كاتب الموضوع :
حلمْ يُعآنقْ السمَآء
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
بسمْ الله وعلى بركَتهِ
الجلسَةْ
(3)
تعالي أقبل ' وجهك '
تعالي أضمد '' جرحك "
تعالي أمشط ' شعرك '
تعالي أشرب " دمعك "
دعينا نحلم - تحت الرصاص -
دعينا نعيش بإذن الله
فحب " العراقيين " عجيب
يذلل فعل السلاح الرهيب
تعالي لماذا الجمال كئيب
تعالي ، حبيبة عمري إلي
تعالي أعز و أغلى حبيب
كريم العراقي
صار يدقق النظر بتخلجاتها الساكنة ، ليضع كفيه بجيبي بنطاله ، مستقيما امامها ، و تعترض طريقهما ' طاولة ' : ماشي يا ام قلب بارد ، اني ترة هاللغوة كلها متهمني ، المهم بتي ، و هية و الحمد لله وصلتني ، هسة بعد انتي هم تتوكلين و تروحين لابوج و بعد لا اني عندي يمه شي و لا هوة عنده يمي شي .. كل واحد اخذ بته .. هه
أراد إستفزازها و نجح ، إذ إعتراها العنف ، لتتمنى ان تمتلك قبضة رجل تهشم بها فمه الساخر ، وقفت لتصرح بخشونة مهددة بسبابتها : علي لتستفزني بهالطريقة ، جود مثل مهية بتك بتي ، و الام احق بيها من الأب ، فيعني لتحاااول تـ ـ
: إنتي الي لتحااولين تدخلين نفسج بسين و جيم ، تدورين وياية قانون أقلب الدنيا فوق راسج انتي و اهلج .. صورة من الهوية الي يمج و وحدة لخ من الهوية الي يمي و ملف تحقيق كامل نهايته معروفة
تبسمت بهدوء ، لترفع حاجبيها فترد : تهديد جديد .... و تريدني اصير قوية ؟ وانتو كل واحد منكم حااار شلون يلعب بأعصابي !
بس لا علي ... إلا بتي ، مو صارلي تلث سنين حاارمة نفسي من امومتها علمود ليصيرلك و لا يصيرلها شي تجي عالحاضر هسة تاخذها ، و الله ما اخليك لو على قص رقبتي
أخرج كف يساره من جيبه رافعا اياها ليفرك بها عنقه بهزل متظاهرا بأن ما قالته يستحق التفكير ، همهم قليلا لينطق بعدها بـ نشوة متسلية : شتسوين مثلا ؟ تضحين بأهلج و بنفسج و كلكلم تصيرون بالسجن ؟ اوووف لج والله اذا سويتيها شتريدين انطيج ، إلا جود طبعا .. ماريد بتي تتربى بالسجون
ليتحرك ماشيا ليدور حول الطاولة ، فيصلها .. توقف امامها ليضيف بـ ذات الإسلوب الساخر و بحقارة لا تليق الا به : يعني يا حبيبتي فكري بيها ، اول و تالي راح تنحرمين منها بالحالتين ، فليش دتجيبين للطفلة سمعة جايفة ، باجر عقبة صديقاتها بالمدرسة يعيروها بأمها و بجدها الي بالسجون ... ضحي علمودها يا عيني .. متعودة حضرتج تعيشين دور الضحية
صارت تقضم شفتيها العلوى تلو السفلى ، تقبض كفيها مستجدية من العقل فكرة واحدة تكن لها عونا و امامه حجة تناقشه بها ، صدرها يعلو و يهبط بإنفعال عنيف ، و أنفاسها تنفث غضبها الكامن بـ تجاويف الجسد نفثا ، لن يفعلها ، لن ينفذ تهديده ، ليس له قلبا بتلك الصلافة ... أليس كذلك ؟
قرصت باطن كفيها بأظافرها ، لتقلل من وطأة عقاب الذات ، و بعدها قررت أن تكون كما يريد .. قوية ، قاومت رعبا سكنها مما يقول ' ببسالة ' ، إذ دنت منه خطوة ، لترفع بذقنها باعثة له رسالة التحدي ، همست بعدها بتصميم حار : ميهمني أحد ، و حتى لو تسجني ميهم .. على الاقل اكون حاربت ، باجر عقبة ' على قولتك ' من تجي بتي و تلومني لإن عفتها اقوللها حتى سجن علمودج دخلت ، أبوووج دخلني ! و نشوف وكتها بتك شلون رح تحبك ... تخيل إنتة الوضع ... تخيل
أخفى صدمته بصعوبة ، يكاد يقسم إنه ظل منتظرا منها خنوعا منتحب كعادتها ، لكن و منذ أن أتت وهي تكيله مكعبات مليئة بالمفاجئات ، فـ كل ساعة يراها بشأن !
إرتسمت بسمة خفيفة بـ عينيه ، لتترك أثرا خفيفا جانب ثغره ، خنق رغبة يديه بـ الإلتفاف حول عنقها المرفوع ، و دقه .. ليحاكيها ممتعضا بـ إصطناع : اوف .. هسة المفروض تهديدج يرجفني !!
بس تدرين عجبتيني ، لا صدق عجبتيني ، إنتظرتج تلطمين و تنوحين و تتوسلين ، بس حلوو ، أول امتحان انطيج بيه ' جيد ' ... هسة نريد ننتقل للخطوة الثانية ، تتحدين قاسم نفس هالتحدي ، حتى نشوفج تستاهلين تبقين وية بتج لو لأ
بهت لونها لـ ثوان ، خبى بريق العزيمة ، و دكت تلال الإرادة ، لتصير نفسيتها صحراء تجردت مما يضج بها الحياة ، أسرت بـ شهيق طويل كما من الهواء ، لتعقبه بزفير طارد لمخلفاته ، إبتلع حلقها غصة بكاء ، و إنتفض حضنها مطالبا إياها بالنهوض مجددا ، فهو لا يطيق أن يفرغ بعد أن ملئته تلك الكتلة الشهية ذات الشعر اللولبي ، لن يعيش دونها !
وجد فيها تسلية ممتعة هذا الطبيب الجاني بحق صحتها النفسية ، لا يستطيع إخفاء لمعان التلذذ بأحداقه و هو يستذلها بهذا الإسلوب المنمق ، يحاكيها و كأنه يحاور مراهقة غبية تود التأخر حتى ساعة ' مناسبة ' في حفلة تضم رفيقاتها !
يتخذ قراره و يصمم على تنفيذه بتهشيمه لوجودها تماما ، ' كما فعلت من قبل ، فالصاع لا يرد إلا مضاعفا أليس كذلك ؟ ' و من ثم يستمتع برؤيتها تتقافز لـ نيل شرف الوجود .. خفت نبضها لحظات ، ليشتد عرق برقبتها ، متوسعا بشكل فجائي و منه صار الدم يتراكض للدماغ معلنا عن إندلاع ثورة ستأتي بمصرع الحاكم الجائر ، فترديه صريع معركة عسكرية
قست نظراتها ، و إشتد عودها ليعود لها شئ من الإصرار ، فتراها تستعيد توازنها و الثبات ، متحدثة بـ جدية .. سارقة من جملته ثغرات تحمد الله على وجودها ، و على نعمة المحاماة !
فها هي لأول مرة تكون بالفعل مستغلة لهفوات سقط بها المدعي العام ، إذ أوهمته بغباءها .. و كأنها صدقت ' ببلاهة ' جملة هزلية قذفها بوجهها .. لتصر على تنفيذها !
: اوكي مثل متريد ، إذا هالشي يثبتلك اني قد المسؤليية ، و يخليك تقتنع انو اقدر اربي بتي ' وحدي ' فأني مستعدة .. خلي بابا يرجع من الحج و ان شاءالله رأسا اقله
رفع حاجبيه سويا ، هذه المرة لم يستطع كبح الصدمة التي غطت على عينيه غشاوة ، ما بال تصميمها لا ينضب بئره ؟ أتغيرت فعلا أم إنها تتثعلب كأي أنثى بدهاء ماكر ؟! لم تكن كذلك منذ أعوام و لكن سنونا رزقتها قوة على الوقوف بـ وجهه لابد أن تزودها أيضا بـ حيل حوائية !!
قرر الإبتعاد عن حقل زرعت به الغامها ، ليعلق عما إضطره للقهر : بابا و حج ... ههههه و الله يا الله .. ابوج هذا مخبل ... و الله مخبل شبيج ، يعني بربج اكو واحد طبيعي يبوووق طفلة ، يبوقها و ينسبها لنفسه و يروح يحج للمرة العاشرة يمكن و فرحان يا عيني من الناس تقله حجي !!
هذا من كل عقله ؟
زفرت بـ طولة بال ، و أحجمت رغبتها في الصراخ ، لتتمسك بالعقلانية ، رغم عدم منطقية تواجدها هنا : هذا مو موضوعنا ... خلينا بـ جود
ساقته قدماه للمقعد المجاور ، ليسكن فوقه بصمت ، ظل لمدة شارد البصر ، مشتعل الذهن ، لم يتوقف عقله لبرهة عن العمل ، يحاول إيجاد حلا منطقيا لهذه القصة اللا منطقية ، فيفشل !
يعترف بأنه رد خائبا مرات عدة ، متعجبا من قدرته الضئيلة على إيجاد مخرجا من تلك المتاهة .. تنفس بعمق ثم مال بجذعه حيث علبة سجائره و الولاعة ، رفعهما سويا ، و بعد ثوان كانت " المحروسة " تحترق و تحرق رئتيه و القلب !
عكف على الصمت ، دارسا زوايا الحكاية ، أحس بها اخيرا تتملل لتجلس محلها ، مستفيضة هي الاخرى بالسكون ، و كأنها تركت له دفة الربان ، ليبحر بهما حيث تهوى نفسه و يشتهي قهره ،
: مو كافي جكاير ؟ هاي ثالث وحدة و النفاضة شوفها ملياانة !!!
إستهجان تام بان من قبله ، ليلتفت صوبها مدركا للتو إنه كان غارقا بالتفكير حتى نسي كيفية التنفس ، نطق بـ لا مبالاة ليس في نيتها أن تجرحها لكنها فعلت : و إنتي شعليج ؟
ضربة على بطن الشوق ، أسفرت عن مخاض مبكر أدى الى إجهاض جنين الحب ، فكفنته و غسلته ليقبر بداخلها و ينتهي أمره ، أو هذا ما تتمناه ! امتعضت بـ درع الكبرياء الصدئ : شعلية .. بس كتمتتني مدا اقدر اتنفس
: طلعي برة اذا مو عاجبج
قالها ليعود فيوجه نظره امامه ، جارا انفاسا متوالية من السيجارة ، وصله تذمرها لكنه لم يهتم بالإتيان بـ معنى له ، بعد حين من الوقت كان قد اغدق فيها على المنفضة بضيوف كرام محترقي الرؤوس و الأجساد ، إلتفت نحوها بهدوء ليتحدث بـ نبرة خلت من كل شئ الا الجدية : باعيني يا بت الناس .. أني مال اعوف بتي فجذب ، و مال احرمها من امها هم جذب ، عقب باجر ارجع لأربيل و اخذها وياية .. و إنتي شوكت متريدين تجين تشوفيها هلا بيج .. بيبيتي و امي موجودين قعدي يمهم و شبعي من بتج
؛
رحمـــاك ياقاتلي رحمــاك داريني .... أنا المعني ووصل منك يكفيني
تعبت من هجرك المضني ولا عجب.... اذا شعرت فؤادي صاريجويني
أقــــــــول رحماك والايــام شاهدة ...... بـــــأنني مخلص حتى تلاقيني
مـــهما يطول بعــــاد منك اقبله ...... لعـــل قلبك بعد اليأس يوفيني
أهيم رغم وقــــــاري في محبتكم .... وذا مـــــكانك بقلبي لا تجافيني
قبضة عملاق حطمت مرآتها البراقة التي تخبرها دوما بأن أوسم رجال الكون ، رجلها !
فأظهرته الآن بصورة بشعة ممرغة بالدماء و حافات تحتد لتذبح .. لا يريدها ، من كانت تظن بأنه ' أحبها ' و تمني نفسها بأن السراب في وجه المتفائل سيكون ماءا خذلها للمرة الثانية ، و بشكل اقوى !
ففي اعلانه لرغبته بطلاقها لم يكن عقله المسير ، بل الغضب .. اما الآن و هو يجلس مسترخيا متشبع الصدر بأبخرة و قاذورات تبغية فبدا جادا ، و مصمما ، و ناحرا لـ خيط الوصل .. أعلن أمامها دفعها بعيدا عن حياته ، شئ أوجعه كثيرا فما الذي يوده به يا غبية ؟ كيف تظنين بأنه سيرغب بمن خدعت و كذبت و طالت النجوم بـ مصائبها !
إزدردت ريقها بـ وجع ، لترفع يمينها تدلك بها تحت ترقوتيها المكشوفتين بإغراء حاول ' رجلها ' تجاهله بـ تعب .. ثم صارت تضرب بخفة ما دلكت و برأسها تزاحمت الأفكار فنفخته ، حاولت التحلي بالتماسك ، و حصر ما بينهما بـ ' جود ' فقط و هي تستقيم لتبدي اعتراضها بـ إسلوب هادئ ، مزين بعقلانية لا تقارب الواقع
: و تتوقع رح اقبل ابتعد عن بتي ؟ أرووح لعمان و ارضى انو بتي تعيش بـ أربيل !!!!!
شلون تتخيل أقدر ، علي ..
سحبت لصدرها كومة من
رحمـــاك ياقاتلي رحمــاك داريني .... أنا المعني ووصل منك يكفيني
تعبت من هجرك المضني ولا عجب.... اذا شعرت فؤادي صاريجويني
أقــــــــول رحماك والايــام شاهدة ...... بـــــأنني مخلص حتى تلاقيني
مـــهما يطول بعــــاد منك اقبله ...... لعـــل قلبك بعد اليأس يوفيني
أهيم رغم وقــــــاري في محبتكم .... وذا مـــــكانك بقلبي لا تجافيني
قبضة عملاق حطمت مرآتها البراقة التي تخبرها دوما بأن أوسم رجال الكون ، رجلها !
فأظهرته الآن بصورة بشعة ممرغة بالدماء و حافات تحتد لتذبح .. لا يريدها ، من كانت تظن بأنه ' أحبها ' و تمني نفسها بأن السراب في وجه المتفائل سيكون ماءا خذلها للمرة الثانية ، و بشكل اقوى !
