كاتب الموضوع :
حلمْ يُعآنقْ السمَآء
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
بِسمْ اللهِ أبتدأ
بآركَ الله لنآ و لكمْ عشرةْ العتق من النآر و رزقنآ فضل ليلةْ القدر يآربْ
أحبتيِ .. عندْ الـفرآغ فقـط .. كونوآ معي
الإدآنة الثآنية
أتفاءل رغم الأحزانْ
وأمامي دجله عطشانْ
وطني ينبع بالخيرات
وأنا عريان جوعانْ
جدّي سنَّ شرائعَ كبرى
وأنا أحيا دون أمانْ
كم من عيدٍ مرَّ وراح
وليالينا دون صباح
الفتنة بدل الأفراح
خطفٌ ودموعٌ وهوانْ
للمخبز ذهب الأولاد
أخبرني من حيّاً عادْ؟
عيسى محمود آزاد
فمتى نضحكُ يا بغداد
والقلب حديقة أحزان؟
**
كريم العراقي
يجلسـان متقابلين على الأرائك و الافكار الجديدة تتناوب بين عقليهما ليفصحا عنها بسرعة ، من دون اي محسنات لفظية او منطقية علهما ينجحان بـ حل قد ينقذ رفيقهما المتهور ،
لم تكن اي من تلك الافكار متكاملة المحوى ولا حتى المظهر ، لذا لم يكفا عن الاستنجاد بأخرى ، حتى اصابهم القنوط اخيرا
صمت كلاهما قليلا ليستطرق بعدها آلن : تتوقع ليش تزوجها ؟
لم يجبه ، و لكن نظرته فعلت ، فإبتسم بـ سخرية معقبا : و ملقى غير بت ' كتااال خواته ' على قولته حتى يحبها ؟
اعترض الاخر : مو لدرجة الحب ، عاد انته لتسويه فلم هندي
قرر إستفزازه : لا طبعا ، اصلا اني ما اعرف بهالسوالف خليت الحب لاهل الحب ، إنته ادرى
علم منذ البداية بإن الحديث سيساق لهذا الجرف ،، فـ هزة واحدة كفيلة بأن تهوي به اسفلا ، لم يهتم بمتابعة الحوار ،
عكس آلن الذي أحب اللعبة : مسووين نفسهم بس همة وبس ، و بعدين من حبوا الدنيا انقلبت على روسهم
تبا لك آلن ، تعشق التطاول بـالمزاح ،
استند برأسه على مسند الأريكة فـ صار يتابع تقاسيم السقف مجيبا بدون اهتمام : آلن ترة مو مال شقة هسة والله
اصر اكثر : و منو قال دا اتشاقة ؟ ، أصلا لعلمك اني حاس بعلي متغيير من اول مطلعت البنية من جديد ، و من قارنته بتصرفاتك إفتهمت شنو الي مغيره ، ' بسخرية اردف ' سوودة علية حتى هوة الي مينجرع مقدر يقاوم قلبه
هزء عمر إلا إنه لم يستطع السيطرة على إبتسامته معيدا بثقل رأسه فوق عنقه : تدري انته صاير زعطوط ، إحنة بيا حال و باوع سوالفك التافهة
هو الاخر إبتسم ولكن بإلتواء : قصدك هوة بياحال ، لإن حضرته ميريدنا نتدخل
أجابه : ها ، لعد صارلك ساعة تدور على حل المن ؟
رفع كتفيه بلا مبالاة : قلبي رهييف ميتحمل ، المهم ، هسة قلي ،، شنو رأيك بفكرتي ؟
ليهز رأسه مستفهما : يا وحدة منهم ؟
استطرق : الاولى و الاخيرة ، يطلقها و يجيبها لبغداد وهية ترجع لأهلها ، وتقللهم عبد الملك الي جان ماخذها و فضت خلصت
بـ روية اجابه : هوة هذا الافضل ، بس فهمني اذا هيجي شرح يستفاد علي ؟ إنته متعررفه قابل ؟ هسة يقلك دم خواتي و ثارنا و قاسم لازم ينذل ومن هالسوالف
استطرق : اقلك بعد شيريد يسوي ، بنية مخطوفة بيوم عرسها و اختفت 3 اسابيع ،، ترة هسة صايرين علج بحلق العالم ، و هذا كافي
وضح له : لا حبيبي هذولا محد يعرف بمصايبهم ، يدسدسوها بينهم ، بس قول الحمد لله لإن هية المسكينة مالها ذنب
هز برأسه متفهما باللحظة التي دلف بها علي المطبخ ، تفوح منه رائحة السجائر المقرفة بالنسبة لآلن الذي يعاني من ربو مزمن ،
إكفهرت ملامحه ليستقبله : ها ؟ شبيهم ؟
لم يجبه بل إقترب ليتخذ لنفسه مقعدا قرب عمر ، تبادل الن نظرات الغيظ مع عمر الذي طلبه ان يكظمها لوهلة ففعل ، قليلا ثم إستطرق علي : متريد ترجع لأهلها بعد الي صار
صدم الاثنان و آلن افلت الكلام بلا شعور : ليش يا ناقص هوة شصار ؟ شسويتلها انته ؟
حذره بـ : ألن اكل *** واحتررم نفســك ولتتدخل بالي ميخصــك
ليصرخ الاخر بعد ان هب واقفا : يااا نفس الي احترمها ؟ جان احترمت نفسك انته ، مو بس فالح تاخذ الناس بصياحك ،، و احنة دنقول لازم تطلقها ،بس اذا حضرتك متزوجها صدق فـ *** بيك و برااسك ، طبعا متريد ترجع بعد ، شتقوووللهم اذا رجعت ؟
ليستقيـم علي و الشرر يقدح من مقلتيه ، فما كان من عمر الا ان يقف هو الاخر تحسبا لأي شجار ،
و بالفعل قد تعالى صوت علي مزمجرا : آلن انتته معلييك ، قتلك لتتدخـل ، شنو زماال ؟
فلتت اعصاب الن ليتقدم منه : انتته الزماال ياحيواان ، موصوجك صوجنا احنة الخايفين عليك يا****
منذ الامس و هو ينتظر شخصا كي يفرغ به غيظه من ذاته ، و الاحمق هذا قدم نفسه على طبق من ذهب ،
عمـر تركهما مع الشتائم التي تقاذفاها وهما يتناوبان بـ اللطمات ،
في نهاية الامر وحينما وصل بهما الشجار ذروته قرر التدخل .. فـ دس بجسده بينهما و وجهه مقابل علي فدفعه بصدره بقوة لتهتز وقفة الاخير ثم يثور مجددا فـيرمي بقبضته القوية فوق كتف عمر الذي صرخ بـ وجع و هو يتلوى مبتعدا !
