*************************
لطيفة...
كيف تتعامل مع الأحداث الحزينه ؟
عش لحظاتها ..
إبكي - صل - إستغفر - فضفض - آسترخي - إستحم بماء دافئ
إقرأ كتاب الله - إحتضن من تحب
أعط مشاعرك السلبيه حقها
دع عاطفتك ترتاح وتفرغ كل شحنات الحزن
ثم إبدأ لحظه جديده
[ السعاده رحله وليست هدف ]
وتذكر
( هناك ستجد أن للحياه معنى أجمل ♡ )
ولا بأس أن تبكي وتبحث عن : زاويه
لا يراك فيها أحد .. لتبكي و تخرج مابداخلك بشرط
أن تمسح دمعتك
و تبتسم لنفسك أولاً ثم للآخرين !
عش يومك
في بقعة أخرى...
تأملت سؤال تلك الهمسة و الذي وجهته لها في رسالة على المنتدى...
( و هل تحبينه؟! )
كان مجمل الرسالة هو هذا السؤال...
أجابت بداخلها..
و هل هذا سؤال لك؟!
فأنا أعشقه...لا...بل ما أحمله له في دواخلي هو شئ أكبر من ذلك بكثير...أكبر من كل معاني ال...و لكن توقف حبل أفكارها مع صوت طرق الباب..لتقول ..\أدخل...!!
دخلت الدادة لتبتسم تلقائياً لها...اقتربت منها..قالت روح و هي تتأمل ملامح الدادة الواضحة...\فيه شي؟!
اقتربت منها الدادة لتقول بإرتباك واضح..\لا بس هذا...مم..دكتور محمود تحت و يبي يشوفك...
لم تصدق ما قالته الدادة لها...و لانها لم تصدقه عندما قال لها بإنه سيأتيها...و لكنه كان صادقاً فيما قال!!
قالت لها و هي تحاول إخفاء إرتباكها...\و شنو يبي؟!
تأملتها الدادة لوهلة و على وجهها ابتسامة..\يعني ما تدرين وش يبي؟!
ابتسمت لا إرادياً من سؤال تلك الأخرى لتقول لها الدادة..\أبوكي معاه الحين و قالي أناديك...
روح \خلاص..الحين بنزل...
و في الأسفل..
تأمله بهدوء ثم قال له..\إنت تدري إني مارح أضغط عليها بشي..إذا هي تبي ترجع معاك كان بها و إذا ما تبي...ماقدر أغصبها على شي هي ما تبيه...
تقدم ذلك الآخر في جلسته للأمام..\و انا يا عمي مابي أغصبها على شي ما تبيه...بس حالنا معجبك للحين؟!..وهي بعد... و لكن أوقف كلماته عندما دخلت تلك الأخرى و هي تجر كرسيها الحديدي للغرفة...كانت مرتدية لعباءة و محجبة...
أتحتجب منه؟!
أم هذه رسالة معينة ترسلها له...!!
قال لها والدها بهدوء..\تعالي يا بنتي...
اقتربت ليتحدث عبدالعزيز..\هذا زوجك إجا بنفسه عشان يتكلم معاك و يبيك ترجعي معاه لبيتك...وش قلتي؟!
قالت له و بقوة كانت تحاول التجلد بها..\أنا لساتني مجروحة منه يبة...أنا مابي أرجع معاه...!!
كانت تقول كلماتها و تتجنب النظر لذلك الآخر...لانها تعلم بانه قد تفاجأ من جملتها ليقول هو و بغضب باد على نبرته..\و الحل يا بنت عمي؟!
قالت و بكل برود..\مثل ما قلت...مابي أرجع...و ماهوب بالغصب...!!
قال عبدالعزيز و بكل هدوء..\رح قول كلمتين..و إنتي دامك ما تبين ترجعين له الطلاق هو أنسب حل...!!
ليقفز هذان الإثنان بالصدمة و كأنما قد اقترح ذلك الرجل قتلهما...لتقول هي لا إرادياً...\يبة..!!
أكمل هو بحزم..\مثل ما سمعتي...دامك ما تبينه ..يطلقك و كل واحد يروح فحال سبيله...إنتم منتم ببذران صغار عشان اللي قاعدين تسوونه...و إنتي يا بنتي طال قعادك عندي..إذا ما تبين ترجعين له يطلقك و تقعدين معاي مثل ما تبين...و إذا تبينه و هذا هو زوجك إجا و راضاك روحي معاه لبيتك..
تأمل عبدالعزيز محمود ليقول محمود ببرود وهو يرجع بجسده للخلف..\اسمحلي يا عمي..طلاق ما رح أطلق...!!
لينتقل بنظره لصغيرته التي قالت بغضب..\و أنا روحة معاه مانيييب رايحة...!!..مانيب رايحة..!!!
و جرت كرسيها و بغضب شدي لتخرج من الصالة و يقوم خلفها والدها و لكن استوقفه محمود وهو يقول..\خلها علي يا عمي...
في الأعلى...
كانت تتحلطم غضباً على كلمات والدها التي أحرجتها بشدة...فهي لا تود الطلاق...و لا تود أن ترجع معه الآن...هي تريد أن تريه قيمتها قليلاً...و لكن الآن هي بين خيارين...و بالتأكيد و إن خيِّرت ستختار الثاني..!!
سمعت طرقاً على الباب لتقول...\دادة مابي أي حد يجيني..خليني بروحي الحين...
و لكن الباب فتح ليبدو خلفه ذلك الآخر...شهقت في داخلها..فهي لم تتوقع قدومه..بل توقعته أن يغضب و بشدة من كلامها و يقرر الطلاق...قالت له بغضب..\وش تبي؟!
اقترب حتى وقف أمامها تماماً...أدخل يديه في جيوب بنطاله..لا تعلم لماذا لا يحب إرتداء الثوب و إنما دائماً ما يرتدي البنطال؟!...و لكنها تعشق تلك الحركة فيه عندما يدخل يديه في جيوب بنطاله يبدو أطول..!!..
