كاتب الموضوع :
زهرة منسية
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
يا للمفاجاة! فقد كادت هاتان الشقيقتان أن تتسببا لها بنوبة قلبية مثل تلك التى أشار إليها جود من قبل. بقى عليها أن تعرف جود بشقيقتيها جانيوارى و مارش لأن ماكس و ويل يتبادلا التحية مع صديقهما ما إن وصلا . بدا من الواضح بأنهما استغرقا وجوده بهذا الشكل المريح هنا بعد كل ما قالته عنه ماى فى الماضى.
شرعت ماى بتفسير و جوده فى المكان إلى صهريها المستقبلين فقالت :"كنت أنا و جود نتناول العشاء معاً بينما يتابع جهوده لإقنلعى ببيعه هذه المزرعة"
وتجاهلت عمداً نظرة ماكس المتفحصة ونظرة ويل المستغربة . ففى آخر مرة تكلمت فيها عن جود مارشال وهو غائب أما هذين الرجلين لم تخف مشاعرها العدائية تجاهه . وها هى الآن تستكين بسعادة فى مطبخها بعد تناوله الطعام معها! وافقها ماكس بنبرة ناعمة إذ قال :"يستطيع جود أن يكون مقنعاً جداً "
ردد ويل وراءه بجفاء:"جداً جداً "
تجنبت ماى عمداً النظرتين العارفتين لـ ماكس و ويل والتفتت إلى أختيها بثقة أكبر وخاطبتهما :"هذا هو جود مارشال يا جانيوارى و مارش"
صافحته جانيوارى بحذر وقالت :"مرحباً جود"
أما مارش المعروفة بصراحتها فلم تكن أسيرة مثل هذه المجاملات . ووجهت نحوه ابتسامة مصطنعة وسألت أختها :"هل تأكدت من خلو الطعام من سم بطئ التأثير قبل تناولك إياه؟"
وقف جود بعد إنتهاء التعارف وبدا أطول من ماكس و ويل بعدة بوصات ما جعله يبدو مسيطراً على المكان . ثم تمتمت بنعومة :"اعتقد بأنك مارش "
وبعد أن سددت مارش نحوه نظرة متسائلة فسّر الأمر قائلاً :"سمعت الكثير عنكما"
ثم تشدق محاولاً الإجابة عن سؤالها :"أما بالنسبة للسم فأعتقد بأننا توصلنا إلى ما يشبه الهدنة فى الوقت الحاضر "
استدار فى الوقت نفسه ليبتسم فى وجه ماى ابتسامة لطيفة . اتسعت عينا ماى ثم عبست مفكرة ما الذى يخطط له هذا الرجل الآن....؟مهما كانت خططه فهى لن تعجبها!
قال ويل بارتياح واضح :"عظيم جداً "
أومأت مارش وهى تقف إلى جانبه وعيناها الرماديتان المائلتان إلى الخضرة تلتمعان بنوع من خيبة الأمل وقالت موافقة بسعادة :"من الأفضل أن يكون الإشبين والإشبينة متوافقين ولا يرغبان بطعن بعضهما البعض خلال حفل الزفاف"
ـ إشبين.....
وقالت ماى بلهفة زادت من صدمة جود :"الوصيفة الأولى...؟"
ضحكت جانيوارى وبدا من الواضح أنها أكثر سعادة الآن مما كانت عليه قبل مغادرتها لتمضية العطلة مع ماكس قبل أسبوعين ونصف وقالت :"خففا من وقع المفاجأة أنتما الأثنان !"
طمأن هذا الكلام ماى قليلاً واستنتجت بأن الذهاب فى عطلة ساعد جانيوارى على تجاوز محنتها السابقة , وها هى أختها تشع سعادة الآن .
أمسكت مارش بكلتى يدى ماى وقالت:"ومن عسانا سنختار غيركما كشاهدينا الرئيسيين؟"
أضافت مارش مشجعة :"فكرنا بأن الاحتفال بالزفاف فى عيد الفصح سيكون أمراً رائعاً "
شعرت ماى بسعادة لأجل أختيها لكنها ليست سعيدة جداً بفكرة مشاركة هذه المناسبة مع جود مارشال من بين كل الناس . قالت بعد أن حصلت على بعد الاطمئنان :"جيد جداً"
كان جود على علاقة حميمة مع ماكس و ويل على حد سواء برغم من اختلاف وجهات النظر بينهما فيما يتعلق بالعمل لاسيما فى مسـألة شراء هذه المزرعة.
مرة أخرى صوب جود نحو ماى ابتسامة حميمة وهو يقول :"سوف يشرفنا ذلك أليس كذلك ماى؟"
جاءت أبتسامته هذه بعد ابتزازه لها قبل قليل وطلبه منها تناول العشاء معه مساء الغد. وهى الدعوة التى يساور ماى الكثير من الشكوك بشأنها!