ففي اعلانه لرغبته بطلاقها لم يكن عقله المسير ، بل الغضب .. اما الآن و هو يجلس مسترخيا متشبع الصدر بأبخرة و قاذورات تبغية فبدا جادا ، و مصمما ، و ناحرا لـ خيط الوصل .. أعلن أمامها دفعها بعيدا عن حياته ، شئ أوجعه كثيرا فما الذي يوده به يا غبية ؟ كيف تظنين بأنه سيرغب بمن خدعت و كذبت و طالت النجوم بـ مصائبها !
إزدردت ريقها بـ وجع ، لترفع يمينها تدلك بها تحت ترقوتيها المكشوفتين بإغراء حاول ' رجلها ' تجاهله بـ تعب .. ثم صارت تضرب بخفة ما دلكت و برأسها تزاحمت الأفكار فنفخته ، حاولت التحلي بالتماسك ، و حصر ما بينهما بـ ' جود ' فقط و هي تستقيم لتبدي اعتراضها بـ إسلوب هادئ ، مزين بعقلانية لا تقارب الواقع
: و تتوقع رح اقبل ابتعد عن بتي ؟ أرووح لعمان و ارضى انو بتي تعيش بـ أربيل !!!!!
شلون تتخيل أقدر ، علي ..
سحبت لصدرها كومة من هواء ملوث ، لتصرح موجهة نظرها نحوه ، و صوتها عازم على تأييد فكرتها الواثقة : إنتة لييش متحس غير بنفسك ؟
راقبته و هو يعود لـ يختار ' ضحية ' أخرى لغضبه ، فيشعل عودها بـ برود جعل صورته الوحشية متكاملة ، بحقارتها !
لينطق بعد أن جر نفسا ثقيلا ، و عيناه لم تبرحا عن بؤبؤيها رغم البعد الواهي بينهما : تعرفين ليش احس بس بنفسي ؟ لإن البية مكفي و موفي ... تعالي اراويج شدا احس
رغم علمها و يقينها بأن قربه ليس سوى شلالا منبعه بركان ، إلا إنها دنت ، كـ من غطت بصيرته غشاوة تحركت نحوه بـ بطئ ، ما إن صارت امامه ، بينهما خطوتان ، ثلاث .. بل أربع .. حتى شعرت بإلتفاف أحد الهبة الجحيم حول رسغها ليجرها نحو مصدر الإندلاع ، حاشرا إياها بين ركبتيه ، رأسه مطرق ، و دخان ينفثه خنقها لتسعل بلا شعور ، بل بشعور !!
بشعور حارق لاذع لم تذقه منذ اعوام ' تخالكم تعرفونها ' كـ هي ، إمتلأت أحداقها نارا لا دموع ، و شعرت بصدرها ينقبض فلا يرضى لها أن تستقبل ذرة هواء تسعف بها الحياة ، يا الله .. قلبها يؤلمها ، لم لا يتذكر لها لمحة واحدة تجعل منه ' حنونا ' و لو لبرهة ، إنها تشتاقه ، بل تحترق شوقا و تتقلب بين رمادها باحثة عن برزخ لمشاعره الميتة !
اهدابها إنطبقت لتفلت دمعاتها الرقيقة من بين اصفادهما المتشابكة ، شعرت بروحها تصل الحلق حالما لامست انامله باطن كفها لتستشعر حرارة تداعب جلدها ، أ هي أنفاسه ؟!
شهقت برعب و غار في جوف صدرها ما كان يسمى قلبا ، ليظل مكانه خاويا ، يدب في الاوصال رهبة و نحيب ! ، فتحت عينيها بسرعة لتبصر ما لم تبصر ، و تتوجع كما لم تتوجع .. يتقن ذبحها هذا الأحمق الظالم ، فعلها و وجه لرأسها فوهة ' سلاح ابيها ' و سامحته ، و قبلها علق بـ صدرها رصاصته فأنصفته ، و ها هو يكرر قتله بـ سيجارته !
: خلي اراويج شدا احس .. حتى بعد متلوميني
تصلب رسغها تحت قبضته ، و التخدشات الحديثة له و الكف دفنا بـ أرضه وتدا ، لم يرفع رأسه ، و لكن ' حبة الرمان ' تلك التي لم تنضج بعد و التي حطت على كفه الحاملة للسيجارة أخبرته بأنها أبصرت ، فـ كابرت .. ظلا على حالهما لحظات ، إتفقا أنها كانت من أطول ما عاشاه سويا ، بل ماتاه !
بطرف عين يقلب الله الأحوال ، القلوب ، و العقول .. فوجد نفسه يعصر سيجارته بقوة في المنفضة بعد ان مال بجانبها ليلتحم كتفه بخصرها الذي سرعان ما إهتز ، ليعود فيثبت ! إستقام فجأة ، ليلتصقا إلا قليلا ، شهقت هي لما صعقها مرتدة بخطوات لم تكد أن تكتمل إذ إنه اوقفها بضغط كفيه على كتفيها ، فظلت مأسورته شبه ملتصقة بتفاصيله ، لتراه يشعر بها قزمة !!
نعم كانت قزمة بذلك الصندل الكبير الذي اضاف لها لمحة ' براءة ' إستساغ طعمها قلبه بينما بغضها العقل ، أنفاس سريعة صارت ترتطم بـ عنقه ، و رجفتها القوية ما زادته إلا إصرارا ، و هو يعلق بجدية مطرقا برأسه قليلا كما تفعل ، حتى كاد جبينه يلامس كعكعة شعرها
: ما اريدج تربين بتي .. شلون تفهميها هاي ؟
عذريني ، ما أريدها تتربى على ايد راخية ' رخوة ' ، أريدها مثل أختي ، مثل بيبيتي ، حتى لو مثل سارة ، رغم كل شي صار بيها لهسة واقفة على حيلها مثل الجبل
ما قاله رفع إحدى قطع المرآة المكسورة ، و بتر بها ما بالقلب من أعراق ، فاضت بدماها ، و غضبها ، فـ غيرتها ، ثارت و هاجت و ماجت و هي تتحرر منه صارخة بعنف ثوري كجواد جامح لا يكبته سائسا لتدفعه بكل ما أوتيت من ' أمومة ممتزجة بإنوثة ' ، فيتأرجح لوهلة لإستناده على رجل واحدة .. بسببهم !
: مووو بكيييفك ، مووو بكيييفك
صارت تتلفت حولها كـ من جن ، و هي تزيد من وطأة صرخاتها المعترضة مستنجدة بـ : يااا الله .. ياااا رب رحمممتك هذااا رح يخبلللني ، إلهـي إرحمممني
للحظة بهت مكانه ، مراقبا إياها تنفجر كمرات عديدة قد سلفت ، فتذكر بها ما مضى بينهما و لم ينقضي ، خطوة بل نصفها تقدمتها رجله اليسار بعد أن جهزها القلب بـ دماء فاسدة بالمشاعر ، القلب الملتاع لرؤيتها تتشنج هكذا و تصيح كمن قتل لها قتيل !!
: إنتـــة مخببببل ، و الله مخببببل ، تريدني اعووف بتي لمنووو ؟ لـ سااارة ؟ لمررررتك ؟ ترييييدني اخلي ' مرة ابو ' تربيها و اني عايشة ؟ ترييييد تحرممني منها حتى تصير قوية مثل معقلك المريض يريـــد ؟
لالالالا إنتتة تخبببلت ، أصلااا من زمان مخبببل
لم يتحرك و لم يدنو ، كل ما فعله هو أنه أضاف مقلبا جمرات الموقد ببرود : محد قلج تعالي يم هالمخبل و بته ، و حجاية وحدة زايدة ما اريد ، بتي و بكيفي اخلي الي يعجبني يربيها ، و انتي متعجبيني
لحظة بل اقل منها مرت ، ليبصر تكوينا بنفسجي اللون يتوجه نحوه بإنطلاق مرعب ، فينقذه الله من الإصابة لـ خطأ الرامي ، انكمش جلده لدى ارتفاع صوت ارتطام التحفة في الجدار من خلفه و تناثرها لأشلاء من حولهما ، أشلاء تمادت لتقترب منها ، فتكون هي المصوبة و المصابة !!
هب كله ملبيا لنداء نبضه العنيف الذي تفعل لدى سماعه صرختها المرعوبة وهي تغطي كلتا مقلتيها بفزع ، دون أن يأبه بالفوضى العارمة التي هزت اركانه و المنزل ، وصلها بخطوتين ليمسك ساعدها مبعدا يدها عن وجهها ، صارخا بـ حنق : وخررري ايدج ، شصااار وين تعوورتي ؟؟
خلييني اشووف عيينج وخري ايييدج خررررب
انصتت لـ أمره الصارم ، ليتفحص هو بسرعة مقلتيها و التوتر شطره نصفين ، رجفة اعترت يداه و هما تبحثان عن ' موته ' بإصابة قد تصل عينيها : انتي شحسيتي ؟ جاوبييني بسررعة
اصابها الذعر من زئيره اكثر من فزعها عند تهشيمها للتحفة ' الأثيرة عند أخته ' ، ادمعها هلت من الاحداق بغزارة ، فرغبتها لتفريغ قليلا مما كبتها أمست أعظم من ان تحجمها إرادة .. إهتز صوتها متعرجا بين ثنايا العويل : ما ادري ما ادررري
ثبت ذقنها باليسار و اليمين صارت تنقب بـ صعوبة عما يخشاه قلبا تورم لكثرة ما ملئوه به ، حدجها بنظرة غضب ، و صوته جاء جديا حازما : كااافي بجي و فهميني حسيتي شي دخل بيها لو لأ ؟
لتحادثه بذات التخاذل ، المبتور اوردته : مـ ـا اعـ ـرف
هنا صار بلا شعور يكف دمعاتها ، بظهر كفه و باطنها ، و بالانامل ، لكن فيضها لم يكن شحيحا ، فتراها تزداد نحيبا و جسدها بأكمله تعتريه رجفة حارة ، اثارت فؤاده ليهلع ، فيقول بـ شئ يشابه اللطف : جلنار ، جاوبيني عدل ،. هاي عين مو لعب ، فاتت بيها قزازة ؟
شهقة عدم تصديق تلتها انتحابة شوق ، أنين ' يهدم قواه ' وجد أن هذا هو الوقت المناسب ليعلو ، و يثأر لنفسه من رجل النار ، حروفها تبعثرت و هي تطرق برأسها المحفوظ بين كفيه : لأ ... ما اتوقع ، بس خفت
ما إن زاد ضغطه على جانبي وجهها حتى تعسر عليها النطق ، لتتمتم بـ صوت مختنق : آي علي ..... توجعني
لم يحررها ، بالعكس ، ود لو يطحن عظامها عقابا ، فـ في دقيقتين سلخت من على جلده لون الغضب ، و مسحت بـ دمعتين قهر السنين ، أي تعويذة القتها في كأسك لتصير لـ ضعفها مأسورا يا علي ، هذه المشعوذة ، والدة تلك الجنية ، ويح عمرها و إبنتها
لابد أن تكونا تنتميان لـ سلسلة من السحرة ! ، فكيف لهما أن تمزقانك و تصفق لهما ثناءا ، فتقسم بينهما الأضلع ؟
ضغط على احرفه و توسعت احداقه بـ شعيراتها الدموية لتزين نظراته بشئ من وحشية و هو ينطق بلا شعور : وقفتي قلبي ، طااااح حظـ ـ ـ
أستغفر الله العلي العظيم من كل ذنب عظيم
شمخت برأسها نحوه بقهر مات لـ يولد ، فهو لم يترك لها لحظة لتفرح بـ ' وقفتي قلبي ' ، لم هو من دون ابناء أدم من إخترق جدران القلب و إحتله بعساكره التي تشابهه قسوة و طغيانا ؟
بنبرة غيظ تحدثت و هي تحاول أن تشحذ همتها و تشتري لجسدها نهضة تحريرية من قبضة الظلام : قول استغفر الله العلي العظيم و اتوب اليه ، لتحصر استغفارك بس بالذنوب العظيمة و انتة ملياااان ذنوب من كل الاحجام
ضاقت عيناه ، و بسطت ملامحه الأخرى ليسفر عنها بسمة خفيفة تشق الطريق الأشعث باللحية المشذبة بأناقة ، فتخرج من ثغره همهمة ذات نبرة واطية : جلنـ ـ ـ
فما كان منها إلا أن تثور أكثر ، و بكاها لم يتوقف بل إرتفع عداده ، انتفاضة الجسد عظمت فـ تقلص على أثرها نبضه ، بل تلاشى و هو يبصر الإنفجارات العاتية لسيلانات احداقها ، و الأنف ، لترفع قميصها تمسح به ما تلوث ، فإضطرت أن تتركها يداه ، لكن محيطها الحر لم يتوسع فهو لم يبتعد عنها إنشا ، نبرتها ثقلت ، و عيناها توحشت و هي تمدد عنقها عاليا حيث يطرق هو رأسه ، إختلطت الأنفاس و الأحاسيس ، لتتبعثر قوته من حيث لا يدري ، فتتجمع كهالة زرقاء لتشق طريقها في قصيباتها ، إذ رآها تشمخ بقوة جبارة ' مضحكة لولا عصي الحال و بؤسه ' : علي اذبحك .. مخبلة و محد يلومني ، إذا تاخذ بتي و تحررمني منها اذبحك ، و اذا عبالك ما اوصلك فاذبح نفسي ، و خطيتي بررقبتك ليوم الدين
لا يدري أ نهر من الأدمع قد انهدم سده ، أم محيط غرقت به سفينة عظيمة ليفيض فيغرق أراض لا ذنب لها سوى الإقتراب منه ! ، من أين له بزر تحكم بالبكاء ليضغط عليه و ينهي مأساته ؟ أما يكفيها ؟ تبكي و كأن ' قاسم ' مات لتوه .. و ليته يموت ، حينها والله لن يتركها لتستفيض بالوجع
بكاء أخر ، و صراخ أحد وقعا على السمع ، و أضعف على القلب قد تعالى ليدركاه سويا ، إلتفت كلاهما حيث مصدره ، و كأن على رأسهيما يحلق سرب من حمام ، ثوان هي و ظهرت آلة الإزعاج المتحرك ، بوجه منتفخ و شعر قد تفجرت بويصلاته فأسفر عن الانفجار كومة دخانية ' شقراء ' ، حافية القدمين المكتنزتين ، و متوسعة المحاجر و الفم الصارخ ، ظل محله يراقب الحركة السريعة ' للمنتحبة الأولى في موسوعة جينس في عالمه ' نحو صاحبة المركز الثاني التي لا تشابهها الا بقدرتها على شق جيب صدره عند كل مرة يبصرها تدمع !