قال و بهدوء..\بترجعين معاي...
قالت بتحد طفولي..\مانيب راجعة..!!
ابتسم على نبرتها الطفولية التي لم تتركها أبداً...قال لها و بتلك الإبتسامة...\و الحل؟!
قالت له و بكلمات هي ليست لها القدرة على تنفيذها..\خلاص دامك تبي...طلقني...و كل واحد يروح فحال سبيله...أصلاً انا من البداية كنت أبي الطلاق بس...قاطعها و هي تتفاجأ بجلوسه على قدمه حتى أصبح بمحاذاتها...اقترب واضعاً يديه على كفيها المرتجفتين...
..\الحين إنتي ليه ترجفين؟!
نفضت يديها بقوة منه و هي تقول بغضب...\منو اللي قالك إني أرجف...تتهيأ؟!
و لكنها فعلاً ترتجف من قربه..و هو يعلم جيداً سبب كل إرتجافات روحها...و لكن مع كل ذلك يود استفزازها...!!
أما هو..فابتسم أكثر من جملتها ليقول لها و هو يعاود الإمساك بكفيها بين كفيه..\بس أنا ما اتهيأ...!!
قالت و هي تحاول جاهدة أن ترد له الصاع...\طلقني..أنا ماقدر أرجع معاك..مابيك..!!
محمود \بس أنا أبيك...و ماقدر أطلقك...!!
أسرتها جملته...!!
و إن كانت بسيطة..خالية من الجماليات و المحسنات البديعية و من كل شئ...و لكنها بالنسبة لها تحمل كل المعاني المذهبة للعقل..!!
قالت و هي تحاول أن تخرج منه و لو كلمة مغرية لغرورها...\ليش ما تقدر تطلقني...؟!
قام من مكانه و ابتعد عنها وهو يقول..\كذا...و تدرين إنك مارح تلقين جواب لهالسؤال...
روح..!!
أردف وهو يدخل يديه في جيوب بنطاله...\أنا سبق و قلتلك إني إنسان بارد و هالبرود بيتعبك...!!
صمت لوهلة ليردف...\أنا ما رح أضغط عليكي بشي...و هذاك سمعتي أبوكي وش قال...أنا بتركك و بروح و أجهز البيت على أمل إنك ترجعين...لو رجعتي على عيني و راسي..ولو ما رجعتي بفهم إن هذا قرار نهائي لك و إنك تبين الطلاق...و بيكون لك...!!
لا..
لا...!!
لماذا دائماً هو يتعامل معها بهذا الأسلوب؟!...
لم لا يختطفها و يرغمها على الذهاب معه؟!...لم لا يصفعها على وجهها و يحملها رغماً عن أنفها و يأخذها للمنزل؟!...لم لا يصرخ في وجهها و يخبرها بأنه لا يقوى على فراقها؟!...لم طرقه في اسرتدادها باردة بهذا الشكل...!!
لم لا يصرخ فيها بكل قوته بأنه لن يطلقها و لو اضطر للموت..و أنه سيقتلها و يقتل نفسه بعدها...!!لم لا تتضمن أساليبه هذا الجنون المخدر..!!
********************
القصر...
تأملت ذلك القميص الذي بين يديها...شدته أكثر على صدرها لتدخل في نحيب آخر و للمرة الألف...تحاول اشتمام
عبير رائحته...!!
و لو كان رهناً عليها لأغرقت روحها في عبير ذلك الفهد..!!
فها هي الآن ستتزوج بأخيه...!!...بأخ من أحبت و عشقت طيلة عمرها..!!بأخيه..!!
شدته أكثر على صدرها و هي تغمض عينيها بقوة علّها تراه فيأخذها معها و لا يتركها في هذا الكم من الألم...فهي و عندما تتزوج ستضطر لترك كل أغراضه هنا...فهي لا تستطيع أن تأخذها معها..ليس حباً لذلك السطام و لكن أمام رب العباد ستعد خيانة...!!
ياااه..!!
إذن كل ما ستفعله مستقبلاً سيعد خيانة من الدرجة الأولى..!!
كيف أمتنع عن التفكير فيك...
كيف سأمتنع عن تذكر لمساتك..كلماتك..همساتك...بسماتك..غزلك الرقيق لروحي...مداعبتك المضحكة لي...روحك الخفيفة الظل...!!
كيف سأمتنع عن كل ذلك؟!
كيف سأمتنع عنك..!!
و لكن فلأفكر في الجانب المشرق من القصة..مع أنه ليس هنالك أي جانب مشرق..!!...و لكن فلنقول الأقل إيلاماً...هو أن ذلك الآخر قد استغنى عن كل حقوقه و لن أكون له غير مجرد أخت...أخت ليس إلا...وهو سيرعى الصغيرتان كما كنت تحب و تريد و ربما أكثر..!!
سمعت صوت طرق على باب الغرفة لتقول و هي تمسح دموعها...\أدخل..!!
لتدخل الجدة و هي تستند على تلك العصاة...اقتربت منها صبا لتبتسم لها الجدة و تقول لها و هي تفتح يديها لها و هي تجلس على السرير...\تعالي فحضن أمك...
ابتسمت صبا لها لا إرادياً و اقتربت لتحتضنها بشدة...بشدة لا حدود لها...شهقت...شهقت..و بكت...و انتحبت...و هي تدفن وجهها في صدر والدتها..و هل هنالك صدر أحن عليها منه..!!...مسحت الجدة على شعرها ببطء و هي تقول..\و ليش تبكين بهالطريقة الحين؟!...ليش يا بنتي...إنتي خلاص صرتي حلاله...!!
آلمتها..!!
بل أغرقتها في قمة آلمها تلك الكلمة...!!
فهل حقاً أصبحت حلالاً لذلك السطام..!!
