كاتب الموضوع :
زخم الذكريات
المنتدى :
ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
لا أعلم كم من الأيام مر , وحالة البيت مقلوبة رأساً على عقب
لا أحد يعلم ما تخبئه الأيام , الجميع متوتر , قلق , ساكن !
كان روتيننا اليومي أن أستيقظ في الصباح الباكر وأدخل للمطبخ معدة طعام الفطور الذي اخذذ منه قليلاً لمهند الذي يصر أحياناً أن يمكث عند صغيرته
ويعيد سارة لمنزلهم بعد شجار طويل !
لم أحب حقاً أنهما بهذا القرب من بعضهما , لكن نفورهما كمغناطيسان لهما نفس الاتجاه . شعور مريح ومقلق !
أخرج مع صالح وزوجته شريفة للذهاب الى المشفى بعد اصطحاب
سارة !
في الحقيقة أشعر باستياء كبير حينما أذهب مع شريفة شقيقة سارة
لأنها تستعجلني كثيراً , وتهددني بالذهاب دوني !
حتى انها تبين لي تأففها الدائم لأصطحابها لي وكأنها لا تريدني أن أحضر
ليس هكذا وحسب بل انها دائماً ماتشعرني أن وجودي ليس له أي قيمة !
ربما يكون معها حق لكنني أريد حقاُ أن أقف مع مهند !
اليوم أستيقظت متأخرة , لا اعلم حقاً مادهاني أصبحت أريد النوم بشدة بشدة !
قمت على عجل خوفاً من ان تخرج شريفة كلمة جديدة من جعبتها لتلقيها على مسامعي , يبدو أنني أصبحت عاطفية جداً
لماذا تؤثر فيني كلماتها الان لهذا الحد ! مع انني كنتُ استمع لكلمات أشد
قبحاً من زوجة أخي !
أمسكت رأسي وأنا اتذكر انني لم أذهب لزيارة أهلي منذ عودتي!
ماذا سيظنون بي ! يجب ان اذهب لتحيتهم اليوم .
أرتديت ملابسي ونزلت للمطبخ على عجل
أشرت للخادمة ان تحضر لي ما جهزته لاعده للفطور .
في بيت مهند كانت الخادمات هن الآتي يطبخن الطعام ولكنني لا احب فعلاً
فكرة أن تشرف خادمة على اعداد الطعام لزوجي أو عائلته !
احضرت لي مقلاة ووضعتها على الفرن لأعد (اومليت البيض)
وما إن فقست البيضة لتسقط على المقلاة وتفوح رائحتها القوية
حتى اسقطتها من يدي وانا اكح واشعر بغثيان وألم في معدتي
ذهبت راكضة لغرفتي بينما الخادمة استنفرت لتحمل ما قد اوقعته أرضاً
وهي تتمتم بكلمات بلغتها لم افهمها ولكن يبدو انها متأففه مني !
مرت فترة من الوقت اشعر فيها بالغثيان والدوار !
مؤكد بسبب نومي الغريب الأحمق !
كنت متمدده على سريري لا أريد الحراك .. أريد فقط ان أنام
أنام ولا اعاود الاستيقاظ حتى ينتهي الكابوس الذي أعيشه !
رفعت جسدي بقوة عن السرير طاردة هذه الأفكار الشيطانية
ثبت حجابي جيداً على رأسي ونزلت من غرفتي !
أقتربت من شريفة التي كانت تحمل هاتفها المحمول وتتمتم لأحدهم : والله من دخلت حضرتها للبيت وهو معفوس فوق تحت ! وجهها مافيه ذرة خير علينا , بس وش نقول !! شرهتك على صالح الي ما تنازل وبلشنا بأوادم مثل ذول! الله المستعان بس ... الله المستعان .. اقول سميه انا بطلع اناديها من فوق وبكلمك اذا رجعت من المستشفى .. سلميلي على عيالك ... يوصل .. يوصل إن شاءالله .. لا تحاتين أول بأول عندك .. ههههه .. مع السلامة !
التفتت شريفة إلي لتشهق بذهول : بسم الله الرحمن الرحيم .. وش تسوين هنا ؟
همست بسكون : مابي اتأخر عشان نروح للمستشفى !
شريفة وهي تنظر لساعتها بينما العرق يتصبب من جبهتها : لسه بدري , صالح يقول مابنروح اليوم بدري !
همست بذات السكون : طيب إذا جا صالح ممكن تناديني من غرفتي ؟
شريفة تبتسم بإصطناع : اكييد اكييد بناديك , روحي ارتاحي روحي !
صعدت لغرفتي بخطوات متعثرة , ذهني مشغول بما قالته شريفه
نعم .... الجميع سيقول ان وجهي هو الذي نحس مهند !