صـدم علي فـ ثبت مكانه و آلن ركض نحو المتضرر و السباب لم يتوقف نحو المضر الذي تسآءل بحدة : شكووو شبييه ؟؟
كان منحنيا للاسفل و يساره تمسـك اعلى ذراعه اليمين كاتما اصوات الوجع التي أنت بالمنطقة ، ابتعد عن ألن بقـوة حين حاول الاقتراب منه ، احتاج لبرهة كي يستعيد تماسكه وهو يستقيم امامهما : تدرون ماكو زمال غيري لإن دا افاكك بينكم ، طبكم مرض ، خلي واحد يدمي اللاخ اني شعلية ،، آخ !
بقعة الدم التي لونت القميص دعت علي لإن يفجع : لك شنو هاي ؟ قابل ضربتك طلقة !
ليصرخ به الن : هوة البارحة مضروب بدرنفيس ياحيواان
ليـقابله علي بصراخ ينفي علمه بالامر ، و استمرا حتى إبتعد عمر ليلج خارجا و يده ما زالت تتوسد كتفه بـ وجع ،
و قبل ان يصل الباب الخارجي رن هاتفه بطنين ازعجه فوق صراخ رفيقيه ،
وقف قليلا فأخرجه بهدوء ، كانت أخته أية ، أجابها بركوز يـضمر خلفه الألم : ها ايوش ؟
جاءه صوتها مبتورا لشدة التوتر : عمر انته وين ؟
تراخى صوته : قريب ، شكو ؟
لتجيبه بـ ذات التوتر : تعال للبيت بسرعة ، هاي زينب و امها جوي و شكلهم ميبشر بخير !
؛
حالما وصل المنزل اكفهرت ملامحه أكثر من ذي قبل ، و كإن اليوم يأبى أن يـرحل ، تاركا أخر ليزحزحه من رزنامة الـعمر ،
مليئا بالتناقضات كان ، بدءا بـ ترقب نهاره ، لـ إرهاق ليله ،
و كي تكتمل مسبحة المواجهات عليه الآن أن يقابل زينب !
هنالك في الأفق الطاهرة يلوح ذنبه ليدنسها ، مـزق رسمة الاحلام التي أبدعت بها تلك الـ بريئة ، و هاهو يتكاسل عن تحمل العواقب
دلف المنزل من الباب المؤدية للمطبـخ ، فعليه أولا تبديل قميصه الملوث بـ الدماء ، تبا لـ علي الغبي !
لقـد أشعل فتيلة الوجع القصيرة بـ كتفه مجددا ، و لشدة تعب هذا اليوم تراه شعر بالألم بـشكل مضاعف لما احسه امس
قابل ميس و أية تجلسان متقابلتين على طاولة الطعام و كإنهما تترقبان حضوره منذ الأزل ،
ميس إستقامت بسـرعة ما إن رأته لـ تهمس عجلة : هاااي شبيه قمييصك ؟ عززة ليش دتنزف ؟
أشار لها لتهدأ ، و هو يستفهم : بعدهم هنا ؟
هذه المرة أية من تحدثت وهي تتابع امارات التعب البادية على ملامحه : إي ، بس عمر ترة امها صدق معصبة ، دير بالك
فك الازرار العلوية للقميص وهو يكشر بـ وجهه هازا رأسه بتفهم خفيف ، سأل مجددا : ملك وين ؟
فتطوعت ميس بالأجابة و هي ما زالت تراقب اثار الدماء : راحت لبيتها
خيرا فعلت !
تحرك مارا بالممر المؤدي للسلالم و افكاره متوقفة ، اتعب عقله اليوم ، و عليه هو الاخر ان يأخذ إجازة قصيرة ،
لم يفكر بشئ ، و سيترك كل الامور لـ وقتها !
؛
عندما انتقل صوت خطواته الى الدور العلوي تحدثت ميس بـ ضيق وهي تلتفت نحو تلك التي مازالت قابعة فوق مقعدها : اقلج والله اني مقهورة على زينب ، خطيــة ، شنووو ذنبها بنص هالهوسة ؟ و هاي لينااا الخبيثة ، عفيـة من قبل واني من الله اكرهها ما اعرف ليش وهسة عرفت
تركتها تكمل جملتها ثم اختارت ان تتبع خطى والدتها و اخيها ، فـ اردفت بـ تعقل : لينا معليها بشي ، الصوج صوج زينب ،، المفروض هية متتنازل عنه ، لو تحبه صــدق متتحمل اي وحدة تقترب منه ،، والله اني لو محمد يفكر بس بهيج فكرة اقلب الدنيا على راسه
اصابها الضيق اكثر : يعني لإن فقيرة صارت متحبه ؟ هية مراادت مشاكل ، ولتحاولين تقنعيني لينا معليها ، المفروض هية متقبل تخرب بيت احد حتى لو اخوها مات مو بس دخل بمشكـ ..!
