كاتب الموضوع :
**روووح**
المنتدى :
ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
رد: روايتي...ولغد طيات أخرى...
لطيفة..
يقول الله عز وجل فى حديث قدسى شريف " يا عبادي ان كنتم تعتقدون أنى لا أراكم فذاك نقص فى ايمانكم وان كنتم تعتقدون أنى أراكم فلم جعلتمونى أهون الناظرين اليكم "
اللهم انا نعوذ بك من أن نجعلك أهون الناظرين الينا, يا رب و لو صغر الذنب, اجعله كبيرا في أعيننا...
آآآمييين يا رب...
القصر...
مرر كفيه بخفة على ذلك الحائط الأسود...مررها على كل شئ في الغرفة..هي نفسها..غرفته...لكم حملت بين ثانايا حيطانها الكثير و الكثير من الذكريات التي لا نهاية لها...ياااه..
و ها هي الذكريات تتدافع دونما هوادة في مخيلته...
تأمل الغرفة بكل مافيها من أثاث..لم تتغير..و إنما هي نظيفة و كأنما لم يتغير شئ...تحرك ليقف أمام تلك اللوحة...توقف لوهلة و هو يذكر جيداً بم تذكره...
هي ذكرى وحيدة لا غير...
تناولها لينزلها بهدوء وهو يتأمل تلك الخزنة التي كانت قابعة خلفها...مرر كفه بخفة لتتحسس باب الخزنة..هي ذكرى وحيدة تتدافع نحو روحه..
ذكرى لقياها الأولى..
كيف لا يتذكرها و هي من كانت سبباً في تلك الندبة التي تعلم جسده..كيف؟!
قطع عليه أفكاره ذلك الصوت القادم من الخلف..\مثل ماهي..كل يوم تتنظف و كأنك كنت عايش فيها...كذا كانت أوامر جدتك..
التفت عليه ليقف لوهلة وهما يتأملان بعضهما...ليكسر ذلك الصمت والده وهو يقرب كرسيه المتحرك..\رح أسألك و أنا متاكد مية بالمية إنك ما رح تقول الحقيقة...
وين كنت؟!!
اقترب يسار ليجلس على ذلك السرير وهو يمد كفيه ليتحسس غطائه...\ههه...مدامك تعرف إنك مارح تلقى إجابة لهاسؤال...ليش تسألني يبة؟!!
قال له ذلك الآخر..\إنت تدري إننا كلنا ماني غير الخير لك...بس كيف تبي لنا إننا ما نعرف وش صار لك كل هالسنين...يعني اليوم جدتك و امك سكتوا..بكرة بيسألوك مرة ثانية و ثالثة و لازم تكون عندك إجابة لهم...
قال يسار..\و إنت تدري زين إنه مافيه إجابات رح قدمها لهم..
اقترب ذلك الآخر بكرسيه ليقول..\انا مابي من الدنيا شي غير سلامتك..و كونك ترجعلي بعد موت فهذا كافي بالنسبة لي...و مابي شي..بس برضو من حقنا إنا نتسائل وين كنت كل هالمدة...وش اللي صار فيك؟!..و ش شفت؟!
ابتسم له يسار وهو يقول..\تطمن يبة..هذاني قدامك بخير...و هذا الأهم..و الباقي ماهوب مهم...صمت قد حل بينهما ليكسره هو بمحاولة منه لتغيير الموضوع..\متى رح يجي خالد؟!
ليبتسم عبدالرحمن من محاولة إبنه الواضحة لتغيير الموضوع...\أنا لو قلت له بيجي الحين..بس..ليقاطعه يسار بقوله..\لاا...مابيكم تخبرون أي أحد برجعتي..لا صبا و لا خالد..أبي أشوفهم بروحي...مابيهم يدرون قبل لا قابلهم...خليها كذا..صمت لوهلة و هي يتذكر كل ما أخبروه به عما حدث في فترة غيابه..لكم هو مصدوم بكل ما حدث..
كيف؟!..
و متى؟!..
