كاتب الموضوع :
**روووح**
المنتدى :
ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
رد: روايتي...ولغد طيات أخرى...
لطيفة...
عجزت عن تخيل العالم دون ستر الله لنا..
ماذا لو كان للذنوب روائح؟
تخرج منا على قدر معاصينا!
ماذا لو كتب على جباهنا المعصية التي ارتكبناها؟
ماذا لو وجد على باب بيوتنا شرحا لما فعلناه؟
ماذا لو علم الناس بما ستره الله علينا؟
ماذا لو وماذا وماذا؟؟
الحمدالله على نعمة الستر
اللهم لا تنزع عنا سترك
واسترنا فوق الأرض وارحمنا تحت الأرض واغفر لنا يوم العرض
د. الشيخ محمد العريفي
و في الخارج...
خرجت لتجد صبا جالسة و معها خالتها..كانت تود لو ترتمي على صدرها و تبكي لها...تود لو تستطيع البوح بكل شئ لها..تود لو تصرخ..تبكي..تشهق لها..و لكن ليس لها وجه لفعل ذلك..فحتماً صبا غاضبة منها بسبب فعلتها...سلمت عليها وجلست بالقرب منها..لتقول صبا بحزم و هي توجه الحديث لأم وليد...\لو سمحتي يا أم وليد ممكن نتكلم بروحنا...
أم وليد..\إي ممكن..و قامت من مكانها...
لم تستطع نورة رفع رأسها لأنها تعلم نظرات صبا...تأملتها صبا لوهلة لتقول..\ليه يا نورة...ليه بهالسرعة..؟!!
قالت نورة و العبرة تخنقها...\حقي...
اقتربت صبا منها أكثر...\حقك؟!..أكملت بضيق و هي تشير بيديها..\أوكي فلنفرض حقك..بس بهالسرعة تطلبين الطلاق؟!...بهالسرعة تتخلين عنا...عن يسار؟!...بهالسرعة تخلين الموضوع يوصل للمحاكم؟!..جاوبيني..ليش ساكتة؟!
رفعت نورة رأسها و هي مغمضة عينيها...سحبت نفساً قوياً علَه يمدها بالطاقة لهكذا مواجهة...فتحته عينيها لتنظر لأي شئ إلا النظر لصبا...\صبا..يسار خلاص انحكم عليه بعشر سنين...و أنا ما رح أقدر أستناه كل هالمدة من حياتي..أنا بشر و أبي أعيش حياتي...و هذا الحل الأنسب للكل...
قالت لها صبا بإستنكار..\تعيشين حياتك؟!...أكملت و هي تتأمل المكان..\كذا انتي عايشة حياتك؟!...كذا انتي مبسوطة؟!...تدرين ان رجاء تشمتت فينا و قالت شفتو...شفتو..هذي اللي حذرت يسار من انه يتزوج منها...هذي هي...هذي هي اللي حبيتوها ووثقتوا فيها...تدرين ان أمي في حالة لا يعلم فيها إلا ربي...صرت أحسها بتموت فأي لحظة من شدة الألم...تدرين ان خالد كان بيجي من سفره عشان يتكلم معك بس أنا أقنعته اني أنا اللي بجي و أتكلم معك...صمتت لوهلة و هي تحاول كبت غضبها...
...\أوكي قولي لك حق...و أصلاً ما ظنيت يسار كان بينتظر منك هالطلب...أنا كنت متأكدة انه بيطلقك من نفسه...عشان ما هي من شيمه انه يربط شخص بمصيره...بس....ليش ما كنتي تنتظرين لين تجيك ورقتك لحد عندك..ليش؟!..ليش ما وقفتي معانا فهالمحنة...ليه..و لكن قاطعتها نورة لتقف و تقول...\صبا..مو كل شي بيد الواحد..فيه أشياء نكون مضطرين نسويها...و أنا ما رح أقدر أقولك أكثر من كذا...آسفة...
و خرجت لتتوجه مبتعدة عنها..و لكنها قبل أن تبتعد استدركتها صبا...\ نووورة..!!
توقفت نورة و هي ما زالت تعطيها ظهرها...لتسمع كلمات صبا...\أنا خبرت يسار بطلبك...و هو موافق..!!!
بس يبي يشوفك و يسمعها منك شخصياً...!!
دخلت غرفتها و أغلقت الباب لتتكل ظهرها عليه...أصبحت أنفاسها تتعالا بقوة...وضعت يدها على فمها لتحاول كبت شهقاتها التي كانت تتعالا واحدة تلو الأخرى...تهاوى جسدها على الأرض و أصبحت تبكي بحرقة...
يا الله..!!
يا الله...!!!
