لطيفة...
إن كنت صادقة في البحث عن السعادة ؟؟
فأنا أدلك على الطريق وكلنا يبحث عن السعادة،
والله لن تجدي السعادة إلا في طاعة الله، إلا في الحياة مع الله
وفي مرضاته، السعادة في التوبة والأوبة، السعادة ستجدينها في دموع الأسحار، وفي مصاحبة الصالحات الأبرار،
ستجدينها في بكاء وأنين المذنبات، ستجدينها -أي: السعادة- في الخشوع والركوع والامتثال لله والخضوع، وفي البكاء من خشية الله والدموع،
السعادة والله في الصيام والقيام، وفي امتثال شرع الملك العلام، السعادة في تلاوة القرآن وهجر المسلسلات والألحان، وربك باسط يده لك بالليل والنهار، يفرح بالتائبات ويفرح بمن أتاه وهو قريب ممن دعاه، حليم كريم يغفر الذنب ويستر العيب.
أطرقي الباب وسيفتح لك، سيري على الطريق وستشعرين بالفرق العظيم، وسترين النتيجة بنفسك.
******************
لمحة من الماضي..
واقفة عند باب ذلك المطبخ و تتأمل في ذلك الواقف أمامها و مرتدياً ذلك الغطاء المعد للطبخ...و في يده قفازات...ابتسمت و بشدة على شكله..لكم تحبه؟!...فمن يفعل ذلك من أجل زوجته...؟!!
فهد \إي إضحكي إضحكي زين على شكلي...و الله لو أمي دريت في اللي تسويه فيني لتقتلك..!!
قالها وهو يتناول ذلك الصحن ليغسله و يتناول الآخر..و هكذا..
قالت بإبتسامة...\و الله شكلك يخلي الواحد يضحك..وش أسوي يعني...حق الواحد ياخذ لك صورة و يرسلها لربعك في المملكة عشان تشوف الضحك من أصوله...
قال وهو يمثل الغضب..\و أنا اللي قاعد أسويه عشان منو؟!..مو عشانك؟!
صبا \تقبر ألبي انت...أنا عندي كم فهد؟!
فهد \إي كلي عقلي بهالكلمتين...!!..بس خليني أصبر لين تولدين هالمقاريد و بعدها لنا تفاهم ثاني..
قالت لتمازحه..\حبيبي هذي اسمها رومااااانسية...
قال بضيق..\اذا هذي اللي اسنمها
رومانسية مااا نبيييها...خلينااها لك اشبعيي فيها...قال رومانسية قال..
صبا \أصلاً..انتم الرجال العرب ما تفهمون فهالإشيا..
فهد \حبيبتي ما بنفهم وما نبي نفهم...و بع...و لكنه أوقف كلامه عندما لاحظ لتبدل ملامحها و هي ممسكة بطنها الكبير بيدها..\وش فيك..
أمسكت بطنها بقوة...\فهههد...شكلي بولد؟!!
قال ممازحاً و هو يرجع ليكمل غسيله دون مبالاة ..\متأكدة و لااا...زي كل مرة..نمشي و يطلع استهبال منك..
قالت و قد بدأت تحس بالألم..\فههههد..أقولك بووولد..
فهد بعدم مبالاة \صبا حبيبتي لسة بدري عليكي..
صرخت فيه بقوة..و قد بدأ الألم يتزايد عليها...\فهدددددد...أقووولك بووووولد...آآآآه...
رمى ما في يده و اقترب منها ليقول لها و قد بدأ يصدقها...\خلاص؟؟زين زين...وهو يلتفت في كل الإتجاهات و لا يعلم ما يفعل..
صرخت فيه بقوة..\فهههههد وش اللي زين زين و ش قاااعد تسوي أقووولك بووولد؟!
فهد\أ..أ...بروح أجيب عباتك و بنمشي..
و بعد مدة أتى بعبايتها و ألبسها لها...و كان سيهم بالخروج لوا انها أوقفته بابتسامة وسط صراخها...\فهههد!!!
قال مستعجباً..\وش فيييك؟!
صبا \بتروح و إنت لابس هالشي؟!