اعترف جود فى قرارة نفسه بأنه يستمتع كثيراً . كانت جانيوارى و مارش كما صورهما ماكس و ويل تماماً فهما جميلتان جداً ساحرتان وتتمتعان بثقة كافية بالنفس وهو ما لمسه عند ماى أيضاً من قبل.
من جهة أخرى شعر بنوع من الرضى لأن ماى أصبحت قلقة تماماً ولو لمرة واحدة, فوصول شقيقتيها غير المتوقع قد أربكها كثيراً . هذا ما لاحظه هو على الأقل. إلا أن جود شك فى أن الآخرين قد رأوا الأمور كما رآها هو ....
وأعترف لنفسه بأنه ما تزال هناك مشكلة صغير تتمثل فى افتراض ماى بأنه يقف وراء الوصول المفاجئ لهؤلاء الأربعة إلى المنزل.
على الرغم من أنه أقدم على الكثير من الأشياء إلا أنه أدرك منذ البداية بأن ماى لا ترغب بأن تعرف شقيقتيها بأنها وحيدة هنا وبغض النظر عما إذا كان يوافق على ذلك القرار أم لا فمن المؤكد بأنه احترمه . وهكذا تساءل بعفوية:"إذن ما الذى أتى بكم أنتم الأربعة بهذا الشكل غير المتوقع؟"
سددت مارش نظرة توبيخ إلى شقيقتها الكبرى ثم قالت بجفاء :"أتعنى بأن العزيزة ماى لم تشأ إبلاغ أى منا بأنها تدير المزرعة لوحدها هنا؟"
نظر جود نظرة احترام وتقدير إلى الأخت الوسطى المنتمية إلى عائلة كالندر . بدا من الواضح أن النساء الثلاث يتمتعن بالذكاء مثلما يتمتعن بالجمال. وبالتأكيد فهو لم يشك ذى ذلك لأن المرأة التى تستهوى ماكس أو ويل لابد أن تكون امرأة غير عادية . ولا شك فى أن الشقيقات كالندر غير عاديات !
بدأت ماى غير مرتاحة لسماع هذا الاتهام فقالت :"لم يكن هناك من داعٍ مطلقاً لإبلاغ أى منكما....."
شبكت جانيوارى ذراعها فى ذراع ماى وابتسمت وأجابت بإعجاب فى وجهها مقاطعة كلامها باهتما :"لكن بالطبع كان هناك داع"
ثم التفتت نحو جود مبتسمة وقالت:"....فأنت لا تستطيعين القيام بكل الأعمال فى المزرعة لوحدك. ولكى أجيبك عن سؤال جود...." استطردت جانيوارى وهى تهز كتفيها:"....أتصل ويل بـ ماكس على هاتفه النقال ليخبره عن الأنباء السارة بشأنه و مارش وعرف أننا ما نزال فى الكاريبى....."
التفت جود ليسدد نظرة جادة إلى ماى التى بادلته بنظرة غير مقتنعة . إنها بالتأكيد أشد النساء عناداً....!
عادت جانيوارى لتقول :"وهذا هو بالطبع سبب عودتنا على الفور . التقينا نحن ومارش وويل فى لندن, و..."
تابعت عنها مارش بجفاء :"ها نحن هنا جميعاً . نجتمع كعائلة سعيدة واحدة"
ثم نظرت بعينين خضراوين ملؤهما التحدى بإتجاه جود.
تمكن جود من ملاحظة طبع مارش الحاد واستطاع أن يبادلها نظرتها المتحدية بسهولة. لاشك فى أن أحوال ويل سوف تتبدل بسبب زواجه من الأخت الوسطى فى عائلة كالندر .
ككان جود قد أخبر ماى بأن ليس لديه أقارب ولهذا السبب كان يعتبر ماكس و ويل بمثابة شقيقيه اللذين حُرم منهما . وهكذا بدا سعيدن بتمضية بعض الوقت معهما . دار الحديث حول كل شئ وكل الناس بدءاً من الخطّاب إلى الإشبينين إلى ما هنالك.....
