كاتب الموضوع :
سميتكم غلآي
المنتدى :
ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
المعانقة التاسعة
بعد مرور عام
تخبطُ بقدميها على الأرض
بجسداً قصير القامة تطويه عباءة مزخرفة الألوان
بتقاسيم وجه نقشت التعب حاملة لحقيبتها " الماركه "
تنهدت بعمق وهي ترميها أرضاً
لطمت بخطواتها الدرجة الأولى من السلالم صارخة باعلى صوتها على الخادمة : " جودي تعالي إلى هنا واحملي الحقيبة , انني متعبة "
توقفت قدميها وأبت عن مسيرها عند عتبات السلم
أتسعت مقليها بوجه تغلف بالدهشة
أبتلعت أنفاسها لرؤية مروان الواقف أمامها بثوب أبيض غطى جسده الضخم
أحتضنت عينيها العسليتين المصطبغتين بالونّ كالزيتون
وجههُ ذو البشرة البرونزية بعينين داكنتين واسعتين وأنف رفيع وشفتين غلظيتين جذابتين
توتر بصرها وتسارعت نبضات قلبها عند رؤية عينيه تحدقان بها
فشقت شفتيها إبتسامة تلوحت بالسعادة
مروان هنا!! فمنذ فترة طويلة لم تراه ... منذ أسابيع على ما تظن !
كم اشتاقت لرؤيته
كم أشتاقت لنبضات قلبها الراكضتِ لأجله
أشاح ببصره عنها وهو يغلق أزرار ثوبه
ويصد نظراتها المطبقة عليه قائلاً بصوتٍ كسته الدعابه : " مرحبا سو سو "
عبستُ بوجهي وقد تشكلت على أنفي عقد غاضبة
لقد كبرت.. لقد بتُ فتاةٍ ناضجةٍ وها أنا الأن في أول سنة لي في الجامعة
لماذا هو وحده إلى الأن يدعوني بهذا الأسم .. ويجعلني أبدو كطفلة صغيرة أمامه
فمنذ أن خرجتُ إلى هذه الحياة
والكل ينادونّي " بــسوسو " " سوسو تعالي " " سوسو أذهبي "
بسبب كوني طفلتهم المدللـه
إلى جانب أن أمي لم تنجب أحداً من بعدي
فمرت رسوم أعوام طويلة كبرت فيها
فتوقف الجميع عن مناداتي بسوسو الا هو .. فأنا لا أعرف ماعلته مع هذا اللقب!!
ولماذا يشعرنّي أنني مجرد طفلة لا أعني لهُ شيئاً
صحيح أن مشاعري له ساطعة وتكاد تعبر ذرات جسدي منبثقة إليه
حتى أن أمي وأخي يعرفون مايخالج صدري ناحيتهُ بالأضافة إلى عمتي أم مروان
وكل أهل المنزل والعجوز الشمطاء جدة مروان التي تسكن معنا فأنا اكرهها وهي تكرهني
فمعاملتها لي سيئة جداً في أغلب الأوقات
ولكن لن يحصل الذي تريده أبداً.. فأنا لن أسمح به!
فمروان لي أنا.. منذ أن بدأت الأنوثة تتفجر بين خلايا جسدي
لقد احببته منذ أن كنت في الثالثة عشر أو منذ طفولتي
فهو أول من حملني عندما خرجت إلى بطن الحياة
كان يدللني وكأنني فتاة الوحيدة القابعة في هذه الحياة, كأنني أميرتهُ
أسر روحي قبل آسره لقلبي
ولكن بعد أن بلغتُ وكبرت وتعلقت به ورأيتهُ الرجل المناسب لي.. الذي سوف اتزوجه
بدأتُ بالأهتمام به
ومحاولة أظهار مشاعري نحوه ونحو كل من حولي
فجاء خبر خطبته الرسمية من ابنة عمه هدى العانس كالصاعقة على رأسي
فختلقتُ ضوضاء قالبة المنزل رأساً على عقب
وأفتعلتُ المشاكل.. وبكيت وصرخت حتى أنني واجهته
ورفضت زواجه منها بدون أن أخبره أنني أكاد افقد رشدي بسببه
أكاد أموت لرؤيته يتزوج من امراة أخرى
أنهُ حب نبتُ عليه منذ صغري
وحبى بداخلي إلى أن تفرع وتثبتّ جذوره بداخلي
كيف لي أن اتخلى عنه بعد أن وضعت عليه أمال كثيرة وحلمت به كثيراً
ولكنهُ صدني وصمت.. مما أرغمني على مواجهة العجوز التي زجرتني ووبختني
لأن هدى كانت نتنظرهُ منذ اعوام طويلة وقد جعلوها تعزف عن الزواج بسببه
لم يرضخ لي أحد وهو بات يبتعد عني ويعاملني بجفاء في أغلب الأوقات