لـ تقاطعها أيـة بـ منطقية : اولا هالحجي حرام ، و ثانيا فـ شوفي ، مهما يكون زينب اذا انفصلت عن عمر عدهه امها و ابوها واخوها وخواتها ، شوفي شقد ماشاءالله ،، بس لينا ماعدهة بعد الله غير عمر ، ما عدهه لا اب ولا ام ولا حتى اخوان تفضفضلهم لو تذب حملها عليهم
بـ نرفزة فتاة عشرينية استطرقت : لعد تذب حملها على اخوية و تكسر ظهره وتخرب بيته ؟
إستطردت بسرعة : و ها .. بعدين عدهاا علي ، لتنسين
بذات الاسلوب المتفهم اجابت : يعني متعرفين علي شقد مكروه ؟ و ماما قالت هوة داخل بمشكلة و خايف على اخته
لتعود فتقاوم ذلك القبول الخفي : ايي يبقيها ببيت عمامهم ، احنة شعليناااا ؟
إعترضت : حرام عليج ،، تخيلي نفسج بمكانها ، والله تقهر ،، يعني انتي مستعدة تبقين ببيت خوالي عمرج كله ؟
لتستفهم الصغيرة : و لييش عمري كله ؟ أكيد تنخطب و تتزوج
بثبوت في مستوى الصوت المقنع استطرقت : ترة المفروض تعصبين على عمر ، لإن هوة الخطبهاا ، شبيج انتي و اختج تحجون بس على بت العالم ،، قابل هية خطبته ؟
لتجد سببا جديدا للظغينة : إيي ذكرتيني بـ ملك ، شفتيها شلون عصبت على عمر و ماما ، أني متأكدة اكو شي بينهم بس محد ديقول ، و حجي ملك الي ديخليني اضوج منها اكثر ، يعني اكيييد تعرف عنها شي لذلك مموافقة عليها ، مو بس علمود زينب
وجدت إن أفضل الحلول هو الإعتراف بذنب إقترفته منذ مدة ، بلا سابق من الإصرار ، بل كان خطأ غير متعمد البتـة ،
عل ما تلقيه فوق مسامع شقيقتها يفلت سكين الحقد المرفوع بكفها و المجهز لذبح رقبة تلك الدخيلة ،
مالت برأسهـآ نحو الامام لترسل حروفها بهدهدات خفيفة : ميس .. ترة عمر .. يحب لينا
و كإنما تلقت صفعة لتـثبت مكانها صامتة ،، أستطرقت بسرعة أية : شوفي والله مو قصدي بس قبل فترة سمعت عمر يقول لماما انو يريد يخطبها ، و بوقتها ماما حجت عليه و عصبت و زعلت
لتجد القليل من الصوت فتهمس به : إي والله ، جنت اسألهم شبيهم ميقولون
لتكمل الاخرى و هي تراقب الممر لئلا يظهر شقيقهم و ينسل لأسماعه الحديث : اي و من الحجي افتهمت انو هوة يحب لينا من قبل ، بس ما اعرف ليش مخطبها ، و هسـة إنخطبت و علي موافق لإن لازم يزوجها و يأمن حياتها و عمر شاف نفسه مديقدر يعوفها لإن بعده يريدها و يحبها !
و بشرود اضافت : تعرفين يمكن اسبوع اني مريضة من الي سمعته ،، تتذكرين من جتي ملك و لحت تريد تعرف شبية ، هوة جانت هالشغلة شاغلتني ،، حتى محمد لاحظ تغييري بس قدرت اضم ' أخبأ ' الموضوع .. بس هسة قتلج حتى لتلومين بس لينا ، عمر هوة الي رايدها
ثم ابتلعت لهاثا سريعا و كإنها نجحت بإنهاء مهمة مستحيلة ، لم تتوقع ان تنطق بذلك السر الذي عاهدت نفسها ان لا تبوح به ، إلا إن غيظ ميس اجبرها على نكث ذلك العهد
فـ لربما هنالك سعادة تختبأ خلف ستار الزواج الصوري الـمتسم بالغباء الذي انعقد بين العمر و اللين !
و كإنما إسمها جاء ليصف النابض بصدر عمر ،
فحتما هو لين القلب ،
بينما إسمه .. فلا صفة تشركه بها .. حتى الآن !
فلت تساؤل من بين شفتي اختها جعلها تدرك فقدان حلقة في تلك السلسلة ،، لتبقى متدلية النهايات تنتظر من يتفضل عليها بتقديم ما فقد للوصول للإرتباط الحقيقي : زين إذا يحبها و هيجي رايدها .. ليش خطب زينب من البداية ؟ يعني احنة من يومنا نعرف علي و اهلها ، اكيد لو طالبها من ابوها الله يرحمه او حتى من علي جان محد قال لأ ، فليييش مرادها ؟ طبعا اكيد ملـك تدري ،، لهذا تكرهها
لتستطرق بسرعة : و بعدين هوة شيريد هسة ؟ يعني يريد يتزوجها بس هيجي علمود تبقى يمنا وبس ؟ لو علمود تصير مرته صدق ؟ زين ليش ماما قالت رح تقعد يمنااا بنفس الغرفة اذا جتي ؟ و حتى عرس و هوسة مرح يسوون ،، فهميني شنو هالتناقض ؟ لو يحبها على الاقل يخاف على مشاعرها و يعاملها مثل اي بنية دتتزوج !
عادت بجسدها خلفا لتدفع ظهر المقعد بصمت ، و ميس اكملت : عفية شنو هالدوخة ؟ بس هسة ضجت اكثر ، كرهت عمر ،، لييش خطب زينب و ورطها و هوة يحب غيرها ؟ حرااام عليه
هزت برأسها موافقة على حديث نطقت به هذه الثائرة : اي ، زينب انظلمت والله ، بس هم صوجها ' ذنبها ' ، جان لازم متسكت عن حقها
علقت برعب وليد فكرة استحضرها عقلها فجأة : تتوقعين زينــب عرفت انو يحب لينا ؟؟ لهذا جايين هسة و معصبين ؟
لم تجب سوى بهزة رأس طفيفة ، فلسوء الحظ
هذا ما فكرت به منذ قدومهم ،
و الأتعـس .. إن هنالك خاطرا خبيثا بدأ يستفحل بداخلها ليجعلها تتمنى لو إن قصـة زينب مع عمر تطوى سريعا بـ كف زينب ، متمنية لقاتلها حياة هانئة مع إمرأة يحبها
و هذا المنطق !!
