كاتب الموضوع :
**روووح**
المنتدى :
ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
رد: روايتي...ولغد طيات أخرى...
لطيفة...
من رحل لن يعود ومن ضرك سيضره شخص ما ذات يوم ومن أبكاك سيجد من يبكيه الأرض دائرية والصفعة التي يهديها اليوم ستعود له بنفس الحِدة غداً.لا تَظلموا فتُظلموا ...
***************************
أدخل تلك الأكياس في السيارة و دخل ليتوقف لوهلة وهو يفكر..
شهر بأكمله...
و أغرب شهر...
فكرت في الإبتعاد عنها و إعطائها فرصة للتفكير...و كل ما كنت أفعله لم يأت بأية نتيجة...فقد جربت كل شئ معها...من الإعتذار اللانهائي...من الإعتذار الذي يجرح رجولتي...تخليت عن ذلك الكبرياء الذي كان يملأ روحي من أجلها...و تجاهلت قيمتي...
تجاهلت ذلك السياف المتكبر..
المتغطرس..
و كل ما كنت أفكر به هو...
هي...
نادية..!!
أردتها أن تعفو عني و أنا أعلم أن العفو هو أصعب طلب قد أطلبه منها...و لكني تمسكت ببصيص أمل صغير...تمسكت بالأمل..
و حاولت...
حاولت أن أدبر مشواراً يجعلني أخرج معها و مع الصغار...
حاولت أن أتحدث معها و لكنها كانت تغلق على نفسها أكثر فأكثر...
حاولت أن أرسل لها أزهاراً مع هديل...
و لكن هديل كانت تخبرني بأنها تضعها على الطاولة دونما مبالاة عندما تأخذها حتى أنني أذكر تعليق تلك الصغيرة جيداً...\ماما ما تحب الورود اللي تاخذها لها...ترميها على طووول...جيبلها شي ثان..
و فعلاً...لم أتوقف..بل جلبت لها شيئاً ثانياً و ثالثاً و رابعاً و لم أيأس...من مجوهرات..لملابس..لجوابات...لزهور..لكل شئ...لم أتوقف..
و لم أترك شيئاً لم أفعله من أجلها...حتى أنني استعنت بهديل لتقنعها...و لكن لم ينفع شئ معها...فهي ببساطة...
نادية...
بقدر ضعفها...بقدر قوتها...
إن تألمت...تحولت لصخرة لا يمكن إجتياحها...
هي نادية...
و أخيراً ما توصلت له من حل هو أن أتركها..أتركها لفترة و أبتعد عنها علّها تهدأ و تفكر بعقلانية...فإن لم يكن لأجلي فليكن من أجل الصغار...و فعلاً...سافرت للمملكة...و فعلاً كنت بحاجة لهذه الفترة...لأرتب أموري و أنظم ما أود فعله بذلك الكمال..!!
فبالتأكيد لم أنس ما فعله بي...و ما أنا فيه الآن هو بسببه...و الموضوع لم يحتج لوقت طويل...بل مجموعة من المستندات و السيديهات...التي كانت كفيلة بإدخاله في ألف سين و جيم...و طبعاً لم أضعها في يد الشرطة...بل وضعتها في يد ألد أعدائه..فانا أعلم بأن فعل كهذا كفيل بإنهائه تماماً..
و فعلاً هذه الفترة قد كنت بحاجتها...فأحسست بذنبي تجاه والدتي و أختي...و أحسست بمدى حاجتهما لي...و مدى تقصيري تجاههما...
و لكن...
الصدمة الأكبر لم تكن في كل ذلك...
بل كانت في ذلك الآخر...
صديق دربي...
يسار...
فأنا لم أتوقع و لا في أبعد أحلامي أن أستطيع رؤيته مرة أخرى...فهل للأموات أن يعودوا للحياة؟!...أنا حقاً لم أصدق عيناي عندما قرأت الصحيفة...كان الخبر مذهلاً لكل من قرأه...لم أستطع تحديد ما أحسست به في تلك اللحظة...فقد كانت صدمة ممزوجة بدهشة..بفرحة لا حدود لها..بتساؤل ب...