ولاحظ من التعابير التى ارتسمت على وجه ماى أنها غير متحمسة لموضوع الوصيفة الأولى للعروس. اقترب ليقف بالقرب منها واضعاً ذراعه حول خصرها النحيل من دون خجل وقال :"أنظرى إلى الجانب الإيجابى من الموضوع ماى فإشبين العريس والوصيفة الأولى للعروس عادة ما يتشاركان مشاعر الفرح بالزفاف"
سددت نحوه نظرة ذات مغزى قابلها جود بابتسامة وتحركت فى الوقت نفسه مبتعدة عنه ثم قالت بمرارة :"أنا متأكدة بأن ذلك ليس بالنسبة إليك"
حافظ جود على ابتسامته ثم تشدق قائلاً :"فى الواقع كنت أفكر بك "
التهبت خدا ماى بحمرة الخجل واستطاع جود أن يلاحظ لمعة الغضب فى عينيها والتى تدل على أنها تفضل أن تقول له ماذا يفعل بأفكاره هذه. كانت على وشك ان تبدأ الكلام لولم تتدخل جانيوارى فى المحادثة وتقول :"عليك أن ترى خاتمى خطوبتنا يا ماى"
منتديات ليلاس
ضحكت جانيوارى وتابعت كلامها :"دعيها ترى يا مارش"
مدت جانوارى يدها النحيلة وفعلت مارش مثلها .كان الخاتمان متشابهين تقريباً فى كل منهما جوهرة كبيرة محاطة بجواهر أخرى أصغر حجماً .
ابتسمت مارش بسخرية وقالت :"لم تعرف أى منا ما الذى اختارته الأخرى حتى التقينا البارحة"
اغتنم ماكس فرصة انشغال الأخوات الثلاث ليدفع جود إلى الكلام :"وأنت ما الذى تفعله هنا بحق السماء؟"
هز جود كتفيه فيما انتباهه مازال منصباً على السعادة التى تبدو على وجوه نساء كالندر الثلاث وهن يتفحصن خاتمى الخطوبة وردد قائلاً بنعومة: "كنت تعرف بأننى سأسافر إلى هذه المنطقة "
وهنا تدخل ويل بالمحادثة و أضاف باستمتاع ظاهر :"لكن ليس بالتحديد إلى هنا . أخبرنا أولاً هل صوبت ماى بندقة عليك عندما ظهرت فى هذه المزرعة؟"
التفت جود ليبتسم بوجه صديقه وقال معترفاً بجفاء :"لو أنها كانت مستيقظة لفعلت ذلك . فهى نارية المزاج بما يكفى"
رفع ماكس حاجبيه معبراً عن دهشته وهو يقول :"ماى عصبية المزاج؟"
أكد جود بعبوس :"نعم هى كذلك "
لكن ويل أكد له بمرح :"كلا مارش هى عصبية المزاج . أما ماى فهى الأكثر هدوءاً بين الأخوات الثلاثة"
أومأ ماكس ببطء وهو الكثر جدية بين الرجال الثلاثة وقال :"أتفق معك بذلك . ماى هى الأسهل طبعاً من بين أخواتها"
هز جود رأسه بشدة ثم أكد لهما قائلاً :"أظن بأننا لا نتكلم عن المرأة نفسها فـ ماى لم تكن سوى...."
قطع جود حديثه على الفور لأن المحادثة بين الأخوات الثلاث انقطعت بشكل مفاجئ وكان صوته الوحيد المسموع فى المطبخ الصامت .
قوس مارش بإنزعاج حاجبين داكنين باتجاهه وبدا من الواضح بأنها تستمتع بإزعاجه وقالت:"كنت تقول...؟"
ارتبك جود وأعترف فى قرارة نفسه بأن قول شئ ما لأصدقاء حميمين هو شئ والسماح لـ ماى و اختيها بسماع موضوع الحديث شئ آخر . أما ماى فبدت مستمتعه بإنزعاحه كذلك كانت شقيقاتها . لأن فمها كان يتراقص من المتعة وعيناها تشعان بخضرة داكنة . وما لبثت أن قالت ببراءة متعمدة: "جود........؟"
أشار جود بحركة إيمائية لا تخلو من المبالغة وقال ساخراً:"ماى....أنا متأكد من أنك ستوافقيننى بأننا لم نتواجه وجها لوجه منذ أن وصلت إلى هذا المكان"
ردت عليه متهكمة:"قد يكون ذلك صعباً بعض الشئ عندما تكون أطول منى بثمانى بوصات على الأقل"
استرعت عبارتها هذه ضحكات الآخرين . وهذا ما توقعته لأنه كسر حدة الموقف الذى كان قد بدات بالتأزم . وأيقن جود انه حُشر فى زواية ضيقة لكن ماى خلصته منها
تدخلت جانيوارى رافعة كوبها دعونا نشرب نخباً آخر لزفاف ناجح"
ردد جود مع الآخرين :"نخب زفاف ناجح"
إلا أنه رفع كوبه بإتجاه ماى التى بادلته بسخرية , وأيقن من النظرة الضيقة التى بادلته إياها بأنها ماتزال غير مرتاحة لفكرة مشاركته للزفاف .
تساءل فى سره عن ردة فعل ماى لو أنه أقترح إحضار أبريل بدلاً منها.....!
نهاية الفصل السادس
|