تضاعف صداع الرأس المصاحب لأخر للفؤاد و هو يراهما تحتضنان بعضهما و كأن بحر قد أبعد احداهما عن الأخرى .. بحر يحتله القروش .. المنظر ' المأساوي ' لم يشده للحزن ، و لكن للتفكر ، أ سيتمكن من حرمان واحدتهما الأخرى ؟ هل سيتشبه بـ " الكلب قاسم ؟ "
هل سيسامحه الله إن فعل ؟ يسامحه بعد ان يكون سببا في فقدان إمرأة عقلها ، و طفلة قلبها ؟! كافئ صبره بشهيق طويل ، و امتدت انظاره نحو الطاولة ، ليتحرك خطوتيه حتى وصلها فإنحنى ليلتقط العلبة المستطيلة الاوجه مع الولاعة الفضية ، استقام فـ فتح علبته ليجدها فارغة و معها كشر ملامحه بقهر ، رماهما الإثنتين حيث كانتا ، و الصوت الذي أصدره ارتطام معدن الولاعة بزجاج الطاولة نبه قارورتيه لتلتفتا نحوه ، حدج الكبرى بـ نظرة غيظ بإعتبارها السبب الاعظم لنفاذ سجائره ، بينما من على الصغيرة بـ لمحة رقيقة ليتحرك من موضعه حيث هما ، مد ذراعيه ليسحب ابنته بـ قوة أفزعتها لتزداد وتيرة العويل عندهما الإثنتين ، فما كان من والدتها سوى التشبث بها بيد و الأخرى تجاوزت حدود العقل لتصل ساعديه المكشوفين من تحت القميص الصيفي المرفوع حتى المرفقين ، مهاجمة إياه بـ مخالب قطة تدافع عن صغارها ، بكاها لم يتوقف بل تعاظم حتى جعلت الهلع يضخ بأطرافه كما الدم ،
بصعوبة حرر ذراعه منها ، و قبل أن تطول اللحظات وجده يلف حولها ساعده محتضنا إياها بقوة و بصدره تدوي طبول التوتر بينما أذناه فقد إستسلمتا لطنين احاق بهما بعد أن تشبعت اغلفتهما بصراخ الحوائيات !
: إتركنااا أيهاا المتووحسسس ، أتررك أختيييي
افلتها فعلا بعد سماعه شهقاتها كمن يصارع الاختناق ، ذهوله كان اعظم من ذاك الذي اصاب الطفلة و هما يراقبانها تبتعد خطوات لتنحني مستندة على ركبتيها و كأنها في مضمار سباق كانت !
تقدم منها بعجل ، بعد ان انتابته لحظة قلق حقيقية قصمت ظهر تماسكه ، و حطمت انف مكابرته ، اوقفها بقبضة قاسية ليبصر دمارا كان هو احد مسبباته يطوح بملامحها حتى اهلكها ، إنتبه لحركة الصغيرة نحوهما ليترك هذه مهتما بتلك ناهيا اياها بسرعة عن الحركة : جووود اوقفي لتتحركين
فزعت لتقف محلها مرعوبة ، فيتقدم هو منها بخطوتين فيحملها قائلا بهدوء : بابا لتخافين بس القاع كلهه قزاز جان تعورتي
لم تفهمه ، و لم يظن انها ستفعل ، تحرك بها نحو الجلنار التي زادت اعراض انهيارها ، ليجرها بـ شئ من لطف ، محدثها بعقلانية : امشي غسلي وجهج ، رح تختنقين
لم تجبه و كأنها تنوي عقابه ، فما كان منه سوى أن أجبرها ، في غرفة المعيشة انزل الصغيرة ارضا ، متحركا بالاخرى نحو الرواق و منه الى الحمام ، و خطوات متعثرة راكضة تتبعهما ، البكاء مزق طبلتيه ازعاجا ، و شغاف قلبه رحمة ! و لكن ما بيده ليفعل وهو من شرحوا صدره ليثقبوا القلب دون تخدير ؟
أدخلها بهدوء ، و بنيته مساعدتها على غسل وجهها لكنها رفضت بصمت ، لتغتسل امامه ، بجود اغدقت على وجهها و نحرها كومات من الماء ، و دون ان تنتظر منه اي يد عون تحركت خارجة بعد أن مسحت وجهها بفوطة استخدمتها منذ قليل ، ما إن خرجت حتى قابلتها المنتحبة بإستقبال حار ، لتعود هي فتيأس و تبتأس !
ظل مكانه يراقبهما تضمان بعضهما ارضا .. بـ وجع إمتد من فخذه للقلب زأر صارخا بغضب من ذاته ، ليستند على المغسلة فيضربها بقبضته مرة و اثنتين و ثلاث و زئيره الهائج لم يخفت ، بعد حين من الجهد أحس بـ فجوة تكونت بين الرئتين ، و حرقة اصابت بلعومه فآلمته ، فتح صنبور المياه ليرمي برأسه تحته ، مغدقا على نفسه ما يطفئ اشتعال الجمرات المتقدة برأسه ، التفكير يكاد يصهر جمجمته ، سيختنق و هم لا يعلمون .. بل و يلومون !
ظل على حاله حتى شعر بالوجع يشتد على ساقه و منها لعموده الفقري ، فإعتدل من بعد الانحناء ، ليكف من على صدغه بقايا الماء ، مبصرا نفسه بـ المرآة ذات البقع الترابية الخفيفة ، كانت صورته مشوشة ، كـ عقله !
دون ان يستخدم اي مساعدة لفض بقايا البلل من على رأسه و عنقه ، و دون ان يغير قميصه الذي طاله العنف تحرك باحثا عن مصدر التعاسة ، الحلوة .. له ، و جد الرمانة تربض على الأريكة تحتضن جنيتها بكل ما اوتيت من قوة ، اذ تجلسها مقابلة اياها ، لتفرج ساقيها الصغيرتين و تستند بقدميها على الاريكة ، فتلف اخيرا يديها من حول خصر والدتها ، النحيل .. لتشد بحركتها قميصها مظهرة دقة التفاصيل !
تنهد ليتحرك متوجها نحوهما ، ما إن وصل حتى ابصر انكماش الجلنار و تشديدها على جسد الكائن الجميل ، جلس قربها فلاصقها لـ كون الأريكة ثنائية التكوين ، ثوان ظل بها صامتا ، و هي ايضا ، بينما الصغيرة فكانت توليه شعرها ، شحت عليه برؤية وجهها الممتع ، الصدمة حلت على عقله و قلبه و هو يرى الجلنار تمتد بغصنها الرفيع نحو الطاولة امامهما ، لترفع من فوقها جهازا رفيعا ، للتحكم عن بعد !
ضغطة زر واحدة جعلت نفسه يتوقف لثوان ، إزدرد ريقه بخفوت ، ليحاول بقدر ما يستطيع ان يظل خشنا : ليش ؟
فاجئته و هي تشير بهزة خفيفة من رأسها لـ شعره المبتل ! هسيس انفاسه علا ، و نبضه ثار دون ان يكبت جموحه ،
يا قلب ويحك ، أ ستتجلد بغير جلدك طويلا ؟
ألم تكتفي بـ ذبح ذات الحب هذه ؟ كن عادلا بحق نفسك و انت الذي تعاني من سكرات الحياة عند لقياها فقط ! او تظنني لم اتجرع معك السم الزعاف بكأسك كل ليلة ؟ ثلاثة اعوام مضت و انا اشرب من بعدها الزمهريرا ، غيابها كان كمقصلة اعدام قديمة ، كـ حبل مشنقة مهترئ ، لم يقتلاك .. بل خنقاك بها بعدا ، و شوقا
يا قلب .. كن منصفا و إعدل ، فـ إستبق معها الى الصلح ، إلى الحب !
مصيدة و فخ اوقعت نفسك بهما دون ان تعلم و ها انت ممزق ، لا يمكنك الرحيل دون الطعم الذي اتى بك الى هنا ، و مزقك
جديلة صبرك و صبري وصلت منتهاها ، فـ احرق ما تبقى من الغياب ، و امدد خيوط الوصل ، خذ فرصتك فقد لا تكون محظوظا بنعمة اخرى يا علي ، إهبط من علوك ، لن ينفعك نكرانك حين الفقد ، لن ينفعك شئ حينها !
سحب له نفسا طويلا ، تناقضت افكار ملئت رأسه و عصفت بكل خلاياه العصبية ، إلتفت حدوها حالما وصلته الشهقة الراجفة التي دقت على اوتار قلبه لحنها المقلق ، تشنجت ملامحه و اكفهر نبض قلبه و هو يرى الدموع عادت لتنساب فوق بشرتها التي تجرحت لكثرة ما اوجعها اليوم !
مد يديه نحوها بحركة بطيئة ، ليحتضن وجهها بلطف مبالغ في اظهاره من قبل جلمود بشري ، صار يمسح حباتها الندية بـ رقة غير معهودة إلا نادرا ، همس بـ نبرة خافتة ، ناعمة : إششش كافي بجي ، و الله كافي
ما زادها همسه الشجي إلا دموعا !
قلبها يحترق فيشم هو شواءه ، ليتوجع ، يعلم بأن قهرها لا منفذ له سوى عينيها فتدر ماها المالح لتنكئ به الجراح التي لم ترتق بعد ، بـ رتابة مد يمينه حول كتفيها ليشد عليهما ، جارا بها نحو مرتعها الحقيقي ! هنا المخدع الآمن ، و الصادق !
ندت من بين شفتيها ' أهة ' غير مكتملة ، إنتفض لها كله ، لم تصدق منه حنوا ، و لم يتوقع منها خضوعا .. جمدت احاسيسه اكملها و ارتعد جسده لانفجار هز اوصاله ، مصدره الصدر المنتفخ ، فتهشمت على اثره الاضلع ، ليرتخي بما تبقى له من ' ركام '
رمم بقاياه بغية في التماسك و لو كان كذبا ، غمر أنفه بين طيات الشعر المصفف ' بإهتمام ' ، فلا خصلة انسدلت لتروي ضمأه ، اعتدل برأسه قليلا لما التفتت الحبيبة نحوه ، تغضن جبينها انزعاجا و وجمت ملامحها برفض لما تراه ، ظلت تبعث له كراهيتها المطلقة ، و نظراتها الحاقدة ، لاحت على جانبي عينيه ابتسامة طفيفة ، ليمد يساره محاولا هدم سورا بني بينهما ، و إستعادة عهود هدنة اقراها سوية ، حاول قرص وجنتها المكتنزة ليفاجأ بلطمة ' قوية ' لكفه ، و صرخة رافضة بملامح ممتقعة قد علت فوق الصفحة البيضاء الناصعة : إتركنييي يا سررير ، أترررك اختييي
لم يجبها ، بل عاد ليكرر ما فعل ، فحصل على ضربة اخرى شبيهة بالاولى ، لمعت عيناه باضطراب ، يا الله ، لم تنصهر والدتها بين ذراعيه ما ان يعدها بـ لحظة قرب ؟ لم لا تتعلم ممن حولها كيف يكون العناد و المكابرة ، هذه طفلتها ' ذات القلب الأسود ' قد اشهرت مخالبها امامه ، و لم تستسلم رغم هدنة بينهما ؛ يبدو ان غفوتها قد انستها تفاصيلها ، بينما هذه الحنون ، فرغم الكم الهائل من السيوف التي غرزها في خاصرتها إلا انها لا ترفس نعمة تدعو بها كل ليلة ، فيراها تغمس روحها به و كأن به هواءا لا تقوى على فراقه ، يا الله كم اشتاق التحاما كهذا ، لحظة تجمع بينهما دون انفصال ، دون قاسم ، و لا هشام ، أو عبد الملك ، دون سارة !
و دون جود !!!!
المزعجة التي دست نفسها بينهما محاولة فك ما ألتحم ، حدجها بنظرة مؤنبة اخافتها لتعود بسرعة مخفية وجهها في حضن والدتها ،
امال برأسه قليلا ينصت لـ أنين علا على حين غفلة ، فـ مزق ستارة ثقيلة كان قد اسدلها على مسرح الذكريات ، تحشرج صوته بالحلق ، و انحشرت انفاسه بصدره ، وجد نفسه يشد على كتفها بمواساة صامتة ، تمتم قرب أذنها بلطف لا يزال عليه غريبا : إشش كافي ، كلشي محيصير ، لتخافين
: آآآآهـ
إمتدت لتتصل بـ شهقة تشق صدره فتربض هناك ، بين حطام تبقى ، شد عليها ليهمس اخيرا بصدق : أسف و الله العلي العظيم اسف ، بس كافي بجي ، لج كاافي ، صدق كذب !!!
أهة بمرارة العلقم وصلته ، فـ قبض فكيه كارها ، ما العمل ؟ هو فاقد لكل شئ ؛ و هم يطالبونه بالكثير ، ما به قد انهك و ربكم .. عاد ليعاتبها مؤنبا بهدوء : يمعودة قولي يا الله ، كافي ... و الله رح تتخربطين
جلنااار كافي احتمال تصير بيج تشنجات ورة ضربة الشمس ، إهدى و رخي عضلاتج
: إحتمال اموت
همهمت بها لتزلزل الأرض من تحته ، فترى ثباته يختل ، و صوته يتأرجح و هو يعاند المقاتلة القزمة بإحتضان والدتها بـ قوة أكبر : لج وخري ايدج .. أدبسز
لم تسعها يداها المنتفختان أن تفك ذاك الالتحام ، الإنصهار ، الإنسكاب في بئر الحنين !