وضعت يدها على وجهها و كان كل جسدها يهتز بقوة من فرط بكائها...كانت تردد و بصوت عال وسط شهقاتها...(اللهم إني لا أسألك رد القضاء و لكني أسألك اللطف فيه... اللهم إني لا أسألك رد القضاء و لكني أسألك اللطف فيه... اللهم إني لا أسألك رد القضاء و لكني أسألك اللطف فيه...)
ترددها...نعم ترددها...!!
و هل لها أن تفعل شيئاً غير ذلك؟!...هل لها أن تصرخ..هل لها أن تطالب بحقها...هل لها أن تأخذه بيدها...
لا..
فليس لها أي من هذه الحقوق...و كل ما لها هو ...الدعااااء!!!
و هل هنالك سلاح أقوى منه..!!
كانت تردد عل رب السماوات هو من يأخذ لها حقها في هذه الدنيا الظالمة...
رجعت لها تلك الذاكرة المريرة...
آخر مرة إتصل بها ذلك الحقير من بين آلاف الإتصالات...
لمحة من الماضي...
في القصر...
تأملت تلك القطرة من الماء المالح التي قد حطت رحالها على فخذها...مدت كفيها لتمسح ملامح وجهها المحمرة... رفعت يديها للسماء...للوحيد الذي يعلم ما بها...لخالقها رب السموات...(اللهم إني لا أسألك رد القضاء و لكني أسألك اللطف فيه)...و أخذت تعيدها عدة مرات...أحست بأن الدموع قد بدأت تنهمر بشدة...(لا إله إلا إنت سبحانك إن كنت من الظالمين... لا إله إلا إنت سبحانك إن كنت من الظالمين...)..أخذت ترددها لعدة مرات علها تخفف ما بصدرها من ألم...
سمعت صوت رنين هاتفها...تناولته لتتأمل الشاشة...كان رقماً غريباً...رجفة قد سرت في كل جسدها...فهي تعلم جيداً لمن ينتمي هذا الرقم...و ها هي المرة الألف يتصل بها...ماذا يريد منها؟!..و لماذا يهددها بهذه الطريقة الكريهة؟!...تتمنى لو تختفي تماماً و لا يستطيع العثور عليها مجدداً...و لكنه عاود الرنين لعدة مرات...أخيراً استغفرت و نظرت للسماء و كأنها تستنجد بخالقها و تناولته لترد...لم تنطق بكلمة لتسمع ذلك الصوت البغيض على روحها...أحست و كأنما فحيح يحرق طبلة أذنها...
جاسر \هلا بالحبااااايب...كانت ستغلق الهاتف في وجهه و لكنها سمعت ذلك التهديد الصريح...\إيَااااكي تفكرين انك تقفلين فوجهي...
نورة \إنت وش تبي منيييي؟!...حرااام عليييك..حرااام علييك..
جاسر \أبيك...!!
نورة \انت خذيت أغلى شي عندي..وش تبي فيني بعد..
جاسر \تصدقين؟!..مدري!!...صراحة مدري!!..إحتمال أنا بالجد حبيتك...و ماقدرت أستحمل فكرة إنك لغيري...و إحتمال هالفكرة هفت لي و بس...
نورة \حقييييير...حسبي الله و نعم الوكيل فييييييك... حسبي الله و نعم الوكيل فييييييك !!!!
جاسر \اسمعيني و خلي عنك هالخرابيط..!!...ها...تدرين إني عطيتك زمن أكثر من المهلة...بتنفذين اللي بقوله لك و لااا؟!!
نورة \ما رح سوي شي من اللي تبيه...انت وش قايل نفسك؟!..
جاسر \اسمعيني قبل لا تهرجي و تمرجي...انتي لو تعتقدين انك تعرفيني فإنتي غلطانة يا ماما...انتي لسة ما شفتي شي...و بعيدلك كلامي للمرة الألف..مدري تفهميه تهديد تفهميه تحذير تفهميه بالطريقة اللي تبينها...تفكير إنك تخبري أي أحد بيكون نهايته روحك!!...و لو فكرتي تخبري الشرطة بيكون نهايته إنتي و كل اللي يهمونك...عشان كذا إذا ما نفذتي اللي بقوله لك عمك المسكين المرمي في المستشفى بإشارة منى بيصير فخبر كانا...قاطعته و هي تصرخ بقوة..\يا حقيييييييير...يا تااافه..يا و لكنه قاطعها ليقول بنبرة مستفزة لأبعد حد...\شششش...ششش...اسمعيني للآخر...يا ستي و لو ما نفذتي أوامري الزوج العزيز المرمي فالسجن بيصير الحكم عليه مؤبد..عشان كذا لا تتشاطرين علي و أبي أسمع كلمة إيه بصوتك الحلو هذا...!!
