كاتب الموضوع :
**روووح**
المنتدى :
ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
رد: روايتي...ولغد طيات أخرى...
بسم الله الرحمن الرحيم...
السلام عليكم لأجمل قراء...
قبل كل شي أخواتي فيه أخطاء أنا نفسي ما كنت أعرفها و فيه أخت الله يجزيها خير نبهتني لها و بنقلها لكم عشان الفايدة تعم على الكل...و يا ريت كلكم أي وحدة تلحظ خطأ ديني فالرواية يا ريت ما تبخلوا علينا يا ريييت..عشان تكسبين أجري و أجر القراء اللي يقرون الرواية...و ربنا يهدينا جميعاً للصواب....
********السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أود أن ألفت انتباهك إلى امرين مهمين :الأول كتابة الصلاة على النبي بالياء
السؤال: هل هذا الكلام صحيح انتبهوا يا إخوان اكتبوا اللّهم صلّ على سيدنا محمّد وليس صلّي بالياء لأن الياء هنا ياء للتانيث فيُقال للمرأة صلي , وعندما ندعو الله عز وجل لايجوز استخدام صيغة التانيث لذا نكتب صلِّ كما كتبها في الأخير وسلامتكم .
اللهمّ صلّ على سيدنا محمّد وعلى آل سيّدنا محمّد.
الإجابــة: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالكلام المذكور صحيح، وعند الدعاء لا يجوز أن نقول عمدا اللهم صلي على سيدنا محمد " بالياء" لأن هذا لا يليق في حق الله تعالى،
ولا حرج على من صدرت منه هذه الصيغة جهلا أو نسيانا لقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه.
رواه ابن ماجه وغيره، وصححه الشيخ الألباني. وللفائدة راجع الأجوبة التالية أرقامها: 5025، 28254.
الثاني : دعاء ( اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكن اسألك اللطف فيه)
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله
شيخنا الكريم
من الناس من يقول
اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكن أسألك اللطف فيه
هل هو تعدى بالدعاء وهل يجوز الدعاء به ام لا
الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وبارك الله فيك
قال شيخنا الشخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح الاربعين النووية :
وفي هذا المقام يُنكَرُ على من يقولون: (اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكن أسألك اللطف فيه) فهذا دعاء بدعي باطل ، فإذا قال: (اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكن أسألك اللطف فيه) معناه أنه مستغن ، أي افعل ما شئت ولكن خفف ، وهذا غلط ، فالإنسان يسأل الله عزّ وجل رفع البلاء نهائياً فيقول مثلاً : اللهم عافني ، اللهم ارزقني ، وما أشبه ذلك.****************
صراحة أنا كنت متوقعة ردود الفعل اللي جت خصوصاً في موضوع موت مرضية...و مثل ما قلت للكل و بعيدها ثاني مرة إن فيه تسلسل معين للأحداث و ما بقدر أغير عشان طلب من القراء لأنه بكذا بغير من فكرة الرواية ككل...و عموماً أنا متأكدة مية بالمية إنكم إذا صبرتم إن شاء الله كل الأحداث بتسركم صدقوني...و مثل ما قلت أنا أحب نذوق المر و الأحداث المحزنة في الرواية عشان لما تجي الأحداث المفرحة نتذوق طعمها بجد...بس صراحة فاجأتوني بتوقعاتكم الجميلة..يعني فيه أكثر من شخص توقعوا توقعات صحيحة أو أقرب للصحة...و عموماً...
الفصل هذا بيفاجئكم...!!
الطية الثانية و الثلاثين
و فجأة إذا ب...
هل يمكن لنا أن نعيش إغماءة أكبر من هذه؟!..
هل يمكن أن نفقد الإحساس لسنوات و نصحو على حين غفلة...
نصحو لنجد أنفسنا قد تغيرنا...
أصبحنا في أوضاع لم نتخيل في حياتنا أننا سنكون فيها...
أصبحنا في وضع..أبعد ما يمكن أن نكون فيه...!!
“أيها البعيد كمنارة ..
