كاتب الموضوع :
حلمْ يُعآنقْ السمَآء
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
بسم الله الرحمن الرحيم
أحبتي :
الصلآة ثم الصلآة ثم الصلآة !
ثم كوني بقربي !
البرآءة الرابعة عشر
وأسألُ نَفسي :
لِماذا أُحبُّكِ رَغمَ اعتِرافي
بأنَّ هَوانا مُحالٌ .. مُحالْ ؟
ورَغمَ اعتِرافي بأنَّكِ وَهمٌ
وأنكِ صُبحٌ سَريعُ الزَّوالْ
ورغمَ اعترافي بأنكِ طَيفٌ
وأنكِ في العِشقِ بعضُ الخَيالْ
ورغمَ اعتِرافي بأنكِ حُلمٌ
أُطارِدُ فيهِ ..
وليسَ يُطالْ
وأسألُ نفسي لماذا أحبُّكْ
إذا كنتِ شيئًا بعيدَ المنالْ
لماذا أحبُّكِ في كلِّ حالْ
لماذا أُحبكِ أنهارَ شَوقٍ
وواحاتِ عِشقٍ
نَمَتْ في عُروقي وأضحَتْ ظِلالْ
وأسألُ نَفسي كثيرًا . كثيرًا
وحينَ أجَبتُ
وَجدتُ الإجابةَ نَفسَ السؤالْ
لِماذا أُحبُّكْ ؟! " "
لـ : عبد العزيز جويدة
؛
كـ أحد الصباحات السابقة ، لا جديدا حدث !
كل ما في الامر إنها اليوم بمزاج أزرق ،، تدور الشياطين من حولها بمحاولة إستفزازية حادة
و كإنها تحتاج لعامل مساعد !
لو كانت بمنزلهم كانت ستـسمح لنفسها بالتعبير عن ذلك الغضب و افراغ ما بجعبتها من حكايا قاهرة لكنها هنا عليها الصمت و الصبر على كل ما يضيق لها قلبا بات لا يحتمل وخزة إبرة
الشعور بثقل تواجدها في هذا المنزل امرا موجعا بحق ،
فـ زوجة عمها لها شخصية مركبة ،، كل حين يقلب حالها لغيره ،، وهي لا تحب ان تتعامل مع شخص ليس لشخصيته ملامح واضحة
امر كذلك يجعلها تنزوي في حجرة الهدوء
اما الفتاتان ، زهراء و سهى فهما نسختان غير مكتملتان من والدتهما ،، و بالنسبة لعمها فهو لا يتواجد كثيرا بينما في اوقات وجوده يشعرها بإنها ضيفة غير مرحب بها البتة !
كثيرا ما راودتها الرؤى حول الخطر المحيط بأخيها ،، لو حدث له امرا سئ ، مالذي ستفعله ؟!
فوق خسارته ستخسر حياتها حتى انقضاء اجلها هي الاخرى !
هو يعلم انها لا تحتمل العيش كـ ' عالة ' على عاتق احدهم ،، و منذ ان تخرجت و بدأت بالعمل المنفرد اكدت له نجاحها في السيطرة على حياتها الخاصة !
و هنا تشعر بأنها مقيدة ،
بل يكاد الاختناق يرغمها على البكاء او الصراخ أو حتى الهرب مما هي فيه
و سبل الهرب بالنسبة لها تتلخص في إثنين ،
فأما ضرغام .. او عمر !
تستغرب علي جدا ،، فهو لم يذكر لها الموضوع منذ عراكهما الاخير ، و لكونها تعرفه حق المعرفة فهي متأكدة بكونه لم يتوان عن الحديث الا و هنالك امرا لاتعرفه !
كانت في المطبخ تحاول تقديم المساعدة بأبسط صورها و هي تقوم بتحضير الفطور ببال شارد نحو عالم اخر
يتهادى لها صوت فيروز بـ ' كيفك ؟! ' !
كيفـك ؟!
ئال عم بيئولو صار عندك ولاد !
أنا والله كنت مفكرتك ، برات البلاد
شو بدي بالبلاد ؟!
الله يخلي الولاد ،، آي
كيييفك إنتتا ؟ ملااا إنتته !
من ذا الذي يستمع للاغاني من الآن ؟!
يتبع الكثير هذه العادة بالاسترخاء الصباحي على صوت فيروز ، و احيانا تكون هي منهم !
و إن فعلت ، لن تتأخر بإختيار هذه الـ ' كيفك ! '
كم تعشقها من اغنية و كم تصاب بالوجع المعوي عند سماعها ، آه .. أبدعتي ايتها الفيروز
دخلت المطبخ ابنة خالها قائلة بإبتسامة لا تعلم إن كانت حقيقية ام مجاملة : صباااح الخير
أومأت برأسها : صباح الخيرات ، زهراء عفية صيحي ' نادي ' خالة و عمو ،، خلي يتريقون
اجابتها تلك وهي تتجه نحو الطاولة المرتبة : هاي شنو هالريوق ؟ هههه هسة بابا يبسطج ' يضربج ' ،، يعني صارلج ساعة عبالنا رح تسوين قوزي ' تقال عند كل سخرية ،، والقوزي هو خروف مطبوخ '
إبتسمت بلطف ناقلة بنظراتها نحو الاجبان : ليش شسوي قااابل ؟؟ هوة ريوق كل واحد ياكل لقمة و يقوم ' و بتعكر مزاج مفاجئ 'و بعدين اني ما احب الطبخ ، على العموم عجبكم عجبكم ، معجبكم كيييفكم !
ضحكت تلك بشئ من الصدمة : ههههه ،، عززة شبيج اكلتيني و شربتيني ؟؟ هسة شقلت اني !!
زفرت هواء صدرها بـ ذات التعكر ثم التفتت نحو الضجة السابقة لعمها و زوجته و ابنتهما !
منذ امد لم تعش في تلك الاجواء العائلية
لم تر كيف تعامل الام ابناءها و كيف يدللهم الاب
حاولت ان تتخلص من عقدة تكونت بين حاجبيها لكنها فشلت ، كل يوم تهرب من هذا الاختناق عندما تذهب لعملها
فهناك متنفسها الوحيد !
