كاتب الموضوع :
**روووح**
المنتدى :
ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
رد: روايتي...ولغد طيات أخرى...
لطيفة....
الله يأخذ بقدر ما يعطي ..
ويعوض بقدر ما يحرم ..
وييسّر ما يعسّر ..
ولو دخل كلٌّ منا قلب الاَخر لأشفق عليه ..
ولرأى عدل الموازين الباطنيه برغم اختلال الموازين الظاهرية ..
ولَمَا شعر بحقد .. ولا بزهو .. ولا بغرور ..
د. مصطفى محمود ..
من كتاب " أنـاشيـــد الإثــم والبــراءة
لندن...
قالت بتعب...\و ربي تعبتوني إنتي و ياها...وين خبيتيه لهالكتاب...
ردت شهد و هي تشخبط بذلك اللون على الورقة القابعة أمامها...\مدري ماما...أنا ما خذته...
قالت هي \طيب طار من تلقاء نفسه و قرر يختفي يعني...
كانت تبحث جاهدة عن كتاب صغيرتها شهد..و لكنها لم تجده...فيكفيهما لعب...يجب أن تقرأ كل منهما شيئاً مفيداً...
قررت البحث أخيراً في غرفة ذلك السطام فبالتأكيد ستجده هناك لأن الصغيرتان تمكثان فيها لفترات طويلة...دخلت الغرفة و بدأت بالبحث في المكتبة و في أماكن متفرقة..
توقفت لوهلة و هي تتأمل أدراج مكتبه...أتفتحها أم لا؟!...تعلم انه ليس من حقها فتحها...و لكن هنالك فضول غريب يجعلها تفتحها...تود لو تعرف معلومة وحيدة فقط عنه...
و فعلاً...فتحت الأدراج و بدأت البحث فعلاً...لكن ليس عن كتاب صغيرتها...بل عن شئ يجعلها تعرف ولو معلومة وحيدة عنه....و لكنها و في وسط بحثها توقفت عند تلك الأوراق التي وجدتها قابعة في إحدى الأدراج... إختارت إحدى الأوراق عشوائياً و قرأتها...
......
إلى متى...؟!
إلى متى سيظل حبك يستوطن روحي؟!
إلى متى ستظلين حلماً لا واقعاً...؟!
إلى متى سيظل ذلك الجرح يؤلمني...؟!
ذاك الجرح...
توقفت عن القراءة و هي فعلاً في حالة صدمة...
أهو من كتب هذه الكلمات؟!
فهي كلمات لا تدل إلا على ان من كتبها قد أحب..ووقع في الحب من قبل...
و حتماً هو ليس بذلك السطام..
فهذا الكلام بعيد كل البعد عن شخصيته...
رجعت للقراءة...
........
جرح لا عمق له...لا بعد..و لا طول...
بل هو يتوغل كل مرة أكثر فأكثر...
يغوص ما بين حنايا الصدر...
أهو جرحها...؟!
ألرجولة فذة أن تُجرح بهكذا أنوثة؟!..
أل...
توقفت عن القراءة و هي تسمع صوته وهو يتحدث مع الصغيرتان في الصالة...شهقت...فبالتأكيد و إن خرجت من غرفته الآن فسيراها...و لكن الصدمة هو سماع وقع خطواته و هو يقترب ليدخل غرفته..لم تعلم ماذا تفعل..و كيف ستخرج من هذا المأزق...و أخيراً إنتهى بها الحال تحت مكتبه..و ظلت قابعة هناك و هي تسمع وقع خطواته و هو يغلق باب غرفته...كانت ستموت من الرعب...
((يا وييييل حااالي...وش هاللي هببته؟!...ليش أصلاً دخلت غرفته؟!...و الحين أنا معاه فنفس الغرفة..و كمان قفل الباب؟!...يا ربيي تنجدنيي؟!..يا ويييليييي إذا درى إني قاعدة تحت مكتبه...و الله لصير مصخرة هالبيت؟!...في حرمة فعمري تسوي هالسواة؟!!..يا وييلي؟!!))