أيها القريب كوشم في صدري ..
أيها البعيد كذكرى الطفولة ..
أيها القريب كأنفاسي وأفكاري ..
أحبك .. أ ح ب ك ..! ”
(غادة السمّان)
حاولت رفع نقابها بيديها المرتجفتين...تكورت عيناها اللامعتان من الدمع و هي تنظر له...
هو....
تأملها بكل برود الدنيا...و كأنه يود حفر ملامحها القاتلة بين أضلع صدره...أن يصنع بها وشماً على قلبه..
ليس ليحبها..
و لا ليتحسر عليها...
لا...
بل ليحفر في عقله صورة من أصبحت ألد أعدائه...!!
اقترب أكثر في جلسته بصورة زادت من إرتجافها ليقول..\لا تخافين...ما رح أقتلك الحين...فيه حراس...بس صراحة حبيت أهنيك على لعبتك...
ضحك بصورة استفزازية ليكمل..\تصدقين إنك لعبتيها صححححح... ظبطتي الحكم...انك ما بتقدرين تستحملين تكونين كذا عشر سنين...ما بتقدرين تنتظريني عشر سنين...
بس...
بقولك شي...
و ربي اللي خلقني و خلقك...
لو حكموا علي بمية سنة..بقرن..بدهر...
ما رح أرتاح إلا و أنا مضوقك المررر...
فهمتي....!!!
قرب رأسه منها أكثر ليقول بهدوء صعقها...\كل اللي أنا فيه...ما فيه شي آلمني قدر سواتك يا بنت عمي...!!..بس...و اللي رفع هالسموات السبع...ما رح أخليك تتهنين...و بضوقك المر مثل ما ضوقتيني...!!
شهقت بقوة و هي تحاول كبت دموعها لتقول له و هي تحاول التجلد بالقوة...
...\أبيك...تطلقني...
يسار \و هي لك...إنتي طالق يا نورة..!!!
و قام من مكانه و هو يشير للحارس بأن الزيارة إنتهت...تحرك مبتعداً و لكن قبل أن يخرج التفت عليها و هو ينظر لها بقوة...\أقولك شي...؟!
انتبهت معه بكل ملامحها...
...\إنتي طالق بالثلاث...!!
الوقت الحالي...
إيطاليا...
مدينة ميلانو...
واقفة أمام تلك النافذة...و ممسكة بتلك الستارة...
تلك المدينة الضبابية...
لكم اشتاقت للمملكة و لشمسها و لنسيمها الحار..اشتاقت لحبات العرق التي تتصبب منها فور فتحها للنافذة...اشتاقت لأشعة الشمس التي تحرق جسدها...
و لكن هنا...
فالشمس نادرة الظهور...ربما تتعزز..!!
و ها هي قد مرت ثلاث سنوات...
ثلاث سنوات..!!!
يالله..!!!
قد مرت ثلاث سنوات منذ تلك الليلة...ثلاث سنوات بأكملها...ثلاث سنوات بأيامها و ساعاتها و لياليها...ثلاث سنوات منذ تلك الليلة...آخر ليلة قد رأيته فيها... و لكنني أتذكرها..أحسها..أسمعها و كأنها البارحة..و ليست قبل ثلاث سنوات...
ثلاث سنوات..!!
يا سبحانك يا رب العالمين..!!
فمن يصدق أنه و بعد ثلاث سنوات سأعيش بين أزقة ميلانو...في بلد غريب و بعيد كل البعد عن موطني...هنا العالم مختلف...
البشر...الشوارع..الأزقة..الأماكن..المحلات...و حتى اللغات...!!
كل شئ مختلف..و لكنني اعتدت عليها الآن...فلي أكثر من سنتين في هذه البلد...ربما اعتدت عليها كمجرد فكرة العيش و ليس أكثر من ذلك..
فأنا لم أستطع الإعتياد عليها كوطن..كروح..كحلم يعانقني...!!
لكم اشتقت للوطن..و لريحه...لكم اشتقت لهم...!!