تأمل شكله وهو مازال مرتدياً ذلك الرداء المعد للطبخ (المريلة) و تلك القفازات..خلعها بسرعة وهو يقول..\و انتي خليتي فيني عقل...!!
و بعد عدة ساعات في المستشفى..
اقترب منها و مسح على شعرها المبلول من شدة العرق..ابتسم لها ليقول..\حمد الله على السلامة يا قلبي...جبتي بنات حلويين يشبهون أبوهم..و أردف وهو يصلح ياقة قميصه في حركة استهبالية..\إحم إحم..
ابتسمت له بتعب..\وينهم أبي أشوفهم..
فهد \في الحضانة و بيجيبوهم لك بعد شوية..اقترب منها ليقول ممازحاً..\بس تدرين...انا يدي انشلت بسببك..
قالت و قد تبدلت ملامحها..\ليه؟!
فهد \لأنك كنتي تضغطينها بكل قوتك..و الله حسيت انها رح تنتهي بسبب يدك..
صبا \عمرك ما تخلي هالمزح..أمي ما اتصلت..
فهد \كانت تتصل كل شوية و أنا طمنتها عليك...بس تدرين صبا..و الله شكلك بهالحالة تحفة و إنتي مبهذلة كذا و شعرك معفوس..و الله تبي لك صورة..
قالت له محذرة..\فهد..إيااك...مابي صورة لي بهالشكل..
تناول تلك الكاميرا..\ماهو مهم رايك..عشان أذلك فيها هالصورة...
و ها هي تتأمل تلك الصورة...فهد بالقرب منها و يبتسم ابتسامة كبيرة ليبين بها صف أسنانه..و صبا تغطي وجهها بيديها حتى لا يظهر شكلها...
مجرد صورة..بعثت لها كل هذه الذكريات...
استيقظت من أفكارها على صوت شهد وهي تقف أمامها و هي تمسح دموعها بيدها الصغيرة لتقول في تعجب..\ماما..ليه تبكين؟!
ضمتها بقوة لصدرها لتقول..\مافيني شي يا ماما..
*************************
اليوم التالي...
لبنان..
إحدى الفنادق السياحية...
تتأمل في ذلك القابع على السرير..تأملت صدره الذي يصعد و يهبط بإنتظام مما يدل انه يغط في نوم عميق...لكم تتمنى ان تصفعه و تنتهي من هذه المسرحية الأليمة...لكم تتمنى أن ترمي ذلك الشريط في وجهه و تحسسه بمدى حقارته..و مدى دناءة فعلته...
و لكن..هي تستحق..نعم تستحق كل ما حدث لها...فهي من كانت تستغل الرجال من أجل سرقتهم...و كانت توقعهم في شباك سحرها حتى توهمهم و تسحرهم...أفلا تستحق شيئاً كهذا؟!!
ابتعدت عنه لتقف عند شرفة الغرفة...تعبت من التمثيل..و ملت منه..فها هم يقضون أياماً في إحدى المنتجعات السياحية بإقتراح من سياف...و ها هي تمثل الرومانسية المطلقة عليه...و لكن تعلم ان لها حداً ستتوقف عنده...و ستهلك عندها طاقتها الإحتمالية..و لا تعلم متى سيأتي هذا الحد...
تتسائل ما الذي يجعله يستمر في هذه التمثيلية المملة...لماذا يؤدي دوره بهذه الدرجة من الإتقان..فلو أراد...لتمكن من الحصول على السي دي من أول أيام معها...و لكن...
حركت رأسها و كأنها تنفض هذه الأفكار المريرة من رأسها...أفكار ربما المتحكم فيها هو قلبها و ليس عقلها...ضمت روبها على جسدها في حركة لإحتواء روحها المجروحة...خرجت آهة قوية منها...تتمنى لو بإمكان هذه الرياح التي تحرك خصلات شعرها أن تأخذ معها هذه الآلام...
*****************************
في مكان آخر...
\دكتووور...لو سمحت خليني أروح...
ابتسم بطريقة لطالما تحرك ذلك القابع بين أضلع صدرها...\مافي لك طريقة...
عصبت بشدة منه...\ترى ماهو بكيفك يا الأخ؟!!
