كاتب الموضوع :
**روووح**
المنتدى :
ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
رد: روايتي...ولغد طيات أخرى...
بسم الله الرحمن الرحيم...
الطية الثالثة و الثلاثين...
و إذا بي...
و إذا بي أعود لأفتح ذلك الجرح...
و إذا بي أعيد شريط ذكرياتنا و كأنه الأمس...
و إذا بي أعود لأحبك من جديد...
حتى و إن كنت غائباً...
جلسنا حول طاولة مستطيلة ، ألقينا نظرة على قائمة الأطباق، ودون أن نلقي نظرة على بعضنا طلبنا بدل الشاي شيئا من النسيان وكطبق أساسي كثيرا من الكذب!
وضعنا قليلا من الثلج في كأس حبنا، وضعنا قليلا من التهذيب في كلماتنا، وضعنا جنوننا في جيوبنا، وشوقنا في حقيبة يدنا ..
لبسنا البدلة التي ليست لها ذكرى، وعلقنا الماضي مع معطفنا على المشجب ..
فمر الحب دون أن يتعرف علينا !!
(أحلام مستغانمي)
صلت قيامها و خلعت عباءتها...جلست لوهلة من الزمن سارحة في من تكون...لأحيان كثيرة تحس بأنها لا تعلم من تكون؟!..
تحس و كأن مرحلة كبيرة من حياتها قد تم محوها...فقط ما تعلمه هو أنها قد تعرضت لحادث أدى لفقدانها بصرها و ذاكرتها..فهي حقاً لا تتذكر أي شئ قبل ذلك الحادث المزعوم...فكلما سألت خالتها أخبرتها بأنها قد تعرضت لحادث سيارة أدى لفقدانها بصرها و ذاكرتها...و كلما حاولت أن تسألها عن ماضيها..عن شخصيتها كانت تتهرب...لا تعلم لماذا؟!!
لا تعلم من هذه الدنيا غير هذه الخالة و ابنها...مع أنها تمقته جداً...بل تكرهه...تتقزز منه...تكره سكره...تكره لعبه للقمار..تكره فكرة كونه عاطلاً و لا يعمل...تكره نظراته لها..نعم هي لا تستطيع رؤية هذه النظرات و لكنها تحسها...تستطيع الإحساس بها...و لكنه من تعرفه..و تحس بأنه هو من يستطيع إخبارها بماضيها...توقفت عن التفكير لوهلة من الزمن...
خلعت عباءتها و قامت من مكانها و لكنها سمعت صوت الباب الخارجي يفتح...شهقت..فحتماً هذا هو؟!..و ليس هنالك أحد غيره...
أحست بأن شعرها الطويل قد تشتت في كل صوب...كانت تود لملمته بسرعة قبل أن يدخل ذاك...و لكنها سرعان ما اشتمت تلك الرائحة...تلك الرائحة التي لطالما اعتادت عليها...سمعت صوته الرجولي الذي يبعث القشعريرة لقلبها...\وش قاعدة تسوين؟!
هي لا ترى شيئاً غير ذلك الظلام الدامس الذي يغطي كل نظرها...ولكنها تحس..تحس بأنه يقف قريباً منها...أحست بأنه يقترب أكثر..صرخت بكل قوتها..\ضااااحييي!!!
توقف هو عن الحركة عندما شهقت بإسمه...قالت له برجاء..\لا تقرب مني...ترجيتك لا تقرب مني...!!
هو لم يعر لرجاءها شيئاً...تقدم و هو يترنح...و كلما اقترب كلما تراجعت هي خطوة للخلف بعرجتها التي تميزها عن غيرها...قال لها..\ماقدر...!!
كانت تتراجع للخلف كلما اقترب..حتى اصطدمت بذلك الحائط الذي قد حاصرها...ليقترب ذلك الآخر و تمتلئ شعيباتها الهوائية برائحته المقرفة إثر ذلك السم الذي يتناوله كل ليلة ليترنح بهذه الصورة...اقترب حتى حاصرها مع الحائط...قالت و هي تحاول أن تمنعه..\بكلم خالتي؟!