هل لكل ذلك أن يحدث و في هذه السنوات فقط...قال و بإستغراب يختلط بإبتسامة...\صبا..
..تزوجت!!
...هذي اللي ماني قادر أصدقها...!!
ضحك ذلك الآخر وهو يقول له..\الظاهر إنك إنت اللي كنت تشجعها على القعدة كذا..بس نحنا وقفنا و أقنعناها...
سأله \هو شخص زين؟!!..يستاهلها؟!
عبدالرحمن..\اللي أعرفه عنه إنه نعم الرجال...بس شكلها هي و البنات مبسوطين معاه...مشى ذلك الآخر في أنحاء الغرفة و هو يبتسم بقوة..\اشتقت لهالشياطين بصورة مو طبيعية...و التفت على والده ليقول له بهدوء غريب...\و خالد... كيفه مع موتها لزوجته؟!
سرح عبدالرحمن في سؤال ابنه..\خالد...عايش و موب عايش...خالد كان في صدمة ضعف اللي عشناها نحن...حنا حزنا عليك..بس هو كان حزين عليك و على زوجته..يمكن أقرب إثنين له فهالحياة..حاول يصمد عشانا..و عشان صبا و عشان جدتك..بس الحمل كان ثقيل عليه..حيل...كان كل اللي في القصر يدرون فيه..دايماً هادئ و يحاول يبين إنه زين بس هو موب زين...مدري من غير هالوجد وش كان رح يصير فيه...ربي عطاها له عشان تصبره..هي اللي كانت سبب ثباته فهالدنيا...
تألم و بشدة من كلمات والده..
تألم من حقيقة أن خالداً كان يعيش كل هذا الألم وهو قد كان بعيداً عنه...
تألم لأنه لم يكن موجوداً في أشد أوقات حوجته له..
أنه لم يكن موجوداً ليحتضنه..
ليكون هو سنده و صديقه و أخيه...
تألم لألم ذلك الخالد..
فهو ببساطة...
خالد..!!
قال عبدالرحمن..\إنت ما تردي وشكثر فرقت معاهم..مع الكل..مع..قاطعه دخول تلك الصغيرة و هي مندفعة لتقف بين قدمي عبدالرحمن وهو يحتضنها بقوة لتقول..\عميي؟؟!!
ليقول لها..\وش تبي وجد الحلوة؟!..
وجد \أبي أتكلم مع أبووووي..اشتقت له..وهوااا...توقفت لتتأمل ذلك الآخر الواقف وهو يتأملها بإبتسامة..دفنت نفسها أكثر في حضن عبدالرحمن وهي تلتفت عليه بتساؤل..\عمي؟!
عبدالرحمن \ها؟!
قالت و هي تشير على يسار...\مين ذا؟!!
ابتسم يسار بشدة على جملتها ليقول لها..\إنتي ما تعرفين منووو آناا؟!
ليزداد استغرابها..\لأ..منوووو إنت؟!
اقترب منها لينحني و يجلس ارضاً حتى أصبح في مستواها...\أناااا يساار...
وضعت يدها الصغيرة على فمها في صدمة طفولية بحتة و هي تقول..\لاااا..إنت اللي بابا يحكيلي عنك...
صمت لوهلة و قد داهمته جملتها...اقترب منها و هو يقول لها...\وش كان يقول عني؟!!..
قالت تلك و هي تشير بكلتا يديها..\إيييييه إشيا كثييييرة ماقدر أقولها الحين...
حملها بين يديه وهو يشتم رائحة أبيها فيها..حملها وهو يتأمل ملامحها التي تحمل الكثير من والدها...و إن كانت لا تحمل الكثير منه فهو يراها كذلك...لانه ببساطة..
يشتاق له...!!
*******************
لندن...
استيقظت من نومها على أشعة الشمس التي تخترق تلك النافذة...تأملت السرير بعينين شبه مغلقتان...و لكنها لم تجد الصغيرتان بقربها...استغربت..فما الذي ايقظهما مبكراً بهذا الشكل...قامت من مكانها و هي تحيط جسدها بذلك الروب...خرجت لتبحث عنهما..و جدتهما قد خرجتا من غرفة ذلك الآخر...
