كاتب الموضوع :
حلمْ يُعآنقْ السمَآء
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
بسمْ الله
إنهُ شهر المغفرةْ أحبتي ، فإغتنموهُ جيدآ ، و إن ملكتُم الوقتْ فـ أنآ هُنآ
فيِ
البرآءةْ العِشرُونْ .. و الأخيرةْ
لأنك سر..
وكل حياتي مشاع.. مشاع..
ستبقين خلف كهوف الظلام
طقوسا.. ووهما
عناق سحاب.. ونجوى شعاع..
فلا أنت أرض..
ولا أنت بحر
ولا أنت لقيا..
تطوف عليها ظلال الوداع
وتبقين خلف حدود الحياة
طريقا.. وأمنا
وإن كان عمري ضياعا.. ضياع
* * *
لأنك سر
وكل حياتي مشاع مشاع..
فأرضي استبيحت..
وما عدت أملك فيها ذراع
كأني قطار
يسافر فيه جميع البشر..
فقاطرة لا تمل الدموع
وأخرى تهيم عليها الشموع
وأيام عمري غناوي السفر..
* * *
أعود إليك إذا ما سئمت
زمانا جحودا..
تكسر صوتي على راحتيه..
وبين عيونك لا امتهن..
وأشعر أن الزمان الجحود
سينجب يوما زمانا بريئا..
ونحيا زمانا.. غير الزمن
عرفت كثيرا..
وجربت في الحرب كل السيوف
وعدت مع الليل كهلا هزيلا
دماء وصمت وحزن.. وخوف
جنودي خانوا.. فأسلمت سيفي
وعدت وحيدا..
أجرجر نفسي عند الصباح
وفي القلب وكر لبعض الجراح..
وتبقين سرا
وعشا صغيرا..
إذا ما تعبت أعود إليه
فألقاك أمنا إذا عاد خوفي
يعانق خوفي.. ويحنو عليه..
ويصبح عمري مشاعا لديه
* * *
أراك ابتسامة يوم صبوح
تصارع عمرا عنيد السأم
وتأتي الهموم جموعا جموعا
تحاصر قلمي رياح الألم
فأهفو إليك..
وأسمع صوتا شجي النغم..
ويحمل قلبي بعيدا بعيدا..
فأعلو.. وأعلو..
ويضحى زماني تحت القدم
وتبقين أنت الملاذ الأخير..
ولا شيء بعدك غير العدم
فآروق جويدة
سآعات إنقضت و هي لم تزل قابعة فوق سجادتها .. كلما تشرأب الإنفاس و تتغلغل ذرات الرعب الى الجسـد ، يمتلأ القلب فزعا فتعود لتسجـد بخنوع
طالبة من الله عز و جل أن يقصي ذلك الضيق بعيدا ،، فيـنير لها قبسا بدلا من تخبطها هذا في المعتم من السبل ،، تشعر بـ التحفز و الترقب لمصيبة قريبة ؛
ارضت المنطق بموافقتها على الزواج عله ينهي لها سلسلة العذابات هذه ،، و لكن المنطق ذلك يتسم أحيانا بالجنون ، و هذا ما حدث معها ،
النـدم بدأ يحاصرها بجيوش غابرة ،، اسلحته الفتاكة ارعبتها ، و كإنها قاتلة مسكت بالجرم المشهود ، فالدلائل كلها متوافرة ،
و الجريمة هاهي تلوح في سماء الطهر ،
تهادى لها صوت خطوات خشنة في الخارج ،، حاولت التحلي بالبرود نحو المسبب الذي لم يكف عن إزعاجها بـأصوات متفرقة منذ ان دلفت الغرفة ؛
لا تستطيع الخروج حتى تتأكد من عودة الجدة ،، فـ بقاءهما هكذا لن يزيد الوضع إلا مصائب
و إن تحلت بلباس الشجاعة و خرجت لن تكون النتيجة محمودة بتاتا ، إنها تخشاه ، و كفة الحق تتدلى بجانبها بالتأكيد
رفعت عيناها نحو الجهاز الالكتروني الوحيد في هذه الغرفة ، وهو الساعة ، لتتفاجئ من الوقت الذي هرب ليختبئ بين الواحدان
يا الهي ،، إنها الحادية عشر مساءا و الجدة لم تعد بعد ، أ تنوي المبيت خارجآ ؟!
بالتأكيد لن يكون للأمر عقبى حسنة ،
انتزعت رداء الصلاة عن جسدها لتنتصب و مؤشر الذعر بدأ بالتصاعد حتى وصل النقطة الحرجة عندما وصلها صراخه الخشن : تعاااالي سوووي عشااا عاااد
تخيل لها ان ضربات القلب تلك تحولت لأسفل البطن ، و كإنه سقط صريعا مرتاعا !
بحركات سريعة غير موزونة رفعت الرداء و السجادة لتضعهما كيفما كان فوق طاولة صغيرة ،، فتتحرك بعدها بـ ذات العجلة نحو السرير فترتمي فوقه محتمية بشرشف خفيف ؛
كانت انفاسها مذعورة و نبضاتها تتنازع لتختبئ في جنبات الصدر بإنزواء ،، يجب أن يظنها نائمة ،
لم يكن لهذا الفزع حيزا لو كانت الجدة هنا ،، كانت ستهاجم مثله بل و اشد ؛
إلا إنها الآن في محل لا ثقة به ، و هو نطق بما يثقل موازيين التوتر بداخلها بعـد ان تم العقد ،
لم يستخدم الملتوية من الطرق ، بل رمى نيته الشنعاء أمامها ، فـ قال قوله عن كونها حتى الآن لم تصبح زوجته بعد كي تخافه !
و هذا يعني إنه من الممكن أن يتجاوز حدود الإتفاقية ،، فـ يدنو من الحمراء من الخطوط ،، فـ على كل حال ،
أمامه لم تعد هنالك حاجة لإي انارات الخطر ، !
تكورت حول قدها الغظ ، مستحلفة الأنفاس أن تهدأ قليلا و تكف عن اللهاث الفاضح ؛
ففعلت !
و لكن ليس تلبية لتوسلها .. و لكن خشية من صرير الباب الذي صم اذان الجدران ، ابتلعت ريقها الجاف و اجفانها تتجعد بخرائط بلدان الرعب فوق مقلتيها اليابستين ؛
تبا له
كيف سمح لنفسه أن يكون بهذه الوقاحة و يدخل غرفة خصصت لها ؟
أ أعجبه دور الزوج ام ماذا ؟
سحقا لك علي ، و سحقا لي على ما فعلته من أجل حمايتك من بطش والدي الجائر
يا رب ،
خذ بيدي أرجوك ،، فـ ضعيفة أنا و لا أستجدي قوتي من غيرك
وكلت امري اليـك فلا ترهقني يارب !
لم أعي على نفسي إلا عند الارتواء الذي صاب خلاياي الدمعية ، إرتواء حتى الفيض
فهذه القطرات بدأت تنساب بـ ذبول من جانبي شقي الأجفآن ، لتبلل تلك البشرة الباهتة خوفا مما ينتظر صاحبتها !
