كاتب الموضوع :
**روووح**
المنتدى :
ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
رد: روايتي...ولغد طيات أخرى...
الساعة الثالثة و عشرون دقيقة بعد منتصف الليل...
في القصر...
يتأمل في تلك القابعة قربه...نائمة و مغمضة عينيها...كم هي جميلة؟!...لا يستطيع أن يقول جميلة كالملاك..و ذلك لأنه يعلم بتصرفاتها البعيدة كل البعد عن تلك الصفة.!!..و مع ذلك فهو يحبها فوق كل القوانين!!...فمهما فعلت و مهما تصرفت ستظل ملكة قلبه الوحيدة...
لامس بيديه خدها بخفة...كشرت ملامحها من حركته لا شعورياً و اتجهت للجهة الأخرى لتعطيه ظهرها...أرجع ظهره ليسنده على السرير و يسرح بفكره بعيداً...لماذا لا تريد حتى المحاولة مرة أخرى في موضوع الإنجاب؟!...
لماذا تريد حرمانه من أجمل إحساس في الكون...ألا وهو الأبوة!!..و مع كل ما تفعله لا يستطيع حتى التفكير في احتمالية الزواج عليها...ليس لخوفه منها و لكن لخوفه على قلبه من الموت لو ابتعد عنها خطوة!!!...استغفر الله فكل شئ قضاء و قدر من الله...
أحس بضيق شديد...يحتاج للتنفس..خرج من الغرفة لينزل و يجول في أنحاء القصر...نزل إلى المطبخ الرئيسي لتحضير كوب من الشاي فهو معتاد على عمل الأشياء بنفسه مع سفرياته الكثيرة...
كان القصر هادئا بصورة مخيفة...الظلام يحل في كل أنحاءه و لايوجد صوت غير وقع خطواته...دخل و أضاء أنوار المطبخ و بدأ بإعداد الشاي..كم هو مجنون!!..أهذا وقت لإعداد الشاي؟!...و لكنه حاول النوم و لم يستطع...
و في هذه الأثناء طبقت سجادة الصلاة ...معتادة هي أن تقيم الليل في هذا الوقت...فهي تحب ذلك جداَ...تحب مناجاة الله..تحس بالهدوء في هذه اللحظات و تحس بقربها الشديد لربها..ربها الوحيد العالم بما في قلبها و ما تعانيه من ألم..تشكو...تبكي...تضحك..تحكي..له...و له هو فقط...!!...فليس لديها أب ..أخ..أم أو أخت...تحمد الله فلديها من هو فوقهم كلهم...الله جل و علا!!
فهو من أقرب لها من حبل الوريد...تحب هذه اللحظات جداً...لحظات خالية من...(مرضية افعلي)...(مرضية نظفي)..(مرضية اذهبي)...هذه لحظاتها هي...لحظات مناجاتها لربها...مسحت تلك الدموع التي انهمرت من عينيها...
تذكرت أنها قد نسيت الكتاب الذي كانت تقرأه في المطبخ...خرجت من غرفتها و توجهت للمطبخ و لكنها سمعت صوتاً قادم من المطبخ!!..و هي متأكدة أنها قد أغلقت بابه قبل قليل؟!..من يا ترى؟!...ارتجف كل جسدها و أحست بالخوف الشديد...بحثت في المكان عن شئ لتحمله في يدها...لم تجد إلا تلك المزهرية الصغيرة...حملتها في يدها و هي تقرأ آيات القرآن...وقفت أمام الباب و حالما وجدت جسداً أمامها و انهالت بتلك المزهرية على رأسه...
صرخ بأعلى صوته من الألم ليسقط كوب الشاي الذي كان يحمله في يده على الأرض ...هي ألقت المزهرية على الأرض من شدة صدمتها و شهقت بقوة و هي تصرخ...\استاذ خالد!!!!
وضع يده على رأسه من شدة الألم و صرخ فيها بغضب...\غبية انتِي ...ما تشوفين قدامك؟!
لم تستطع قول شئ و كان رد فعلها الوحيد هو دموع قد انهمرت من عينيها و شهقات عالية...وقف مدة وهو مصدوم من ردة فعلها الأكثر من غريبة...تبكي؟!!