*************************
بعد يومين...
تمرر كفها الصغير على بطنها المنتفخة...\بس صوتك ما هو زين؟!
خالد \يا ستي صوتي ما فيه إلا العافية..
مرضية \إلا...خالد حلفتك بالله تاخذ بالك من نفسك و تلبس ثقيل طول الوقت...
خالد \يا بنت الناس الموضوع مو لهالدرجة...
مرضية \كيف مو لهالدرجة و انت تقول درجة الحرارة كم تحت الصفر عندكم فليفربول...انت قايلني غبية؟!
خالد \هههههه..حاشا و كلا...خلاص يا حظرت...كل اللي تبينه بينفذ..انتي كيفك؟!
تأملت بطنها المنتفخ..شدت على ذلك الجكت من الصوف على جسدها لإحساسها بالبرد.. و قالت بإبتسامة...\أنا زينة...اليوم جتني صبا هي و البنات...
خالد \طيب تمام..
مرضية \طيب متى رح ترجع؟!
خالد \ليه...اشتقتي لي؟!..
مرضية \.....
خالد \أصلاً كنت أدري اني ما رح ألقا إجابة لسؤالي بس الجواب ظاهر من عنوانه...و عن الرجعة مادري الجو صاير برد كثير و متوقع يكون فيه عواصف ثلجية...و الحين المطارات كلها مقفلة و الطيران متوقف حالياً...
شهقت بقوة ليسمع صوتها..\مرضية..لا تخافين هذي الحالة بتصير كل سنة عادي بس ادعي ان هالحالة ما تطول عشان أقدر أرجع فوقتي...
مرضية \ان شاء الله يا رب...يعني اذا استمرت ما رح تقدر ترجع؟!
خالد \إيه...إلا تنتهي العواصف الثلجية...
مرضية \ربي يستر...!!
خالد \الحين خذي بالك من نفسك و من المحروس و لا تشيلين هم...زين؟!
مرضية \زين...سكتت مدة لتردف...\خالد..
خالد \لبيه؟!
طعنة لذيذة غزت صدرها من كلمته...\لبيت فمكة بس...مادري ليه قلبي ناغزني و أحس ان فيه شي بيصير...
خالد \يا شيييخة تعوذي من الشيطان و ما بيصير إلا كل خير...يلا عشان أنا لازم أقفل الحين...
داهمته لتقول..\خالد.!!
خالد \لبيه..!!
مرضية \ربي يردك لي سالم...أنا و المحروس ننتظرك...
خالد \ربي يخليكم لي...يلا في أمان الله..
مرضية \لا إله إلا الله..
خالد \محمد رسول الله...
*************************
بعد عدة أيام...
مصر..
القاهرة..
في تلك الشقة...
فتحت باب الشقة و دخلت...خلعت غطاء رأسها و كانت ستهم بدخول غرفتها لولا أنها شهقت عندما لمحت ذلك الظل...و لكنها سرعان ما اكتشفت لمن ينتمي...
ألن يعتقها لوجه الله؟!!
هو بدوره اقترب منها و قد كان بادياً على ملامحه الغضب...\وين كنتي يا هانم؟!
أحست بالضيق الشديد من حصاره لها طيلة هذا الشهر...قالت في تحد له و هي تدخل غرفتها..\ما يخصك...
دخل خلفها وهو يقول محاولاً إحتواء غضبه...\نادية...سألتك سؤال محدد..يبيله إجابة محددة...
فكت عقدة شعرها لينساب على كتفها و قالت و هي تلتفت عليه...\و أنا جاوبتك بإنه ما يخصك...
و للمرة الثانية يحاول أن يكون هادئاً معها...و يسيطر على غضبه..\لي أكثر من ساعة أتصل على جوالك و إنتي ما تردين...
توجهت نحو المرآة و خلعت أقراط أذنها و قالت بكل برود الدنيا...\قلت لك مااا يخصك..
هنا..قد وصل حده منها...تحرك نحوها و مسك ذراعها بقوة آلمتها بشدة...شدها نحوه حتى اصطدم جسدها به...\مو عشااااني متساااهل معاك يا مدااام تروحين و تجين على كيييفك..لو نااااسية أذكرك إنك لساااتك زووووجتي...فهمتييي...و إذا عن هالإشيا اللي كنتي تسوينها في الماضي لا تفكرييين ترجعييين لها....فهمتيييي...
و ها هو يجرحها للمرة الألف بعد المائة...ها هو يقتلها بنفس السكين الميتة...ها هو يذكرها بماضيها...
حاولت جاهدة أن تتسلح بقوتها أمامه و لكنها بشر...!!
