كاتب الموضوع :
**روووح**
المنتدى :
ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
رد: روايتي...ولغد طيات أخرى...
لطيفة...
كان النبي لا يكسر بخاطر أحد ولا يذم طعاماً قط.
كان النبي عليه الصلاة والسلام إذا سلّم لا ينزع يديه حتى ينزعه الآخر.
كان النبي ينظر الى الارض أكثر من نظره للسماء، ولا ينظر إلى شيء إلا ليتدبّر أمر الله في هذا الشيء.
كان النبي عليه الصلاة والسلام إذا فرح غض طرفه اي نظر للأرض.
وكان أغلب ضحكه التّبسّم وقليلا ما ضحك النبي حتى تبان نواجزه
وكان ضحكه كـ بُكاؤه أي أنه عليه الصلاة والسلام لا يضحك أو يبكي بصوت
يا حبيـــــــبي يا محمد ,, يا نبي سلام عليك ,, صلوات الله عليـــكـ
^_^
يااااااا رب أسألك أن تجمعنا به يوم القيامة....!!
في اليوم التالي...
تتأمل في البحيرة...جالسة و في يدها كتاب لإبن القيم...تحب قراءة كتبه..مع أنه و من الصعوبة إيجادها و في هذا البلد و لكنها كانت تطلبها بالنت...تحس أنها ليست كتباً دينية و إنما تميل أكثر للجانب الروحي منه...فهي تلمس القلب....تقرأ سطرا ثم تراقب ذاك البعيد الذي يلعب مع البط...اصبحت تلك عادة لها تهتويها....تنظر للمقعد بالقرب منها...امراة و رجل عجوزان.. ممسكان بيدي بعضهما البعض و هو يلبس نظارة نظر و يقرأ لها رواية....
أيوجد حب أبدي؟!!..أم هذا محض خيال...!!
حاولت الفرار من هذا المنحنى في التفكير بان تفكر في همومها...
تحس بأنها حرة طليقة..و حتى ولو كانت مازالت مرتبطة بذلك الجراح إسماً..و لكنها تعلم علم اليقين أنها يجب أن تتحرر منه..هي سبق و أن سألت محامياً في مسألة طلب الطلاق منه هنا..و لكنه أخبها بلزوم عودتها للمملكة للحصول على الطلاق...
منذ ما حدث و بدأت هي بالبحث عن عمل لها...فهي لا تهوي و لا في أفكارها أن ترجع للمملكة...فكيف ستواجههم بعد ما فعلته؟!...و ماذا ستقول لهم؟!...و من المؤكد أنهم لن يتقبلوها...فهي و منذ وفاة والديها و هي تحس بأنها وحيدة في هذا الكون..و يبدو أنها ستظل وحيدة..و لكنها الآن ليست وحيدة...و إنما هنالك ذلك الآخر...
رفعت رأسها لتتأمله للمرة الثانية و هي تبتسم...تأملته وهو يجري وراء الحمام في كل اتجاه و تغزوه ابتسامة آسرة...ابتسمت و هي تفكر في ما ستفعله مقبلاً...و كيف ستؤمن لهذا الصغير كل ما يحتاجه..فهي و كما توقعت قد تم الحجر على كل ممتلكات جاسر..و لم يتبق لها شئ...و لكنها حمدت الله أنه قد كان لها القليل من المال في البنك بإسمها و بإسم صغيرها...
و ها هي قد رحلت من القصر الذي قد كانت تعيش فيه...رحلت من السجن الذي كان يخنقها..رحلت من تلك الحوائط التي كانت شاهدة على صرخاتها ليلاً...رحلت من ظلمات المكوث في أحضان ذلك الحقير...
و لكن...
فكرة بيع تلك اللوحات في الإنترنت كانت فكرة جيدة...فقد بدأ الكثير بشراء لوحاتها...لا تعلم حقاً..أذلك الحزن الذي استوطن تلك اللوحات هو ما اجتذبهم لشرائها أم هو شئ آخر؟!!
