كاتب الموضوع :
**روووح**
المنتدى :
ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
رد: روايتي...ولغد طيات أخرى...
بسم الله الرحمن الرحيم...
كيفكم أحبتي...؟!!
ما حطول و أتمنى الفصل ينال إعجابكم...
الطية الثالثة و خمسون
حب مؤلم...!!
يستنزفني...
يهلكني...
يؤرقني...
يغرقني في حالة من الغضب..
القهر..الألم...
و لكنه...
يأسرني..!!
فكيف لي ألا أتألم...!!
من أين يأتينا الفرح ؟
و لوننا المفضل السواد
نفوسنا سواد
عقولنا سواد
داخلنا سواد
حتى البياض عندنا
يميل إلى السواد
من أين يأتينا الفرح ؟ و كل ما يحدث في حياتنا
مسلسل استبداد
الوطن استبداد
و الهجرة استبداد
و الصحف الرسمية استبداد
و الشرطة السرية استبداد
و الزوجة استبداد
و عشقنا لامرأة جميلة جدا
هو استبداد ! !
نزار قباني
تعبت و هي تحاول إيقاف صغيرها من الجري...فها هما و قد خرجا في نزهة صغيرة..ربما سببها الأساسي هو الإبتعاد عن ذاك الآخر...فقد أرهقها القرب منه...أرهقتها تصرفاته الغريبة على روحها...فهي لم تتعود على هذا الوجه من يسار...!!
نادت صغيرة..\باسل حبيبي تعال لا تروح بعيد...
ليصرخ الصغير وهو يجري خلف الحمامات..\ماما أبي أمسك وحدة...مامااااااا إمسكي لي وحدة...
ابتسمت و هي تقول..\حبيبي مقدر عارف أمك تخاف من ضلها...
باسل بدوره كان متحمساً...\ماماااا بليييز...!!
...\امسك هذي و لا تخليها تطير...
رفعت رأسها لتتأمل صاحب الصوت..إنه هو...ألا يريد أن يعتقها لوجه الله؟!!...تأملته وهو يمسك بإحدى الحمامات و يناولها لباسل و باسل يضحك بقوة لا حدود لها...ابتسمت لدى فرحة صغيرها...حاولت أن تتجاهله و كأنه لم يأت...فهذا هو الحل الوحيد للتعامل معه....و لكنها أحست باقترابه و جلوسه قربها وهو يتأمل باسل...
كانت تتوقعه أن يتحدث...يتكلم..أو يغيظها بأية طريقة..و لكن توقعاتها لم تصب...بل ظل صامتاً دونما أية كلمة...حتى أنها استغربت...ليقترب منهما باسل وهو يحمل تلك الحمامة وهو يمدها لها وهو يقول\..ماما شوووفي...
ابعدت يدها و هي تقول بخوف \باسل لا تقربها مني..
ليضحك يسار في تصرفها...و يقول..\وش فيك..هذي حمامة ماهيب صقر...!!
قالت..\بااااسل بعدها عني...
يسار \نورة..وش فيك؟!..تخافين منها؟!..من متى؟!..و إنتي كان لك من قبل قفص طيور؟!!..
أيريد أن يذكرها بما كان بينهما...؟!!
قالت..\زمان شي و الحين شي ثاني...أنا صرت أخاف و أكره أشيا كثيرة ما كنت أكرهها قبل...
ابتسم لردها له..و قد وصل له مغزى جملتها ليقول..\مقبولة منك يا بنت عمي...!!
ليأخذ الحمامة من يد باسل و يمدها لها...\إلمسيها...
نورة \يسار أقول لك بعدها عني..
يسار \ما رح بعدها لين تلمسيها..و ربي ما رح تسوي شي...صدقيني أنا ماسكها و ما رح تسوي لك شي...
و أصبح باسل يصرخ لها بحماس..\ماما خذيييها..المسيهااا حلووووة...
و أخيراً انصاعت لأوامرهما و هي تمد كفها بخفة لتلمس طرف الحمامة...أعجبها ملمسها..لتقول..\ماهيب مخيفة مثل ما كن...و لكنها لم تكمل جملتها إلا وهو يطلقها لتطير بالقرب منها و تصرخ هي و تقوم و ينفجر كل من يسار و باسل في ضحكة لا حدود لها...لتصرخ فيه بغيظ..\يساااار..وش هالتصرفااات...أوووف...!!