اقترب أكثر...ليقول بنبرة شبه همس..\وش بتقولين لها؟!
صمتت و هي تدعو الله أن يبعده عنها...فهي لا تستطيع إحتماله...\أبي أعرف شي واحد..انتي كيف تعرفيني لما أقرب منك و انتي ما تشوفين؟!
قالت و الدموع قد ملأت عينيها...\ضاحي..ترجيتك تبعد...ترجيتك...
تأمل عينيها المتلألأة بالدمع...تأمل بؤبؤا عينيها المثبتان في زاوية واحدة دونما أية حركة...تأمل شفتاها المرتجفتان من شدة خوفها...كيف له أن يقاوم هكذا أنوثة؟!...كيف له أن يقاوم هكذا ألم؟!..هكذا عينان؟!
ضربته بكل قوتها على صدره...و هي تصرخ..\أقولك بعععدددد...بعددد...أنا أكرهك..أتقزز منك...
تطاير الشرر من عينيه ليصمت لوهلة ظنت أنه سيصفعها فيها...و لكنه...ابتعد خطوة للخلف ليترك لها فرصة الهرب...هي أحست بإبتعاد جسده عنها... أحست بلفحة الهواء التي استطاعت المرور اثر ابتعاده...ظلت جامدة لوهلة من الزمن...و بعد أن استوعبت أنه قد ابتعد عنها حقاً ليترك لها فرصة الفرار منه قالت من بين شفتيها المرتجفتين...\شكراً...
و جرت لتتركه...
هو..ضرب بيده بقوة في الحائط وهو يصرخ...بعد كل ما يفعله لها و لكنها تقول له شكراً...تقول له شكراً؟!...
فكيف و إن علمت بإنه يعلم كل شئ عنها؟!..كيف و إن علمت أنه ربما من تسبب في كل ما حدث لها؟!
****************************
ايطاليا...
ميلانو...
(فقال أحد الصحابة لسعد ابن أبي وقاص رضي الله عنه : يا...و لكنها توقفت عن الكلام عندما تأملت ذلك الصغير و قد غط في نوم عميق...تأملت ملامحه الهادئة..و ابتسامته حتى وهو نائم...أغلقت كتاب القصص لتتأمل عنوانه...قصص الصحابة...ياه.!!..لكم أرهقت في البحث عن هذه القصص في هذه البلد الغريبة و لكنها وجدتها بعد عناء...كانت تود أن ترسخ مبادئاً معينة في عقل طفلها..فلا تريده أن يتلوث بهذا المجتمع...و خصوصاً...بذلك الذي يعيش معهما...
وضعت الكتاب على الطاولة المجاورة للسرير لتتأمل ملامح صغيرها...باسل!!
مسحت على شعره الذي يغطي رأسه...و طبعت تلك القبلة الصغيرة على خده...
(أنت السبب الوحيد لإبتسامتي...أنت السبب الوحيد لتشبثي بهذه الحياة المقيتة...أنت السبب الوحيد لكوني ما زلت أعيش..!!)
سمعت صوتاً بالأسفل..شهقت...فهي تعلم جيداً من يكون صاحب هذه الضجة...
قامت من مكانها بسرعة لتخرج من غرفة صغيرها و تدخل غرفتها...استلقت بسرعة على السرير و هي تحاول تمثيل النوم عليه...كانت ترتجف حقاً تحت الملاءة...فها هي تحس بالرعب من تواجده...
سمعت صوت باب الغرفة وهو يفتح...حاولت حبس أنفاسها قدر الإمكان...سمعت صوت غنائه و قهقهاته المعتادة..و ها هو كل ليلة يترنح...!!
و هو بارع بفعل شئ آخر غير ذلك ؟!!