أصبح ذلك يحطم فؤادي الذي يعشقه ويريده له مهما كانت العواقب
ترجل من الدرج أمامي راحلاً
ادرتُ وجهي إليه بلهفة
وبسرعة هرعت بإتجاهه ووقفتُ أمامه بشفاه أرتشفت الفرحه
توقف جسده قبل الأصطدام بي وهو عاقد الحاجبين
فهتفت :" مروان أتريد أن أحضر لك الغداء ؟ "
زم شفتيه وهو يحملق بوجهي لثانية واحدة وقد كست تقاسيم وجهه تعابير لم أفهمها
زفر وهو يقول : " لا, شكراً لقد أكلت "
قوستُ شفتي إلى الأسفل بعيون احتلتها الأحزان
لأضيف بصوت مترجي : " إذن .. الشاي , أو القهوه"
تموجت شفتيه بخيال إبتسامة وعينيه تنتقلان بين حنايا وجهي
هز رأسه بأجفان ضيقه مضيفاً : " قهوه "
صدرت مني صرخة غمرتها البهجة وانا اقفز منطلقة إلى المطبخ
وضعتُ القهوة أمامه وقد أنتصب جسدي أسترق النظرات إليه
وأناملي تعبث بظفائري المنزلقة على وجهي
لمعت عيني لرؤية عينيه المتسعتين تحدقان بي
من بين ذرات البخار المتصاعده من فنجان القهوة أضاق أجفانهُ
بحاجبين التصقى في جبينه قال: " شعرك ظاهر "
أدخلتُ شعري تحت حجابي بوجه تلون بالخجل
شرب قهوته وأصابعه تعبث بهاتفه النقال
وقفتُ أمامه بدون التفوه بكلمة واحدة وأنا أحدق بتقاسيم وجهه
فنهض من غير أن ينظر إليه ...راحلاً إلى الخارج
***
أحملق بوجهٍ حمل المفاجأه
بالعجوز الواقفة أمامي بملابس زرقاء قاتمة اللون تمتلئ بالتعرجات بعصا تستند عليها
أعتلت وجهها الأسمر المكسو بالتجاعيد تقاسيم غاضبة متكبرة
رافعة شفاهها بقطرسة أكرهها
تجعد جبيني وأنا أفتح فمي ومن بين شفتي خرج صوتي غاضباً : " لماذا أذهب ماما ؟؟ "
تقدمت أمي ناحية.. بجسداً طويل رشيق .. ضيق الثياب
بإبتسامة فاضت بالتوتر ووجهه أبيض طُليّ بالمساحيق التجميلة بكثافه بالغة لتنطق بشفتين هامستين : " "حسناء " أذهبي مع خالتي , هي تريدك ان ترافقيها لغرض تريد شرائه ! "
رفعت كفيّ إلى الأعلى مستفهمة.. فصحتُ بصوتٍ متذمر : " وما دخلي أنا ! "
أقتربت أمي مني أكثر مطوقة جسدي بذراعيها
داسة في يدي مبلغاً كبيراً من المال : " خذي هذا.. وأذهبي لشراء ماتريدنه , ولكن أرجوك ياعزيزتي لا تجعلي الجدة غاضبة , أذهبي معها ولا تزيدي المشاكل "
زفرتُ بملامح حملت الضيق وانا أحرك رأسي : " ولكنني لا اطيق هذه العجوز "
ضغطت أمي على أسنانها وهي تزجرني : " أخفضي من صوتك"
أرتفع طرف شفتي العلوية وأنا اعبس بوجهي ضاغطة بالاموال في راحتي وبصوت تغطى بالضجر قلت: " حسنا "
وبسرعة أضفتُ بخبث التمع في عيني : " ولكن , يجب عليكِ عدم نسيان موضوع السيارة الجديدة ... قومي بالزن على راس أبي "
هزت أمي رأسها مبتسمة منذعنة لي
بواسطة أمي سأحصل على سيارة جديدة من أبي المتوحش الذي لا أجروء على الحديث معه أو مناقشته بسبب رسوبي الأخير
أريد سيارة جديدة لأن سيارتي السابقة قد خدشت وتكسرت القاعدة الامامية لها بسبب حادث حصل لي منذُ فترة قريبة.. كيف لي أن اقودها بعد الأن
لست بقادرة ... الفتيات سيرون ذلك .. وكرامتي ستصبح في القاع
أحتضنت ذراعيّ جسدي مسندة ظهري على مقعد السيارة
أحدق بالعجوز الجالسة بقربي والمسباح بين يديها وصوت تسبيحها يخر في أذنيّ
تحركت أناملي لتدخل ظفائري الخارجة من الحجاب .. تبا لها من عجوز
أن الحيرة تقيدني
لأنني لا ارجوا منها خيرا فهي تكرهني
فوجهها المنغمس بنفخات الغضب يثبتُ ذلك
ما الذي تريدهُ مني بالضبط!!