غضبت..و لكن بعد لحظات ابتسمت و هي تتأملهما و هما يضحكان..لا تعلم و لكن الصورة ككل بعثت لروحها إحساساً غريباً...!!
******************
في بقعة أخرى...
ممسكاً بيدها المرتجفة...قال لها بهمس...\إياك ثم إياك ترفضين له طلب..و اللي يقوله لك تنفذيه بالحرف الواحد...فهمتي؟!!
أومأت رأسها و هي تقول له...\بيعطينا الحقنة؟!!
...\إيه بيعطينا بس إنتي لازم تنفذين طلباته كلها...عشان يوافق يعطينا..و لو رفضتي..بقتلك فهمتي...بقتللك!!!
أومأت له رأسها لتدخل تلك الغرفة الخالية من أية مبادئ...غرفة تنبض بالقذارة و ذلك الرجل المخيف و الجالس على كرسي وحيد بالقرب من السرير...قال لها و بابتسامة تتخللها القذارة...\كيفك يا أمورة؟!!
لم ترد عليه ليكمل...\تبين الحقنة؟!!..و أخرج لها تلك الحقنة من جيبه لتراها و تقترب منه بسرعة لترتمي بالقرب من رجله...\إييي...أترجاااك ابييهااا و الله أبيهااا...
أرجع الحقنة لجيبه وهو يقول بنفس ابتسامته...\لا...ما بعطيها لك إلا بشروط...
هي \شنووو هيي...؟!!
الرجل...\أولاً...تبوسيلي رجلي...و بدون أي تردد قادتها روحها المريضة و التي على مشارف الموت لتفعل ذلك...قال لها...قولي..\أنا بنت تافهة و مريضة و ما عندي كرامة...
قالت و الدموع قد ملأت عينيها..\أ..أنا ...بن..بنت..تا..و بدأت بالبكاء الذي حاولت جاهدة كبته...
قال لها...\قووولي..أنا بنت تافهة...و مريضة و ما عندي كرامة...
أمسكت قدمه و هي تقول..\أترجاك..لا تذلنيي!!!
قال وهو يرفسها برجله...\قوووولي...
هي \أنا..بنت...ت..تا..تفهة..و م..مريضة ..و م..ما عندي كرامة...
هنا و في هذه الغرفة فتاة قد انتهت كرامتها..دينها..أخلاقها...روحها..فتاة في عمر الزهور...فتاة كانت كالوردة المتفتحة جميلة ...رقيقة..لاأبتسامة لا تفارقها...صلاتها..صيامها..دينها..كل ذلك قد انتهي عند تلك اللحظة...كله قد راح هباءً منثورا أدراج الرياح لتبقي..تلك الفتاة المريضة..الشاحبة اللون كالأشباح..التي لا تقودها غير حقنة تود الحصول عليها..لتوقف ذلك الألم الجسدي...فيا من في السماء..
رحمتك!!!
**************************
القاهرة...
تأملت صغيريها و هما يغطان في نوم عميق...عميق جداً...غطتهما و ابتعدت...سرحت لوهلة من الزمن...تحركت نحو خزانتها و فتحتها لتخرج مذكرة من أعلى الخزانة...كانت مخبئة تحت كمية من الملابس المطبقة...أنزلتها....
تأملتها لوهلة من الزمن...أخرجت من منتصفها تلك الصورة...مررت اصبعها بخفة على الصورة و الدموع تنهمر منها...قربتها من فمها لتقبلها قبلة عميقة علها تقلل مما فيها...تأملت مذكرتها و هي تسترجع تلك الذكريات التي قد هربت منها طيلة حياتها...
لمحة من الماضي...
تشابك يديها كل في الاخرى مما يدل على شدة ربكتها...حاولت اخراج الكلمات و لكن لم تستطع...نظرت لها تلك المرأة الكبيرة والممتلئة الجسد...و قالت باستفهام...\نادية...نادية...
و لم تجب عليها تلك التي يبدو عليها الغرق في عالم اخر...و لكن بعد مدة انتبهت لها...\ها...
قالت تلك بابتسامة...\يا بنتي...وش فيك و انا أحكي من صباح ربي!!