هي أنثى في النهاية...!!
ركزت عينيها في عينيه الغاضبتين...و امتلأت عينيها بالدموع...تعلم إنها و إن حاولت أن تكون قوية فلن تستطيع خصوصاً و أن الحمل يؤثر عليها و على هرموناتها...قالت و هي تصرخ فيه..\إنت أصلاً كذا..عمررررررك مااااا رح تتغيييييير...بتظل تعااايرني بالماااااضي...عمممرررررك ما رح تتغييييير...لم تجد منه رداً...بل ظل ساكناً و كأنه استيقظ من نوبة غضبه و بدأ بإستيعاب كلماته الجارحة لها...أفلتت يدها من قبضته بالقوة و أصبحت تضرب على صدره بكل قوتها....\بعععععد عنييي...بععععععدددد...أقوووولك بععععد...انت أصلاً حقيييير و عمرك ما بتتغييييير عمرك ما رح تتغييييرررر...بععددد...
هو صرخ فيها بكل قوته وهو يحاول تثبيت يديها اللتان كانتا تضربان في كل الإتجاهات...\كيف أتغيييير و انتي ما تعطييينيييي فررررصة..هاااا...كيففف تبيني أتغيييرررر و انتي حاطة حواااجز بيينااا...
فجأة سكنها هدوء غريب...تراجعت خطوة مبتعدة عنه...مسحت دموعها بظهر كفها...قالت و هي تحاول إستعادة قوتها...\أنا مابي منك أي شي...أبيك تبعد عني...لأنك كل ما قربت تألمني أكثر...إنت ما تسوي شي غير تذكرني بالماضي...
تأملها بنظرة بعثت لصدرها آلاف الأحاسيس المختلفة...اقترب منها الخطوات التي ابتعدتها...ركز النظر لبؤبؤا عينيها...\عمرِك سألتي نفسك ليش أسوي كذا...؟!!
لاحظ لإنتباه كل ملامحها معه...عينيها...يديها المرتجفتان..خديها المحمرين...صدرها الذي يعلو ويهبط...أردف وهو يضغط على الكلمات...\عمرك سألتي نفسك ليش أتعب نفسي و أسافر عشان أعيش هنا؟!... ليش أكون بعيد عن أهلي اللي تاركهم بروحهم...وش السبب اللي يخليني أتعب نفسي و أتصل عليك و أتطمن عليك فكل مكان..عشان شنو أعذب نفسي و أربط نفسي فيك و أنا لو رجعت اليوم للمملكة بتزوج اللي أبيها...؟!!
أردف وقد هدأت نبرته قليلاً...\ أي نعم عرفتك عشان سبب معين وهو السي دي بس بعد ما لقيته..ليش لساتني مو قادر أبعد عنك؟! عمرك سألتي نفسك أنا ليش أسوي كل هالإشيا؟!
لحظة صمت حلت بينهما...لحظة كان هو يحاول أن يقرأ ملامحها و يفهم ما يدور في دواخل صدرها...
لحظة كانت هي تحاول أن تعيد ترتيب جنودها لتكون قوية أمام كلماته و التي كانت كل ثانية تقتل جندياً من جنود مقاومتها...!!...قالت بهدوء غريب...\أكيد عشان ابنك!!
تراجع خطوة للوراء و قد بدت على ملامحه أمارات الضيق...و رفع يديه في صيغة تعجب..\انتي من جدك؟!..نادية..انتي صرتي غبية و لا تتغابين؟!...
انتي تدرين زييين اني كنت كذا من قبل لا أدري بموضوع الحمل...!!
فلا تمثلين الغباء الحين...
كان ينتظر منها رداً..و لكنها ظلت جامدة دونما أية ردة فعل...تراجع خطوة أخرى للوراء ووضع يده على رأسه علامة يأسه ليقول بضيق شديد...\أنا تعبت..خلاص..مليت منك و من تصرفاتك...حاولت كل شي عشان نستمر بس انتي...
قالت له في محاولة لإستدراكه..\أنا شايفة الواقع...مو الخيال...سياف...سكتت مدة لتردف..\نحن ما ينفع نعيش مع بعضنا...
سياف \لييييش...قوليييلي..أبي أعرف...؟!
اقتربت هي أكثر لتواجهه...\لييش؟!..تسألني ليييش؟!...انت ما شفت نفسك قبل ثانيتين و إنت تشك فيني...إذا رحت أي مشوار لفترة بسيطة بتشك فيني عشان الماضي... كل اللي وجهته لي هو إتهامات فإتهامات..!!!...قولي كيف بنعيش مع بعضنا و كل واحد فينا عنده ماضي...