أصبحت حلالاً لرجل غير فهدها..!!
فهد..!!
قالت الجدة و هي تمسح على شعرها...\من يوم ما فارق الدنيا و أنا ما ضقت طعم الفرح....بس اليوم غيـــــــــــــر..!! اليوم بطيير من الفرح...لأنه بنتي الوحيدة و حبيبتي تزوجت..!!
كانت صبا مع كل كلمة من والدتها يزداد نحيبها و تدفن وجهها أكثر في صدر والدتها...لتقول لها الجدة في ابتسامة يشوبها الألم..\يمة صبا...ليش تبكين؟!...الحي أبقى من الميت..!!
و لكن نحيبها زاد لترفع الجدة وجهها و تمسح دموعها التي أغرقتها و تقول..\صبا..إنتي واعية و فاهمة...و الحين صرتي فعصمة رجال ثاني..يعني ما يصير اللي قاعدة تسوينه و لا يصير تفكرين فغيره..حتى لو كان ميت..!!
انتحبت أكثر و هي تقول..\مقدر يمة..و الله مقدر...!!
قالت الجدة بإصرار..\لاه..تقدرين..و ألف كمان..تقدرين...!!..صمتت لوهلة و هي تقول..\بتسافرين معاه و بتعيشين هناك و بتكملين الدكتوراة و بتحبينه و كل شي بيصير زين..
صبا و هي تمسح دموعها.. \يمة..!!
قلات الجدة بإنتباه...\سمي.؟!
قالت صبا بلهفة...\ خالد يمة..!!..هو متألم حيل منك..و من معاملتك لبنته...بس إنتي أدرى فيه و تدرين إنه مارح يقول أي شي...بس كل اللي في البيت يدرون إنه متألم منك...
قالت تلك بحزم و قد تبدلت ملامحها...\وش اللي تبيني أسويه..انا اللي أراضيه و انا أمه؟!!
أمسكت بكف والدتها و هي تمسح دموعها بالكف الأخرى..\لاه يمة ما قلت كذا...أنا قلت تكلمي معاه...راضيه...شوفي وش اللي يضايقه...هو من زمان كان يحس إنك تميزين المرحوم عنه...و حتى بعد ما مات لساتك تحبينه أكثر من خالد...!!
قالت بغضب..\فآخر عمري إنتي اللي تعلميني وش أسوي يا صبا...إنتي..؟!!
قالت صبا بإبتسامة حزينة و هي تقبل رأس والدتها...\يمة حاشاك..بس حال خالد ماهوب عاجبني..و البنات كانوا مسوين جو بالبيت..بس الحين بيفضى البيت عليه و بتزيد ضيقته...
قالت تلك و هي تمسك عصاها لتقوم..\اللي فيه الخير ربي يسهله..الحين بنزل أشوف إذا عقدوا...
*********************
مصر...
القاهرة...
تأملته وهو يغلق أزرة قميصه أمام المرآة...اقتربت منه حتى وقفت خلفه تماماً و التصقت بظهره...إحتضنته بيدها و هي تحيط خصره بها...و أتكلت رأسها على ظهره لتقول له بنبرة حانية...\وش فيك؟!
قال ذلك الآخر وهو يكمل إغلاق أزرته..\وش فيني؟!
قالت و هي تفك قيده لتجعله يلتفت عليها و هي تصلح له ياقة قميصه..\لك فترة منت على بعضك...أنا قلت مارح أسألك لين تقولي بس ما قلت شي...فأكيد إنه فيه شي في الشغل؟!
قال وهو يبتعد عنها ليجلس على السرير و يتناول حذائه و يرتديه..\مافيني أي شي...
تبدلت ملامحها جراء ابتعاده عنها...فتصرفاته واضحة و بشدة معها..و لا تعلم ما سببها..و هو الذي لم يكن يطيق البعد عنها ولو لثانية...اقتربت لتجلس بالقرب منه على السرير...\سياف وش...و لكن قاطع كلماتها دخول تلك الصغيرة للغرفة و هي تحمل أوراقاً بين يدها و مقصوصة لقطع صغيرة و هي تقول بمرح طفولي..\ماما شوفيه وش سويت؟!
صرخ فيها سياف بكل قوته وهو يستوعب الأوراق التي في يد صغيرته...\وش سوييييتيي؟!..إنتي وش اللي يخليك تفرفرين فأوراقي؟!..أنا مو فهمتك أكثر من ألف مرة إنه ما يصير كذا..المرة الجاية مارح خليك فهمتيييييي....
تبدلت ملامح تلك الصغيرة و بدأت بالبكاء من صراخ والدها فيها...اقتربت منها نادية و هي تحتضنها لتقول لها..\حبيبتي هديل إنتي غلطانة...يلا قولي لبابا آسفة..يلا و دفعتها لتقف أما سياف الذي كان يضع يده على رأسه من شدة غضبه...\يلا قوليله..
قالت تلك الصغيرة و هي تحك عينيها في خجل و زعل طفولي..\آآآآسفة بابا...و خرجت و هي تجري من الغرفة...
تأملت نادية سياف وهو يقلب في تلك الطاولة و كانه يبحث عن شئ ما..\وش قاعد تدور؟!
لم يرد عليها لتقترب منه و بغضب بدأ يتسلل لروحها..\سياف؟!...وش فيك كنك منت طايقني و لا طايق شي في البيت؟!...لي مدة و أنا صابرة و أقول إحتمال هي فترة و تعدي بس الظاهر إنها طولت...ماهوب ممكن اللي قاعد تسويه؟!
رمى تلك الساعة التي وجدها بكل قوته على الطاولة لتصدر ضجيجاً و يصرخ هو بكل قوته..\بسوي اللي أبيه فبيتي وش بتقولين يعني؟!...عندك أي ماااانع؟!
صوته الغاضب أيقظ ذلك الصغير الذي كان ممداً على السرير لتسرع له و تحمله و هي تحاول تهدئته قالت لسياف بغضب..\مرتاح كذا؟!