أقسم بإنني قاتلت إستسلاما نبت بداخلي بإسلحة ملكتها و سرقتها ، إلا إن تلك النبتة كانت بجذور عريضة مستأصلة في ثنايا الروح ،، فلا قالع لها ،، و لا مبيد بإمكانه التخلص من براثنها !
فتناهى لمسامعي شهقة بكاء قد فلتت من حنجرتي المتجرحة ، و جسدي إهتز ليدافع عن حقوقه في الانفعال ، بينما ذلك الجلمود لم يرحم ضعفي بكلمة طيبة !
كلمة تجعلني أطمئن على نفسي منه ؛
بقيت هكذا ، أقاوم جاهدة ، لأعود منتكسة و خائبة ،، حتى بات الدمع يفيض بحرية ،، فـ فضلت الإعتكاف بعيدا ، ما الذي قد يحصل و يكون الاسوأ ؟
و هل من امر و اقسى من تجربة اعايشها ؟
ليحدث ما يحدث ،
فليلهمني الله صبرا يفوق صبر البشر ؛
شعـرت بتصلب جسدها حين تكلم أخيرا بذات الخشونة المتعارفة : هالـ نوب ليش تبجين ' هالمرة ' ؟
سكت دهرا و نطق كفرا !
فـ جملته القصيرة الحروف تلك لم تكن سوى نارا تجدح الموقد اكثر من جوانب متفرقة ،
ليتعالى بلا ادراك حسي نحيب ضعيف متهالك ،، منذ زمن لم تبك هكذا ، منذ أن كانت ببغداد !
خنقت صوتها بالوسادة وهي تتلوى اكثر ، إستعسر الحال يا الله ،
فيسره من عندك
إستتشعرت انفاسا ثقيلة تقترب ،
لتتبع بهالة مستعرة الحرارة ، لتتقاذف روحها بين الشعور و اللا شعور ؛
ما الذي يفعله ؟
أ إقترب ؟!
إحتل كيانها بـ زفراته المغتاظة ،، ليقول بعد برهة : شكووو شصاير ؟! ليش الـ .. ـ بجي ؟
إستخدم الكثير من مساحيق التجميل ليزين ملامح جملته ، فتبدو بـ غلظة أقل ،
لا يعلم لم لم يستطع قذفها بالكلمات أبشعها بعد ان بدت امامه هشة القوام
انزعاجه دام كثيرا وهو ينتظر الجواب ، و حينما ثقل الملل على نفسه ، مال نحوها ليسحـب بذراعها عنوة ،
انسلت من بين شفتيها المزمومتين ' أهة ' مفجوعة ، لتتلاحق نبضاتها رعبا في ماراثون الأحاسيس
فاض الهلع من نظراتها لتسقي تسآؤلاته العطشة ، فـ امال رأسه بـ سخرية وهو يراقب إنكماش تخلجات وجهها الحسن
لقد مر وقت لا بأس به و لا تزال بشرتها العاجية تعاني من أثـآر حروب قد حدثت فوقها ،، برغم كونها خفيفة إلا إنها موجودة لتوسمها بـ حقارة والدها الذي لولاه ما كانت ستكون هنا
و ما كانت ستخافه مثلما تفعل بهذه اللحظة !
حرر ذراعها على غرار ما وصلت بها تخوفاتها الخبيثة ، لـ تهرب مسرعة من الجانب الاخر للسرير ، و لولا لطف اللطيف لكانت قد سقطت على رأسها بلا شك
ظل يتابعها و هي تسحب رداء الصلاة لتختفي وراءه بحركات عجلة ،، بشخير هازئ تحدث : شتصلين هالمرة ؟
بعد أن تأكدت من وقاءها الساتر تكتفت هذه المرة لتستر قلبها من ان يفضح ،، استخرجت صوتا قويا و دخيلا على خوفها : شتريييد ؟
إستند بمنكبه على ظهر السرير ليقـول بهدوء مفاجئ و نظراته لم تبتعد عنها مطلقا : عشا ، مو صار سحوور مو عشااا ، يللا بسرعة ميت جووع !
لاحت له سحابة الاستنفار تلك التي علت ملامحها وهي تتركه لتلج خارجا ، يبدو إنها لم تحبذ وظيفة الزوجة حتى الآن
هه ، بالطبع لم تحصل على ادنى إهتمام منه ، فما يدور بباله الآن يفوق رعبها الذي لا يلمها عليه !
لقد وضعت كـ دين يسد عن والد نذل ، أ ذنب لها سوى انها ابنة رجل حقير ؟!
و كونه هو ،، يشتاق إذلال العظماء ،، اولئك الذين يعتقدون الناس لعبهم الالكترونية المفضلة ، فيكونوا رهن تصرفاتهم القذرة ،
فـ هو بعمله قد رأى من ضحايا سماسرة الدماء اولئك الكثير ، و الامر لم يقتصر على ثورته لدم اختيه الصغيرتين ؛
بل وصل لنقاط اقصى ،، فـ من سولت له نفس ان يثكل اما
سيرمل زوجة
و ييتم اطفالا !
و على احدهم ان يضع حدا ، أو يساهم بالقليل من اجل رسم بعض النقط الحمراء
فـ إن وضع كل ثائر نقطة .. لن يطيل وقت رسم الحدود ، فقــط لو تتماسك قبضات الايادي
وهو ستكون نقطته أمام ذلك الكلب ، قاسم !
و أخر همه المتضررون إثر انتقامه ،، ما دامه لن يزهق روحا ، فله كامل الحق بـ إيقاف ذلك السمسار عن سفك دماء الابرياء
حتى و إن كان هو ،، أخر اولئك الضحايا !!
؛
تكبّر.. تكبرّ!
فمهما يكن من جفاك
ستبقى، بعيني و لحمي، ملاك
و تبقى، كما شاء لي حبنا أن أراك
نسيمك عنبر
و أرضك سكر
و إني أحبك.. أكثر
يداك خمائل
و لكنني لا أغني
ككل البلابل
فإن السلاسل
تعلمني أن أقاتل
أقاتل.. أقاتل
لأني أحبك أكثر!
غنائي خناجر ورد
و صمتي طفولة رعد
و زنيقة من دماء
فؤادي،
و أنت الثرى و السماء
و قلبك أخضر..!
و جزر الهوى، فيك، مدّ
فكيف، إذن، لا أحبك أكثر
و أنت، كما شاء لي حبنا أن أراك:
نسيمك عنبر
و أرضك سكر
و قلبك أخضر..!
وإنّي طفل هواك
على حضنك الحلو
أنمو و أكبر !
روائع محمود درويش
مرت حوالي النصف ساعة و مازالت وتيرة الترقب تشتد بداخلي لتقترب من الانقطاع
التزم الصمت منذ خروجي ، فتوقعت مجيئه هنا بصخب حنجرته أو قدماه ، و حقا فضلت ذلك فعلى الاقل المطبخ سيكون أكثر أمانا من تلك الغرفة المرعبة !