قالت له و بنبرة ضعيفة وسط شهقاتها...\آ..آس..آسفة أستاذ...
استغفر بصوتٍ عالٍ..سكت مدة ثم قال لها...\لا تتأسفين...انتي ما قصدتي..
لم ترد عليه وقد لفت انتباهها ذلك الجرح الصغير على رأسه و قطرات الدم المتساقطة منه...و شهقت و هي تقول...\سيد خالد؟!!
استغرب و مد يده ليتحسس المكان الذي تنظر له ليتلطخ اصبعه بالدم...قال لها..\عندِك منديل أو معقم..؟؟
تقدمت بسرعة و هي تبحث في الأدراج لتخرج له علبة من المعقم و معها مناديل و تمدها له...تناولها منها و جلس على الكرسي...ليضعها على رأسه...و هي كانت واقفة تتأمله و تشهق بالبكاء...نظر لها مستغربا من ردة فعلها و قال بتعجب..\دحين وش اللي يبكيك؟!
مرضية \أ..آآآآسفة استاذ..
خالد \و تقبلناها...!!
مرضية \أحضر لك كوب ثاني؟
خالد \ممكن...
أسرعت لتقوم بتحضير كوب آخر من الشاي له و هو لم يعرها أي اهتمام بل كان واضعاً يده على رأسه لإيقاف النزيف...و بينما هي تحضر الكوب...لفته ذلك الكتاب الموضوع على الطاولة التي بقربه..تناوله بيده ليقرأ بصوت عال..\شقة الحرية...لغازي عبدالرحمن القصيبي...انتفض جسدها عندما سمعته وهو يقول الإسم و توقفت عن الحركة ليردف لها..\لمين الكتاب هذا؟!
قالت بإرتباك واضح...\ل..للآنسة نورة..
خالد \ نِسته هنا؟!
مرضية \لا ...أنا أخذته منها حبيت أقراه..
فاجأته جداً بإجابتها فهو لم يتوقع أبداً أن يكون الكتاب لها...و لم يتوقع أن تكون من النوعية التي تستهويها الكتب...و هي علمت جيدا سبب سكوته و علمت بإستغرابه...و لكن فضلت السكوت..و هو أيضاً فضل السكوت و قد سرح بفكره للنائمة في الأعلى و هو يقول لنفسه..سماح لم تفكر يوماً في قراءة صفحة من هذه النوعية..و الخادمة تقرأها!!...سبحان الله؟!
مرضية \ تفضل..و ناولته كوب الشاي...ليأخذه منها و يقول..\شكراً...
نظرت لرأسه مرة أخرى و قالت..\كيف صار؟...و هي تقصد الجرح..
خالد \ما هو محتاج كل هالقلق!
ابتسمت بخفة له...تقدم ليخرج من الباب و عندما خرج..لم تستطع الحركة من مكانها...و تناولت الكتاب بين يديها لتمسكه و تشتم رائحته بين صفحاته!!..أغمضت عينيها بقوة و هي تملأ حواسها بعطره...و لكن تفاجأت بذلك الصوت..
خالد \كتاب....و لكن توقف عندما رآها على هذه الهيئة لتنصدم به و ترمي الكتاب من يديها...و يقول لها..\وش فيك؟
مرضية \أأ...لامافي شي كنت بآخذ الكتاب بس...
خالد \أووه....أوكي بس حبيت أقول لِك إنه خيار رائع..و خرج..
وضعت يدها على صدرها لتحاول ايقاف ضربات قلبها القوية عن الخفقان بسرعة...كانت تحس بأنها ستسقط مغشياً عليها لا محالة...ظلت مدة على حالها ثم استوعبت نفسها و توجهت نحو مكان الشاي الذي سقط على الأرض لتنظفه..
أما هو فنعم استغرب من حال هذه المرضية...ما هي قصتها كلما دخل عليها مكاناً وجدها تشم رائحة شئ؟!!.
و لم يخطر بباله أبداً بما أنها خادمة ربما لأنها ...
...تحبه..
و تحب اقتفاء أثره في كل مكان!!...
********************
في الشقة الجديدة لنادية ...
لمحة من الماضي...
قبل ثمانية عشر سنة تقريباً...