كان شيئاً لا يمكن وصفه...أذكر جيداً ذلك اليوم...أذكر جيداً إلقائي للصحيفة أرضاً لتصاب والدتي و أختي و صغارها بصدمة من تصرفي و هما مذهولتان...أذكر جيداً أنني لم أنطق بأية كلمة..لم أفكر حتى بتغيير ملابسي و أنا أخرج من المنزل في لهفة لا حدود لها...أذكر جيداً...أذكر يومها توجهي نحو منزلهم...و طلبي لملاقاة خالد...فأحسست بأنني و إن طلبت ملاقاة يسار سأكون كالمعتوه الذي قد فقد عقله...ليدخل على خالد و أسأله بلهفة لا حدود لها...\يسار لساته حي؟!
ليبتسم خالداً و يومئ رأسه بالإيجاب....أذكر لحظتها هول الصدمة على روحي و أنا أسأله عن مكانه...و كأنني أحسست بأنني ما زلت أحلم و بأن كل هذه محض تخاريف مني ليس إلا...ليقول لي بأنه قد خرج...و من دون أي مقدمات سألته..\وين؟!
ليقول لي بانه لا يعلم مكانه و لكنه سيتصل به...فكرت وقتها في مكان وحيد ربما هو فيه..و فعلاً طلع نفس المكان...لم أنطق كلمة بعدها و أنا أخرج من المنزل متوجهاً لذلك المكان...
و هنا...فعلاً لا أذكر ما الذي قد حدث...و كل ما أذكره هو خروجي من السيارة و إنهيالي على ذلك الشخص الواقف بكل أنواع الضرب و أنا أصرخ في وجهه..و أشتمه..و أطلق عليه أي لقب قد عرفته في حياتي...كيف له ألا يخبرني بأنه ما زال حي يرزق..لماذا لم يتصل بي حتى و يخبرني و يقولها..\سياف..أنا لساتني حي...
متأكد بأنني وقتها كنت سأصاب بسكتة قلبية إثر الصدمة...
كانت من أغرب و أجمل اللحظات في حياتي...لحظة لم أتوقعها و لا في أبعد أحلامي...تلاها ذلك الصمت بيننا و نحن نتأمل تلك السماء الي تعلونا...و بعدها...سألني لوحده...ماالذي يضايقني...و بعد كل هذه السنين..و بعد كل هذا البعد..و بعد موت و حياة...
أحس بألمي..
و عرف ما بي...
و لكني لم أخبره..إلا و بأن هنالك خلاف بيني و بين زوجتي..لم أستطع أن أقولها له...لم أستطع أن أقول له بأنني قد شككت في شرفها و أتهمتها بالخيانة و هي شريفة..لم أستطع ان أنطقها...و لكنه أخبرني بأنني لابد و ان أحاول معها مرة أخرى و أخرى...و ألا أتخلى عنها...
لم اعلم..
و لكني أحسست بان عودتي للمملكة قد كانت من أجمل ما حدث لي في حياتي بأكملها...و مر أسبوعان و أنا في كل يوم مع هذا اليسار..و بعد كل ذلك اعلم أن هنالك الكثير و الكثير مما بداخله و لم يفصح عنه..فهو يسار...
ما بجوفه...يقبع هناك في سكون...
و ها أنا الآن..قابع في سيارتي بعد عودتي من الممكلة...و لكم اشتاقت روحي لرؤيتها...و لكم إشتقت لعبيرها...و لكم اشتاقت روحي للصغار...و لأخذهم و دفنهم في أعمق نقطة في صدري...ها أنا أحمل أملاً بين يدي و أنا أرجو أن تكون الفترة التي مضت كافية ليضمد الجرح ولو قليلاً...
*************************
تأمل ذلك الأفق البعيد وهو قابع في سيارته...ينتظر قدوم صغيرته لتركب معه...وقتها..
سرح بفكره بعيداً...
فها هو شهر آخر قد مر...
وهو مستغرب تماماً..
من كل شئ...
و من كل ما حدث في تلك الفترة...
فها هم الغائبون قد عادوا...
عادوا و معهم الكثير الكثير من التساؤلات...
مرضية...يسار...و نووورة؟!!!
أهو موسم حضور الغائبين أم ماذا؟!!