قالت لهما و بغضب..\إنتم وش كنتم قاعدين تسوون فغرفة عمكم؟!
ضحكت كل منهما و هما تتبادلان النظرات الغريبة...قالت لهما..\وش فيكم ما بتردون علي...و بعدين..تناولت كفيهما و هما متلخطتان بألوان...لتقول بغضب أكبر..\وش اللي سويتوه يا شياطين؟!..وش اللي هببتوه؟!!
و تبادلتا الضحك و النظرات للمرة الثانية دون أي رد...لتبتعد منهما و تقول..\تعالوا عشان تغسلون هاللي سويتوه...قالتا لها بسرعة...\لااا..نحن بنروح نغسل يدينا بروحنا..سألتهما..\صليتو الفجر؟!
أومأتا لها برأسهما و هما تقولان..\إيه...
أسرعت هي لتضع الإفطار على الطاولة و تأتي الصغيرتان لتجلسا عليها..تأملتهما بنظرة تفحصية و هي تقول..\إنتم وش مهببين..أنا ماني مطمنة لكم...مدري بس أحس وراكم فيه شي...
و لم تجد رداً سوى الضحك...قالت لهما و هي ترتب الأواني على الطاولة..\بس لو دريت إنكم مسوين مصيبة لكو...و توقفت عن الكلام و هي تتأمل ذلك الآخر وهو يخرج من الغرفة وهو يحك شعر رأسه وهو ما زال يتثاءب...وضعت الصحن الذي في يدها و هي تحاول أن تدفن تلك الضحكة القوية بداخلها...ليقف أمامهم ذلك الآخر وهو يقول بتعب..\صباح الخير...
ليضحك الجميع و بمن فيهم صبا...تأملهم وهو مستغرب منهم...نظرت هي للصغيرتان لتشير لهما بنظرة تهديدية مما معناها..(يا ويييلكم ما رح خليكم)...و لكنها لم تخبره...بل ظلت تحاول الضحك بهدوء وهو مستغرب منهم...قال لهم في تساؤل..\إنتم وش اللي..و لكنه صمت وهو يتوقف لينظر لصبا وهو يضحك..هي استغربت منه لتقول...\وش فيك؟!!...ليش تطالعني كذا...؟!
لينظر للصغيرتان وهو يقول..\إنتم يا شياطين وش اللي سويتوه فوجهها...توقفت هي في صدمة و هي تقول..\وش اللي سووه؟!
قال لها بإبتسامة..\شكلك ما تدرين وش اللي مهببينه..؟!
مدت كفها لتمسح جزءاً من وجهها و تتأمل الألوان التي ملأتها...تحولت نظرتها فوراً لغضب لا حدود له و هي تقول...\شهههههد...ملللللك..و ربي مارح خليكم...و اقتربت منهما و لكنه اقترب ليصدها و هو يقول..\ههههه..وش فييك عليهم..خليييهم..مافيها شي..
صرخت بقوة و هي تقول...\يااا أستاااذ... إنت شكلك مثلي ما تدري وش مخبصين فوجهك..روح شوفه...
مسح وجهه بيده ليتأمل الألوان التي ملأته و هو ينظر لهما...صبا كانت تنتظر ردة الفعل الغاضبة و أن يصرخ عليهما و يأدبهما و لكنه...
لم يفعل...!!
بل ابتسم لهما وهو يقول بضحكة قوية..\بس طلعتوا منتو بهينيين...هههههه...بس صراحة وجه الوالدة صار تحفففة...!!
خرجت منها تلك الآهة القوية الغاضبة..\آآآه...