تتأمل في تلك المرمية على السرير و أنفاسها تتعالى واحدة تلو الأخرى..و تتعالى تلك الكحة القوية من فمها...لتنذر عن مرض شديد قد أصابها...و هذه القابعة في الأرض و ممسكة بيدها ليست لها أية حيلة غير الدعاء لرب قريب غير بعيد!!
أحست أن الدموع قد جفت من مقلتيها و ليست لها أية قدرة على الخروج أكثر من ذلك...حاولت..حاولت و حاولت..و لكن هو قدر الهي ليست لها أي حيلة فيه...نظرت لها تلك الراقدة كالجسد الميت على السرير و قالت بوهن شديييد...
\نادية...كحح كح...
شدت مسكتها ليدها و قالت بقلق..\يما...لا تتعبين نفسك...
سعاد \ناااادية....اهربي..اهربي يا بنتي...
أسكتتها واضعة يدها برقة على شفتيها و قالت و الدموع تملأ محاجرها...\يما هذا موضوع منتهي...لا تتعبين نفسك انتي و ان شاء الله تتحل...
كحت كحة قوية أحست نادية أن روح والدتها ستخرج مع هذه الكحة و قالت لها...\نادية...أنا ما بقا لي كثير وربك يتولى روحي...لازم تهربي...منه!!!
قالت واضعة يدها على كتفي والدتها لتطمئنها...\انزين بس انتي الحين لازم ترتاحين ...
سمعت صوت الباب الخارجي و هو يفتح...اقشعرت كل شعرة في جسدها...احساس بالضيق...ينتابها كلما أحست بوجوده في نفس المكان...تتمنى لو تخرج روحه من صدرة لترتاح..لا..لو بمقدرتها هي إخراجها...لينتهي هذا الاحساس المقزز الذي يتخللها...
قامت بسرعة من مكانها و هي تسمع صوت وقع قدمه في الأرض و هو ينبئ بقربه...أصلحت الغطاء الذي على رأسها جيدا...فلو بمقدورها لغطت كل جسدها منه...سمعت صوته المقزز و هو يقول بنبرة استهتارية اعتادتها منه...
\وش اللي مقعدك هنا يا هاااانم؟!!!
استقامت و اكتفت بالنظر للأرض لأنها تعلم أن أي حرف يخرج من فمها بالمعارضة سيتسبب في تشويه ما تبقى من جسدها...قال و علامات الغضب ترتسم على وجهه...\هييي...أنا أتحدث معك؟!!...ليش ما رحتى لشغلك؟!!
قالت بخوف شديد و هي تكتف يديها على صدرها كمحاولة لاحتواء نفسها...\أاأأ...الأستاذة عطتني اجازة...
نظر لتلك الملقية على السرير و لم يتبق لروحها إلا القليل لتعلن صعودها للسماء...قال بنبرة مقززة...\وش بتسوين لها يعني...ها...هذي جثة مافي منها نفع...و ما بقا لها غير ساعات و تودع...و نفتك منها...مو كافي المصاريف اللي تنصرف على علاجها من دون أي فايدة!!!
قالت له والدتها و بنبرة يملأها الضعف...\طلال أنا..أنا...و لكن قاطعها هو بصوته العالى و هو يقول بغضب...\أسكتيييي...فلولا رحمتى كان خلصت عليك من زمان...و لكني تحملتك أنتي و بناتك...خلصينا و موتي...
كانت هذه الكلمات وقعها كالسهام على صدر نادية...و لكن ليس بيدها حيلة...ليست لها أية حيلة سوى السكوت و الامتثال لأوامره...قال لها بنبرة آمرة...\هييي أنتي...قومي وحضري لنا الغدا..
قامت من مكانها لتحضر ذلك الغداء الذي تتمنى لو تغمره بسمَ قاتل لترتاح منه ومن دناءته... و لكن استغفرت و غادرت المكان...
مسحت دموعها التي قد ملأت وجهها...وهي تتأمل في تلك الصورة التي بيدها...كم اشتاقت لهما...فقد كانتا سببا لها لتعيش..و لكن بعد رحيلهما...فقد ماتت..و مات كل شئ فيها..أصبحت جثة هامدة..دونما أدنى احساس...كم اشتاقت لرائحة والدتها..و لرائحة تلك الصغيرة!!