و أيام توافد طلبة الطب يضيق ذلك التنفس من جديد ، لا تعلم إن كان ما تشعر به طبيعيا ، بل هي متأكدة غرابته
فما بالها هذه الفترة لا تستطيع ان ترى ذلك الاحمق و تتحاشى قدر المستطاع تبادل السلام معه !
و الاكثر غرابة كونه يفعل المثل ،، هذا ما دعاها لـ تعاني الأرق لفترة طويلة
تخشى معرفته بـ فكرة علي المجنون ، فأخاها لا يخجله شئ ومن الممكن جدا إنه قد أخبره بما يود ،
و من جهة اخرى صمت ذلك العلي و عدم فتحه الموضوع مرة اخرى ، هنالك شئ بالخفاء
شيئا يرعبها تصديقه
احنت ظهرها لترفع تلك العلبة الخاصة للسكر التي كانت تتوسد يدها ، لا تعلم كيف فلتت منها !!
انتبهت لصوت عمها ينتشلها مما فيه : شبيج بابا ؟ شكلج تعبان !
لا تستطيع التحمل
تشعر بنفسها كـ عبء ثقيل لا يحتمل ، و مجاملات من امامها لا تستطيع تصديقها
تمتمت بهـدوء وهي تتحرك بالعلبة نحوهم : ماكو شي عمو بس نعسانة !
تحدثت تلك الزوجة بعد ان جلس الجميع مكانه : اذا نعسانة روحي نامي ليش قعدتي من الصبح ؟!
قد تعتبر من الجميع جملة اهتمام ، و لكن ما شعرت به اللين هو غيظ و عدم ارتياح من تلك المرأة و كإنها بدأت تخنق راحتهم و تزعج شمل عائلتهم المبجلة !
،
وستبتغين ... وترفضين
وستضحكين ... وتحزنين
ولكم سيحملك الخيال
لكن .. هناك
هناك في العبث الذي لا تدركينْ
ستظلُ ساعتك الانيقةْ
تلهو بأغنية عتيقةْ
ولن تري
ماتبصرينْ
ستتكتك اللَّحظات فيها كل حين
ستتكتك اللَّحظات
في المنفي الصَّغيرْ
ولا مصيرْ
وتمر عابثة بما تتأملين
لكنماأنتِ التي لا تدركيْن
فستبغين ْْ ... وترفضين
وستضحكينَ ... وتحزنين
ولكَمْ سيحملك الخيال
فتحلمين
بلند الحيدري
قد تعتقدون بأني اهول الامور ، بل اتصرف بسخف و غرور ؛
و لكنكم لستم في موضعي ، و عسى أن لا تكونوا !
انا اشعر بالإختناق ،
لا أحد حولي كي اشكي له هما اجتاح بجيوشه الغابرة صدري فإستحل اجزائي و إنتهك راحتي
اريد رسل ، او جلنار !
او حتى رنا
اريد اي احد ،، شخص استطيع نسيان ما انا به معه ، شخص كان معي في كل الاوقات
اما هؤلاء الأقرباء الغرباء فلا مكان لي بينهم و لا مكان لهم في حياتي
و لكن المهرب مستحيل !!
أنا لا استطيع بناء حياتي فوق أسس ضعيفة ،، لا يمكن لي ان افعلها
انتبهت لـ زهراء تروي لوالدها ما حدث بيننا منذ قليل وهي تضيف تعليقات فكاهية مرحة لم ارتح لها
نعم
لقد صدق اخي بقوله ،، أنا لا استطيع احتمال احد
و لا احد بإمكانه إحتمالي غيره هو ، سواء شاء أم أبى
فأنا لا احد لي بعد الله سواه ، و عليه ان يحافظ على نفسه من اجلي ،، و من اجل ان نعود من جديد لسابق عهدنا
سأموت هنا !
إستأذنت منهم ، بـ حجة اقتناعي بما اقترحته زوجة عمي ، و ذهبت الى الغرفة التي اشارك بها الفتيات
حتى الباب لا اجرؤ على غلقه خلفي ،، أخشى ان تراودهم الشكوك من حولي و بخصوص ما افعله بمفردي
لا اعرف لم بت هشة لهذه الدرجة ،، لم لا استطيع كبح ضعفي و تقييد حرية دموعي ؟!
كيف اتركها تفر مني بهذه السهولة ؟!
أريد أخي
لا أستطيع اتمام المهمة المستحيلة هذه
ليس لي قدرة على الصبر
حتى صلاتي اشعر بها ضعيفة و ما ان انتهي منها تتشنج اعضائي معترضة و كإنني لم اتمها بحق !
و الاستحمام ايضا ،، أشعر كإنه شئ صعب انجازه في منزل ليس لي ،
اما الطعام !!!
فأجبر نفسي على تناول القليل كي استمر بالعيش حتى اعود لـ حجر خلف ابي
لو استمريت بذكر ما يؤرقني لن انتهي ،
أعلن إنهزامي الآن ، و لكن ليست بالهزيمة النكراء التي جالت ببالكم
لن استسلم لـ عمر !
فـ لو كان أخر رجل متاحا امامي ، عاشقا و طالبا لـ قربي لن ارضى
هو تزوج ، و حكاية حبه الخالد دفنها بعيدا فباتت رائحة جثتها غير موجودة منذ زمن
رغم إني متأكدة بأنها ستفوح يوما ما و سـ تشمها زوجته ، إلا إنني لن اكون بمفردي وقتها
لإنني إتخذت قراري الآن
و لا يهمني إن كان صائبا ام لا
كل ما يهمني ان اتخلص مما انا فيه
طيلة تلك الليالي و انا اصلي الاستخارة عسى ان يوفقني ربي لخير يراه ولا اراه
أعتقد إن وقت أعلان الاستسلام جاء مبكرا جدا هذه المرة ،، فلم تدم حربنا غير 7 أيام
و لكني وجدت بإني اضعف من ان اقاومه و أنا هنا
سألقى حتفي قبل نهاية معركة بكل الاحوال لا خاسرا فيها غيري انا ، إن طال الوقت ام قصر !!
رفعت هاتفي بيميني و يساري استلمت مهمة تنظيف بشرتي من الدموع الـ كئيبة !