لجدتي...ترى هل سامحتني على تركي لهم ؟!..أم تكرهني حتى الآن؟!...هل ندمت على تزويجها يساراَ لي؟!...هل هي بخير أم متألمة لما حدث لحفيدها؟!!
اشتقت لصبا و طفلتاها الصغيرتان...ترى هل كبرتا؟!...هل تزوجت صبا؟!..أم ما زالت عازمة على عيش حياتها مع طيف ذلك الفهد؟!..
اشتقت حتى لرجاء...مع انها كانت تعاملني معاملة سيئة و لكنني اشتقت لها...اشتقت لخالد...و لمرضية...ترى ما الذي حدث لها؟!...هل أنجبت طفلها؟!...هل هم سعيدون أم تلك السماح قد نغصت عليهما حياتهما؟!...
اشتقت لعمي عبدالرحمن...هل قام من غيبوبته؟!...أم هو على نفس حاله؟!..أم أن الله قد استلم أمانته؟!..هل هو ما زال حياً أم ماذا؟!
ليال كثيرة قد مرت علي و أنا هنا...تنتابني الرغبة أن أمسك بسماعة الهاتف و أتصل بهم...نعم..و أن أطلب منهم السماح..و لكني أعلم ماذا ستكون ردة فعلهم...
قطع علي حبل أفكاري تلك اليد الصغيرة التي أحسستها في قدمي...أنزلت رأسي لأتأمل ذلك الصغير الذي يضرب بتلك اللعبة على رجلي...تبدلت ملامحي تماماً إثر رؤيته...ابتسمت ابتسامة خاصة له و له وحده...انحنيت لأكون في مستواه...أشار لي على تلك اللعبة التي في يده...
...\ماما..فكيها لي!!!
و مدها لي و على وجهه علامات اليأس الطفولي...
أنا بدوري ابتسمت له و قلت..\بس كذا؟!
أومأ لي رأسه لأتناولها و أفكها ..نفذت أوامره ثم مددتها له...و تأملته و هو يتناولها و يلعب بها بين يديه...
نظر لي فجأة ليقول..\ماما..بابا ما رح يجي؟!
تبدلت ملامحي تماماً من ذكر ذلك الآخر...و لكن رغم كل شئ ابتسمت له...و قلت..\رح يجي يا روح ماما...
هو...
هو وحده من أصبحت أعيش من أجله...ففي هذا الوقت بالضبط و قبل ثلاث سنوات كنت مجرد جثة ميتة...كنت مجرد هيكل عظمي يمشي من غير روح...كانت حياتي مظلمة...و لكن...هذا الصغير...
هذا الصغير هو من غير مجرى حياتي تماماً...هو من أعطاني الأمل لأتشبث بالحياة..فقط من أجله...ولولا وجوده لا أعلم ماذا كنت سأفعل...حقاً لا أعلم...؟!!..فهو ابتسامتي...إشراقة صباحي...بسمة شفتي...روحي التي بعثت لقلبي بعد أن كان ميتاً...
نعم...هو ذلك..
ذلك الباسل..!!
***********************
ارتشف منها آخر رمق...امتصها حتى أصبحت صغيرة هزيلة و تحولت لمحض رماد...ضغطها بكل قوته لتنضم لبقية اخوتها في ذلك الصحن الصغير...تأمل تلك الأوراق الموضوعة أمامه...جنسية...أوراق معاملات...جواز سفر...
تناوله ليتأمل تلك الصفحة...
الإسم...\ساري عبدالله ال....
ابتسم على غرابة الموقف...ابتسم على غرابة الدنيا...على غرابة فعله..على غرابة كل شئ..حتى ذلك الإسم الذي قد اقتناه فهو غريب جداً جداً عليه...
فكيف وصل به الحال لهذه الدرجة...
رجع بذاكرته لما قبل سنة تقريباً...
لمحة من الماضي...