حنين لأيام مضت و لم تكن هي بـ كومتها الصوفية موجودة بها ، يا الله ، مضى عمر بينهما .، و لا زالت الشعلة بوهج يشابه اللقيا الأولى ،
عبست ملامحها و اشتعلت نظراتها بتيار عاصف لـ تصرخ به غاضبة حانقة : إنتتتتة ابسبس
: هههههههههههههههه
ضحك ملئ شدقيه و عيناه تصلهما حرارة الاحتراق الصادر من جسد الصغيرة الغيورة ، حاول أن يحشرها هي الأخرى فوق صدره ' الخامدة افواه براكيينه ' لكنها رفضت مجددا محتضنة خصر أمها و مستندة بذقنها على صدرها بقوة ، تأوه ' من غلبه الشوق لـ غمرها ببحره ' دفعه لـ محاولة ابعاد الشرسة عن إيلامها بلطف متماسك : كافي بابا خطية امج وخري دتأذيها
شهقة شقت جلد صدره لتصطدم بحطام سابق ، فتبعثر بقاياه ، إنقبضت يمينه الضامة اياها له بتملك إفتقده فهو لم يعشه بحق إلا مع هذه الحوائية ذات القلب النقي ، لم لا تتحمل منه لمحة عطف إلا و يراها تصير عجينة منصهرة قابلة للتشكل كما يريد ؟ صغيرتها المجنونة أكثر منها وعيا فتراها رفضت الخنوع له بعد ان نكئ قلبها ،
: انتتتة لست أبي .. و جوووج هي اختي .. فإتركهااااا الآآآن هياااا
ثقلت انفاسه و جر الـ جوج نحوه بـ عند طفولي ، يعايشه و يتلذذ به لربما للمرة الأولى في عمره ! : غصبا ما على كفشتتج اني ابوج و جوج مرتي ، و امممج سمعتيني ، إحنة شقلنا قبل شوية ؟ مو قلنا اني بابا و جوج ماما ؟ نسيتي
لم تنصاع ، بل صاحت بحنق : إبتعد عنااا انت متوووحس
مد يده ليصفعها بخفة مؤنبا : إنتتي شقد ادبسزززز
ما كان منها سوى ان تضرب يده آخذة بثأرها ' كشخص يعرفه جيدا ' ، لتمسح اثار صفعته و صراخها علا : إنتتتة ابسبسسسس
كان جبينه متجعد بغيظ ، و لكن بعد كلمتها المضحكة أفلت عقال الإكفهرار ، و جن بها اكثر : هههههههـ ـ
بترت ضحكته المتسلية لما إبتعدت الشمس عن ملامسة مجرته ، فأصابته رياح صقيعية رجفت لها أجزاءه ، حررها بإرادة شاردة ،
ليسند ذراعه على ظهر الأريكة ، راقبها تمسح وجهها الذابل بـ ارهاق ، لتمتد يداها بعد ذاك حيث الجسد المستنفر ، فتعدل من وضعيته على رجليها ، لتهمس بتحشرج محدثتها : جودة احنة شقلنا ؟ مو عيب نغلط ؟
احتقن وجهها المدور بالغضب لترفع كتفيها ببراءة لا تليق بشيطانة مثلها و هي تدافع عن ذاتها : لكنــه سريييير يريد ايزاااءنا
بوهن وسعت حدقتيها تهديدا ، لتهمس بنبرة دائخة محتضنتها لصدرها مجددا : لا حبيبتي عيب ، هوة مو شرير ، و يحبنا لا يريد ايذائنا
لتلفتت نحوه فترتجف شفتاها عند ابصارها لـ مراقبته الكثيفة لكل التفاصيل ، جاهدت حتى اضافت متقهقرة بأنظارها نحو شعر الصغيرة : مو ؟ إنتة حباب و ......... تحبنـ ـ ـا صح ؟
إسترخى بمقعده ، ليعلق ببرود بعد أن أبدت عليه هذه الحمقاء ، الطويلة اللسان : اني ابوهاا ، قوليلها خل تقتنع
بصره الهارب الى تخلجات الملامح ثم عودته البطيئة للعينين اجبرها على حشر مقلتيها في محيط الصغيرة لتحاكيه متعقلة : إنتة لهسة ممستوعب علي ، شلون هية تستوعب ؟ شوية اصبر عليها ، الله يخليك
رفع حاجبيه ساخرا ، لتداعب يساره اسفل ذقنه : أصبر لشوكت ان شاء الله ؟ تلث سنين لخ ؟
حرك يده ليضرب بها فخذه ، مكملا بجدية : ترة عندي حياة تنتظرني و منا لورة العيد كلشي لازم اخلصه
ظلت تراقبه بسكون جامد ، لوهلة اشعلت وهج شك من نفسه و قوله ، أ قال ما لا يجب ان يقال ؟ ضيق نظره مراقبا ذات الجمود ، لتنهيه بعد برهة ، و بـ عين صلفت و توقحت ! : صحييح علي اكو شغلة ببالي ، شعجب حياتك مقلتلك اني جنت حامل ؟
: همم ؟
همهمته المستغربة زادتها وقاحة و هي تميل نحوه بمشاكسة شيطانية : حياتك .. إلي حضرتك تريد ترجعلها
بصدق نبرة بدا حائرا : يا حياة ؟
شدتحجين ؟
هذا الوقت الملائم لـ جرحك يا بطل ، للتشبه بك و لو قليلا ، رفعت حاجبها و معه كتفاها لتتحدث بـ برود متقن : مررتك العزيزة ليييش مقلتلك على حملي !!! ترة هية تدري ، لمن جاانت يمنا زينة قلتلها
خسئت يا قلب كيف تمكنت من طعنه !
لا عافاك رب البرية على فعلتك ، ارتعش فمها و هي تبصر الصدمة تتجلى بنظراته و انكماش ملامحه الطافحة الرجولة ، ترقرقت مقلتاها بالدمع و كأنها هي من تلقى خدها صفعته ، بـ توتر رفعت يدها لتزيح صغيرتها قليلا ، فتحاول بـ ضعف ' المشي في جنازة قتيلها ' ، اذ وضعت يد مرتعشة فوق فخذه المصاب ، همهمت بـ خفوت : أسفة
: ليش هيج البشر ؟ شسوويتلكم متقوليلي
إنتفخ وجهها بالندم ، وهي تبصر وجهه كظيما حزين ، عضت شفتيها بـ وجع ، اطرقت برأسها لحظات لتكرر أسفها و معه تقبض كفها الرابض فوق رجله : مجان قصدي ، أسفة ... والله
شهقت لما شعرت بقبضته تستقر فوق يدها فتعصرها ، تأوهاتها لم تسدل الستارة على صوت فرقعة الأصابع ، لكنه لم يهتم لثوان ، همس بها بوحشية
: قاسم و عبد الملك ، ربوا بناتهم حتى يحرقون قلبي لو شنو سالفتهم !!!!
فرت من مقلتيها دمعات مبتئسة ملؤها التعاسة و الذنب صار كـ مشرط يمزق الأوردة ، سحبت نفسا طويلا مشبعا بالأسى ، لتميل نحو كتفه مشددة من إحتضان صغيرتها ، و دافنة وجهها به ، هذه المرة الأولى التي توجعك بها بقصد ، و شر توجع كان
ببطئ حرر يدها ، ليحاول الإبتعاد ، فرفضت بـ الضغط على كتفه بجبينها ، متمتمة بـ نبرة مكسورة : هسة شلون ؟
إسترخى مجددا ، ليمد ذراعيه فينتشل من احضانها الصغيرة ، لتنفعل الاخيرة معترضة ، تتلوى بمحاولة فاشلة للعودة حيث كانت ، صرخت حتى بح صوتها ، و اصاب حنجرتها الفخمة إعياءا
: إتررركني لااا احبببك ، إبتعـــد عني ايهاااا المجررم ، إبتعد يااا وحسسس
: إشششش و زقنبوت ، شنو هالصوت الي يلعلع ماال دلالات ، علمين طالعة قرررج
' دلالة : البائعة ، عليمن : على منو ، قرج : وقحة '
: إنتتتتة سكببوووت
شهق و هول من صدمته ليرعبها ، ففعل ، وسع حدقتيه بـ ترهيب ، فـ ارتجفت شفتيها برد فعل مرتعد الفرائص ، ثوان و اتخذت حيلة حوائية وهي تميل نحو والدتها تحاول فك قيدها منه و عادت تبكيه خوفا
: اي تغدي بية قبل لا اتعشى بيج ، بت الـ ...
: علي كااافي فدوة لعينك ترة بتك متسكت وكيحة و تتعلم اي حجاية تقولها ، اسكت لتغلط قدامها و تفضحنا يم العالم
كانت قد ابعدت رأسها عن كتفه ، تمسك ابنتها من تحت ابطيها ، بينما هو فـ يحتضن ساقيها متشبث بها بعناد ،
: جووووج انكزيييني
: و الله لا جوج ولا ابو جوج ينقذج
و بعدييين اني مو قلت هاي امج ، مااااماااا لتقولين بعد جوج سمعتي
بهت لونها فشحبت !
إزدردت ريقها بـ تأثر لتهمس و يداها تفلتان طفلتها : علي كافـ ـي عوفهااا
جر الصغيرة ليحتضنها بسرعة . رغبة منه بإستعادة علاقة لطيفة كانت قد نشأت بينهما ، إذ رفعها الى الأعلى ليدفن وجهه ببطنها مدغدغا إياها بـ مشاكسة ، لتتعالى صيحاتها الحماسية الفرحة ، فينفعل هو الأخر ، ليقوم برميها في الهواء ثم يلتقطها و صراخهما المستمتع تداخل و رسم منهما لوحة لا تكرر
ظل على حاله يلاعبها ، مقلبا إياها رأسا على عقب غير ابه لتنبيه جلنار بكونها قد تتقيأ أو تسقط .. وصل بها الأمر أن تتوسله تركها ، و ما إن يفعل حتى تستجديه هذه المرة الصغرى ليكمل ،
و هما في خضم جولة جديدة ، اوقفته جلنار بـ أن نزلت من المقعد ارضا ، بجانبه ، كل افعاله الحيوية توقفت وهو يتابعها بجمود ، و معه الصغيرة التي يرفعها قليلا عن ملامسة حضنه ، كساها الخوف من التعلق و اخر من رؤية ' أختها ' بهذا الشكل ، المهين !
تحشرجت انفاسه و هي تتحرك حتى سكنت امامه جالسة على ساقيها و كفاها ثبتتهما على ركبتيه ، جف حلقه فصار ابتلاع ريقه صعبا فيجرح البلعوم ، ضغطت على رجله و كأنما اعتصرت قلبه لبؤس النظرة التي انعكست بـ الحدقتين المنتفختين بدمعهما ، بحركة بطيئة انزل الفتاة قربه على المقعد ، و اشتعل برأسه الغضب من ذاته المقرفة ، يبدو انه لم يحترف بفن الاعتذار !
انحنى نحوها بـ هدوء ليرفعها بضغط يسلطه على زنديها ، فإنكمشت و هي تنتحب بشكل مفاجئ ، و من بين شهقات البكاء جائته كلماتها المهزوزة
: مااا اقــدر انيييي ضعيييفة و الله ضعييفة مااا اتحمممل شي ، و لاا اقدر اصير قوية مثل متريييد ما اقدر ، مو بيييدي علي ، هااية طاقتي والله ما اتحمل
كانت قد تركت للأرض حرية التهماها ، فكان امر انتشالها من بين فكي الجاذبية ليس باليسير ، مال اكثر ليحيطها هذه المرة كاملة من تحت ابطيها و يرفعها مع زمجرة حانقة مشتعلة : زماالة انتييي ، شدتسووين
: أتوسلك ، حتى متااخذ بتي ، أني ما اقدر
إلا جووود علي ، حرموني منك و تخبلت ، بس تحرموني من بتي امووت ، و الله امووت
قرع بقلبه الف طبل ، و هزته كلماتها لتشل لسانه لحظات ، دارت به الدنيا ، و اضحى محله دائخا ، نجح بصعوبة في رفعها ليحتضنها بقوة و كأنه يخاف ان يأتيهم من ينتزعها من سرمدية وجودها قربه مرة اخرى ، إن كان غيابي اثار جنونك فغيابك أثار عقلي !
قربك هو الجنون يا إبنة قاسم ، جنة إحتضانك هي كل ما احتاج ، لأرضى ، انتمائك لأرضي يهديني يقينا بأن الله تعالى يحبني ، فيرزقني بالخير ، يا وجه المصائب التي لولا وجودك لكنت بسببها و أهلك ' مجنون '
كانت لاتزال مستندة على ركبتيها و ساقيها ارضا ، بينما جزئها العلوي فإلتحم بصدره المنحني ، تعلقت به بـ حنين تعاظم ، و شوق لا يليق الا بأصحاب الفخامة ، لمحت صغيرتها تبتعد فتتركهما و لا تدري ما قاله لها لتشد رحالها و تغيب ،
لهاثها اجبره على ابعادها قليلا عن خنقة صدره المبتل بدمعها ، و عرقه وماء حاول به اطفاء لهيب الجحيم ، ففشل .. احتضن وجهها بين كفيه مطرقا رأسه نحوها ، مسح دموعها بيده ، ليهمس بأنفاس هائجة : شبيج هسة ؟ مو قلنا اسفين ؟ ليش هالبجي .... بعدج ما عندج غير الدموع
شهقات متواصلة يهتز معها جسدها كاملا ، و كأنها تعارك الغرق ، ظل يردد كلماته المهدئة بحنو مضاعف ، لتأتيه الصغيرة راكضة محتضنة فوق صدرها علبة المناديل حيث بعثها لتأتيه بها ، حدثها بـ لطف مشجعا : عفية بابا ، يللا تعالي مسحي دموع ماما ، يللا حبيبتي بسرعة
: ماما ؟
: إي ماما يللا ركـــض
انصتت له و اتته راكضة ، و بخجل سحبت احدى الاوراق ، بل ' نصفها ' لتدس نفسها بينه و والدتها ، مقابلة الاخيرة التي ضحكت بين دموعها و هي ترى محاولات فتاتها الفاشلة في تجفيف البلل بـ الخردة الورقية التي تحملها ،
ليساعدها هو فيأخذ كومة من الاوراق ، ماسحا ما ظهر من الحزن ، و ليته يستطيع محو ما بطن !
شاغبته الجنية و تعالت ضحكاتها مع والدتها ، ليقفز قلبه حتى الحلق ، مظهرا امامه اروع منظر ، و أجمل صورة قد يتمناها ، إنه الحلم ها هنا ، يتحقق أمامه ، عائلة ، كما تمناها دوما ، بل بشكل أروع !