المظلومة حسبما ارى
فلا ذنب لي في كل هذا ، سوى إنني أتلقى عقاب ينفذه أخي بجلنار
تلك التي هي الاخرى لا تملك من الذنوب سوى كون والدها قاتل اختيه
هذا الجاني المسمى بعلي ،، هل ياترى سيتذوق نكهة الفرح بعد ان اخبره بقراري !
بعــد أن أعلن له موافقتي المبدأية على ضرغام
.
.
.
لا تعشقيني
(1)
قُلوبٌ تَميلْ
وقُربي إليها مِنَ المُستَحيلْ
لأنِّي جَريحْ
وأشتاقُ يومًا لأنْ أستريحْ
فلا تَخدَعيني بِحُبٍّ جَديدْ
لأنِّي أخافُ دَعيني بَعيدْ
(2)
وإنْ تَعشَقيني
فلا شَيءَ عِندي لِكي تَأخُذيهْ
وما أنا شَيءٌ
ولا قلبَ عندي لكي تَعشَقيهْ
فقد تَندمينَ
وتَمضينَ عنِّي
وفي القلبِ سِرٌّ ولن تَعرِفيهْ
فإنيَ وَهمٌ
وقلبي خَيالٌ
وحُبي سَيبقَى بَعيدَ المَنالْ
فلا تَعشَقيني لأني المُحالْ
(3)
وإنْ تَعشقيني
فهل تَعرِفينَ أنا مَنْ أكونْ ؟
أنا الليلُ حِينَ طَواهُ السكونْ
فلا أنا طِفلٌ
ولا أنا شَيخٌ
ولا أنا أضحَكُ مثلَ الشبابْ
تَقاطيعُ وَجهي خَرائطُ حُزنٍ ،
بِحارُ دُموعٍ ، تِلالُ اكتِئابْ
فلا تَعشَقيني لأني العَذابْ
(4)
إذا قُلْتُ يَومًا بأنِّي أُحبُّكْ
فلا تَسمَعيني
فَحُبِّي كَلامْ
وحُبي إليكِ بَقايا انتِقامْ
لأنِّي جَريحْ ..
سأشتاقُ يَومًا لكي أستَريحْ
وأرغَبُ يَومًا أرُدُّ اعتِباري
وأُطفئُ ناري
فَأقتُلُ فيكِ العُيونَ البريئةْ
فَلا تَعشَقيني لأنِّي الخَطيئةْ
(5)
دَعينيَ أمْضِ ودَاري دُموعَكْ
لأنِّي أخافُ سأرحَلُ عَنكِ
وقلبي السَّفينَةْ
أجوبُ بِقلبي الليالي الحَزينَةْ
فعُذرًا لأنِّي سأمضي وَحيدًا
سَأمضي بعيدًا
وإنْ عُدْتُ يَومًا
فقولي بأنَّكِ لا تَعرِفيني
فَقلبي ظَلامْ
وحُبي كَلامْ
ومازِلتُ أرغَبُ في الانتِقامْ
لـ : عبد العزيز جويدة
أغلق هاتفه بعـد أن قال لها بإختصار ' العصر ارجع و امر لبيت عمي و نتفاهم واذا مجيت فعلى باجر '
يجلس في الصالة الصغيرة العائدة لذلك المنزل الريفي اللطيف ، يستنشق اعبق الروائح التي تزود دورته الدموية بكما هائلا من الاوكسجين النقي الذي يعتبر عملة نادرة في اجواء بغداد
فتلك الإنفجارات و الأسلحة و الغازات المسيلة للدموع تارة و السامة تارة أخرى لم تترك للمدن سوى التلوث كـ أعراض جانبية متأخرة ،، تخلفها بعد ما تفعله في أبنائها من قتل مباشر
و هذا النقاء لم يشعر به منذ زمن ، رغم انه استيقظ مبكرا بسبب الاصوات المزعجة من حوله ، إلا ان الراحة الغريبة التي يشعر بها لم تسمح له بالعودة للبحث عن النوم من جديد عله يرتاح قليلا في هذه العطلة
فهو معتاد على النهوض المبكر بسبب العمل ، إلا إن يومي الجمعة و السبت يعتبران يوما الراحة المؤقتة !
كانت جدته ايضا قد نهضت قبله ببعض الوقت ؛ و ها هو ينتظر فطوره من يدها ، فهو لـم يتناول طعامه بالأمس ، و يشعر بالجوع يسيطر عليه جدا !
مر بباله سبب عدم تناوله الطعام و شعر بالحقد ينمو فيه ، تلك الإمرأة كم يكره التورط في عالمها
و كإن عبد الملك إختطفها اول مرة لينال العقاب هو ، ما الذي جعلها تتوغل في حياته لهذه الدرجة و تزعج له كل ترتيباته ؟!
فها هو مشرد ببيت رفيقه ، و أخته توافق على الزواج من رجل لا ترغبه فقط من أجل التخلص من ذلك اللجوء الـمتعب لخلايا الدماغ !
كله بسببها هي ،
فرغم نيته بعقابها و حبسها في هذه الارض يجد إنه يعمم ذلك العقاب على جميع من حوله ،
حتى آلن و الأخر فقد وصل لهم العقاب ، فها هو آلن يطبق كل اوامره رغم نقمه و رفضه الدائمان
اما ذلك الأحمق ، فهو لم يراه منذ ذلك اليوم ،، حيث اخرج نفسه من دائرتهم الصغيرة !!
لقد حطم له برجا من الغرور و الثقة ، فهو كان اكيدا بإن ذلك لن يرفض له هكذا طلبا ، فهو حتى و إن تزوج ، متاح له الزواج من جديد
و هذا الزواج ليس لاسباب عاطفية سخيفة ، بل له أسس منطقية و عقلانية ، فلم رفضه ؟!
لإنه ضعيف و خائف ، يعلم بإنه لا يستطيع الا الرضوخ لقلبه ، و لكنه رفض اوامر القلب بلحظة تهور سيندم عليها طيلة حياته !
الأحمق
لا يريد رؤيته ، فهو غير اكيد من قدرته على مسك لجام غضبه و عدم التفوه بالحماقات التي قد تنهي صداقة دامت قرابة الـ 3 عقود !
