كاتب الموضوع :
**روووح**
المنتدى :
ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
رد: روايتي...ولغد طيات أخرى...
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله...
في البداية...
أشكر كل من خط لي بقلمه رأياً... أو تعليقاً... أو توقعاً... أو تحليلاً..
أشكركم...
الفصل الرابع
وضوح كالشمس...!!
أحياناً تكون الرؤية ضبابية لنا....
نحاول..نعم نحاول الفهم...و لكن لا نبذل مجهوداً...
لتتضح لنا الأمور فجأة واضحة كالشمس...
من شدتها تجهر رؤيتنا...
في كلِّ طَيفٍ يا حياتي ألمحُكْ
بالرَّغمِ مِن صَخَبِ الوجودِ،
وهذه الضوضاءْ ..
نَغَمًا جَميلاً يَستَبيحُ مَسامعي ،
نَبعًا تَفجَّرَ أغرقَ الصحراءْ
تأتي طيورُكِ كي تَحطَّ بأعيُني
وعلى شِفاهي تَعزفُ الأصداءْ
ما كنتُ أعرِفُ كيفَ إحساسٌ بَرَقْ
أو أنْ أُخاطِبَ زهرةً حسناءْ
حتى نَزَلتِ بكلِّ حبِّكِ داخلي
فنطقتُ باسمِكِ أوَّلَ الأسماءْ
طوفي علىَّ وزَمِّليني داخِلَكْ
أنا قادمٌ مِن ألفِ ألفِ شِتاءْ
رَجْعُ الصقيعِ بداخلي يَغتالُني
عَصْفُ الرياحِ ، مَرارةُ الأشياءْ
نِزار قبّاني
في الشركة و في مكتب نورة...
مرام \انتي من صجك و لا تمزحين؟!
نورة \مرام...أنا ماني قاعدة أمزح ..!!!
مرام \نوووورة...ما بصدق..و الله ماقدر أصدق اللي قاعدة تقولينه !!!
ناولتها الصورة و قالت لها...\ لو مانك مصدقتني شوفي هذي الصورة...تناولت مرام الصورة منها....
مرام \ماني مستوعبة ؟!...سبحاان الخاالق و كأنهم تواااائم !
أشارت لها نورة على والدها و على الآخر المدعو بعمها...
نظرت لها مرام بانتباه و قالت...\و شنو كان ردك ؟!
جلست على الكرسي مرة أخري و قالت بتردد...\ما سويت شي...
وضعت الصورة على حجرها دلالة على صدمتها من كلام تلك الجالسة أمامها و قالت...\نعم؟!!!!....
نورة \ما سويت أي شي ...!!
مرام \نورة انتي من صجك...ما عندك أي فضول انك تلاقين أهلك؟!..و تعيشي معاهم...ما تتمنيني تلاقي جدتك؟!
نورة \مرام...سكتت مدة و سحبت نفسا ثم قالت...\ما رح أكذب و أقول انه ما عندي فضول...و ما ودي أعرقف ماضي والدي..و المكان اللي كبر و اتربى فيه...و الناس اللي تربى بينهم..بس..
مرام \بس شنووو؟!!
نورة \بس ...ليش ما سألو عني للحين؟!..و لو كان أبوي مقاطعهم كل هذي المدة ليه ما قالي عنهم...عشان كذا مو مفروض أقابلهم...
مرام \نورة...انتي مصدقة اللي تقولينه؟!..انتي أكثر وحدة تتكلمين ان الواحد لازم يعطي الأخرين فرصة......لا تحكمي بالظاهر...انتي ما استفسرتي حتى من سبب عدم سؤالهم عنك...ما تدرين وش هي أسبابهم...
رجعت الى الوراء في الكرسي و هي تنظر الى سقف المكتب...و قالت..\مادري..
مرام \نورة...عطيهم فرصة و شوفي...و صدقيني ما بيقدر أحد يغصبك على شي..سكتت مدة ثم أردفت لتقنعها...\انتي جربي و ما بتخسرين شي...
نورة \أوكي بفكر في الموضوع...
**************
دخلت و هي تقود ذلك الكرسي المتحرك...صديقها في كل الأماكن!!... لتجده واقفا بالقرب من البيانو..و يتحسسه بيده...خضتها هذه الحركة...فهو لا يبدو عليه الاهتمام بهذه الأشياء...سكتت مدة ثم القت السلام و تحركت بكرسيها للأمام و تركتها الدادة لتذهب لتحضير الشاي ...
استغربت من سكوته و لأنه لم يرد عليها السلام حتى...قالت بضيق..
\احمم..ممكن نبدا ؟!
نظر لها و هو ما زال واقفا بقرب البيانو و لم يتحرك...\تحبين تعزفين عليه ؟
استغربت من سؤاله المفاجئ و سكتت مدة ثم ردت بضيق أكثر..\ وش دخل سؤالك بالجلسة ؟!
رد عليها بهدوء استفزها...\مجرد سؤال مو أكثر...بس لو تبين تجاوبين براحتك...
استفزتها اجابته و هدوءه..و كله بكل ما به يستفز كل شعيرة فيها...قالت بحنق و لكن حاولت أن تضبط أعصابها معه...\أي أحب...هذي هوايتي المفضلة...