لماذا لم ينقسموا على دفعات؟!...فهو خائف أن تصيبه جلطة من شدة كل ذلك...خائف من عدم قدرته على إحتمال كل ذلك...
فهذاا الشهر قد كان..جميلاً...خفيفاً على روحه...بداية بيسار..و جلوسهما سوياً على سطح القصر ليتحدثا و يفضفضا لبعضهما...
حقيقة...!!
الفضفضة كانت من جهتي أنا...و ليست من جهته..فهو يسار..!!
و قدوم نورة...
أنا حقيقة لم أتقبل الفكرة...و لكن يسار أخبرني بما حدث..و بأن ذلك الجراح قد هددها لتتزوجه..و انا لم تخبرنها بكل ذلك..بل ضحت بنفسها من أجلنا...
و أخيراً...
بتلك التي قد تملكت قلبي بصورة لا مثيل لها...
أخاف أن يلمح من في القصر معالم الوله التام على وجهي...
فأنا قد أصبحت عاشقاً من الدرجة الأولى...و كيف لي ألا أعشق هكذا براءة...كيف لي ألا أسرح في ملامحها البريئة و خصلات شعرها الطويلة..كيف لي ألا أعشق عرجتها...
أعلم أنها أنانية مني أني لم أخبرها بانها هي مرضية...و لكني أريدها أن تقع في حبي من الأول...أحسست و كانما هي فرصة قد بعثها الله لي لأعوضها عن كل ما ضاقته مني...أريد أن أريها خالداً آخر غير الذي رأته في بداية حياتها معي...
**********************
القصر....
سحب من تلك الصغيرة التي تتوسط يديه أكبر كمية ممكنة من الهواء..و من ثم نفث ذلك الكم من الدخان...تامل تلك السماء التي تعلوه وهو يتمنى لو لتلك الأحاسيس الكثيرة أن تبتعد عنه و تتركه في سلام...
فها هي..
ها هي فترة أكثر من الشهر قد مرت...
شهر و أنا أرقب تلك النورة..و هي تحاول إستعادة حياتها التي كنت أنا سبباً في فقدها...و أنا أتأملها و هي تعيش بين كل من في القصر...
شهر و أنا أحاول جاهداً حتى أطلقها من ذلك الآخر...ذلك ال...
آآآه...
فكلما أتذكر كلماتها عنه تصيبني قشعريرة مقرفة لا حدود لها...و لكني لم أستطع منع نفسي من إنتقام جسدي يفشي و لو القليل مما أحس به من غضب يحرق روحي...هه...
نعم...
فلقد ذهبت للقائه...
و يا له من لقاء...
فأنا ما زلت أذكر كلماته كلمة تلو الأخرى...
\إغتصبتها؟!!
ابتسم إبتسامة خبيثة وهو يقول...\يدوووبك تعرف هالمعلومة...يا حرام...و كل هالمدة كنت تظنها هي اللي خانتك؟!!
...\ليش تزوجتها مرة ثانية؟!
...\ههه...نورة غير عن كل البنات اللي عرفتهم...حسيتها اتخذت مني و كنت أبي أرجعها..و فعلاً سويتها و رجعتها...بسسس...إنت ليش ما تسألها هي بنفسها عن اللي صار؟!!
ليش تسألني أنا؟!!
...\تدري إني ما حخليك؟!!...تدري إنك بضوقك أضعاف أضعاف اللي ضوقته لها...
...\يعني إنت تظن إنك البطل فهالقصة ؟!...مثل ما انا عذبتها..إنت كمان عذبتها و أكثر...
و لكم آلمتني جملته و بشدة...و لكم ذبحتني في اعماق صدري...ليكمل..\هههه..إنت عذبتها بأسلوب الغاية تبرر الوسيلة...و أنا ما كان لي حجة غير إني أبيها...
...\تغتصبها؟!!...البنت ما كانت تبيك..إذا عندك شي ضدي كان تحله معي أنا و بس..مو تستخدمها...ليش غصبتها على الزواج..كيف أصلاً غصبتها على الزواج منك؟!
...\هههه...بخليك على حرتك و ما رح تعرف الحقيقة...