ليس من اجل شئ كهذا
بعض الوقت سيكون كفيلا لـ محو تلك الخطوط المتشابكة التي من شأنها أن تزلزل استقامة الوضع بين الاثنين !
سمع صوت جدته تحادثه من المطبخ ، فوقف متكاسلا راميا بهاتفه المحمول فوق الاريكة بإهمال
خطى بتثاقل و كإنه تبدل بإخر ، فقبل قليل كآن يشعر بالكثير من الإسترخاء اما الآن فتعكر مزاجه جدا بتذكر احداث الاسبوع الأخير
ما إن دخل المطبخ حتى سمع صوت مبحوح مرهق لتلك التي توليه ظهرها ، كانت اكتافها مرتخية و جسدها بليد بتلك الملابس التي تعود لأخته !
استنتج ان جدته لم تناديه بل كانت تحدثها منذ قليل و هو الذي ظن بإنه المقصود في الحديث
لم تشعر بوجوده حتى افزعها بـ : صباح الخير
لا يعلم لم قالها ، فهو لا يمتلك من حس الذوق الا القليل و القليل جدا ، غريب ما حدث !
تقف بلباسها المكون من بنطال اسود مستقيم فوقه قميص أخضر غامق و حجابها الأسود يغطي شعرا من ذات اللون مع لمعان مفقود ،
كل الملابس التي زودتها بها لين كانت ضيقة عليها بعض الشئ في بادئ الأمر ،، فهي كانت بقوام معتدل قريب الإمتلاء الجذاب قليلا
أما الان فيبدو إنها أصبحت بجسد متراخ
بعكس تلك التي تمتلك قدا رشيقا جدا !
عندما سمعت صوته توقفت يدها قليلا عن العمل في تقليب البيض المقلي ، لم تنوي الإجابة حتى اعاد جملته بـ حدة هذه المرة : قلناااا صباح الخير
أكملت عملها بيد ترتجف : صباح النور
حاولت إلهاء نفسها بـ إتمام العمل مستمعة لحواره مع جدته ،
كان قد جلس على نفس المفرش الارضي بعد أن مسحه بنظراته اولا بعدم رغبة لـ شجار أخر مع شعرة أخرى !!
شجار يجعله يعزف عن تناول فطوره هذه المرة و هو جائع و لا يود الامتناع عما يشتهيه
فرائحة الشاي و البيض المقلي قد تغلغلت فتركزت في خلاياه الشمية لتجعله يسكر جوعا !
تلك اكملت تحضير صينية الفطور لذلك الذي جعل قلبها ينقبض و أنفاسها تحتصر بداخل رئتين مرتخيتين لا قابلية لهما على التقلص و إخراج محتوياتهما التي ان تأخرت أكثر ستتحول لسموم من شأنها أن تؤدي بحياتها
إن هذه الطريقة ليلاقي احدهم به حتفه متعارفة جدا في حالات التسمم بالكثير من الغازات السامة كالسينايد و أحادي اوكسيد الكاربون ،
و لكن أ يوجد في المعجم العلمي احد السموم بإسم ' علي '
سم يجب الابتعاد عن إستنشاقه او حتى التجول في منطقة ملوثة به ، فما إن يتوغل بـك يسقطك صريعا !
و رغم ذلك تراك ادمنت هذا السم ، فـ حتى ذكر إسمه يعتبر كـ جرعة مهدئة لفترة محدودة
و ها هو موجود امامها ، و بعد قليل فقط سيـنفث عليها دخانه لـ يخنقها غير آبه لكل معاناة تمر بها
تقدمت بالطعام نحو جلسته مع جدته و مالت بجذعها قليلا مقدمة الصينية للجدة
كانت تشعر بنظراته الحادة و كإنه يراقب كل ملامح وجهها و آثار الضرب و الانتفاخات التي كانت تغطي بشرتها بشكل تام
لقد خفت الاورام بشكل ملحوظ و حتى خارطة الالوان إقتصرت على اللونين الرمادي و البنفسجي الفاتح المتداخلان بـ إندماج حول عينها اليمنى تارة ، و وجنتها اليسرى تارة اخرى
إعتدلت بإستقامة وهي تتحدث بنفس الإسلوب الهادئ و صوتها يشير الى التعب : بيبي حضرت صينية ابو جاسم ، منو ياخذلهيااه ؟!
كان قـد رفع قطعة الخبز و ما إن تناهى لمسامعه ما قالت رفع بنظره نحوها ؛ و قبل أن يسأل أجابتها الجدة بـ إسلوب جاف كعادتها معها : يوم اوقفي بالباب هسة يجيج جاسم و إنطيهياه
ما الذي تهذيان به ؟!
انزل الخبز قائلا بحيرة مغتاظة : ابو جاااسم منوو يابة ؟! انننني مووو قايل متطلع من البيت
ثم إستطرد وهو ينقل بنظراته نحوها : قتلللج ماريييد احد يشووفج
بعينها أشارت نحو جدته و بسخرية باردة تنوي بها اللعب بأعصابه : بيبيتك تقول عادي ، الرجال ثقة
يبدو إنه لن يتناول اي طعام في هذه الارض !
ما بالهم لا يودون له أن يكون هادئا ، كل ' من ' حوله و كل ' ما ' حوله لا هدف له سوى إغاظته
أبعد الصينية بطرف إصبعه قائلا بـ تحذير : إحجي عدددل اول شي ، و بعدين قولولي ،، منو هالـ *** هذا ؟!
تدخلت جدته مؤنبة : علي انتتته لييش متحترم النعمة ؟؟ ' أردفت بصوت مرتفع بعض الشئ ' و بعدين لتقول هيجي على الرجال ، انته تعرفه يعرفك حتى لسااانك الطويل تطلعه عليه ؟!
نظر لها بتهديد : بيببببي !!!
صرخت بإصرار : اشش ولا كلمة ، إنته فد مرة تعنترت ' من عنتر ' محد يقدر يحجي وياااك حجااية ،
لم ينظر بإتجاهها فبالتأكيد تراها تسخر منه الآن ، همس بحدة : اريد اعررررف منو الرجال بسرعة !