قال لها وهو يخرج من الغرفة و بكل غضبه...\إيه مرتــــــــــــــــــــــــــــــاح...!!
********************
القصر...
ارتدت نقابها و هي تتأمل صغيرتاها و هما تقفزان في كل مكان و على وجههما فرحة لا حدود لها..ابتسمت لإبتسامتهما...سمعت طرقاً على الباب لتتدافع الصغيرتان كل واحدة منهما من ستفتح الباب أولاً...لتفتحاه و يدخل خالد وهو يقول لهما...\ ماشاء الله ما شاء الله وش هالزين وش هالحلاة؟!...صبا منو هذول البنات شفتيهم من قبل..أنا ما حصل شفتهم عندنا من قبل....
لتقول له ملك و هي تجر طرف ثوبه..\خااالي هذي أنا ملك..!!
قال لها في مداعبة وهو يرفع حاجبه..\ملك مين؟!...أنا ما أعرف غير ملك وحدة و هذي أربعة و عشرين ساعة شعرها معفوس و كنه قايمة فوقه حرب...قالت تلك و هي تمسح على شعرها بفرح..\ماما سرحته لي...حلوة؟!!
انحنى لها و قبلها على خدها و هو يقول...\تجنني..!!..و التفت على شهد وهو يقول...\على وين العزم؟!..وين رايحييين؟!
قالت شهد ببراءة و هي ترفع يديها في الهواء و تحاكي حركة الطائرة..\بنساااافر...مع ستّاااااام...قال إنه بيسفرنا...
خالد..\أهااااا..قلتيلي ستتتااااام؟!...إلتفت على صبا وهو يقول لها..\ستتتتام؟؟!!...بناتك ينادونه ستّام بالتاء..!!...والله بشتاق لهالمخابيل الثنتين..!!
انتبه لعدم رد تلك الأخرى..حتى و هي مختبئة تحت السواد الكامل لكن الحزن يلفها بهالة واضحة...!!
ابتعد عن ثرثرتهما الكثيرة ليقترب من تلك الواقفة أمام المرآة...وقف أمامها تماماً...وضع يديه على كتفها وهو يقول بإبتسامة..\مبروك يا الغالية...!!
قالت تلك و هي تحاول منع نفسها من البكاء...\عقبالك...!!
حاول أن يتناسى كلمتها ليقول لها وهو يداعبها..\الحين البيت بكبره بيفضى علينا..
ابتسم لا إرادياً ليقترب منها أكثر و يرفع نقابها..قال لها بمزاح..\أفا أفا الحلو وش مزعله؟!
ابتمست و هي تمسح دموعها و تقول له...\خالد...ترى وصيتك على أمي...صالحها يا خالد..تكلم معاها...صارحها باللي جواك...
تبدلت ملامحه لدى طلبها ليقول..\مانيب مقصر معاها..!!
قالت..\بس هي متألمة حيل من معاملتك لها..مع انك ما تقصر بس ضيقك منها ظاهر..!!..هي أمك يا خالد..أمك..!!
قال وهو يحاول الخروج من هذا الموضوع الشديد الحساسية بالنسبة له...\إن شاء الله ما يصير إلا كل خير...الحين أنا بقولك لو لي عندك خاطر ما عاد تبكين...أردف و بممازحة نابعة من قلبه..\إيه صحيح أنا مكانتي عندك ماهي مثل المرحوم بس عشان خاطره خلاص...!!
ضربته بخفة على كتفه لتقول...\خااالد..!!...تراك غالي.!!..ليش تقول كذا؟!
قال لها و هو يتأمل الصغيرتان..\شوفيهم كيف مبسوطين معاه...ليش تبكين و هم بيكونون مبسوطين معاه أكثر ماهم مبسوطين معاك كمان؟!
ابتسم لدى رؤية صغيرتاها...ليقول لها..\يلا عشان ننزل و أنا باخذ الشنط...أبو يسار ينطرك تحت يبي يودعك...
و في الأسفل...
اقتربت من رجاء و ودعتها...و طال وداعها لوالدتها التي ما أن إحتضنتها حتى انهمرت الدموع من عينيها...و انتهت بوداع عبدالرحمن...و خالد...
عرض خالد على سطام أن يوصلهم و لكنه رفض بأنه هو من سيوصلهم للمطار...
و في السيارة...
هي... كانت تتأمل في الشوارع...و هي تستمع لصيحات صغيرتاها الفرحتان...كانت تحاول جاهدة أن تمنع شهقاتها من الخروج...كانت تستمع لحديثهما مع ذلك السطام القابع بقربها...هي و حتى هذه اللحظة لم تتأمله جيداً و لكنها تحس بوجوده الذي يطغى على المكان...سيارته نظيفة بصورة غير طبيعية و كأنما هي جديدة...و تلك الأشرطة للقرآن الكريم مرتبة في ذلك المكان بصورة متقنة...فضلت الصمت و هي تستمع لحديثهم...
قالت ملك و بأنفعال طفولي...\لاااه إذا رحنا على لندن بنرسل لخالي خالد و خالي عبدالرحمن و جدتي عشان يجونا هناك...
قال ذلك الآخر وهو يجاريها في الكلام...\ووين بيجلسون..المكان ضيق و ما بيكفينا...؟!
قالت شهد و هي تضع اصبعها على فمها في حركة تفكير عميق لتقول بصوت عالٍ...\إيييه...أنا سريري بيكون كبير علي يعني ممكن أخلي خالو خالد ينام جنبي...و نظرت لملك لتقول لها...\إنتي خلي جدتي تنام جنبك...عشان كل شوية تضربك بعكازها...هههه!!
ضحك بشدة على جملة شهد المضحكة لتقول لها ملك بغضب..\لاااه أنا بتنام معي وجد و جدتي و خالي عبدالرحمن يناموا في الغرفة الثانية...