استغربت يومها من ردة فعلي..فأنا لم أصرخ فيه..لم أشتمه...و لم أفعل أي شئ سوى الخروج من السجن...و الإتصال بذلك الإكس...و طلبت طلباً واحداً...منه...و أصررت عليه...و مع رفضه المتتالي لطلبي..و إصراري عليه..وافق في النهاية...
و كان الطلب كالآتي..: أن يحبس ذلك الحقير في سجن إنفرادي...و أن أستطيع الدخول لزنزانته...و فعلاً حدث ذلك..و لن أستطيع وصف ما فعلته به...
فليس هنالك مفردة بإمكانها وصف ما قمت به..
وصف تلك اللكمات التي كانت تلقى دونما هوادة على جسده...
بيدي..بقدمي..و بكل قوة أوتيتها كنت أضربه حتى دون ان أنطق بأية كلمة...
ضربته..شوهته...عذبته...حتى أحس الحراس بأنه قد مات..و أفلتوه من بين يداي..
اخرجت فيه كل عقدي الحيوانية..كل غرائزي الغريبة...روح يسار السوداوية أطلقت عليه...
ذلك الجانب المظلم من يسار...الذي لم يره شخص سواها..
هي تلك النورة..
أطلقته عليه أريته له بوضوح كامل...
يسار متجرد من كل الأحاسيس..من كل معاني الإنسانية..و لا يقوده سوى الغضب العارم..حقد..الكره...التبلد..و البرود...
و شرطي الآخر كان بأن يتم منعه من الطعام و الشراب لأيام...أن يعذبوه جسدياً و نفسياً...و بكل الطرق الممكنة...
و لم أحس بشئ...
بل كل ما كنت أراه أمامي هو صورتها و هي تتعذب...
اعلم أن تفكيري غريب..
فأنا أيضاً قد اغتصبت روحها...
و انا أيضاً قد عذبتها...
و لكني...
أحببتها...!!
و من كل ذرة في قلبي..
فحبها هو ما كان يقود غضبي...سخطي...و تصرفاتي البلهاء...
حبها هو الذي حرك كل هذه الغرائز بداخلي...
و أوقن أنها تكرهني...
و في كل ليلة احس بالذنب...
و لم يقل إحساسي بالذنب عما سبق...
بل تزايد...
و بشدة...
فمنذ تلك الليلة..تلك الليلة التي قرأت فيها تلك المذكرة وأنا...أحس بكل معاني الألم و الندم...و كأنما قد كنت أعمى ...كنت لا أرى شيئاً أمامي سوى خيانتها لي..لم أفكر...لم أر..و لم أفهم أي شئ...و كل ما فعلته أنني قد صببت جمام غضبي فيها..و عذبتها بكل الطرق الممكنة...جسدياً و نفسياً...
هي..
نورة...
حقيقة...
لم أعد اعلم ما الذي أحسه تجاهها...فقديماً كل ما كان يملأ قلبي تجاهها هو الكره..و الكره فقط..و لكن...الآن..
احس بظلمي لها...
بانها أفضل بكثير مما وضعته لها...
و ربما أحس بال...الرأفة عليها...و على ما مرت به..
و أكثر من كل ذلك...
الخوف...
نعم...
فقد أصبحت أخاف عليها من نفسي...و من أن أظلمها أكثر من ذلك...لذلك أحضرتها للقصر...لكي أبتعد عنها أبعد مسافة ممكنة...لكي لا أؤلمها بوجودي..فأنا موقن بانها الآن تكرهني..و بشدة...و أنا لا أمثل لها سوى العذاب و القهر...
أأحبها؟!!
لا...
لا أستطيع أن أجزم بذلك...فأنا و إن أعترفت بالحقيقة فستكون أنني أحببتها منذ أول يوم رأيتها فيه...و أحببتها حتى بعد خيانتها المزعومة لي..فقد تحول حبي السقيم لها لكره لا حدود له...و الآن...
كل ما أعلمه هو أنني لابد أن أبتعد عنها...
أبتعد...
فأنا أؤلم كل من يقترب مني..
ول...توقف عن التفكير وهو يفاجأ بتلك اليد الصغيرة التي قد شدت طرف ثوبه...تأمله...ذلك الباسل...!!