ابتسم على تجاوبها المفاجئ معه...تحرك من مكانه و جلس على الكرسي و هو يؤشر لها على أن تتقدم لتكون جالسة أمامه حتى يبدآن الجلسة...استغربت منه و قالت
\انت ما عندك ذوق عشان تقولي بساعدك ؟!!
ابتسم للمرة الثانية تلك الابتسامة الغريبة و قال...\و انتي محتاجة لمساعدة؟!...أنا ماني شايف انك بحاجة مساعدة...!! صدمت من جوابه المتغطرس..و كأنه يعلم كل شئ عنها...يعلم أنها لا تحب إحساس الشفقة من الناس أبداً...سكتت و اكتفت بعدم الرد...
أما هو فسكت مدة ثم قال لها و هو يركز معها...\تحبين والدك؟
استفزها السؤال...قالت..\ شنو هالسؤال الغبي ؟!!
ضحك بشدة حتى استغربت منه...\ههههه غبي؟!!!
لم ترد عليه و أصبحت تضرب بيديها على حجرها من شدة الضيق...و هو لاحظ لضيقهاو قال / ليش تحبين البيانو بالضبط؟
لم ترد الإجابة عليه و فضلت السكوت حتى يغير سؤاله...و لكنه ظل ساكتاً مثلها...و في النهاية تأففت ثم أجابت بهدوء لتتمكن من الخلاص منه..\مادري بس...سكتت مدة لتنظر لمكان البيانو و قالت...\أحس انه هو الوحيد اللي يخليني أعبر عن اللي جواي...
ابتسم عندما لاحظ تلك اللمعة التي غشت عينيها و علم حينها أنها تتحدث بصدق...قال بهدوء...\تحسين ان الغير ماهم فاهمينك ؟!
استغربت جدا من السؤال الغريب و المفاجئ....سكتت مدة...ترددت أتجيب أم لا...قالت..\ احيانا...
ابتسم لأنها الآن أصبحت فقط تتجاوب معه...و هي لا تعلم...قال\قوليلي أكثر شي يضايقك ؟
روح \أنتَ!!!...إي أنتَ!!...باستفساراتك و اسئلتك المتكررة اللي ماني شافة لها أى معنى!!!
محمود \هههههههه....ضحك من أعماق قلبه من ردها المفاجئ و انقلابها مئة و ثمانون درجة...حينما اعتقد أنها ارتاحت له و بدأت تتجاوب...رجعت مرة أخرى لعنادها...
استغربت هي من ضحكته العالية....لا يشبه روحه المتغطرسة عندما يضحك!!!....فهو يبدو انسانا اعتياديا عندما يضحك...انسان غريب...!!!
روح \مافي شي يضحك....قالت بجدية...
سكت فجأة عن ضحكته و قال و هو يرسم وجه الجدية الذي تريده هي...\كذا أحسن؟!
مرة يكون طبيبا نفسيا و يتحدث بكل جدية...و مرة أخرى تحس أنهانسان عادي و يتحدث معها بأريحية شديدة...استعجبت لحاله...سكتت و قالت بهدوء...
\أنا تعبانة ..أقدر أروح؟!
تفاجأ من ردة فعلها و قال مبتسما..\ إي..كفاية كذا...
استغربت..كانت تريد استفزازه..فهي توقعت أن يرفض لها و تعانده..توقعته أن يقول لها لنتلاقى المرة القادمة لتقول له لن يكون هنالك مرة قادمة...لتحرجه..و لكن اصابتها خيبة أمل...قالت بعزة نفس..و لكن منظرها كان مضحكا...
\أوكي باي...و نادت على الدادة و هي تقود كرسيها المتحرك للخارج...
ابتسم على براءتها و طفولتها و عنادها الشديد له...
اليوم يوم الإستغراب التام بالنسبة لها !!!!
****************
في ذلك القصر...
واقفاً أمام الباب الخارجي مدة من الزمن...لا يعلم ما هو فاعل في هذه البقعة...و لكن قلبه يدفعه أن يدخل..و عقله يحثه أن لا يدخل...مسك اليد الحديدية للباب..وقف مدة..و لكن لا...لا ماذا؟!...سيدخل فقط و يسلم على جدته و يخرج...ولكن..إن قابلها ماذا يستطيع أن يفعل؟!
لكن ...هو يستطيع..نعم..لا بد له أن يواجه واقعه..هي أصبحت محرمة عليه...و هذا واقع موضوع و لايمكن تغييره..و لابد أن يعتاد عليه...أسيعيش بهذه الطريقة طوال حياته؟!...أكيد سيقابلها كثيرا..ولا بد ان يعتاد على هذا الوضع...
هي لا تستحق أي شئ...ما تستحقه فقط هو نسيانها..و تجاهلها بالكامل... و لكن ياليت لو كانت للقلب قدرة!!!...
استغفر و توكل و دخل...
وجد جدته جالسة في غرفتها...حمد الله أنها وحدها...
قالت له بإبتسامة حصرية لحفيدها...\يا هلا بنور عيني...
تقدم نحوها و قبل رأسها...و قال...\ جدتي...سكت مدة و قال..\أنا مسافر أسبوع و برجع...
قاطعته و هي تضع يدها على صدرها..\ شنوو..و متى؟!
سكت...ثم نظر لمكان بعيد حتي يتفادي رؤية تعابير غضبها...لأنه يعلم ردة فعلها...وقال\ الحين....