قال لهم سطام بممازحة..\و أنا..وين بروح؟!
قالت له ملك...\إنت و ماما شوفوا سرير ثاني مافيه مكان لكم معانا...!!
ضحك سطام على جملة الصغيرة وهو يقول...\لااااه أنا كبيير و أبي سرير بروحي...
أما تلك الأخرى فكانت غارقة في أفكارها...فجملة صغيرتها البريئة دفعت لمخيلتها الكثير من التساؤلات..فكيف ستحتمل المكوث معه في غرفة واحدة؟!...كيف ستحتمل وجوده الرجولي الطاغي على روحها..؟!..فهو ليس بالرجل الذي يمكن تجاهل تواجده...!!
بالتأكيد لن تمكث معه في نفس الغرفة؟!
رجعت لتنتبه لحديثهم...لم تستوعب ما قالوا..و إنما كانت ضحكاتهم و كلماتهم تدل على سعادتهم المتناهية من تواجد هذا السطام معهم..إذن فلماذا تتحلى هي بهذه الأنانية؟!..لماذا لا تفرح لفرح صغيرتاها و تتناسى حبها لذلك الفهد؟!
لا إرادياً لم تستطع كبت نفسها من أن تبكي...لم تخرج صوتاً و لكنها بكت لذكرى زواجها من أخيه؟!...تفاجأت بتلك اليد الضخمة التي تمد لها ذلك المنديل...ظلت لوهلة تتأملها ثم تناولته منه و مسحت دموعها من تحت النقاب..و لكنها تفاجأت من تلك الرائحة الأخاذة التي تغلغلت لروحها..
رائحته...!!
أنزلت المنديل لتتأمله..!!
كان منديلاً فخماً جداً على مهمة كهذه...على أن تمسح به كحلها و أنفها..!!
كيف علم ببكائها و هي لم تخرج صوتاً...؟!
سمعت ملك و هي تتقدم لتسأله بنفس نبرتها الطفولي...\ليش عطيت ماما منديل؟!...و التفتت على صبا لتقول لها...\ماما إنتي بكيتي مرة ثانية؟!
لم تجبها صبا بأية كلمة و هي تضعها في موقف محرج جداً...ليقول ذلك الآخر وهو يتدارك الموقف...\أنا عطيتها المنديل عشانه معطر و ريحته حلوة...قلت لها تشمه...ووجه الكلام لصبا..\صح؟!
أومأت صبا برأسها في حرج و هي تقول...\صح...
لتقول له شهد بعتب..\و ليييييش ما عندي منديل مثله...أنا أبي واحد مثله...
و اقتربت ملك أيضاً...\ و أنا كمان أبي واااحد مثله...
بحث عن علبة المناديل لكي يسكتهما ووجدها في ذلك الدرج ليخرجها و يعطيهما...\خذوا..هذي المناديل أحلى من اللي عندها...
أخذت كل منهما واحداً ووضعته في أنفها بطريقة مضحكة لتقترب منه ملك حتى أصبحت معهما في الجهة الأمامية و هي تقول..\تخدعنااااااا هذااااا موووو حلووو مثل اللي عند ماماااااا...!!!
كاد ينفجر من الضحك على تصرفاتهما...!!
********************
في اليوم التالي..
رفع رأسه ليتأمل تلك الصغيرة القابعة فوق رقبته تماماً و تبتسم و هي تحس بالطول العجيب الذي هي فيه و هي ترى رؤوس الناس و للمرة الوحيدة في حياتها...قال لها بإبتسامة..\وجد...ها حبيبتي خلاص تبين تنزليين؟!
قالت تلك و بتأفف...\لاااه بابا..مابي مابي...
أنزلها وهو يحس بمنظره وهو يحملها بهذه الطريقة في وسط المستشفى...أنزلها و هي تتشبث بثوبه أكثر و تقول له...\بابا شيلني بابا..بابا...
تأملها لوهلة و هي ترفع له يديها بكل قوتها و تحمل تلك الدمية الصغيرة في إحدى كفيها...ابتسم لها و هو يقول بيأس..\خلاص أمري لربي...
حملها على يده..فها هما قد خرجا من الدكتورة نور بعد أن كشفت عليها و اشترى لها بخاخاً حتى يساعدها على التنفس في حالات الضيق و عندما تشتد عليها الحساسية...و أخبرته بعدها دكتورة نور بطلبه و بمكان غرفة والدة ذلك الضاحي...و ها هو يتقدم ليذهب للقسم الذي فيه ذلك الضاحي ليطمئن عيله وهو يرجو أن تحدث معجزة إلهية و يستيقظ حتى يسقط عنه ذلك الطلب الذي أثقل روحه..
توجه نحو الغرفة تأمل بابها لينزل وجد و يقول لها..\وجد اسمعيني...حنا الحين بنزور واحد صديقي و ما يصير نسوي إزعاج في المكان..فهمتي..!!
أومأت له الصغيرة رأسها و هي تحس و كأنها تقوم بتنفيذ مهمة صعبة..طرق الباب ليدخل و يجد تلك الممرضة القابعة بالقرب من سرير و معها الطبيب...قال له..\ها دكتور...فيه أي تحسن؟!
قال له الطبيب وهو يصلح وضع نظارته الطبية و يدون كلمات في تلك المذكرة الصغيرة التي تلازمه..\و الله حالته صارت مستقرة بس لسة هو في الغيبوبة...و ما ندري متى بيفيق...ماهوب معروف...و هذي تعتمد عليه هو نفسه...
في تلك الأثناء..
أفلتت تلك الصغيرة يدها من كف والدها و خرجت من الغرفة في رحلة إستكشافية بحتة...!!
أما في الجهة الأخرى...