نادية..\آسفة وش قلتي؟!
أتتها تلك المرأة البشوشة الملامح لتضع يدها على كتفها و قالت لها ...\وش فيك؟!!
ابتعدت نادية قليلا و قالت بربكة...\ممكن أطلب منك طلب؟!!
قالت بابتسامة على وجهها...\تفضلي...
ارتبكت أكثر و أكثر...\أمم...أنا محتاجة سلفة..لو ممكن تكلمين لي المدام؟!
نظرت تلك الأخرى بإحراج للأرض و قالت في ضيق...\أمم...مدري يا بنتي بس بحاول لك...
تهللت أسارير نادية من الفرح و همت بالاقتراب منها لتطبع قبلة على خدها...و تبتسم تلك بالمقابل لها ...\قلت لك لا تتفاءلي كثير..
نادية \ههه...حاضر مارح أتفاءل...قطع عليها حديثها صوت تلك الطفلة الباكي...همت لها بسرعة و حملتها بين يديها لتحاول اسكاتها...نظرت لها تلك الأخرى بإيتسامة حزينة على حالها و حال أختها....و قالت..\لازم تشوفين لها حضانة و لا مكان مارح تقدرين تجيبينها معاك كل يوم الشغل...
علمت نادية مقصدها جيدا...فسيدة المنزل ان علمت بأنها تحضر اختها الصغيرة معها لن ترضى و ستطردها لا محالة..فهي صعبة جدا ليست كزوجها...ابتسمت و قالت لها...\مو بيدي حيلة..وش أسوي...بس إن شاء الله المدام ما تكشفني..
ربتت تلك على كتفها لتطمئنها و قالت...\ان شاء الله يحلها ربك من عنده...
سرحت نادية في ملامح أختها البريئة و التي لا تبت لهذا العالم البغيض بأية صلة...سوى انها ولدت لتعيش ألما ليس لها دخل فيه...و لكن قدر من الله و حكمة...
و ها هي تذكر صورة أخرى..ذاكرة أخرى لها...
لمحة من الماضي...
في ذلك المنزل...
فكرت أنه لابد لها أن تجد عملاً آخر في أي منزل آخر...لا بد لها أن تجد المال...و لكن كيف...اااه...تحمل هما قد ثقل عليها...فمن بعمرها لهم هموم أخرى..و هي لون شعرهم...طلاء أظافرهم...لبسهم..الهاتف الذي يحملونه و غيرها من التفاهات...التي لم تسمع بها حتى!!
لم تنتبه الا و قد جرح اصبعها بالسكينة و أصبحت الدماء تقطر منه بغزارة...أسرعت لجهة حنفية المياه لتضع اصبعها تحتها...و انتبها لتلك التي قد جاءت الى المطبخ و لا يبدو على ملامحها خير أبدا...
أسرعت لها و هي تقول بلهفة...\هااا...
نظرت لها بخيبة أمل و قالت...\ما وافقت على السلفية...
نظرت الى الأرض و أحست أن خيط الأمل الأخير قد قطع...ماذا تفعل...لتنتبه لتلك اليد تربت على كتفيها...\لا تشيلي هم..أنا عندي مبلغ صغير بعطيه لك...
نادية \لا شكراً...
لتقول تلك...\لا مارح أقبل رفضك...إعتبريه سلفية لين ما تلقين طريقة ثانية...
نظرت لها...و قالت...\مشكورة...
و قالت لها تلك...\و عندي كمان خبر رح يفرحك...
نظرت لها باستفهام و قالت...\وش هو...
...\ذيك الشغالة اللي عند الجيران قالت إنه فيه وظيفة و يبون وحدة تجي بس ساعة زمن تنظف و تروح ...ها وش قلتي؟!!
تهللت أسارير نادية ...عمل و يوافق احتياجاتها فهي تحتاج أن تكون بالقرب من والدتها أكبر قدر ممكن و بالعمل ساعة لن يعلم ذاك السفيه زوج والدتها بعملها ليطالبها بأخذ المال كله...
فوجئت تلك بذاك الحضن القوي من نادية و هي تقول لها...\شكراً لك..مدري وش كنت رح سوي من دونك...
ابتسمت لها في صمت و هي حزينة على حالها فهي صغيرة على كل تلك الهموم...