بالرغم من كرهها لي فهذه المرة الاولى في حياتي التي أذهب فيها معها لوحدنا
وهذا غريب جدا .. وأنا في قمة شكوكي الأن ناحيتها
ترجلنا من السيارة أمام متجراً للذهب
تعلق بصري به بحاجبين منعقدين وقد رسم التعجب إيماءاتهُ على وجهي.. لتواجدنا هنا
أعدتُ بصري بإتجاهها محدقة بجسدها النحيل الملتحف بعباة سوداء لامعة برياح تلاعبها
وهي تجر خطواتها الثقيلة
مشيتُ خلفها بتململاً أحتل روحي
دخلنا إلى متجراً بذخ الملامح
حبستُ أنفاسي بداخل صدري... بتلألأ زخارف الذهب الأحمر من حولي
" رائع جدا "
أخذتُ أطوف حولهن بأعين طبعت الدهشة
أمرر اناملي على الخواتم بعقل منبهر .. ونفس تتوق للأغتناء
أعدتُ بصري نحو العجوز بوجه ملؤه التساؤل !!
ما الذي تريده مني بإحضاري إلى هنا!!
تقدمت نحوها بتمايل جسدي على كعب ذو نغمة رنانة
ووقفتُ بجانب جسدها المتكئ على زجاج الطاولة
وأناملي متشابكة وراء ظهري أحدق أمامي بأعين غرقت بالحيرة
اختارت العجوز طقماً كاملاً من الذهب الأحمر
يتكون من خاتم وعقد إلى جانب الاسوار والحلق بالأضافة إلى أنه فخم جداً
حركت أصابعها المجعدة عليه متلمسة إياهُ بين يديها
وعينيها تدققان في تفاصيلهُ
بإبتسامة خبيثة عامت على شفتيها
أسندت رسغها على الزجاج وهي تلتفتُ بإتجاهي
محدقة بوجهي المقابل لوجهها بتقاسيم وجه ماكره.. حاقده
وباعين غاص بها التكبر قالت : " ما رايك به ؟"
أنتحل وجهي اللطف فقلت: " جيد "
تشبث حاجبها الأيمن في جبينها وهي تصد بوجهها عني محدقة بالطقم
بشفاه متجعدة لاحت بالخبث قالت: " بل جميل جداً , أنها هدية لهدى لعقد قرانها بمروان "
أتسعت حدقتي لوطء كلماتها التي حلت كدلو مياة باردة سكب على رأسي وأغرقني
وأنا أشهق بصوت كسته الدهشة وبصوت مرتعب همست : " لا! , كذب "
رصت على شفتيها وهي تجمع طرفيّ عباءتها السواد بين أصابعها معلقة إياه على مسند عصاها
محدقة بوجهي المتكنف بالرعب بوجه حمل الحقد قالت : " ما الذي تتوقعينه إذن ! أن يتزوج طفلة مثلك "
قهقهة بإستهزاء وهي تضع رسغها الأيمن على الطاولة المقابلة لها مستندة إليها
لتضيف وهي تحدق بوجهي المصعوق : " الفرق بينكما عشرين سنه ياغبيه, إلى جانب أن هدى أبنة عمه ..هي أحق منك به وأقرب لهُ بالعمر عن طفلة مدللـة لم تربى جيداً ولا تفقه شيء من هذه الحياة الا اللعب "
رفعت عصاها وهي تدق بها على بطني بضربة أوجعتني
تراجعت قدمي اليسرى إلى الخلف بركعباً يكاد يرمني أرضاً
ارتعشت شفتي وتجمعت الدموع في مقليّ منذرة بالهطول عند رؤية وجهها المستهزئ بي
ضغطتُ على أسناني بأعين ضاقت وتلونت بالغضب وأنا أنصت لصوتها الهادر في طبلة أذنيّ : " هدى جميلة بعكسك فالجمال لا يعرفك.. فأنتِ مجرد قبيحة أمامها... فهي ذات شهادة عاليه... بالمقارنة بكِ فانتِ كنتِ فاشلة طوال سنوات دراستكِ وإلى الأن .. لو كنتي أبنة أبني لكنتُ قد ربيتك من أول وجديد وجعلتكِ عبدة تحت قدميّ "
فاضت الدموع من عيني لقساوة عباراتها الخالية من الرحمة
من هي لتقول لي هذا؟ أو لتتجرأ عليه ! ليس لها الحق بذلك !