تأمل أن تؤمن لها هذه الفكرة بعض المال حتى تفكر فيما ستفعله بعدها..و لكن حالياً هذه أفضل فكرة حتى تستطيع المكوث مع ذلك الآخر لأكبر فترة ممكنة...
نظرت للمكان الذي كان يلعب فيه..
و لكن..!!
لم تجده...!!
انتفضت..و انتفض كامل جسدها..أحست أن الأرض تلف بها...أين ذهب؟!!!!
رمت الكتاب من يديها...و استقامت و اخذت تبحث عنه في كل مكان....
كانت تلتقط انفاسها و تصرخ بأعلي صوتها...\باااااسل...بااااسل...باااسل...
و لكن....احست و كأنما الأرض تطبق على أضلع صدرها حتى ضاق نفسها....صداع..دوار..دوخة..كل أعراض..الرهبة.. الهلع...الموت...لا تعلم و لكن ما تعلمه هو أنها يجب ان تجد صغيرها...!!
*****************************
في بقعة أخرى...
تأمل تلك الساعة القابعة على معصمه..إنها الواحدة و النصف ليلاً..و كما هي العادة المعتادة...دائماً ما يغوص في العمل حتى يتناسى الوقت تماماً...
و ها هو الآن قد نسي توديع صغيرته قبل نومها...شد ظهره للخلف وهو يتثاوب..مسح وجهه بإرهاق شديد..قام من مكانه و خرج من غرفته ليتأمل نور غرفة صغيرته المضاء...
استغرب فهي منذ عدة أيام و هي تنام مع ضي في ملحقها...توقف لوهلة عند الباب و لكنه لم يسمع شيئاً...دفعه ليجد الغرفة فارغة و مما يبدوا أنهم قد نسوا أن يطفئوا الإضائة قبل مغادرتهم...
دخل الغرفة وهو يتأمل في ألوان صغيرته المرمية على السرير...و كتبها...تناول تلك الكاميرا التي كانت على سريرها..فهو يتذكر عندما اشتراها لها في إحدى رحلاته..
فتحها وهو يتأمل الصور التي فيها...صورة لكمية من الورود الموجودة في الحديقة...لأول مرة ينتبه بأن صغيرته مغرمة بالورود...!!
صور لغرفته..!!..مكان رسمه...مكتبه...أغراضه...
صور لها معه و هي تتوسد عنقه و على وجهها ابتسامة جميلة...ابتسم لدى رؤيته لصورته معها...صورة أخرى له وهو يعمل على حاسبه..و صورة أخرى له وهو يرسم..صورة أخرى لحقيبة سفره في إحدى رحلاته...!!
عن ماذا تعبر هذه الصور يا ترى...؟!!
تفاجأ جداً بصورة تلك الضي...و هي ترتب في كتب دانة...و هي تسقى الورود في الحديقة...و هي نائمة...
حاول..!!
حاول حقاً أن يمنع نفسه من رؤية شئ كهذا و لكنه لم يستطع...!!...و يعترف بأنه يرتكب ذنباً و لكن صورتها و هي نائمة أسرته...و شعرها يغطي الوسادة...
و لكنه صحى من غفوته و أغلق الهاتف و رماه بقوة وهو يعلم بأن هذا الموضوع سيتحول لشئ مؤلم بالنسبة له...و خاصة أن تلك الأخرى قد رفضت عرض الزواج..و لا يعلم ما هو سبب رفضها و لكنه لم يضغطها على شئ لا تريده...و لكن مما يبدو أن الأمور لن تصبح سهلة في المستقبل..!!
تناول الهاتف للمرة الأخرى...فتح صورتها و تأملها للمرة الثانية...ثم استغفر و مسحها...!!
فهو يعلم و إن لم يمسحها فسينقلها لهاتفه أو سيتأملها بين وهلة و أخرى...لذى يجب أن يقطع هذا الأمر تماماً...
وقف ليحاول ترتيب تلك الأشياء التي تغطي سريرها وهو يحاول أن يبدد ارتباكه فيها...و لكنه تفاجأ...تفاجأ بتلك المذكرة و التي مما يبدو انها لا تنتمي لها...فهي ليست ذات لون زاه كبقية أغراض دانة...
