كاتب الموضوع :
رباب فؤاد
المنتدى :
رومانسيات عربية - القصص المكتملة
رد: 31_ قلب أخضر بقلم رباب فؤاد .. القلب الـ 12
انطلقت سيارته تنهب الطريق في سرعة وكأنها تهرب من قوة ضغط قدمه على دواسة الوقود.
كان الغضب ما زال يعميه ويدفع بالدماء الحارة لتحرق أوردته من شدة غليانها، لذا استمر في ضغط دواسة الوقود المسكينة وكأنها المسؤولة عما حدث ويحدث معه منذ الظهيرة
وانهارت المسكينة تحت وطأة غضبه وعنفوانه ولم تملك سوى الانصياع له
عاد عقله يسترجع أمام ناظريه المشهد منذ البداية حينما انتبه إلى صرير عجلات تلك السيارة السوداء المشئومة، ثم هرع إلى مدخل البناية حيث كان يُفترض أن تنتظره زوجته وأخيها الصغير ليذهبوا جميعاً إلى الملاهي
كان يهتف باسمها في جزع، ليتناهى إلى مسامعه صوت آخر يهتف بنفس الاسم في لوعة
وسقط قلبه بين قدميه حينما رآها.
كانت فاقدة الوعي وملقاة بإهمال على الأرضية الرخامية لمدخل البناية و(أنجيل) تنحني عليها في محاولة يائسة لإفاقتها وهي تهتف باسمها في لوعة وذعر حقيقيين.
انهار على ركبتيه أمامها ليجذبها إليه هاتفاً هو الآخر بصوت مرتجف ـ"(علا).. أجيبيني حبيبتي ماذا بك"؟
دقق النظر في وجهها الشاحب ليلحظ كدمة بشعة تحمل آثار أصابع، كما لاحظ كدمة أخرى في جبهتها وكأنها ارتطمت بشيء صلب.
اشتعلت دماء الغضب في عروقه وهو يدير عينيه في المكان هاتفاً ـ"من فعل بها هذا؟ وأين حارس العقار"؟
ثم ما لبث أن انتبه فجأة إلى عدم وجود الصغير فارتفع صوته وهو يصرخ بعصبية ـ"وأين (مودي)"؟
ساد الهرج مع وصول (رأفت) و(مينا) اللذان بحثا عن الصغير داخل البناية وخارجها دون جدوى، وشاركهم الحارس العجوز الذي كان خارج البناية لسوء الحظ وقت اختفاء الصغير.
وأصبح السيناريو شبه مفهوم.
فقد هاجم الخاطفان زوجته وأخيها أثناء هبوطهم الدرج، وحينما قاومتهما زوجته صفعها احدهم بوحشية وألقاها أرضاً لترتطم جبهتها بها وتفقد الوعي، بينما اختطف الآخر الصغير وفر كلاهما إلى الخارج قبل أن تكتشف (أنجيل) جسد (علا) المسجى.
وبقي أن يعرف من يقف خلف هذا الحادث.
وبالنسبة له، لم يكن الأمر بحاجة إلى الكثير من التفكير
فهي نفس السيارة السوداء التي لا تحمل أرقاماً والتي هاجمته قبل أكثر من شهر،
لذا ما من شك في أنها تتبع عدوه اللدود
(فتحي النشار).
كان على علم مسبق بعادة (النشار) لقضاء يوم الجمعة في نادي اجتماعي شهير، لذا لم يفكر لثانية وهو يدخل النادي كأحد أعضائه قبل أن يقتلع (النشار) من مقعده أمام المسبح هاتفاً من بين أسنانه ـ"أين (مودي) يا (نشار)؟ ألم أحذرك من الاقتراب من أسرتي؟ هل وصلت بك الخسة هذا الحد"؟
هاجمه حراس (النشار) وأبعدوه عن سيدهم في غلظة وهموا بضربه حينما أوقفهم بإشارة من كفه، قبل أن يوجه حديثه إليه قائلاً بكل برود ـ"أية خسة؟ الصغير ليس ابنك كي تتهور إلى هذه الدرجة وتأتي إلى عرين الأسد بقدميك".
لمعت السخرية في عينيه وهو يجيبه ـ"أين هذا الأسد؟ لا أرى سوى نذل حقير يختطف طفلاً صغيراً لا ذنب له كي يجبرني على التوقف عن ملاحقته وكشف مصائبه".
قهقه (النشار) ضاحكاً بأسلوب بدا تمثيلياً فجاً لعيني (مازن) قبل أن يقول بنفس البرود ـ"حسب معلوماتي فالصغير ليس ابنك ولا ابن زوجتك. كل ما فعلته هو أن ساعدت أمه المسكينة في استعادته. في العادة لم يكن طلبها المساعدة ليلفت انتباهي...ولكنني ما أن علمت التفاصيل وكيف أنها تقصد ذلك الصغير الأشقر الذي لمحته مع زوجتك ذلك اليوم حتى تحركت بداخلي عاطفة الأبوة، وأقسمت أن أساعدها".
هتف به (مازن) بغضب هادر محاولاً الإفلات من قبضة الحراس ـ"أنت مجنون..أي عاطفة تلك؟ لقد تخلت عنه أمه قبل سنوات و...".
بدا له أن الهتاف لن يجدي نفعاً بعد ما فعله هذا النذل فهتف ثانية يهدده ـ"ستندم على فعلتك هذه أشد الندم يا (نشار)..صدقني ستندم".
ضحك (النشار) في برود ثانية وهو يشير لرجاله بطرد (مازن) وشيعه بسخرية هاتفاً ـ"سأنتظر عقابك المخيف يا سيد (مازن) بعد أن تعثر على الصغير...إذا استطعت العثور عليه في مصر كلها".
ضغط فكيه في غضب وهو يتذكر تلك المقابلة التي أحرقت أعصابه ليضرب المقود بقبضته عدة مرات علها تخفف ضيقه قبل أن يصل إلى المستشفى حيث توجد زوجته.
|