لأنه ومنذ تزوجني بدأت مصائبه!
هل حقاً أنا من جلب لمهند التعاسة ..؟
استغفرالله العظيم .. ما حل بمهند هو قضاء وقدر !
تذكرت قول الله سبحانه وتعالى في سورة الحديد "ما أصابَ من مُصيبةٍ في الأرضِ ولا في أنفُسِكُمْ إلاَّ في كتابٍ من قَبْلِ أن نبرَأَهَا إنَّ ذلك على الله يسيرٌ(22) لِكَيْلا تَأْسَوْا على ما فاتكم ولا تفرَحُوا بما آتاكُمْ والله لا يحبُّ كلَّ مُختالٍ فخور "
نعم علي الإيمان بما قضاه ربي لنا ! ولا اجعل كلام شريفة وغيرها
يؤثر فيني ! تمددت على سريري بإنهاك وبدأت ادعو الله ان يشفي شمس
وجميع مرضا المسلمين , كانت دمعاتي تسبقني في الدعاء وانا أٌلح فيه
أشعر بتقصيري اتجاه ربي !
فأنا لم أعد أصلي النوافل جميعها كما في السابق لإنشغالي أحياناً بالمستشفى
و أيضاً لم أصم منذ زواجنا ! ولم أتمم حفظ السورة التي وصلت إليها !
نعم علي أن اساعد مهند ولكن ليس على حساب عبادتي وتقربي لربي !!!
غفوت وانا افكر بهذه الأفكار , وأستيقظت على صوت أذان الظهر
قمت مفزوعة وكأن كابوساً ما طاردني ! مع أنني لا اتذكر حقاً أنني حلمت بشي!
توضأت و صليت ثم نزلت مسرعة بخطواتي !
رأيت سجوى جالسة في الصالة أمام شاشة التلفاز وسألتها : سجوى وين شريفه؟
نظرت إلي مستنكرة سؤالي : شريفة راحت للمستشفى من زمان ؟
دهشت عندما علمت أن شريفة ذهبت بدوني ! لكنني ولسبب ما لم أستنكر تصرفها هذا !
أعدت نظري على (البيجامة) التي كانت ترتديها سجوى وهي عبارة عن (بدي) بلون زهري
مشجر بالأبيض ضيق وكأنه نقش على جسدها الجميل ليظهر كل تفاصيلة
وشورت يصل الى أعلى ركبتها بقليل واسع بلون أبيض وبه حزام أشبه بحبل
بلون زهري ليعكس أجمل فتنة وهو جسد سجوى النحيل !
اقتربت منها وجلست على الأريكة المقاربة لها , كلمة نصح علقت في حنجرتي
لا استطيع اخفائها !
همست بهدوء : سجوى حبيبتي شفتي صالح اليوم ؟
ردت هي ببلادة وهي تمسك جهاز تحكم وتقلب بالقنوات: ايي شفته الصباح !
قطبت جبيني وانا اشير على لبسها : بهذا اللبس ؟
نظرت الي مطولاً ثم اشاحت بوجهها عني : مالك شغل !
ابتسمت وانا اقول لها : جاوبيني سجوى ! خلينا نتناقش انا مابيدي امنعك من شي بس ابغا اعرف افكارك ؟
نظرت إلي بهدوء طويلاً وقالت مغيرة للموضوع تماماً : تعرفين ليش طلق مهند سارة ؟
شعرت برعشة تهزني من الداخل , أريد حقاً أن اعرف لهذا السؤال جواباً
لكنني لا أريده بهذه الطريقة !
ضحكت سجوى بخفة : تبغين تكملين نصايحك لأني أهمك ؟ ولا تبغين تعرفين السبب لأن نفسك تهمك أكثر مني ؟!!!
صُدمت لكلمات سجوى هذه ! ماللذي يسكن تفكير هذه الفتاة أيضاً ؟
يبدو أنها تماماً كأخيها ! ممتلئه بالألغاز التي تشدني لإكتشافها .
صمت مطولاً قبل أن أجيب : سجوى أنتي مقتنعه من داخلك انو طريقة لبسك صح ؟
اومأت هي برأسها ايجاباً ثم همست بهدوء : فيه اشياء ثانيه لازم تشغلك ربا أكثر من طريقة لبسي !
التفتت علي موجهه كامل جسدها لجهتي ثم قربت وجهها جداً مني وهي مثبة نظراتها تماماً على عيني : تعرفين ليش تزوجك مهند ؟
التفت مبعدة وجهي عنها! أكاد أقسم أنني شعرت بلهيب أنفاس سجوى يحرقني !
قلت محاولة اخفاء ارتعاشي : مهند صديق اخوي ! خطبني منه وتم زواجنا!