لا يعلم..هو بطبيعته يعشق الأطفال...يعشق كل شئ يتعلق بهم...و لكن عندما يتعلق الأمر بهذا الصغير..فهو لا يستطيع التصرف...لا يستطيع حتى أن يتحدث معه...لا يستطيع فعل أي شئ...ألأن فيه شيئاً من ذلك الجراح..!!
************************
كانت منهمكة في غسل ذلك الوعاء الذي في يدها...فهي دائماً ما تحاول إيجاد شئ تفعله...حتى لا تفكر...حتى لا تفكر فيه...فقد أصبح يشغل أغلب تفكيرها...سمعت صوت الباب و هو يفتح...لم تعلم و لكن رجفة صغيرة سرت في جسدها...فأفهي أصبحت عاجزة عن فهم ما يحدث لها و لكنها أصبحت تحس بإحساس غريب لدى قدومه...
سمعت صوت خطواته و هي تقترب لتتوقف تماماً...استغربت...فلقد كثرت وقفاته و كأنما يتأمل في شئ ما...ليقول أخيراً...\كيفك؟!
حاولت تمثيل إنتباهها التام مع ما في يدها..و قالت و هي ما زالت في نفس إنهماكها...\بخير...كيفك إنت؟!
و دائماً ما تأتي إجاباته بعد صمت غريب ليقول..\بأحسن حال..
و ها هو الصمت يحل مرة أخرى...
نطقت من بين خجلها العارم...\لساتك واقف؟!
لتسمع ضحكته الخفيفة وهو يقول..\أيوة لساتني واقف أطالع فيك...
و ها هو يخرسها بكلماته التي لم تعد تفهمها...ليقول لها..\تعالي معاي..في شي مهم...
استغربت لتقول له..\طيب..دقايق أكمل و آجي معك...و لكنها صدمت بيده التي تمسك يدها لتتناول منها ذلك الوعاء و مما يبدو أنه غسله وهو يقول..\مافيه دقيقة و لا غير...لأنه الشي اللي أبيك فيه مهممم مهممم حيييل؟!
و تناول يدها وهو يجرها لتبعدها و هي في نفس خجلها و تدفنها في تلك المريلة وهي تقول..\طيب دقيييقة أنشف يدي...و لكنه لم يعر لخجلها شيئاً وهو يجر يدها و يخرجها للصالة...لتقف دونما حراك و هي تقول..\ها..وش هو هالشي المهم؟!
سمعته وهو يبتعد ليقول و كأنما هو يتحدث مع شخص آخر...\سلمي عليها..
لم تفهم كلماته لتقول و قد وصلت حدها من الإستغراب..\خالد وشهو هالش...و لكنها توقفت عندما أحست بتلك اليد الصغيرة و هي تمسك بإحدى أصابع يدها...توقفت عن الكلام...لوهلة.. لم تفهم..و لكن بعدها..!!
مسكت تلك الكف الصغيرة و نزلت لتجلس على قدميها و هي تمد كفيها الصغيرة لتحيط بها ذلك الوجه و هي تمرر كفيها فيه...لتسمع ذلك الصوت..\إنتي تشبهين ماما..حييييل...!!
ابتسمت..\إنتي وجد؟!!
لتقول لها بنبرة طفولية بحتة..\أيه..و إنتيييييي رحيق؟!
ضحكت لترد..\هيا آنا...
***********************
لندن...
غطت الصغيرتان جيداً و هي تطبع قبلة خفيفة على خد كل منهما...خرجت من الغرفة و هي تحس بتأخر الوقت و بأن ذلك الآخر قد تأخر...
اقتربت من تلك النافذة و هي تبعد تلك السيتارة علّها تلمح شبحه قادماً...و لكن لا شئ...أهي قلقة عليه؟!!
سرحت بفكرها بعيداً و هي تفكر..
أهذا قلق عليك ام ماذا؟!
و بعد شهر آخر...أحقاً أصبحت قلقة عليك؟!..أحقاً أصبحت تتملكني مشاعر تجاهك...هي بالتأكيد ليست بحب...و ليست بشوق...و لكنها ربما إحساس الألفة...