فـ عجب على أنثى ترتضي أن تكون الثانية بقلب رجلها و هي تمتلك حرية الطيران بعيـدا نحو فضاء أخر !!
وجدت إنها تتمنى صمتا أن تتبادر لذهن تلك الضحية اثارا سلبية موجعة قد تحطم فؤادها مستقبلا ، فـ اي إمرأة إن ربطت بمن لا يتمناها ستكون مجرد .. زوجة لعام ، و من ثم أما لأعوام
حيث يبدأ ثقب بينهما بالتوسع سريعا فيصير فجوة بحجم مجرة ، تفصلهما ليكون هو غارقا بكونه ، الخالي من كل شئ إلا أولاه ، تلك التي لم يحصل عليها يوما
فكيف سيكون الحال لو إنه حصل عليها ، و أصبحت الاخرى مجرد كتاب على الرف ، يأتيه بـ كسل ، فيتصفح أوراقه بذهن شارد ،، و عقل غائب ، و قلب يود أن يخترق الصدر ليمسك بيد مالكه فيـأمره برمي هذا الكتاب و الذهاب للتلذذ بـ كتابه الأول ،
ذاك الحاوي على اول ابجديات العشـق ، و اخرها
ذلك الذي لا يملله التصفح به ، و لا التقصي بين جنبات حروفه عن تفاصيل قد يجهلها البشر
فـ بعد كل ذلك ، كيف لا تتمنى أن تبتعد زينب ،
لتجعل نفسها الكتاب الوحيد .. بمكتبة من يستحق قراءتها !
.
.
.
سكينُ غدركَ بالحشآ يتربعُ
سلمتْ يدآكَ بقدرِ مآ أتوجعُ
حذرتُ قلبي من هُوآكَ و نآرهِ
لكنَ قلبيِ لآ يرى أو يسمَعُ
مآذآ بعـدْ ؟
تغطي بدنها بـ عباءة من هدوء ، و عيناها تترقبان الباب المشرع بـاحد شقوق تلك العباءة ،، اي بـ شديد من التوتر تنتظر إطلالة الرجل الذي اصبح بفترة وجيزة محور عالمها ؛
تود لومه ، عليه الاستماع لأنينها المتوجع إثر طعنته تلـك ، عليـه ان يتألم مثلها بالضبط ، بل و أكثر ، فهو الظالم هنا و يجب أن يعاقب ذاته
عرفته طيبا و ذا قلب رؤوف ، أنى له ان يكون ظالما كما يصفون ؟
كيف سولت له نفسه أن يجتث بيمينه سكينة غرسها مسبقا بظهرها المحني ؛
بعد عزمه على نكاح أخرى و اعلانها موافقتها و مباركتها ، تجد إن تلك من كانت الاولى دوما و ليست هي سـوى إمرأة ارتضاها بعد ان فقد امله بحلم قديم ،، و ما إن لامست خيوط الحلم واقعه الأصم القى بها من فوق كتفه راكضا وراء واقعا يحمل له الحياة التي تمناها منذ الأزل !!
ألم يفكر قط بها ؟
بـ مشاعرها و قلبها ، و الاهم من كل شئ بـ سمعتها ، تلك التي ستتقاذف ألسنة الفارغين لتجلدها إن طلبت الانفصال عنه بدافع دم الكرامة الثائرة لذلك الاستغفال ؟
ام ان بصيرته عميت الا عن اثار اقدام الحلم فوق رمال حياته الجرداء ليترك عقله و أولوياته وراءه فيركض خلف تلك الوصمات لـ كعبي ذلك الحلم ؟
و رغم وجودها كـ واحة نقية المياه ، تنتظره بخذلان أن يلتفت حدوها و لو قليلا ، علها تجتذبه بـ بريق مياهها الطاهرة ، و بـ إنعكاس شمس التفاؤل فوق سطحها الصافي !
هه ، فما غايته بـ واحة يرتشف منها عند العطش المهلك فقط إن شرعت امامه ابواب جنته بالارض ؟
بالتأكيد سيهرع فرحا ليدلف مكانا كان له فيه خيالات عاشقة ، فليست بشئ يقارن امام بساتين و سهول اللين !
إحتبست انفاسـآ مقضومة النهايات حينما دخل بـ هيبته الى الصالة ، يسبقه صوته الـ راكز وهو يحيي بـ : السلام عليكم
ردت النسوة التحيـة ، و هو إتخذ لنفسه موقعا استتراتيجيا للـتحكم بالجلسة و الجالسات ،، سأل والدتها عن حالهم ، و استشف الضيق من إجاباتها القصيرة
قرر الخوض بالمواجهة على أمل أن تكون الأخيرة لهذا اليوم حينها التفت نحو زينب قائلا بهدوء : شلونج ؟
لم تطأطئ رأسها خجلا ، أو تهرب بنظراتها بعيـدا ، و حتى نبضاتها لم تتغير نمطيتها ، أفعلا نجح في انبات الكره بقلبها الصغير ؟
تكتفت مجيبة بـ ثبات : مو زينة ،، و بدون رسميات و مجاملات ، عمر اني جاية اقلك شغلتين ، و لازم تسمعهم ، و هاي قدام امك و امي ، اول شي اني غيرت رأيي ، ما اقبل تاخذ هاية اخت صديقك
و توقفت عن الكلام لتقرأ تقاسيمه و تبحث جيدا بين أكوام الأنفاس عن صوت يخترق سكونها المنتظر ،
لكن ما سمعته كان صوت والدته التي اجابت عنه : يووم زنوبة قولي يا الله شنو الي غيرج ؟
لتطلب منها رفيقتها بكثير من الـخذلان : فدوة لعينج ام عمر ، خليها تقول الي تريده .. و الافضل نعوفهم وحدهم
لم تزحزح نظراتها من على الكتلة المتصلبة امامها ، طالبته هو بالكلام ففعل ، حيث كان صوته مشدودا بعض الشئ : جاوبي امي
رفعت كتفاها لتبين لا مبالاتها المصطنعة : فكرت ، و شفت ماكو ' عاقلة ' تقبلها على نفسها ، ماكووو !