قبلت الصورة بشغف و هي مغمضة عينيها...لبثت على حالها مدة من الزمن...ثم أدخلت الصورة بين تلك الورقات من مذكرتها...وضعت المذكرة على جنب..تناولت تلك الأوراق الموضوعة في الطاولة لتتأمل ضحيتها الجديدة...و تخطط لما ستفعله...!!!
*********************
وفي اليوم التالي...
في طريق مهجور و بعيد...
سماح \خالد...
خالد \سماح...سكت و اردف بقلق...\وش فيك؟!
\خالد أنا في منطقة نائية و عجلة السيارة نزلت...و مانب عارفة وش أسوي...خالد..مافي أي سيارات في الطريق...أنا خايفة...
قال محاولاً تهدئتها...\أوكي أوكي..لا تخافين..عم مهدي معك؟!
سماح \إي...بس هو له نص ساعة يحاول يصلحها...و ما شكلها بتتصلح..
خالد \سماح قلت لك لا تخافي...أوكي...سكت مدة ليفكر ماذا عليه أن يفعل...\رح أتصل بيسَار عشان يجيبك...
ثم أردف مستغرباً...\بس وش اللي يطلعك لمنطقة مقطوعة دحين؟
قالت بإرتباك..\ها...لا بس كنت أبي أشتري اشيا من حرمة ساكنة قريب من هني..
خالد \أوكي رح أتصل فيه لا تخافي...
سماح \ حبيبي لا تتأخر علي...وأغلقت الهاتف لتعلن عن انهاء المكالمة...
ابتسمت...فقد حصلت على مبتغاها...فكل ذلك قد كان محض تمثيلٍ منها...هفهي ليست خائفة لتلك الدرجة...و لكنها تريد استغلال هذا الموقف لهدف فس رأسها ليس إلا... لن تستسلم و لن تسمح لتلك النورة بأخذ يسّار منها...!!
***************
و في مكتب يسّار..
سمع صوت رنين الهاتف...أخرجه من جيبه ليري الرقم المتصل به..ابتسم..و أخذ زفرة...رامياً القلم الذي كان بيده..و أتكل ظهره على كرسي مكتبه...
\خالد...
\يسَار..اسمعني...سماح تعطلت سيارتها في مكان وماهي عارفة وش تسوي...أبيك تروح لها...
أحس بالإختناق المطلق..عدم القدرة على التنفس...فتح الزرارات العلوية من قميصه محاولاً استنشاق القليل من الهواء...و قال بضيق يحاول تغليفه بالهدوء...\عم مهدي معها؟!...قاطعه خالد قائلا...\إيوة بس له نص ساعة لاطعها و السيارة ما تبي تتصلح...يسَار...
تناول ورقة من الأوراق الكثيرة المبعثرة على المكتب...و قال..\خالد الحين أنا مشغول ...
\يسَار هي بروحها دحين و أكيد خايفة..و لو ما كنت مسافر ما كنت رح اتصل فيك..
أخرج زفرة قوية و قال \ انزين وينها؟!
\ما اعرف ..اتصل فيها انت...
\أوكي
أغلق الهاتف و هو يحس بأنه يريد تكسير أي شئ أمامه يريد فقط أن يخرج ما به من ضيق...استغفر ...
أما هي فعندما نظرت للرقم المتصل ابتسمت...هي تعلم هذا الرقم جيدا..فهي تحفظه عن ظهر قلب...انتظرت مدة ثم ردت..
\الو..
قال بجدية تامة...\أنا يسَار..وينك فيه؟
اغتاظت من تعامله الجاف جداً معها...وصفت له المكان و أغلق منها على الفور...
وبعد نصف ساعة ...كانت قد أصلحت شكلها و أحمر شفاهها و رشت القليل ..لا بل الكثير من العطر..ابتسمت عندما رأت نور سيارته...نزل من السيارة و هو يتحاشى النظر لها في عينيها...يريد فقط أن ينتهي من هذه المصيبة التي أدخلته فيها...نظر للعجلة ... لاحظت له و هو يتحدث مع عم مهدي بكلمات..اقترب من جهتها من السيارة وقال لها...