كانت تستمع لوقع خطواته و هي تدعو الله ألا يقترب من المكتب..و أن يأخذ ملابسه و يخرج للحمام حتى تستطيع هي الخروج وقتها...كانت ترتجف بكل ما للكلمة من معنى...توقفت و هي تستمع لصوت طرق الباب...
سمعته وهو يتوجه ليفتح الباب...\وش تبي ملوووكة المزعجة...
لترد عليه ملك...\أبي أمييي...
ضحك بقوة على طلب الصغيرة ليقول..\ههههه..وش دخلني آنا فأمك؟!
اما تلك القابعة تحت المكتب شهقت لسماعها طلب صغيرتها..و قالت بداخلها..(هالمخبولة بتوديني فداهية...)
ردت الصغيرة و هي تندفع لتدخل الغرفة...\ماما كانت تدور على كتابها لشهد ووو ودخلت الغرفة...و بينما كانت تتحدث كانت تبحث في كل أنحاء الغرفة...لتقول له بنبرة طفولية..\سطاااام...وييين خذيييت أميي...؟!!
ضحك وهو يتابعها في تفكيرها المضحك وهو يبحث عن والدتها..و اقترب فعلاً من المكتب ليحدث ما لم تكن تريده هي و يصدم هو بانها قابعة فعلاً تحت المكتب...توقف فجأة و قال لملك وهو يدفعها للخارج..\امك ماهي هنا..بتكون في الغرفة الثانية...روحي شوفيها...
قالت ملك بإستغراب شديد و هي تضع إصبعها بين شفتيها..\أنا شفتها و هي داااخلة...
دفعها ذلك الآخر وهو يتحدث معها و أخرجها ليغلق الباب...
أما تلك الأخرى..فأغمضت عينيها و هي تتمنى فعلاً ومن أعمق نقطة في قلبها أن تنشق الأرض و تبتلعها...فهي لن تخرج من هذا المكان أبداً...بتاتاً..إطلاقاً...
سمعت صوته الرجولي وهو يقول لها..\ممكن تطلعي الحين...!!
خرجت ببطء و هي تحس فعلاً أنها ستموت...بل سيغمى عليها حتماً...
تأملته و تلك الإبتسامة الصغيرة تزين ملامحه...اغتاظت منه بصورة كانت بادية على ملامح وجهها...و مع انها في الثلاثينيات من عمرها...إلا و أنها و بذلك المنظر بدت مراهقة...
وقفت بغيظ لا حدود له لتقول...\أ..أنا كنت أدور على كتابها لشهد و بعدين..بع..قال لها و إبتسامته تزداد أكثر...\انا ما سألتك وش كنتي تسوين تحت مكتبي...مابي منك مبرر..
إغتاظت و بشدة من نبرته لتقول..\و أنا ماني قاعدة أبرر لك...بس إنت...قاطعها وهو يقول...\يا ستي عادي...لك حق تدورين على كتابها لشهد تحت مكتبي...عادي ممكن يكون هناك...
كانت ستوشك أن تصفعه في وجهه لنبرته الإستهزائية...تأملته وهو يبتعد لها عن الباب...لتفتحه و تخرج...لتفاجأ بصغيرتيها و هما قابعتان في الصالة لتقوما في مفاجأة و تقولا لها بإستغراب شديد..\ماماااا وييين كنتيي.؟!..دورنا علييكي بس ما لقيناكي...
ليخرج ذلك الآخر من غرفته و يقول بإبتسامة وهو يضع يده على رأسها بطريقة فاجأتها نوعاً ما..\الحمد لله يا بنات لقيتها للوالدة...الحمد لله إنها ما ضاعت مننا...
اغتاظت و بشدة منه لتقول..\أنا ماني بذر عشان أضيع...
قالت شهد بتأكيد..\بس إنتي ضعتي يا ماما..
و قال هو بنفس إبتسامته...\فعلاً اللي سويتيه تصرف بذران...!!
خرجت منها تلك الآهة القوية و هي تندفع لتدخل غرفتها و تغلق الباب عليها...فهي قد اكتفت من تصرفاته الغريبة و ردود فعله الأغرب..
و ابتسامه الأغرب على الإطلاق..!!