ودت والدته ان تبقى بجانبه ، تعطيه دعما يحتاجه بشدة ، إلا إنها اضطرت أن تخرج مع رفيقتها لتتركاهما بمفردهما ، و قلبها يستشعر زعل هذه الصديقة التي لسوء الحظ لا يمكن لومها على ما تفعله !
ذهبتا الى حجرة الجلوس ، لتتقابلان بصمـت كاتم للأنفاس ، فـ كانت هي خجلة جدا ، و رفيقتها لم يبدو عليها سوى الرفض لقربها !
بينما الأخران ، فـ عادت الفتاة تختبر صحة ما سمعته بـ صوت خلا من الضعف : و إذا إنته حيل مضطر تتزوجهآ ، فـ لازم تطلقني ، يعني اختار ، يا اني .. يا هية
اطبق عليه السكون ،، فـ إرهاقه عسر عليه الحديث ، زفر بصوت مجهد ليجيبها بتعقل : غير افتهم شبيج يا عيني ؟!
اصرت : ما اقلك قبل لتختار ، ' و بنبرة أشد حدة ' عمر .. أني لو هية ؟
بطبيعة الرجال الازلية ، هنالك إستصغار دائم بأفعال النسوة ، ناقصات العقل و الدين .. اللواتي هن أمهاتهم ، و زوجاتهم و بناتهم اللاتي ستدخلهم الجنان ؛
لذا فـ هو لم يستطع فهم اهمية الاجابة بالنسبة لها ، فها هي تنظر له بـ ثبات متهالك ، تود أن تكذب كلام ملك و تطمئن بصدقه ،
و لكنه كان بخيلا جدا في ذلك ، و هذا ما جعلها تضعف ، فـ تحدثت بـ توسل هذه المرة : إنته حتختارني صح ؟ عمـر أني مرتك على سنة الله و رسوله و حرام عليك إذا ظلمتني ،، و اكيد مرح تضحي بية وانته بعدك ممرتبط بيها
ضغط فكيه ببعضهما ، ليقول بعد ذلك بلطف ومحاولة للتفهم : مجبرتج على شي ، إنتي وافقتي و ابوج هم وافق ،، زينب صدقيني متمنيت تتأذين من وراية
لـ تصدمه بتساؤل متلهف : و لو قلت لك هسة لأ ، هم رح تأذيني ؟
تغضن جبينه و نبضـة سرقت من صف النبضات على يد خفيفة لـ لص محترف ، اجابها بعد حين : زينب .. هالحجي بعد ميفيد ، اني عقـدت وخلص الموضوع
تهاوى قلبها لدرك من جحيم ، عبرت عن صدمتها بشهقة مرة بمرارة القهوة العربية ، بشكل تلقائي شقت الدموع طريقها فوق خدها الشاحب ، دلكت صدرها بـ كثير من الإختناق : بهالسرعة ؟ عمـر .. آآه
زم شفتيـه نادما ،
لم يتمنى يوما ان يحز سكينه فيذبح عنق الرحمة ،
لكنه و للأسف فعل !
لم ينجح في الخلاص من حب طفلة صغيرة ،، كانت له الكون بأسره لعقود
استقام من مكانه ليتحرك نحوها بخطوات راكزة ، و نظراته تنصب على إرتعاشة كفها وهي تمسح تلك الدموع المنسابة ،
جلس مجاورا لها فـ شعرت بثقله يجثم فوق انفاسها ، و توسلته صمتا ان يغرب عن وجهها الآن ،
لكنه أبى ..!
بل سحب راحتها اليمين و تكلم هامسا : أعرف انتي مقهورة ، بس زينب لتحمليني ذنب اني ممسويه ، إنتي وافقتي من البداية ، ولتقولين اني تسرعت لو شبسرعة ، إنتي تعرفين علي واقع بـ ـ.
قاطعته بنفور لتسحب كفها منه بقوة و ارتجافة صوتها كانت تطرق فوق ابواب الذنب برأسه : لتقووول علي ،، اخوها معلييه ، و مصيبته هم معليها
لتكمل بـ غل و جسدها يبعث حرارة استشعرها : إنتتته واحد كذااب ، تعرف شنو يعني كذاااب ؟؟
ابتلعت ريقها من بين ذلك النحيب لتكمل ورأسها يهتز كل حين : تذبهاا براس علي و انته انته الي رايدهااا ،، اذا تحبهااا لييش خطبتني ليييش ؟؟ فهمنـي شنو جنت اني ؟؟ غورتها بية فترة و هسة هية اقتنعت بيك وهاهية استفاديت مني و خلصت مهمتي ؟
تصلب كتفه و يده تهادت فوق ركبته ليقبضها بـ قسوة ؛
تبا .. من أين علمت بالامر ؟
ظل يتابع تخلجاتها وهي تفصح عن مكنونات صدرها بذاك الوجع الثائر ، فكإنما تدق مساميرا بقلبه بببق وهي لا تعلم
كم كره ذاته !!