بنفس ابتسامته و لكن مع رفع إحدى حاجبيه..\يالشنو؟!
احمرت وجنتاها و قالت بنبرة تحد يتشربها القليل من الخجل...\يالأخ...
اقترب منها في جلسته وهو ينحني للأمام...\تراني مانيب أخوك...أنا...سكت مدة ثم أردف..\زوجك...
قالت بنبرة طفولية..\فعيييينك...!!!
رجع للوراء وهو يضحك بشدة على نبرتها الطفولية...\هههههههههههه...وش أسوي..متزوج لي بزر...
روح \مانيب بزر...
محمود \ههه لأ بزر و ألف...
روح \خلاص دامني لسة بزر... طلقني...
محمود \مابي...و بعدين كل هذي التعصيبة عشان فتحت معاك سيرة زعلك من أبوك؟!
التفتت للجهة الأخرى و هي تحاول تجاهل جملته...\أبوي و انا حرة فيه..وش دخلك بين البصلة و قشرتها...
محمود \و انتي أي واحد فيهم...
(هذا مصر شكله بيفقع لي مرارتي...والله العظيم بيقتلني...بيجلطني...!!!)
روح \على فكرة..دمك ثقيل..إذا مافي حد خبرك من بدري...مادري كيف أهلك محتملينك...
رجع للوراء وهو يكتف يديه خلف رأسه...\تدرين..أدري هالصفة فيني..و قلت أقولك قبل لا تتزوجيني عشان تكونين على بينة...و بتحتمليني انتي...
لا يعلم لماذا يتصرف معها بهذه الطريقة..و لكن ربما...فقط ربما...هي تخرج الجانب الطفولي في روحه..فهو معها يتصرف كالأطفال و يخرج عن طوره...!!
قالت وقد وصلت حدها منه...\لااا حبيبي ما رح يتم هالزواج...
اقترب منها بصورة فاجأتها و قال..\يا شنووو؟!!
احمرت وجنتاها لتفرك يديها بقوة وهي تحاول ألا ترد عليه...
اقترب اكثر..\يا شنووو؟!
قالت لتحاول الهروب من هذا الموضوع...\دكتور لا تتدخل بيني و بين بابا..هذا شي يخصني..و انا ما رح أقدر أسامحه...
ابتسم لأنه قد علم انها تود الهروب منه...\ههه..اوكي تقبلناها...و بسوي روحي عبيط و ماني فاهمك...ماهو صح انك تظلين زعلانة عليه كل هالمدة؟!
تبدلت ملامحها تماماً..و كأنها تنتظر الفرصة التي تعبر عما في دواخلها فيها...\مو بيدي...
تبدلت ملامحه هو في المقابل ليقول...\اشتقتي له؟!
روح \كثير..!!!
***************************
في القصر...
أعلى مكان فيه...السطوح...
في جلسة قد افتقدها كل منهما...فقد مر زمن على آخر مرة جلسا فيها بهذه الطريقة...
خطف تلك السيجارة من يد ذلك القابع أمامه ليسرع و يرميها على الأرض و يعفصها بقوة وهو يبتسم...\عالأقل أكسب فيك أجر...
ابتسم ذلك الآخر له...\ماهو مشكلة ..مقبوولة منك..و ببساطة أخرج سيجارة من تلك العلبة و أشعلها لينفث الدخان في وجه خالد في حركة استفزازية..ليقول له خالد..\بزر..و ربي بزر..
رجع ليتكل ظهره في الكرسي...\يا شيخ بزر بزر..خلينا لك انت العقل...
أرجع خالد يديه خلف رأسه و أتكل ظهره على الكرسي ليقول..\يسار...أسألك سؤال و تجاوبني بصراحة؟!
يسار ببرود \لأ..!!
نظر له خالد في مفاجاة من رده..ليقول له يسار بإبتسامة..\وش فيك؟!..مو بكيفي..أدري عن أسئلتك البااايخة و مابيها..
خالد \ماهو بكيفك...الحين قولي...انت حبيتها لنورة؟!
صراحة...يسار كان يتوقع هذا السؤال من خالد و لكنه لم يتوقع أن يكون وقع السؤال على قلبه بهذه الطريقة...هو موقن بالإجابة..فهو...لا يحبها..نعم لا يحبها...