سحقا لـ قلبي الا يكف عن الارتياع ؟!
و أين هي جدته ؟ أما آن الأوان كي تعود ؟
يا الهي ،
الخوف فتتني لذرات فـ إرفق بأعصابي يا ارحم الراحمين
حضرت وجبة سريعة تسمى بالـ ' جل فراي ' وهي مكونة من قطع من اللحم مع اخرى للبطاطا !
هوايتي كانت التفنن في تحضير كل ما هو جديد في الأكلات ، أما الآن فـ بت اكره رائحة المطبخ ،،
بعد ان اتممت مهمتي و سخنت رغيف الخبز جيدا حتى لا يتذمر كعادته ، توجهت بالصينية نحو الصالة الصغيرة فـ وضعتها ارضا لأسلم امري لخالقي وانا اذهب نحو الغرفة الصغيرة التي باتت مأوآي منذ مدة !
انتصب جسدي عند الباب وانا اراه مستلقيا بكامل جسـده فوق سريري !!!!
تبا له ،
بدأ يتجاوز على خصوصيتي اكثر من المفروض ؛
رفعت صوتي لأزجره غاضبة ، و مرتعدة الفرائص ،، فوجوده هنا يشير للخطر المميت : علـــــــي ،، عللللللي
لم يبدو عليه ادنى تأثر حتى بعد أن ضربت على باب الغرفة علي أنجح في إزعاجه ، و لكن ليس كل ما اتمناه ادركه !
جال ببالي حديث مرت عليه اعوام ،، و كم بقيت عطوره تداعب انف ذاكرتي كل حين
فأعود لأستنشقه عندما تفيض مكاييل الحنين !
يوما ما ، في لقائي الأول معه ، أخبرتني لينا بإنه من ذوي النوم الثقيل ،
تمنيت لو استطيع استغلال هذه الفرصة و تهشيم رأسه ،، أو فصل لسانه عن حنجرته ،، فذلك سيشفي غليلي جدا بإعتباره لن يتمكن من اهانتي بعجرفته الرجولية تلك
هربت من بين انفاسي تنهيدة لا اعلم ما كانت سماتها ، لأمل وقوفي الاحمق هذا ، و كإنني طفلة تخاف ازعاج هنئ نوم والدها !
تبا له فليحترق بغيظه هذا الافضل ؛
تقــدمت بخطى مثقلة بالوجل لأثبت على مسافة جيدة تسمح لي بالهروب إن استجد شئ أخافه ، عدت لأناديه و هذه المرة بـ خشونة نوعا ما : عللللي اقعـــد عااااد ،، الأكل بررررد ،، علــــييييي !
كان بإمكاني تركه كما هو والذهاب حيث تسوقني قدماي ، إلا إنني اخاف البقاء منفردة و المنزل يخلو الا منا ،
لو كانت الجدة هنا لما الححت على إيقاظه ، أو لو كان هو خارجا لنجحت في البقاء متخفية خلف جدران هذه الصغيرة التي إعتدتها !
ولكنه هنا .. يحتل أوطاني ،و عليه المغادرة وإلا ....
و إلا .. لا شئ
تأفأفت بـ لا صبر ،، و رفعت صوتي مجددا : عليييي ،، إففففف إستغفرر الله العظييم ،، دقعـــد عاااد
فجأة هب مستيقظا و بصوت مملوء بالضجر صرخ فـ كالني فزعا اكبر : وووججججع شايفتني مطمور ' منحمد ' شكووو تلحين ؟
لم افصح عن توتري بل كنت متماسكة حد العجب : لتصيييح ،، مو ردت اكل ؟ قوم يللا سويتلك ، و بعدين اريد انخمد اني هم و بيبيتك بعدهااا مجتي ،، خابررهاا شوفها شوكت ترجع !
ليجلس متأهبا عراكي و هو يزفر بضيق كل حين ،، بدأ يمسح عرقا تجمع فوق جبينه وهو يتمتم بسباب لا اعرف من كان ضحيته هذه المرة ؛
ارتعشت كـ طفلة تنتظر العقاب عندما خلع عنه القميص الذي يرتديه ، عدت بخطوات متعثرة الى الوراء وانا اراقب انفاسي ، و اتوسلها الستر ،، فلا اود ان ابدو ضعيفة امامه
يكفي ما قد كشف عنه ،!
جحدني بنظرات حادة و يبدو إنه تبين مخاوفي التي لم احاول دفنها بأي حفنة من الثرى ، إستقام واقفا و هذه المرة ابعد عني عينيه فـ كسب بي اجرا لا يتصوره عقله
رمى بقميصه فوق السرير ليبتعد بتلك ' الفانيلة ' المليئة بالعرق ، إكفهرار ملامحه جعلني انكمش لأبتعد عن طريقه ، اخشى ان يعاقبني على حرارة الجو و إزعاج تلك الحشرات التي تملأ المكان ، و التي لم تترك مكانا في جسدي الا و علمت عليه بـ شراسة !
إنتشيت قليلا و انا اتابع تدليكه المستمر لظهره تاره ، و منكبيه اخرى ، هذا افضل ،
أود أن اشكر كل حشرة سحبت القليل من دمه ، و ازعجته هكذا ، ماذا يحدث لو تلوث جسـده و اصابه مرض ما يسمى بالإنسانية !!
حمدت الله جهرا حينما غادر المكان من دون إصابات نفسية جديدة ،، اغلقت الباب خلفه من غير ان اهتم للقفل المتعطل ، فـ معرفتي بهذا الرجل اكدت لي إنه يتسم بصفات الرجل العربي بأكملها
فلا يقاوم طعاما يشق برائحته انفه ، و لا نوما فوق سرير وثير او فقير ؛
و بما إنه ذهب لتناول طعامه ، فلن تغريه فكرة العودة لهذه الحجرة الضيقة ،، لحين ان استسلم لسلطان النوم !
دغدغ النعاس اطراف جفوني و انا اجلس فوق الفراش المتبعثر ، و كإن غولا ما قد توسده منذ قليل
لا ادري كيف و لكن بلا ادراك مني إبتدأت حلقة جديدة من مسلسل الخيانة التي يترأس بطولتها قلبي
فهاهو يخفق لمجرد ملامستي قميصا مبتل بعرق ذلك الثائر الدم ، ما هي نهايتي معك يا دكتور ؟
قد أجبرتني على التمسك بقيدك اكثر بفعلتك تلك ، و عظيم المصيبة تكمن في كوني إستسلمت برضا ، أو بـ ملل ، لا يهم .. فبالنهاية اصبحت إمرأتك !
يا الهي
تلوت امعائي بأكملها لأشعر بنقر في كلتا كليتيي ،، و كإنهما ستنفجران الما !
يارب ،، أعني على اتمام هذا الاختبار
فضول هو ام جنون ، أو قد يسمى حبا !
هذا الذي دفعني الى رفع قميصه لإستنشاقه فقط ، فيوما ما ستكون هذه مجرد لحظات مسروقة من ازمان الذاكرة
علي !