سياف \إذا رب العالمين بيغفر للمذنب..منو نحن عشان ما نغفر لبعضنا...
نادية \سياف!!...هذا كلام بتقوله الحين بس صعب تنفيذه...صعب حييل...بترجع تعايرني في الماضي..
اقترب منها و حاوط وجهها بكفيه...قال لها بهمس..\نادية...أنا مارح أقول لك إني حجر..أنا إنسان...و اكيد فأوقات كثيرة رح أتصرف تصرفات غلط..و بخطئ..اقترب أكثر حتى التصق بها...\ بس أوعدك إني رح أحاول...
قالت له و دون أية حواجز...\سياف..أنا تأذيت كثييير من قبل...ماقدر أستحمل أكثر من كذا...
انحنى و طبع قبلة دامت لثوان بالقرب من شفتها...ليقول بنبرة همس..\و أنا أوعدك إني ما رح أأذيك...بس ريحيني...ريحيني...
ضمها لصدره و حاوط خصرها بيديه...و هي لم تصرخ..لم تضربه..لم تحتج..لم تبرر...
بل سمحت لنفسها أن تقبع على صدره...و لأنها و للمرة الأولى تحس بصدق كلماته و أنه حقاً يريدها...نعم يريد أن يعيش معها حياة..!!
************************
في بقعة أخرى...
ممسكة بذلك الكتاب في يدها و هي تدرس في لجين أخت منى الصغيرة..و إذا بمنى تدخل و تسلم عليهم...
اقتربت منى منها و على وجهها علامات تبشر بالخير...منى\ السلام عليكم..
أسيل \و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته...
اقتربت منى لتخلع نقابها و غطاء رأسها و تجلس بالقرب من أسيل..\عندي لك خبر حلو...
حاولت أسيل الإبتسام بين آلامها..\خير..
قالت منى و هي توجه كلامها للجين..\لجين قومي حبيبتي كملي واجباتك داخل..
لجين بتأفف..\ليييه..أبي أسمع هالخبر...
منى \لجييييين..أقولك قومي يا بنت...سررررعة..
لجين \لاااا
ابتسمت لها أسيل و قالت و هي تمسح رأسها بيدها برقة..\لجين حبيبتي قومي كملي واجبك داخل...
لجين و هي ترفع كتبها بغضب \خييييير...زين..
منى \ما شاء الله يعني أنا أتكلم أفرنجي و مافي أحد يسمع كلامي...
أسيل \ههههه...بالذوق و بالهداوة بتسمع كلامك...
التفتت منى عليها لتقول...\الحين خلينا في الخبر...
أسيل \ها..
منى \يا ستي مو قلت لك بشوف صديقتي...و هي قالت لي إن فيه لك شغل..هو مو كخدامة مثل ما كإنك مربية...
أسيل \كيف يعني..؟!
منى \يا ستي...بتشتغلي عند رجال هو عنده بنته معاقة وهو زوجته متوفية على ما أعتقد أو من هالشي...و بتروحين و ترعين بنته...
تبدلت ملامحها..\لا..ما يصير اني أروح أعيش فبيت مع رجال من دون حرمته...
منى \يا بنتي فيه خدامات في البيت و ما بتكونين بروحك..سكتت مدة ثم أردفت..\ انتي ليه رافضة الفكرة...بعدين ما بتخسرين شي...و لين ربي يساعدك و يفكك من هالزوج الكريه...
سكتت أسيل و هي تفكر في عرض منى..و تفكر أيضاً أنها قد ثقلت على هذه الأسرة الفقيرة و أنها لن تستطيع المكوث معهم أكثر من ذلك..و لابد أن ترحل..و ليس لها أي حل آخر...
منى \و صديقتي قالت لي إنهم ناس موثوق فيهم و الرجال إسمه على ما أعتقد......
أسيل و قد تبدلت كل ملامحها و كأن قشعريرة قد سرت في كل جسدها...\منوووو؟!
أعادت لها منى الإسم لتسقط أسيل مغشياً عليها...!!
من هول الصدمة...!!
***************************
بعد عدة أيام...
في بقعة أخرى...
قرأت أذكارها ووضعت كتاب القرآن جانباً...كانت ستتوجه لخارج الغرفة و لكنها توقفت فجأة لإحساسها بتلك الطعنة القوية في بطنها...وضعت يدها على بطنها المنتفخ و أخرجت آهة لا إرادية...توقعتها إحدى علامات الطلق الكاذب...
و لكن الإنقباضات تزايدت بصورة آلمتها بشدة...صرخت بكل قوتها...\خاااالد...آآآآه...آآآآه...و لكنها استوعبت أن خالداً خارج البلاد...تزايدت الإنقباضات عليها بصورة مرعبة لتصرخ بكل قوة آتتها...و هي تمسك بطنها بقوة و تحاول أن تمنع نفسها من التهاوي أرضاً...