تناولها بين يديه ليفتحها و لكنه...
تفاجأ...
لتتبدل ملامحه تماماً...!!
************************
إيطاليا...
ميلانو...
تحس بالتعب و الألم يطعن جسدها من كل زاوية فيه..و أنفاسها تتعالى..و لكنها لا تود أن تستسلم..ستجده..نعم ستجده...فها قد مضى يوم بأكمله على غيابه...قد أخبرت الشرطة بإختفائه و سجلت بلاغاً..و لكنهم لم يفيدوها حتى هذه اللحظة..و هي لا تستطيع أن تجلس مكتوفة اليدين هكذا...!!
فهو صغيرها...!!
بَاسِلُهَا...!!
أوقفت ذلك الرجل الأجنبي و هي تمد له يدها و عليها تلك الصورة لصغيرها وهو يبتسم و يخرج لسانه في حركة مضحكة لتسأله..\لو سمحت أرجوك..هل رأيت هذا الطفل؟!
ليتأمل العجوز ملامح الطفل و لكنه قال بخيبة..\لا للأسف...
ابتعدت عنه في خيبة أخرى لتوقف تلك السيدة و تسألها..\هل رأيت هذا الطفل...و قالت في محاولة أخرى...و هي تشير بيديها..\طوله هكذا...وله شعر كثيف...ملامحه و لكن قاطعتها السيدة بخيبة أخرى..\لا..آسفة لم أره...
ابتعدت عنها لتوقف شاباً آخر في المنتزه و تسأله..و لكن ليأتيها ذلك الجواب كسهم آخر ليخترق روحها الجريحة...لا..آسف لم أره...
لم يره..
و لم تره..
و لم يرونه..
كيف...
كيف...؟!!
أخبروني بالله عليكم كيف لم تروه يا بشر؟!!
كيف لم تروا ابتسامته المشرقة..؟!!
كيف لم تروا روحه الطاهرة؟!!
كيف لم تروا قفزاته الطفولية..؟!
كيف لم تروا عيناه الحالكة السواد...؟!
كيف....!!
كيف ..!!
أحلفكم برب السماوات كيف لم تروا روحي التي تمشي على الأرض؟!!
كيف لم تروا من حملته بين أحشائي تسعة أشهر...
كيف لم تروا من نام في أحضاني ..
كيف لم تروا من كان يدفيني بدل أن أدفيه...
من كان يضحكني بدل أن أضحكه...
من كان يحميني بدل أن أحميه...
من كان يبعث الإبتسامة لشفتاي...
كيف لم تروه؟!
بالله عليكم كيف لم تروه؟!
كيف لم تلمحوه حتى؟!
آآآآآه يا قلبي...
آآآآه يا صدري..
و أنا أُمٌ...
أنا أُم...
أنا أم له...
و ها هو قد اختفى عن ناظري لثواني لأفقده...
أفقده؟!
أفقده..
لاااااااااا....
لأفقد روحي و لا أن أفقده..
لتقطع أطرافي...
أكوى..
أعذب..
أحرق..
و لا أن أفقده...
يا رب...يا رب لتفعل بي ما تشاء..
يا رب...
و لكن صغيري..أرجوك...
يا ربي باسلييي...
باسلي...
باسل...
أرجوك يا ربي أعده لي...
أعده لأحضاني...
أتحمل يتماً من أب و أم فجأة و لا أحزن...
أتحمل إغتصاباً لروحي و جسدي من حقير و لا أشتكي...
أتحمل زواجاً مجبرة عليه و لا أشكي..
أتحمل اتهامي بذنوب لم أقترفها و لا أشكي..
أتحمل العيش مع حيوان تحت سقف واحد و لا أشكي...
أتحمل العيش وحيدة من دون أهل و لا مشكلة...
و لكن فراقه...!!
فهنا طاقتي الإحتمالية تقف...!!
أقسم أنها تقف عند هذا الحد...!!
فراقه...لا..!!
توقفت و هي تجلس على أرضية تلك الحديقة في يأس لا حدود له...و أحاطت وجهها بكفيها و هي تدخل في عويل لا حدود له...ليتأملها كل من مر في استغراب شديد..