الجدة \نعممممم...و جاي تعلمني الحييين!!!
قبل رأسها مرة أخرى و قال..\جدتي..أنا عندي مشغوليات كثييرة و جيت عشان أودعك انتي و أمي...خالد و الوالد سبق وودعتهم...
أدارت وجهها للجهة الأخرى معرضة عنه وقالت \ يسَار!!...روح ف امان الله...
قال مترجيا لها..\ لا ...إن كان كذا ماني متزتزح من مكاني...نظر لها ثم قال محاولا استمالتها...\ماهو مهم تتم هالصفقة الضرورية...سكت مدة ثم قال بإبتسامة...\ضرورية ..كثييير!!
نظرت له و قالت بنفس ابتسامته الماكرة..\يا شيينك!!..تدري وين اني ماقدر أزعل عليك...روح الله يسهل لك دربك.... ابتسم يسَار \إذاً... أنتِ راضية عني؟!
ابتسمت الجدة ..\إي يا ولدي و مابقلبي غير الرضا...
نظر إلى ساعته و قال..\وينها الوالدة!!.أبي أودعها ؟!
قالت باستهزاء..\ومتى كانت الهانم في القصر...دايما هي برا...قالت عزيمة..
ابتسم يسّار على كلام جدته عن والدته و قال لها\ أوكي خبريها اني جيت عشان أودعها و ما لقيتها...الحين أنا لازم أروح... و بينما هو متجه نحو الخارج...استوقفته الجدة...\يسّار....
التفت عليها و قال\آمري...
قالت و هي تشير له باصبعها...\ فيه موضوع مهم لازم نناقشه بعد رجوعك... ابتسم لها وهو يعلم جيداً ما هو هذا الموضوع...\أوكي...اللي تبينه ان شاء الله يصير...واتجه نحو الخارج
لتستوقفه مرة أخرى...
\يسّار...
التفت عليها للمرة الثانية و قال ممازحاً\ الظاهر اني ما بسافر...!!
ابتسمت له و قالت\ لا اله الا الله....
سكت مدة و هو يتأملها...كم هو يحبها...يعشق التراب الذي تمشي عليه...تقدم نحوها و قبل رأسها و يديها مرة أخرى و قال بابتسامة...\محمد رسول الله...
واتجه للخارج...
و في مكان آخر من نفس القصر ...
كانت تتسلى بالمجلات التي أمامها..أحست بالملل يتسلل لروحها...
خرجت متجهة نحو الخارج..و لكن سمعت صوتا...ليس غريباً عليها...لا...بل أقرب من نفسها لها...وضعت يدها لتهدئ قلبها الذي بدأ يتسارع بالضربات...ضاق نفسها..و أحست أنها لا تستطيع التنفس...ركضت بسرعة نحو الغرفة..أغلقت الباب.. توقفت مدة...هو..نعم إنه هو...هو من يسكن هذا القلب...انها رائحته التي ملأت المكان...و أصبحت تتغلغل كل أنسجتها...
وقفت مدة...واتجهت بسرعة نحو المرآة...نظرت لشعرها..كان ملموما..و لكن اطلقت سراحه لينطلق على كتفيها...و ضعت ذلك الإيشارب الخفيف لتغطية رأسها..وضعت أحمر شفاه فاقع...ورشت القليل من العطر على جسدها...لا و لِم لا تضع مزيدا منه.. رشّت المزيد...نظرت إلى نفسها في المرآة و ابتسمت..واثقة من تأثيرها عليه...
أما من الجهة الأخرى فيسار كان يحس بالراحة لأنه لم يقابلها و أسرع متجهاً نحو الخارج...و عندما وصل الى الحديقة الخارجية...استوقفه صوت...
\يسَااار....
قالتها ببطء و هدوء وبنفس نبرة الدلع الذي اعتاد عليه..و لكن منذ زمن...
لا هو صوتها هي...ذلك الصوت الذي لم يسمعه منذ....لا يعلم حتي...كم اشتاق له....سكن..و سكنت كل جوارحه..لم يستطع الحركة...شلّته كليا...تغلغل صوتها لكل شعيرات جسده..صوتها الذي لم يرد سماعه منذ زمن...
أما هي فكانت تريده..تريد أن تراه و تتأمل عينيه..و تغرق داخل لمعانهما...تريد أن تحس بطوله الفارع أمامها..أن تشتم رائحته بين أضلعها...أن تسمع صوته..الكامل الرجولة..و لكنه لم يتحدث..ما زال ثابتا في مكانه و لم يلتفت عليها حتى...
سماح..\يسَار أنا....قاطعها صوته الرجولي بحزم...\شنو تبين؟!
ماذا تريد؟؟...ماذا تريد؟!!...بعد كل هذا الزمن و هي تشتاق له..تحلم بلقائه كل ليلة...تعيش على ذكراه..و يأتي الآن ليقول لها ماذا تريد؟!!...بكل هذه البساطة..ههه..ماذا تريد؟!...تريده هو..تريد أن تسمعه..أن تتنفس معه نفس ذرات الهواء...
قالت له بترجي..\يسَار...ما تبي تناظرني؟!!!
أتملك عقلاً هذه الأنثى أم ماذا؟!!
...أهي مخبولة؟!!...