تدخلت هي : الفلاااح
بسرعة خاطفة حول انظاره نحوها ، فوجدها تنظر له بـ عبوس ، عاد ليزأر : و انتتتي على اي اساس تطلعين للفلاح و ابنه ؟
زفرت هوائا بتملل و ابتعدت خطوات نحو الطاولة الوحيدة في المكان لتجلس فوقها ،
اجابته الجدة فـ أبعد عينه من تلك المتنمرة التي تنوي اللعب بناره رغم علمها بإنها ستحترق : الرجاااال خوش رجال و خوالك كلهم يعرفوه وماعنده لا زايدة و لا ناقصة بس يربي جهاله اليتاامى ، و بت الناس دتسويله و لجهاله الاكل و ننطيهياه و ابوك الله يرررحمه ،، فلا تكبر السالفة
بعدم اقتناع سحب الصينية من جديد ضاربا بـ رغبتهم في اشعال فتيلة غضبه عرض الحائط ،
عندما لمحها تقف من مكانها حذر من غير أن يرفع نظراته من الطعام : لتروحين ، أني هسة اكل و اروح اشوف هالرجال الخبصتوني ' الذي أزعجتوني ' بيه
هذه المرة انتبه لها تخرج من المطبخ بصمت ، حاول عدم الاهتمام و لكنه بعد فترة حدث جدته من غير ان يعلق نظراته بها ، فشعور قوي بالاعتراض تقدمه خلايا عقله و هو لا يعلم مالشئ الأخر الذي يسيطر على تصرفاته هذا الصباح : ليش متتزقنب ' تتسمم ' ؟!
اجابته بـ نظرة غيظ : شعليك بيها ؟ المثلها المفروض يندفنون
ثبت نظراته عليها و ضغط على فكيه معترضا : بيبي ، قتلج البنية ماااعدهه شي و لا مسوية شي
بـ غضب سمحت له ان ينفجر قالت : لعـــد ليييش انته هيجي تعاملها ؟! غييير شاايف عليها شووفة ؟ و اصلا انته شمورطك بيها ؟ والله حاااسة السالفة مو خالية بس شسوي اخخخخ اخخ ،، لو بيدي هسة ارجع لبغداد و اعوفها ، اهلها مدميها ' ضربوها حتى ادموها ' و انته تقلي ما عدهه شي ،، شنو قابل زماااايل يفضحوون بتهم و يكسرون عظاامها بدون ميتأكدون
كانت ساقاه متربعتان بجلسة متأهبة للنقاش المنطقي ، اما الآن فإعتدل ليقف بـ شئ من الهجوم اللا منطقي : مشااايف عليها شي ، و سيمااهم في وجوههم ترة بيبي و البنية مبينة ادمية ، بس اني اسلوبي هذا ويه العالم يعجبكم يعجبكم ميعجبكم طخوا رااسكم بالحاايط
اردف وهو ينظر لها من علوه قبل ان يترك لها مجال الرد الغاضب : و بعدين انتي شفتي منهاااا شي هالايام ؟! شكو هيجي كارهتها ؟
بـ بطئ حاولت الوقوف و هي تهتف بـ صراخ : قووومني شووو ،، نعلعلاااا
مد يده ليسحب ذراعها بقوة فصرخت به متألمة : ولك على كيييفك كسرت ايدي ،،
بـ إبتسامة خفيفة غيرت له المزاج تحدث : أني شعلية انتي راخية ، عبالك جلد و عظم
ما إن وقفت بـ توازن سحبت ذراعها بعنف : و زقنبووت بقلب العدوو ، لعد شتريد مني مرة قضياانة ' منتهية ' شباقي من عمرري قابل
بـ طبع إستفزازي معجون بشخصه اللا أبالي : هاي صارلج سنتين هيجي تقولين و بعدين اني اموت و انتي لأ
عنفته : ووووجع ، اسسسم الله عليك ان شاء الله ،، هية هاي العايزة حتى ادفن روحي يمك !!!
لم يشعر قط بوقع مثل هذا القول ، هو يعلم قدره الغالي بقلب جدته ، و لكنها ابدا لم تقل له كلمة لتعبر عن اهميته بحياتها
ابتسامته هذه المرة نبعت من داخل روحه ، لكنها لم تطل الظهور فـ جدته تكلمت بسرعة : اقلك ، أني احجي عالبنية لإن مديعجبني حااالها ،، يمكن حاااامل ،، و لك 24 ساعة تعبانة و نفسها تلعـ ـ ـ!!
قاطع حديثها بـ صوت مصرور : منو قال ؟؟
راقبت ملامحه المتصلبة و شرايين رقبته التي برزت فأكملت بتخوف : عللللي ،، إنتتته عندك علاقة وية هالبنية ؟؟ قلي الصدق يوم ، اهلها تاااهميها وياك و انته تريـ ـ!
قاطع حديثها مجددا : بيبي شنووو هالحجي قابل اني ما عندي دين و لا اخلآق
عادت لترتاب : أخااف متزوجها عرفي
زفر بغضب جامح و الافكار تتقاذف فوق رأسه : يووووه ،، شنوووو قااابل مسلسلة هييية ،، دروووحي صيحيهااا دا اشووف مصيبتهااا شنوو
لم تتحرك بل رمقته بسهام حادة فـ أعاد جملته بشئ من الاحترام المصطنع : بلا زحمة عليج روحي صيحي بت الـ ـ .. ناس !
كان ينوي القاء بعض الشتائم التي تنفس عن غضبه و لكنه يعلم مدى ذكاء هذه العجوز فسوف تغدق عليه بالاسئلة الحادة من جديد
من مكانها و نظراتها مازالت منصبة نحو ابن سعاد صرخت : جلنااااااااار ،، تعااااالي للمطبخ
هو قلب الافكار برأسه ؛
هل من الممكن فعلا تكون قد حملت قبل حفلة خطوبتها ؟!
اذن هي متزوجة من ذلك الاحمق و ليست فقط مجرد خطوبة
عقد حاجبيه و الغضب يتصاعد في ذاته
لو كانت حاملا فعلا فستستحق حينها كل ما تفعله جدته بها
دلفت المطبخ بملامح متسائلة و استندت بكف يدها على حافة الباب ، بصوت متملل تحدثت : نعم ؟
ثبت نظراته نحوها و نقمه يتفاقم ، حدة الاشعة المنبعثة من عينيه جعلتها تعتدل بوقفتها ، توترت بعد أن قال محدثا جدته : بيبي عوفينا شوية
بسرعة حولت انظارها نحو الجدة متوسلة الله ان لا ترحل ، و تلك اعترضت بغضب : ليييش شعندك وياهة متريدني اعرررفه ؟؟ هااااااا شمصخخممم ' مهبب ' وياااهـ ـ ـ!