أ فعلا ما حدث ؟
أصبحت زوجتك و لو بطريقة تخالف التقليد ؟
أوليس حراما ان اتناول تفاصيل مشاعري نحوك ؟ حتى ولو كانت لـ وهلة قصيرة ، هذا يكفيني و ما كنت لأحلم به منذ شهر سلف
إستلقيت فوق دفء تركه خلفه وإشتعل جسدي بلا شعور ، قبضتي اعترضت امر خلاياي الدماغية بشأن التعقل و ترك القميص ،
بل ثارت و عاندتني ، و كإنه وباءا اصابها لملامستها قميص ذاك الحامل من الصفات ابشعها ، ومن الرجولة اضخمها !
تثاءب حلمي بعد أن أيقظته منذ قليل ، ليصدم بمرارة الواقع الذي يلصق بإسمي أسم والدي ، قاسم !
لن تنتهي يوما حرب الدماء مادمت إبنة قاسم ، فـ نم يا حلمي ، و كن رقيقا بي و لا تجرؤ على الإقتراب من الواقع مجددا ، و لو إستطعت الموت ، فـ مت ، فـ أمثالك لا حاجة لهم بالحياة
؛
(1)
وامتَزَجنا
كانَ صوتُ الحبِّ أقوَى
مِنْ عِنادِكْ
كانَ أقوَى مِن قَرارِكْ
ذَوَّبتْني النَّارُ في عينيكِ حتى
لَمْ يَعُدْ مِنِّي أثَرْ
وتَطَهَّرتُ بِمائكْ
واحتَواني صَدرُكِ المَملوءُ دِفئًا
وتَرَشَّفتُ حَنانَكْ
وامتَثَلتُ ..
لِقضائي
عندَما أدرَكتُ أنِّي
أينَما وَلَّيتُ وَجهي
سوفَ ألقاني أمامَكْ
(2)
ساقتِ الأقدارُ حُبَّكْ
نَحوَ أرضي
فتَعَجَّبتُ لأنِّي
قد ظَمِئتُ..
ألفَ عامٍ
كيفَ أقداري حَوَتني
وسَقتني كأسَ بردٍ وسَلامْ
حينَما مَرَّتْ عُيونُكْ
فوقَ أرضي كالغَمامْ
وتَسرَّبتِ بدّمِّي
وامتَزجتُ..
بِدِمائِكْ
فنَما لي في عُيونِي
غُصنُ زَيتونٍ يُظلِّلْ
ورأيتُ القلبَ طِفلاً
كلَّما يلقاكِ يَجري ويُهلِّلْ
كنتُ أحتاجُ لأمٍّ
تَحْمِلُ الطفلَ الصغيرْ
ثمَّ تَحنو وتُدَلِّلْ
آهِ يا حُبِّي الذي قد زارَ قلبي
منذُ كُنَّا
في رِحابِ الغَيبِ
طِينًا يَتَشَكَّلْ
عبدالعزيز جويدة
بعد أن أتم طعامه ، استقام وعيناه تراقب عقرب الساعة ، ما بالها جدته ؟ أ فعلا قررت المبيت في بيت خاله ؟
عندما كلمها منذ قليل اخبرته بأنها لن تعود و لينعم بليلة هانئة مع زوجته ،، يعلم جيدا شرانية موقفها من هذه الزيجة المهتزة الأسس ، و لكن انى لها ان تتركه مع تلك المغفلة هكذا ؟!
الا ترى غرابة الامر بأكمله ؟
تبا لإبني خاله ، فيبدو إنهما قد جهرا بأمر زواجه و شهادتهما ،، فلولاهما لما إستلمت والدتهما الهاتف من الجدة لتكمل نصائحها بشأن ضرورة البقاء مع زوجته بمفردهما و ضرورة إخبارها إن كانا يحتاجان شيئا ما !
لو كانت هذه مزحة ، لحطم انف من رماها بحماقة
أ يستطيع هو ، الرجل الذي رسم الشيب خطوطا رفيعة في شعره لـ فقدان كل من تسري بـ عروقهم دماءه تكوين أسرة مع إبنة لأحد المجرمين العظام ؟
إبنة قاسم النذل
هه ،
تحرك خطوة ليقف شارد الذهن محملقا في الصينية التي تركها مهملة ، مال بجسده ليرفعها بيساره ليتحرك بعـدها نحو المطبخ و إبتسامة طفيفة تعلو فمه
طبخ تلك المرأة لا يقاوم !!
و هو لم يكن يوما ممن يحاولون المقاومة أمام الطعام الشهي ،
عندما يعود الى منزل آلن سيفتقد هذا الإستمتاع بتناول اطيب الاكلات ؛
آلن ،، كم يفتقده !!
هو و ذلك الاخر .. الاخرق
ما ستكون ردة فعلهم تراها حينما يعلمون بفعلته تلك ؟
آلن سيكتفي بالعراك المجنون ، أو السخرية
اما عمـر فلن يتوان عن إستخدام الاساليب المتعقلة و المنطقية لفض الأزمة !
احمق هو عمر ، لو لم يتسرع بـ خطوبته لما تأرجح مستقبله هو و لينا ،، تعوذ من ذنب الـ ' لو ' و هو ينفخ هواء صدره خارجا ،
ليس باليد حيلة ،، فـ هذا نصيبهما ،
كما هو نصيبه بالضبط !
بذكر نصيبه ،، تحرك بفضول غريب ليرى حالها بعد ان ترك الصينية في المطبخ ،
عندما وصل الباب المردود بشكل طفيف دفعه بـ هدوء ، ليزعجه ذلك الاحتكاك بين اجزاءه الحديدية لتصرخ عاليا !
لم يخطو عتبة الباب ، فـ وضح له شكلها وهي تحتضن قميصه و النوم يلفها بوداعة و سكون ،
لا يعلم سرا لتلك الانقباضة الحمقاء اسفل صدره ، مكان معدته بالضبط ،
أ يعقل إنه بدأ ينجذب لها كـ إمرأته ، وليست فقط مجرد وسيلة ليصل بها غايته العليا من تهشيم كرامة والدها ؟
غير ممكن !
و إن فعل ،، فهو ليس سوى رجل ،، و لن يكون طبيعيا إن لم تستطع من مثلها ان تدس انفها رغما عن خشونته في اروقة عقله لتشغل الحيز الكبير من التفكير ؛
تكاد تفقده صوابه هذه المتناقضة التصرفات ،، يجزم انها نجحت في اثارة اهتمامه بعد ما رأى
تلك العتبة فقط ، كان يراها كـ حد بين الجد و اللعب ،
يعلم إنه إن تخطاها لن تكون النهاية سعيدة لأحد ، و لكنه سيجازف ، فهكذا فقط سيبل ريق الثأر قليلا ؛
و يهـدأ من شدة النبضات تلك ،، فـ هو ليس براهب ، و هذه زوجته و ان إستعصى فهم الأمر على الكثير ،
نعم ستكسر ،، و ستزهق روحها العفيفة ، سيحطمها بلا شك
و لكن
لا خيار اخر امامه ، فهذه شروط اللعبة منذ البداية ،، و لن يرتضي الذل لـ دمه المراق !