فلا تستطيع تمييزها أهي إبتسامة سخرية..أم فرح..أم غضب من تصرفها..ام ماذا..؟!
و أكثر ما أثار حيرتها هو يده التي وضعها على رأسها...
فهذا السطام يمثل...
الغرابة بأم عينها...!!
*********************
بعد يومين...
القصر....
طبع تلك القبلة الدافئة على جبهة صغيرته وهو يتأمل ملامحها الناعمة...ابتسم وهو يفكر بأنها و بعد اليوم ليست بيتيمة..و إنما ما زالت والدتها حية ترزق...و ستراها يوماً ما..و ستدفن نفسها بين أحضانها...
اشتاق لها و بشدة...فهي من كان تعينه على أيامه العصيبة..حينما تبتسم له..ولولا إحتياجه لتلك الأيام التي ينفرد فيها بمرضية لما تركها...و ها هو يأتي الآن ليجدها تغط في نوم عميق...قبلها مرة أخرى...
فكر بأخذ قسط من الراحة بالقرب منها..و لكنه توقف لوهلة و هو يفكر في ان هنالك شيئاً غريباً يحدث في القصر...فهنالك فرحة غريبة تبدو على ملامح الكل..عبدالرحمن و زوجته...ثم والدته...و هو حقاً لا يعلم سببها...ابتسم وهو يتمنى لو يظل كل من بالقصر بهذه المعنويات المرتفعة دائماً...
ظل لفترة جالساً مع صغيرته وهو يتأملها و هي نائمة...ثم أتته فجأة فكرة...فلكم اشتاقت روحه لذلك المكان...
و لصاحبه..!!
قرر أن يذهب للسطح...فهو المكان الوحيد الذي يستطيع التفكر فيه..
صعد و لكنه تفاجأ بشخص يتوسط ذلك السطح و يعطيه ظهره...انعقد حاجباه وهو لا يعي شيئاً...تأمل ذلك الدخان الذي يتصاعد و مما يبدو أن ذلك الشخص يدخن...أيضاً لم يستطع عقله تجميع الصورة...
اقترب أكثر و ما زال غير قادر على إستيعاب شئ...حتى تلك اللحظة التي التفت فيها ذلك الشخص...
وقتها...
أحس أنه يحلم..
بل أيقن ذلك...!!
فبالتأكيد ما يراه الآن هو محض أوهام ليس إلا...تقدم خطوتان وهو متاكد أنه مجرد حلم..و أن تلك الصورة ستختفي لدى اقترابه منها...
و لأول مرة في حياته...يحس بأن قلبه سيخرج من بين أضلع صدره من شدة الموقف...و لأول مرة يحس بأن روحه غير قادرة على التنفس...
أما ذلك الآخر...
أنزل تلك السيجارة من بين شفتيه وهو يتأمل ملامحه...ملامح صديق دربه..رفيقه..أخيه قبل أن يكون عمه...
كانت لحظة لا يمكن وصفها بمجرد كلمات...
جلمودين يقفان دونما أي حركة...
عمودين كانا يسندان بعضهما و لكن فرقهما الزمن ليسقطا دونما هوادة..
وجهان من نفس العملة..و لكن متعاكسان في كل شئ..
أحدهما أطول من الثاني بقليل..و الثاني أعرض منه بذلك القدر القليل...
متناقضان في كل شئ..و متشابهان في أي شئ...
أخرج خالد تلك الكلمات من فمه..و بحاجبان منعقدان من شدة الإستغراب...\يساار إنت ح...و لكنه توقف عن الكلام وهو يحس بأن ما يقوله هو محض جنون وهو ما زال يتأمل ذلك الصنم الواقف أمامه...لينطق ذلك الصنم ب...\إشتقت لك...ما تغيرت أبداً...إنت نفسك ما تغيرت ...و اقترب ليداهم بحضن أخوي عميق...حضن علّه يعبر عن حجم حاجته له...و أخذ يربت على كتفه بقوة وهو يقول له..\و اللي خلقني و خلقك اشتقت لريحتك...!!
كانت لحظة لا توصف لكليهما...