و لكن أي عائلة تلك التي تلوثت بقذارة قاسم ، لن يناله خير من هكذا اناس ، أليس كذلك ؟ .. تدللت عليهما الجميلة فرفعها ليجلسها على فخذه و هو يتابعها كيف تميل لتطبع على الخد الشجي قبلة ، فما كان منه سوى أن يؤنبها بقول لطيف : ايااا ابسبس ، لعد اني ليش متبوسيني ؟ صارلي ساعة العبج ... أني بابا حبيبج
: إنتة بابا حبيبي ؟
قالتها بحيرة ، ليهتف بـ إستمتاع : إي و الله حبيييبج ، ديللا بوسيييني
احتضنت جانب وجهه لتترك بصمتها القصيرة ، ذات الاثر الحسن عليه ، ثوان و ابتعدت بكراهية : ابتعـد إنك مؤؤؤلم
ضحك ليمسح فوق شعيرات لحيته ، لينقل نظره هذه المرة نحو من تراقبهما بـ حنية ، همس مشيرا بهزة رأس الى ابنته : هاي منو مربيها ؟ شنو هالوكاحة ؟
إبتسامة خفيفة لونت عتمة بصيرته ، ليجد نفسه بقلب مذهول يبادلها بأوسع منها ، همس اخيرا : هسة قوليلي شتريدين ؟
بتعب افلتت عقال تماسكها لتعود بجلسة منهدة على الأرض ، اطرقت برأسها قليلا لتتفاجأ بأنامله الخشنة تحط تحت ذقنها لترفع وجهها نحوه ، فيعود مكررا : هاا ؟ شتريدين ؟
: اريد بتي ما اقـدر بدونها
دون ادراك ذهني وجد نفسه يسألها بلهفة مختبئة خلف نقاب الخمول الساخر : بس ؟
نظراتها امتلئت بالادمع مجددا ، لترتجف شفتاها و الضيم عاد لينسكب من المقل ، هزت رأسها نفيا لكل بوادر الوجع ، و الألم .. لتعلق و جرحها الندي بدا غائرا ، مرهبا
: الي نريده ... ورة كل الي سويناه بيه بعد ميريدنا
احتبست انفاسه بـ القصبات ، و امتنع القلب عن العمل لحظات ، هدرت مشاعره بغضب و اشتعلت روحه و هو يبصر بها اليأس الملتوي ، أ تود منه شعاعا من أمل هذه السيدة ؟
سيعطيها شمسا إذن!
بـ هدوء داعب ارنبة انفها ليعلق بشفافية : لأ يريدكم ، شحده ميريدكم ، اموته
برقت نظراتها بـ صدمة ، و انتفض كل ما بها لتدر مشاعرها مدرارا ، شهقـتها طالت ، بمقل توسعت و امتلئت بـ دمعات الفرح !
الفرح ، أهو أت فعلا كما ظلت تظن بربها خيرا ؟ أصدق قلبها وعده ، فتحقق ! يارب
هربت من مقلتها اليمين دمعة السعادة ، الأولى ! ، لتهمس بأنفاس متخاذلة ، بطيئة : و الله ؟
تنهيدة طويلة عبرت عن حاله ، و هو يضغط على كتفها بقوة و كأنه يهديها من لدنه القليل ، ظل وجهه متأنق الوسامة و الفخامة ، و صوته تزين بـ بحة من انفعال و هو ينقل نظراته بين حجريين لامعيين بلون داكن : بس تتغيرين ، جلناااار اذا تريدين نبدي من جديد ، توقفين بوجه ابوج ، اني ملييت ، من هالعائلة الزفرة مليييت ، لازم تتغيرين حتى تربين بتج صح ، سااامعتني ؟
*
و عذرته لما تساقط دمعه ، و تسيت أياما بها أبكاني
و أخذته في الحضن أهمس راجيا ، جمرات دمعك أيقضت نيراني
اتريد قتلي مرتين ألا كفى ؟ فإمنع دموعك و إحترم أحزاني
لا صبر لي و انا اراك محطما ، يامن يجرح دمعه اجفاني
تغريك في يا مشاكس طيبتي ، فأنا سريع العفو و الغفران
بيديك تحمل وردة مبتلة ، دعني أكفكف دمعها بحناني
ولك السماح وحيد عمري و ابتسم ، و اقسم بأنك لن تكون اناني
و بأن تعود كما عرفتك اولا ، قلبا بريئا طاهر الوجدان
كريم العراقي
رنين متواصل على جرس المنزل ، و أخر يقض مضجع هاتفه المتوشح اسودا مكفهرا ، بضجر تحرك و ' سباب ' افلت منه كما عادته ، غادر حجرة المعيشة متوجها نحو الرواق و منه الى المطبخ و خطوات ركيكة تجاري حركته بتزامن مزعج ، فتراه يكاد يتعثر بقزمته كل ذي خطوة ، بـ حركة عنيفة مال سريعا ليرفعها من وسطها ، لتصله شهقتان ، واحدة تعبير عن متعة ، و اخرى " إنخلاع قلب من محله "
: عليييي جااان وقعت ، وقفــت قلبي والله
دون ان يستدير عدل من وضعية الجنية لتتوسد صدر المارد في قمقمه ، كان ينوي اكمال المسير لولا قطاع طرق سدوا عليه السبيل .. بسمة خفيفة بانت بـ نظرات الصقر ، لتخفف من وحشيتها ، ليت كل ' قاطع طريق ، شاطرا للقلب بـ روعة حسنه العفيف ' ، بكسل محبب نطق بعد أن زفر بـ اريحية : ها بدينا ؟ صار ساعة شنحجي لعد !
: لأ ، بس دقيقة ... علي لتحملنييي فوق طاقتي ، شوية حس بية .. حقي اتووتر و اخاف و الله
: لا مو حقج
قالها ليزيحها بـ بساطة عن طريقه ، ' و ليتهم ضعفاء هكذا ايضا ! ! ' ، تحرك طريقه ملقنا الصغيرة عن كينونة القادمين !
ما إن فتح الباب حتى ود ان هنالك كاميرا تتعلق بجيب قميصه ، لتلتقط تلك الصورة " المضحكة " ، أفواه منفرجة ، و عيون متبحلقة .. فسكون مغيظ
لحظات هي حتى اختطفت المشاكسة ، لترفعها سواعد رفيقه المنحني بظهره قليلا ليشارك لحظة اللقيا مع زوجته .. القصيرة ، بعد وهلة إستوعب ضرورة التحلي بالاصول ، فشرع الباب كاملا ليحيي الكبرى بـ فخامة : وعليكم السلاام خالة ، تفضلي تفضلي
: شلوونك عيوني ، قررة عينك ، شنو هالخبر الحلو
سخرية النظرة لم تفتها ، لتبادله ببسمة حنون ، و إيماءة لطيفة لتردف بعدها متقدمة الزوجين " المنفعلين " : احمد ربك امي ، الله انعم عليك بهيج ملاك ، لتبقى قاهر نفسك و تضيع الجاي من عمرك مثل مضاع الراح
جملة .. رحب بها بـ هدوء نظرة ، و إبتسامة ثغر فاترة ، مد يده امامها بـ إحترام : الله كريم
شلونج انتي خالة ؟ ضغطج شلونه ؟؟
: الحمد لله امي تحت رحمة الله ، و ضغطي هم زين الحمد لله ، الادوية مسيطرة عليه
: الحمد لله و الشكر
الله ينطيج الصحة و العافية
: بوجودكم امي
حديث دار بينهما ، و هما يتجاوران بالسير نحو باب المطبخ المفتوح ، تاركين خلفهما الرباعي !!
عند عتبة الباب افسح لها المجال لتدخل ، و قبل أن تخطو خطواتها التفتت حدوه لـ تحادثه بروية : موجودة جلنار مو ؟
: إي جوة ، بس خايفة ' قالها بسخرية غير مفتعلة '
لم يفتها انقباض عضلة خده ، و تراقص تفاحة ادم المتمركزة بـ عنقه الأبيض الطويل ، ضاقت نظراتها بإبتسامة خفيفة ، لتهز رأسها بتفهم ، مغيرة رأيها لتستدير بكامل جسدها نحوه ، فتحاكيه بـ نبرة حانية اعتادوها منذ الصغر : حقك مقهور منها أمي إنتة .. و الله محد يلومك ، بس لتظلمها عيوني علاوي .. والله البيها كافيها البنية ، امي محد يجيب الضيم و الهم لنفسه ، و انتة على حجي لينا و عمر تدري بالبنية شقد تخاف عليك و تخاف من ابوها ، فـ ـ
: خالة عيوني دفوتي و جوة نسولف ، شنو هالوقفة هاي
: قبل ما ادخل اريد منك كلمة ، لتأذي البنية و لتحرمها من ضناها يوم
تهدجت نبرتها ، و بان البؤس بملامحها ليهيم صوتها بمتاهة الوجع ، مضيفة بما خرق قلبه بنبال مسننة : الا الضنى امي ، حرقة الظنى ماكو منها ، لتخليها مثل حاالي
تسمر محله و كأن الارض ابتلعت قدميه ، و الحلق غص بلسانه ، لا يعلم سبيلا للمواساة ، اختض قلبه بصدره ، و اشتعل برأسه مرجلا من قهر ، بهت صوته الخشن بطبعه ليهمس مؤازرا قدر ما يستطيع و رأسه يطرق ليوازي طولها قليلا : الله يصبر قلبج ، و يخليلج عمر و ابنه
: و يخليلك جود و امها
رمش مستلطفا إصرارها الجميل ، و المحبب لقلبه ، لا يدري كيف افصح ، لعل حزن الثكلى ذو اثر في روحه اعمق مما ظن يوما !
: لتخافين على امها خالة ، خلص عمري على قولتج ، خلي شوية ارتاح
: فدووة لطولك ابوية ، عاااشت ايدك ابو جود الورد ، أدري بيك متخيب ظني ، يابة و الله حمل و انزاح من على قلبي
ضحك دون صوت ، ليعلق بعد ان لمح من بالخلف يقتربان بمن يحملانهما : يللا ام عموري ، تفضلي و نوري البيت
: يزيد فضلك ابوية ، صدق شلونها ام وسام ؟ عرفت بجود لا ؟
للحظة شهق قلبه كمن تذكر توا نبضة لطالما عاش يتفاخر بها ، بجهد سيطر على انفعالاته راسما نظرة هادئة على سطح قرنيتيه ، ليجيب : لا والله بعد مقلتلها ، أرييد اخذها و اروح ان شاء الله
: إن شاء الله يوم
بسم الله الرحمن الرحيم
همست بها عابرة عتبة المطبخ بقدمها اليمين ، لتلمح هناك كائنا لطيف الهيئة ، متوتر القد ، مستنفر الاعصاب !
لم تخذل يوما قلبا منكسرا عطر الجنة هذه ، فكيف بفاتنة الوجه الواقفة امامها على إستحياء ، ممزوج بإنكسار غصن بان
؛
: يممممة عمرررر قلبي ،
هاك هاااك شيل نور و انطينياهاا الله يخليييك
: لا يابة مشكورين ، منريد ابنج المخبل ، هالجمااال ما اتنازلج عنه .. لج صدق حلوة ، عباالي دينصب اخوج ! ' ينصب : يتريق '
كادت ان تبكي ، لتدق بكعبيها الارض معترضة ، هددته بـ صدق جنوني : و الله اذا متاخذ نور هسة اذبه بالقاااع ، حرام عليك عمر والله قلبي ديرفرف اريد احضنها ، أصلااا هية بت اخوية
شاكسها بحلاوة ، ليرفع الصغيرة بالهواء من وسطها ، فتتدلى قدماها و الرأس و الضحكة المشاغبة من حولهم تشابه زقزقة عصفور صبح جديد ، صرخت فزعة ، لا تعلم ما الاجدر لعمله ، فـ نور يغفو على صدرها ، بينما ابيه يختار " الشقراء " ليغدق عليها كرم الابوة ، العنيفة !
: عمررر على كيييفك لتووقع يمعوود
: لتخافين على بت علي مثل ابوها قرد
ههههه دباعيها شلون معلقة و فرحانة
بس والله مشايف بحياااتي هيجي قرد اشقر ، لج تخببببل
كرر رميها في الهواء ثم التقاطها مستمتعا بصراختها الملتصقة بضحكات أنفاسها بترت لشدة الحماس ، راقب اللين وهي تنحني ارضا لتتحدث بجدية خالصة ... مجنونة كما كل شئ يحيط بالـ جود
: و الله عمر رح احط ابنك بالقااع .. و الله
ضحك ملئ قلبه ، ليهدي ذات التأج الذهبي قبلة قوية على خدها ، فتقابله بمسحها بعصبية لذيذة ، و ملامحها تكفهر بحنق ، متحدثة لأول مرة ، سالبة قلبيهما و العقلين !
: إبتعد ، قبلتك تؤلم كثيراااا
شهقت اللين لتقف على استقامة جسد يكاد يرديه الشوق صريع الجنون ، بينما هو فـ غص بضحكته ، لتتوسع احداقه متمتما بـ ذهول : شنوو ؟
: قلت ابتععععد عنييي ، هياا اتركني ارييد ان ازهب
: ههههههههههه
ضحكة اللين المرتدة مدبرة طرقت ناقوسا قرب أذنيه ليفيق ، فـ حانت منه لمحات من ضحكات مبتورة ، مرددا بعجب من حالها : أين تزهبين ؟
برمت شفتيها بتفكير ، لتقلب نظراتها بإسلوبها المضحك ، فتثبت سبابتها بين الفكين ، لتعضهما بما وجد من اسنان ، فما كان منه الا ان يسحب يدها بسرعة ناهيها بـ لطف : لا عمو كخخ لتحطين ايدج بحلقج
بـ " أدب " فعلت ما قاله ، لتميل هذه المرة نحو اذنه ، فتهمس : هزهي العمة لينا الوكيحة ؟؟؟
ضحكة رجولية صاخبة اطلقها ، ليعصر بين ذراعيه هذا الكائن المرفق بـ البهجة ، قبلها بقوة غير آبه بإعتراضاتها ، لينزلها اخيرا فتلامس الارض ، منحنيا نحوها و محدثا اياها بحنوه المعتاد : اي هاي العمة لينا الوكيحة ، يللا سلمي عليها حتى نخليج تشوفين النونو
استقام ليستلم غريب الاطوار ، نور ، فهو رغم هذا الصخب لم يترفع عن نومه و يستيقظ ، و كأنه يجهز عدته من طاقة يحتاج حرقها في ساعات الليل المتأخرة !
كائن كروي ، مكتنز الأطراف ، ممتلئ الخدين الاحمرين ، بل يكادان يندلقان من الرأس المرهق من وزنهما الغريب ، شفاه وردية .. صغيرة لا تكاد ترى ، اما ما يرى ، و يرى ، و يرى ، فهما تلكما العينين !