و ابتعدت عنهم لتدخل الحمام...و تقف لوهلة و هي غاضبة حقاً من تصرفهما...فكيف لهما أن تفعلان ذلك بها...تأملت إنعكاس صورتها في المرآة و وجهها فعلاً (تحفة) مثلما وصفه ذلك الآخر...مغتاظة و بشدة في هذه اللحظة من صغيرتاها..و لكنها مغتاظة أكثر منه..و من تصرفه البارد...و مستغربة في نفس الوقت..فمع انه كبير في السن..و لكنه طفل في بعض الأحيان...و لكن...توقفت عن التفكير و هي تفاجأ به يقف عند باب الحمام وهو ممسك بتلك المنشفة الصغيرة و يمسح بها وجهه وعلى وجهه إبتسامة كانت نادراً ما تراها تزينه...قالت له بضيق و هي تفتح صنبور الماء..\انا وجهي تحفة...!!
ابتسم بشدة على أنها كالأطفال تغتاظ بسرعة..قال لها و هو يتوقف عن مسح وجهه بالمنشفة..
..\آسف...
لا تعلم و لكن..هذه الآسف لها وقع غريب على روحها...استمرت في غسل وجهها و هي تقول..\ما رح خليهم هالشياطين و ربي ل...و لكنه قاطعها وهو يقول..\مافيه داعي..حركتهم لطفت الجو...و الحين هم بنفسهم جايين عشان يعتذرون منك...و أشار لهما و مما يبدوا أنهما تختبئان خلف الحائط..\تعاالوا...
لتقتربان و تقفان أمامها و هما تحاولان إمساك تلك الضحكة بداخلهما و هما تقولان..\آسفيييين يا مامااااا...
لتقول لهما في حزم..\ما رح تعيدونها مرة ثانية؟!!
لتضحكان بقوة وهما تقولان..\ههههه...إحتمااال..
لتقول بغضب..\و كمان لساتكم تضحكون...ها ماني متقبلة الإعتذار...و..
قاطعها سطام وهو يضرب رأس كلاً منهما بخفة وهو يقول..\من غيير ضحك منك لييها...ما رح تعيدونها مرة ثانية صح؟!
لتقولا..\لااا ما رح نعيدها...و تأملتا ملامح والدتهما و هي تتغير لتقتربا منها بسرعة و تحتضنا قدميها و هما تقولان..\سااامحييينا..سامحييينا..ماما سامحييينا...سااامحييينا..ماما سامحيينا..و هي كان رأسها سينفجر من صراخهما لتصرخ فيهما..\خلاااص..خلاااص عاد سكتوا شوي..خلاص سامحتكم و ربي سامحتكم...و ربي هالثنتين رح يجننوني..إنت ما شف...
و رفعت رأسها لتتحدث معه و لكنها تفاجأت بانه لم يكن موجوداً... و مما يبدو أنه قد تركهم و ابتعد..حتى دون أية كلمة...
غرييييييب هو...!!
و كل تصرف يزيد هالة الغرابة التي تحيط بروحه..!!
**********************
في تلك الشقة..!!
...\كلها كم يوم و و أكون معك...لا تتعبين جدتك؟!!...إيه أكيد إنتي تطلبي و ينفذ بس..قولي وش اللي تبينه و آنا بجيبه لحد عندك...وش اللي سويتيه الليلة؟!...شنوو؟!..مين يسار؟!...تفاجأ بذكر صغيرته لذلك اليسار...ليأخذ عبدالرحمن الهاتف منها و يتحدث معه..\هههه...هذي عشانها اليوم شافت صوره ليسار قالت إنها شافته...
خالد \ها..و كيفكم إنتم؟!
عبدالرحمن \كلنا بخير بس إنت متى بتجي..
خالد \مادري بس ما رح طول يمكن يوم و يمكن يومين بس..
عبدالرحمن \خير..
خالد \خلاص خذوا بالكم من وجد لين ما أرجع...
اغلق الهاتف و هو يرجع ليتكل جسده على ذلك الكرسي وهو يفكر في ما قالته صغيرته..فبمجرد ذكرها لإسم ذلك الآخر وإحساس غريب يغزو روحه..فلكم إشتاقت روحه لذلك الآخر...
يسار..!!
كيف لها ألا تشتاق له وهو من كان يفضفض له عن كل شئ...
وإن كان حياً الآن لأخبره بما هو فيه الآن من معمعة..