اقترب حتى جلس بالقرب منها...\نووورة...نوووورة...
مع كل همسة من صوته كانت تحس بالتقزز أكثر فأكثر...مد يده ليوقظها...قامت بسرعة من مكانها لتصرخ فيه بكل قوتها...\جاااسر...بعددد عنييي...!!
لم يعر لكلماتها شيئاً...\لا ترفعين صوتك علي..!!
قالت و هي تحس بالقرف الشديد من أفعاله...\أقوووولك بععدددددد...و قبل أن تكمل جملتها إذا به يطبع تلك الصفعة على خدها بقوة آلمتها...أسرعت لتبتعد عنه و تدخل الحمام و تغلق بابه عليها...و لكنه أتى خلفها ليطرق الباب بكل قوته..\هيييي انتيييي...افتحييي الباااااب....نوووورة أقووولك افتحييي الباب و إلا بكسره...
نورة من داخل الحمام...\مااااا رح أفتح شي...روح الله لا يردك...
كان يطرق الباب بكل قوته و لكنها لم تعر لطرقه شيئاً...حتى سمعته..\أصلاً أنا صرت أقرففف منك و مالي فيكي عاااازة...تظنييين مابلقي مية وحدة أجمل منك...روحي يا القرف..!!
ابتعدت هي عن باب الحمام...وقفت أمام المرآة...سحبت نفساً قوياً...
يااااه...!!
ثلاث سنوات و أنا بنفس الحال؟!..
و كل ليلة منذ سابقتها...اتحمله و أتحمل قرفه...و أتحمل سكره و رائحته المقرفة..
أتحمل ضربه لي...
ياااااه...لو تعلم...لو تعلم يا يسار أن كل ذلك من أجلك...و من أجلك فقط؟!!...لو تعلم أن طيفك كل ليلة يزورني في أحلامي...أستغفر ربي ألف مرة...أستغفر ربي على حلمي برجل غير زوجي...و لكن هل لي القدرة على التحكم في قلبي؟!
مع أنه أسوء زوج يمكن للمرأة أن تحصل عليه...و لكني لا أخاف ذلك الفعل من أجله...و لا أود التفكير بك من أجله..و إنما من أجل رب خلقني..و من أجل أنني لا يصح لي أن أفكر برجل غير زوجي...
ياااه يا يسار...
أتذكرك في أدق التفاصيل...
أتذكرك في كل زاوية و في كل شئ...
و أتذكر آخر كلمات أطلقتها علي...
أتذكر كل تفصيلة من حياتي معك...!!..
و لا أستطيع النسيان..مع أن ثلاثة سنين قد مرت..!!!
ثلاثة أعوام بأكملها..!!
و لم أنسى أدق التفاصيل فيك..!!
و ها أنا الآن أمكث بين أحضان مغتصبي من أجلك....!!
ها أنا الآن أتحمل لمساته لي من أجلك...!!
أتحمل سكره...إنحرافه...ألمه...!!
أتحمل ذكريات إغتصابه لي من أجلك..!!
ها أنا الآن أتحمل كل شئ من أجلك...
حقاً لا أعلم كيف تحملت لمساته لي...كيف تحملت العيش معه تحت سقف واحد..هو نفسه من اغتصبني قبل ستة سنين تقريباً...هو نفسه من كان سبباً في عذابي...هو نفسه من كان سبباً في بعدي عنك...هو نفسه من هددني..من عذبني..من شوهني...
نعم هو نفسه...
في الماضي...اغتصبني...
و الآن هو يغتصبني كل ليلة...يغتصب حقي..يغتصب صرختي..يغتصب قدرتي...يغتصب كل شئ...
و لكن بالحلال..!!
الآن يستطيع أن يفعل بي ما يريد و قد أصبحت حلاله...!!
و لكني سعيدة أنه قد بدأ يتقرف مني..أو يكرهني..لا أعلم..أتمنى أن يبيت كل ليلة خارج المنزل و لا أني يأتيني...