قابع في مكانه يتأمل في أولئك المساجين...بزيهم الموحد...و بوجوههم التي قد أصبحت شاحبة من ظلمة السجون...بتلك التشوهات التي تغطيها...قهقهاتهم المقيتة...و أولئك الضباط...و كأنهم أعمدة مثبتة جذورها في الأرض...يتعجب حقاً كيف لهم القدرة على الثبات لكل هذه المدة؟!!
تفاجأ بذلك السجين الذي قد اقترب منه ليرمي له تلك الورقة...استغرب..تأملها لوهلة ليضعها في جيب زيه...و عندما انتهت فترة الإستراحة و انفرد في زنزانته فتح الورقة المطبقة ليقرأ تلك الكلمات...
( يسار الراضي...
هذي رسالة من شخص ممكن تقول إنه له معك منافع مشتركة...فبعقد معك ديل؟!..
أنا ممكن أقدم لك....
طلوعك من السجن...
بس...في المقابل بتنفذ لي اللي أطلبه...!!!
و إذا وافقت أكتب في ظهر الورقة و ارميها لنفس الشخص اللي أرسلها لك...)
كانت تلك الليلة غريبة جداً...فهو لم يعلم من هذا الشخص...أو ماذا يريد منه بالضبط...أو ما هو غرضه...مرت الأيام وهو يفكر في هذا العرض الغريب...عرض غريب حقاً هو...
فما هي هذه المنافع المشتركة؟!...أيقصد بها أعداء؟!...أهو عدو للجراح و إبنه أم غير ذلك؟!...و حتى إن كان عدواً لهم...
إذا كان هذا الشخص له القدرة على إخراج يسار من السجن...فأكيد أن له القوة على الإنتقام من الجراح...فلماذا يلجأ لشخص مثل يسار؟!...و لماذا الآن فقط؟!..لماذا لم يخرجه منذ مدة؟!..و مما يبدو أن هذا الشخص يعلم الكثير عنه؟!!
أسئلة كثيرة لم يجد لها إجابة ..و يعلم أن إجابتها الوحيدة هي عند هذا الشخص فقط و ليس عند غيره...فكر ملياً في هذا العرض...و كان كل يوم يجلس في نفس المكان الذي يجلس عليه و يقترب منه هذا السجين الذي يتأمله و كأنما يسأله أين الورقة...؟!!
و في مرة قرر أن يمسكه...أمسكه بقوة و مد ذلك الخنجر الصغير في ظهره وهو يهدده بأن يخبره بمن أرسله...و لكن السجين كان يرتجف من كل صوب في جسمه و يهمس بأنه لايعلم ماهية هذا الشخص...و أن هنالك أحد الحراس هو من أعطاه الرسالة و هدده ألا يخبر أحداً...يسار من خبرته علم أن هذا السجين قد كان محقاً في كل كلمة قد قالها...و لم يكذب..و أطلق سراحه...
و في اليوم التالي أرسل له الورقة و قد كتب في ظهرها...
( و كأن العروض اللي عندي كثيرة؟!...يا سيدي ديل...!!)
كانت رسالة مختصرة...
و كانت هي بداية لمجموعة كبيرة من الرسائل التي كان يستقبلها يسار و التي يرسلها...و كم من مرة سأل هذا المجهول عن إسمه و لكن ما كان يرده في الرسائل هو...
( ناديني إكس...إحسه إسم حلو..)
و منذ ذلك اليوم و تأتيه رسائل من ذلك المجهول...في كل أسبوع رسالة و كل رسالة تأتيه بطريقة مخفية أكثر من التي قبلها...و كانت الطريقة الوحيدة للفرار من السجن هو تلفيق لموت له...فتم ضبط العملية بطريقة دقيقة جداً...حتى هو لايعلم كيف تمكن هذا المدعو بإكس أن يخطط لها..إلا و إن كان له نفوذ قوي...و قبل سنة بالضبط تم تسجيل يسار على أنه قد مات...في حريق قد حدث في زنزانته....و تم وضع جثة قريبة لأوصاف جسد يسار لتكون هي الجثة المحترقة...
و قد تم تسليم الجثة لأهل يسار و هي محترقة تماماً فلم يتم تمييز هويته و منذ ذلك اليوم...