فأنا و في هذه الفترة لم أر منك سوى كل ما هو جيد..سوى المعاملة الجيدة و المحترمة...سوى المودة و الرحمة...و لا أعلم هل ما وجدته في المقابل مني كان كافياً بالنسبة لك أم لا...و هذا أكثر ما كان بإستطعاتي تقديمه...
و لكن...ما زلت أحس بهالة من الغرابة تحيط به؟!..و كأنما هنالك الكثير مما هو مدفون داخل صدر هذا السطام...فهو غريب..و حتى ردود فعله غريبة...
فأنا أذكر...
أذكر ذلك اليوم...
كنت قد مللت من ترتيب الشقة...و فكرت ربما لو قمت بتغيير أماكن الأثاث قليلاً فسأحس بالتغيير...و كانت الصغيرتان في قمة الفرح لمساعدتي...كنا نحول هذا هناك..و ذاك هنا..و هكذا..ليدخل هو علينا و بإبتسامة قد اعتدتها منه...\وش اللي قاعدين تسوونه؟!
لتتقدم ملك و بطفولة منه...\حناااا نسوييي نييووو لوووك للشقة..
ابتسم وهو يقول..\ليش؟!
لأرد أنا...\تغيير..شوية...
ليقول هو \فكرة كويسة...خلاص خلوني ساعدكم...
و في تلك الأثناء كنت أحاول تحريك تلك الخزانة من مكانها لتميل و كأنما ستقع علي لتخرج تلك الشهقة من الجميع و لم أجده إلا وهو يقف خلفي تماماً و يداه تثبتان الخزانة بقوة...ليرجعها لمكانها وسط شهقات الصغيرتان..
ابتعدت بسرعة من ذلك القرب الغريب لأسمعه يقول وهو يلتفت علي..\الله يهديك يا صبا...صرلك شي؟!
لا لا أريد..
لا أريد أن أسمع هذه النبرة القلقة منه...لا أريد أن أرى تلك النظرة الغريبة في عينيه..و كأنما تغشاها نوع من اللهفة...لا أريد كل ذلك...بل أريده كأخ..نعم مجرد أخ لي..اعلم انها أنانية و لكن...قاطعني صوته وهو يقول..\صبا؟!
قلت..\ها..لاه ما صارلي شي...
قال وهو يتوجه للخزانة مرة أخرى...\خلاص خليني أنا اللي بحركها..وين تبي تاخذينها...لأشير علي مكان و أقول..\هنا...و لكن تخرج نفس ال(هنا) من فم الصغيرتان و هما تشيران على مكان آخر...لتقولا..\لااه ماما..بليييز خلييها هنا..هنا أحلى..
ليثبت الرأي في النهاية على المكان الآخر...ليحرك الخزانة...تركتهم و انا أدخل الغرفة لآتي بمزهرية حتى أضعها في وسط المكان...و لكني تفاجات عندما خرجت بتلك النقاط من الدم التي تعلم على الأرض...شهقت بقوة و أنا أقول..\وش اللي صار؟!
لتشير شهد بيدها..\هدا سطام جرح يده و...
و لكني لم أنتظر حتى تكمل هي كلماتها و دخلت المطبخ لأجده يقوم بغسل يده..اقتربت منه و قلت بلهفة..\وش اللي صار؟!
ليرد و ببساطة..\ما صار شي..
قلت..\كيف ما صار شي و الدم فكل مكان...
ليبتسم هو وهو يقول..\ههه..شوية خدش ماهو شي مهم..لتقاطعه شهد..\لاااااه ماما...الجرحة كبيييرة..زي كذا..و أخذت تشير بإصبعها على يدها و كأنما تريها حجم الجرح...ليضحك هو على تصرفها الطفولي وهو يقول..\ههههه..الله يجزاك يا شهد..يا جماعة بسييطة..
اقتربت ملك..\ماما...نااااخذه على الدكتووور...لااازم ياخذ حقنة...كبييييرة..
اقتربت منه و أنا أقول..\وريني وش كبرها؟!
ليقول..\بسيطة..و ما تح...
قاطعته و دون ممازحة...\خليني أشوفها...