يا اله السماوات ، خلقت عبادك فوهبت بعضهم جمالا يوسفي ، لا يقاوم .. بلا ادنى شعور وجدت نفسها تركع ارضا ، تاركة حقيبتها الكبيرة أو بالاحرى حقيبة نور مركونة بالقرب ، مدت يمينها تستحث الصغيرة ' الخجلة ' لإن تقترب ، فتلوي الـ ' خجلة ' شفتيها بتفكير ، ثم تتكتف بـ إمتعاض ، لتتقدم خطوة واحدة فقط .. حيث عمتها ! ، و قبل ان تسمح للاخيرة ان تلتقطها هتفت و ملامحها الممتعضة تعتبر وجبة شهية كاملة الدسم ، غنية بالمتعة و التسلية !
: هل تحبينني عمتي ؟؟
ضحكت اللين و معها عمر المراقب حلو اللقاء ، لتلمح نظراته تلك الدمعة الفارة من يسار حدقتي السلطانة ، تنهد بإحساس يماثل شوقها لمن رحلوا ، فهو الاخر قد ذاق من زمهرير الفراق حتى فاضت معدته ، !
هزت اللين رأسها موافقة ، و لكن العنيدة لم تكتفي ، إذ كررت سؤالها بنبرة تهديدية اكثر خشونة : أجيبيني عمتي هل تحبييينني ؟
: نعم نعم احبك اقسم لك
ظلت مكانها ، و كأن الإجابة لم تلاقي إستحسان سيادة معاليها المبجلة : إزن لمازاااا بابا يقوول انكي وكييحة ؟؟
بضحكة فلتت شهقتها ، مستمتعة بمناوشة الحديث مع طفلة بلسان طويل ، و عقل يضاعف عمرها بـ طيات : هئ .. بابا يقول هااكزاااا ؟؟
لتهز رأسها بقوة و نظراتها تضيق كمن يفكر ، بمصيبة ! : نعم هووة يقووول هاكزااا ، لكنكي لست كزالك سحييح ؟؟
اعلانها بوادر الهدنة جعل النسخة الاصلية تمد بيمينها نحوها ، بينما الشمال فـ تلهت بـ تعديل الحقيبة التي مالت لترتطم ارضا ، بنبرة شاردة فاقدة للصبر تحدثت : لا لست كزاالك ، أنا لطيفة ، هياا يا جميلة تعالي لحضن عمتـ ـ آوه ، لج بطني خرب ، آه
باقي تأوهاتها انحشرت بين الفكين لما لمحتها تبتعد قليلا عنها بأحداق متوسعة فزعا ، و صوت عمر يدنو ليشمخ من فوقها بـ قلق : شنووو لينا تأذيتي ؟
تكشيرة الملامح افصحت عن مدى الألم ، لترفع رأسها نحوه متمتمة بغيظ استحل مشاعر ' العائلة ' التي ارتدت ثوبها منذ ان سمعت بالخبر : إييي والله الا شوية و تفوت ببطني ، خربيها ، مبينة كلش عاقلة اسم الله عليها
ضافت اخر جملها بسخرية حقيقية ، ليكمل عليها هو ، مادا بساعده نحوها ، و داسا بالأخر صغيره في صدره : يعني عليمن تطلع !!
سلمته يداها ، كما العمر ، ليجرها من لجج التيه ، لديجور العشق الحنون ، إرتطمت بجنبه لترفع يدها بقبضة صغيرة تحط بها على كتفه ، قائلة بحنق : هااا عمرر ؟؟ حتى من اقلك صاير مكروه متلومني
رفع حاجبيه مدعيا البراءة : شبييج حبيبتي ، غير طالعة على ابوها يا عيني ، دباعيها نسخة من عنده
رمقته بنظرة ساهمة في التسلي ، لتطرق برأسها متابعة الصغيرة ، بوقفتها ' المؤدبة ' ، محتضنة ذراعيها فوق صدرها و عنقها يمتد ليرفع الرأس عاليا ، حيث هما ، في عالم العمالقة ، ضيقت نظراتها تتابع ملامحها المألوفة ، لتهمس بـ ذهول صرف : لا والله تشبهني عباالك بتي ، عمررر شايف صوري من جنت صغيرة ، نسخة منهااا ، سبحان الله
ليغازلها بإبتسامة شقية ، رغم إن أعماقه دلته على صحة القول : لا عمري شايفج انتي من جنتي صغيرة ، مو بس صور ، و دا اقلج خلي توولي انتي احلى
كانت تقلب نظراتها ، مولية رأسها لأي متحدث منهما بطريقة مضحكة ، لتستفسر ذات حديث شدها : من هي الأحلى ؟؟ انا سحيح ؟
ضحـك و معه اللين ، ليوجه نظراته حيث ذلكما المتحاورين ، والدته .. و رفيقه : هلووو يااب ، بت علي من هسة وااثقة بجمالها ، لا مستقبلها زااهر بإذن الله
لتقرع طبول الانذار ، معربة عن احتمالية اعصار قادم ، إذ صارت تدق الارض بقدميها و بتوحش ، لتسأل مجددا : من هي الاحلى اخبرووني ؟
أ ليس والدها من هواة الثأر ؟ و هو له ثأر عندهم ، قلبه لم يؤاتيه أن يقتصه من اليد الجانية ، حبيبته ، فليستمتع قليلا بـ نفخ رأس شبيهتها بمرجل الغضب ، حاورها بجدية لا شك في فهمها عند العفاريت الصغيرة : العمة لينا احلى منك
تدخلت اللين بتأنيب ، منحنية قليلا حيث إبنة اخيها ، لتستند على ركبتيها و رأسها يميل جانبا لتطوح نظراتها على العمر : عمرر لااا ، خطية لتضوجها ، باوعها شلون انقهرت
: لم انكهرررر ، لسسستوو زعييفة كي أنكهررر
صرختها المعترضة شقت اسماعهم و فعلت زر البلاهة على وجه اللين ، لتدغدغ اطراف اعصاب عمر ، فيرتد خطوات بضحكة مجلجلة ، قائلا بين فواصلها : لج اخووج موو طبيعي ، بيه عقدة نفسية و طلعها براس هالجنية
: أياااا ابسبسسس يا عمو عووماار
لو لا حمله لفتاه لخر قربها غارقا بضحكه ، يا رب السماوات ، مالهم لم يستمتعوا بكائن كهذا من قبل !
حول بصره حيث اللين يراقب شحوب لونها و فمها المنفرج
: خرررب ايااا بت الاوادم ، لج هاي علي بس عنده كفشة !!! اللسان الزفر نفسه ، ممعقولة صار جم ساعة يمه علمها تغلط
بفاه قد فغر رددت و عصافير البلاهة تحوم حول رأسها : و الله كلشي نتوقع من علي ، إذا هوة حتى نفسه يسبها ، خزااانا والله ' فضحنا '
لتظل مستندة على احدى ركبتيها بكفها ، محررة الاخرى لتلامس الخد المنتفخ بالشحوم ، فتحاكي ذات الفصاحة برقة قدر ما استطاعت : حبييبتي عيب نغلط على الاكبر من عدنا
فتقدم لهم الصدمة على طبق من تسلية ، مرددة بنبرة مكسورة ، و شفتيها تتبرمان بحزن : لماازاا تكرهوننيي ؟
انا لاا احبكي عمتتتي ولا أحب العم عوماار
فتخر اللين صريعة البؤس الكاذب ، لتجرها الى صدرها ، برفق كي لا تتألم كما قبل قليل ، عارضتها الصغيرة في محاولة للتملص ، بينما هي تكاد تذوب لشدة الحب الذي طرق بابها ، ' من اول نظرة ' ، بعد ذاك الذي اجتاحها مع الـ ' نور ' : لالالا قلبي اعتذر ، أنا أسفة ... سامحيني لن اكررها ابدا
تحررت منها بعد حرب غير متكافئة ، و ما ان ادبرت خطوتين حتى وجهت لها سهاما بصرية حانقة ، لتصرخ معها بـ حدة : أنتي كاااازبة ، و انا اكرررهكي
: لج جووووود شدتسوووييين ؟؟
التفتوا حيث القادم ، بوجه متصلب الملامح ، بادره رفيقه بـ ترحيب ساخر : يا هلا بأبوو الاخلاق الزيينة الي تواارثت تلقائيا لبتك
اما هي فحالما ابصرته حتى ركضت نحوه بخطوات متعثرة ، أجبرت الثلاثة ان يراقبوها بـ نظرات ضيقة ، و قلوبهم تمسكها الايادي : أبيييييي
اعتدلت اللين لتستقيم قرب عائلتها ' اللطيفة ' ، متابعة تخلجات الاخ الذي لطالما كانت حياته بطولية بحتة ، مفزعة ، شهق قلبها بـ صمت و هي ترى انحناءه السريع ليلتقط شجرة التفاح المتحركة ، في فصل خريف !! ، فأوراقها إصفرت بكومة كثيفة تعتلي الساق المنتفخة !
ببسمة راحة احاطت صدرها بالذراعين ، إزدردت ريق شوق لذلك الحضن ، و شئ اخر ، تستحي التفكير به ، فتكشف امامكم قبح انانيتها ، هي بخير ، و علي يستحق أن ينظم لعائلة ، أخيرا .. فحياة التشتت قد ملته دون ان يملها ، تناست أمر " الشئ الاخر " ، حالما سمعت قوله الساخر الموجه لـ زوجها : هاي شلاابسين انتو ؟ فرييق !!
توائمت خطواتها مع عمر و هما يتحركان نحو الداخل ، ليجيب ذو القلب الحنون بـ ملل : غير اختك خبلتني ، إلا تلبسنا نفس الهدوم ، هدوم العيد هه
ليزفر الأخر بإزدراء ، فيعلق و نظرته المستسخفة للصورة العائلية المثالية لم تبرح محيطه الأحمق : و انتة تدري بـ أختي مخبلة شكو تسمع كلامها
تسمرت قدماها ، لتعاتب بدلال اعتادت التغنج به ، ليعتادوا تقبله : عليييي المعقققد ... عود ليش انتة تغاار لإن عمر مدللني ، شقد كريه
و بعدين بكيفي رجلي و ابني و البسهم مثل ما ارييييد
: إستلللم ، بديناا سوالف النسوان !!
قالها ساخرا بينما لاحت شبه بسمة على ثغره ، لم تسعفهم بصيرتهم لرؤيتها ، إذ حدثه عمر بـ نزق
: اغااتي ابوو جود ، شوية اهدا شبيك جاي منااك شايش ' هائج ' علينا ؟؟
لم يجبه ، فتدخلت ثاني ادوات الوصل بين عائلتيهما ، فالأولى هي أخوة دون دم دامت لأكثر من ثلاثة عقود !!
: ليييش متجاوب على رجلي
: إنجبي انتي و رجلج
قالها بـ هزل ، ليقف مشيرا لهم بالتفضل ، فيقرر الهادئ دوما ان يستشيط كما الرفيقين : شقد اخلااقك زفرة لخاطر الله ، و دنقوول هالطفلة منيلها هاللسان ... يعني منيلها اذا انتة ابوها
: عمر و الله العظيم مالي خلقكم
: دمشي نروح للسيارة شوية
: إي نروح
عند باب المطبخ توقف الثلاثة ، ليطرق عمر بجسده حتى يوازي رأس اللين ، همس لها بـ خفوت : بعد ما اوصيج عمري ، البنية محتاجة حجايتين حلوة منج ، ما اريدج تقهريها فوق قهرها ، ماشي
قلبت نظراتها بين عينيه حتى تنهد فؤاده المتخم بالهوى ، حاورته بـ صمت الافواه ، و ضجيج القلوب ، يا الله ، كم يعشق سلطانة هذه القلعة ، حبيبته سلبت لبه و عقله ، سلبته سالما ، غانما ، بنبضها !
: ماشي عمري .. لتخاف
قرص خدها بـ خفة ، ليمد لها الطفل ، فتستلمه برقة ، و عناية .. في خضم ذاك المشهد الدرامي ، كانت ابصار الأخ الرفيق تتابعهما بـ صمت حائر ،
أ سيكون يوما بمحل عمر ؟!
رجل نبيل ، ببسالة إغتنم من يحبها زوجة له ، و من ثم حبيبة !
جاءته فرصته فشرع لها ابواب حياته كاملها ، بنى لها بداخل القلب قلاعا ، لتليق بإبنة السلطان .. و زوجة الفارس الهمام .. أدرك بوابة ملكوت مشاعرها ، ليجتاحها بخيول عربية اصيلة ، زبد و رعد بأراضيها حتى احتل كل مدينة ، و ضاحية .. إنتشل مملكتها من وحل الدكتاتورية ، ليحكمها بـ حرية عاشق .. حرية سننها تنص ان لا يبارح مفتون التقلب بين كفي من يهيم به شغفا !!