فكانت تمشي و هي تحاول جاهدة أن تتحس أرضية المستشفى الملساء بعصاها حتى لا تصطدم بشئ...فهي تود الإطمئنان على ذلك الضاحي...هي فرحة نوعاً ما لأن خالتها قد نجحت عمليتها و قد بدأت في الشفاء..و لكنها لم تخبرها حتى الآن بالحادث الذي جرى لضاحي...و لكنها قلقة عليه...!!
فهي و إن كانت لا تحبه و لكنها تحتاجه..تحتاجه ليكون بالقرب منهما..و يحميها...تذكرت كلماتها التي قالتها للطبيبة في ذلك اليوم..!!...هي لم تعلم حقيقة أنها تحمل له كل ذلك في روحها و لكن ما تحس به تجاهه ليست له أية علاقة بالحب...!!
نعم ليست له علاقة بالحب..!!
تذكرت اليوم عندما اتاها ذلك الرجل في المنزل ...استغربت و بشدة من ذلك الرجل الذي يعمل معه ضاحي..و خاصة عندما أرسل لها شخصاً من الشركة ليوصلها للمستشفى و يهتم بكل أمورها..أيوجد أناس بهذه الطريقة؟!...
حقيقة هي تحس بأنها تائهة..ضائعة..أو مسيرة بسير من الأحداث الغريبة و لا غير...و أنها و إن..توقفت عن التفكير و هي تشهق عندما أحست بتلك الكف الصغيرة المتشبثة بعبائتها..
توقفت فجأة...!!
انحنت تلقائياً لتمسك ذلك الشي...يدان ناعمتان تمتدان لها...و تلك الضفيرة الطويلة التي تمتد على إحدى كتفيها...وملامحها الصغيرة...أحست بإحساس غريب...غريب جداً...لا تعلم ماهيته... اغمضت عينيها و هي تشتم رائحة عبير طفولي و لكنها مخلوطة بعبق رائحة أخرى...رائحة ذكورية أخَّاذة..!!
رائحة لا تعلم متى أشتمتها من قبل..!!
و لكن بعثت إحساساً غريباً لصدرها..!!
تفاجأت بتلك الكف الصغيرة جداً و التي تتحسس ملامح وجهها...كانت تلك الطفلة تمرر كفها الصغيرة على ملامح وجهها مروراً بعينيها...أنفها..و فمها...ابتسمت لا إرادياً لتلك الروح البريئة و الواقفة أمامها...قالت لها و بإبتسامة...\وش إسمك يا حلوة؟!
قالت لها تلك الصغيرة في براءة لا حدود لها...\وجد..!!
لتضع يدها بطفولة على فم تلك الأخرى و تقول لها..\و إنتيييي؟!
أجابتها بهدوء و ابتسامة غريبة غلفت روحها مع قدوم هذه الصغيرة...\رحيق...!!
اقتربت لتمد كفها و تتحسس وجه الصغيرة بيدها و تطبع تلك القبلة الدافئة عليه...لتشتم ذلك العبق الرجولي مرة أخرى..!!
أخرجها من فوهة أحاسيسها ذلك الصوت الرجولي الفخم و المعزز بنبرة قلق لا حدود له...\وجــــــــــــــــــــد..!!
أعتدلت لتقف تلقائياً و هي تستمع لذلك الصوت و صاحبه يتناول الصغيرة بين يديه وهو يقول..\وييينك؟!..انا مو قلتلك لا تبعدين مني...إنتي وين رحتي؟!..خرعتيني عليكي...إنتي..
قالت تلك الصغيرة و هي تشير بكفها الصغيرة تجاه تلك الأخرى...\كنت معاها..!!
ليعتدل ذلك الآخر و يحملها على يده وهو يتأمل ذلك السواد الذي كانت تقف معه صغيرته...وقعت عينيه على عصاها ليسترجع ذلك الموقف...
إذاً هي نفسها من قابلها في المصعد..؟!
قال لها و بهدوء خيم عليه بعد قلقه الشديد على صغيرته...\آسف أختي..!!
قالت له تلك الأخرى و بنفس هدوئه..\مافيه مشكلة..!!
و ها هي و للمرة الثانية تجعل قلبه يشارف على الخروج من صدره بسبب صوتها...!!
صوتها الذي هو نسخة طبق الأصل من تلك..!!
و ها هي الصدفة و للمرة الثانية تجمعهما بصورة غريبة..!!
فيالغرابة القدر..!!
و يالغرابة الموقف...!!
استيقظ من أفكاره وهو يجد نفسه يتأمل تلك الأخرى استغفر وهو يبتعد عنها و لكن استوقفه صوتها الذي ينحر روحه لنصفين...\لو سمحت..!!
توقف وهو يغمض عينه وهو لا يستطيع إحتمال الصوت...التفت عليها ليقول..\سمي إختي؟!
قالت له..\تعرف فين ألقى الغرفة 205..؟!..
كان سيجيب عليها وهو يلتفت ليتأمل الغرف و لكنه تفاجأ عندما لمح رقم الغرفة معلق فوق باب غرفة ذلك الضاحي..عقد حاجباه في استغراب شديد...فهل هي تقصد غرفة ذلك الضاحي؟!
سألها وهو يعتقد انها قد أخطأت برقم الغرفة..\قلتي غرفة رقم كم؟!
أعادت عليه جملتها..\رقم 205؟!
قال لها و استغرابه يزيد أضعافاً مضاعفة وهو يجدها متأكدة من رقم الغرفة...قال لها بتساؤل..\إنتي واقفة قدامها...بس آسف أختي...توقف لوهلة وهو يبتلع تلك الغصة الواقفة له....\إنتي تقربين للمريض؟!
استغربت هي من سؤاله و لكنها أجابته..\بنت خالته..!!
تراجع خطوة للخلف وهو يحاول استيعاب الصدف الكثيرة و الغريبة و التي لا تخطر على بال...!!
فإذاً هي تلك الرحيق؟!
هذه هي تلك الرحيق التي أوصاه بها ضاحي..!!
هذه هي من يجب عليه الزواج بها...!!