و إن ما يكنه لها من مشاعر محض مشاعر بين زوجين..
خالد \هييييي...يالأخ..وش فييك سرحت؟!.
يسار سحب نفساً قوياً من تلك الصغيرة التي تتوسط أصابع يده...لينفث ذلك الدخان في الهواء من بين شفتيه...و بنفس بروده \ما حبيتها...
خالد \انت من صجك؟!..
يسار \إي من صجي وش فيك...
رمي خالد علبة البيبسي الحديدية التي قد كانت في يده على ذلك القابع قربه..\بااارد و ربي باارد...مدري كيف بنت أخوي بتحتملك؟!..أكيد بتدخل الجنة بصبرها على برودك...
يسار...\يا شييخ أنا قطعة ثلج...آيسكريم..القطب الحنوبي بحاله جالس معاك..وش فيك..كنك أول مرة تدري هالصفة عني...
خالد بممازحة ..\ههههه..ظريييف..دمك ثقيييل يالماسخ..!!
صمت كل منهما لوهلة..ليبتسم خالد و يرجع ليتكل رأسه على يديه و قال وهو ينظر ليسار بنصف عين..\خليك على هالفكرة..أدري انك عارف فقرارة نفسك انك حبيتها...بس تنكر لنفسك..
يسار \بالله؟!..و مين معي؟!..عم روميووو؟!..أخصائي حالات رومانسية...
خالد \شفت؟!..دايماً هذا اسلوبك في الهروب من الحقيقة..بس مصيرك يوم و تواجهها..
يسار \خلي عنك هالخرابيط..ما بواجه أي شي..
حل الصمت بينهما و لم يعد هنالك صوت غير صوت الهواء العابر بينهما ...و صوت أغصان الأشجار و هي تتمايل مع الهواء...قطع ذلك الصمت خالد بقوله...\تدري انه سماح تغيرت حيل معاي..حتى اسلوبها تغير...صارت سماح ثانية...!!!
سكت مدة ليردف...\أدري انك تستغرب ليه أنا أقولك كل شي عن حياتي مع اني عمك...بس لأني أدري انك لو مت ما رح تحكيلي أي شي...و أنا أرتاح لما أقولك كل شي...
طعنة قد سرت في جسد يسار من ذكر تلك السيرة...ألابد أن يأتيا بسيرتها...وها هو خالد يطعنه بجملة أخرى..بثقته العمياء فيه..و كيف إن علم بما يحدث..قال ليغير الموضوع...\تكلمت مع جدتي؟!
خالد \عن شنو؟!
يسار \عن زعلها منك..ماهو ممكن تتم انت و هي بهالطريقة..
خالد \وش أسوي لها..حاولت.و ربي حاولت بس هي رافضة انها تتقبل فكرة زواجي من مرضية...
في بقعة أخرى من القصر...
اغلقت الهاتف لتأتي و تنضم لتلك الأخرتين في جلستهما...
الجدة \وش فيك ياقلبي؟!
قالت و هي تحمل الهاتف في يدها..\هذا كان اتصال من الجامعة..ترا هذا الإنذار الثاني اني تأخرت في الدكتوراة و لازم أرجع بأقصى سرعة...
قالت رجاء و هي تشرب من ذلك الكوب...\مو ممكن يعطونك مدة زيادة؟!
صبا \رجاء أنا أخذت مدتي و زيادة عليها..و تدرين هذولا ناس ما يرضون الإهمال و عدم الإنضباط في المواعيد..
تأملت تلك الصامتة أمامها...و ممسكة بتلك العصاة الخشبية في يدها...اقتربت لتجلس قربها و تضع يدها على حجرها..\الحلو ليه زعلان؟!!
قالت لها الجدة و هي تشيح وجهها...\و اللي قلتيه ما يزعل؟!
صبا \يمة تدرين انه ماهو بيدي و أنا لازم أرجع..و بأقصى سرعة...و قالت لكي تهرب من هذه السيرة...\يمة وينهم هالشياطين؟!
قالت رجاء..\ظنيتهم يلعبون برا...