\انزلي...رح آخذك...و بترك عم مهدي يصلحها..
سكتت و هي مبتسمة و ركبت معه في السيارة...
كانت تحس أنها في قمة السعادة...ستوشك أن تقفز من الفرح..قد نجحت خطتها جيداً...تحس به قربها..بكيانه..بوجوده..برائحته...تريد أن تكون على هذا الوضع للأبد..لا تريد أن تفكر في العواقب..فقط كل تفكيرها منصب في هذه اللحظة...تريده لها..لها هي فقط..و ليس لغيرها...كانت تتأمله و هو يقود...ليس هنالك صورة للرجولة أكمل من هذا المنظر!!!...لم تخجل..و لم تنزل عينيها من عليه...تريد أن تتأمله إلى ما لا نهاية...تريد أن تحفظ كل تفصيلة من تفاصيل وجهه...جسده..يديه..كل شئ...
أما هو...فيحس بالتقزز جدا...يحس بأن روحه توشك أن تخرج من صدره...يريدها و يمقتها..يحبها و يكرهها...يعشقها و يريد قتلها...يحس بأنه كومة من القذارة في هذه اللحظة...استأمنه عليها و ها هو الآن يخون الأمانة...ها هو الآن يغرس السكين في ظهر من استأمنه...و لكن سبق و أن حاول...حاول و استنزفت هي كل طاقته...لا يستطيع..نعم لا يستطيع نكران أنه أحبها و ما زال يحبها...ولا يستطيع أن ينكر الواقع المرير أنها لا و لن تحل له أبداً...كيف لإنسان القدرة على أن يناقض نفسه...يريدها الآن..و لا يريد أن يرى وجهها...
عندما رأت أنهم اقتربوا من المنزل...سحبت نفساً قوياً وقالت برقة مدروسة...و الإبتسامة على وجهها...\رح أطلب الطلاق من خالد...!!!!
مع جملتها أوقف السيارة بقوة جعلتها تهتز...و اتجه نحوها و كل ملامح وجهه توشك على الإنفجار...و قال و هو يحاول مسك أعصابه لكي لا ينفذ جريمة...\وش قلتيييييي؟؟!!!!!!!
نظرت له بخوف و ضعت يديها على صدرها و قالت بوله...وهي تنظر لعينيه...\يسَار.. أنا لساتني أحبك للحين...ورح أتطلق من خالد و نرجع لبعض...أنا أدري انك تحبني و مانك قادر على فراقي...ليش نعيش في عذاب...يسار..نحنا ممكن نرجع لبعض..
قال و الشرار يتطاير من عينيه...\انخبلتييي في راسك..مين اللي قالك هالخرابيط؟!
قالت بلهفة...\عيونك...نظراتك..تجاهلك لي..كل هذا..أنت نفسك .؟..أنت اللي بتقول لي جذي من تصرفاتك..
نظر للأمام...مسح وجهه بيديه...سحب نفساً قوياً ثم قال محاولاً أن يتماسك...\سماح...هذي مجرد أوهام...أنا نسيتك...و ماعندي لك أي نوع من المشاعر...
قالت بإصرار..\ لا أنا لساتني هنا...و رح اقعد هنا...و رح اسكن هنا للأبد..و أشارت على قلبه...
لا لا يمكن أن تكون بهذه الطريقة...\سماح...خالد يحبك...انسي هذا الكلام..و أنا رح أتناساه و كأن ما صار شي...
قالت و هي تحاول التقاط نظراته...\بس..أنا أحبك أنت...
في هذه اللحظة كان قد وصل الى قمة غضبه..يخاف أن تكون نهايتها بين يديه...و يدفنها في هذا المكان..لا يستبعدها على نفسه المجنونة!!!..فإن غضب... لا يرى أمامه شيئاً...قال لها و هو يصرخ...
\سمااااااااااااح...انزلى ..وصلنا...
قالت و الدموع قد تجمعت في عينيها...\لا..مانيب نازلة...يسَار..أنت تحبني..تحبني أنا...و الدليل على كذا انك ما تزوجت للحين..
قال بصرخة قشعرت كل جسدها...\لا...أنا رح أتزوججج...
