وقفت إلى جانبه في فخر وهو يتلقى تهاني الزملاء في مكتبه بعد انتهاء الاجتماع، وحينما اقتربت (علا) وزوجها لتهنئة رئيسها بروح رياضية، مالت (راندا)على أذنها تقول بود مزيف ـ"بارك الله فيكما يا عزيزتي. لا تحزني لأن المنصب لم يكن من نصيب زوجك وانظري إلى الجانب المشرق. فعلى الأقل ستستمتعين بما تبقى من إجازة العسل. أما أنا فلن أهنأ بزوجي بسبب المسؤوليات الجديدة".
ابتسمت (علا) وهي تجيبها بثقة ـ"اتفقنا يا عزيزتي أن صداقة زوجينا أقوى من أي مناصب. وأستاذ (حمزة) أستاذي ويشرفني أن أكون تلميذته".
ابتسمت هي الأخرى وهي تؤكد حديثها ـ"بالتأكيد يا (علا). وصداقتنا نحن أيضاً ستصبح أقوى. ونصيحتي لك كعروس هي أن تحافظي جيداً على زوجك كيلا تلفت انتباهه أنثى غيرك. هو بالطبع لن يجد من هي في مثل جمالك، لكنك تعرفين الرجال وتعرفين كيف توقع الفتيات بهن في حبائلهن. لذا لازميه كظله كما أحاول أن افعل مع (حمزة). لولا اضطراري للبقاء في المنزل مع رضيعي ما فارقته لحظة".
ضايقتها لهجة (راندا)، خاصة حينما لاحظت عيناها تتابعان تحرك (سلمى)، وكأنها تقصدها بالتحذير. لذا تنحنحت بحرج وهي تقول بابتسامة متوترة ـ"كلانا يعلم أن الأستاذ (حمزة) رجل محترم وملتزم ولا يحب هذه التفاهات. أما (مازن) فلا تخشي شيئاً. هو أخبرني بكل شيء عن حياته قبلي، وأنا لا أنوي أن أجعل له حياة مع غيري".
ضحكت (راندا) لجملة (علا) الأخيرة ورفعت حاجبها تقول بإعجاب ـ"تروقني ثقتك يا فتاة. لن أُدهش إذاً حينما أرى احمرار عينيك من قلة النوم فيما بعد، فعينيك اليوم خير مثال".
احتقن وجهها في خجل وهي تستدير لزوجها تستحثه بعينيها على التحرك، لينهي هو حواره الباسم مع صديقه متحججاً باستكمال إجازته مع عروسه ويصحبها مغادراً مبنى الصحيفة.
حينها إلتفت إليها هامساً بود ـ"هل ستبقين معي يا أم (ياسر)؟"
ابتسمت بحب حقيقي وهي تضغط كفه قائلة ـ" أم (ياسر) ستظل إلى جوار أبيه إلى الأبد. مبارك لك الترقية يا حبيبي. أنت لها".
لمعت حدقتاه بابتسامة حب وهو يحتويها بنظراته هامساً ـ"بارك الله لك يا حبيبتي. وأبو (ياسر) لن يتركك لحظة".
ثم ما لبث أن أجلى حلقه ليقول بجدية ـ"هل ستنتظرين انتهاء موعد العمل لنعود إلى البيت معاً؟"
ارتسم الضيق على وجهها وهي تقول بأسف ـ"للأسف لن يمكنني الانتظار لأنني تركت (ياسر) مع جارتنا وأخشى ألا تتحمله طويلاً. لذا سأغادرك الآن و...".
بترت عبارتها مع اقتراب (سلمى) من باب الغرفة المفتوح الذي طرقته بأدب متسائلة ـ"هل لي بدقيقة من وقتك يا سيدي؟ هناك أمر أود مناقشتك به"
رمقته بنظرة مشتعلة وهو يبتسم بود ل(سلمى) قائلاً بترحيب ـ" بالطبع يا أستاذة (سلمى). تفضلي".
ضغطت فكيها في غيظ وهي ترى (سلمى) تدلف إلى الغرفة بثقة وتجلس على المقعد المواجه لمكتبه بمهنية شديدة. واشتعل غيظها أكثر حينما سمعت زوجها يقول بهدوء ـ"مع سلامة الله يا حبيبتي. هاتفيني حينما تصلين إلى المنزل".
رفعت نظرها إليه باعتداد قائلة بإصرارـ" لقد غيرت رأيي وسأنتظرك حتى نعود سوياً".
عقد حاجبيه وهو يميل إلى جانب أذنها هامساً بحزم ـ"كفي عن هذه الأفعال الصبيانية. لقد تعللت بالصغير قبل قليل وقلت إنك لا تستطيعين تركه أكثر من ذلك. هيا اذهبي إليه ولا تتأخري لأنني لا أدري متى ينتهي عملي".
حاولت الرد بتمرد لولا أن تابع بنفس الحزم ـ"بصفتي رئيسك أقول لك أنت في إجازة رسمية لم تنته بعد. وبصفتي زوجك أقول لك اذهبي واهتمي بطفلنا. هيا ولا أريد جدالاً أمام زملاءك".
ضغطت فكيها بقوة أكثر وهي ترمق (سلمى) بنظرات نارية لم تلحظها هذه الأخيرة لانشغالها بهاتفها الجوال، لتعود ببصرها إلى زوجها قائلة بحنق ـ"حسناً يا زوجي العزيز... لك هذا اليوم. لكنني سأقطع إجازتي يا سيادة نائب رئيس التحرير. فلا فائدة من ترك عملي الذي أحبه".
قالتها ولم تنتظر رده وهي تسرع الخطى إلى الخارج، بينما صوته يطاردها وهو يقول بدبلوماسية ـ"هات ما عندك يا أستاذة".
*****************