إنتبه لـ قول اخته الهادئ ، بجدية : جلنار جوة ؟
: وين لعد
قالها بضجر ، و ملامحه ما لبثت ان تتجهم ، لتعود فتنبسط لما تقدمت منه اللين ، مواجهته بـ جسدها القصير نسبة له ، بـ نبرة متحشرجة بالحنين ، نطقت : حبيبي علي ... تتربى بعزك ، و الله ليحرمها منك
غامت عيناه ، ليختفي الكون من حوله ، فلم يبق إلاه و أخته ، و طفليهما ، بيمينه احتفظ بـ الجود ، ليلف يساره حول قد اللين و من تحمل ، أطرق قليلا ليزين الجبين بقبلة مترفة بالفخر و العز ؛ ملاءة الجاه غطتها ، لتتدثر بها بـ خيلاء ، انحنى متقبلا منها قبلة الخد الرقيقة ، لتكشر بعدها ماسحة أثر الحمرة الخفيفة التي طبعت بين شعيرات لحيته
بدلال سافر نطقت ، و ذلك ' الشئ ' يتوهج نبراسه مرة اخرى ، : عيني عيييني جود الوكيحة ، والدكي يحبني اكثر منكي
ما ان انهت جملتها تحركت لتدلف المطبخ ، هاربة ممن لها لسان سليط كسوط سائس فرس جامحة ، فتشكل الشياطين حلقة راقصة حول رأس الصغيرة ، لتصرخ مغتاظة حانقة على الأب الصامت
فيستطرق هذه المرة عمر ، بـ حروف نزقة ، ساخرة
: خلي تتربى بعزك بس أهم شي مو بلساانك ، لك علي الزمها قبل لا يفلت لسانها بعدين تبقى على قلبك محد ياخذها ، يقولون جود العررمة " الوقحة "
تحركا سويا متوجهين نحو الخارج ، حيث تصطف سيارة الرفيق ، النسيب ، ليعلق هو بـ ما كاد يقرص فك العمر ، ليخر ضاحكا من الحديث الغبي ! : شفاايتلهم ياخذون حبيبة ابوها
: هلو يابة صارت حبيبته ، شبسررعة لحقت تحبها ؟؟ شو لينا و نسوانك المساكين سنين يمك و محصلوا منك شي
: ههه هاي غير شكل ، من اول مرة شفتها حبيتها ، سبحان الله
لم يدرك عمر أي فترة زمنية تبنت اللقاء الأول ، فلم يعقب الا عما سلف : دبقيها خلي تخلل يمك
فيستفزه الأخر بـ شموخ و تجبر : لا متخلل ابن عمتها موجود حتى لو اصغر منها مو مشكلة ، رجال ابن رجال
كانا قد وصلا الباب ، ليفتحه العمر فيتقدمه الأخر ، بخطواته ' العرجاء ' ، حاملا على صدره كائنا بأعين فضولية تسترق النظر لما حولها و كأنها بمتحف العجائب ، تحاول إستكشاف المكان الغريب ، مع الغرباء الا قليلا ! : لا رحم الله والديك ، ميحتاج تصبغنا ' تجمل الكلام كذبا ' ، منريد بتك ، تخبلت اخلي ابني يعيش العشته
: ليييش شبيه العشته يابة ؟ لينااا تعالي سمعي الحجي عليج صار بفلس
: لا أبببد مابيه شي ، بس شوفتني الضيم اختك ، أقلـــك عوف هالحجي ، شسويت أو ... شراح تسووي ؟
هل سيكون مقنعا ، لو قال ' ما أدري ' ؟
؛
تجهش الروح بالبكاء ، متقوقعة على حناياها ، مختزلة انفاس الثبات ، لتذوي على قارعة الطريق نحو الحق ! ، ترى السهم المشير لـ لما يرضي الرحمن ، و يغضبه .. كيف يكون الأمر لو إتبعت قلبها و الحق ، لتدق عنق ابيها ، فـ تحني ظهره أكثر مما فعلت !!
تحاول التوشج بـ قواهن ،
اللين ، و والدة عمر ، و حتى صغيرتها ؛
فـ هي تعلم بأن ما بـ مخزونها لا يسعه ان يكفي سد جوع القهر المتمكن ممن قابلتهم اجمعين ، ها هي تتشارك مع اللين غرفة الجدة ، تجلسان متقابلتان على السرير ، و في جعبة كل منهما مثاقيلا لو استعجلت بـ ذرفها كاملة لإستفاض الكيل بهما !
: جلنار ما اقدر الومج اكثر مما لامج علي ، جديات ما اعرف شقول ،
لتشوفينا دنحجي طبيعي ، ترة والله لهسة بعدنا مصدومين ، و لتعتبين على علي إذا أذاج بكم حجاية
بل إن طعنك بكم رمح مسنن !
ازدردت ريقا قد جف ، لتهمس ذات حشرجة
: لينا ، إنتي و حتى علي لازم تعرفون و تصدقون بداخلكم جنت مجبورة ، ترة محد يجيب لنفسه الهم ، و محد يقبل يعيش الي عشته ، بلة روح و لا هدف و بضمير ياكلني اكل
برمت شفتها بـ تفهم ، أو بمحاولة للتفهم ، لتسحب نفسا طويلا ، تتبعه بـ : صدق شلون جان وضعج ، دائما جنت اسأل رسل و مفد يوم ريحت قلبي ، كلما اسأل تنطيني خبر اتعس
: هه اي خطية كم مرة ترزلت من بابا من جانت تجي لبيتنا عود دتشوفني ، شقد عيب منها و من اهلها ، بس زين ميزعلون لإن يعرفون كلشي
وافقتها بهزة رأس بالكاد ترى ، لتضيف بعدها : هية هم جان بالها يمج ، جلنار لتزعلييين مني ، بس ترة ابوج ما اعرف شلون يفكر ، شلون قلبه نطاه يسوي بيج الي سوااه ؟ ترة شي ابد مو طبيعي
و كأنما ركلت قلبها بـ ضربة سددتها بطاقة عظمى ، شحذت فيه همة سنين فرق فيها بينهما ، هربت بنظراتها خجلا مزدري من ذاته ، و من اهله .. كل يود ان يفخر بإنتماءه ، و هي لم تنال شرف هذه النعمة ، بفضل جرائم قاسم ، و صمت تابعيه !
تناهى لها انين التوجع بعد الركلة .. التوت امعاءها مؤازرة ما اصيب من جيرانها القدامى ، فتحشرج الكلام بالفم ، و كأن من تقابلها هي الاخرى قد وصلها ذلك الانين ؛ لتحاول التخفيف عن فعلة يديها ، بدب روح التفاؤل رغم ما يدعو للإبتئاس
: حبييبتي بس جودة مو طبيعية ، هاي شنوو هاللسان منين متعلمة هالسوااالف ؟؟
بضعف استقبلت شبه اللطف لتحاول ان تتجاوب ، بـ ذوق : ههه 24 ساعة تباوع كارتون و تتعلم من ولد روشن ، و الكل مدللها ، فشوية طلعت عينها
: والله هوااية مو شوية ههههه
قبل شوية تقول لعمر ابسبس ، على قولته نفسه علي بس عنده كفشة
دون شعور ادركتها الضحكة القصيرة ، لترد بعد وهلة و بنبرة برتها البحة : لا حرام عليكم و الله بتي تخبل
: إييي تخبل اصلا تشبهني من جنت صغيرة ، نسخة ، بس دا احجي على اخلاقها ، فـ ذيجيااها ' تلك ' تصييح هية بت علي ابو اخلاق العالية
هذه المرة الثانية التي لم تكبت بها ضحكة دغدغت اوصالها ، ضحكة غمست بوحل الوجع فإنتشلت منه ملطخة ، و لكن رغم كل شئ تظل ضحكة !
: جلنار ،
الله يخليج كافي
بهت لونها ، و غرقت ماكانت ضحكة في محيط من بؤس ، لتولي جميع فصائل الانتباه لقول اللين ، المرتعش .. و احساسها بيديها الضاغطة على كفيها يعيد لها شعورا بالحياة ، بعد أن ظنت بذاتها الغرق !
: علي خطية ، و الله تعب .. الله يخليج بعد لتأذييه
و صدقيني والله هوة يتمناج من قبل ليعرف ببته ، بس اخووية هيجي ميقدر يعبر ، ميعرف .. عمري مسمعت منه كلمة ريحت قلبي ، على شوفتج شفتي شلون جبرني على عمر ؟؟
هاي عود اني اخته الي بقت له بالدنيا ، هوة بباله جان هذا الصح ، و فعلا هوة الصح ، هسة مستعدة افدي روحي لعمر حبيبي
بس دا اوصلج فكرة انو هوة ممكن يستخدم وياج اسلوب يكرهج بيه ، بس و الله نيته سليمة ، و صدقيني لو ميحبج و يريدج جان مبقاج تلث سنين على ذمته بدون ليقترب و يطالب بشي رح يأذيج ، بدون ليجبرج تجين وياه و انتي مراضية ،
مرت عليه فترات ، بس الله وحده يدري شصار بيه بوكتها ، الي شافه منكم مو قليل ، فلازم تصبرين عليه لحدما تنسيه ، اذا تحبيه صدق لازم تخليه ينسى ، و يشوفج ام بته و بس
لم يخف شحوبها طيلة سماعها لذلك الموشح المحق ، ظلت تحدق باللا شئ ، نافخة صدرها بإيحاء للتماسك و هي ابعد ماتكون عنه .. لعقت جراحات الاهل و الزوج بصمت ، و تقهقر على الذات ، و قبل ان " تقدم وعدا " ، فرت تنهيدة طويلة من قلب الاخت ، تبعتها بـ : اقلج شي و تصدقيني
اني جنت حااسة نصيبكم سوة من اول مشفتج ، يمكن تضحكين علية لإن سويت فلم مراهقين ، واحد نقذ وحدة و حبها و حبته ، بس و الله حقج تحبيه ، واحد وقفلج هالوقفة .. ' لتضيف بمرح ' و بوساامة و شهاامة علي شلون متحبيه ، فوقاها طبييب ، الله يساعد قلبج
تجهم الملامح لم يتهشم رغم روح الدعابة التي تحاول جاهدة ان تتشبث بها اخت زوجها ، تلك التي و كأنها و بعد الكشف الطويل وجدت اثر الجرح الغائر ، لتجر خيط رتقه ؛ فتفيض به الدماء اكثر من ذي قبل
: تدرين لهسة ممصدقة ليش تزوج سارة ، يعني هية من زماان قدامه ، و صحيح مجان يحجيلي بس من جان مراهق جنت مرات اسمع حجييه وية عمر و ألن و جنت ادري يضووج منها ، شنوو الي خلاه ورة كل هالعمر يتزوجها ...
بصراحة مقتنعت بموضوع علمود ابوها و اخوها الله يرحمهم ، عادي هوة اصلا مأجر شقتين هناكة و عادي إذا تقعد يم امه و بيبي ، بس اتووقع علمود فد شي ... هممم
جان يريييد يقهرج حتى ترجعيله ، صدقيني اخوية ميعبر عن الي يريده بطريقة طبيعية
نبضها تخلخل تصاعديا متجاوبا مع الحديث ، الذي لم يكن سوى ' جثة لبقايا امنية ' ، أمنية ذبحت من العنق ، نهبت الدما طهارتها ، لترديها قتيلة دون البلوغ ، حملت فوق نعش الأجساد و غسلت بدماء اريقت من كل فرد ممن حضروا عزاءها ، ليضيع حق المطالبة بـ فدية لقاتلها ، و هي من هدر دمها بـ ثمن زهيد ، بل بلا ثمن !!
أثبت قولك صفائيتك يا اخت أخيك ، فأنتي لا تعلمين ما فعل الأوغاد بـ أرضكم ، الأوغاد ، أهلي !!!!!
عثوا بها الفساد و الدمار ، استباحوا عذرية نسائكم ، و شقوا ثوب طهركم ، و ما كان من اخوك سوى أن يشكل من نفسه عباءة لستر ما انفضح .. إبقي بـ تفكيرك الطاهر يا عمة الجود ، فـ تقليب مرجل الماضي لن يفعل سوى إحراق كل من إبتلع جمراته في سالف السنين
سارة ، سارة !
أ سرقتي من قلبه نبضات بعد إذ رافقته الاعوام المنصرمة ؟ هل سكب لك قناطيرا من دورق رجولته الفتاكة ، هل صهرك كما اذابني ؟
و هو .. أ شعر بك نارا تحرقه ، ليحتضنها ؟ كما معي ؟!
أ أخذته مني و أنت الأحق به ؟ أخبريني بربك ، هل صار لك و عدت لكما عذولا ؟
تهدل كتفا الفؤاد الكسير ، إنبح صوت النبضات ، و انعقدت الشرايين بـ الأوردة ، ان جارت مخططه ، و شاركته المسير حيث يسكن ، تاركة خلفها ما ترك ، ستقدم نفسها للإعصار رهينة ،
جدته و والدته ، و زوجته !
كل منهن لها معها ذكريات ببشاعة خنزير ، فكيف بالإستقبال المنتظر بعد عودتها و هن تعلمن بأن المصائب محلقة حول فلك قدها كقرص زحل ، لتحشر رجلهم بين قاعها و الفلك
فجأة أخرس الكون ، و إبتل ريق القلب ، لتتعدل نبرة النبضات بـ عالي الصوت ، متوائمة مع علو الأنفاس الخائنة ، ليستيقظ ما بها من عشق شجي ، لـ شرقي عاقد لحاجبيه ، يقصد قتلها ما فوق الألفين .. و ينجح !
كممت شهقة الشوق التي علت من فيه هيامها به ما إن لمحته يدلف الغرفة ، حاملا على ذراعه ' واو ' الوصل بينهما ، ما إن تلاقت الأبصار حتى اشاحت بنظرها مرتجفة الهدب و القلب ، تهادى لها صوته الفخم ، ذو الرنة الطارقة على ناقوس المشاعر
: ها شرايدين ؟ شو بتج تقول تريديني !
لمحت أخته تستقيم واقفة ، متظاهرة بالعفوية ، لتتحرك خطواتها تجاهه و مشاكسته الرائعة الحسن ، ندى من ثغرها ترحيبا محببا
: يا هلاا و مية هلا بالوكيحة
: أبي أنزززر لأختك مازا تقول ، وبخهاااا
ضحكت مع علي الذي سرعان ما قطب حاجبيه ' ليوبخ ' أخته الواقفة امامه ، تشاكس صغيرته كل ذي لحظة بـ شأن ، فتارة تقرص خدها المتورد ، و أخرى تعض يدها المنتفخة ، و أخرى تصفع فخذها المكتنز و الظاهر من تحت التنورة ' الجينز ' التي لم تكد تغطي حفاظها : لينااا لتضوجين بتي الحلوة
لتشمخ بكبرياء ، مرجعة خصلاتها اللولبية لما خلف اذنها بإنزعاج ، و صوتها يتسربل بأناقة مغرورة : إي لتزوووجيني
فما كان من اللين سوى أن تنفجر بضحكتها الملونة بـ ألوان الصيف المبهجة ، كمزاجها منذ ان قابلت ذات اللسان السليط ، و القلب المتسلط ، ذاك الذي نجح بفترة قياسية بكسب كل القلوب بصفه : ههههههههـ ـ ـ لا أشوو الاا ازوجج ، و جايبتلج شلوون عريس ، لؤؤؤطة
بملل ردد صافعا يدها لتبتعد انشات لا أكثر : تؤ ... لينااا ، لتصيرين جاهلة
: لتخااف على بتك عدها لسان عن عشرة ، أم لسااان
هذه المرة استفاض الغضب بالصغيرة ، لتكشر عن انيابها ، و تقطع دابر الأدب ، فتصيح منفعلة و الوجه تخضب بإحمراره : عمتي الشمطاااء زكببوووت ' زقنبوت '
كـ عادة الشرقيين ، تراهم يتراقصون ضحكا لـ قلة أدب صغارهم ، إلا إن صرختها افزعت الثلاثة ، كبيرهم قبل الصغيرة : لج جووودة مو قلنا عيييييب ؟؟ ترة و الله اعاقبج إذا مـ إعتذرتي هسسة ، يللااا
كانت قد وقفت محلها ، بمحجرين توسعا ، و شرارة الغيظ من انفلات ما تحجمه بـ قهر ليظل تحت السيطرة قض مضجع راحتها ، لتتمتم العابسة بـ نبرة ترتجف ، و كفاها الصغيران يتكوران فيحيطان الفم ، ذا اللسان المنفلت ! : أسفة .. أعتززر جو..... ماما
ذكاءها كان احدى نعم الرحمن ، تنبئ بمستقبل واعظ هذه الشقية ، إن شاء الله .. قطب حاجبيه موبخا ' زوجته ' هذه المرة و من دون صوت ، لتهدده أن يتحدث فيطول لسان الأخرى اكثر ، يكفي ما تفوهت به !