ساد الصمت بينهما...هي صدمت..ماذا؟!!...سيتزوج؟؟!!...لا لا يمكن..هو فقط يقول ذلك ليقنعني...
قالت له و بغضب شديد و هي تصرخ...\شنوووو؟!!...رح تتزوجهااااا؟!...نورة؟!!...هذي اللي بتمثل انها قريبتك؟!
أما هو سكت مدة ثم قال...\اي رح اتزوجها هي...و بيكون الزواج قريب...!!!
قالت و الدموع قد أعلنت اطلاق سراحها من مقلتيها...\لا..لا..أنت تكذب...انت تقول جذي بس عشان...قاطعها و هو يقول...\رح أتزوجها يا سماح...و ماهو عشان انساكي..بس لأني حبيتها...
قالت بغضب...\لا أنت ما حبيت و ما رح تحب غيري...سامع!!
\أنا خبرتك..ما هو بالضرورة تنهين حياتك بس عشان أحلام...خالد يحبك... و أنا نسيتك و طويت صفحتك من حياتي...اقترب منها ليفتح الباب...فتح لها الباب و قال..\ انزلي قبل يشوفنا أحد...
نظرت له بكره مطلق و نزلت دون أن تقول كلمة و هي تحمل معها دموعها...
بعد أن نزلت و راقبها و هي تبتعد...ضرب على مقود السيارة بكل قوته...أحس أنه يريد أن يموت في هذه اللحظة...فالحياة تعطيه صفعة أقوى من التي تسبقها..تعب...يقسم بأن كل خلاياه قد تعبت..من الكذب..النفاق..المقاومة..و ارتداء الأقنعة الباردة و التي قد استلت كل أنفاسه...لا يمكن له أن يحتمل أكثر من ذلك...
لو كانت قد أحبت خالد و نسيته..لسهلت عليه مهمة كرهها..و لكنها..تريد قربه...تريده...و لا..لكي ينقذ نفسه منها...أغرق نفسه في دوامة أكبر...في جحيم أوسع...لماذا خرجت منه هذه الكلمات..لماذا قال ما لا يستطيع تنفيذه؟!!...لا يستطيع...يا رب لطفك يا رب...
**************
كان جالساً على الكرسي...و هي جالسة على كرسيها المعتاد أمامه...قال لها بهدوءه المعتاد...\ما اشتقتي لها؟!
روح \مِن هي؟!
محمود \والدتكِ..
سكتت مدة..فركت يديها ببعضهما ثم قالت..\أنا ما أتذكر شي لأنها ماتت لما كان عمري 7 سنوات..
محمود \لما تضايقك اشياء..لمن بتلجئين؟
استغربت من اسئلته الغريبة و قالت دون تردد..\الدادة...
محمود \بتحسين بالوحدة في بعض الأوقات؟
سكتت مدة و هي تفكر...نعم ليس في بعضها بل في كل الأحيان...فليس هنالك شخص في عمرها لتقضي الوقت معه...قد اعتادت على الوحدة و لكنها تسلي نفسها ببعض الأشياء...و لكن قالت له بكل بساطة..\لا..
رفع حاجبيه وهو يقول..\ليش تكذبين؟!
قالت له بغضب..\أنا ما كذبت!!
ابتسم ببطء ثم قال...\أنتِ تحسين بالوحدة المطلقة بس ماودك تعترفين بكذا....تحسين بأنكِ تحتاجين لأي شخص قربك...فليش الكذب...
لا تعلم لم مستها تلك الكلمات في قلبها او ربما كانت بحاجة شئ لتنفعل بسببه..قالت له بغضب شديد...\قلت لك أنا ماني كذابة...ودك أقول الحقيقة!!...اي مثل ما قلت أنا وحيدة...و مافي أي شخص بقربي...و انا أكره الوحدة بس اتعودت عليها في نفس الوقت...و مشكلتي الكبرى اني..معاقة..!!..فلولا اعاقتي كنت الحين أدرس و لي صديقات و لي حياتي الإجتماعية...ولولا اعاقتي ما كنت رح حس بالحزن كل يوم..أحس اني ودي ابكي كل ليلة... لم تستطع إكمال كلامها و أصبحت تشهق بالبكاء بقوة و هو قد كان مصدوماً فهذه هي المرة الأولى التي تنفعل فيها بهذه الطريقة...