يا الله ، كيف سيكون عقابي بعد فعلتي هذه ؟
يارب ، لا تفجع قلبي بإحبتي كما أفجعت قلب هذه المنتحبة
إستطرقت بـ تفكير شارد و مازالت تنوح بغل وحقد : والله جنت حااسة حيصير شي ، رغم انو جنت مرتاحة وياك بس قلبي جان يقلي انته مو الي ، مو بيـدي ، آه ،
لتلتفت حدوه مكملة : فهمني ، شنو ذنبي بقصتك الفااشلة ؟ شعلية اني ؟
بتفهم اجاب : لتبجين وقولي يا الله ، إنتي ليش مكبرة الموضوع ، إعتبري نفسج مساامعة شي ، زينـب والله العظيم كل الي تريديه تحصلين عليه ،، و اذا قصرت وياج بشي ذكريني
هزأت و بقوة ، و بذات النبرة الباكية دقت مسمارا جديدا : واذا قتلك اريد قلبك ، وهذا حقي
إبتسامة سخرية لاحت على طرف فمه و هو يحاكيها : والله محد غيرج يستاهله ، و لو بيدي جان كله صار الج ، بس والله العلي العظيم يا زينب الج معزة بقلبي بس الله يعرفها ، فلتستعجلين ، و لتلوميني على شي مو بيدي
تحدت ضميره الحي بـ : تريدني اساامحك ؟
بـ صدق طمئنها : حتى لو سامحتيني ، أني ما رح اسامح نفسي لإن عذبتج وياية
إبتسمت بإلتواء و هي تسحب ببعثرة كومة من المناديل الورقية من العلبة امامها ، فكرت قليلا ثم إستدارت نحوه من جديد ، ثم .. خاضت بلعبتهآ : بس مسامحتي رح تساعدك انو تسامح نفسك ، و اني مرح ارتاح الا لما توعدني إنوو زواجك منها يكون وقتي و على ورق بس ، مثل مـ هية قالت
عربـد الصراخ بـ تجاويفه ، و كاد ان ينطلق من بين شفتيه إلا إنه كبح لجامه بـ عنف ،
نعم هي مجروحة و هو الجارح ، إلا إنها بدأت تتمادى ،
و عليها ان تخرس قبل ان تتطاول اكثر على رجولته ،
فقرار إتمام زواجه او انهاءه يعود له بمفرده
كررت : لازم أأمن مستقبلي ويااك ، مدام تحبها الها يعني حكون لاشئ ، فلازم تطمني انو ورة متخلص مصيبة اخوها تعوفها لأ....!
أسكت نحيبها بـ تحكم : زينب ، ابقيها على ذمتي اعوفها هاي شغلة راجعة الي ، و انتي من انطيتيني الـ اوكي بعد ميحقلج تحاسبيني او تطالبيني بشي ،، و كوني على ثقة انتي مو لا شئ ، بس لازم تعرفين قيمتج يمي
لتسخـر وهي تستخدم المحارم لـ تجفيف تلك الخدود المنتفخة : بقيت بيها قيمة إنته
لثواني تسلحت بأحد الاقنعة الانثوية المتسمة بالدهاء ، و إن خسرت الحرب او إنسحبت بخذلان ، عليها على الاقل ان تشب فتنة بين صفوف العدو ليسقط هو الاخر
إلتوى فمها بـ خفة لتهمس : صح الي قلته ، مو من حقي اتدخل ، بس تدخلت ،، و رحت بنفسي لضرتي المبجلة ، هه قبل لتصير ضرتي طبعا ، و أكدتلي إنو زواجكم على ورق بس ، و إنو محيطول غير لحدما تنحل قصة أخوها
امال برأسه قليلا و غيظ بدأ يشع بنظراته الحادة ،
الغبية لين ، ألم تكف عن حماقاتها و الطعن بظهري ؟
الم تكتفي بـ طعنة الماضي التي لم تندمل بعد ، لتعود فتهديني أخرى الآن ؟
لا ألوم سوى احمقا يختبأ بين رئتاي يغفر لها كل زلاتها ، او بالأحرى خطاياها بحقي
أ يسمى حبا أن أسمح لها بـ لكأ جروحا هي سببها أم جنونا من نوع خاص ؟
سعل بخفة ليبعد الحشرجات قليلا من حنجرته التي لسعت توا بلهيب أحشاءه
تبا لك لين ،، تبا !
تنفس مغتاظا ثم استطرق : و لهذا وافقتي ؟
بثقة مهزوزة الأسس جاء صوتها ليزيد من تلك الألسنة الملتهبة : إي
هذه النقية تثبت له يوما فأخر إن ما فعله لأجل تلك اللقمة لم يكن جديرا بها ابدا ،
برغم إنها لقمته هو ، إلا إنها ليست بمذاق مستساغ لـ بشر ، فكيف يبتلعها وهي كالسم و رغم ذلك تبدو إمارات التلذذ الحقيقي فوق ملامحه ؟
لعن الله شياطينا تأبى أن ترقد لتتركه خالي البال من اللين ولو قليلا !
إذن جنونا هو ما يحدث معه !
هز برأسه ثم اردف : من تقررين شتريدين بمستقبلج لتخلين قرار غيرج يأثر عليج ،، لازم تحددين شتريدين ، و خلي الناس هية تغير قراراتها علمودج ، فهمتي ؟
إعترفت بـ تعاسة : هالحجي يحتاجله شخص قوي
بلطف اجاب : و انتي قوية ان شاء الله
نفت قوله بـ هزة رأس وهي تستقيم بذات اللحظة ، ليتردد همسها المخذول فوق حبالها الصوتية المتهرئة : عمر ، والله حرقت قلبي ، و بس اقلك حط نفسك بمكاني ، تخيلها هية طلعت تحب غيرك ، وكتها صدقني محتلومني اذا قتلك احنة ما عدنا مستقبل سوا
لم يتزحزح من موضعه محملقا في ارتعاشة يدها تارة ، و شفتيها المتقوستين أسفلا تارة اخرى
تغضن جبينه مجيبا : لتستعجلين ، و أخذي وكتج بالتفكير ، زينب .. مبقى كم شهر عالعرس
إبتسمت ببؤس واضح : ماكو عرس ، و ..