استغرب هو من صوتي الآمر ليمد كفه التي لم يتوقف الدم عن النزيف منها...لأشهق و أنا أقول..\سطام...هذي ماهيب مجرد خدش...خلين..ليقاطعني هو..\صبا ما..و لكني قاطعته مرة أخرى و بكل قوة..\قلت لك تعاال..و أخذت يده ليجلس على الكرسي و آمر ملك و شهد بإحضار مطهر للجروح من الغرفة...أعلم أن تصرفي في تلك اللحظة قد أثار الإستغراب في روحه...و لكن حتى انا استغربت من نفسي..و من تلك اللهفة التي قد حلت علي...اقتربت منه و تناولت يده لأبدأ بمسح الدم منها...لأسمعه وهو يقول..\صبا قلت لك ما فيها شي مافيه داعي ل..قاطعته و أنا أنظر له..\إنت ليش تبسط أي شي؟!...ليش كل شي تاخذه ببساطة عجيبة؟!!
تأملني هو في المقابل..و علم وقتها أن سؤالي لم يكن لهذا الموقف فقط...بل كان لمواقف كثيرة..بل كان لتساؤلات كثيرة...
ليقول بنبرة غريبة..\أحسن أبسط...صدقيني...لو تدرين...فيه إشيا كثيرة أحسن أبسطها...
لم أفهم كلماته و لكن منها أحسست بانه يدفن الكثير و الكثير من الأسرار بداخله...و ها هو فضولي يزداد يوماً بعد يوم...خاصة بعد قراءتي لتلك الأوراق التي في مكتبه...أصبحت أركز معه و مع تصرفاته...
من هي هذه الفتاة التي قد عشقها...
و هل هذا مجرد ماض أم أنها ما زلت في الحاضر...
و هي هي جميلة يا ترى...
هل يا ترى هو على علاقة بها؟!!
هل إضطر الزواج بي من أجل اخيه وهو يحب أخرى؟!!
هل بإمكان هذا السطام أن يحب..يعشق و يكتب الأشعار؟!!
هل يمكن أن يحدث كل ذلك؟!!
**********************
القاهرة...
وضعت يسار الصغير على ذلك الكرسي المخصص للأطفال و هي تضع حقيبتها و تقول بتعب...\هدييل...أنا حاطة لك بجامتك على السرير...روحي و غيري و تعالي عشان تاكلين...
لتصرخ تلك الأخرى..\مااابي...أنا اكلت سكاكر كثيير و شبعانة...
قالت لها بأسلوب آمر..\نعممم..أنا مو قلت مافيه سكاكر لين بعد الغدا؟!!...روحي غيري و تعالي مابي تفاهم...
تأملت صغيرتها و هي تبتعد بضجر باد على ملامحها..خلعت حجابها و هي تجوب أنحاء المطبخ لتحضير وجبة صغيرة من سيريلاك لذاك الصغير و هي تقول..\حبيب ماما إنت جعت؟!
مر الوقت و هي بين إطعام الصغيرين و بين ترتيب الصالة و بين ذاك و ذاك... حتى نام كل منهما...دخلت المطبخ و هي تقوم بترتيب ما تبقى من أواني...سرحت في وسط إرهاقها الشديد..
و فكرت...
ها هو شهر بأكمله قد مر...
و لكم أرهق يوماً بعد الآخر...فأصبح كل شئ على رأسي...العمل..و الصغار...و أكلهم..و كل شئ...مع أن سياف يقوم بكل ما عليه من مصاريف..إلا أنني كنت بحاجته كسند لي...و ربما هذه الفترة قد كانت كافية لأبدأ الإعتياد على الإعتماد على نفسها..أليس ذلك ما كنت أفعله منذ صغري...منذ...!!
توقفت عن الغسيل و هي تسرح في حالها..لتسأل نفسها...
أسأستطيع تربية الصغار وحدي...و مع أن ذلك الآخر قد كان سنداً لي و لهم..و لم يتوقف عن زيارتهما أسبوعياً...و لكم كان هذا الموضوع مجهداً لروحي..و لكني كنت احاول الثبات بأية طريقة...
مع كل محاولاته التي لم تنته...من زهور يرسلها لي مع هديل...لجواب يضعه بين حاجياتها...و بين إعتذار يقدمه بنفسه...و بين لحظات كثيرة و كثيرة...و لكن روحي لم تقدر على مسامحته..و إن أوهمتها بذلك...فإني لن أستطيع نسيان ما حدث...
