كاتب الموضوع :
ريم . م
المنتدى :
الارشيف
- 19 -
اغلقة الباب بهدوء بعد ان تأكدت من ان جدتها قد نامت ، وراحت لتنظم اليهم
جلست راما بقرب والدتها متسائلة :
" اين خالتي .. منى ؟ … لقد قالت بأنها ستستقبلنا "
" لا ادري يبدو انها انشغلت مع زوجها "
شاركتهم زوجة خالها الحديث :
" انها في الطريق قادمة … اتصلت بها منذ دقائق ..
تقول بأن اخوات زوجها سيأتين ايضا "
ثم قالت موجهة الحديث الى راما :
" اخلعي عباءتك لا احد هنا "
" لا بأس انا مرتاحة بها "
راحت راما ترمق كلا من رنا وهلا ، بينما عادت والدتها لتكمل حديثها مع زوجة خالها ، كانتا تتهامسان
فيما بينهما ، تمنت وقتها ان تشاركهن في بعض الاحاديث ، لذا قالت موجهة الحديث الي رنا :
" كيف حال دراستك .. يا رنا ؟ "
ابتسمة رنا محدقة بها : " لقد تخرجت منذ سنتين "
" اوه .. حقا .. ظننتك لا زلت تدرسين … هل كان سهلا دراسة اللغة الانجليزية "
" ان تخصصي في علم النفس .. ( هلا ) تدرس اللغة "
" حقا "
آثرت راما الصمت بعد هذا الحوار ، فقد اقحمت نفسها في موقف محرج ، فكيف لها ان تتظاهر بأنها
تعرفهم و الواقع يقول غير ذلك ، الم تسأل نفسها متى كانت آخر مرة زارتهم فيها .. ؟
شعرت وكأنها لاتنتمي لهم ، وكأنها في عالم آخر عن عالمها .. واين هو عالمها الحقيقي ؟
كان عالمها هناك ، بقرب عمها في المنزل الذي ترعرت فيه ، في رؤية ( مريم ) ام بجاد في كل صباح .
كم تشعر بالوحشة بعيدا عنهم ، وكم كانت والدتها تكره ذلك الانتماء الذي تكنه لهم مقابل ابتعادها عن عائلة امها
قررت ان تترك هذه الجلسه او تتهرب منها بتعبير ادق وتجري اتصالا مهما ، بما
ان الساعة لاتزال تشير الى السابعة والنصف مساء ، استأذنت وسارت
مبتعده عن اصوات حديثهم الذي بدأ يتعالى .
خرجت الى الفناء الخلفي لتجرى اتصالها والذي كان مظلما الى حد ما ،
انتظرت لدقائق حتى اجابها :
" انتظرت اتصالك "
" علمت بأنك لن تنام قبل ان تطمئن على .. لذا اتصلت بك "
ابتسمت لتعليق رماه ثم قالت : " لا لم انساك "
ثم قالت : " لا انا بالخارج لن اتمكن من سماعك ان كنت بينهم ..
لا اريد لاحد ان يزعجنا "
سألها عن امر ما فاجابة : " بخير … مستقره ولكن ليست كالسابق ..
لا ادري متى سنعود ….. ، …. نعم بالتأكيد … "
: " نعم وانا كذلك " كانت تسير جيئة وذهاب مدحقة بخطواتها وقد بدت
خجله من هذه المكالمه ، لكنها رفعت رأسها عندما سمعت اصوات هرج ومرج تنبعث من
الداخل مما يبدو بأن خالتها منى وصلت مع اخوات زوجها لذا قالت لتنهي الاتصال :
" حسنا اردت فقط ان اطمئن عليك … سأهاتفك غدا …
لا ادري يبدو ان خالتي وصلت .. نعم .. حسنا .. "
اغلقة الهاتف مبتسمة ، كانت ستدخل لولا ان يد امسكت بها لتديرها باتجاه آخر
، كانت الاضواء التي تنبعث من الداخل تلقى بنورها على الجزء الايمن من وجهه بينما
اختفي الجزء الاخر في الضلام ، ورغم ان قبضت يده كانت قويه الا ان هول الصدمة
جعلتها لا تشعر بالالم محدقة به وقد خارت قواها .. فلم تبدي اي ردت فعل : " من هذا ؟ "
" من هذا " صرخ بها سلطان للمرة الثانية ،
كانت تحلم .. نعم كانت تحلم ، حاولت ان تقنع نفسها بأن ما يحدث ليس حقيقا ، ولكن
الالم الذي شعرت به اثر شدة قبضته لم يكن حلم ابدا ، كان يهزها بعنف وكأنه بذلك سيتمكن
من جعلها ان تنطق بما يريده ، اجابته بصوت يرتعش خوفا :
" سلطان ماذا تفعل … اتركني "
انزلق غطاء رأسها وراحت تحاول ان ترفعه بيدها الاخرى ، ولكنه امسك بها قائلا
: " ماذا … ! لماذا تخفينه .. هل تخافين من العذاب حقا … لماذا تخفينه وغيري يستطيع النظر اليه "
كانت الاحداث تتوالى في ثوان خالتها دهرا ، لو ان احدا اخبرها من قبل بأنها ستكون بهذا
القرب منه ممسكا بيديها كما يفعل الان ، لضحكت وقتها ، ولكنها لم تضحك الان ،
لم يكن موقفا مضحكا ابدا .
" ان كنتِ تعتقدين بأنه ليس هناك رجل يحاسبك على تصرفاتك فأنتِ مخطئة "
لو كانت سابقا تفكر مرار وتكرارا لتحاول ان تقنع نفسها بهذا الزواج ،
فإن كل محاولاتها ذهبت مع الريح بعد هذه اللحظة .. !
كان صوت منى يتردد في الجوار باحثة عنها : " راما … راما "
لقد كانت خائفة ، خائفة جدا ، لم تجد كلاما لتعبر به ، لقد طغى خجلها على الحقيقة ،
لو انها تمتلك الشجاعة لأجابت ولكنها اكثر ضعفا من ان تدافع عن نفسها امام شخصا
لاتجده جديرا لتبرر له ما سمعه منذ دقائق .
اطلت خالتها ( منى ) من خلال الباب المطل على الفناء عندما وجدته مفتوحا
وقبل ان تنادي راما لمحت المنظر وهالها ما رأته .
*
|