يسار عبدالرحمن الراضي يعتبر ميتاً...
يعتبر ضمن الأموات..!!
و لكن هذا مجرد تمويه و إنما هو حي يرزق...حي و لمدة سنة كاملة هو يحضر لخطة للإنتقام من ذلك الجراح و ابنه و يذيقهم مر الأيام التي قد عاشها في السجن...لا يبالي بتلك السنين التي قد عاشها في خدمة الوطن..لا..بل سينتقم من كل من تخلى عنه...
قطع عليه حبل أفكاره صوت هاتفه المحمول...رفعه ليسمع ذلك الصوت الرجولي القادم من الطرف الآخر...\ساري؟!
قال بكل برود الدنيا..\يسااار..!!
سمع تلك الضحكة القادمة من الطرف الآخر...\بس نحن اتفقنا على إن يسار مات؟!
يسار \أدري...و الله فلقتني بهالمعلومة..يسار الراضي مات من سنة و مو عايش...و اللي عايش الحين هو ساري عبدالله...بس يسار ما مات...يسار هو اللي بينتقم لك...و لين وقت التنفيذ بصير هذا الساري اللي تبيه...بالله مالقيت غير هالإسم البايخ ؟!!
إكس \ههههههههههههه...وش الفرق بين الإسمين؟!! يا سيدي هذا الإسم اللي لقيناه...الحين باقي القليل على سفرك...
يسار..\و لين ما سافر ما رح أدري منو إنت...و أردف بنبرة مستهزئة...\يا مستر إكس؟!
إكس...\و الله عجبني هالإسم و ما ظنيت أغيره..
****************************
في زاوية أخرى بعيدة كل البعد...
المملكة...
القصر...
أشعة الشمس التي تتخلل النافذة بخطوطها الرفيعة...يتأملها...جالساً على كرسي خشبي يتوسط الغرفة...و ممسكاً بكتاب يتحدث عن الصراع حول الذهب الأسود في القرن الواحد و العشرين (الذهب الأسود: البترول)...الجو هادئ و ساكن نوعاً ما...أنزل النظارة من عينيه و أغمضهما لوهلة...يحب الاختلاء بنفسه في هذا المكان...فقط ليحس بوجودها معه...بين أضلعه...بعيداً عن كل الناس...
تلك..!!
تلك التي تركته في غفلة...بعد أن علقت قلبه و روحه و نبضه بها...تركته و روحها تقبع في تلك البقعة بين أضلع صدره...تركته مع ذكرى سواد الليل التي تبعث له سواد شعرها الطويل بطوله...
تركته مع إشراقة الشمس التي تذكره بإبتسامتها التي تشرق كل يومه...
تركته مع عبق روحها الطاهرة و لم تبالي لضعف روحه من بعدها...
لم يعتقد في حياته كلها أن يحب حباً كهذا..!! أن يعشق بهذه الطريقة المميتة..!!
ياااااه..!!
الآن هو يعشق روحاً قابعة تحت الأرض..!!
لماذا لم يعشقها عندما كانت فوق الأرض؟!!
لماذا كان يظلمها حينما كانت بين يديه؟!..
أنحن البشر هكذا هي طبيعتنا التي جبلنا عليها؟!..أن لا نحس بقيمة الأشياء إلا بعد فقدانها؟!..و يا ل قيمة الأشياااء..!!
يالقيمتها..!!!
حقاً مؤلمة هذه الحقيقة....يا حسرتاه على لحظات قد ضيعتها بعيداً عنها...يالها من طعنة في كل لحظة لم أذكرها فيها كم كنت أعشقها...
ياله من ألم في كل ثانية لم أخبرها فيها كم كانت جميلة في نظري...
و لكن هل يمكن أن أعيد ما مضى...هو حقاً مستعد أن يدفع عمره كله فقط ليراها...فقط ليشتم رائحة شعرها...فقط ليرى دمعة من دموعها...فقط ليتناولها بين أحضان صدره...فقط ليحبسها داخل أضلع صدره و لن يخرجها بعدها أبداً...