صحت بوجهها بغضب عارم هز جسدي
وأنا أقترب منها بعينين تقذفان بركانّ من الحمم الملتهبة
فخرج صوت من بين أسناني صاخباً : " توقفي , توووقفي , ايتها العجوز ليس لك الحق في طعني بكلماتك الكاذبة , مروان أبن عمتي وسيتزوجني أنا.. مهما كان فارق السن أو أي شيئاً أخر "
أقتربت مني حتى توقفت قبالتي ومسباحها الصلب يقفز ليلطم وجهي بصفعة شديدة القسوة
حتى شعرت به كجمرة من اللهب تحرق وجنتي
صاحت وعينيها تلوحان بإنفعالات شديدة الغضب : " ياقليلة الأدب لاترفعي صوتكِ عليّ "
لم أستطع تمالك اعصابي التي تكاد تتمزق من شدة الغضب
جن جنوني وخطواتي تتسابق نحوها صارخة في وجهها بكل قوتي: " ايتها الشمطاء .. تبا لك !
أنني أكرهكِ "
اتسعت أجفاني بجنون وأصابعي تصفع صدرها ممسكة بمقدمة عباءتها
اهزُ جسدها حتى أنطرحت عصاها أرضاً
وهي متشبثة بي .. غارسة أصابعها في أعلى كفيّ بأعين جاحظه وحنجرة صارخة
صحت بها وأنا أضرب جسدها بذرات الهواء : " متى ستموتين لكي نرتاح ..موووووووتي مووووووتي , اتمنى أن يقبض الله روحك الأن , الأن"
رميتها بقوة عن ذراعيّ
بصياحٍ وصراخٍ أندلع من خلفي بتدخل أحدى العاملات التي ألتقطت العجوز بسرعة قبل أن تسقط أرضاً
تراجعتُ إلى الخلف وأنا أسحب خطواتي سحباً محدقة بالعجوز المنطرحة على الأرض بيدي العامله
سقطت دموعي على وجنتي وأنا أصرخ بهستيرية طوقت روحي
جنون لا أستطيع إيقافه , سأموت !!
أني غاضبة جداً جداً
ضربتُ قدماي بالأرض بسقوط بصري على تحفة فنية تلمستها أصابع يدي اليمنى
فجرت كفاي بإتجاهها حاملةٍ إياه رامية بها بكل قوتي
على الزجاج القابع أمامي.. المختبئة وراءهُ قطع الذهب
محطمة إياهُ إلى قطع صغيرة بسقوط قطع الذهب إلى الأسفل
أخذت ألطم كل مايقف في طريقي منطلقة نحو العجوز في محاولة لخنق عنقها
طوقوني العمال وشلُ حركتي بتثبيتِ ذراعيّ خلف ظهري
لطمت قدماي الهواء وانا أصرخُ بشتائم أقذفها كرصاصة: " اللعنة عليكم !! دعوني أقتل هذه الشمطاء , ساقتلها اليوم بيدي , دعوووووووني "
****
أسندتُ جذعي على بابٍ من الحديد
أحدق به بأعين طبعت بالأعجاب .. أنه وسيم جداً
ويكاد يغرقني في قاع محيطه
تقاسيم وجهه الساحره إلى جسده الرشيق الرجولي بالأضافة إلى شخصيته البغيضة والقاسية أصبحت كالمسكر
فهي كالمخدارت أتخبط بدونها
هززت رأسي في محاولة لطرد هذه المشاعر اللعينة
لا أعرف ما الذي حل بي فلقد فقدتُ رشدي منذ مدة طويلة وبتُ أتلصص عليه
و أسترق النظرات إليه
أبدو كالمراهقة المغفلة ..فلقد علقتُ وعلق قلبي معه
وضعتُ أناملي على خداي وهززتُ رأسي كالمجنونة
وأنا أرهُ ينخفض ملتقطاً كوباً من القهوة من ثلاجة المشروبات الحارة
أبعدتُ كفي عن وجهي لأضعها على كتفي سلوى قائلة برنة تغطت بالمشاعر المرهفة:" وسيم , رائع .. قلبي الصغير لا يتحمل "
انبثقت شهقة قوية منها
وهي تصفع كتفي بشدة قائلة بصوتٍ صارخ : " لقد سحرك , آأنني أجزم أنه قد وضع لك سحرا , أنه السحر اللعين ليس غيره .. "
كورتُ شفتي مدخلة كعب حذائي في مقدمة قدمها ضاغطة عليها بقوة
قائلة من بين أسناني : " أخفضي صوتك "
عضت على شفتها السفلى صائحة وهي تبتعد عني ضاربة صدري بكفيها
أتسعت شفتيها عن إبتسامة ابتلعت الدعابة المستهزئه : " لقد رمى السحر بعد سحرك به في المحيط الهندي.. لكي لا يستطيع احداً ما فكه عنكِ... وأيضاً لكي تصبحي مجنونة وعبدة له......بالأضافة إلى أنه يريد أستغلالك في خططه الهوجاء للأستيلاء على المشفى "
سحرني ؟ هل من الممكن أن يفعل ذلك ؟؟
ياليت!!