أسكتها بغضب يكاد يفطر جدران ذلك المنزل : خلللللص ،، قتللللج ماااالي علاااقة بيييهااا ،، لتخبليييني انتي همممم اني روووحي واااصلة لخششمي
التفت للأخرى ليستطرد بذات الصراخ : وانتتتتتي فووووتي قااابل حااااكلج !!
كل صرخة كانت كفيلة بجعلها ترتعش من أعلى رأسها حتى أخمص قدميها
اما ذلك الصراخ الموجه لها تحديدا فسحب الدم بعيدا عن دماغها ليصيبها بـ هبوط مفاجئ في الضغط
قلة التغذية و انعدام المحتويات المعدنية في ما تتناوله كان له تأثيرا مساعدا ليجعلها تستند هذه المرة بـ جانب جسدها على الجدار ، استجمعت قوتها لتصرخ به : لتصييييييح ' لا تصرخ ' ،، مووو زعطوطة ' طفلة ' يمك أني
كور قبضته وهو يراقب خوفها ، كلم جدته مجددا : بيبي دخيل الله عوفينا ، ترة وصلتوها لخشمي ،، خليني اتفااااهم ويااهه بجم شغلة و بعدين اووولي لبغداد
لم تكن تنوي الخروج حتى هددها بقول : إذا مطلعتي راااح اخذها لأي مكان اتفاهم وياهة
و كان ذلك الحل الأمثل ، إذ إنه أكيد بإن جدته لن تتوانى عن التنصت لحديثهم حتى و ان تركتهم بمفردهم ،
استطرق و هو يتوجه نحو جلنار : إمشي نطلع براا
اوقفته الجدة : ولللك علللي ،، ابببقى وين رايح مو مترييد احد يشوفها ؟ هسة تلقى خوالك لو ولدهم برا
بـ إقتضاب اجاب : عايزة يباوعون عليها واني وياهه
بعد جملته خرج فـ هوى قلبها ارضا ، بل هوى نحو اللا مكان ، مالذي قاله ؟
أينقصها تعلقا برجولته و شهامة مواقفه ؟!
ليس له الحق بربطها به بذلك الشكل المؤلم
أليس هو بطبيب بشري ؟! الم يدرس يوما الاختصاص النفسي ؟!
الا يعلم وقع كلماته على نفسية إمرأة هو اكيد بما تشعر بوجوده من أمان و ثقة ؟!
تحركت خلفه ببطئ و قبل ان تبتعد وصلها صوت الجدة بحدة : انتي شعندج وياااه ؟!
التفتت نحوها بسرعة ، جف حلقها رعبا بسبب تلك الطريقة الاستجوابية المخيفة
حاولت ان تغلف بحة صوتها بنبرة قوية : نعم ؟ اسفة بيبي بس انتي حييل غلطااانة اذا تفكرين هيجي ،، ابن بنتج خوش رجال و وقف وياية خوش وقفة ؛ بس هذا مو يعني اكو شي بيناتنه ' بيننا '
لم تستسلم : زين ليش هيجي يحجي وياج ؟؟ عباالك كاتلتله ' قتلتي له ' احد ؟!
' لست القاتلة ، و انما ابنة القاتل ، و انا هنا لأرد دينا برقبة أبي '
تحشرج صوتها ، بل هرب بعيدا و لم تجد بدا من السعال بمحاولة للهروب من الموقف
ثم اجابت بضعف : ما اعرف ، انتي ادرى ' أعلم ' بأخلاقه
هذه المرة وجدت لها خيطا اخر لتمسك به : شبيييهااا اخلااقه يمممه ؟
تمتمت بهدوء وهي تشعر بالتعب من هذا النقاش العقيم : مبيها شي ، بس هوة عصبي الله يسلمه
اردفت : ييللا بيبي اروح اشوف شيريد
خرجت بـ خطوات تجر بالخشية ، وجدته يقف قرب الباب المفتوح ،، يقابلها بظهره العريض
مهيب شكله بتلك الهيئة الغاضبة ، بل بكل هيئة
يحاط هذا الرجل بهالة مخيفة ، تجبر الجميع على الابتعاد خشية الاحتراق بشعلة تلك الهالة
الا هي
فتراها تقترب كل يوم اكثر حتى أعتادت بشرتها ذلك الإحتراق ، و إستسلمت لحرارته التي تتآكلها شيئا فأخر
عندما شعر بها خلفه تحرك خارجا ، فإتبعته وهي تذكر نفسها بضرورة التعامل الخشن معه ،، فإن أرته ضعفها سيـستأسد أكثر
و عليه ايضا ان يعرف تأثير ما يفعله بها على اعضائها الحيوية ، فليست هنا لتعاقب بهذا الشكل ، ليس هذا المتفق عليه
عليه ان يجد حلا و الا لن ترضخ له اكثر
هذا ما يجب أن تقنعه به حتى يقلل من وطأة تلك القسوة التي تجري بمجرى الدماء في عروق ستنفجر يوما لشدة غضب مالكها
وقف بالقرب ، فإستدار بشكل مفاجئ لترتعب عائدة خطوة نحو الخلف ، إستغرب حالها
يعتقد إن نفسيتها قد تحطمت اكثر هنا ، لقد لاحظ ارتجافاتها المستمرة ، ما بها ؟!
إنها إمرأة ناضجة ، ليس من المعقول ان تخاف كل شئ هكذا ، إلا ان كانت فعلا تعاني من ذلك الرهاب الذي إشتكته قبل مدة
بصوت خافت بدأ الحديث : شبيج خايفة ؟!
ازدردت ريقا جافا فشعرت بتجرح حلقها : شتريـ ـد ؟!