إستطرقت وهي تخلع خاتمها امام نظراته الغاضبة : و هاي حلقتك رجعتلك ، حتى تعرف اني محغير قراري ، جيتك و تمنيت تنفي حجي ملك و تقلي اختي كذاابة ، لو ممفتهمة الموضوع ، او تقلي نسيتها من عرفتج بس الله راد يرجعها لحياتي ، بس إنته ابد مو يمك ، فالأحسن نبتعد
ليرى قدها يميل نحو الطاولة امام ناظريه لترمي بالخاتم من علو ،، فيستدير في حلقة بيضوية مصدرا جلبة خافتة على زجاجها ،
كان يتابعه بنظراته ، و رنين يزعج عقله الباطن بذكرى مرت عليها الاشهر ، اليوم الذي البسها به هذا الخاتم ذاته ،
سقط منه حينها عندما جاءت مصاصة دماءه بـ فستانها الأحمر لتسلب من عروق يده دماءها ، فتراخـت اصابعه مفلته الخاتم ليتدحرج أرضا ، و ها هي الآن أصبحت السبب في تدحرجه بعيدا على زجاج شفاف كـ قلبها ، إلا إنه الأخير مهشم الآن بالتأكيـد
وقف بـ إرهاق جسدي مذيل بأخر نفسي و هو يتابع حركتها السريعة و هي تـدفع بحبات الدمع من على سطح بشرتها ،
تحدث بـ تعقل في محاولة لإسترضاءهآ : زينب ، قولي يا الله .. و قعدي سمعي الي اقولـ ـ..
قاطعت حديثه بنبرة مذلولة : اكيد يا الله ، شعدنا غير الله ؟ ، بس الله يخليك لتناقشني
أشارت بهزة من رأسها نحو كيسين متوسطي الحجم يقطنان ارضا قرب قدميها : و المهر هذا جبناه ويانة ، حتى تعرف إنو إحنه مقررين و خالصين ، و حتى بابا موافقنا ، و باجر يريدك علمود اجراءات الطلاق
.
.
.
لقد مرت ليلتان تلكما اللتان لم يداعب الرقاد جفنيه بهما ، و كإنه يثقل مكيال العقاب الذاتي الذي يسلطه على نفسه ،
حالها كيف هو .. ؟
و ما عساه ان يكون غير ذل و هوان و قلب مشطور لنصفين متكافئين بالوجع
إلا إن احدهما يحتوي من الضعف ما يناهز العشرون ضعفا للأخر ،
فالأول هو الذي جعلها تعترف بـ ما يجتاحها من شعور امامه ، لتستجديه به ، فيصم اذان التعقل عن السماع بكل جبروت ندم عليه الآن !
يقوم بدوراته المعتادة بين أسرة المرضى بذهن مسافر الى أبعد فضاءات الكون ، بل يتعداها افاقا !
كم من خطأ طبي بسيط قد فعله في الساعات المنصرمة ،
رغم إنه سلفا قد قام بتربية الدكتور علي بنفسه ، و أحسن ذلك ، فلم يسمح يوما لمشاكله الشخصية بالتطفل على حدود عمله ، بل و لم تتجرأ يوما على التقرب من اعتاب باب المشفى !
إلا الآن ، فـ يجد المصيبة قد وصلت مقر عمله قبله لتنتظره فوق ذلك المقعد بجلسة متحكمة ، رافعة ساقا فوق الأخرى و خنجر بنصله الحاد يتزحلق بين اناملها المنتهية بأظافر طويلة تصطبغ بالأحمر الدموي ، دم ضحيته ربما !
فكلما قرر السهو عمدا ، تلكزه بـ مقدمة النصل كي تنهض الذكرى الكريهة فتخنق عقله عن المضي في المصائب الصحية لمن يتوسدون البيضاء من الملاءات !
سحقا
لن يحتمل ان تكون حياته متأرجحة على حبال غليظة ، التي و ان غلظت لن يتغير حالها عن كونها مجرد حبال
لم يكن بهذه القسوة على احدهم من قبل ،
نعم هو بلسان سليط ، و تعليقات لاذعة ، و احيانا بـ سوط يدمي الجلود
إلا إنه لم يكن قاتلا يوما ،
و هو أكيـد بإن روحها قد وئدت بيديه
و عفتها غرست بتراب قدميه ،
صحيح ما حدث كان مغطى بلحاف الحلال ، إلا إنه تخطى حدود العيب !
يشعر بنجاسته ،
أودعته نفسها لثقة عمياء كانت دوما سببا في إثارة عجبه ، فلم يفعلها معه احدهم من قبل
و الاهم ، لم تفعلها هي مع أخر
لن ينسى يوما ذلك اللقاء المشؤوم يوم اختطافها الثاني ،
يومها طلبت منه أن يأخذها و يقتلها بنفسه و لا أن يبقيها مع عبد الملك و ولده ،
و هو نفذ الطلب بحذافيره .. فقتلها !
تبا ،، فقط لو يستطيع نسيان وجعها قليلا ، او السلوى عما تعانيه الآن لكان بألف خير
إنسل من واجبه المقدس بـ تبادل اجراه مع أحد الأطباء المقيمين ليدلف خارج المبنى الخانق بروائح الأدوية و المنظفات تلك التي تضيق عندها الانفس
أسند ظهره لجذع نخلة نمت بـ إستفراد في هذه الارض الخالية الا من اعشاب قصيرة ، لا نفع لها سوى الزينة !
التناقض الأعظم ، يكمن بكونه يصر على إتمام اللعبة حتى النهاية ، فلم يجازف بدق وتد بقلب ضحيته كي يتخاذل الآن عن الإستمتاع بـ إذلال ذلك الحقير
شعر بحاجة نفسية بحتة لإحراق شئ ما ، كـ سيارته ،
أو هاتفه
أو ربما رئتيه ستفيان بالغرض ، بـ سيجارة وقحة تتوسد اصبعيه مثلا !
.
.
.