و ها هي ثلاث سنوات قد مرت...
ثلاث سنوات بأكملها...يااااه..!!
قد مرت على رحيلك يا مرضية..!!
ثلاث سنوات قد مرت منذ تلك الليلة المشؤومة... منذ تلك الليلة التي قد أحسست بأنني ميت منها...جثة من غير روح...
ثلاث سنوات منذ رحلتي...
و لكنك معي في كل زاوية..و في كل لحظة...
تركتني...و تركتي لي...همسك...ظلك...روحك...و تلك الصغيرة..!!
قطع علي حبل أفكاري صوتها...فلذه كبدي...روحي...نور عيني...!!
جاءت مسرعة لتقف بجسدها الصغير بين قدمي...و هي ترفع كلتا يديها..و تصرخ بصوت عال...\بابا..بابا....
نظرت لها بإبتسامة تنفرد بها هي فقط...و قلت مداعباً خدها بيدي...\ها...وش تبي وجودي حبيبة قلب بابا...
كشرت ملامحها بطريقة كنت أعشقها...من ..تلك..تلك التي تركتني و رحلت...تاركة وراءها سراب في حياتي...قالت لي بنبرة طفولية.. \مااابي آآكل..ماابي...
نظرت للخادمة...واقفة خلفي تماماً...و قالت بارتباك...\سوري بابا بس هو ما يبي ياكل...و مدت يدها لتلك الطفلة لتأتي معها...\وجد تعال معي..
وجد بدورها تشبثت ببنطالي أكثر بقوة دلالة على أنها لا تريد تركه..و قالت باصرار...\لا..لا مابي..مابي..
الخادمة..\وجددد!!
مسكت قميصي بكلتا يديها بقوة و قالت...\لا بابا....نظرت لها بإبتسامة...أعلم جيداً أنها لن تتركني أبداً....حملتها وأجلستها على قدمي..و أشرت للدادة بإبتسامة أن تذهب...ضممتها لصدري..أغمضت عيني و استنشقت رائحة شعرها...ذلك الشعر الشديد السواد و الطويل ..الناعم..و غزير كالليل...نعم...كشعر تلك!!...رائحته...ملمسه...طوله...غزارته...نعم...كل شئ فيه...
يذكرني بتلك..!!
ابتسمت لها...
قالت لي أن وجد ستشبهني و لن تشبهها...و لكنها أخطأت!!...فهي نسخة طبق الأصل من والدتها...نسخة منسوخة منها....
و كأنها تقول لي أنك لن تنساني ما حييت..!!
أغمضت عيناي للمرة الثانية وأنا أدعو لها بالرحمة و المغفرة ...و أن يسكنها فسيح جناته...رفعت وجد لتجلس على حجري وأنا أشير على الخادمة..\مو مشكلة خليها الحين..بعد شوية نحن رح ننزل و ناكل مع بعض...
تبدلت ملامح تلك لتصرخ و تقول..\صحيح بابا؟!...
قلت..\إيه يا روح بابا...
احتضنتني بقوة بيديها الصغيرتان...
و أنا سرحت بفكري..
لا أعلم أهي ذكرى الثلاث سنوات هي ما جلبت لي كل هذا الكم المتدافع من الذكريات أم ماذا؟!
فها هي ثلاث سنوات قد مرت...
أنا لم أعد ذلك الخالد الذي من قبل..منذ وفاتها قد تغيرت..تغيرت كثيراً...
تغير كل شئ في..بداية بمهنتي...فمنذ أن دخلت هذه الصغيرة حياتي و أنا أحس بأنها قد تغيرت...تركت مهنة الطيران و ذلك لأنها تأخذ الكم الكبير من حياتي اليومية..و انا منذ تلك اللحظة التي قد رأيتها فيها قررت بأنني سأكرس كل حياتي لها..و لك وحدها..لذلك فضلت أن أعمل في شركات عبدالرحمن و خاصة و أنه ليس هنالك من يرأسها...