زفر بـ هدوء : بيبيتي تقول إنتي مريضة
عقدت حاجباها ثم ربعت ذراعاها امام صدرها و هي تحاول عدم النظر بإتجاهه : اي ،، اصلا اريد اقلك ، إنته مجايبني حتى اتمرض صح ؟
أردفت بعد ان القت نظراتها عليه : اني ما اقدر اشرب مي البوري ' الحنفية ' ،، تصير عندي التهابات ، و هسة حيييل متأذية ، مشاربة مي صار اسبوع
صدم جدا ، و بان الامر على ملامحه : والله ؟!
نبرته جعلتها تتلوى في الوجع ، مالذي سيحصل لو كان مهتما هادئا هكذا طيلة الوقت ؟!
مالذي سيخسره ؟
توتر صوتها : بس خالك جابلنا عصاير و بيبسي و هذا بس الي اشربه
بـ إستغراب حاد : زين ليييش مقلتي لبيبيتي تشتريلج مي معقم ؟
انزلت يداها لـ تجبه هازئة : بيبيتك لو بيدها تطردني ،، قوة جااارعتني ' متحملتني '
ادخل يديه في جيبي البنطال و تحدث بصوت خافت من جديد و بشكل مفاجئ : انتي متزوجة ؟
هبط فكها السفلي قليلا ، استمرت تنظر نحوه بشئ من انعدام التصديق : نعم ؟
كرر : متزووووجة لو لأ ؟!
بدأت تسمع صوت أنفآسها تتقاذف مسرعة تارة من فمها و اختها من انفها ،
عليها التماسك والا ستنهار امامه !
أبعدت بنظرها مجيبة : لأ ، غير اهلك خطفوني بيوم مهري !
رفع حاجبه مستاءا من هذه الجرأة الوقحة : لسـآنج طولااان انتي و تعرفين اقدر اقصه
كم تمقت استبداده هذا ، لو كان الامر بيدها لمزقت له ذلك الوجه المكفهر و كإن ضوء الشمس يسطع مباشرة نحو عينيه طيلة الوقت
بتماسك وليد اللحظة تحدثت : ليش شقلت اني ؟ يعني لازم تظلمني واسكت ؟؟ ليييش ؟!
استطرقت : و بعدين على اي اساس تحجي وياااية هيجي ؟؟ قلتلك اني مووو طفلة ،، لازم تعرف انو سكوتي و موافقتي مو يعني صدقت انو اني اسيرة يمك ،، أسمعني زييين القصة رح تخلص و قريبا لإن اني مليييت و تمرضت و اني ممستعدة اخسر صحتي علمود اي أحد
بدأت تلتهم الهواء التهاما لشدة الغضب ،، عيناها ملأتا بالدموع و جسدها انحكم برعشة خفيفة ،، و التماسك السابق قد طار في مهب الريح وهي تستطرق : و الاهم ممستعدة اعيش وية اتهامات بيبيتك الباطلة ، تعاملني و كإني وحدة بلا أخلاق وهذا الشي اببببد مينحمل ، لو تقبله لاختك رح اقبله لنفسي
عندما افرغت جام غضبها امال رأسه بإبتسامة ساخرة بسبب ارتجافتها المرتعبة و طريقة تنفسها السريعة و كإنها عملت مجهودا عظيما
تكلم بعد حين : قلتلها لبيبيـ ـ ـ..!
استمرت بذات وتيرة الغضب : لو تقلها منااا لباااجر هية مقتنعة بحجيها ،، و اني مااا اتحمممل اكثـر ، خلص رجعنــي ، رجعنــي و روح لأبوية اخذ حقـك منه ،، علـ ـي واللـه العظيــم ما اقـدر اعيش هنا اكثـــر ، حتى نوم مدا اقــدر اناااام ، حتخببببل
زفر وهو يرفع يمناه ليضغط بها صدغه وعينه نحو الارض ليراقب ذلك التجمع الصغير للنمل : تدرين مرح توصلين شي بحجيج ، صبرتي اسبوع فتقدرين تصبرين اكثر ، ابقي هنا احسن مما تموتين و تروحين يم خواتي ، مو ؟!
إبتسمت بضعف : والله الموت احسن ، الم و خوف ومرض وغربة و فوقهم اتهامات باطلة ، دكتووور مو الموت احسن برأيك ؟!
كان ينوي إخبارها بما حل بوالدها ، لإنه ينوي تصليح جهاز الاستقبال لهم ،، فجلوسها هكذا بلا عمل سوى استقبال ادانات جدته الباطلة قد يسبب لها انتكاسات نفسية هي لا تستحقها
و مشاهدة التلفاز تعني انها من الممكن ان تعرف اخر اخبار ذلك المجرم
دلك عنقه بتفكير : اني مجاي حتى تشكيلي ،، جاي دا اقلج شغلة ضرورية
بإرهاق اسندت جسدها على الجدار الذي يقفان بقربه : قبل لتقول شي ،، اريد ادوية ، و مي معقم !
كان سيهزأ بتراجعها ، فمنذ ثواني كانت تشاجره من اجل العودة وهاهي بسرعة تستسلم له !
عجبا لأمر إمرأة تسلمه قلما و ورقة بيضاء ليخط لها سير ايامها بعد إذن الله بالطبع
لم توليه تلك الثقة المطلقة ؟
بأي حق تجعله المتصرف الاول بحياتها ؟!
إنها حمقاء !
هز رأسه بتفهم الطبيب : مو مشكلة ، هسة إسمعيني ، و ما اريد انفعال ولا شي
دقت اجراس الخطر فوق رأسها و إعتدلت بوقفتها لـ تسمع تتمة حديثه : ترة من قلتلج لينا اهلج بخير كذبت
هوى قلبها قاع الارض ، وهو لم يرحمها بل تكلم بـ بطئ و كإنه يستلذ رعبها من المجهول : أمج صابتها طلقة بيوم الي خطفوج
بهت لونها و قبل ان تنطق بحرف أكمل : بس هسة هية زينة ،، لتخافين !
إن هذا الرجل هو الداء و هو الدواء !
كلمة ' لتخافين '
يالها من كلمة سحرية !!
عاد ليقول : أما الكلب ابوج ، فـ هه طلعتي غالية عنده حييل ، صارت بيه جلطــة
فتحت فاها بـ صدمة غير متوقعة ، ان ما حدث غير معقول
لا ،
لن تفعل ذلك بوالدها
لن تتسبب في قتله
ارادت فقط جعله يتذوق كأس الألم و الفقد من جديد عله يعود نحو الطريق الصحيح
اما الان ، فهي قد تكون السبب بخسارته
هذا مستحيل !!