بالطبع لا !!
فهو لا يتقاعس عن تنفيس غضبه واستيائه مني
وكأنني مجرد كائن يتلذذ بتعذيبه وتحطيمه
فكيف يفكر بسحر فتاة خرقاء مثلي , تبا لهُ!
حركت كفيّ امام وجه سلوى بتعابير ضاحكه : " سيقوم بسحر بقرة وليس أنا "
حركت سلوى شفتها السفلى إلى الأسفل بوجه تذوق الغضب : " أسمعي يا أمل , لا تنسي أبدا من أنتِ ومن هو عامر .. عامر من طبقة تختلف عن طبقتك فلا تجعلي قلبك يركض خلفهُ .. إلى جانب أنه رجل قاسي يحمل الكثير من الغموض "
قوستُ شفتي إلى الأسفل بوجه غاص بالعبوس
أعرف أن عامر رجل قاسي... متكبر
ولكن لا أنكر أنه رجل خارق الذكاء ومجنون بعمله
بالرغم من ذلك فالكل يحمل له الضغينة
بسبب مزاجه الحاد وجلافة طبعه وصراخه الذي لايتوقف ومعاملته القاسية إلى جانب انعزاله
***
تشبثت راحتي على خدي بموجة من النعاس
لتسدل ستائر أجفاني غطائها على مقليّ بأحلام يقظة تتسكع في رأسي
تزلزلت الطاولة من تحت مرفقيّ بصدمة أطاحت بوجهي عن كفاي
ليصطدم ذقني بالسطح الخشبي
قفزت الأنات إلى حنجرتي وأنا أصيح بصوت متألم .. باكي
وبشدة ضربت أصابعً نحيلة خشنة خشب الطاولة لمرة ومرتين وثلاث
إلى أن أصبحت قبضة لطمتها بقوة
رصصتُ أجفاني قاضمة لشفتي باسناني
رافعة رأسي نحو الجسد الضخم إلى أن وصلت لوجهه المكفهر الذي يبعد عني بمسافة قدماً واحدة
أزدريتُ ريقي أحدق به بعينين امتصى الدموع
اعتلت شفتيه إبتسامة تشربت الغضب وهو يقول بإستخفاف: " هل كان الحلم جميلاً؟ "
أبتلعتُ ريقي بأكتافاً أرتفعت إلى الأعلى
وبصري يهوي على سطح الطاولة خجلاً .. يا إلهي !
لماذا سهرت بالأمس ! ولم أنم باكراً !.. تباً !!
أنتهت المحاضرة وخرج الجميع
ألتقطتُ حقيبتي رافعة جسدي على الكرسي
جاءني صوته الغليظ ليصر في أذنيّ :" أستاذه أمل.. أبقي مكانك ولا تخرجي "
رفعت بصري نحوه بوجه كستهُ الدهشة
لآقول بصوتٍ منخفض حمل نبرت الأستغراب :" لماذا؟"
أحتضنت ذراعيه صدرهُ العريض بحاجبين تعلقا في جبينه
وبعينين ارتشفتا الهزل ..مشى متبختراً بمشيته .. بهندام أبيض وبنطال أسود ألتحفت به ساقيه الرشقتين
توقفت نبضات قلبي عن الجري وانعدم احساسي بانفاساً متسارعة.. متسابقة
لرؤيته واقفاً بجانبي ... ليجلس برشاقة على الطاولة القاطنة على جانبي الأيمن... واضعاً ساقاً فوق الأخرى
حركتُ أكتافي بإتجاهه أحملق به باعين رسمت التوتر
بنهيار مشاعري في صدري وتفجرها مخلفة ورائها خراباً عبث باحاسيسي
تموجت شفتيه بإبتسامة ملتوية ليقول : " النوم إلى جانب الأهمال , الكلام الزائد .. الأزعاج ... عمل مايريده عقلك فقط إلى جانب عدم الأستماع إلي "
ضغط على أسنانه بأجفانّ ضيقة مضيفاً : " ما الذي تريدين أن افعلهُ معكِ ؟ ما الحل ؟؟ بحثكِ لم تعريضه إلى الأن بالرغم من مضي أيام عديدة على موعد الألقاء "
زفرتُ نفساً حار ملتهباً حرق صدري وأنضجهُ
الغضب بالأضافة إلى الأنهيار النفسي على الخوف والتردد بجانب الأهمال وتراكمه على ظهري
الذي يكاد يوصلني إلى الهاوية
تشكلت عقد رفيعة بين حاجبي لآقول: " لستُ كسولة ولا مهملة .. فقط "
توقفت حنجرتي عن ضخ الكلمات عبر حبالها الصوتية
ونظراتي معلقة بنظراته المتخرقة لحدقتي وكأنها تقرأ وترى مايحدث بداخلي من حروب دموية
هز رأسه وقال من بين شفاه أرتدت القسوة :" فقط... ماذا؟؟ يا دكتوره لا تبرري لنفسك "
رفع جذعه عن الطاولة لاطماً بخطواته الصاخبة الأرض متوجهاً نحو مكتبه في أول القاعة
رفعتُ أناملي المرتجفة إلى وجهي ماسحة زخات العرق التي بللت جبيني
بتدهور اعصابي التي تكاد تنفلت من شدة الشد عليها
أدار بجسده نحوي وهو يشير بأصبعه السبابة بإتجاهي قائلاً : " أريد ان أرى شرحك لبحثك بعد نصف ساعة من الأن , أبقي هنا وحضريه إلى أن أعود "
وبسرعة حثى الخطى للخارج ..وخرج
ولم يعد !