مرضية بألم \خدييييجة...خدييييجة...
لتأتيها خديجة بسرعة و تقول بخوف..\مدام وشفييك؟!
مرضية \آآآآآآه الحقييينيييي الظااهر إني بوووووولد...آآآآآآه...
************************
كتلة رماد في جوفها بركان يمكنه حرق مدينة بأكملها...!!
قنبلة نووية على وشك الإنفجار في أية ثانية....!!
كومة من وقود ينتظر تلك الشعلة لتحرقه...!!
هذا هو حاله..!!
نعم..!!
أو لا...فلا يمكن وصف ما يتكون داخل صدر هذا الكائن الآن...لا يمكن تخيل ما يخالجه من شعور...بل لا يمكن إحتواء ما يدور في رأسه من أفكار...
غضب...انفجار...احتقان..ألم...مرارة...ندم...و الكثير من الأحساس المختلطة بروحه..
يود الآن لو ينقض على إحدى المساجين لكي ينتهي أمره في زنزانة إنفرادية...لا يعلم لماذا يود فعل ذلك؟!!...ربما لأنه يود لو ينفرد بنفسه...بألمه...بغضبه....!!
لا يريد أن يسمع أصوات السجناء المزعجة...و قهقهاتهم و تصرفاتهم الكريهة لنفسه...و ربما لأنه يود أن يشحن غضبه بغضب أكبر...يستلذ بالإنفراد بنفسه...بتلك الأربعة حيطان...يستلذ بمقدار الألم الذي يراوده...
فها هو قد ظلم من أقرب الناس له بخيانة هو لم يرتكبها...و بعدها يتألم بغضب والد إثر ذنب لم يكن بذنبه...وإذا به يكتشف خيانة زوجة كانت كفيلة بطرحه أرضاً من هول الصدمة...و ها هي الآن تختم بعشر سنين حبساً على شئ لم يفعله...ليصبح أسير هذه الحوائط...ليتذكر كل ليلة كلمات خالد له...غضب والده عليه و أنه السبب في دخوله في غيبوبة مجهولة الأمد...نظرات كل الناس له إثر دخوله السجن...و تخلي من كان يعمل معهم عنه...و كأنه لم يكن ولو ليوم واحد يخدم هذا الوطن بدمه...!!...و أخيراً و ليس آخراً ليتذكرها...
نعم...
يتذكر من كان سيعطيها قلبه على طبق من ذهب...و لكنها غرست في ذلك القلب ألف سكين و سكين..!!
يااااه..!!
فهل لبشر القدرة على تحمل هكذا ألم؟!...
هل لإنسان أن يتحمل هكذا صدمات متتالية..!!
فما الذي سيؤلمه بعد هكذا أحداث؟!...ليس هنالك ما يؤلمه أكثر من ذلك...!!
هههه...فها هي تطلب منه الطلاق...
الطلاق..!!
سمع صوت الحارس...\زيارة...
قام من مكانه ليقوده الحارس لتلك الغرفة المغلقة...تفاجأ حقاً بمن كان ينتظره فيها...تلك السيدة المغطاة بالسواد إلا من عينيها...
إنها هي...!!
و هل أتتها الجرأة حقاً على هكذا فعل؟!
ألم تخف أن يقتلها؟!...يقطعها إلى أشلاء صغيرة؟!...أكل ذلك لأنها تريد التخلص منه؟!
لم تخف عليه إرتجافة جسدها عندما دخل الغرفة...جلس بهدوء أمامها ليتأملها...و لو كانت للنظرات قدرة لأحرقتها نظراته و حولتها لكتلة رماد...
كان الصمت هو سيد الموقف في المكان..و لم يكن هنالك صوت سوى صوت أنفاسها المضطربة التي كانت في تعال و انفاسه الهادئة المتوازنة...و كان لابد من كسر هذا الصمت القاتل...قالت و هي تحاول أن تجمع الحروف لتكون جملة مفيدة...\وش تبي مني؟!
زفر بقوة ليقترب أكثر..\انتي طلبتي الطلاق...و أنا قلت أبي أسمعها منك..
نورة \أ..أن..أنا أبي الطلاق...
يسار \ارفعي نقابك...!
نورة \شنو..؟!!
يسار \مثل ما سمعتي...أبيك تقوليها لي و انتي تناظريني..
حاولت رفع نقابها بيديها المرتجفتين...تكورت عيناها اللامعتان من الدمع و هي تنظر له...
هو....
تأملها بكل برود الدنيا...و كأنه يود حفر ملامحها القاتلة بين أضلع صدره...أن يصنع بها وشماً على قلبه..