ابتعد يسار عنه ليجده ما زال في نفس وقفته دونما حراك..و كانما هو في صدمة...كان يسار ممسكاً بكتفيه بكلتا يديه...قال له..\هييي...إنت..وييين رحت؟!
قال ذلك الآخر بهدوء غريب..\أنا قاعد أحلم..أكيييد..
ضحك يسار وهو يقول له..\لأ..مانك قاعد تحلم...هذي حقيقة..أنا لساتني حي...لساتني حي...و ربي كتبلي أشوفك مرة ثانية يا خالد...أشوفك عشان تسامحني...
و ما زال خالد في صدمته وهو يقول..\أنا قاعد أحلم أكيد...أكي...لتقاطعه تلك اليد بصفعة قوية وهو يصرخ فيه بإبتسامة..\هييي...إصحى..!!
و أكمل بإبتسامة...\هذي حقيييقة..انا لساتني حي...
تفاجأ خالد بالصفعة ليستوعب حقاً أن من يقف أمامه هو يسار..إنه حقاً يسار...ليقول بإستنكار شديد..\يسااار...إنت حي؟!...حي؟!..إنت عايش؟!!
تأمله لوهلة...
تأمل إبن أخيه...
من ظلمه..
من تألم لسنوات لخصامه معه و انه لن يجد فرصة أخرى لمسامحته..
من...
توقف عن التفكير وهو يحتضنه بقوة لا حدود لها...يحتضنه بقوة تعبر عن حجم أسفه على ما فعله به...إحتضنه وهو يضرب ظهره بقوة شديدة وهو يقول..\وييين كنت..؟!..إنت؟!..إنت يساااار؟!..إنت وش اللي صار فيك؟!...ويين كنت كل هالمدة؟!!..ليييش ما سألت فينا كل هالمدة؟!..ليييش...ليصرخ ذلك الآخر و يقول..\آآآآي...بشويييش على ظهري يا الأخ...بتكسره لي...
و لكن خالداً رفض فك عناقه له و هو ما زال يحتضنه...و ما زال يلقي بتلك الضربات على ظهره وهو يقول...\قووول..وييين كنت؟!..وييين م...
أبعده يسار وهو يقول له...\خلاص عطيني نفس عشان أقدر أحكي...
رجع خالد خطوة للخلف وهو يقول و نفسه يتعالى..\إحكي؟!
ضحك يسار بقوة ليسأله ذلك الآخر وهو لا يحتمل صبراً...\وش فيك؟!..إحكي؟!
قال له يسار بنبرته الإستهزائية المعهودة...\بحكي و إنت واقفلي كذا؟!!
......................................
...................
بعد مدة من الوقت...
تأمل تلك النجمة الوحيدة وهو ينفث ذلك الهواء من فمه...قال بكلمات هادئة..\يعني بتقنعني إنك في فترة كم إسبوع إكتشفت إنه زوجتك و ولد أخوك ثنينهم عايشين؟!!...بعد ما عشت فألم موتهم سنين؟!...ثنينهم عايشين؟!..
قال ذلك الآخر و قلبه غير قادر على إستيعاب الموضوع...\تخيل؟!..انا نفسي لساتني ما طلعت من صدمة زوجتي..و الحين جت صدمة ثانية فوق راسي...أحس إني يوم بيغمى علي...ما رح أقدر على كذا...
قال يسار بشئ من الألم الذي يتسلل لروحه..\قول الحمد لله...كل شي رجع لمكانه...
إعتدل خالد في جلسته وهو يتأمل يسار المستلقى على ظهره متأملاً السماء..\الحمد و الشكر لله رب العالمين...ياااااه...ما تدري وش كثر الألم اللي عشته...ماعتقد إنه فيه من عاش ألم مثل اللي عشته...صمت لوهلة ثم أردف...
\يسار أنا كنت كل يوم..كل ليلة بتألم و بندم على شكي فيك...ما تقدر تتخيل وش كثر مؤلمة هالفكرة...كنت أتمنى لو تكون قدامي للحظة بس عشان أحب على راسك و أقولك أنا اللي غلطت فحقك ياخوي..إنت اللي لازم تعفي عني...أنا اللي...أوقفه ذلك الآخر وهو يرمي علبة السجائر في وجهه ليستغرب خالد بشدة من تصرفه...