ضحكة خفيفة اطلقتها سجوى قبل أن تجيب : أبداً !!! مهند ما كان يعرف أخوك لا من قريب ولا من بعيد .. الي قالك كذا (ك ذ ا ا ا ا ا ا ب)
بصوت حاولت ابعاد الشك عنه : يعني ايش هالكلام ؟
سجوى بصوت جارح من شدة الثقة فيه : اخوك باعك ياحلوة !
وقفت غاضبة ... بل ممتلئة بالغضب وصرخت : انتي اكيد جنيتي صح ؟
سجوى هزت كتفيها دون أكتراث : شرهتك على الي يقولك الحقيقة !
كانت أطرافي ترتعش لشدة الغضب داخلي لكنني لم أسمح لمشاعري أن
تسيطر علي أو أن أتصرف تصرفاً طائشاً في لحظة غضب تجعلني أندم !
اعطيت سجوى ظهري وانا أسير مبتعدة عنها دون أن أرد بكلمة
ولكنها رفعت صوتها قبل ذهابي ساقية جرحها
الذي زرعته فيني : وترا مهند بعده يحب سارة ! ماينلام !! مافيها شي ماينحب!
فاضت عيناي بالدمع لكنني لم أقف ولم أٌرها مافعلته كلماتها المسمومة فيني
توجهت لغرفتي بألم يعتصر قلبي ! ماذا تقصد بأن أخي باعني على مهند !
كلماتها أستنزفت طاقتي .. أو ربما عاطفتي الفائضه هي ما استنزفت روحي
وجعلتني ناقمة على أخي الذي ربما يكون بريئاً من اتهاماتها !
دخلت لغرفتي وتوجهت لسماعة الهاتف ..
رفعته وبدأت بضغط الأرقام واحداً تلو الآخر بدون شعور !
نعم فأنا احفظ ارقامها عن ظهر قلب ....
هي فقط من أستطيع البوح لها بكل شي ! كل شي !! وانا موقنه تماماً انها ستحفظ سري و تساعدني و تستمع لي من كل قلبها !
وما إن سمعت صوتها الحنون حتى اجهشت بالبكاء : هياااا :"""(
هيا بصوتٍ اتضح فيه الخوف : ربا فيك شي ؟
أنا : لا مافيني شي .. بس .. بس .. اشتقت لك
هيا تسحب شهيق ارتياح قبل ان ترد : مجنوونه انتي خوفتيني عليك :_( انا بعد اشتقت لك ياربااا والله العظيم
أنا بهدوء : هياا ابي اشوفك الحين .. تعالي عندي .. احتاج اتكلم معاك بأشياء كثير .. احتاج افضفض يا هيا ماني قادرة أحس نفسي مخنوقة والله !
هيا : ياحبيبتي ياربا وين أجيك الحين ؟! صعب مرره خصوصا انتي ببيت اهل زوجك , لكن تعالي انتي !
انا : ماعندي احد يجيبني ! مهند بالمستشفى مع بنته تعبانه الله يشفيها , وانا حاسه الدنيا ضايقه فيني بمموووت لو ماشفتك وفضفضت لك!
هيا بصوت مطمئن :بعيد الشر عنك حبيبتي .. بسم الله عليك ياربا لا تقولين كذا بعد عمر طويل !! .... طيب اشرايك اكلم عبدالله أخوي ونمرك نسرقك المغرب ونرجعك بعد العشا ؟
انا : موواافقققه !!
هيا : خلااص انا بكلم عبدالله .. انتي تجهزي على ما نمرك .. وخليك قريبة
من الثابت لا تتحركين .!
اغلقت هيا السماعة وانا كنتٌ شديدة الحماس لرؤيتها وفضفضة كل ما بداخلي!
ليست وحدها فقط .. اشتقت لأخواتي ريم و رنا .. اشتقت لخالاتي موضي
منى وموضي .. اشتقت لابنة خالتي مرام .. حتى أنني اشتقت لأخي قيس !
أشعر كأنني عشت لسنوات بدونهم !
أريد للوقت أن يمر سريعاً حتى اراهم ..!
ذهبت بسرعة كبيرة الى دولاب ملابسي لأنتقي أجملها !
ومن ثم بدأت بتسريح شعري و وضع القليل من مساحيق التجميل
بدأت انظر لوجهي المنهك في المراة !
حتى المساحيق لم تخفي انهاكي وتعبي , لكنها اخفتها قليلاَ .
شعرت بالوقت يمشي ببطء شديد وكأنه هو أيضاً يريد تعذيبي
قفزت للهاتف سريعاً حينما سمعت رنينه !
وحينما علمت أن هيا بالخارج تنتظرني كدت أموت من شدة سعادتي
حتى أنني بدوت و كأني أسابق خطواتي لأصل الى السيارة !