نعم تذكر كل تفصيلة..تذكر مرض والدتها الذي أرقدها في السرير..و زوجها الذي كان يتحرش بها و يعذبها...تذكر حيرتها...تذكر إحساسها بالعجز و الخوف على أختها ووالدتها...
تذكر...!!
تذكر تلك الليلة التي ماتت فيها والدتها...
تذكر ذاك الحقير وهو يحس بأن الجو قد صفا ليفعل بها ما يريد...تذكر حرقه لجسدها و تشويهه لها..تذكر تلك الليلة التي قررت الهرب فيها منه..
تذكرها بكل تفاصيلها...!!
لمحة من الماضي....
نظرت لها...ربما هي المرة الأخيرة التي ستراها فيها...ستملي عينيها منها...ستشتم رائحتها...نزلت من عينيها دمعة حزينة لتعلن سقوطها على خد تلك الطفلة التي تبتسم ببراءة متناهية و هي لا تعلم ما يحدث حولها...مسحت باصبعها تلك القطرة من الماء المالح التي قد حطت على خد أختها..طفلتها الصغيرة...
قربت منها لتشتم رائحتها...للمرة الأخيرة...سحبت أكبر قدر من الهواء تستطيعه و أغمضت عينيها لتحتضن تلك الصغيرة بين يديها بكل قوتها...أحست أنها ستعتصرها ...تود لو بامكانها ادخالها بين أضلعها و حمايتها من هذه الدنيا...لا تود..نعم هي لا تود أن تفارقها..و لكن ليس باليد حيلة...
لا تريد لها أن تعيش ما عاشته من ألم و مر...بل تريدها أن تعيش حياة هنيئة...تلك الحياة التي يفترض أن يعيشها كل البشر...و لكن...الحمد لله على كل حال...ستتركها هنا...هنا على هذه العتبة من المنزل الكبير...لو كانت تعلم مكاناً اخر لوضعتها فيه و لكن هم الوحيدين الذين ستأتمنهم عليها...
ستتركها...ستتركها لله و لهم...و سيرعاها الله برعايته...قبلتها قبلة أخيرة أحست معها أن قلبها قد خلع من مكانه...أحست أنها أحزن لحظة مرت عليها في حياتها و لكن ذلك لمصلحتها و ربما عندما تكبر تلك الصغيرة ستشكرها...فمعها لن تجد حياة..هي ذاهبة حيث اللاحياة!!...لو كان بامكانها الاستمرار بالعمل لاستمرت...و لكن بعد علم السيدة الكبيرة بطلبها المال من السيد غضبت جداً و طردتها....
وضعتها على تلك العتبة الوحيدة و هي تقرأ عليها كل ما تسنى لها حفظه من كتاب الله...أحست أن سيغمي عليها...سمت بالله و ضغطت على جرس الباب كم مرة..و همت بسرعة مبتعدة عن المنزل و هي تجهش بالبكاء....
وقفت بعيداً لتراقب..انتظرت مدة حتى انتفض قلبها لعدم وجود شخص..و أنه لم يتم فتح الباب...و لكن بعدها بثوان لمحت سيارة السيد و هي تقف قرب المنزل....ابتسمت و حمدت الله جدا فهذا ما كانت ترجوه...فالسيدة قاسية القلب لو كانت هي من رأت أختها أولاً لتركتها أو أخذتها لدور الرعاية دون اخبار السيد حتي لأنها تعلم بانه سيتعلق بها..و لكن السيد...طيب القلب رحييم..و سيرأف على حالها و الأكيد أنه سيربيها و ذلك لحبه الشديد للأطفال...
حمدت الله و الدموع تنهمر من عينيها و هي تدعو الله أن يرعى صغيرتها و يحميها...و تألمت من فكرة فراقها...و تألمت أكثر عندما تذكرت أنها متشردة الان و ليس لها مكان يأويها سوى بيت تلك المرأة...و لكن ليس بيدها حيلة...ستعمل معها في ما تفعله و بعد فترة ستتركها...فهي حلها الوحيد...
و هي لن تستطيع القدوم لهم مرة أخرى فهي على علم بأن زوج والدتها سيأتي ليبحث عنها هنا و يسأل عنها....و هي لا تستطيع المجازفة بحياة أختها و لا حياتها...اذا ليس لها سوى طريق واحد لتسلكه...مع علمها بسوء هذا الطريق...