ليقطع عليهم حديثهم دخول ذلك الآخر ليأتي و يقبل رأس جدته...ووالدته و يسلم على صبا...\كيفكم يا جماعة الخير...
سمع الرد من كل منهن و جلس قليلاً..لتدخل ملك و شهد بأقصى سرعتهما و تندفعان لتجريان نحو يسار..\خااالو...
يسار \شياطين خالو انتم...أمسك ملك و حملها لتجلس على حجره و حمل شد لتجلس أيضاً...\تدرون اني مانيب خالكم...انا ولد خالكم..يعني ممكن اتزوجكم اذا كبرتوا...
وضعت كل منهما يدها على فمها في دهشة طفولية بحتة لتقول ملك..\خالو..عيييب..
و اندفعت شهد نحو صبا لتقول لها و هي تشد فستانها...\ماما..ماما..ماما..
كانت صبا تتحدث مع رجاء و لكن قالت بضيق..\اي..شنو شنو صنيتيلي راسي وش تبي..
شهد بنبرة طفولية...\ماما خالوا يتال يقول بيتزوجنا؟!
قالت صبا و هي تنظر ليسار..\يسااار!!!..وش فيك على البنات قال تعرسهم قال...انت قد جدهم...
يسار\بالله!!!
اقتربت شهد من يسار و أصبحت تشد في قميصه بقوة..\خالو..خالو...بليييز خلينا نطلع نلعب برا..
قال بعد ان مل من صراخهما..\خيير خيير يلا...و حمل ملك فوق رقبته و شهد على يده...
و في الخارج...
و بينما كل من ملك و شهد تشدان في يدي يسار بقوة...انتبه لتلك الواقفة عند ذلك الطرف من حديقة القصر الكبيرة...وقف مدة وهو يتأملها و كل من تلك الصغيرتان تشدان يده بقوة وهو في عالم آخر...تأملها من بعيد..
وكأنها تعيش في عالم لوحدها...عالم تحيط به نفسها...فهي ليست كبقية من يسكنون بالقصر...لم يسبق له هو حتى أن أتى للخارج لكي يتأمل الحديقة و زهورها...
تأملهاو هي تتمشى..يتمنى لو يعلم ما يدور في تفكيرها...تأملها و هي تقطف تلك الوردة البيضاء و تقربها من أنفها..أسلوبها و هي تغمض عينيها لتشتم
عبير رائحتها...
ببساطة..
أسرته..!!!
اقترب وهو يحمل الصغيرتان بين يديه ليقف قربها و يضعهما على الأرض...هي عندما رأتهما نزلت بمستواها للارض لتقترب منهما و تطبع قبلة على خد كل منهما...
قالت لها ملك بأسلوب طفولي..\نووورة..انتي تسوين زي المرة الماضية...
لم تنتبه نورة لجملتها في البداية و إنما استوعبتها بعد مدة من الزمن...ليحمر وجهها و تقترب من ملك لتقول لها..\حبييبتي ملك...حلوة الوردة مو كذا؟!
لم تخف ملامح نورة من ذلك الواقف ليقول بنصف ابتسامة..\شنو اللي صار في المرة الماضية...
قالت ملك بإندفاع طفولي..\هذي نو..و لكن قاطعتها نورة بوضع يدها على فمها لتسكتها و تقول بضحكة تحاول بها اخفاء ارتباكها...\ههههه..حبيبتي ملك وش فيك تخبصين...
ابتسم يسار بشدة ليقترب من ملك و يقول..\قولي يا ملك وش صار في المرة الماضية؟؟
ملك و بإندفاع طفولي...\هدا نورة كانت تمسك وردة ثانية و قطعتها كلللللللللها...وحدة وحدة..و تقول..يحبنييي..ما يحبنيي...
كان أسلوب ملك طفولي جدا جدا..و لكن يسار ابتسم بشدة على ملامح نورة ووجهها الذي أصبح عبارة عن لون أحمر فقط من شدة إحراجها...ابتسم حتى بانت تلك الغمازة...اقترب منها...و قال بنبرة شبه همس...
...\من اللي يحبك و ما يحبك...؟!!
قالت بغيظ شديد..\ما يخصك!!!..و بعدين هذي طفلة تخربط..