**************************
مصر...
القاهرة...
تأمل تلك الأوراق التي على مكتبه وهو غير قادر على فعل أي شئ...يحس بالألم الذي يتخلل كل خلاياه...فهو منذ بداية هذا الأسبوع وهو يحس بالغضب الذي لاحدود له...لا يعلم ماذا يجب أن يفعل...؟!
منذ أول رسالة قد وصلته من ذاك المجهول وهو يحس بأن نيران الأرض بأكملها تحترق في جوفه..يحس بأنه كومة من بركان على وشك الإنفجار...و لكنه خائف و بشدة من أن يفعل شيئاً يندم عليه...سمع صوت اهتزاز هاتفه ليتناوله و بيده المرتجفة خوفاً من أن يصدق إحساسه في صاحب الرسالة...
فتح الرسالة ليتأملها...
((الحرمة مثل الزجاج لو اتخدش شي من سمعتها..عمره ما يرجع...))
ضغط على الهاتف بكل قوته وهو يحس بأنه سيحوله لفتات بين يديه...أغمض عينيه بقوة..أغمضهما وهو يحس بتلك النيران التي في داخله و كأنما قد صب عليها حمم من نار لتؤججها أكثر..
قام من مكانه وهو يحس بأن الجلوس يكبته...تجول في المكتب وهو يحس بالنار تحرقه من كل صوب...من الذي يرسل هذه الرسائل يا ترى...تناول الهاتف ليفتح الرسائل السابقة...
((تري الوحدة إذا تحجبت و غيرت شكلها ماهو معناه إن اللي داخلها تغير...في الأول و الآخر بتظل مستعملة...و بالحرااام))
جحظت عيناه وهو يتأمل الرسالة التي تلتها...
((تراك فيوم بتكتشف حقيقتها...اللي منت بداري عنها...))
رمى الهاتف بكل قوته على ذلك الكرسي و مسح وجهه بقوة وهو يحس بأنه يحترق..لا بل يفور..حمماً بركانية...يتأجج غضباً...
من الذي يرسل هذه الرسائل له؟!...و ما الذي يريد؟!..و المشكلة أن الرقم مجهول؟!!...يود ألا يصدق كلمة مما يقرأ و لكن نفس الإنسان أمّارة بالسوء...و هو لا يستطيع أن يمحو الشك عنها و خاصة أنه يعلم ماضيها...
تناول الهاتف للمرة الثانية ليضغط على تلك الأرقام و بعد مدة يقول و بغضب شدييد..\وييينك؟!
نادية \بسم الله رحمن الرحيم وش فيك؟!
سياف \أقووول وييينك الحين؟!...ردي علي؟!
نادية \وين يعني بكون..انا بالبيت...سياف وش فيك؟!
سياف \عطيني هديل؟!
نادية \لييش؟!..سياف وش صار خرعتني؟
سياف \أقولك أبي أتكلم مع هديل...
هو لا يريد هديل في أي شئ..و لكنه يود التأكد حقاً من انها موجودة في المنزل و معها الصغيران...متألم و بشدة مما يفعله الآن..و من شكه فيها..و لكن لايد له في ذلك..فهو رجل..و ترسل له كلمات كتلك..فبالتأكيد سيتصرف بتلك الطريقة...
سمع صوتها و هي تنادي بصوت حانق..\هديييل يا بنت وش هذا اللي سويتيه؟!...وش اللي حطيتيه في الأكل؟!...انتي انخبلتي؟!...بتجلطيييني؟!..شنووو؟!...حطيتي الصابون في الأكل...يا وييلي..خذي..خذي الجوال تكلمي مع أبوكي يبيك...
انتظر حتى سمع صوت صغيرته المنفعل..\بابااااا...تبيييني؟!
تبدلت ملامحه تلقائياً لدى سماعه لصوت صغيرته...قال لها..\إيه...كن..كنت بسألك وش تبين أجيبلك معي من السوبر ماركت...