قال له يسار..\كافي يا إنت..وش هالفيلم الهندي اللي شغلته؟!...باقي شوية و تطلع لك دمعتين و تبكي مثل الحريم...هذي قصة و إنتهت و...و لكنه توقف عن الكلام وهو يتأمل خالداً الذي أنزل رأسه و غطاه بيديه في حركة تدل على ضيقه...
قام من مكانه ليجلس قربه و يبعد كفه من وجهه وهو يقول بنبرة هادئة غير تك التي سبقتها..\هييييه وش فيك؟!..إنت من جدك بتبكي؟!!...ثم أردف ممازحاً...\خلاص يا حبيبتي لا تبكين لا...ضربه ذلك الآخر وهو يقول...\منو اللي قال لك أنا أبكي...ثم صمت لوهلة وهو يتأمل السماء...قال..\بس وربي خايف يجي الصباح و أصحى أكتشف إنه كل هذا كان حلم...أو إني أنزل و أتأكد من عبد الرحمن و لما أطلع ألقاك رحت و إكتشف إنه مجرد حلم...خايف أقوم من هالمكان و أرجع ألقاك إختفيت يا يسار...خاي...
قال له يسار بتأثر...\يا ولد الحلال بعد هالكفخة المعتبرة اللي علمتها على وجهك لساتك خايف..وربي أنا حي و طلع لي سبع أرواح...
صمت حل بينهما لوهلة ليقول له خالد وهو يعلم مسبقاً أنه لن يجد إجابة من هذا اليسار...\وش اللي صار لك فهالسنين؟!
رفع يسار رأسه ليتأمل السماء وهو يسرح في سؤال خالد له...
ياااااه...
فهنالك الكثير و الكثير مما حدث له في تلك السنوات...
كثير مما لا يمكن لصدر أن يتسع له سوى صدر يسار البارد...
إجابة هذا السؤال كبييرة و معقدة..
فهو سؤال ليس للإجابة..
و إنما للتأمل فقط..
قال له خالد..\ما بتقولي؟!...عموماً ما رح أضغط عليك...المهم إنك عايش...و الباقي مو مهم..صمت لوهلة ثم أردف...\مع إني حاس إن فيه حزن غريب جواك...!!
و ها هو الصمت يحل بينهما للمرة الثانية...ليكسره خالد وهو يقول...\عفيت عني يا يسار؟!
استغرب يسار من سؤال ذلك الآخر...قال له...\وش هالسؤال البايخ؟!
أعادها ذلك الآخر..\قولها..أبي أسمعها منك إنك عفيت عني...
نظر له يسار بنظرة تحمل معني واحد...ألا وهو..
كيف لي ألا أعفو...؟!
أأنت جاد في هذا السؤال؟!
إحتضنه وهو يقول بإبتسامة...\ههههه...كيف أقدر ما أعفو عنك؟!..إنت أخووووي...
**********************
في اليوم التالي...
إرتدت غطاء رأسها وهو تسمع صوت باب الشقة وهو يفتح..فبالتأكيد هذا هو خالد...توقفت لوهلة وهي مستغربة من لهفتها الغريبة لقدومه..منذ متى أصبحت تتلهف لمجيئه؟!!....حركت رأسها و هي تحاول نفض تلك الأفكار منه و هي تقول لنفسها...
(مجرد تعود..عشاني تعودت عليه)...
سمعت صوته القادم من الصالة..\رحيق...رحيق؟!!
خرجت ببطء لتقف عند باب غرفتها و هي تقول...\نعم؟!...
قال لها وهو يضع تلك الأكياس على الطاولة..\تعالي..جبت لنا شي جاهز ناكله...
قالت هي بهدوء..\بس أنا كنت رح حض...قاطعتها تلك اليد التي تمسك بكفها لتجلسها على ذلك الكرسي وهو يقول..\اليوم مافيه داعي تتعبين روحك...اليوم تاخذينه راحة...