أتمنى بحق أن يخرج ولا يعود.. إلى أن تنتهي هذه السنة على خير وينتهي عذابي معه
أنه مجرد خطأ ... فلقد أخطأت فانا لا احبه أبدا
أنا أكرهه , أبغضه.. وأريد قتله بيدي.. أنه كريهه جدا
فما هذه المشاعر الا مشاعر !!
تاهت أفكاري بعقلي في دوامة من الدهاليز
بحق فانا لا أعرف ماحقيقة مشاعري المجنونة هذه
والغبية التي تجعلني غير قادرة على توقيف نبضات قلبي الوتيرة عند رؤيته
فشخصيتهُ اللعينة تجذبني كالحمقاء نحوها
إلى جانب جماله فهو مهلك ويكاد يقضي عليه
أرتفعت اناملي إلى حجابي باظافر أنغرست في قماشه
لا يعقل كل شي فيه جنون
لا استطيع تمالك أعصابي وهو بجانبي ويكاد يغشى عليه بسبب الكم الهائل من الدمار الذي يخلفه جوده في نفسي
مضى الوقت بمكوثي أمام الحاسوب اتنقل بين عبارات تقريري العتيق
فما تخاذل نفسي عن شرحه ما هو الا خوفي من الوقوع في الأخطاء بسببه
فهو قد بات يوترني ويعكر صفو مشاعري
لا أحب هذه المشاعر المزعجة , اللعنة عليها
اخرجتُ قطعة كبيرة من الحلوى الصلبة " المصاص" من حقيبتي
ووضعتها في فمي أُسلي نفسي بها وأنا أعمل على كيفية شرحي لبحثي
لم أكمل ثانية واحدة منذ أن وضعتها في فمي الا والباب يفتح وجسدهُ الرشيق يمر من امامي
أتسعت حدقتي لرؤيته يجلس وراء مكتبه ممشطاً شعرهُ بأنامله وقد أرتدى نظارته الطبية
لأبتلع قطعة الحلوى الدائرية
أختنقت أنفاسي وتلون وجهي بالحمرة
وأنا أحاول التنفس في محاولة لدحرجت القطعة العالقة في حنجرتي إلى معدتي
ولكن لم أستطع لكبر حجمها وضيق بلعومي .. يا إلهي !