يسار \عشانها طفلة...مستحيل تكذب..!!..بس أقولك شي و أريحك..ابتعد عنها ليتناول تلك الوردة بين يده و يبدأ في تقطيع أجزائها واحدة تلو الأخرى وهو ينظر لنورة في عينيها...
يسار \أحبك..ماحبك..أحبك..ماحبك...و عندما اقترب لنهاية الوردة..رماها في الأرض ليعفصها بقدمه و يقترب من نورة جدا ليقول بابتسامة...
\وش أسلوب الأفلام الهندية هذا...في شي ثاني اسمه..
لغة العيون..!!!
و تركها و ذهب وهو يجر معه ملك و شهد...يعلم جيداً انه قد شتت كل خلاياها...بعثر روحها في الهواء...لخبط كل كيانها...قلب رأسها على عقبها...
\أكرهههههككككك...
من زاوية اخرى كان سيهم بدخول القصر..و لكنه توقف وهو يتأمل فيهما..لا يعلم..ربما يريد الإطمئنان على تلك اليتيمة بين يدي ابنه..وهو يعلم بخصال يسار الصعبة..و التي لا يمكن لأي شخص أن يحتملها...توقف لبرهة من الزمن ليتأمل حالهما...
لا يعلم..أيحس بالإطمئنان أم القلق؟!...فكلاهما واد مع ذلك اليسار...و لكن ما يقلقه أكثر شئ..هو ذلك الإحساس..إحساس بإن شيئاً سيحدث لإبنه..يعلم جيداً أن الجراح لن يتركه في حاله...و لايعلم ما السبل التي سيستخدمها..و الخوف ان كانت تلك اليتيمة المسكينة ضمونة في أساليب انتقامه..!!!
**************************
في مكان بعيد كل البعد...
..\آآه يا ربي من هالحر..وش هالمكان؟!
...\مدام؟!..مو حضرتك اللي قلتي انك تبين مكان بعيد؟!
...\إي بس مو لهالدرجة!!!..تأملت المكان لوهلة..\بس أقولك شي..
يفي بالغرض...!!!!
****************************
لبنان...
في ذلك المنتجع السياحي...
في ذلك الجناح...
استيقظ من نومه على صوت رنين هاتفه...اعتدل في جلسه وهو يحاول أن يفتح عينيه ليتأمل ذلك الإسم الذي يتوسط الشاشة...تبدلت ملامحه عندما قرأ الإسم...ضغط على ذر الإجابة ليأتيه الصوت الآخر...
...\السلام عليكم أستاذ سياف..
قال وهو يمسح عينيه بتعب..\ها..قول اللي عندك؟!
...\أستاذ من فترة انت امرتني إني اراقب المدام لما سافرت ع سويسرا..
سياف \أردي..ها وش عندك؟!
...\إستاذ هي فسفرتها قابلت رجال غريب مرة...و حتى جلستهم كانت غريبة...و ما إدرت اني حدد مين هو هالرجال..و لما رجعت راقبناها و اكتشفنا إنها قابلت نفس الرجال..و في المرة اللي قابلته فيها عطته شي...و ما قدرنا نحدد مين هوي...
سياف \ما صورتوهم؟!
...\لا استاذ..
سياف \غبييييييييييييييييي....!!و أغلق الخط في وجه من نقل له هذا الخبر المشؤوم...
أحس بأن كل عروقه ستنفجر من شدة الغضب...قام من مكانه وهو ناو على قتلها لا محالة...نعم سيقتلها...سيقتلها بكل تأكيد...!!!
*******************************
بعد مرور اسبوع..
في تلك الشقة...
قرر خالد في النهاية أن يوافق لمرضية على ان تكمل دراستها...و ذلك لانه ان منعها من شئ كهذا فسيظلمها و هو الذي يلبي كل طلبات سماح...
يتأمل في تلك القابعة أمامه...جالسة أمام تلك الطاولة وواضعة أمامها عدداً من الكتب...و لا يعلم ما هو متأمل فيها..و لكن كل حركة فيها أصبحت تجذب انتباهه مهما كانت صغيرة...تأمل يديها الصغيرتين و هي تمسك بإحدى صفحات الكتاب في يد و بقلم في اليد الأخرى....تأملها و هي تدخل طرف ذلك القلم بين طرف أسنانها في حيرة...و هي ترجع تلك الخصلة لوراء أذنها...