أصبحت تشهق بقوة و لكن سرعان ما اصفر وجهها...و أصبحت غير قادرة على التنفس...تفاجأ محمود جداً نعم هو يعلم بأمر نوباتها و لكن لم يحضرها يوما من قبل...اقترب منها و انحنى نحوها وهو يقول...\حاولي تتنفسين...حاولي تنفسي أكثر...شهيق..زفير..اي...
ولكنها كانت تحاول بقوة دون جدوى و وجهها يتلون...أحس بأنها قد عادته و هو أيضاً أصبح غير قادر على التنفس...من شدة خوفه عليها...صرخ بكل قوته للدادة لتأتي مسرعة و قال وهو يصرخ..\ويييينه دواااااهاااا؟؟!
قالت بصدمة و هي تنظر لروح..\وش فيها..رووووح وش فيييك حبيبتيييي...روووح؟!!
محمود \وينه هو دواها؟؟؟؟
الدادة \خلص من مدة و ما جبنا واحد جديد...
توقف مدة وهو يحاول التفكير في حل ليقوم به...نظر لتلك التي قد تحول لون وجهها من قلة الأكسجين فيه...و تلك التي تنتحب بالقرب منها...أزاح الدادة من قربها و حملها ليرقدها على الأرض...و أصبح يضغط على صدرها بقوة و ليحاول انعاشها...و قال للدادة..\اتصلي بالإسعاف...بسررررعة...
****************
بعدأن تأكدت أن نورة في الحمام...دخلت غرفتها ببطء لتبحث فيها...لفتت انتباهها حقيبة نورة الموضوعة في السرير...أسرعت لجهتها و فتشت الحقيبة كلها عن شئ يخبرها أين تتأخر نورة...
و لكن لم تجد شيئاً...تفاجأت من صوت نورة القادم من قرب الباب...\خالتي!!!...وش تسوين؟!
لم تعلم ماذا ستقول لها...و قالت لتتدارك الموقف...\وين كنتي يا هانم؟!!
تلعثمت نورة في كلامها و نسيت ما كانت تفعله خالتها و قال..\أنا...كنت في الشغل...
قالت لها خالتها و هي تمسك يدها بقوة شديدة أوجعتها..\نوووورة...اعترفي..وين كنتي و مين ذاك الرجال اللي وصلك للبيت؟!
رجف كل جسدها عندما قالت خالتها تلك الكلمات و ذلك لم يكن خافياً على خالتها مما أكد لها ما قالته لها جارتها...قالت نورة بارتباك واضح...\أ..أنا...قاطعتها خالتها لتقول بغضب شديد..\اعترفييي...
\ما وصلني أحد...و تفاجأت بتلك الصفعة القوية التي طبعت على خدها...\إيّاكِ تفكرين تكذبين علي..!!!
وضعت نورة يدها على وجهها من شدة الألم..كانت موقنة أن خالتها ستعلم بالموضوع عاجلاً أم آجلاً و قالت لها بنبرة باكية...\هذا...و أخبرتها نورة بكل شئ لتصرخ عليها خالتها و تضربها بقوة على كذبها عليها حتى تشوه جسدها بتلك الخطوط الحمراء جراء الضرب بحزام...حزام قد أتت به خالتها من ذلك الوليد...
تركتها خالتها جثة هامدة و قالت لها و هي تهم بالخروج من الغرفة...\من اليوم مافي شغل تروحين له و بحبسك في هذي الغرفة...و مافي طلعة لأي مكان ..فهمتي؟!
و لم تجد منها رداً...حملت حقيبتها بقوة و قلبتها لتسقط كل أغراضها على الأرض ...نظرت لها و حملت هاتف نورة لتقول لها...\الحين بنشوف وش بتسوين؟
أخذته و خرجت و أغلقت الباب على نورة بالمفتاح...لتشهق تلك المسكينة من شدة بكاءها ليس بيدها حيلة غير البكاء...البكاء لا غير!!
*************
في غرفة مرضية القابعة في ذلك الجزء الصغير من القصر ....
إلى مذكراتي...