بـ لا وعي ذهني هتفت و الدموع شقت طريقا متعرجا فوق بشرتها : و هسسسة ؟؟
رفع حاجبا بأسف مبالغ فيه : لتخافين هيجي حيوااان ميموت
شتان بين تلك و هذه الـ ' لتخافين '
برغم جرحها العميق من كلمته الا انها تمتمت من أعماقها : آه ، الحمدلله ياارب
هددها بنظرة قاسية فـ عادت لتقول وهذه المرة بإستجداء وهي تمسح الدموع من فوق بشرتها العاجية : اريـ ـد أشـ ـ ـوفه
مرر يده من مقدمة شعره حتى نهايته و بإبتسامة مائلة : والله مجاي بسيارتي ، جاي بتكسي حتى جماعة عبد الملك ميراقبوني ،، ولا جان وديتج تشوفيه و تشبعين منه
و بسخرية : فهميني انتي غبية لو تستغبين ؟ من كل عقلج تريدين تروحيله ؟! إنتـ .!
قطعت حديثه بنحيب عنيف : اني ارييييد اررررجع ،،، هاااااهييييية خلللص بعد ماااا اتحممل والله ،، عزززة اذا ابوية صار له شي امووت ،، و اللـ ـ ـ ـه امووووووت ،، علـ ـ ـ ـي الله يخليييك سااامحه،، ساااامحه و رجعني اله ، الله يخليـ ـ ـك !
تثاءب بالكثير من اللا مبالاة ،، نقل نظره الى الامام فـ امرها بخفوت : بسرعة فوتي جوة ، هذا مدري منو جاي
إرتجف فكها السفلي بضعف : علـ ـ ..!
أسكتها بصوت مصرور : فووووتي بسررعة
التفتت لترى من القادم و ما إن تبين لها الشخص استدارت نحوه برعب : منووو هذا ؟!
نظر لها بـ غيظ : فوووتي لا احرقج هســة
حاولت الاعتراض فليس بإمكانها تركه بمفرده و من الممكن ان يكون هذا القادم طرفا لأحد الاعداء
أحست بألم في مفصل كتفها الذي كان على وشك ان ينخلع بقبضته القوية وهو يدفع بها نحو الداخل : بسررررعة
بقيت واقفة قرب الباب و لم تطمئن حتى سمعت الرجل يقدم نفسه بإعتباره ' أبو جاسم ' الفلاح !
كم هي غبية ؛
كان عليها كشف الامر عند رؤيته بالثوب الأبيض المرفوع عند الخصر و الشماغ الملفوف حول رأسه !
فكرت بردة فعله عندما يكتشف كذبتها منذ قليل ، فقد اوهمته بإنها تعرف الفلاح و ابنه و هي من تقدم لهم الطعام الا انها لم تفعلها قط !
عاد لها كلامه بخصوص والدها ،، أحست بالوجع الشديـد في جانبي ظهرها ، دلفت المنزل و اثار البكاء لم تختف من ملامحها ، قابلتها الجدة بإستجواب : وييينه علي ؟ و شقلج ؟!
اشارت الى الخلف و بصوت اجوف همست : برا ، يم ابو جاسم
و قبل ان تخطو مبتعدة اوقفتها بحدة : ليش تبجييين ؟ شقلج علي ؟ ولج يمممة احجيلي شكو بينكم ، والله سالفتكم مو خالية
استجمعت قواها الضئيلة : بيبي والله ماكو بينا شي والله العظيم ، بـس جان ديقلي على اهلـ ـ ـي ، أبـ ـ ـوية صايرة بيه جلـ ـطة
بذات الحدة : لعد من صخمتتتي وجهه شعبالج رح يصير ؟!
قررت الانفجار ، فلا طاقة لها على تحمل المزيد : حراااااام علييييكم والله حراااام ،، والله العظيييم اني بنييية و ممسووية شي لاهلي و الموت اشرف من انو اسود وجههم ،، ابن بتتتج ميخااااف ربه و خلاا هالفكرة برااسج ، بس اني مووو هيجي ، والله مو هيجي
إسترسلت بعد ان شعرت بذهول الجدة من حدة كلامها : و على قكرة اييي اكو مصيبة وراية ،، بس مو اني السبب بيها ،، إبن بتج واهله السبب ،، بس ما اقدر اقلج و اريح نفسي لإن اخاااف من لسااانه ، بس بعد معليية ، ما اتحمممل هالظلم اكثررر !
تركتها واقفة تنظر لـ قفاها بـ شئ من عدم الاستيعاب و التصديق ،
تحركت قليلا حتى ارائك المجلس فـ استقرت بجسدها فوق احداها و في عقلها تدور العشرات من الافكار
مالذي تقصده بكون علي و اهله السبب بما هي فيه ؟
و من هم اولئك الاهل ؟!
فهو لم يتبق له سوى اعماما يسألون عنه و أخته بين حول و اخر ؛
فمن يكونوا الذين تقصدهم تلك الغامضة ؟!
كانت متأكدة بأنها تحمل قصة مريبة خلفها و لكنها لم تشـك برجاحة عقل علي و تصرفاته السليمة
الا انها الآن باتت تخاف عليه انحرافات ذلك العقل الذي بإمكانه الابتعاد عن المنطق السليم كـ غيره !
قليلا و شعرت بوجوده فـ أدارت بوجهها نحوه لتسمعه يتكلم بهدوء : وين الريوق ؟ الرجال براااا
اشارت له نحو المطبخ ، فذهب وهو يراقب المكان ، أين عساها أن تكون ؟!
عند عودته بالصينية تحدث مسرعا : بيبي ترة جبتلج الدوا مالتج بالجنطة ، و لينا دزت للبنية هدوم و غراض
و عندما وصل الباب إلتفت ليستطرد بعينين غائمتين : ترة البنية مو حامل ، أصلا ممتزوجة ، بس مريضة من تغيير الجو و المي
خرج تاركها غارقة بأفكارها و تخوفاتها التي لا تنتهي !
.
.
.
|