تأتي لتطلب منه أن ينظر لها...لا يستطيع...ستدك كل الحصون التي بناها هذه المدة...و ستغتالقلعته مرة أخرى..لا لا يريد...و الأهم من كل هذا...أنها مِلكٌ لخالد...خالد!!!...يجب أن يتذكر هذا الإسم دائماً ليوقفه إن قاده قلبه...و قادته أهواءه المريضة نحو تفكير مخز لروحه الهشة!!
ضغط يده بشدة و هو يريد أن يتفجر من العصبية...\ادخلي جوا...
يئست منه...لن ينظر لها..و لكن هي سترغمه على ذلك...تقدمت لتقف أمامه تماما...و هي تنظر لملامحه التي لطالما عشقت كل تفصيلة منها...قالت بصوت منخفض
\يسَار الظروف هي اللي أرغمتني على اللي سويته...يسَار أن....قاطعها و قال بصوت غاضب ارعش كل خلية في جسدها...
\سماااااح...مابي أسمع و لا كلمة..!!
انتفضت من غضبه و عصبيته المفاجئة...و لكن قالت و بترجي...\يسَار أنا لساتني أحبك...أنا...
\سماااح...اسكتي..اسكتي...و أنا ... مسحتك من دفاتر ذاكرتي...
قالت بإصرار و هي تحاول أن تلتقط بؤبؤا عينيه لتنظر له...\لا..انت لساتك تحبني مثل زمان...و الدليل على كذا... اللي قاعدة أشوفه فتعابير وجهك...!!
كان يريد أن يقول شيئا و لكن قاطعته لتقول بهدوء...\يسَار...انتبه لنفسك...انت مانك قادر تناظرني فعيوني...
هذه المرة استفزته..نعم استفزته...التفت لينظر لها..و لكن لم يستطع..استغفر الله بصوت عال..
\استغفر الله...استغفر الله العظيم...
\يسًار أن....قاطعها هذه المرة و هو يرفع اصبعه لها وقال بصوت غاضب أحست بأنه قد زلزل كل المكان...
\سمااااااح...فزييييي من قدامي الحييين..و أقسم باللي رفع السماوات ان ما اختفيتي من قدامي فظرف ثواني لتكون نهايتك على يدي!!
ارتعشت..سائر جسدها يرتعش الآن و لم تقو على قول شئ...و أتم كلامه...\استغفري..لولا خالد كنتي الحين بتكونين فعداد الموتى !!
قالت محاولة للمرة الأخيرة...\يسّار....قاطعها هذه المرة و هو يصرخ بصوت أعلى...\سمااااااااااااااح....و تحرك تاركا لها المكان..لتتحطم فيه..و تتحول كل ذراتها الى سراب...
وقف بالقرب من السيارة...وضع كلتا يديه على السيارة و اصبح يضرب عليها بقوة...بكل قوته...يريد اخراج هذا الغضب الذي بداخله...لا ما بداخله ليس غضبا..و إنما هو بركان هائج..أحرق كل أحشائه بناره...حاول التقاط نفس...أي نفس..و لكن لم يستطع...يحس بالإختناق..لا بل ما يحس به لا يمكن وصفه بالكلمات...
يا رب...ما زال يحبها!!!
نعم و ما زال قلبه ينبض لها...و لها وحدها دون غيرها...
لا لم يعتقد ذلك..كان يخدع نفسه..كان يخدع نفسه بأنه قوي...و يستطيع مقاومتها...بعد كل ما فعلته له...ما زال يكن لها تلك المشاعر...لماذا؟!!...يجب أن يكرهها الآن...يجب أن يكون قوياً...
و لكن نعم هو قوي...قوي أمام أي شئ في هذه الدنيا.. إلا أمامها!!....
ثلاث سنواتٍ....ثلاث سنواتٍ بأكملها كان يعاني و يحاول أن يصمد...يبني ذلك الجدار القوي لنفسه...
لماذا يا رب...لماذا...لماذا تزوجته و دون غيره؟!...لماذا..عمه..و صديق دربه..و أخيه الأكبر...و أقرب اليه من نفسه....لماذا؟!!...لماذا فعلت ذلك؟!!..
لو كانت تزوجت غيره لكانت الآن تحت التراب...كان سيقتلها...سيبيدها..بعد خيانتها له...و لكن...لكن...هي الآن لخالد...و هو يحبها...و هذا ما أوقفه عن فعل مصيبة بها...
ألم تجد من تتزوجه غيره...ألم تجد من يحرق نار جوفه غير أقرب الناس لقلبه؟!!...أخَلَتِ الدنيا من الرجال؟!....ماتوا؟!...انقرضوا أم ماذا؟؟!!...أم هي سخرية القدر؟!
يحس بأنه أنذل شخص على وجه الكون كله...لا يستحق أن يعيش...هو يطعن في أقرب الناس له...نعم يطعنه..و بسكينٍ ميتة!!!
مسح وجهه بيديه..و استغفر...لا لن يكفيه الاستغفار..فهو يحتاج أن يغتسل..يغسل نفسه من كل هذه القذارة التي تتخلله...يجب أن يمحوها..نعم يمحوها و يبيدها نهائيا..و كأنها لم تكن له من قبل..لا بد له أن يفعل ذلك...فهي ستظل...
زوجة عمه..أخيه...توأمه الثاني...
....تريدين مني أن أقترب....