وقف قريبا من السرير لتفلت منه زفرات متتالية وهو يتابع خصلات شعرها الحالك ،، هذا الشعر
سحقا له ،، كم سبب له من ازعاج
أ ترى ملمسه سيكون ناعما كـ بريقه ؟
أم شرسا كبعثرته حول وجه كـ البدر بتمامه ؟
و كإن تلك الذبابة قد وافقته الرأي ، فـ إستوطنت إحدى خصلها مصدرة طنين اثار حنقه ،
حرك كفه قليلا ليبعدها و هذه المرة ود لو ان يمسح أثر تلك الحشرة !
ما باله .؟!
لا يلوم ابن عمها ان انتظرها من السنين خمس !!
تبا له ،، ذلك الحقير ليس سوى ذيلا لـ قاسم الكلب !
إستغرب حالها حينما تحركت فجأة و كإنها شعرت بتأملات رجولية لها ،، طيف إبتسامة داعب فمه عندما حكت بأنفها قميصه ،، لتكشر ملامحها بنفور
توسعـت إبتسامته لتتجمد بعدها فجأة حينما ابتعد الجفنان ليظهرا مقلتين من بديع خلق الله ،، لم يعلم إنها بهذا الحسن إلا الآن ، او انه كان يعلم ولكنه لم يهتم حتى اصبحت ملكه !!
وصله توترها القاتم وهي تتعدل جالسة بفزع ،، وجنتها اليمين متلونه بلون الزهر و أثر احد ازرار قميصه قد طبع عليها ، أوشـك على التسرع إلا إنه تمالك نفسه وهو ينحني ليجلس فيقابلها بجنبه
و يال عجبه حينما شعـر بتقلص معدته يتحول لـ عضلات خصره عندما تهدهد صوتها بـ بعثرة : شتريـ ـد ؟
لم يفكر أن يكذب ليرغمها فجأة على ما لا تحب ، إلا إنه لم يصدق القول ، فـ إستخدم المتعرجة من الطرق وهو يجيب و جسده متصلب بخشونة : ليش جنتي تبجين ؟
أ هذا هو ؟!
لها احقية التزام الصمت المستغرب ،، أ يوقظها من نومها لأجل ذلك ؟
ولو كان رجل غيره لصدقت إهتمامه ، أما هو فيعشق اللهو بمشاعر من يهتمون لأمره ، و قد شهدت الكثير من المواقف مع جدته تارة ، أو والدته ، و حتى لينا !
ببحـة إثر النوم همست : مقعدني علمود هاي ؟
إبتسـآمته الشقية عادت لترتسم بـ برود ،و ادار رأسه قليلا ليتابع رعبها وهي تدس بالقميص تحت الشرشف ،، و كإنه لم يره ، نفث هواء صدره بـ لا مبالاة : إي ، أريد اعرف .. من حقي اعرف شبيها مرتي
إنكمش جسدها و حركت رأسها ببؤس لتتوسل الباب ان ينادي الجدة ،، ما زال الوسن يداعب رموشها فالرؤية تبدو مشوشة بغير شئ ،، و كيف بعد حديثه بهذا الخمول و هنا !
اخرجت زفيرا بـ صفير لتعترف : إذا لينا اختفت و رجعتلك متزوجة شتسوي ؟
أجابها بـ إقتضاب و كإنه قد لقن على مثل هذا السؤال : أذبحها
كادت ان تبكي لولا انها تماسكت بـ ضعف : شفت ليش ابجي
ليشخر : وانتي خايفة على نفسج ؟ لتخافين ابوج هذا مهما جان ناقص وية العالم فـ إنتي بته
لتتحداه على حين غفلة : بالضبط ،، بته ، و انته لازم متنسى هالشي
هذه المرة بانت نظرة تسلية على تحذير في عينيه وهو يعتدل قليلا ليقابلها : وهاي شغلة تنسي ؟
زمت شفتيها لـ تنقل نظراتها نحو الباب ، ففهم رسالتها إلا إنه قال : هسة مقلتيلي ، خايفة من ابوج يكتلج ؟
طأطأت بنظراتها و قلبها لم يتوقف لـ ثانية عن الخفقان المتعدد : و يكتلك انته هم ترة !
رفع حاجبيه بإهمال : ياريت ،، و اروح شهيد بعد احسن
لتختنق انفاسها : و لينا ؟
رفع حاجبيه بلا مبالاة : حزوجها و اخلص
ايجاد نقطة حوار غير ابي و عدائهما فتح امامي ابواب السعادة الوقتية ،، تلك السعادة المحرمة !
أشعر بالعار وانا معه في منزل ريفي ،، و لا أحد من أهلي يعلم ما انا فاعلة ،، هم تغلي قلوبهم بقدور الخوف ، و انا اشعر بـ نبضاتي تتسارع لأجل رجل ؟
تبااا لي
سحقا لـ قلبي النابض .، و اللعنة على شياطين فرحة بما افعله من شائنة الافعال
الشعور بالدنب ضيق الخناق حول رقبتي ،، فـ انسللت بخفة النمل لأنزل من الجانب الاخر للسرير إلا إنه سبقني الحديـث : اوقفي
.
.
.
صادقتان كاذبتان عيناها ♥
-
محمود درويش
تجلس بثبات مغرور ،، بالرغم من التآكل الحاصل في خلاياها العصبية لشدة التوتر ، الساعة تقترب من العاشرة ، و تقريبا تكون الكافيتيريا فارغة في هذا الوقت ؛
فلا يتواجد بها سوى اعدادا معدودة من المنتسبين ، تبعثرت نظراتها للمرة العاشرة على شاشة الهاتف ، تستجدي وقتا اطول لتبقى حرة
فـ هذه الدقائق ستحمل بين طياتها إخر ذكريات العزوبية !!!
حيث إتصل بها أخاها ليأمرها أن تتحضر ، فقد إقترب من المشفى ، و من غير أن تحتاج الكثير من الذكاء إكتشفت السبب وراء مجيئه و أمره بشأن الإستئذان للحصول على إجازة زمنية !
يكاد الهم يخنقها ،، إنها ترمي بنفسها في دوامة التهلكة ،
يا الهي ، كيف سأحتمل كل ما سيحدث معي ؟
بـدأت الغزوات تتـسابق من قبل الكثير من المواكب لتستوطن قلبها ،، هنالك العديد من المشاكل و المصائب في إنتظارها ، وهي لم تفعل سوى إرتداء ثوب التبختر المفضل لديها لـتجر أذيال الخيبة وراءها ؛
لا أحد يعلم ما هية شعورها الحقيقي ،
و لن يفعل احدهم بكل الاحوال
إنتفضت يدها برعشة مستميتة حينما رن هاتفها معلنا عن مكالمة تخبئ بين ثنايا صاحبها الكثير ،، كرهت موقفا احال قوتها ضعف ، لتستقيم امام انظار القلائل فتجيب وهي تتحرك بخطى سريعة حاملة فوق ذراعها رداءها الطبي ، و حقيبتها بشريطها الطويل تتدلى من على كتفها بعشوائية !