لا يعلم..المفروض أنه يتأمل في التلفاز الذي امامه..و لكنه وجد نفسه يتأمل في تلك القابعة امامه عوضاً عن ذلك...!!
أخذ عهداً على نفسه أنه لن يقترب منها...لا يعلم ما السبب و لكنه يريد ان يرى ردة فعلها للموضوع...و احترم أن هذه رغبة منها أنها لا تريده ان يقترب منها...كح بقوة لا إرادياً ليجذب انتباهها...
هي كانت تقرأ في تلك المادة التي أمامها و تحس بسعادة عارمة انها ستكمل تعليمها الذي أوقفته سابقاً...أحست أن الأسبوع الماضي قد كان أسبوعاً حافلاً بالنسبة لها.. و خاصة أنها قد بدأت بجدية في موضوع الدراسة..وفجأة إذا بذلك الآخر يزعزع كيانها بمزاحمتها المكان ليفتح التلفاز و يجلس أمامه...كانت تحاول جاهدة ان تصب كل تركيزها في الكتاب الذي أمامها و لكن هيهات؟!!!
انتفض قلبها عندما سمعت صوت كحته...\خالد..وش فيك؟!
خالد بإستهبال...\كح..كح..لا ما فيني شي..كح...
مرضية بلهفة لا إرادية...\كيف مافيك شي و انت تكح...
ما زال مستمراً في استهباله..\كح..كح..لا شكلي اتخ..كح..اتخنقت...!!
قامت من مكانها مسرعة لتجلب له كوباً من الماء و لكن و هي في الطريق أحست بأن جسدها بدأ يتثاقل و كأنما ستسقط مغشياً عليها...اتكلت يدها على تلك الطاولة ليسرع خالد و يقف أمامها...
خالد \ مرضية..وش فيك؟!
توقفت و هي ما زالت تتكل جسدها على تلك الطاولة لأنها تحس بعدم التوازن..\ما فيني شي...
خالد\ كيف ما فيكي شي و انتي بهالحالة؟!!...خليني أشيلك.
مرضية \لا...و لكنه لم يعر ما تقوله أي انتباه و حملها ليضعها في السرير في تلك الغرفة...و جلس بالقرب منها و هو يضع يده ليتحسس رقبتها و جبهتها...\قوليلي وش تحسي فيه...
هي أحست بأنها ستموت ليس مما فيها من مرض و إنما من مقاومتها له...فهو يستنزف كل قواها بلمساته...\قلتلك مافيني شي هذي أعراض عادية للحمل..
خالد \يعني عادي يجيكي هبوط كذا؟!
مرضية \إيه.. شوية و بيروح...
خالد \بروح أسوي لك شي يخفف عليكي...
ابتسمت بخفة..\وش بتسوي..خالد..ماله لزوم...
لم يعر لما قالته أي اهتمام و توجه نحو المطبخ ليحضر لها شيئاً تشربه و يقويها...لا يعلم ماذا يحضر و ماذا سيفعل و لكنه سيحضر شيئاً أياً كان هذا الشئ...
وقف مدة عند باب المطبخ و هو في حيرة مما سيفعله...بدأ يفتح في الخزانات واحدة تلو الأخرى وهو لا يعلم أماكن الأشياء....أخرج عدداً من الأشياء...و فتح ذلك الدرج و اغلقه...توقف مدة في صدمة ثم فتحه مرة أخرى ليتأمل ما به...
تأمل ذلك الدرج وهو مملوء بعدد من الأدوية و الأقراص...حملها بين يديه وهو مستعجب من سبب وجودها في هذا المكان..و لمن هذه الأدوية...
تناول تلك الأوراق التي كانت في الدرج بين يديه ليتفاجأ...
و ها هي القشعريرة تسري في كل زاوية من جسده....!!!
هي قد لاحظت لتأخره مدة..قامت من مكانها بتعب لتقف عند باب المطبخ و هي تحس بأنها سيغمى عليها عندما رأت تلك الأوراق بين يديه...