أتمنى أن يمكث كل يوم مع أنثى شكل و لا يأتيني...
حقاً سبب تحملي الوحيد هو ..هو ذلك الباسل...فلولاه لما احتملت كل هذا...!!
لما احتملت هذه الحياة..و لكنني من أجله مستعدة أن أحتمل كل شئ...
و سأحتمل..
بل سأكون قوية من أجله...
سأقوى أمام كل الصعاب من أجل باسلي..!!!
و ليس من أجل أي شخص غيره...
**************************
دخل المنزل وهو يتوقع أن الكل نائم الآن...استغرب من حاله فهذه هي المرة الأولى التي يدخل فيها المنزل وهو بكامل وعيه..ودون أن يشرب ذلك السم...استغرب وهو يسمع همهمة في الداخل...
توجه نحو غرفتها ليستمع لصوتها..تقرأ آيات من القرآن..في هذه الساعة من الليل؟!...فيا سبحان الله يجمع اثنين متناقضين هذا التناقض تحت سقف منزل واحد..!!
رجع بذاكرته لذلك الماضي...وهو يتذكر كل ما يعلمه عن هذه الفتاة...
لمحة من الماضي...
تلك الليلة التي قد أتت بها تلك السيدة...تلك السيدة التي قد كانت قد اتفقت معه قبل مدة بأنها ستأتيه بفتاة و هو فقط عليه أن يحتفظ بها...يتذكر جيداً كيف كانت مغماً عليها عندما أحضروها تلك السيدتان...كانتا منقبتين و لم ير من وجههما شيئاً...و لكن من أصواتهما كان بادياً أن إحداهما في العشرينات من عمرها و أن الأخرى أكبر بكثير من ذلك...و من منظر عباءتهما كان بادياً أن إحداهما هي السيدة و الأخرى هي الخادمة...يتذكر عندما أتيا بها...
لقد كان مغماً عليها...أتيا بها لوالدته لكي تولدها...يتذكر كيف كان خائفاً في الخارج من ذلك المخطط المخيف...و لكنه قد كان مضطراً..نعم هو مضطر...فقد كانت عليه كمية من الديون كفيلة بأن تدخله السجن...ديون من لعبه المقامرة و شربه..و كان لابد له ان يسددها..و لم يكن له أي طريق ليسلكه غير هذا الطريق...تذكر عندما كان واقفاً بالخارج و سمع صوت الطفل..
و لكن بعد دقائق إذا بتلك السيدتان تأخذان الطفل و تقترب تلك منه...تلك من سميت نفسها بأم أحمد..يعلم أنه ليس بإسمها و أنها لن تخبره بإسمها الحقيقي طبعاً...يذكر جيداً كيف أعطته ذلك المبلغ و حذرته من أن يفلت هذه الفتاة..بل يجب عليهم أن يجعلوها تمكث معهم...
يتذكر كيف كان خائفاً عندما أخبرته والدته بأنها لم تستيقظ...ظلت ليومين كاملين كالغائبة عن الوعي...كان يتوقعها حينما تستيظ ستصرخ...تبكي..أو تفعل أي شئ..و لكنه تفاجأ حقاً حينما أخبرته والدته بأن الفتاة قد استيقظت...و لكنها تسأل من تكون و أين هي؟!...لا يعلم و لكن فقدانها الذاكرة أعطاه إحساساً بالراحة أنه لن يحتاج للقوة لكي يحبسها...يتذكر جيداً عندما اتصل بتلك السيدة و أخبرها بأن الفتاة قد فقدت الذاكرة...لم يتوقع ردة فعلها...فقد قالت له أن بإمكانه الإستغناء عنها...و رميها في الشارع ..!!!
يتذكر جيداً تلك الخطة التي قد اتفق مع والدته ليقولاها لها..هو أن والدته خالتها و إنها قد تعرضت لحادث سيارة مع أبوها و اضطرا أن يجعلاها تمكث معهما...و أن اسمها رحيق...