لا يعلم بماذا أحس في تلك اللحظة سوى بإحساس لذيذ يخدره..ربما هو إحساس الغموض الذي يلف قصة ذلك الضاحي بمجملها...!!
قال لها وهو يشير على الغرفة..\الغرفة قدامك أختي..تفضلي...!!
و ابتعد وهو يحمل صغيرته التي التفتت على تلك المرأة و هي تصرخ لها بنبرة طفولية..\مع السلاااااامة...
ابتعد وهو يحاول جاهداً أن يستوعب هذه الأحداث المهلكة لخلايا عقله..!!
**********************
إيطاليا..
ملصقة رأسها بنافذة تلك السيارة...تتأمل المارة..تتأمل رذاذ المطر الذي يعانق زجاج النافذة ببطء حتى يحط أرضاً...تتأمل المارة وهو يحملون مظلاتهم..فيهم من يضم حبيبته بين يده حتى يدفئها من برد المطر..و فيهم من يمشي وحيداً تدفئه ذكرياته ليس إلا..!!
تشتاق لصغيرها...!!
و بشدة..!!
و لكنها اطمئنت قليلاً بعد أن تحدثت معه بالهاتف الذي أعطاه لها ذاك الآخر...
التفتت للجهة الأخرى لتتأمل ذلك القابع بقربها في السيارة...ممسكاً بمقود السيارة بإحدى يديه و باليد الأخرى ممسكاً بهاتفه و يتحدث فيه...رجعت بذاكرتها لأول مرة ركبت معه في سيارة...عندما أوصلها لمنزل خالتها...
ياااه...
و ها هو قد مر على تلك الذكرى أربع سنين..!!
ترى ما الذي يقودك؟!
أهو غضبك الجامح مني؟!...أم هي روحك الحمقاء للإنتقام مني؟!..أم هو شئ أعظم من كل ذلك بكثير؟!..
أحببتك..!!
أقسم أني أحببتك بكل ما أوتيت من قوة و لكنك لم تبادلني بشئ سوى الكره..و كل الكره..!!...و أنا متيقنة بأني لو صرخت لك ألف مرة بالحقيقة فإنك لن تصدقني...و لو كانت موشومة على جسدي فلن تصدقني...فأنا أعلم بأني الآن في نظرك لا أتخطى كوني مجرد ***** منسلخة من أخلاقها...خائنة...ممثلة من الدرجة الأولى...كاذبة..منافقة...!!
و كل المعاني التي لا تولد غير الكره الأعمى بداخلك...!!
و لكن أنت لا تعلم كم تظلمني بفعلك هذا...فأنت و بما فعلته جعلتني أكرهك ألف مرة...بقدر ما كنت أحبك..بقدر ما تولد بداخلي كره لا حدود له تجاهك...فأنت أخذت طفلي مني..و تستخدمه للإنتقام مني..و كنت على وشك أن تبعده عني..للأبد...!!
فكرة للأبد تغرز سيوفاً في صدري من الألم..!!
أعلم أن ما فعلته لم يكن سوى من حقدك على..و لكن ليس بهذه الطريقة الحيوانية..فلو ضربتني و عذبتني لكان خيراً لي من خطف ابني..!!
فها أنت تثبت أنك تغرق في وحل الغرائز الحيوانية عندما تغضب...و يا ويلي من غضبك..!!
فأنا أعلم أن ما ينتظرني منك أكبر بكثير من كل توقعاتي...!!
أكبر بألف مرة..!!
رجعت لتتأمل رذاذ المطر رة أخرى و ترجع للتفكير في ذلك القابع قربها مرة أخرى..!!..
لماذا لم أصرخ في وجهه و أخبره بكل شئ...؟!
لماذا لم أصرخ بكل آهاتي و آلامي و تلك المآسي التي قد عشتها...
لماذا لم أصفعه على وجهه و أقول له بأني أشرف من ألف أنثى عرفها و لكن مابي فهو من قدر ليس إلا...لماذا لم أصرخ بوجهه و أخبره بكل الحقائق...أخبره بكل ماهو مخف عنه...
و إن أخبرته...فهل سيصدقنني؟!...أم سينعتني بالكذابة و الممثلة و غيرها من الكلمات؟!
أخرجت تلك التنهيدة من صدري علِّي أستوعب ما أمر به من آلام...سأنفذ كل ما يريده...فقط من أجل صغيري...فأنا قد تعبت من الآلام و لا أود لصغيري بأن يتألم...!!
فقط من أجله...
تأملت كفه الممسكة بمقود السيارة...و تلك العروق البارزة فيها...ذقنه التي أصبحت مهملة أكثر بصورة أعطته جاذبية أكبر بألف مرة...و قد اسمر لونه حتى أصبح قمحياً...حاجبه الأيسر و ذلك الجرح الغائر الذي يقطعه لنصفين لا تعلم ماهيته..و لكن غالباً قد اكتسبه في السجن...شعره النامي كأشواك فوق رأسه..لم تره من قبل حالقاً شعره بهذا القصر...و لكن بهذه الصورة هو أكثر جاذبية...و لكم أضاف له هذا الجرح الكثير لرجولته...
أصبح أكثر....!!
أكثر رجولة..!!
أكثر غموضاً..!!
أكثر جاذبية..!!
أكثر غضباً...!!
حقداً...!!
هدوءاً...!!
من الخارج و كأنه كتلة من الجليد..!!...و لكن في نفس الوقت تحس من الداخل و كأنه بركان يفور غضباً...فكيف لإنسان أن يحتوي هذان المعنيان..!!
أصبح و كأنه رجل غاضب حانق ثائر هائج...و لكنه في نفس الوقت....هادئ بارد..!!
فكيف ذلك..!!
أكل ذلك حدث له في السجن؟!..
أكل هذه التناقضات تغلغلت في روحه في السجن؟!..