يحتاج لجلسة معه في سطح القصر..
يحتاج لتكتم أنفاسه بدخان سيجارة وحيدة منه...
يحتاج لنبرة البرود التي كانت تغلفه...
يحتاج لنبرته الإستهزائية و لكل شئ فيه...
آآآه...
فقط لو للزمن أن يرجع به...
فقط لو يلقاه لثانية أخرى فقط...ليحتضنه في أقصى نقطة في قلبه...
فقط لو...
نفض رأسه وهو يستغفر..فلو من الشيطان و ما حدث كله من قدر ربه و كله لحكمة لا يعلمها إلا هو...توقف عن التفكير وهو يسمع صوت وقوع شئ في الخارج..خرج مسرعاً وهو قلق على تلك الأخرى...و توجه نحو المطبخ ليجدها قابعة على الأرض و مما يبدو انها قد وقعت...اقترب منها بسرعة ليمسكها بيده و يحاول مساعدتها و لكنها انتفضت منه بقوة لتقول له..\لا تلمسني...
قال لها بهدوء..\كنت بساعدك..
قالت له تلك الأخرى..\مشكور بس ماني محتاجة لمساعدة..
ابتعد عنها ببطء و هو يتأملها و هي تقف لتحاول ان تمشي..و لكنه أوقفها بسرعة ليقول لها..\وقفييي...صدمت هي من نبرته لتقول له..\وش فيك؟!
قال لها..\إنتي اللي وش فيك تمشين في المكان من غير شي...الحين اللي كان فيدك وقع و انكسر و لو مشيتي بتنجرحي...و أكمل وهو يقترب منها...\خليني ساعدك..
ابتعدت و هي تقول..\قلت لك لا...
توقف لوهلة وهو يزفر بقوة عله يحتمل كل هذا...قال لها..\زين وقفي و لا تتحركي..إياكي...و ابتعد عنها ليدخل الغرفة و يبحث عن صندلها..وجده و أحضره لها...ليقترب منها و يقول..إرفعي رجلك...لتستغرب هي و تقول..\شنو فيه؟!
قال لها..\قلت لك إرفعيها...رفعتها ليضع الصندل تحت قدمها و يخبرها ان تلبسه...و ابتعد عنها وهو يبدأ في لم ما تكسر لتستغرب هي من تصرفه ككل..
فهل لمدير شركة كبيرة أن يفعل ما هو فاعل الآن؟!!
هل لرجل في سنه و في حجمه أن يفعل ذلك؟!
أن يجلس على الأرض و يقوم بتجميع ما قامت بكسره هي؟!!
قالت له..\خليني أنا اللي بنظف المكان...
قال لها بهدوء..\مو مشكلة آنا اللي بنظفه..بس إنتي لا تمشين مرة ثانية من غير لا تلبسين شي فرجليك...توقفت في مكانها و هي لا تعي شيئاً...و فقط تستمع لصوت الزجاج الذي يقوم بجمعه...و لا ترى أي شئ..لا الزجاج..و لا ما أسقطته..و لا المكان...و حتى ذلك الآخر الذي يقبع معها تحت نفس السقف...و ظلت تستمع للأصوات حتى توقف كل شئ...
لتسمعه وهو يقول..\أنا رايح إذا تبين شي قوليلي...
و تركها..تحركت هي ببطء لتتحسس أماكن الأشياء...مدت يدها الناعمة ببطء لتتحس تلك المنضدة..منتقلة إلى المغسلة..و حتى تلك الخزانة...و قربها الثلاجة و هي تحاول حفظ أماكن الأشياء..و هي لا تعي..لا تعي أن هنالك من ظل واقفاً دونما أي حراك منه وهو يتأملها...
يتأمل حركتها البطيئة و هي تمشي...يتأمل كفها الصغيرة..و لكم من مرات داعبها بصغر يدها...يتأمل لمسها للأشياء بخفة و هي تحاول معرفتها...لم يقو..و لم تقو روحه أن تطاوعه على تركها...بل ظل يتأملها...و لكن لم يستطع مسك نفسه حينما رآها تقترب من تلك الطاولة و هي لا تراها فصرخ لها بقوة..\حااااسبي..!!