و ها هي ثلاث سنوات بأكملها قد مرت منذ تلك الليلة...
لم يستطع أن يخبرها بالحقيقة و لم يستطع أن يتخلى عنها...و لم يستطع غير أن يجعلها تمكث معه و مع والدته...يعلم في قرارة نفسه أنه أحقر كائنات الأرض...لأنه قد كان سبباً في منعها عن أهلها...و لكن ما فهمه من السيدة أن الفتاة قد حملت بهذا الطفل بالحرام و انهم قد جعلوها تبعد عن أهلها لأن والدها قد أقسم بأن يقتلها...إذا فهي تستحق كل ما حدث لها؟!...نعم تستحقه!!..
و لن يذنب إن قتلها...!!
و لكن عن ماذا يتحدث وهو أبعد ما يكون عن الأحكام...فهو احقر منها...و لكن في هذا المجتمع...
خطأ الرجل بواحدة...
و خطأ الأنثى بألف...!!!
و لكن هاتان السيدتان... و إن أبعدتاها؟!..إلى أين أخذتا الطفل؟!...
أسئلة كثيرة يكبتها هو ووالدته في صدرهما...ليس لشئ سوى المال الذي قد حصلا عليه...و ذلك العقد الذي قد أمضته عليه تلك السيدة أنه و إن اعترف بأي شئ فإنه سيدخل السجن...
فكيف له أن يحتمل شيئاً كهذا؟!!
*****************************
القصر...
....\يلا يا بنات تعالوا عشان تاكلون...
صرخت شهد بكل قوتها..\ماما ما نبي ناكل..
صبا \بس أنا قلت لازم تاكلون يلا بلا دلع ماسخ...
كانت ملك قابعة و منتبهة بكل حواسها مع ذلك (الجيم بوي) و تلعب فيه..و لكن صبا أسرعت لتتناوله من يدها يدها لتصرخ ملك..\ليييش؟!
صبا بحزم بالغ...\لأن مافيه لعب إلا لما تقومي و تاكلي...و أشارت لها بيدها بحزم...
قامت ملك من مكانها بتأفف لتجلس في تلك الصفرة بالقرب من شهد...و تقدمت الجدة لتجلس في بداية الطاولة...و رجاء كانت جالسة في إحدى الكراسي الأخرى...
قالت الجدة..\وينه خالد؟!
صبا\ خرج..قال بيروح هو و بنته مشوار مدري فين...
قالت الجدة لصبا..\صبا يا قلبي شوفي عبدالرحمن و جيبيه...
قالت رجاء لتستدركها..\لاه أنا بروح..
استوقفتها صبا لتقول..\لا انا اللي بروح...
و في زاوية أخرى...
قابع في تلك الغرفة...ممسك بتلك الصورة بين يديه...صورة قديمة و أطرافها مقطعة...صورة لرجل في الخمسينات من عمره...ملامحه قوية..فذة..سطوته تبدو من الصورة...
والدي.....
آه لو تدري ما الذي أصاب ابنك من بعدك...من الذي قد فقده.. لو تدري ما الذي حدث لإبنك عبدالرحمن...
عبدالرحمن قد فقد حفيدك يا والدي...فقد حفيدك و لم يحافظ عليه...
مرت سنة منذ أن استيقظت...!!
استيقظت من تلك الغيبوبة...غيبوبة استمرت لما يقارب السنتين...غيبوبة كانوا يعتقدون أني مجرد جثة فيها..و لكني كنت أحس بأي شئ فيها...كنت أحس بمن حولي..أسمعهم..و أتمنى لو أتجاوب معهم...و لكن..!!!..جسدي قد كان أضعف من ذلك...