حاولت التنفس بشهيقاً وزفير
ألتقاط أنفاسي التي باتت تشد الخنق عليه
انسكبت دموعي على وجنتي لألام تقطع حنجرتي بقطعة الحلوى
تصبب العرق من على جسدي بأنفاساً مرهقة
بكيت بصمت بدموع تحرق خداي
إلى أن خرج صوتي وتحرك جسدي ينادي بالنجدة
تركزت عيناه عليها بألتصقى حاجباه الرفيعان
وهو يرمي مابيده مهرولاً بإتجاهها
وقف جسده أمامها بعينين أصطبغتا بالذعر
أرتفعت كفيه نحو جسدها لتمسكاه
ولكنهما توقفتا في الهواء مستوعبتا حرمته
اضاق عينيه وهو يصيح بها : " مابكِ ؟؟"
تحركت كفيها إلى حنجرتها ممسكة بها ضاغطة عليها
بعينين أختزنتا الحمرة وبدموعً تتساقط على وجنتيها بغزارة
انفتحت شفتيها وأرتعشت بشهقاتٍ متتالية
إلتبس وجهه المعرفة..وقد حرز بما تعانيه
بتوتر حلت كفيه على ذراعيها النحيلتين المغطيتين بالبياض
ممسكة إياها بقسوة
وهو يدير ظهرها ناحية صدره
طوقت ذراعيه خصرها من الخلف مثنياً بجذعها قليلاً إلى الأمام
واضعاً ذراعيه تحت صدرها إلى جانب وضعه لكفه الايمن عند أعلى السره ليضع الأخرى عليها ضاغطاً بكل بقوته لداخل بطنها وإلى الأعلى
في محاولة لاخراج القطعة العالقة في حنجرتها
جرى الهواء في حنجرتها لتندفع القطعة راكضة إلى الأعلى خارجة من فمها
ساقطة إلى الأسفل مصدرة ضوضاءٍ
بأنفاساً لاهثة مقطوعة وبجسداً فقد قواه انطرحت على صدره تعيد أنفاسها المراقه
تحرر جسدها من نوبة الهلع التي خالجتها
تصادمت أسنانه ببعضها
بنبضات قلب متسارعة .. وهو يثبت جسدها عليه بشدة مانعاً إياهُ من الأنزلاق والسقوط أرضاً
بجسداً حمل التوتر.... ارتعش
وارتفعت الحرارة بين خلاياه حتى كادت تحرقها
ألتهم الهواء بصعوبة
بمشاعراً صفعت وجهه وهو يدفع بجسدها عنه
في محاولة لإعادة أحاسيسه المجنونة إلى موطنها الصحيح
تحركت بجسدها بقدمين متعثرتين إلى الأمام
وأناملها تتشبثُ في الطاولة المقابلة لها بجانب جسدها الذي حط عليها في محاولة لأستعادة توزانها بأنفاساً.. مرهقة.. متعبة
تجهم وجهه وهو يطوق جسده بذراعيه موشحاً بوجهه عنها
بخطى متوتره اتجهّ إلى مكتبه مختبئاً ورائه
ارتفعت أنامله إلى خصلات شعره وغاصت فيه
مبعثرة إياها مبعدة الموجات السالبة عن جسده
تقوست شفتيها بأسنانّ حفرة على شفتها السفلى بأعين متسعة غمرت بالتوتر والخجل
نبضات قلبه التي أصطدمت بظهرها منذ لحظات أربكتها
وأفاقتها من صدمة ماحدث منذُ دقائق ... جاعلة جسدها ينكمش ..
****
ارتفعت كفاي نحو وجهي صافعة إياه وأنا أشتم نفسي
كيف لي أن أريه وجهي بعد الأن!!
كدتُ أبكي وقدماي ترتجفان وأنا ألقي تقريري عليه
وهو يحدق بي بأصابع تشبثت على خده
وبنظارةٍ طبية تعلقت على أعين الحور
شعر بإرتباكي المنبعث من حبالي الصوتية
ولكنه أستمر في صمته ناظراً إليه بنظراته المتعالية منتظراً تكملت ما بدأتهُ
لم استطع فصوتي أبى الخروج بتقاسيم وجه سكنها التوتر
ضربت كفيه الطاولة بعنف وهو يهم واقفاً قائلاً بصوت تغلف بالضجر : " ليس لدي ما اقوله "
ورحل لاطماً الباب وراءهُ
أرتفعت أصابعي في الهواء ضاربة ذراتهُ لتنخفض كقبضة إلى الأسفل ضاربة الطاولة البنية القابعة تحتها
صدرت من ترفه الجالسة قبالتي صيحة مرتعبة وهي تقول: " مابكِ؟؟"
تحركت أصابعي إلى وجهي وأحتضنته مدخلة اظافري فيه .. هززتُ رأسي محملقة في ترفه
صرخت وقدماي تضربان الأرض : " هو المعتوه , البغيض, الوحش , حثالة المجتمع .. لقد لق..د "
صمتُ باعين سكنها اللمعان
وعقل يعيد شريط ماحدث منذ ساعات
حركت ترفه كفها أمام وجهها
وهي تعيد نظراتها إلى كأسها مرتشفة منه قهوتها الحلوة قائلة بصوت يكسوه الضجر : " للمرة المليون إعدتها , كدت تموتين وهو أنقذك يال البطل المغوار , إلى جانب أنه يصرخ عليك طوال الوقت "