نظر لها بغضب عارم ليقول..\مرضية..شنو هذي الأوراق؟!!!
**************************
في مكان آخر...
قالت لتلك بضعف مغلف بقوة..\بس بشرط..!!
قالت لها تلك الجالسة أمامها...\قولي شرطك؟!
أسيل \أبي اتطلق منه...بأي طريقة..أبيكم تخلونه يطلقني...مابي أقعد معاه..و ربي بموت...
وضعت تلك الأخرى يدها على حجر أسيل و قالت لها في نبرة مطمئنة...\حبيبتي لا تخافين...انتي حاولي تكسبينه..و تخليه فصفك...و تنتبهي على تحركاته و أكيد في الآخر بنقدر نوقعه و بيلقى جزاته و بعد كذا غصباً عنه و بالمحكمة لازم يطلقك...
تأملت ملامح أسيل التي تحاول التصديق لتردف لها..\انتي لا تخافين و قوي قلبك..هذي هي الوسيلة الوحيدة...
ابتعدت أسيل عنها لتجلب تلك الأوراق و تمسكها لوهلة ثم تمدها لمنى و تقول لها...\هذي هي الأوراق اللي لقيتها للحين..مافهمت منها أي شي...بس الظاهر انها مهمة...أمسكتها بقوة لتقول..\بس لازم تصوري نسخة و ترجعيها لي..لأنه لو درى انها اختفت بيقتلني...
ابتسمت لها منى و قالت...\لا تخافي..الحين بصورها و برجعها لك...
مدت أسيل الملف لمنى و قالت لها بتردد...\و لقيت بعد..صورة لبنت...قلت احتمال تكون من ضحاياه...بتلقين الصورة بين الأوراق...!!!
*********************
فتحت مذكرتها لتخط لتلك الحروف...
لمتى سأظل بها الحال...
معلقة ما بين لهيب حبي لك..
و نار واقعي المؤلم...!!
أقسم أنني قد حاولت مراراً أن أكتب لك العديد من الرسائل..رسائل أخط فيها ما كنت أخفيه عليك من واقع أليم..و لكني لم أستطع..لم أستطع و أنا أتخيل ملامحك عند قرائتها...
أتمنى أن تحدث معجزة تريحني من كل هذه الآلام..فقط معجزة واحدة...
أتمنى أن يكون غداً أفضل..أن يحمل الأمل بين يديه...فقط ليوم واحد..
أتمنى أن يكون...
لغد طيات أخرى...
لا تَـسأَليني الحبَّ سيّدَتي
فالنارُ في قلبي.. وأورِدَتي
لا تَطْلبي مني الهوى.. أبَدَاً
فَـأَنا حَزينٌ... مثلُ أغنِيَتي
إِيَّـاكِ مِن قلبي ومِن فِكَري
إِيَّاكِ مِن شِعري ومِن لُغَتي
إِنَّ الحروفَ.. جَميعَها حِمَمٌ
تَغلي كَبُركانٍ.. على شَفَتي
لا تَـطلبي مُـلْكاً.. ومملَكَةً
نـارٌ أنـا.. نارٌ.. كَمَملكَتي
هـذا أنا... طَيرٌ بِلا وَطَنٍ
وَحَـقيبتي بَيتي وَأشرِعَتي
عُـودي لِعقلِكِ، إِنني رَجُلٌ
أقْسى وأصعَبُ مِنكِ مُشكِلَتي
طارق على الصيرفي
هنا أقف و أنا على أمل أن تكون الطية قد نالت إعجابكم...
و بقولكم ان البارتات القادمة فيها أحداث تحتاج منا انتباه حتى نستوعبها...
البارتات الجاية بتكون بداية نقلة لمرحلة ثانية من الرواية..فقط خلونا نترقب و نشوف...
و يا ريت ما تنسووووني بالدعاااء ان ربي يستجيب دعائي و يرزقني حسن الخاتمة...أنا و سااائر المسلمين و المسلمات...
البارت الجاي بيكون الجمعة...و بيكون فيه بارت هدية مني لكم بس لسة ما حددت وقته بس قرييب..
فييي أمااان الله...