حقاً لن أستطيع...!!
توقفت عن التفكير و هي تحس بأن الصداع قد عاد لها..ابتعدت عن المطبخ لتدخل الغرفة و تتأمل الصغيران مرة أخري...جلست أمام جهازها الحاسب لتفتحه و تطبع بضع كلمات على ضفحتها...تأملت وجود رسالة جديدة...
فتحتها...
السلام عليكم أيتها الهمسة...
كيفك؟!
لك مدة لم تدخلي؟!...أتمنى أن تكوني بألف خير...و أتمنى أنك و إن قرأت رسالتي أن تطمئنيني عليك فقط ليس إلا...
أردت أن أخبرك فقط أنني الآن في الإسكندرية..أتيت في إجازة مع والدي...و بعد عدة أيام سأحضر للقاهرة...و ذلك لأنني تذكرت إخبارك لي بأنك تسكنين في القاهرة...
أتمنى أن ألاقيك يوماً ما...
و شكراً....
*************************
كانت ترتب ألعاب ذلك الصغير في الغرفة...لتسمع صوت طرق على الباب..توقعت أن يكون عبدالرحمن...لذا قالت بإبتسامة..\تفضل...
و استمرت في ترتيب الألعاب لتستغرب من ذلك الصمت و أن عبد الرحمن لم يقل أية كلمة...التفتت و هي تقول..\عمي وش اللي...و لكنها توقفت عندما تفاجأت بذلك الواقف عند باب الغرفة...
رمت تلك الألعاب التي كانت في يدها و هي تقف و تصلح غطاء رأسها...و دون خروج أية كلمة منه...قالت و بإستغراب...\فيه شي؟!!
اقترب خطوتان ليضع تلك الورقة على الطاولة و هو يقول..\الحمد لله...الموضوع تم...
قالت و بإستغراب متزايد..\موضوع شنو؟!
قال لها وهو يهم بالخروج من الغرفة...\تم قبول الدعوة...تطلقتي..!!
شهقت..!!
لم تستوعب ما حدث للتو.!!..بل لم تستطع روحها إستيعاب اللحظة...تقدمت بسرعة لتقول بلهفة لا حدود لها...\يسااار...!!
ليقف و هو ما زال يعطيها ظهره...قالت بفرحة توشك أن تعلن التمرد و الخروج من روحها..\من جدك تتكلم؟!...أنا تطلقت؟!..تطلقت من جاسر؟!...تطل..ليقاطعها وهو يقول بهدوء غريب..\إيه...
و لكنه لم يستطع ألا يلتفت عليها وهو يفاجأ بردة فعلها...فها هي تجوب كل أنحاء الغرفة و هي تصرخ بفرح لا حدود له...\الحمدددد و الشكككررر لك يا رب..أنااااااا طالق...أنا طااالق...أنا تطلقت منه...الحمددد و الشكر لك يا رب...تأملها و هي تسجد شكراً لله...
متأكد أنه لم ير في حياته من قبل أنثى تفرح بطلاقها بهذه الطريقة...
لم يشهد مشهداً يبعث لروحه القشعريرة كهذا المشهد من قبل...
ابتسم...
لها..
و لنفسه...
أحقاً أنت فرحة لهذه الدرجة؟!!
و لأول مرة في حياتي..ألمح هذه الفرحة على ملامحك..
تركها و اغلق الباب ليتركها وسط فرحتها العارمة....
فهي طالق من ذلك ال...
الجراح..
هي حرة...
هي سعيدة..
إذا حتماً لغد طيات أخرى..!!
*************************
أقف هنا و أنا أتمنى تكون الطية نالت إعجابكم...
كان فيه احداث كثيرة بدخلها فهالبارت بس حسيت إنه كذا كفاية...
و أتمنى يكون البارت شبعكم...
و مثل ما وعدتكم...
إن القادم أجمل بكثيير و يحمل الكثير من الأحداث الغير متوقعة لذا...
كونوا بالقرب...
و أدعولي معكم ربي يفرج همي...
أختكم في الله...
**روووح**
|