ما إن فتحت الخط ، تحدث ، فلم تستطع اللحاق بجملته لفهمها ، فـ تساءلت : وصلت ؟
بهدوء غريب اجابها : إي اني جوة ، طلعي بسرعة
أكملت طريقها لتخرج من المشفـى و بالطبع إختارت ان تختبئ من سطوته بـ عويناتها ذات العدسات الكبيرة ،،
للدواعي الأمنية كان الشارع مغلقا حتى نهايته ، و على الراغب بالدخول او الخروج من المشفى أن يـقطع مشوارا طويلا ، فيما عدا المركبات الخاصة بالمنتسبين حيث تحمل بطاقات تعريف تسمح لهم بالذهاب و الاياب ببساطة !
حرارة الشمس لم ترحمها .. فهي من دون شئ تشعر بالإشتعال ، طيلة الطريق وهي تهمهم بـ أدعية قصيرة و ذات تأثير عظيم ،
تعلم إنها تخطو نحو الـ هلاك
و كلما نوت التراجع ، يصرخ بها عقلها .. لا مفر تتوجهين اليه !
كوني واعية ؛
ولكن هذا لم يمنعها من ان تشد العزم لتتوسل اخاها للمرة الأخيرة ،، فـ تلك كانت نيتها منذ أن إتصل بها فجرا ، و كإنه لم ينم ليلته لشدة التفكير و لم ينتظر الإشراق كي يحاكيها و يبعث لها اخبارا لن تسرها أبدا
عند وصولها السيارة المركونة في الجانب الفئ من الشارع صعدت مكانها لـ تلقي عليه تحية حارة بعض الشئ ، ففي قرارة نفسها هنالك جدول يفيض شوقا لهذا المتعجرف ،،
كان صوتها مقبوض الاسارير وهي تـلتفت نحوه لتبتسم بـ ضعف مضيفة على ' السلام عليكم ' : شلووونك ؟ يمعوود ويين هالغيبة ؟
هز برأسه من غير أن يجيب وهذا ما زاد توترها ، ما به ؟
حتى مكالماته تلك لم تخلو من الغرابة ، و كإن هنالك مصيبة في إنتظار الوقوع ، أو قد تكون وقعت وإنتهى الأمر !!
حرك السيارة بـ طريقة عجلة فـ كاد جسدها يضرب بالـمقدمة لولا إنها إستندت بكفها ، لم تهتم في اخماد صرختها الغاضبة : علييي شبييك على كييفــك
هدأ قليلا من سرعته إلا إنه لم ينجح في تهدئة تخوفها ،، فـ عادت لتتحدث بترقب بعد أن إعتدلت بقعودها : شبيك علاوي ؟ شوو مبين عليك عصبي ؟
و كإنه منحوتة حجرية ، لتطير بها الخيالات الى الا فضـآء ، مدت يدها لتضرب كتفه بخفة : عللللي شبيييك ؟ شسووتلك بيبي حتى ترجعلنا هيجي ؟
كانت مجرد رشة سكر كـ تحلية لمرارة الكوب الذي يرتشفانه ، نظر لها بـ جانب عينه ليتحدث بـ برود : إنتي تدرين بت قاسم جانت مهزومة و لهذا رحت اني ؟
تدلى فكها السفلي بـ صدمة لتتمتم بأصوات متعجبة ،، قليلا و تماسكت لتستطرق مستفسرة : شوكت ؟ أني اولت البارحة حجيت وياهة !
ليفض عراكات افكارها بـ : من اول يوم رحت ، بس لقيتها ، المهم ، لينا .. والله العظيم لو مجنت مضطر مجان خليتج تتزوجين بهالطريقة
لتشـد شريط الحقيبة بقوة ، هذه مقدمة عنيفة ، ليرسل لها برقية اعتذار عن الطلب الذي تنوي تقديمه لسموه مند الصباح الباكر ،
عاد ليستطرد : ومدا اقول هيجي لإن الزواج بيه غلط ، بالعكس ،، اصلا مرح اتطمن عليج الا وانتي وية عمر ، و انتي تدرين .. بس ،، تمنيـت الظروف احسن !
و كإنها صفعت بيد حديدية لتتهشم عظام فكها فتتساقط أسنانها واحدا تلو الأخر .. أهذا علي ؟
المستبــد المجنون ، هذا الذي يأمر فتقاتله لتطيع في النهاية ،، يقدم لها مبررات عن جريمة يقترفها بحقها ؟
منذ متى وهو يمتلك حسا ذوقيا و لباقة في التصرفات ؟
حاولت ثنيه ، فطريقة حواره كانت تبشر ببوادر خير : يعني مناوي تغير رأييك ؟
راقبته وهو يضرب فوق مزمار السيارة بـ طريقة تفتقر الذوق العام ، لتعترض بإنزعاج : عليييي كاافي يعني شيسوون الناس يطيرون ؟
و على خلاف العادة لم يهجم عليها ، لا تعلم لم شعرت به مسلوب القوة ،
رفقت به بلا شعور ليخرج صوته هامسا : حبيبي شبيك ؟ والله دتخوفني وانته هيجي ساكت ؟ حتى عيااط مدتعيط ليش ؟ صاير شي ؟
التفت لها بشرود و كإنه توا شعر بوجودها : همم ؟
تغضن جبينها لـ تصر : لاا انته ابد مو طبيعي ،، فهمني شبيك دخيل الله ، بيبي بيها شي ؟ لو جلناااار ؟
عند ذكر إسمها فقط قبضته إشتدت على المقود ، لتبرز عروق جبينه فـ أصابها ذعرا غريبا : شبيييهم ؟؟ دجاااوب عاد مو شلعت قلبي !
إلتفت نحوها ليرمي بقنبلته من ذلك المدفع الساكن : تزوجتها
هبط قلبها لأرضية السيارة و صرخت فزعة : شنووووو ، عزززة ،، علــي شنوو تزوجتها ؟؟ بكيييفك ؟ و اهلهاااا ؟ عللللي جاااوبني
كاد عقلها ان يسقط هو الأخر لدى صمته المطبق ،، و كإن مصيبة اخرى تلوذ به ،، مدت يدها نحو ذراعه لتضغط فوقها مستجدية منه تفسيرا ما : فهمني فدوة اروحلك ، شنوو القصة ؟ شلون تزوجتها ؟ اهلها عرفوا ؟
هذه المرة خرج عن نطاق الصمت ذاك ليقول ساخرا : زمالة انتي ؟ وين يعرفون !
تلاحقت انفاسها برعب : يعني شنوو ؟ عقدت عليها بكيفك ؟ وهييية شلون قبلت ؟ عززززة ، ياربي شنو هالبلووة ، علي طلقهاااا طلقهااا ورجعها لأهلها لإن والله العظييم ابوها يكتلك والله !