لم تعي لكلماته التي كان يهذي بها و كل جسدها قد إقشعر من لمسته لها...و لكن أكثر ما أثار إستغرابها هو إحساسها الغريب بلمسته...
و كأنما هي مألوفة لروحها...!!
قال لها..\مدي يدك عشان تاكلين...
كانت خجلة للغاية لعلمها بتأمله لها....و لكن أكثر ما كان يعجبها فيه هو معاملته لها...يعاملها و كأنما هذه الإعاقة ليست بموجودة..لا يحسسها بعجزها...بل و كأنما هي إنسانة كاملة و الكمال لله وحده...
و فعلاً و بعد مدة بدأت بالأكل على راحتها و هي تستمع لكلماته و هو يحكي لها عن مدى سعادته العارمة...و ذلك لانه لاقى صديق دربه و أخوه اليوم و بعد سنوات...و لكنه قطع قصته بقول.....\فيه شي قرب فمك..
مسحت بيدها حول فمها و لكنه قال..\لاه..يمينه...
مسحت يمين فمها و لكنها أيضاً لم تقم بمسح تلك الصلصة التي قد لطخت وجهها...ليقترب هو منها و يمد إصبعه بخفة و يمسح تلك البقعة من خدها...و لكنه توقف في المنتصف..فعلاً توقف و هو يتأمل ملامحها...توقف وهو يحاول جاهداً ألا يخبرها بكل شئ...و كان سيوشك على إحتضانها و لكنها ابتعدت و هي لا تفهم ما الذي حدث..و لماذا توقف...و هل كان يتأملها..أم ما الذي حدث...
كسر هو ذلك الصمت الغريب وهو يقول آخذاً تلك اللقمة من الأكل..\اليوم زرتها لخالتك و ضاحي في المستشفى...
قالت تلك بإبتسامة بريئة..\من جد؟!!...
كيييفها؟!!...و...كيفه؟!
قال لها وهو يتأمل فرحتها التي تشرق كل دنياه وهي لا تعلم...لتسأله مرة أخرى...\خالد؟!
قال لها من دون إنتباه..\لبيه؟!
تلعثمت...
تبعثرت...
تشتتت...
و أنقلبت روحها رأساً على عقب...!!
منذ متى و تحدث لها كل هذه الإنفعالات...
قالت بتلعثم واضح في نبرتها...\إن..إ..إنت رحت لهم في المستشفى.؟!
قال بإبتسامة وهو يتلذذ بذلك الإحمرار الذي قد صبغ وجنتيها...و هي لا تعلم...قال لها..\إيه رحت...و تطمنت عليهم..
قالت بلهفة..\طيب..متى بتطلع من المستشفى؟!
قال لها..\و الله لسة..لأنه فيه عملية ثانية بيسوونها لها و بعدها ممكن تطلع..
قالت بتردد..\و ضاحي؟!
لا يعلم لم آلمته تلك ال (ضاحي)...و لكنه توقف ليقول لها..\بخير..بس لسة مافي جديد..إن شاء الله يقوم بالسلامة..
قالت..\آمين...بتاخذني لهم؟!
ابتسم بشدة لطريقة طلبها ليقول..\أمرك..!!
و قام من مكانه وهو يبتسم...فلكم يتلذذ بتأملها دون أن تدري..
يتلذذ بخداعها في مكان تلك البقعة التي قد لطخت وجهها ليجد الفرصة للمسها...
يتلذذ ببعثرة روحها...
يتلذذ بكل شئ يتعلق بها..!!
**************************
بعد ما يقارب الأسبوع...
أمالت رأسها خارج المطبخ لتتأمل صغيرها وهو يشاهد التلفاز بتركيز عال...رجعت لتكمل تقليبها للطعام في النار..و هي تستمع لصوت الراديو على الهاتف الموضوع قربها...كانت منصتة بتركيز عال في إحدى الدروس الدينية...
و لكنها لا إرادياً سرحت...سرحت و هي تفكر في سبب إختفاء ذلك الآخر...فله أكثر من أسبوع لم يأت لهما..و لم يتحدث معها..و لم تسمع عنه شيئاً...فلماذا يتصرف بهذه الطريقة...؟!!...أحقاً قرر الإبتعاد عنها و عن صغيرها بعد أن أخبرته بمدى كرهها له؟!..أم أن هنالك سبب آخر؟!