كنت احس بكل شئ..كنت أحس بنفور خالد من يسار...كنت أحس بتلك الشرارات التي تنشأ بينهما و أتمنى لو أقوم من رقادي و أصفع كل واحد منهما ليستيقظا و يعلما أنهما السند لبعضهما...و ألا يسمحا لإمرأة مريضة أن تفرق بينهما...
كنت أحس بكلمات ذلك الخالد عندما كان يأتيني و يجلس بقربي في السرير و يخاطبني عن ألمه من خيانة تلك السماح له...و بعدها ألمه من موت مرضية...يالله..لم أكن أعلم أنه يحبها لهذه الدرجة...و لم أكن أعلم أن لأنثى القدرة على جعل شخص يعشقها و ينسى كل شئ بهذه الطريقة...فمرضية بقلبها الطيب و روحها الصافية استطاعت أن تتوغل لدواخل قلبه...و لكن..و بعدما أحبها...ماتت لتترك له تلك الصغيرة...تلك الملاك التي تشبه والدتها...أتذكر جيداً كيف كان الألم يعتصر صدره...
و لا أتعجب أنه قد جلس ثلاث سنوات ليرعى هذه الصغيرة دون أن يفكر حتى في الزواج مرة أخرى...مع أن والدته و رجاء يصررن عليه كل ليلة أن يفكر في الزواج مرة أخرى...و لكنه يرفض رفضاً باتاً....الآن فقط أعلم كيف كان يشعر وهو يبوح لي بما قد كان يكنه لها من مشاعر...الآن فقط لا أستطيع أن أطلب منه أن يتزوج مرة أخرى و أنا أعلم ما تحتازه هذه المرضية في قلبه...و لا أقول إلا أن يكون الله في عونه...
أتذكر جيداً ما كنت أحسه و صبا تبوح لي بمدى شوقها لزوجها..لذلك الذي قد تركها...لذلك الفهد..و أنها قد كرست حياتها كلها لرعاية صغيرتاها ووالدتها و خالد..فهي تحس بأن خالداً يحتاج للرعاية الآن و خاصة أنها تعلم حقاً ما يمر به من ألم..فليس هنالك من جرب هذا الألم قدرها...أتذكر كيف كانت تشكو لي من إحساسها بالذنب لأنها لم تكمل الدكتوراة و قد جمدتها... كانت تقول أنها قد كانت أمنية فهد الوحيدة...هي أن تكمل الدكتوراة و لكنها قد تخلت عنها من أجلهم...أود كل ليلة لو أفاتحها في هذا الموضوع..وهو أن تكملها...فهي يجب أن تمضي في حياتها و نحن لسنا بحاجة لرعايتها...
أتذكر جيداً إحساسي عندما كانت والدتي تأتي لتقبع بالقرب من سريري..تشكو لي من قهر الدنيا..تحتسب..نعم تحتسب..و لكنها كانت متألمة...أيقنت وقتها و أنا في فراشي أنها أكثر شخص قد أحب يسار في هذا المنزل..و أكثر شخص قد تألم لرحيله...فمن شدة ألمها ظننت أنها ستموت بعده و لن تفضل العيش في هذه الدنيا...كانت تشكو لي أن ما عليها من ألم قد كثر...تشكو لي و توبخني لماذا حفظنا هذا السر عن يسار..لماذا لم نخبره بذلك السر..لماذا لم نصارحه و قد مات دون ان يعلم الحقيقة...لماذا لم يكن أي أحد منا قريب من هذا الفتى..لماذا جعلناه يربي نفسه بنفسه حتى تكونت شخصيته القوية الفذة..حتى أصبح و كأنه طفرة..و كأنه مختلف عنا بكل الطرق...معترف أنا...نعم معترف أنني لم أربيه جيداً...ربما لأني قد توقعت جيداً كيف ستكون شخصيته عندما يكبر..ربما لأنني قد خفت كيف ستكون روحه عندما يكبر...و ها هي مخاوفي و توقعاتي قد صارت حقيقة!!!..
|