لا تعلم من اين جاءتها هذه الطاقة لتعمل بهذا النشاط الذي افتقدته في الاونة الاخيرة ، لدرجة انها تلقت الكثير من التعليقات المضحكة من قبل الدكتور صادق !!
تشعـر بشئ غريب يحاكي خوفها من المستقبل ، شئ قريب من الإطمئنان الذي غاب عنها منذ سنين ،
و كان لرسل الدور الكبير في اعادة برمجة عقلها نحو المنطق الغائب
كم ودت لو كان الوضع مختلفا !
أ هو ندم ذاك الذي يزعج سكونها احيانا ؟
بالطبع لا ، فهي ما زالت مصـرة عن موقف سابق و رأي تبعته بـ ثبات ؛
لم تكن حينها مخطئـة ،، ربما صغر سنها لم يسمح لها بالتحدث بمنطقية مع اخته ، فظهرت امامها بصورة الفتاة الغنية المتعجرفة ، الا انها بالتأكيــد لن تغير من قرارها لو دارت بها عجلة الزمن الى الوراء !
وهي على حالها ، تجرد المجموعة الجديدة من الادوية ، ارتفع صوت في المكان قرب نافذة الصيدلية تناغم معه صوتان اخران ،
أحدهما لـ زجاج علبة الدواء التي سقطت منها فتحطمت
و الاخر لقلبها الذي كثيرا ما يـفعلها و يصرخ فزعا عند تواجد هذا الرجل !!
تداخل صوته مع صوت دكتور صادق و هما يهدءآن من روع غزا ملامحها فشحب لونها على إثره
سعلت بإحراج وهي تنحني ارضا لترفع القطع المهشمة و السائل اللزج للدواء إلتصق بيدها و ترك اثرا على بنطالها الحني اللون بعد ان تبعثر عند انكسار العلبة ،
شتمت نفسها بغيظ هامس و الدموع تجمعت بمقلتيها ، لا تريد ان تكون هكذا بوجوده
تمقت هذا الشعور المتطفل الذي يستوطنها ،
عليها ان تكون اقوى من ذلك ،، فحروب تنتظرها بمنزله ، و لا بد ان تكون محملة بأجود انواع العتاد !
و هي على حالها سمعتـه يحادثها بكل وقاحة صدمتها : لينا ، بس من تخلصين تعالي شوية
شعـرت و كإن ظهرها قسم لنصفين من نظرات الدكتور لها ، بالتأكيد هو الاخر قد فجع من هذا التطاول الواضح على حدود الرسمية الطبيعية بين اي منتسب في هذه البناية و اي طالب !
و بالتأكيد علم ان علاقة ما تربط بينهما ؛
ما إن إختفى من خلف النافذة علق الدكتور : لينا ، هذا مو طالب هنا يطبق ؟
إزدردت ريقها و خرج صوتها مزدانا بتاج الخجل : إي دكتور
ليضيف بإهتمام ابوي : من وين يعرفج ؟
عضت شفتها بقوة أوجعتها و بذات الوقت قبضت كفها قليلا فـ جرحت بأحد قطع الزجاج لتهتف بـ ' أي ' رامية بمحتويات يدها أرضا مجددا
تحرك الدكتور مقتربا منها قليلا : ها بابا تعورتي ؟ غير على كيفج يا عمو
إبتسمـت بزيف و هي تدلك مكان الجرح ثم تتحرك نحو احد الادراج لتخرج حقيبتها ،
اخرجت منها احدى المحارم لتمسح نقاط الدم التي سالت وهي تجيب عن سؤاله الذي هربت منه ، فلا تود ان ترسم الشكوك حولها : دكتور ، عمر الي اجة يصير صديق اخوية ، و جيراننا
لترتح نظرة الرجل العطوف فـ يتمتم بـ تفهم : ما شاء الله مبين خوش ولد
توسلت الابتسامة الباردة لترتسـم فوق شفتها ، لكنها أبت !
ليعود الرجل فيقول : روحيله عمو شوفيه احتمال محتاج شي ، و هسة تجي ام حسين تنظف القاع
هزت برأسها معترضة بخفة : على الاقل اشيل الكزاز عموو ، و خلي هية تغسل الدبق ' اللزوجة '
و بالفعل ، أنهت مهمتها لتتوجه بعد ذلك الى الخارج و قلبها عاد لصراخه الغبي عندما لمحته يقف على مقربه ، مع ياسمين !!!
ما الذي أتى بها الى هنا ؟
ألم ينتهي دوامهم منذ مدة و هم الان بإنتظار ظهور النتائج ؟
أم إن هنالك موعدا خفيا بين الاثنين ؟
فـ كيف علمت إنه هنا لتأتي هي الاخرى ؟
تبا لهما الاثنان ، فليحترقان معا !!
قررت العودة من حيث أتت ، و ليذهب مع طلبه الى الجحيم ، لكنها و بعد تفكير قصير إرتأت أن تستغل وضعه هذا
فـ بإمكانها الآن ان تظهر امامه مرتدية رداء الكبر خاصتها الذي يجب ان تحتمي به ؛
بالإضافة لأمر أخر يدعوها بشدة لإن تقترب من هذا الموعد المبجل ، عليـه ان يعلم انها ليست كـ زينب ، و لا غيرها
حتى و إن كانت علاقتهما غريبة بكل تفاصيلها ، يجب ان لا يستغفلها امام انظارها
و ما هذه الحركة السخيفة بـ مناداتها اولا ، ثم الذهاب للقاء هذه الدمية البشرية ثانيا ؟
أ يعتقد بإنه سيثير غيرتها بهذه الطريقة ؟
أم إنه لا يعلم بإن ما تحمله من ثقة بالنفس تعادل اطنان ما تحمله هذه الأنثى التي تحاوره من جاذبية عظمى ؟
إقتربت منهما ، لتقف خلفه شامخة بأنظارها نحو الاعلى : عمر
؛
|