تأملته وهو يحتضن الصغيرة و يتلفت ليرى من ترك هذه البريئة في الشارع و في هذا الوقت...أغلق الباب و أدخلها معه...أدخلها معه...فرحت جدا عندما اطمأنت لأن أختها ستنام الليلة دون سماع كلمات ذاك الحقير و ستتغطي بلحاف...و ستنام بدفء....
أغلقت المذكرة و قد امتلأت عيناها بالدمع...
ابتسمت...
بل أحست بفرحة عااارمة لا يمكن لمخلوق وصفها...
كيف لا و هي الآن قد راتها..
نعم..
رأتها هي أختها...!!
أختها التي تركتها رغماً عنها...!!
و ها هو رب السماوات قد جمعهما مرة أخرى...!!
جمعها بأختها..!!
يااااااااه يا رب..!!
فها هي تراه..ذاك الرجل الطيب..هو نفسه بكل ملامحه لم يتغير منه شئ...حتى بعد سنوات طوال...و معه تلك الفتاة المليئة بالحياة...
ياااااه..
يا سبحان الله...!!
أكانت تتحدث معها كل هذا الوقت..!!
أكانت تفضفض لها كل ذلك الوقت دون علمها..!!
أكانت..!!
أيمكن لبشر أن يستوعب ذلك..!!
أيمكن..!!
لابد لها أن تقابلها...و تتحدث معها..و تحتضنها..و كل شئ ..كل شئ...!!
توجهت مسرعة لتتناول هاتفها و ترسل لها رسالة..!!
*********************
في بقعة أخرى...
صرخت و قد وصلت حدها من هذا الوضع..\شهههههدددد و ربي لو قمتي مرة ثانية مارح أرحمك..اجلسي و كملي مذاكرتك...
شهد \إنتييي شرييييرة آنا أبي سطااام..
صبا \آنا الحين اللي صرت شريرة...زين الله يجيب هالسطام و يفكني منكم...
سمعت طرقاً على الباب ابتعدت عنهما و هي تقول بجدية..\آنا اللي بفتحه لا تتحرك وحدة منكم...
تأملت الطارق من فتحة الباب الصغيرة لتجده عامل توصيل..استغربت فهي لم تطلب شيئاً...و لكن ربما نورة هي من طلبت شيئاً...فتحته..ليتحدث ذلك العامل بالإنجليزية وهو يخبرها بأن تمضي في المكان المحدد...مضت و هي تتناول تلك الصناديق...وضعتها أرضاً لتجري الصغيرتان نحوها بفضول قوي..\مااامااا وش هذي الإشيا...
هي نفسها لا تدري ما هي...وضعتها لتبدأ الصغيرتان بفتحها...كان إحدى الصناديق فيه ألعاب و فستان صغير و مكتوب عليه إسم شهد...علمت وقتها أنها هدايا من سطام..فعيد ميلاد الصغيرتان يكون غداً...كيف تذكر؟!!
كانت شهد الصغيرة تتناول حاجياتها بفرح لا حدود له و هي تخرجها واحدة تلو الأخرى..و ملك تفعل المثل...أما هي...!!
فتناولت ذاك الصندوق الذي قد كتب عليه إسمها هي...
صبا..!!
إنه عيد ميلادهما و ليس بعيد ميلادها...
فلماذا يدخلها في هذه المعمعة...!!
لم تعلم و لكن راودها إحساس غريب...اخذت الصندوق و توجهت به للغرفة..و أغلقت الباب...لا تعلم لم هذا التصرف...ربما أرادت لتختلي بنفسها و بهديته...
التي لا تعلم سببها حتى..!!
فتحته....
توقفت لوهلة و هي مستغربة تماماً مما في الصندوق..كانت أوراقاً و لكن...هذه الأوراق هي تذكرها جيداً...نعم..!!
كانت لوحات بيضاء يتخللها ذاك السواد...مكتوب عليها حكم بالخط العربي...وضعت يدها على فمها من هول صدمتها...فهي تذكرها نعم...
تذكر جيداً من أين هذه اللوحات...
تذكرها...!!
لمحة من الماضي...