لتقف هي دونما أية حركة و تتجمد...و ليتركها هو ...و هي تسمع صوت خطواته..إذاً لم يذهب..بل كان واقفاً...و لكن؟!
ما الذي قد كان يفعله؟!
و لماذا ظل واقفاً...؟!!
و ما قصة هذا الرجل الغريب؟!!
***********************
في تلك الشقة..
توقف أمام باب الشقة وهو يفكر في ما يحدث..مستغرب من قدرته الهائلة على الإقناع..فها هو قد أقنع والدته و جدته أنه خارج لشئ مهم..كيف لا و قد ترك تلك الأخرى هي و صغيرها ليومين من دون شي يأكلانه...فها هو قد أتى لهم ببعض الأشياء...
دخل و وضع تلك الأكياس على تلك الطاولة وهو يتأمل ذلك الصغير وهو يكتب في تلك الأوراق و يتوسط الصالة...تأمله لوهلة وهو يوشك أن يكرهه...
نعم يكرهه..!!
أليس هو بفلذة كبد ذلك الحقير...
و بالتأكيد سيحمل صفات والدته مجتمعة مع ذلك الحقير...!!
سيكون خليطاً لا ينتهي من شئ لا تستطيع روحه إحتماله..!!
اقترب منه وهو يتأمل ما يفعله..ليرى ذلك الصغير وهو يرفع نظره إليه و يبتسم له..استغرب يسار و بشدة من ردة فعل الطفل البرئ...و صمت قد حل به لوهلة...ليقول له الطفل بضيق..\حرااام..صعبة...
توقف لوهلة وهو لم يختبر شخصية كهذه منذ سنوات..منذ تلك الصغيرتان..بنات صبا...ليسأله..\وشهي الصعبة؟!
ليقول له ذلك الطفل وهو يرمي القلم أرضاً..\ماما..تبيييني أحفظ هالسورة و هي صعبة و تقولي إكتبهااا 10 مرات...
انعقد حاجباه...و هذا هو كل ما استطاع فعله..فهو في حالة إستغراب تامة...من تصرف نورة..و من تحفيظها لإبنها القرآن...و منه..و من كل شئ..
توقف عن التفكير وهو يتأمل أنحاء الشقة وهو يبحث عن تلك الأخرى...يعلم جيداً أنها تتجنبه تماماً...تتجنب الإقتراب منه أو حتى سماع صوته...توجه نحو المطبخ ليدخل تلك الأكياس التي قد كانت في يده..و لكنه توقف عندما رآها...
رآها و هي تقوم بغسل تلك الأواني و هي تمد طرف يدها لتمسح بها وجهها و تتناول شعرها الطويل لتلفه بإهمال و ترفعه للاعلى...بحركة...
حركة لطالما كانت تسبب له الكثير من الاحاسيس الغريبة..
حركة..!!
لطالما كانت تداهم روحه الضعيفة دونما هوادة...
انتفض بقوة من تلك الدوامة اللانهائية من الأحاسيس..و كانما تسحره..و بعد كل ما فعلته به...دخل وهو يضع تلك الأكياس على الطاولة لتنتبه له و تشهق بقوة و هي تلمس رأسها لتستوعب بأن شعرها مكشوف أمامه...فقد اعتادت على عدم وجوده لعدة أيام...أسرعت لتهم خارجة من المطبخ و لكنه منعها بيده لتقول له بقوة..\بعععد..!!
قال لها ببرود فجأة قد تغلف به...\مارح أبعد..وش رح تسوين؟!
قالت و هي تحس بضيق ما بعده ضيق..\يسار لو سمحت بعد..
يسار و بنفس بروده...\قلت لك ماني بباعد...
قالت..\إنت ما تخاف ربك...أنا لساتني متزوجة...و ما يحق لك..قاطعها و قد بدا الغضب على ملامح وجهه..\و إنتي تعتبرين إن زواجك من هالحقير يعتبر زواج..؟!!