....وتوقنين أني لن أقترب...
**************************
في غرفة نورة...
جالسة و ما زالت ممسكة بالكرت في يدها و تتأمله...أتتصل..أم لا...
رفعت سماعة الهاتف و ترددت...أرجعتها لمكانها...ترددت مرة أخرى...و لكن هذه المرة رفعت السماعة بسرعة و بدأت بضغط الأرقام المكتوبة في الكرت...حتي لا تتراجع عن قرارها...
كانت تسمع ضربات قلبها أكثر من صوت رنين الهاتف...واضعة يدها على صدرها لتهدأته و اليد الأخرى ممسكة بها السماعة...سمعت صوتا قويا و غليظا في الجهة الأخرى مخيف...أرعبها جدا..
\الو...
سكتت مدة و لم تستطع اخراج الحروف...و هي تسمع الطرف الاخر \ألو..ألو..منو معاي؟!
حاولت سحب نفس و قالت بحشرجة...\أحمم..أحمم..أستاذ عبد الرحمن؟
\هلا ؟!
\السلام عليكم ..أنا نورة ..اللي...قاطع كلامها قائلا...
\هلا فيك يا بنتي كنت أنتظر اتصالك...
وضعت يدها لتحك رقبتها لأنها تحس بالضيق...قالت\ عندي أسئلة كثيرة تبي لها اجابات...
****************
انتبهت لتلك الداخلة و يبدو على ملامحها الضيق..لا.. يبدو أنها غاضبة.. و بشدة...فوجهها شديد الاحمرار...أو ربما كانت تبكي؟!...لا و لكن مدام سماح لا تبكِ أبداً..مهما كان السبب...فقالت لها بهدوء...
مرضية...\مدام سماح...فيك شي؟!
نظرت لها سماح فجأة مصدومة...تتمنى ألا تكون قد رأت ما حدث...ردت بغضب..\ما يخصك...روحي من قدامي...
صدمت مرضية من ردة فعلها العدائية و قالت\ اسفة....و تركتها و انصرفت...
اغلقت باب الغرفة عليها بشدة و جلست على الكرسي الذي أمام المرآة...من شدة غضبها رمت كل الأشياء التي كانت علي المرآة لتعلن سقوطها في الأرض...تحبه نعم تحبه...فليس بيدها أن تتحكم في قلبها..قلبها هو الذي يتحكم فيها..و سيظل يتحكم فيها..
تحب عصبيته...صوته..نرفزته...أسلوبه...تكشيرته..نعم تحب كل ذرة فيه..بأكمله...!!!
و ليس من حق أي إنسان أن يعاتبها...من جرب طعم الحب فلن يعاتبها أبدا...سيحس بما تحسه الان...
كيف له أن يقابلها بهذه الطريقة...و يصرخ بوجهها...ألا يعلم ما يفعله بذرات عقلها؟!...بكل هذه البساطة يسألها ماذا تريد..!!!
و لكن لا...هو ما زال يحبها..و ما زالت تستوطن قلبه...و ما زالت تحتل كل فكرهِ..فهي قد حست بذلك..من تجنبه الشديد لها...و من نظراته...!!
و سيظل يحبها للأبد...حتى و إن غدرت به...حتى و إن خانته...باعته..الحب هو الحب!!
نعم هي قد غدرت به...باعته..
تذكر تلك الليلة عندما أخبرها بمشكلته الكبيرة مع والده..و التي كان سببها رفضه للعمل معه...بل يريد أن يكوّن نفسه بنفسه...و لكنها حاولت..حاولت أن تقنعه بالعمل مع والده...فهو سيحتاج لوقت ليس بالقصير...حتى يكوّن نفسه...و لكنه لم يقتنع...
نعم هي أحبته..و لكن كانت هنالك أمور أهم من الحب في نظرها...و ما كان يحتل الترتيب الأول في فكرها هو المال...و لو كان عليها أن تختار بين يسَار و بين المال أكيد أنها ستختار الخيار الثاني...فهو السعادة بأم عينها!!...
تتذكر تلك الليلة التي ودعته فيها...ووعدها بأنه سيأتي ليخطبها بعد قلة من الشهور...لم تستطع الإنتظار ولو للحظة...
تذكر..نعم تذكر تلك الليلة التي كان مسافرا فيها و ذهبت له في المطار لتقوم بتوديعه...تذكرها بحذافيرها...ففي تلك الليلة قد رأته...خالد!!!...مشروع يمكنها من تحقيق أحلامها...ممولها الجديد...علمت في تلك الليلة أنه عم يسَار الذي كان يخبرها عنه و أنه يعمل طياراً...
تذكر الخطط و الأساليب التي خطتها لتستطيع أن ترمي شباكها عليه...و بالفعل في فترة زمنية وجيزة حققت هدفها...و لم تعر ذلك الذي يفكر فيها ليل نهار أي انتباه...و إنما قررت نسيانه...و أن تقنع نفسها بأن المال بإمكانه أن ينسيها أي شئ...
قطع عليها بحر أفكارها صوت الهاتف...سكنت مدة لتستيقظ من تفكيرها...نظرت للمتصل...سحبت نفسا طويلا لتتقمص الشخصية لتغطي ما تحس به من قهر...
\الو...
\هلا حياتي...أنا وصلت بالسلامة...