و متى خرج هو من السجن؟!..و كيف؟!...و لماذا أتى إلى هنا؟!..و ما علاقته بالجراح؟!..و ما الذي حدث؟!...و الكثير الكثير من الأسئلة التي لا أجد لها إجابة في روحي...!!
بالجهة الأخرى...!!
أغلق الهاتف من التحدث مع ذلك الرجل من السفارة وهو يفهمه بالمشكلة حتى يجدوا حلاً لإرجاع هذه الأخرى للمملكة في أسرع وقت ممكن...
عم الهدوء السيارة و لم يسمع غير صوت أنفاسهما و صوت رذاذ المطر المتساقط على سقف السيارة...تأمل المطر...حتى يمنع نفسه من التفكير في تلك القابعة قربه...
لم أستوعب حتى فكرة قربها بهذا الشكل منه دون أن يطبق كفيه على عنقها و يقتلها...!!
فمكوثي في السجن أضاف لي الكثير و الكثير من الأشياء..أولها هو التحكم في أعصابي...فلو لم أستلذ بتعذيبها و رؤية لهفتها على صغيرها لنهيت الموضوع بقتلها و ارتحت.!!..و لكنني سأتلذذ بكل معاني العذاب الروحية قبل الجسدية...سأتلذذ بكل دمعة تسقط من عينيها..بكل آهة تخرجها من صدرها...بكل صرخة تصرخها من الألم...!!
سأتلذذ بكل ذلك..و لو كان رهناً عليّ لجعلت المشاهد بالحركة البطيئة حتى يزداد تلذذي بالأمر...
أستغرب..!!
نعم أستغرب لغرابة الأحداث و تدافعها بهذه الصورة الغريبة...!!
فأنا أتذكر جيداً أنه في كل لية و أنا في السجن و في كل ثانية كنت اتخيلها..نعم كنت اتخيلها و لكن و يداي مطبقتان على عنقها..و أنا أصفعها الصفعة تلو الأخرى و هي تصرخ ألماً...و أنا أنهال عليها ضرباً لاحدود له...أتخيل..نعم أتخيل كل أنواع التتعذيب الممكن تنفيذها فيها....!!
و لكني الآن مستغرب من صبري..و من تخطيطي الغريب جداً للأحداث...و أنا أنفذها بطريقة غريبة على روحي الثائرة..!!
أستغرب من برودي الذي لا حدود له..فكلما أتذكر كلمات ذلك الحقير كلما تتأجج نيران صدري..و كلما أتذكر تلك الليلة التي اكتشتفت فيها خيانتها لي كلما يصب على النيران بنزيناً ليزيد لهيبها..و كلما تذكرت صورتها التي كانت في وسط أغراضه كلما أحسست بأنني سأنفجر لا محالة...
و لكن ها أنا قابع و بهذا القرب منها و كأنني جليد لا شي يحرقه..!!
فهل لروحي القدرة على إحتمال هذا التناقض؟!!
أعلم أنني و إن حاولت ان لا أتأملها فلن أستطيع...أتأمل حركتها التي تذكرني بماض كثير..عندما تلصق رأسها بنافذة السيارة...تبعث لروحي الكثير من الذكريات التي سبق و ان أحكمت عليها بالإعدام..!!..و لكن هاهي أتت لتحييها..!!
لقد تغيرت..!!
تغيرت كثيراً...
أصبحت إمرأة..!!...ربما نضجت أكثر..!!...أصبحت أكثر استسلاماً..و لكن في نفس الوقت أكثر قوة..!!..أكثر أملاً...و لكن في نفس الوقت أكثر يأساً...أكثر حزناً و لكن في نفس الوقت أكثر فرحاً...
أصبحت أنثى هادئة..!!
أصبحت..!!
نفضت رأسي بقوة و أنا أنفض تلك الأفكار عن رأسي...
فهي لم تصبح أي شئ..
و إنما هي ..
نورة.!!
تلك الخائنة ليس إلا...!!
هي...
كانت تفكر فقط في شئ وحيد...!!
و إن وافقت على الزواج بك...كيف ستكون ملامح ذلك الغد معك أيها المستبد؟!..
أسيكون غداً مظلماً...!!
أم لا ملامح له..؟!
أسأستطيع أن أنطقها مرة أخرى؟!
أسأستطيع أن أقولها؟!...
أسأتحلى بالأمل لأقول أنه...
حتماً سيكون...
لِغَدٍ طَيَّاتٌ أُخْرِى...!!
************************
فهل تَعرِفينَ أنا مَنْ أكونْ ؟
أنا الليلُ حِينَ طَواهُ السكونْ
فلا أنا طِفلٌ
ولا أنا شَيخٌ
ولا أنا أضحَكُ مثلَ الشبابْ
تَقاطيعُ وَجهي خَرائطُ حُزنٍ ،
بِحارُ دُموعٍ ، تِلالُ اكتِئابْ
فلا تَعشَقيني لأني العَذابْ
إذا قُلْتُ يَومًا بأنِّي أُحبُّكْ
فلا تَسمَعيني
فَحُبِّي كَلامْ
وحُبي إليكِ بَقايا انتِقامْ
لأنِّي جَريحْ ..
سأشتاقُ يَومًا لكي أستَريحْ
وأرغَبُ يَومًا أرُدُّ اعتِباري
وأُطفئُ ناري
فَأقتُلُ فيكِ العُيونَ البريئةْ
فَلا تَعشَقيني لأنِّي الخَطيئةْ
نزار قباني
هنا أقف و أنا كلي أمل أن الطية نالت إعجابكم...
الفصل القادم بيكون يوم الجمعة القادمة ولو ربي سهلي بنزله يوم الثلاث...بس ما مؤكد...
أتمنى أن لا تنسوني بصالح دعواتكم و إن يفرج ربي همي...
القادم أكثر تشويقاً بإذن الرحمن...
لذا كونوا بالقرب ...
و إلى الملتقى...!!