لا أعلم ما حدث في تلك الساعة!...الرابعة صباحاً تقريباً...من أجمل لحظات حياتي!!...حتى و إن لم يحدث فيها شئ يستحق الذكر ولكنني شاركته نفس المكان في تلك اللحظات...أعددت له كوباَ من الشاي ليشربه و يتذوقه بنفسه...
لا أعلم لماذا قمت بضربه على رأسه و لكنني كنت خائفة...كم كان شكلي غبياً حينما بكيت...و أصبحت أشهق بالبكاء كالطفلة الصغيرة!!...ماذا قال عني يا ترى؟!...مؤكد أنه قد قال ما هذه المخبولة؟!!..أو على الأغلب لم يكترث لأمري..!!
وضعت مذكرتها على جنب و تناولت ذلك الكتاب لتحتضنه للمرة الألف بعد المئة و تشتم رائحته...وضعته لتتناول قلمها مرة أخرى و تكتب...
أحببته حينما كان ممسكاً رأسه بيده من ألم الضربة!!
أحببته عندما صرخ بوجهي عندما قمت بضربه!!
أحببته عندما قال لي بعدها لا توجد مشكلة ولم يوبخني!!
أحببته عندما كان جالساً يتأمل في صفحات ذلك الكتاب!!
أحببته عندما رجع و تفاجأ بشكلي و أنا ممسكة بالكتاب وأشتم رائحته فيه و ذلك التعبير الذي قد رُسم على ملامحه !!
أحببته عندما قال لي أن الكتاب الذي اخترته ممتاز!!
أحببته عندما..و عندما..و عندما...أشياء كثيرة لا يمكن أن أحصيها...ببساطة..
أحببت كل لحظة معه حتى و إن تصرفت بغباء فيها..أو بكيت..أو ضحكت..فكل اللحظات معه لا توصف!!
لا أعلم ..لا أعلم إلى متى سأظل أحبه ...لا أعلم إلى متى سيظل ذلك القلب ينبض دون جواب..و لكن ما أعلمه أنه حتماً...
لغد طيات أخرى...
حارقة روما
كفي عن الكلام يا ثرثارة
كفي عن المشي على أعصابي المنهارة
ماذا اسمي كل ما فعلته
ساديه .. نفعيه
قرصنه .. حقارة
ماذا اسمي كل ما فعلته ؟
يا من مزجت الحب بالتجارة
ماذا اسمي كل مافعلته ؟
فإنني لا أجد العبارة
أحرقت روما كلها
لتشعلي سيجاره
نِزار قبّاني
لمحات من القادم...
( قال بغضب شديد..\أقسم انك سلمتي منها هذي المرة...بس ماني قادر احتمل أكثر من كذا!!!
و اغلق الباب عليها لتسقط على الأرض و كأنما اعتادت تلك العادة لتمسك وجهها بكلتا يديها و تدخل في نوبة بكاء أخرى...)
(تحرك من أمامها و قال وهو يهم بتركها...\أنا حذرتِك...أنا شخص ما رح تقدرين تعيشين معه تحت سقف واحد...و أنا أقولها لك للمرة الثانية...ما رح تقدرين..!!
و تركها مصدومة...لا تقو على الحركة..الكلام..و لا حتى التنفس..!! )
( قال له...\و الحين...هي ف يدها كل شي...ههه..الشريط...و الأوراق الدالة على كِل قذاراتك و أعمالك القذرة...و اللي لو الله قدر ووصلت لأي شخص رح تنتهي تماماً مثل ما انا رح انتهي..و بكذا إياك تهددني بعد اليوم..لأننا ف نفس المركب...و كل ذا بسبب...نزواتك!!! )
ماذا سيظهر من ماضٍ مؤلم لنادية؟!
ماذا سيحدث لروح...و ماذا سيفعل محمود؟!
ما الذي سيحدث لنورة؟!
و كيف سيخرج يسّار من ذلك المأزق الذي قد أدخل نفسه فيه؟!
هنا أقف و أتمنى.. أتمني من كل قلبي ان البارت يكون نال اعجابكم و يا ريت تعطوني آراءكم اللي تهمني جداً جداً...
يا ريت أتشرف بمشاركاتكم....
|