\الحمد للهِ على سلامتك...
\سماح...وش فيك؟!!...ليش صوتك متغير؟!
\لا..لا مافي شي بس شوية تعب...
\سماح..وش فيك!!...تحسين بشي؟!
\خالد..لا تقلق أنا بأحسن حال بس محتاججة شوية راحة عشان ضغوط الشغل مو أكثر...
\زين...بسلازم تاخذين بالك بالك من نفسك...
\أوكي باي...
قلق على نبرة صوتها التي لم يعتد عليها و لكن حاول تصديق ما قالته...أما هي فرجعت لذاك الذي قهرها و بشدة...
....أحاول أن أنسى عينيه...
....أحاول ألا أتخيل نفسي بين يديه!!!....
*********************
في تلك الشقة التي تقبع في ذلك الحي الراقي...
أخذت الهاتف في يدها...نظرت له لمدة...لا تعلم لم هي مترددة هذه المرة...لماذا هي خائفة؟!...ليس هنالك ما هو جديد عليها...كل هذه المراحل قد مرت بها من قبل...إذن لم هي مترددة؟!
لم تترك لنفسها المجال و ضغطت الأرقام بسرعة...و انتظرت و لكن ليس طويلا فهو عندما يرى رقمها يهم بالرد مباشرة...
\روحي...
ابتسمت على رده...كم هو مغفل...و كم تكره ما تفعله...سحبت نفسا طويلا...و قالت برقة مصطنعة...\موافقة..
كمال \كنت متأكدا من إجابتكِ... هذا يعني أنكِ بتسافرين معاي؟!
نادية \اي...الحين أنا لازم أروح...
كمال \ليش..أب أسولف معاك...
نادية \روحي..ماقدر الحين...
كمال \روحي...عشان هذي الكلمة بس..بسيبك...
أغلقت السماعة و هي تحس بضيق النفس....تحس أنها تحتاج للهواء المنعش...فتحت النوافذ في غرفتها...أخرجت رأسها لتحاول ادخال ذرات من الهواء الى صدرها..لتصدق أنها ما زالت تعيش و لم تمت...
...أقنعة فد كثرت على وجهي...
...قد كثرت و اندثرت بلا أثرِ...
************
في اليوم التالى....
في أحد زوايا شركة الراضي الضخمة...
كانت جالسة في الإنتظار...خائفة جدا...و لكن لابد لها أن تتمالك نفسها و تبدو بمظهر القوية...كانت تضرب بقدمها على الأرض من شدة التوتر...و تراقب تلك الجالسة وراء المكتب الفخم...إذا كان هذا مكتب السكرتيرة..كيف سيكون مكتبه؟!!...
يبدو عليها الإنشغال...تضع أوراقاً و تبصم على أخري..و تتلقي اتصالات...متأنقة في لبسها...و كل من في الشركة يبدو على ملامحهم الراحة...ما زالت تراقبها...
يبدو أنها تلقت اتصالاً...تسمعها و هي تقول \ حاضر أستاذ...إي..أمرك أستاذ...وأرجعت السماعة إلى مكانها بكل حزم...و نظرت لها بإبتسامة...قامت من مكانها و أشارت لها..\آنسة...تقدرين تدخلين له...السيد عبد الرحمن بانتظارك...
ابتسمت لها نورة بالمقابل و دخلت ببطء....ووجدت ذاك الرجل نفسه و قد قام من مكانه و أتي لإستقبالها بإبتسامة دافئة ذكرتها بمن تركها ورحل...والدها...يحمل نفس إبتسامته...
عبدالرحمن \أهلاً و سهلاً...تفضلي...و أشار لها بالكرسي الذي أمامه...
جلست..\شكراً..
عبدالرحمن \شنو تشربين...؟
\لا شكراً مابي..
عبدالرحمن \لا ...لازم تشربي شي
و أشار للسكرتيرة أنه لايريد من أي شخص ازعاجه و أن تأمر بإحضار كوب من العصير...
ترك كرسيه الكبير الذي يقبع وراء المكتب و أتى ليجلس في الكرسي الذي أمامها...مع أنها أحست بالراحة المطلقة مع هذا الرجل الذي يزعم أنه عمها...و لكنها حاولت أن تقول بحزم...\ليش ما سألتو عني من يوم وفاتهم ؟؟!!
و ليش ما سألتوا عنا...لما كنا برا البلد...ليش أبويا عمره ماقالي أي شي عن وجود أهل له؟!...ليش مادري ان لي أهل للحين؟!
قال بهدوء و هو يشبك أصابعه مع بعضها...\لكِ الحق بكلّ هذي الأسئلة..و السبب...
قبل ثلاثة و ثلاثين سنة...
لمحة من الماضي...
قال بصوته الذي يهز جبالاً...\سبق و قلتها من قبل...و بعيدها ألف مرة...مانت ولدي و لاني بعرفك لو تزوجتها...!!!
رد عليه بغضب و عصبية مطلقة...\بس يبة....قاطعه و هو يقول بنبرته الغاضبة...\مابي أسمع بس و لا غيرها!!!
\ أنا ماني متراجع عن قراري...و بتزوجها...
\بتدوس بكلمتي الأرض عشانها ؟!...عشان وحدة مثلها ؟!...وش سوت له ها ؟!!...انطق وش سوت لك...ساحرتك؟؟!!...