ليس ليحبها..
و لا ليتحسر عليها...
لا...
بل ليحفر في عقله صورة من أصبحت ألد أعدائه...!!
اقترب أكثر في جلسته بصورة زادت من إرتجافها ليقول..\لا تخافين...ما رح أقتلك الحين...فيه حراس...بس صراحة حبيت أهنيك على لعبتك...
ضحك بصورة استفزازية ليكمل..\تصدقين إنك لعبتيها صححححح... ظبطتي الحكم...انك ما بتقدرين تستحملين تكونين كذا عشر سنين...ما بتقدرين تنتظريني عشر سنين...
بس...
بقولك شي...
و ربي اللي خلقني و خلقك...
لو حكموا علي بمية سنة..بقرن..بدهر...
ما رح أرتاح إلا و أنا مضوقك المررر...
فهمتي....!!!
قرب رأسه منها أكثر ليقول بهدوء صعقها...\كل اللي أنا فيه...ما فيه شي آلمني قدر سواتك يا بنت عمي...!!..بس...و اللي رفع هالسموات السبع...ما رح أخليك تتهنين...و بضوقك المر مثل ما ضوقتيني...!!
شهقت بقوة و هي تحاول كبت دموعها لتقول له و هي تحاول التجلد بالقوة...
...\أبيك...تطلقني...
يسار \و هي لك...إنتي طالق يا نورة..!!!
و قام من مكانه و هو يشير للحارس بأن الزيارة إنتهت...ليتقدم الحارس منه و يقوده لخارج الغرفة...هي أنزلت نقابها فور دخول الحارس...
حاولت أن تتحامل على نفسها و أن تقف دون أن تسقط مغشياً عليها...تقدمت حتى قادها الحارس إلى خارج السجن...حيث سيارة الأجرة التي قد كانت تنتظرها...دخلت السيارة و كأنها مخدرة تماماً من كل شئ..و كأنها صنم يمشي...كانت صامتة فقط و تشير للسائق على الإتجاهات حتى وصلت لبداية المنطقة التي تسكن فيها...
كانت تمشي كلعبة متصنمة دون أي مشاعر أو روح بداخلها..حتى وصلت لمنزل خالتها و دخلت..وجهت خالتها لها الكلام...\ليش تأخرتي كل هالمدة؟!
و لكنها قالت كلمة واحدة...\آسفة...
توجهت نحو غرفتها و أغلقت الباب...توجهت حتى وقفت أمام مرآتها...خلعت نقابها و غطاء رأسها...تأملت نفسها...
بكت...و بكت...و بكت...
شهقت...
صرخت...
تأوهت...
سقطت أرضاً و هي تحيط وجهها بيديها المرتجفتين...و بكت...
كيف لإنسان من لحم و دم أن يحتمل ذلك السيل المرير من الكلمات الذي ألقاه عليها...كيف؟!!!
كيف لروحها أن تحتمل هكذا كلمات سقيمة..!!
لو طعنها ألف مرة بسكين...
لو قطع جسدها لأشلاء صغيرة...
لو شوه ملامحها...
لكان وقعه أقل ألماً على روحها...على قلبها...على عقلها...
و لكن..
نظراته..
همساته..
كلماته...
كانت أقوى و أمر من ألف سكين و سكين...
كانت أمر من ألف خنجر و خنجر...
كيف له أن يفعل بها كل ذلك...كيف؟!!
و لماذا لم تصرخ في وجهه...لماذا لم تصرخ و تبرر عن كل ما فعلته..!!
لماذا لم تبرر إغتصاب ذلك الحقير لها؟!
لماذا لم تبرر نفورها منه؟!!
لماذا لم تبرر تهديده لها؟!!
لماذا لم تصرخ في وجهه...لماذا لم تصرخ و تبرر لكل العالم أن كل مافعلته لم يكن بمحض إرادتها..و إنما...
إنما هي مغصوبة عليه...
و أن كل خطوة خطتها هي من أجله و من أجل عمها...و من أجل من تحبهم...و ليس من أجل شخص آخر...
لماذا يا رب..!!
كيف لها أن تحتمل هكذا كتمان؟!
كيف لها أن تحتمل هكذا ظلم؟!!
كيف لها أن تحتمل هكذا تحوير للحقيقة؟!!
رفعت رأسها للسماء...
(يا رب...ياااااا إلهي....يااااااا خالقي...أنت وحدك أعلم بما بي..أن وحدك أعلم بما أمر به...أنت وحدك أعلم بما في صدري من ضيق و ألم....ياااا رب..يااااا سامع الدعااااء...أمن يجيب المضطر إذا دعاه و يكشف السوووووء...ارحمني يا رب....ارحمنيييي برحمتك من هذا الإبتلاء....)