لتضيف بهستيريا محدثة نفسها : ولييش ابوها ؟ أبن عمها ، خطييييبهاااا يكتلك و ميقول لأأأ ،، اكييد حقققه ،، و هييية شلوون تقبببل شلووون ؟ عززززة ،، ياااربي دخيلك !
لـ تضرب ذراعه بقسوة : انتته شنوو ماعندك احسااس ؟ شوووفني محروقة وســآكت ؟ علللي خااف الله بس بية لإن والله العظيم تعبت واللـ ـ ـه
تكرم عليها بنصف إلتفاتة ليـزفر بحدة : لينا والله عشيرتي كلها محترقة ، لتبقين تنوحين قداامي ، ماالي خلق و روحي طالعة
فركت أرنبة أنفها الذي تلون بـ الزهر و أختنق صوتها لتهمس : الله ياخذني و اخلص ، يارب
رفع حاجبه بغيظ مرهق و يده تحك جانب جبينه بقوة : استغفررر الله العظيــم
إلتزمت السكوت حليفا لـ حزنها و رعبها و بين الفينة و الأخرى تفضحها دمعات تتسـآقط كـ حبات لؤلؤ إنفلتت من عقد باهظ الثمن ؛
فهذا حال دموعها الغالية ،، تلـك التي اصبحت بسبب علي على شفير الإبتذال ،
بعد وهلة تحدث : هويتج و شهادة الجنسية جبتيهم ؟
لم تجبه ، بل بقيت محملقة بالطريق امامهما ليردف : بلا مزعطة ، جاوبي
تكشيرتها تلك شفعت لها غضبه من عنادها الطفولي ،، فـ بدت كـ صغيرة مغنجة رفض والدها شراء تلك الحلوى المحظورة لها !
عاد ليقول : رايحين للشيخ وبعدين للمحكمة اذا لحقنا
هزت برأسها بغير إستيعاب و المفاجـأة الجمت الصراخ من أن يصهل عاليا ، فـ اكتفت بنبرة خافتة : يا شيخ يا محكمة ؟ و عمو ؟ هيجي بكيفك تسوي كل شي ؟ عيــب والله
إستدار ليرمقها بنظرة شرسة : تعالي علميني العيب ،، عمج يدري ، رحناله قبل شوية اني و عمر لـ محله و قلناله
إبتسـمت بهوان : و عادي اقتنع ؟
ليتحداها : و ليش ميقتنع ؟ أصلا هسة تلقيه واصل قبلنا و دينتظرنا
ابعدت نظراتها للجانب الاخر وهي تلوذ بالصمت لبرهة ، بعدها تحدثت و كإنها تحاكي نفسها : يعني مشاف شغلة انو متزوج مشكلة ؟ شنو انتو وين عايشين ؟ و شبسرعة رحتوله ؟ شنو من ال8 لو من الـ 7 الصبح ، ' و بضيق حقيقي ' يااارب رحمتك
لم يناقشها ، فـ بدواخله هنالك تأييد خفي لكل ما تقوله ، و لكن عليه ألا يكشف عن تلك الستارة المخبئة أفكاره ،
عادت لتلتفت نحوه : زين و بعدين ؟ يعقد علية و وراهه شيصير ؟ أرجع لبيت عمي ؟
أجاب بـ إرهاق تسلل ليهرب من بين ضخامة انفاسه : والله ما ادري ،، بس اهم شي اتطمن انو عندج مكان امين تبقين بيه اذا صارلي شي
لتسخـر بـ حدة : حقك تخاف ، والله اهلها محيعوفوك ، و محد واقع بيها غيري
ليـستطرق : مشايف مثلج انانية
عاندت خوفها : ومشايفة مثلك متهور ،، تتزوج بت الناس على اي اساس ؟ تخيل لو اني مسويتها متذبحنييي ؟ والله بابا الله يرحمه شقد حباب و ادمي هم جان ذبحني ،، لو هيجي بس تريد تحرق قلب ابوها و مداير بال لقلبها
انتفخت اوداجه بـ غضب مكتوم ، تسارعت أنفاسه و حدقتاه سبرت اغوار الساعات الماضية لتذكره بما حدث ، بل بما فعل !
لن يستطع يوما ان يمحو من جدران ذاكرته تلك النظرة المخذولة و النبرة المكسوة بالوجع ، لن يفعل !
سحقا لينا كفي عن النبش في أوجاع تلك التي بنت صروحها في جوفي ، تبا !
عادت لتقول مستفسرة : بس هية عاقلة والله ،، شلون قبلت فهمني ؟ و بعدين هشام شلون نسته ؟ هذاا خطيبها صارله 5 سنين ، علي والله انته ذبيت نفسـك للنار
التفت ليجحدها بـ شعاع مشتعل : كافي اكلان *** ،، هاهية هية هسة مرتي ومحد يقدر يقول غير هالشي
لتحاول بيأس : زين طلقها ،، مدام بعد مصاير شي طلقها و وديها لاهلها و سوي نفسك واحد لاقيها لو صخام دخيييل الله والله اعصابي تلفت من وراك
في مكامن الروح ،، توجع شئ لذلك الاسلوب المستميت ، إلا إنه هتف بضيق : كافي لين ، كااافي ماكو وحدة رايحة تعقد هيجي ، احس رح تخنقيه لعمر اول متشوفيه
حروف قصيرة ، تعتادها منذ الازل ، جعلتها تنكمش الما وهي تختار الانزواء بـ احلامها الموءودة عميقا في رمال الواقع الجائعة لكل برئ كي تلتقطه شهيدا !
رعشة مفاجئة هزت بدنها فـ حطمت قلبه ، و لكن كان عليه المضي قدما في الأمر ، فهذا الأسلم لها
بالذات بعد ما حدث بالأمس ؛
يجـب أن يحفظ حياة اخته .. فلا طاقة يحملها لفقدانها هي الاخرى وهذه المرة بسببه !
بعـد الطويل من الصمت امال برأسه ليراقب فركها ليديها بتلك القسوة ، تحدث بـ ثبات : جبتي عباية ؟
هذه المرة قررت الرد بعد أن ذكرها بشئ غفلت عنه : لأ ،، ودينا لبيت عمي و مناك اخذ
ليـتحدث بحدة و مزاج تلون بالداكنة من الآلوان : وين نووولي لبيت عمج ،، الدنيا تشتعل حر و تريدين تفرفرين بينا ،، و بعدين مو مشكلة همة هسة ينطوج هناك
لتجيبه بأنف متعالي : مو فاتح تبريد وين الحر ؟ و ثاني شي ما البس عباااية مية وحدة لابستها قبلي ،، معلية والله
أستفزته ليـفرغ بها القليل من الكبت الجاثم فوق صدره منذ ساعات : والله طبببج مررض ،، اني خابرتج الصبح غير تحضرين نفسج
لتلتفت فتراقب تصلب فكيه بـ غيظ : اجيبها للدوام ؟ وين احطها براااسي ؟
لم يجبها فـ عادت لتتكئ على المسند بقوة وهي تتذمر : يريد يطلع حرقته بيه ،، أني شعلية ؟ يااارب اخذنننني وخلصننني والله متتت
لم يهتم و عادت هي لتخسر جواهرها الثمينة كل حين ، تمالكتها العظيم من الثورات حين علمت الطريق ،، لم يهتم بإعتراضها وهاهو يأخذها للمسـجد حيث الشيخ الذي سيسلمها لـ ذلك الرجل !