هديل بإنفعال شديد...\إيه بابا أبي سنكرززز ووو شوكولا..و بعد أبييي...ليوقفها..\حييلك حييلك أنا بجيب السوبرماركت بحاله معي؟!...خلاص يلا مع السلامة...
أغلق الهاتف وهو يتأمله لوهلة..و ها هو قد اطمئن أنها في المنزل..إذا لماذا ما زال يحترق آلاف المرات بداخله؟!...لماذا لا يود أن يحسن الظن بها؟!
و ماذا سيفعل لينتهي من هذه الآلام التي أصبحت تراوده في كل ثانية...
*****************************
و في الجهة الأخرى...
تناولت الهاتف من صغيرتها بعد أن تحدثت مع والدها...مسحت الطعام من فم ذلك الصغير بمنديل و هي تسرح في سياف...فهو في الأيام الماضية قد تغير و بشدة...لا تعلم ما السبب في ذلك...؟!
ربما هو ضغط من العمل أو أي شئ و لكن هي سبق و أن سألته من ذلك و لكنه أنكر أن له أي مشاكل في العمل..
إذا ما الذي به..فهي تعلمه جيداً...و هي ليست بحمقاء لكي لا تفهم تصرفاته الغريبة و عصبيته الزائدة...خائفة و تحس بأن هنالك شيئاً يخبئه عنها...
تفاجأت بهاتفها الذي قد رن للمرة الثانية...تناولته لتتأمل الشاشة و تبتسم...\هلا فنرمين...و الله مدري وش أناديك فيه نرمين و لا لورا؟!
ليأتيها الرد..\هههه...اللي تحبيه حبيبتي...كيفك نادية؟!
نادية \بخير و الحمد لله بس تعب مع العيال...
لورا \هيك هم الصغار بيتعبوا بس حلوييين...
نادية \إيه...كيفك إنتي و كيف زوجك معك؟!
لورا \و الله ما بعرف..هالإيام هوي غريب معي..هادي بصورة مخييفة...والله أنا خائفة يكون ناوي على شي نيِّة...
نادية \كيف يعني هادئ؟!
لورا \يعني ماعم يسألني وين عم روح وين عم إجي ..و الله ما بعرف؟!
نادية \إلا ما سألتك وش قصة هالإسمين؟!... ليش في الجيم يقولولك نرمين و تقوليلي إسمك لورا؟!
لورا \حبيبي إنتي تعرفي إني مسيحية...بس هوي زوجي محزرني كتير إني ماخبر حدا بديني و لازم كون مسلمة حتى إدام جيراني...مشان هيك هوي يقولي نرمين و إدام العالم إسمي نرمين...
نادية بحنق...\طيب ليش يتحكم فيك كذا؟!..مو من حقه يسوي هالشي...تزوجك و إنتي مسيحية فلازم يرضى بهالواقع...!!
لورا \و الله أنا بخاف إني إتكلم معه فأي شي أو عارضه فشي..على طول بيعيط عليي...و بيشرشحني...!!
************************
القصر...
تأملت صغيرتاها النائمتان...اقتربت من خزانتها لتفتحها و تتناول ذلك الصندوق...صندوق يحمل الكثير من الذكريات...ذكريات لا زالت تقبع في أدنى بقعة في صدرها...
فتحته و تناول تلك الصور لذلك الفهد...
صورة تلو الأخرى...
تبعث لروحها الكثير من الذكريات التي لاحدود لجمالها..
توقفت عند تلك الصورة...
ضحكت بقوة و هي تتأملها...
صورة لفهد وهو ممسكاً بقطعة كبيرة و يمسح بها الطاولة...
ياااه..
تذكرت تلك الليلة...
لمحة من الماضي...
كانت ممسكة تلك القطعة بين يديها و تنظف عندما اقترب منها وهو يضع يديه خلف ظهره..\صباا...
قالت و دون أن تلتفت له..\نعممم؟!
من تلك النعم علم أنها ليست بخير أبداً...قال لها و بإبتسامة..\ما شفتي أي شي على المغسلة أو كذا؟!
قالت و هي ما زالت تتجاهل النظر له..\شي مثل شنو؟!