*********************
بريطانيا..
ليفربول...
...\خالد..إهدا..إن شاء الله ما بيصير إلا كل خير...
لم يتوقف من الذهاب و الإياب في الغرفة بتوتر شديد....\استغفر الله العظيم...استغفر الله العظييم...أنا كيف خليتها..انا كيف سافرت و خليتها بروحها...يا ربي تستر...
أحمد \خالد اسمعني انت لازم تهدا...هالعصبية مارح تحل شي...
خالد \كيف أهدا..كيف أهدا و هي بروحها هناك...و أنا من صباح ربي قاعد أتصل على صبا و هي جوالها مسكر...جلس على ذلك الكرسي وهو يضع يديه على رأسه و يخرج ذلك النفس القوي من صدره...\يا ربي سترك يا رب...
أحمد \إهدا الحين...
قام من مكانه فجأة ليقول..\أنا لازم أشوف لي صرفة و أرجع الحييين...لاااازم...
أحمد \خالد إنت ما تفهم..الحين نحن كنا مكلمين المطار و يقولون كل المطارات مقفلة و مافيه أي طريقة للسفر...لان العواصف قوية...ولو حاولت تصل للمطار حتى ممكن يصير لك شي في الطريق...حركة السير كلها موقفة و ما رح تلقى سيارة...
صرخ في وجه أحمد بقوة وهو يقول..\ماااا يهمنيييي...أقووووولك البنت يتيمة و بروحها الحييين مافيه أحد معاها...إنت ما تفهم...
أحمد \مو قلت إن الحرمة اللي معها قالت لك انهم في المستشفى الحين و ان شاء الله ما يصير إلا كل خير...
خالد \مادري ماني مطمن...رفع رأسه للسماء في رجاء عميق..\يااا رب...ياااا رب عدي هاللليلة على خيييير...
قطع عليهم حديثهم رنين الهاتف الأرضي الموجود في المكان...أسرع خالد ليرفعه...\ألو..
خديجة \ألو استاذ خالد...
قال بلهفة..\هاااا خديجة قوليلي هي بخييييير؟!!
خديجة \مبروك أستاذ جتك بنت زي القمر...
خالد بخوف \و مرضيييييييية؟!!
لم يجد منها أي رد...أصبح يسمع دقات قلبه بقوة...و كأن قلبه سينفجر قريباً...
فتح الزرارات العلوية من قميصه وهو يحس بالضيق...
و كأنما سقف الغرفة سينطبق عليه..و كأنما كل حوائطها ستضيق به...و كأنما هنالك من سيقتلع روحه من مكانها...
خائف هو من إعادة السؤال...!!
خائف هو من الإجابة...!!
خائف حد اللاإحساس!!
خائف مما ستنطقه من حروف....
حاول جمع الكلمات...لم يحس في حياته بأكملها بخوف مثل هذا...
حاول جمع الحروف...
و هل لحروف الأبجدية أن تجتمع لتسأل هذا السؤاااال!!!
خالد \مرضيييييية!!...صار لها شي...
....\مرضية تطلبك البيحة...مرضية...
ماتت...!!
*************************
علِمتِ بوعكَتي .. أوَ ما علمت!
وما ذاك الجفا، هل أنتِ أنتِ!
تركتني وفي ثغري إعتذارٌ
وبين مدامِعي أسَفي وصَمتي
وروحي، لستُ أدري كيف أحيَا
وفي كفيْكِ رُوحي حين رُحتِ
علام الهجر، إنِّي لستُ أقوى
على عَيش الحياةِ إذا هَجرتِ
وما ذنبُ الحياة وذنب قلبي
إذا ما الشَّمس غابت حين غِبتِ
أُناديك بإسم الحُب هَلاَّ
أجبت نِداءَ من لو شِئْتِ يأتي
عبدالواسع الثقاف
هنا أقف و إلى لقاء آخر...
صراحة البارت استنزفني جداً...و خصوصاً بعد الغيبة الطويلة كانت الرجعة للكتابة صعبة...يااا رب البارت ينال اعجابكم...أدري إنه مؤلم بس مثل ما قلت لكم الصبرررر حلووو و كل شي فوقته حلووو...و في المرحلة القادمة من الرواية فيه شخصيات بتظهر و في أحداث كثيييرة غير...
موعدنا بإذن الله بيكون يوم الإثنين...
و إلى الإثنين أنتظر توقعاتكم الجميلة...
أرجوكم لا تنسوني بصالح دعواتكم و إن ربي يفرج همي و هم كل المسلمين...
في أمان الله...
|