القيت السلام ورده عبدالله بهدوء بينما هيا ردته بلهفه شديدة !
بدأت تمطرني بسيل من الاسئلة لم استطع الاجابة على جميعها!
# عبدالله : ابن خالتي موضي و الأخ الأكبر لهيا .. اظن انه يمكنني القول
انه أخي أيضاً فقد ربتنا خالتي على أن نكون مثل الأخوه تماماً !
عبدالله يشبه اخته كثيراً في لونه الأسمر و جمال عينيه لكنه يصر على اخفائهما
خلف نظارة شديدة الكبر ! هذه سنته الثانية في التدريس فهو يعمل كأستاذ للمرحلة الثانوية في مجال علم النفس !
شخصيته الواثقه القوية تعطي انطباعاً على أنه رجل قاسي ولكنه من الداخل حنون كطفل ! وكما يقال اسألو الأخت عن أخيها فهي دائماً تعلم .....
ما إن وصلنا بيت خالتي موضي حتى قفزت إلى حضنها
بكيت طويلاً فيه .. اشتقت لرائحتها , اشتقت لكلماتها , اشتقت لها حقاً !
تحادثنا طويلاً طويلاً !
ثم ذهبت خالتي لتعد طعام العشاء بينما بقيت انا مع هيا وحدنا أخيراً !
هيا : رباا حاسه فيك شي !
- ما بكذب عليك هيا ! فيني اشياء وابي اتأكد منها ! محترقه داخلي ياهيا والله محترقة !
هيا : بسم الله عليك ربا .. وش فيك وش قالبك كذا !
حدثت هيا عن كل ما يشغلني من أمر طلاق سارة من مهند
أخبرتها أيضاً عن موقفي مع سجوى اليوم .. لكنني لم أخبرها أبداً
عن ما حدث لي مع مهند في رحلة شهر العسل
ولا أعلم هل فعلت هذا لأني اخشى على كبريائي من التمزق
أمامها ! أم أنني خائفة على صورة مهند أمام غاليتي هيا
فأنا وبكل الأحوال استطيع مسامحته و النسيان
لكنني أعلم لو كنتُ مكان هيا ورأيت من يؤلمها لما استطعت
أن أغفر له أبداً .. بل أنني سأكرهه من أعماق أعماق قلبي ...
تأخر الوقت قليلاً بينما سرقتنا الأحاديث هنا و هناك ,
أعادتني هيا مع أخيها عبدالله في وقت متأخر !!
وما إن نزلت من سيارة عبدالله حتى رأيت سيارة مهند
واقفه في الجوار ويبدو ان أحداً بداخلها !
وقفت بخطوات مترددة أمام باب المنزل , وانا ارفع يدي
لأضغط على الجرس وكدت أن أفعل لولا أن شاح لي
مهند يترجل من سيارته .
بدأت دقات قلبي بالتسارع حينما رأيت مهند يحني رأسه
ليصبح بمقربة من نافذة عبدالله !
خفت كثيراً أن يلقي عليه كلمة ولا يتحملها عبدالله فيبدان بالشجار !
لا اريد كسر الصورة التي زرعتها في نفس هيا عن هذا المهند .
كنت اضغط على يدي بقوة و توتر !
لكنني هدأت بعد أن رأيت سيارة عبدالله تبتعد وتغادر .
فتح مهند الباب لندخل بهدوء حتى وصلنا الى غرفتنا حينها
مهند أقترب مني وهمس وهو يصر بين اسنانه: وين كنتي يا هانم ؟
كدت أغرق في البكاء قبل ان اجاوبه : رحت لبيت خالتي , شريفة راحت وخلتني وانا ماكنت .....
قاطعني مهند : مش المفروض تكلميني تستأذنين قبل ؟
- كل شي صار بسرعة مهند : ( ادري الي سويته غلط وانا اسفه عليه !
مهند اخذ بيدي واحتضنني بحركة غريبة صدمتني !
لم أكن أتوقع ردة الفعل هذه منه أبداً !
بل حتى أنني انكمشت على نفسي فور رفعه ليده خائفه من أن يصفعني !
همس بهدوء وبصوت اقرب للحزن : اشتقت لك ربا ! لعد تسوين شي بدون شوري
اجهشت بالبكاء وانا احاول اخراج الكلمات بصعوبة بين شهقاتي المتقطعة السريعة : والله اسفه .. سامحني مهند !
بقيت لدقائق بين احضان مهند ...
خلالها شعرت بسعادة غامرة و شعرت بإزدياد في خفقات قلبي
أظن أنني اصبت بنوع من الأمراض القلبية !
نوع نادر .. لا يصيب أياً كان .. نوع من الأمراض يدعى
مهــــــــــــــند !!!
|