صمتت لوهلة و هي متألمة منه و من كل تصرفاته...لتفاجأ به يمد يده و يفك ذلك الشئ الذي يربط شعرها ليندفع منسدلاً على كتفيها...نظرت له بألم لا حدود له و هي قد وصلت حدها منه...دفعته بيدها بقوة و هي تصرخ فيه بصوت محبوس حتى لا يسمعها صغيرها..\إنت الحقيير..مافيه حقير فهالدنيا غيييرك..إنت وش اللي تبي توصله بهالتصرفات؟!...وش اللي بت...
قاطعها هو محاولاً و للمرة الألف إستنزاف روحها الضعيفة...\إنتي وش اللي بتوصلين له بهالتمثيل و هالدور اللي قاعدة تمثليه؟!...نظام تخافين ربك..و تحفظين ولدك القرآن الكريم..تدرين؟!!...كنت فلحظة بقوله على شنو بتحفظك إنت ما تدري بحقيقتها...إنت ما...لم يكمل جملته إلا و هي تضع يدها بقوة على فمه لتسكته...تسكته و عيناها ممتلئتان بالدمع و هي تقول بهدوء لم يعهده منها من قبل...\خلاص...كافي...اللي تبي توصله..وصلته يا ولد الراضي...
أذيتني..
و أهتنتني...
و ذليتني..
و مسحت فكرامتي الأرض...
و أطلقت علي كل الألقاب البذيئة..
و كل شي كان حاز فقلبك طلعته من جووووة عيوني...
عذبتني..
عذبتني لين ما روحي طلعت..
بس...
صمتت لوهلة و تلك الدمعة توشك أن تسقط من عينيها..
...\ولدي..
لا تقرب منه...اللي تبيه..خذه مني ولو تبي تعذبني زيادة..
كان بها..!!
بس ولدي..
لا تدخله فرغباتك المريضة...ولدي..لا تمسه بشي...هو أشرف منك..ولو عندك شي زيادة قوله..؟!!
أخرسته..!!!
يقسم أنها قد أخرست كل خلية في جسده...
و لم يقو على نطق شئ...
لماذا لا يستطيع أن يسكتها...
يؤلمها أكثر...
ينحر روحها أكثر؟!!
لماذا أسكتته و هو الذي لا يسكته شئ..و لا يقف في طريقه شئ...ألأنها استخدمت ذلك الصغير كبطاقة..!!
قالت له تلك و هي تبتعد عنه..\تدري...كنت اليوم بقولك شي مهم كثير...شي ممكن يغير حياة..و كنت متأكدة إنك بتكذبني بس كنت رح أقولك على كل شي ..
بس الحين...
لو ذبحت روحي ذبح ما رح أنطق بشي...و انا فنظرك مجرد وحدة حقيرة..خلني أظل كذا ليوم الدين..مابي منك شي يا ولد الراضي...و روحي ماتت بسببك...و صرت أكرهك...أكرهك بكل ما للكلمة من معنى..!!
*********************
(لماذا لم أخبرها...لماذا توقفت عند ذلك الحد و توقفت روحي عن نطق الحقيقة...؟!)
(توقف دونما أية حركة..وهو...وهو يراها...وهو يشك بأن هذه مجرد توهمات لا غير...)
لماذا لم يخبرها...لماذا لم يخبر خالد مرضية بحقيقتها؟!!
لنرجع لرب العباد قبل أن نصبح تحت التراب...فلا تعلم متى يتوقف قلبك عن النبض...
هنا محطة الوقوف و أنا على أمل أن تنال الطية إعجابكم...
و أتمنى من كل قلبي ألا تنسوني بصالح الدعوات و إن ربي يهديني و يهدينا جميعاً...
البارت القادم غير محدد وقته بس في الأيام الجاية بإذن الرحمن...
بس بأكد لكم القاااادم...أكثر تشويييقاً...و فيه أحداث كممممية في القادم...
إلى الملتقى...!!
|