مندفعة..تجوب في كل إتجاه و هي متحمسة جداً لفكرة هذا المعرض...فهي تحب الأعمال التي تتطلب مجهوداً في الجامعة...فقد كان فكرتها..فكرتها لجمع التبرعات الخيرية لغزة...و ما أعجبها أكثر شئ هو أن المشاركين فيه لم يكونوا فقط مسلمين...بل حتى مسيحين و أجانب..من دفعات أخرى من الجامعة...
و هي بنفسها شاركت فيه...تأملت تلك اللوحة التي أمامها...غرقت في تفاصيلها...فهي من صنع يدها...لوحة بيضاء تماماً و يتوسطها تلك الحكمة المكتوبة بالخط العربي المبدع...فهي و منذ صغرها كانت تعشق الكتابة بالعربية...و خاصة بتعليم عبدالرحمن لها...و ها هي الآن قد شاركت بأكثر من عشر لوحات في كل منها حكمة أو آية مكتوبة بالعربية...كانت سعيدة للغاية..خاصة بقدوم الكثير من الأجانب لها وهم يسألونها مستفسرين عما في اللوحة من كلام و ما معناه..و هي كانت ترد...كانت إحداها...(عسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم و عسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم)....و الأخرى...( من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا ، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة)...و غيرها من اللوحات...ابتسمت لهذا الإنجاز الذي أنجزته و هي تتأمل إحدى اللوحات...قاطع حبل أفكارها ذاك الصوت وهو يقول...
....\(لا نختار حين نحب...و لا نحب حين نختار)...!!
ليردف...\مبدعة..!!
أوافقك جداً على هالرأي..!!
التفتت على صاحب الصوت بخجل و هي تقول..\عفواً ؟!!
ليقول لها و هو ما زال يتأمل اللوحة..\اللوحة مبدعة...إنتي اللي خطيتيها؟!!
قالت بإبتسامة...\إيه...شكراً..بس لااازم تشتري منهم...مو شكر بس..شارك عشان التبرعات...تتذكر جيداً ذاك الصنم الذي كان واقفاً أمامها و أنه لم يرد على جملتها المازحة لتحس بالإحراج منه...و ليقطع حوارهم قدوم يسار وهو يقول..\أوهووو..فنانتنا الرائعة...ما شاء الله شايف الناس كلها مقبلة بشدة على لوحاتك...
ابتسمت..فهي حقاً تعشق تشجيع يسار لها...فهو يمكن ألا يشجع أية إمرأة اخرى على العمل إلا هي...دائماً يساندها و يشجعها على ما تفعله...
أنزلت اللوحة و هي حقاً مندهشة تماماً منه و منها و من كل شئ...كيف؟!..
كيف له أن يتذكر شيئاً كهذا؟!!
كيف له أن يتذكر هذه التفاصيل عنها و هي حتى لا تذكر شكله جيداً...؟!!
و من أين أتى بها؟!..
و كيف وجدها؟!...و كيف تحصل عليها؟!!
كيف حدث كل هذا؟!!
*********************
في اليوم التالي...
استيقظت على صوت منبهها الذي كان ينذر باذان الفجر...قامت من مكانها و خرجت لتتوضأ و لكنها توقفت عند بداية الصالة و هي تشهق بقوة...فكانت مفاجأتها هي إستلقاء ذاك اليسار على الأريكة ومما يبدو أنه قد غط في نوم عميق...
منذ متى وهو هنا؟!!...وهل سيدوم هذا الوضع كثيراً؟؟..أن تجده في وجهها؟!!...و أن يشاركها نفس السقف؟!!...توقفت لوهلة و هي تتأمله....الأريكة صغيرة جداً على حجمه...و رجلاه الممتدتان خارج حدودها لتدلان على عدم راحته في النوم...ارتجفت لدى حركته البسيطة وهو يتقلب في تلك الأريكة التي تساوي نصف حجمه...كان الجو بارداً بشدة في الخارج...أرادت أن تغطيه بشئ ما و لكنها تراجعت عن قرارها فهي لا تود الإقتراب منه..و كأنما هو غاز قابل للإشتعال في أية لحظة...