كانت الأمور صعبة علي في البداية و لكنني بعدها قد تعودت...و لكن ما آلمني بعدها هو خبر وفاة يسار...يااه...لكم كان مؤلماً على قلبي...و لكن الله قد برد جوفي قليلاً بإستيقاظ عبدالرحمن بعدها بعدة ليال...و كأنه قد علم بوفاة يسار...مرت السنة الأولى على كل من في القصر بمرارة عجيبة...
و هذه المرارة قد أثرت عليّ جداً... خاصة و أني قد افتقدت شخصين و ليس بشخص واحد...
أصبحت أحمل هم كل من في القصر أكثر...فها أنا أحمل هم صبا...أود لو أناقشها كل يوم في أمر زواجها و أن العمر يمر بها و هي تكبر..و لكني لم أستطع..لم أستطع ان أفاتحها في الأمر و خاصة بعد أن أحسست بإحساسها...أحسست لكم هو مؤلم فقدان من تحب..!!
أصبحت أحمل هم عبدالرحمن و خاصة أنه قد أصبح مقعداً بعد هذه الغيبوبة الطويلة و لكن و لله الحمد أنه لم يفقد ذاكرته...
أصبحت أحمل هم والدتي و أنها كيف ستتحمل موت يسار...كيف ستتحمل ذلك؟!..كنت خائفاً أن تذهب هي بعده..فكل من في القصر قد كان يعلم بأن يسار هو أحب شخص لقلبها...و مع خوفي عليها إلا أن علاقتنا قد أصبحت أسوء ما يمكن...و أنا أعلم أنه ليس بالأمر الجيد و لكني لم أستتطع...
لم أستتطع ألا أحملها اللوم على ما حدث لمرضية...فلو سمحت لها بالمكوث معهم في القصر لما حدث ما حدث...ولو لم أسافر لما حدث ما حدث...أعلم أن هذا تفكير خاطئ...و اننا يجب أن نرضى بحكم الله و لكني لا أستطيع أن أطرد هذه الفكرة من رأسي...
فمرضية قد ذهبت ضحية ظلمي و ظلم والدتي و ظلم المجتمع لها...لا أستطيع أن أسامحها...و في نفس الوقت نفسي لا تسمح لي بمقاطعتها...اعاملها أحسن معاملة و أطيعها و لا أقصر في حقها..و لكن ما في القلب...هو في القلب..!!
و لطالما كانت تفضل يسار على...
يسار..!!
أخذت نظرة أتأمل طفلتي الصغيرة و هي متعجبة من صمتي العجيب...كانت تقلب صفحات ذلك الكتاب الذي كنت أحمله...
ياااه لو تعلمين ما بقلبي من ألم يا ابنتي؟!..
رحلت تلك لتتركني في ألم ما بعده ألم...لا...و لم يقف حد الألم هنا..بل رحل بعدها ذلك الآخر...كيف له أن يتركني دون أن نتسامح؟!...كيف له أن يتركني قبل أن أحتضنه؟!...كيف له أن يتركني قبل أن أشتمه..أركله في بطنه..أضربه على رأسه...أفعل به كل شئ قد كنا نفعله ماضياً..كيف؟!!
ياه يا يسار...لو تعلم مقدار الندم الذي يعتصر روحي و يحبسها..لقمت من قبرك لتسامحني...أنا من أطلب منك السماح الآن..أنا من أخاف أن أقابل ربي يوم الحساب و نحن لم نتسامح...أنا من أتمنى لو يرجع الزمن للحظة و أسامحك على كل شئ...على كل شئ...و لكن هل للزمن أن يرجع...و هل لي أن أصحح الماضي...
ياااااه يا يسار...
الآن..الآن فقط أعلم معنى آخر جملة قد قلتها لي...
(سامح...سامح قبل لا تفارق...)
الآن فقط أتذوق مرارة معناها و أتجرعها تجرعاً...الآن فقط أعلم معنى ما قلته...
و لكنني لست أنا من فارق يا صديقي..بل أنت من فارق...و يا ل ألم هذه الحقيقة...
يالمرارتها...!!
**********************
|