تقدمت نحوه واضعة يديها على صدره ببطء و هي تقول..\استهدِ بالله يا أحمد...هو ضناك...
قال بصوت رجّ كل انحاء المنزل...\ماهوب ضناي ولاني بعارفه ....سبق و قلتها وبقولها ألف مرة..
قالت بهدوء و الدموع تملأ عينيها...\أحمد...أسكتها و هو يقول...\فتحية!!!...ماابي أسمع و لا كلمة...
قال عمر و عصبيته هي التي تقوده و ليس غيرها...\ أنت دايما تنفذ أوامرك في كل جوانب حياتنا...بس..ما رح تتحكم في بقية حياتي و أنا اللي بقرر من اللي بتزوجها...و لكن أخرسه ذلك الألم الذي طبع على خده الأيمن...تاركا ألما لم ينسى منذ يومها...و دوى صوت هذا الألم في كل ركن من أركان القصر الكبير...
فتحية وضعت يديها في فمها من الصدمة فهو لم يسبق له أن فعلها من قبل...و من هول الصدمة خرجت منها آهة بصوت عالٍ...أما الإثنين الواقفين أمامها...فكل واحد..أعند و أقوى من الآخر...ظلا هكذا دون حراك...و لكن كسر هذا الصمت صوت أحمد الذي هز كل أرجاء المكان...
\اطلللللللللعععععع من بيتي...مابي أشووفك مرة ثااانية...
قال و هو يصرخ...\كذا!!...أنا بتزوجها و بسافر غصبن عن الكل...و ما بتشوفون وجهي بعد اليوم...
و هم متوجها نحو الخارج و معلنا خروجه...و لكن هي صرخت بأعلى صوتها و هي تترجاه أن يبقى...\عمرررر....عمررر...يا ولدي...و كانت تريد اللحاق به و لكن أمسكها أحمد بقوة من يديها...و قال بصوت حانق أخافها..\أقسم برب الكعبة..لو رحتي له...بتصيرين محرمة علي لأبد الآبدين!!!
أخرسها بالصدمة..فهو لم يقل لها هذا الكلام طوال حياتها..يأتي ليقولها الآن!!!....و بعد كل هذه السنين من العِشرة؟!!!
جلس على الكرسي فجأة و يبدو عليه أنه قد أجهد نفسه جدا...واضعا يديه على رأسه...
هي تناست كل ما قاله لها و جاءت مسرعة له...\أحمد سبق و قلتلك لا تعصب...بتضر صحتك...و أسرعت نحو الغرفة الموجودة في الطابق العلوي لتحضر له حبوب الضغط...و صرخت للخادمة أن تحضر كوب ماء...
أما في الخارج فهو كان يهم بإغلاق السيارة...حينما رآه خارجا و كأن كل شياطين الأرض قد حطت فوق رأسه...ووجهه تغطيه كل علامات الغضب و الإشتعال...توجه نحوه بسرعة و أمسك يده و قال باستغراب...
\عمر...وش فيك؟؟!
انتفض من يديه بغضب شديد و قال...\يضربني؟!!...يضربني..و ما سبق سواها من قبل..
قال عبدالرحمن باستغراب اكثر...\ منو اللي....و ليش أنت...قاطعه عمر و هو يقول...\عبد الرحمن...بعددد عني ..أنا بحقق له مطلبه...و ما بدخل هالقصر مرة ثانية...
أمسك يده مرة أخرى و قال...\عمر انتظر....و لكن صدم بتلك اللكمة التي أصابته في وجهه و لم يستوعب الا وهو متكئ على السيارة و يحاول ايقاف الدم من شفته....
و نظر لذاك الغاضب الحانق...وهو يركب سيارته ...و الذي يبدو أنه سيتسبب بمقتل نفسه إن قاد السيارة بهذه العصبية...توجه نحو الداخل ليجد والده مستلقيا على كرسيو يبدو عليه ملامح التعب..ووالدته جالسة بالقرب منه...أسرع ليجلس على الأرض بالقرب منهما و باستفسار قال....\وش اللي صار؟!!...
قالت فتحية \ أخوك..لكن قاطعها أحمد بصوته بصرامة...\مابس أسمع سيرته فهالبيت مرة ثانية....
نظر لها و هي ما زالت مصدومة مما سمعته...لم تقو على قول أي شئ...فقط كانت متسمرة....تقدم الى الأمام في كرسيه و قال بهدوء\ أدري انك الحين مصدومة...بس لازم تعرفي كل شي
\من ذاك اليوم و أنا ما شفت عمر...بعد شهرين توفي أبويا من أزمة قلبية..و أنا بديت أدور على عمر...و بعد مدة طويلة دريت انه سافر للأردن...و لما بحثت عنه في الأردن دريت انه سافر لبلد ثانية و ما قدرت أعرف لوين...حتى ان أهل والدتك ما كانوا يدرون عنكم شي...و من ذاك اليوم أمي كانت تتمنى تشوفه ولو مرة وحدة بس...بس هو ما ظهر من يومها...
