدوء ـ"صدقيني لم أكن لأرفض مثل تلك الدعوة، لكنني لم أكن مستعدة لها بعد صدمة اختيار أستاذ (حمزة) لي لرئاسة التحقيق الجديد. كنت بحاجة إلى النوم في عمق ثم البدء في التفكير في خطة للسير في التحقيق من زوايا مختلفة. ثم إنني لم أستقل قطاراً متأخراً يا عزيزتي. لقد وصلت منزلنا قبل التاسعة والنصف".
مطت شفتيها قائلة باستسلام ـ"حمداً لله على سلامتك. هيا اخبريني هل استوعبت تكليف أستاذ (حمزة) لك"؟
أجابتها بحماس ـ"أجل ولهذا أهاتفك الآن. لقد وضعت خطة عمل وأريدك معي فيها".
انتقل حماسها إلى (منار) التي سرعان ما اكتسى صوتها بالتردد وهي تسألها ـ"تريدينني أنا؟ ولكن .."
قاطعتها في سرعة ـ"لكن ماذا؟ أنت محققة بالقسم الأدبي وهذا التحقيق في صميم تخصصك. كما أنني لا أعرف سواك أنت و(علا). هل تعلمين متى تنتهي إجازتها لتبدأ العمل معنا؟"
هزت كتفيها مجيبة بلهجة ماكرة ـ"أعتقد أنها ستعود يوم السبت القادم. المهم أن تعود بحماسها القديم".
قالتها وعادت ضحكتها لتصدح في الغرفة لتشاركها ضحكة الأخرى على الطرف الآخر قبل أن تسألها بغتة ـ"هل تعلمين متى تعود (راندا) هي الأخرى؟ أكثر ما أخشاه أن أجدها أمامي ترمقني بنظراتها القاتلة وترشقني بعباراتها المسمومة وتتهمني بمغازلة زوجها".
أسرعت تجيبها مطمئنة ـ"لا تخشي شيئاً منها. أولاً أنت عرضت الفكرة فقط على نائب رئيس التحرير وهو من كلفك بالتحقيق. ثانياً هو زوجها في المنزل فقط، أما في العمل فهو أستاذنا جميعاً. وثالثاً أنت أكثر منها خبرة ومهارة لذا فأنت تستحقين الإشراف على هذا التحقيق، بل وتستحقين أن ترأسي الصفحة الأدبية بعد أستاذ (حمزة)، وأنا لا أقول هذا لأنك صديقتي أو شقيقة خطيبي. أنا أقولها لأنها كلمة الحق".
ثم تابعت بنفس الهدوء". ربما كانت (راندا) تعاني أزمة ثقة تؤرق حياتها، وهذا ما لاحظناه في العام الثاني من الدراسة، فقد اختلفت تماماً خلاله لتصبح كما ترينها الآن. لكنها في داخلها تحمل قلباً رقيقاً لا أظنه اختفى. آه لو استطيع إعادة الثقة إليها، لرأيت (راندا) أخرى تماماً".
مطت شفتيها بعدم اقتناع وهي تقول بشك ـ"أي قلب رقيق يا (منار)؟ ألم تلحظي عباراتها المسمومة لي ول(علا) أمس؟ لولا مراعاتي لك لكان لحديثي شكل آخر معها. إنها تكاد تتهمني بأنني صائدة للرجال. أنت لم ترينها أمس في مكتب زوجها حينما رأتني أطلب مقابلته. كانت على وشك الرحيل وحينما رأتني غيرت رأيها وأصرت على البقاء لتغادر معه في نهاية اليوم لولا أنه زجرها لتعود إلى المنزل والعناية بطفلهما، فما كان منها إلا أن أخبرته بنيتها لقطع إجازتها واستئناف عملها بالصحيفة. يا إلهي أكاد أتخيل اللقاء الدامي القادم بيننا".
عقدت (منار) حاجبيها وهي تنصت لكلمات صديقتها التي تحمل في طياتها جرحاً عميقاً، ثم قالت بتفهم ـ"صدقيني لن تكوني أول المتهمات بمحاولة نصب شباكك حول زوجها. أي أنثى تقترب منه هي مصدر خطر بالنسبة لها. لقد عانت (علا) كثيراً من تلك الكلمات المسمومة، وما زالت تعاني مثلما رأيتِ أمس. لكنني على ثقة من قدرتك على الرد عليها بما يجعلها تبتلع لسانها أمامك".
ثم ما لبثت أن ضحكت بصخب قائلة ـ" الغريب في الأمر أنها لم تنظر لي يوماً على أنني مصدر خطر على زوجها، بل وتعتبرني صديقتها إلى حد بعيد. أتدرين ما يعني هذا؟"
استحثتها على الحديث بفضول لتردف قائلة بعبث ـ"يعني أنها لا تراني جميلة بشكل ملفت بما يكفي لإثارة انتباه زوجها. أما الأهم فهو أنك أنت صاروخ الصحيفة الجديد يا عزيزتي. في السابق كانت (علا) هي صاحبة اللقب بعينيها الزرقاوين، والآن تأتي ذات الشعر الأحمر لتحتل المكانة بجدارة. تهانينا يا أستاذة (سلمى)".
ضحكت على عبارتها لتجاريها بغرور مصطنع قائلة ـ"أعترف أنك أرضيت غروري يا عزيزتي بهذا الإطراء. سيسعدني أن أنافس (علا) على اللقب حينما أقابلها يوم السبت".
ثم ما لبثت أن أردفت بجدية ـ"والآن هيا إلى العمل. سأخبرك بالإطار العام الذي وضعته لنبدأ عليه إلى أن التقي ب(علا) بعد عودتها".
وبدأت تشرح في حماس.
|