فهد بإبتسامة...\شي يعني شي..
قامت من مكانها و اقتربت منه لترفع يدها و على اصبعها ذلك الخاتم لتقول له بغضب شديد...\مثل هالخاتم؟!
ضحك لها بقوة وهو يتناوله منها و يقول..\ههه..ههه..يعني أنا ماقصدت الدبلة..يا حرامية متى أخذتيها من يدي أنا كنت..
قاطعته و بنفس غضبها..\ما أخذتها من يدك يا أستاذ يا محترم..انا أخذتها من المغسلة مو من يدك... قايلني ساحر يعني عشان أخطفها من يدك؟!!
فهد وهو يحاول الهرب...\ههههه..و الله إن دمك خفيف ههههه...
قالت بغضب...\فهدددد..انا ماني قاعدة أمزح..هاذي المرة الألف اللي تنسى فيها دبلتك و كل مرة أعذرك..ليش ما تروح بها الشغل وش بتسوي هناك ليش ما تبيهم يشوفونك و الدبلة فيدك..؟!!!
اقترب منها وهو يتناول تلك الخصلة من شعرها بين يديه..\ولو قلت لك إني أحب وحدة ثانية و أبي أتزوجها...
قالت بغضب..\تعرفني مجنونة..و قلتها من قبل..بقتلك و بقتلها معاك...و ابتعدت عنه لتجلس في ضيق..\فهد أنا ماني قاعدة امزح معاك..و ربي أنا زعلت..يعني وش قصدك بهالحركة..ما تهمك الدبلة؟!
اقترب ليجلس في الأرض أمامها وهو يضع يديه على حجرها..\يعني الدبلة هي اللي بتربطنا ببعضنا؟!...شي جماد و مجرد هو اللي بيدل لك على حبي لك؟!..يا ستي اللي بينا لا جماد ولا شي بيربطه..
قالت و هي تلتفت عنه للجهة الأخرى و بحزن..\فهد بلا خرابيط معك...
تناول ذقنها بيده ليجعلها تلتفت عليه تعلم أنه سيسحرها بأسلوبه و بكلماته...و بهمس...\و ربي ماني قاعد أمزح...الحين إذا مت..وش اللي بيذكرك بي و لا بيكون فيه دبلة و لا شي..؟!
وضعت يدها على شفتيه لتجعله يصمت عن هذا الهراء الذي يقوله..\بسم اللي عليك بعيد الشر فيني و لا فيك...
فهد \خلاص..يعني الدبلة ماهوب شي مهم صدقيني...و أنا اللي لو فتحتي قلبي تلقينه مربوط بألف دبلة غيرها...و كلهم مكتوب عليهم اسم واحد بس....تدرين وشهو؟!
ابتسمت له بخجل لتقول..\وشهو؟!
فهد \نانسي...
ضربته بقوة و هي تكشر ملامحها...\نانسي فعيييينك..لازم تجلطني..و لا مرة فحياتي بتبسطني بلحظة رومانسية كاملة من دون ما تخربها بمزحك الماسخ...!!
ضحك بقوة وهو يرجع للوراء...\ههههههههه...و أنا ما تكتمل اللحظة الرومانسية فعيني إلا ههههه و أنا أشوفك مبوز يا جمييل انت...
قامت من مكانها و هي تقول له..\بعد عني..أصلا إنت بذر من يومك...
أوقفها وهو يقول..\خلاص الحين بكمل الرومانسية..اللي تطلبينه بسويه..قوليلي وش تبين؟!
ابتسمت بمكر و هي تقول له..\احلف...
فهد \و الله...
رفعت تلك القطعة أمامه و هي تقول..\أنا حيلي انهد من النظافة كمل إنت نظافة..
جحظت عيناه في مفاجأة وهو يقول..\شنوووو يا هانم؟!
قالت و هي ترفع حاجبيها في تكبر..\مثل ما قلت لك..و إنت حلفت...
فهد \بصوم ثلاث أيام..