البليــد
لم تناقشه ،، فهنالك غصة تأبى الإنفلات و الإفصاح عن ضعف و وجع ،، ويجب ان تتستر عليها قبل فوات الأوان
حينما إقتربا من المكان المقصود لاح لها ذلك العمر الذي لم تفصله سوى دقائق قليلة لتكون له
كما تمنى دوما
لا تعلم أي نصيب رماها لـ تؤول تدحرجاتها القاسية لهذا الدرب
إستغفرت بزفرة قهر اثارت رشفة من التوتر في نفس اخيها ،، و ما إن ركن سيارته حتى ترجل ليتقدم له ذلك فيتبادلان امام مرآها سلاما هادئا و هما يراقبان الطريق
لا تعلم ما الامر ،، هل الجميع متوتر كـ هي ام إن هنالك ما بينهما و يخفيانه ؟
اضاءات اشارات الـ رعب في نفسها حينما اشار لها علي لتترجل هي الاخرى ، رفضت بيـدها وهي تشير لملابسها الملونة ؛
فـ إكفهرت ملامحه و ترك رفيقه يتابع الطريق مصلوبا تحت شمس الضحى و عاد نحوها ، مال بجسـده ليتحدث بـ غلظة و ذراعيه اسندهما على طرف النافذة المفتوحة : نزلي هسة ندبرلج عبااية ، يللا ورانة روحة للمحكمة هم !
عربدت الأعاصير بجدران صدرها الداخلية ،، فـ بدأت تشقق البطانة و تصدأ الأضلاع ، فـ تحيلها لأجزاء هشة لا حيلة لها على المقاومة
إرتخى كتفيها إثر ذلك الإستسلام وهي تكافح لإستجداء العناد : يا محكمــة ؟ هوة بس عقد شيخ وهااهية ،، محكمة و بعدين ينكتب بجنسيتي مطلقة
ليميل رأسه متسائلا بعجب ، قليلا جدا و إستطاع فبركة تهيؤ ما عما صبت اليه بـ غلطتها تلك ، فـ أثار الندم بادية فوق ملامحها ،
ساعداه اللذان كانا يضغطان على طرف النافذة المستعرة إثر الشمس إبيضا على طولهما لقلة الدماء المنسابة لشرايين مدفونة بعضلاتهما ، خرجت نبرته محذرة و عيناه تهددانها : ليش حضرتج ناوية تتطلقين ؟ لعب جهال هوة ؟ لو الدنيا على كيف اهلج ؟
لتستمر بـ الإفصاح ، فدامه كشف نيتها لا ضير من إتمام الامر : لعد ابقى وياه عمري كله وهوة كل الي سواه وقفة علمودك انته ؟
لينتصب واقفا فيفتح الباب ،، مد بنصف جسده للداخل وهو يطفأ المحرك بعد ان اغلق النوافذ : امشي نزلي ، لتخليني اطيح حظج هسـة
إنتفخت ملامحها إثر الوجع ، إنها تتألم ،
لم تكون كأي فتاة بيضاء الصفحة ،
لن تعيش حلم الاقتران بفارس الاحلام
حتى و ان كانت دوما منطقية الفكر و لم تعجبها تلك التفاهات ، فتبقى فتاة في النهاية
لن ترتدي فستانا ابيض و لن تتحنى بحنة العروس كـ رسل
لن تكون لها شبيهة حتما !
لا إنها مخطئة ، فلها من الشبيهة نسخة أخرى ولو إختلفت الظروف ، و الجاني رجل واحد
صدمتها فعلة الـ جلنار ، كيف إرتضت ان تطعن اهلها بظهرهم هكذا ؟
أ ما يكفيها رعبا يستوطن الحشا من بعد غيابها العسر ؟
أ قررت الإخلاء بـ عهود الفطرة لتتركهم الى الابد ؟
إنه لأمر مستحيل ،
عليها عدم التسرع في الحكم
وما شأنها بما حدث لهم ؟
تبا لعلي و لجلنار و لـ عمر ايضا
عليها التفكير بمصيبتها القادمة ،
ترجلت بعد ان رمت الرداء الطبي و حقيبتها على المقعد ،
ذكرها بـ : جنسيتج
بـ أعصاب مشدودة مالت لترفع الحقيبة و تخرج منها الاوراق الرسمية اللازمة ، كان النفور جليا على حركاتها وهي تتحـرك امامه مكرهة ،
توقفت بالقرب من سيارة عمر وهي تلقي السلام بخفوت ، أجابها بغلظة من غير أن يـلتفت بإتجاهها ، و حينها إنتبهت لـ والدته تترجل هي الاخرى من سيارته لتقترب منهم
القت تحيتها الطيبة بـ هدوء و بذات الهدوء تلقت الفتاة في احضانها بمحاولة مواساة يائسة ،
لم تستطـع السيطرة على اصفاد مقلتيها فتبلل خداها بالقليل من القطرات ، لتمسحهما بسرعة و تحمد الله إنها ترتدي النظارة لتخفي خلفها بحورا تفيض ،
إشرأبت أنفاسها عند ضغط تلك الحنون على جسدها ، وصلتها نبرتها اللينة : حبيبتي لتنقهرين من الطريقة ،، كل واحد ياخذ نصيبه من الدنيا ، و ان شاء الله يجعللكم بيها الخير و البركة
تمقت ان يحدثها احدهم بشأن الامر و كإنه طبيعي ، لا تحتمل شيئا مماثلا كهذا !
هي . لن تكون لعمر
حتى و إن اجبروها على الذهاب للمحكمة والقاء نفسها بسجنه لسنوات عدة ، لن تكون الا كضعيف رضي بالظلم على نفسه ليسكت السنة القضاة
ما يؤلم أكثر هو ذلك التصلب الواضح على جسـده ، فيبدو إنه ليس سوى مماثلا لها !
ما هذه الزيجة التي اجبرا على المضي قدما في إتمامها
يارب !
وقفت مع والدته لبرهة و على جانب اخر يقف الجانيان ، كلا منهما يتحدث بهاتفه ،
انتبهت لوالدته تحادثها بلطف : لينا امي امشي ندخل للجامع نصليلنا ركعتين لحدما يجون عمج و آلن ،
اجابت بهدوء : بس خالة مجايبة عباية ، شلون ادخل ؟
لتعود نحو السيارة فتخرج كيسا يحوي عباءتها ، قدمتها لها : أخذي امي لبسي عبايتي ، واني همة ينطوني هسة
؛
|