لا تعلم و لكنها بدأت تتقبله...تحس بأنها قادرة على التعامل معه...فهي تلاحظ تغيره...و تلاحظ معاملته المتغيرة لها...ابتسمت و هي تذكر ذاك اليوم...عندما أتاها و أعطاها كيس و لكنها رفضت ليصر عليها...و تفتحه لتجد ذاك الوشاح الذي قد أعجبها في إحدى المحلات...تذكر جيداً ذاك اليوم الذي كانت تتأمل الفستان فيه بصمت ثم تحركت دون حتى أن تقول أية كلمة...إذن..
كيف علم بأنها تريده؟!!
أهو يقرأها بهذا الوضوح؟!!
ابتعدت لتوقظ صبا للصلاة...
و بعدها بدقائق دخلت المطبخ لتعد لهم الشاي..و في وسط حركتها في المطبخ لم تنتبه لذاك الذي قد استيقظ للتو من نومه وهو يقف عند باب المطبخ...تفاجأت عندما وجدته يتأملها...و حاولت أن تعود لما كانت تفعله دون أن تعيره أي اهتمام ...ليقول لها وهو يتكل نفسه على الباب...\صباح الخير..!!
قالتها و بكل جدية دون أية تعابير تلون وجهها كتلك التي تغطي ملامح وجهه...\و عليكم السلام...
ابتسم أكثر لدى ردها عليه...ليقول..\حتى هذي مستخسرتها علي؟!...صباح النور هذي؟!!
نظرت له فجأة لتداهمها ملامحه الباسمة و شكله وهو متكل بطوله الفارع على الباب...أبعدت نظرها سرعة و هي تحاول إشغال نفسها بما في يدها...ليقترب وهو يبدأ بتحريك الأواني..قررت انها لن تعره إهتمامها...و بأنها لن تتحدث معه..و لكن حركته المستمرة في المطبخ كانت تعيقها لتقول..\يسااار!!
قال بجدية مضحكة..\نعممم؟!!
نورة \وش تبي؟!!
يسار \أبي أسوي لي شاي...
نورة \خلاص أنا بسويه لك ممكن تطلع الحين..؟!
و أخيراً أطاعها و خرج...
و ظلت هي واقفة لوهلة بدت طويلة لها...نعم...فهي مستغربة و بشدة منه...فما تراه الآن هو يسار آخر تماماً...يختلف عن السابق في كل شئ...إذا لماذا كل هذا الإختلاف...لماذا أصبح يعاملها بهذه الصورة...أحقاً...
قد تغير...!!
انتهت أخيراً من الشاي و خرجت و هي تضع كوبها و كوب صبا على الطاولة...ليقول لها..\أنا وين حقي؟!!
ردت ببرود..\روح وخذه بنفسك...
قال وهو يبتعد عنها متجهاً نحو المطبخ...\وش هالحركات البايخة..وش فيها لو جبتيه معك...!!
هي لم ترد عليه و هي تبتسم لممازحته لها...و بدأت بترتيب حاجياته من الصالة...الغطاء...طبقته..جاكيته الملقى على الأرض...رفعته...ليسقط من تحته شئ ما...انحنت لتتأمل ذلك الشئ...
عقدت حاجباها بشدة و هي تتأمل ذلك الشئ..
مما يبدو أنها مذكرة...
أحست بإحساس غريب يعانق أوردتها و هي تتأملها لوهلة..و كأنما هي مألوفة و بشدة بالنسبة لها...انحنت لتتناولها و ما زالت الغرابة تملأ روحها...تأملت غلافها لوهلة و هي تحس بأن هنالك شئ يتدافع لذاكرتها و لكنها لم تستطع...
حتى فتحتها...
تسمرت...
بل توقفت أجفانها عن الحركة...
ذهول لا حدود له...
عيناها لا تتحركان حتى و هي تتأمل ما يعلو سطور هذه المذكرة من كلمات...
كانت تقلبها و هي تحاول جاهدة أن تنكر الحقيقة...
حقيقة أنها...
أنها هي مذكرتها...!!
مذكرتها..!!
و أن ما يتوسطها من مواقف هي أحداث أليمة كانت كالوصمة على روحها..ماض لم و لن تستطع الهروب منه مهما حاولت جاهدة...
و لكن..!!
مذكرتها..
عنده..!!
في جاكيته..!!
مذكرتها عند شخص آخر..!!
لا بل عنده هو..!!
يساااااااار..!!
|