صبا و هي ترفع حاجبها...\بتصوم ثلاث أيام عشان لا تنظف..يعني إنت ما يهمك طلبي..إنت ما..قاطعها وهو يضع يده على فمها و يقول..\خلاااص خلاااص..الحين تكفريني عشان بكسر حليفتي..خلاص بنظف..وش أسوي..أمري لربي و أنا رجال مضطهد...
ابتعد عنها و بدأ يمسح الأثاث و هو يتمتم بكلمات و هي تضحك عليه..قال..\و الله لرفع قضيتي لمنظمة حقوق الرجل...
تناوات تلك الكاميرا و قامت بتصويره ليصرخ في وجهها..\و تصورييين بعددد...
و هي تضحك ليقترب منها و بغيظ مسح وجهها بتلك القطعة لتقف هي كالصنم من الصدمة ليقول لها بمزح وهو يبتعد...\قلتي لازم أنظف كل البييييت و انتي تبع الأثاث يا هانم...ههههههه...
مسحت دموعها...لا تعلم أهي دموع فرح للموقف أم هي دموع حزن على فراقه...
كيف لي أن أوافق على الزواج بغيرك..
لا..
و إنه ليس بغريب...
و إنما هو أخوك...!!
من لحمك و دمك..!!
******************************
في اليوم التالي...
خرج وهو يتأمل ساعته..لقد تأخر على اجتماع مهم له في الشركة...تأمل الطبيب الخارج من غرفة ضاحي..أوقفه وهو يقول..\دكتور..ها..كيف حالته؟!
ليتأمله الطبيب الذي ينزل نظارته و يقول..\و الله حالته لسة ماهي معروفة للحين...وهو الحين تحت تأثير المخدر...بس نحن سوينا كل اللي نقدر عليه...و نتمنى يفيق عشان ندري إذا الإصابة اللي فراسه أثرت عليه أو لا...
قال له خالد..\طيب دكتور إذا كان..و لكن أوقفه صوت تلك الممرضة التي تقدمت من الطبيب لتقول بالإنجليزية الغير مفهومة...\ دكتوور..دكتووور المريض قد استيقظ...!!
ليسرع الطبيب لدخول الغرفة..و يسرع ذلك الآخر وراءه كردة فعل بديهية من أي شخص...تأمل ذلك الضاحي الذي لم يتعرف عليه إلا من يومين...وهو مستلق و موصولة بجسده الكثير من الأسلاك...تأمل الطبيب الذي كان يقيس أشياءاً كثيرة..و يضع يديه على أجزاء مختلفة من جسد ذلك الضاحي وهو يسأله..\أستاذ ضاحي..إنت سامعنيي؟!...تسمعنييي؟!...تحس بشي؟!..فيك شي؟!
أستاذ ضاحي...!!
تأمل ذلك الضاحي وهو يحاول رفع أصابعه و كأنما يشير على شئ ما...وهو يحاول إخراج الكلمات...توقف وهو يراقب المشهد من بعيد...و لكن المفاجأة كانت بأنه قد فتح فاهه بكلمات...\أستاذ خالد...أستاذ خالد؟!
التفت الطبيب لخالد وهو يتأمله بإستغراب..\الظاهر إنه يناديك...
استغرب خالد و بشدة من الموقف ككل...و قال باستغراب..\يناديني أنا...؟!
ليقترب أكثر من ذلك الضاحي حتى التصق بسريره...ليسمع كلمات غير مفهومة منه...\ر..رح..رحيق...
كان خالداً يحاول فهم كلماته الغريبة...ليقول له ضاحي في تعب شديد و كأنما روحه توشك أن تخرج من فاهه...\ط..طلبتك.!!!
قال خالد بنخوة رجال و روح غير قادرة على الإدراك..\تمم..!!!
قال ذلك من بين آلامه..\رح..رحيق...تزووجها..!!...طلبتك..تزوجها...!!
*************************
إيطاليا...
قابعة على تلك السجادة...و هي تدعو الله رب السماوات...ممسكة بذلك التيشيرت الصغير الذي يخص صغيرها...فلذة كبدها..بل روحها...عشقها الذي لا ينتهي..
تأملت ثوبها الذي قد ابتل من كثرة دموعها...رفعت رأسها للسماء وهي تستنجد...