صمتت بشفاه أرتفعت إلى الأعلى راسمة السخرية وأضافت بصوتٍ ساخر :" تحبينهُ , اعرف ذلك .. من لا يعرف حبيبك الحثاله هذا "
ضربت كفي اليمنى كتف ترفه وأنا أعبس بوجهي قائلة:" الحثاله انتِ "
أشرت بيدي يميناً وشمالا موقفة الحديث في هذه الموضوع : " غيري وجهة الحديث "
ألتهمتُ الحلويات إلى جانب الأسكريم والكعك إلى أن شعرت بالتخمة
إلى أن جن عقلي ووصلتُ إلى مرحلة الهلوسة
وضعت ترفه كفيها على رأسها بوجه تلون بالغضب وهي تكاد تصل إلى حافة الجنون
وكأن مصيبة حلت على رأسها لضحكي المتواصل بكفين تخبطان على الطاولة أمام حشد الناس المتواجد في المقهى
وضعتُ رأسي على الطاولة ألطمهُ بها في محاولة لأستعادة رشدي
والتوقف عن الضحك وقول الشتائم
أرتفعت كفاي ترفه إلى الأعلى وهي تمسك بذراعيّ قائلة من بين أسنانها : " تبا لكِ .. لقد وضعتي رؤؤسنا بالتراب ..كنتُ ازجركِ عن أكل الحلويات ولكنك لم تستمعي إلي , والأن ما العمل؟؟ يا إلهي!! الناس ينظرون إلينا "
غرست اصابعها في معصمي وهي ترفع جسدي خائر القوى عن الكرسي
صرت أرجل الكرسي ورائي وأنطرح أرضاً
هتفت بصوتٍ ضاحك : " دعيني سأمشي لوحدي "
ألتفت وجهها نحوي بغضب تموجت به عينيها وصرخت حنجرتها بشدة : " لا لن ادعكِ لآنك ستفتعلين مصيبة أخرى .. لقد فضحتينا بما فيه الكفاية حتى الأن "
جرتني ورائها وهي مسرعة الخطى فمشيتُ خلفها بقدمين متعثرتين بقهقهة ضجت بها حنجرتي وخروج كلمات لايفقها عقلي
أسندتُ جسدي على مقعد السيارة بدموع ترقرقت في عيني من الضحك
وترفه تأخذ أنفاسها بصعوبة من شدة القهر
أغمضت عينيها وهو تزفر بغضب.. بذراعين تحركهما من الأسفل وإلى الأعلى بحركة دورية
وهي تقول من بين شفتين غاضبتين : " هيا! خذي أنفاسكِ بشهيق وزفير "
حاولتُ تنظيم أنفاسي مع أنفاسها الغاضبة
إلى أن هدأت في فترة زمنية قصيرة
ضمت شفتيها بوجه هطل بالتساؤل وهي تهزه قائلة : " كيف أنتِ الأن؟؟"
حركتُ رأسي مبتسمة وأنا أرخي جسدي على المقعد إلى أن غرقتُ فيه :" جيد, استعدتُ وعيّ قليلاً "
رفعت كفيها مثبتة الحجاب على راسها وهي تقول : "أذن, هيا دعينا نعود إلى الشقة "
وضعت رجلي على الفرامل وأصبعي على زر تشغيل السيارة .. فأشغلتها منطلقة ...
حاولت التركز وأنا اشعر أنني لستُ بوعيّ
ولكن عقلي معي قليلاً
وقفت أمام المشفى لأرتجل من السيارة ذاهبة لأخذ بعض الأوراق المهمة..
*****
وضعت ذراعاً فوق الأخرى معانقة لجسدي الذي بدأت البرودة بتسلل إليه
بأعين تجوب المنطقة المحيطة بي
شارع مظلم تلوحه مصابيح تعبر ذارت الهواء راسمة أقواس من الأضواء الضبابيه
خيالات أشخاص تطوف يمنة ويسرة وكأنهم سراب
خرجت أنفاسي لتنقش على زجاج النافذة بقعة ضبابية من البخار
تحركت أناملي نحوها لتمسحها مخلفة ورائها بصمات أصابعي
أمسكتُ مقبض الباب لأفتحه خارجة من السيارة
الأجواء باردة والهواء يلفح بشرة وجهي إلى جانب الطرقات المليئة بمستنقعات مياة الأمطار
مشيتُ على الأعشاب بعيداً عن بحيرات الأمطار الصغيرة
ووقفت بعيداً عن بوابة المشفى الرئيسية
أنتظرُ خروج أمل مع صخب الداخلين والخارجين
مشيتُ قليلاً ووقفت تحت انارات مصابيح منتزه المشفى ونظراتي تتبع البشر
اتسعت حدقتي بوجه تغلف بالصدمة
وأنا احدق بالرجلان اللذان يبعدان عني بمسافة قصيرة بأصواتٍ خافتة يتناقشون
سقطت عيني على عينيه
لتتوقف شفاهه عن الحديث بتجمد تقاسيم وجهه التي تكنفت بالصدمة
تعلقت أنفاسي في صدري وتوقفت رئتي عن تزويد صماماتي بالهواء
وأصابعي تلتصق بشفتي بشهقة صدرت من حنجرتي
نهاية المعانقة التاسعة
|