و ما دريت بوفاته إلا لما علمني واحد من اللي كانوا ساكنين بالمملكة...و لما عرفت ما عرفت كيف بقولها بموت ولدها...كانت صدمة قوية لي..ما كنت أعتقد فأسوأ كوابيسي انه يموت و ما شوفه مرة ثانية...أشم ريحته...و من شاك اليوم و أنا أدور عن زوجته و قدرت ان يكون له أطفال منها...حاولت أرجع لخالتك بس اللي دريته انها كانت مقاطهة أمك......قاطعه صوت الهاتف الذي في جيبه...
أخرج الهاتف لينظر له و يبتسم...قال لها\ لحظة؟
قالت باختناق\أوكي...
رفع السماعة وقال \ وصلت؟....الحمدُ للهِ على سلامتك...لا تتأخر هذي المرة جدتك مابترحمنا..يلا مع السلامة...ف أمان الله..
وضع الهاتف على المكتب و انتبه لها و دموعها قد ملأت عينيها...اكتفي بالصمت...فهو يقدر موقفها...
مسحت الدموع التي تجمعت في عينيها بيديها و قالت و هي تقوم..\آسفة بس لازم أمشي..شكرا...و خرجت دون أن تترك له فرصة ليقول المزيد...
ألا تريد أن تسأل لماذا رفض جدها زواج عمر من والدتها؟!
ألا تريد أن تسأل لماذا لم أقف مع أخي و أحاول إقناع والدي؟!
ألا تريد أن تستفسر...تسأل...تفهم...
ما فعله هو الصواب...فكان لا بد له من إخبارها بكل شئ...سوى تفصيل صغير...لا يعلم لماذا لم يخبرها به...ربما من الأفضل للجميع ألا يتم فتح هذا التفصيل الصغير...وبالأحرى...من الأفضل له؟!!!
فليس كل شئ يجب كشفه...
بل هنالك أشياء يجب أن تترك في طي النسيان...!!!!
********************
و في غرفة سماح...
إلى مذكراتي...
اليوم كان قاسيا جدا على...لا أستطيع...نعم لا أستطيع...ما زلت أحبه..ما زلت أحس به داخل اعماق قلبي..بصوته..بعينيه..بوقفته..بمشيته..بكل تفاصيله الصغيرة و الكبيرة...
أريده..لا أعلم بأي طريقة و لكن أريده هو فقط...أعلم أن ما اريده بعيد كل البعد عن الواقع...فهو لن يحدث..و لكني لا أستطيع...
لا أعلم فيم كنت افكر...حينما تزوجت عمه...ههه..عمه!!!...و صديق عمره...و لكن...كل العوامل كانت ضدي...الظروف القاسية..و احتياج أهلي للمال... لا أعلم فيم كنت أفكر حينما فعلت ذلك...و لكن أنانيتي قادتني لأن أستغله...و استغل وضعه...كنت أعتقد أن المال سينسيني كل عواطفي..
و لكن...يبدو أنني قد أخطأت في الحكم...و لكن عواطفي هي من انستني المال...
حاولت..أقسم أنني قد حاولت...حاولت نسيانه و أن أعيش واقعي..أن أنساه بالمال...بالصالون..بالسيارات...بكل أساليب الحياة المترفة التي قدمها لي خالد...و لكن....لم استطع...عندما أنام يكون في ذهني..عندما أصحو..و عندما أكون في حضن غيره!!
أنانية...نعم أنا أنانية...
أريده هو..و ليس غيره..و لا أعلم الى أين سيأخذني القدر مرة أخري...
و لكني على علم اليقين أن ... لغدٍ طيات أخري
لا تُغلِقي الأبوابَ إني قادمٌ
طيفًا يَضُمُّكِ في كِيان كِياني
عجزي عنِ التعبيرِ ليسَ جِنايةً
أغلى الحديثِ إذا مَنعتُ لساني
يا بُؤرةَ الضوءِ النَّديَّةَ حاولي
لو مرَّةً أن تَسكني شِرياني
ذوبي بهِ ..
سيري بِدمِّي طفلةً
في داخلي البَدَنُ العليلُ الفاني
أرجوكِ لا تتمهَّلي ، وتأمَّلي
كي تَرقُبي من داخلي بُركاني
وتَحسَّسِي في داخلي ظَمئي ،
شعوري ، وَحشَتي ، حِرماني
كلُ الذي أخشاهُ في دنيا الهوى
هو أنَّ قلبَكِ مرَّةً يَنساني
***
لمحات من القادم...
(كان واقفا بطوله الفارع أمامها...و مكتفا كلتا يديه على صدره و رافعا احدى حاجبيه دلالة على الاستغراب...
لم تقو على تحريك أي شئ في جسدها حتى رموشها..و جلست كذلك صامتة دون حراك...حاولت إخراج الكلمات..و لكن لم تستطع...و لكن قطع عليها تفكيرها صوته الرجولي و هو يقول..\مرضية...وش بتسوين؟؟)
(هذه جدتها؟...نعم هي؟!!...
لا تعلم و لكن مشاعرها مختلطة جدا في هذه اللحظة...تحس بالخوف..الشوق..الرعب..القشعريرة...الفرح..الحزن..كل هذه الأحاسيس في ان واحد...)
هنا محطة الوقوف...و إلى لقاء آخر...
أتمنى من كل قلبي أن لا تحرموني من مشاركاتكم
التعديل الأخير تم بواسطة ♫ معزوفة حنين ♫ ; 27-01-13 الساعة 12:37 AM
سبب آخر: تعديل بطلب من الكاتبة ..
|