تستنجد بالواحد الأحد الذي لا ولد له...!!
تستنجد به و هي ليس لها غيره...
فها هي تضع هاتفها بالقرب منها و هي تنتظر أية مكالمة من الشرطة تفيدها بأنهم قد وجدوا صغيرها...
فلذة كبدها...
بل هي من كانت تتصل بهم كل دقيقة لتسألهم عن الجديد...و لكن لا جديد...
لا جديد عنه...
لا جديد عن روحها التي أخرجت من صدرها...
باسل..!!
آآآآه يا باسل...!!
آآآه من دنيا تأخذك مني في ظرف ثانية...!!
أين انت؟!...
أخبرني أين أنت؟!
و من الذي قد أخذك...!!
هل هو شخص مجرم أم هو المجرم بأم عينه ذلك الجاسر..!!
أخاف أن بكون هو من أرسل شخصاً ليخطفك مني...
آآآه يا فلذة كبدي..!!
أين أنت..!!
ضمت قميصه أكثر على صدرها و هي تشتم عبق رائحته...تحاول أن تغرق في عبير رائحته..
ياااا رب لا تجعلها آخر أنفاس ألتقطها له..!!
يا رب أرجعه لي...
يا رب..!!
مسحت وجهها المبتل بكثر الدموع..فهي و منذ الصباح لم تفعل أي شئ سوى البكاء..خرجت..نعم خرجت لكل مكان كانت تذهب له مع صغيرها لتبحث عنه و هي تحمل صورته و تريها لك شخص عله يكون قد لمحه في أي مكان..و لكن دون أية جدوى...
بحثت في كل مكان...
أخبرت الشرطة..
فعلت كل شئ و لكنها لم تلمحه...
لم تلمحه..!!
لم تلمحه..!!
آآآآه....
أخرجت تلك التنهيدة من صدرها و هي تسمع صوتاً يأتي من الصالة...ارتجفت و بشدة...فبوجود ذلك الباسل كانت تحس بالأمان و كأنما هو من يحميها...و لكنها الآن خائفة..وحيدة...!!
قامت من مكانها و هي ترتجف خوفاً...حملت تلك المكواة التي كانت موضوعة خارجاً..فهذا أفضل شئ وجدته للدفاع عن نفسها...خرجت..
خرجت و هي لا ترى شيئاً في ظلمة الصالة...استعاذت بالله و ضغطت على ذلك الزر في الحائط لينير المكان و لكن...
شهقت بكل قوتها لتسقط تلك المكواة من يدها أرضاً...
شهقت و هي لا تستوعب هول ما تراه الآن...
لا تعي لأي شئ...سوى...
الصدمة..!!
و هول الصدمة...!!
خرجت من فاهها تلك الكلمة المغتصبة...
....\يَسَّاااار...!!!
*************************
أقدم اعتذاري
لوجهك الحزين مثل شمس آخر النهارِ
عن الكتابات التي كتبتها
عن الحماقات التي ارتكبتها
هن كل ماأحدثته
في جسمك النقي من دمارِ
وكل ماأثرته حولك من غبارِ
أقدم اعتذاري
عن كل ماكتبت من قصائد شريرة
في لحظة انهياري فالشعر ياصديقتي
منفاي واحتضاري
طهارتي وعاري
ولاأريد مطلقاً أن توصمي بعاري
من أجل هذا جئت ياصديقتي
أقدم اعتذاري
نزار قباني...
كان لابد من الوقوف عند هذه النقطة..
الفصل القادم فصل فيه حدث كنت أتخيله من بداية الرواية...!!
لقاء يسار و نورة...!!
آمل أن تكون الطية قد نالت اعجابكم..
و أتمنى أن لا تنسوني بصالح دعواتكم...
و أتمنى كمان لا تحرموووني من مشاركاتكم الجميييلة...
موعدنا القادم يوم الجمعة بإذن الرحمن....
و لو وجدت وقت قبله بخبركم....
إلى الملتقى بإذن الرحمن..
و سبحان الذي لا ينسانا و لا ينساكم...
|