نفضت رأسها و هي تحاول جاهدة ألا تفكر فيه...تحركت لتطمئن على صغيرها مرة أخرى و لكنها شهقت بقوة من شدة صدمتها...فها هي تفاجأ به وهو متكئ بجسده على باب المطبخ...
منذ متى وهو هنا؟!
و متى حضر؟!
و كيف؟!
و لماذا لم تحس به؟!
قالت..\بسم لله الرحمن الرحيم...إنت من متى واقف؟!
قال لها بهدوء غريب لم تعهده من قبل..\من شويتين...التفت للصالة وهو يقول لها..\جبت لكم أغراض...تكفيكم..و ابتعد عنها متوجهاً ليجلس في تلك الأريكة التي تتوسط الصالة...
مستغربة هي و بشدة من تصرفه الغريب..ابتعدت بسرعة لتدخل غرفتها و ترتدي غطاءاً لرأسها...
لماذا ينتهك حرمتها بهذا الشكل..لماذا لا يقدر أنها لم تعد ملكاً له..و لم تعد محللة له...بل هي ما زالت في عصمة رجل آخر...
خرجت للصالة لتجده ما زال في نفس وضعه...و زاد إستغرابها...توجهت لأخذ الأغراض و لكنها كانت ثقيلة...و لكن حملتها لتفاجأ به و هو يقول خليها عنك...خذي هذول و خليلي الثقيل..توقفت لوهلة و هي تتأكد أن من يقف أمامها يسار نفسه..!!..أطاعته و هو يمشي خلفها و يحمل الأغراض ليضعها على تلك المنضدة...كانت تخرج الأغراض من الأكياس و هي تقوم بترتيبها..و هي مستغربة بأنه ما زال واقفاً...و ربما يتأمل فيها...و لكن لم تأتها الجرأة أن ترفع نظرها لترى ما يفعله...قاطعها صوته وهو يقول بهدوء غريب...\جهزي أغراضكم...بتروحون للقصر...!!
أحست أنها لم تسمعه جيداً...إلتفتت عليه بإنتباه ليعيد جملته و بنفس هدوئه...\بتروحون للقصر...و أعطاها ظهره متوجهاً للخارج...و لكنها تحركت خلفه و هي تقول بألم...\لاااه...ياسر..نحن هنا كويسين مابي..
و لكنه لم يلتفت عليها حتى..لتعيد جملتها مرة أخرى و هي تقول...\يسار..مافيه داعي نروح على القصر..ليش ب..و لكنه قاطعها و هو يلتفت عليها ليقف أمامها تماماً...دون أن يفصل بينهما أي شئ...و قال لها و هو يتأملها..\ليش؟!
...\ليش ما تبين تروحين عالقصر؟!!
تراجعت خطوة للخلف و هي تفرك كفيها...قالت بألم..\لأ..لأنه ماقدر أقابلهم مرة ثانية..مالي وجه أقابلهم بعد اللي صار...مقدر...
توقعت أن يستهزئ منها و بنبرته المعتادة..و أن يعايرها بكل ما أوتي من قوة...و لكنها تفاجأت بقوله و ببساطة...\ما بيصير لك شي و إنتي معاي..!!
و خرج ليتركها...
مستغربة من جملته...
و أسلوبه...
و كل شئ...!!
********************
هنا أقف و أنا على أمل ان تنال الطية إعجابكم...
و ما زلت على وعدي..
بأن القادم أجمل...بكثييير..
و أن هنالك الكثير من المفاجآت التي ستحدث في القدم بإذن الرحمن..
و ستبدا الأسرار تكشف شيئاً فشيئاً...
إن شاء الله لو ربي قدرني بنزل البارت القادم في الأيام الجاية..
يعني قريب...
لذا..كونوا بالقرب..
أستحلفكم بالله..لا تنسوني من صالح الدعاء و أن يفرج الله همي...
إلى اللقاء...
|