بتملل ، كبت ضيقه ، ليميل بجذعه نحو اللين ، مقدما لها الصغيرة ، و بلحظة شيطنة تراه علق .. منتقما لعبوس ذات الكتلة الصوفية
: صدق لينا ، عذرينااا كسرنا الفازة مال امج ... الله يرحمها
قبيل ان تستلم ابنته شهقت لترتد خطوة للخلف ، فتستطيع رؤية ملامحه عن كثب ، و قرب .. فترديه صريع نظراتها الحادة ، المستفسرة بوجل
: ياااا فازة علي ؟؟؟ لتقوول البنفسجي و الله اقلب الـ ـ
بنظرة جانبية راقب توتر الزهرة اليانعة ، الصالحة لبتر غصنها البان ، و حفظها في كتيب الفؤاد ! ، كذكرى لن ترديها السنون و لو طالت ، معطرة بـ أريجها الفواح كنزه الصدري ، و الرئتين ، فتصير انفاسه نقمة لا نعمة
قلب الطاولة على رأس الصغيرة ، بعد أن هانت عليه دون والدتها : لا تقلبين الدنيا و لا شي ، هاي بداال لتقولين فدووة لبت اخوية ، تعييش و تكسر
: شتعيييش و تكسر ؟ غراااضي ؟ علي قلي يا فازة لتقوول البنفسجية مال فرنساا ، أذبحها لبتك هسة عالقبلة
: يا زمالة ، الله ليعوزنا عليج ، إن شاء الله اروح و اجييبلج ، و يللا ولي ... خيبتي ظني بيج
ببؤس حقيقي اتاه جوابها ، و جبينها يتجعد بالقهر : لا جدياات ضوجتني ، تدري بية اموت على هالفازة و مخليتهه بالبيت قلبي مينطيني اخذها هلقد ما اخاف عليها اقول هنا ماكو عليها شي
تجي هاي الثوولة بتك و تكسرها ، ياااا كلبة
: أنتييي كلبة .. أنا لم افعل شيئاااا أيتها الشمطاااء الـ ـ
ضربة خفيفة على كفها المنتفخ ، كانت كافية لتخرس تماديها بقلة الادب ، هذه المرة هو من احتضن دور مربي الاجيال ، ليوبخها بـ عينين تتسعان حتى هزا اوصالها بإرتعادة لم تعشها معه إلا قليلا ، و هو يهيج بوجه ' جوج '
: مو قلنااا عيب نغلط ؟ ترة اخلي امج تعااقبج و ما اساعدج
فغر الجميع ثغر الوعي تعجبا لبسالتها الرفيعة المستوى ، إذ تشبثت بشجاعة نادرة بـ حقها في الدفاع عن ذاتها امام هيئة النيابة ، الظالمة ، قاسية القلب
: و لكنني لم افعلها ، أقسم بأنني لم اكسر شيئا ، أبي انتة كزااااب
و كأن فوق رأس اللين مصباحا اضئ ، لتهز برأسها و فمها يتبرم بـ تهديد ، بينما الحاجب يرتفع فيكاد يختفي من تحت الـ ' غرة '
: أهاا ، علي افندي اعترف انتة لو مرتك كسرتوا فازتي اثناء الحرب العالمية الثالثة ؟ و بشرني اكو اصابات لو حبيبتي انكسرت بدون فائدة ؟
: يعني اذا اكو اصابات هاية فائدة ؟
: طبعااا على الاقل قلبي يبرد ، صدق كرررهتك و الله
و كأن قلبه رجف خوفا !!!
امتعض الفم بـ إشمئزاز ، ليميل نحوها مقدما لها فتاته : دهاج هاج ، ' خذي '
كرهتني ، دحبي نفسج الاول ، هوة انتي وين تعرفين تحبين ؟
: هاي من الغيررة ، لإن احب عمر و نور و ما احبك ؟
: لينا شو صايرة تافهة ، و الله جنتي تخبلين قبل عمر ، شخصية و هيبة .. هسة صايرة فلس متسوين
لتدبر بخيلاء ، رافعة ذقنها بـ تغنج ، فتجيب نافرة : لا بللا ؟ يعني هسة المفروض انقهر ، إفففف علي نزل بتك بالقاع شيشيلها هاية الدبة ، و اني عمليتي لهسة مطيباانة ' لم تبرئ بعد '
صـــدق على طاري العملية حبيبي فدوة لعمرك اريد طبيب تجميل زين
: شتسوين بيه ؟ لتقولين عمر مل من جهرتج و تريدين تنفخين !!!!
: عليييي شنو هالحجي ، وبعدين صدق كافي غيرة مني و من عمر ، بس جديات بطني تشوهت فد مرة
: مو اقوول صايرة تافهة ، يللا عاد طلعوا مناا
لتلتفت حدو جلنار الرابضة على السرير ، كفاها تستندان على جانبيها ، تراقب الحديث الدائر بـ نظرات متشتتة ، بها شئ من لهفة !
أضافت غامزة ، و قلبها يلهج بدعاء صامت ، خاشع متذلل ، ليتها تذوق سعادة اخيها و راحة باله ، يارب
: شوفي جووج ، هذا التعبير الي قتلج عليه قبل شوية ، أتوقع حاليا وصلنا مرحلة الـ ـ ، إنتو اختاروا مرحلتكم
يللا بت علي افندي امشي نروح نشوف النونو
: هيااااا فلنزززهب
: هيااا
بين لحظة ، و اختها غادرت اللين بعد أن اخذت الصغيرة معها ، تاركة إياهما ، و النبض
إزدردت ريقها بـ خفوت ، لتهم بالوقوف دون الفؤاد ، فتشعر به قد التصق بـ أرضية الحجرة ، فـ صدرها غير قادر على حمله و هو ثائر ، لئلا يشقه فيلوذ بالفرار نحو من إشتراه دون نقد ، و زهد به !
كم آلفت مجيئه ، و الحال ، و هو يأتيها بـ الصغيرة و ذاك قول راح يتلألئ كـ جواهر في قاع محيط ساعة غسق ، بـ هدوء نبرة و لا زالت تتجنب أن تلتقيه بالأعين نطقت
: روح جيب عصير شي ، الثلاجة فارغة .. عيب من العالم
لما ظل محله متسمرا ، للحظات طالت ، أجبرها على ان تستفسر منه بـ تحاور الاحداق ، منحنية لتحمل قلبها بين ذراعيها ، كـ رضيع !
رف جفناها بإنهزامية مشاعر ، لتبتلع نبضها المتلهف لأي لمحة حنو منه ، لمحة تزودها بأمل يخبرها بأن الصدر ما زال خاويا من سكان القبائل الأخرى ، بأن قلاعه لم تسكنها أميرة من العدا ، بأن قصرها الذي شيد بين الرئتين لم يكن وهما ، و بأن حجره الخاوية تنتظر مجيئها ، و الوريثة للعرش الملكي
*
إني لأكتم في الحشا حبا لها ، لو كان اصبح فوقها لأظلها
و يبيث بين جوانحي وجد بها ، لو بات تحت فراشها لأقلها
بشار بن برد
*
هل ما زلت هنا ،
أمامي ؟
في بيتي ؟
هل صيرك الله أما لـ فتاة كـ الزمرد الشهي ؟
فتاة من صلبي ؟ من سلاسة صفاء ؟
جلنار ، يا زهرة الرمان الشهي ، يا من أشتهي كل حباتك الحمراء و حتى تلك التي لم تنضج بعد ، يا من كسرتي صلادة القلب بـ مطرق النظرات ، و سنديان الأنين ، أنينك ذاك رأس مصائب روحي ، تذكرين لقاءنا الأول ؟
أصدقيني القول و إنصفي لهفة الحمقى التي تعتريني ، أ لا زلت بالعهد المقدس ملتزمة ؟ أ لا زال تمثال الرجل المثالي الذي نحته بـ أناملك لتسكنيه نفسك ، ' هناك بيسار الصدر ' ، يملأ فؤادك المتيم بمن يسكنه ؟ ذاك الذي عكفت تلمعين سطحه كل ليلة و ضحاها ، تصرين أن يكون نقيا كما تبصريه ، تتناسين عمدا شوائب ناتئة من سطوحه الخشنة ، نتوءات خدشت يداك العاقدة لعزمها على أن يكون براقا !
تقدم خطوتيه و كأنه يدوس اشواكا مزقت جلد قدميه ، امامها وقف ، ليمد يده على حين غفلة ، فيرفع كفيها بـ شرود ، و كأنه يبحث بـ نقاوتها عن أثر لرعونة افعاله ، و حقيقته ، لتتجمد نظرات محجريه ما ان ابصر تلك التخدشات الحديثة ، بـ خمول نبرة سأل دون ان يبعد انظاره عن يديها : هاي شنوو ؟
طبول قرعت بين ثنايا الروح ، و اهازيج اعراس شعبية نصبت بخيامها بالبطينين و ما يعلوهما من اذينين ، توتر فمها لتهمس و نظراتها تتسمر على جبينه المتعشق بـ حاجبيه : تعورت بالنارنجة ، برة بيتكم
تركها فور أن تراقصت نبرتها على طبلتيه ، كـ حافية قدمين ، شرقية القد المهتز ، بمهارة لا تليق الا بالشرقيات !
تنهد بصوت مسموع ليتركها متوجها نحو الباب ، معلقا بـ : بعد شجيب ؟ عصير و شنو ؟
: آآآ ... بامبـ ـرز ، لجود !
نبضة نبضتين ، بل عشر ، ضخ بهما الدم بعنف مدوي الوقع ، وابل من شعور صار يتقاذف فوق صدره كـ جمرات ، تحشرج بـ نفس و حرف ، فـ أبعد عينيه و ستر عورة بؤسه تباعا ، كم أوجعته به من طلب ، و الله إنها كمن غرس بخاصرته سكينة لم يزل نصلها ضريرا
كـ أفراد عائلة .... طبيعية !!!!!
صدرها بات يعلو و يهبط بـ إنفعال هائج ، تحركت خلفه ، و ما ان جاورته حتى لمحت نظراته المصوبة على قدميها المرتديتين خفيه ، الغير ملائمين لـ ملابسها التي حضرت بها و عادت لترتديها بعد أن جفت !!
تحركا سويا للمطبخ ، لتسبقه فاتحة باب الثلاجة ، الخاوية .. إلا من علب ماء ، و بقايا وجبة سريعة ، بذهول استدارت نحوه لتقول اول ما خطر ببالها
: انتة إشـ وكلت جود الصبح ؟؟
علي هذا الاكل خربااان
بنزق اجاب و ملامحه كشرت : شقلولج زمال اوكل بتي اكل خربان
بلا شعور منها و بـ ردة فعل تلقائية دفعت بالباب ليغلق بشئ من حدة ، ليرفع حاجبه مهددا ، غير راض عن فعلتها ، و لربما متوعدا بعقاب .. لكنها بترت سلسلة تفكيره الاجرامي بـ قولها الهادئ
: ديللا ، روح صارلهم ساعة هناا و كلشي مقدمنالهم
بتفهم ' صدمها ' ، وجدته يتحرك نحو الباب بـ عرج ، ذبح روحها ، حاولت ان تتجاهل وجع الوتد الذي انغرس بكبدها ، لتثبت نظراتها على كتفيه من الخلف ، كم تود أن ترتمي فوقهما ، دون بكاء .. لشوق يأكل صبرها فقط !
توقف و معه نبضها للحظة ، استدار فجأة لترتد خطوة مصدومة ، و متوترة ، لكن كل شئ تلاشى لما اخرج هاتفه من جيب بنطاله ،
بـ شبه بسمة رفع رأسه ليواجهها ، قرأ الترقب المرتاب على ملامحها ، فـ قال بهدوء ، مبطن بالسخرية : هاي عمر دز رسالة ، يقول راحوا
توسعت حدقتيها لـ تتمتم بـ ريبة : و جود ؟
: وياهم
شهقت فقفز قلبها الحلق ، غصت به ، بمحاولة لإبتلاع ارتياعه بـ صعوبة ، ليعلق هو بـ ضحكة تلونت بالإصفرار : لتخافين مو نذل لهالدرجة اخلي اختي تخطف بتي ، و تحرم امها منها
: علـ ـ ـ
: إصصص
قالها ليراقب الرقم الظاهر على الشاشة العريضة ، رقم بمفتاح خارجي ، وخز لب النشوة الشيطانية ، ليثيرها ، عيناه تتسمران على من يتصل ، لثوان ، قبل أن يرد
و ما ان فعل حتى ارتفع بصره نحوها ، ليضيق عرق عنقها بنية للخنق ، أتراها سارة ؟ أ ستبكيه شوقا ؟!
تعاتبه الغياب ، و تنفخ صدره بعبارات الوله ؟
بسمة حقيرة حطت على ثغره متزامنة مع نظرة ذئب للتو غرس أنيابه في لحم القطيع ، متشفيا بـ غباوة كلب كان يحرسهم .. بعمى !!!!
: جنت منتظر مخابرتك والله ... أبو زينة
شهقت بصوت نبهه لعمق المصاب التارك أثره على ملامحها ، إزرورقت شفتاها ، لتميل الارض من تحتها ، بلا شعور رمت بجسدها ليربض على الأريكة من خلفها ، بإرادتها .. قبل أن تخر واقعة بلا إرادة !
غطت وجهها بالكفين ، متقبلة مصير الرعب الملوح لها بيديه محييها ، وصلتها نبرته الملتوية ، بإزدراء عار الجسد : اعصاابك يابة اعصاابك ، بتك موجودة يمي مـ طخيتها بقشااية ، لتخااف
مو انتة تعلمني شلون ادير بالي على أم بتي .. سمعت أبو زينة ؟
دوخة و اعياء عادا ليصفعان وعيها ، لتجدها تذوب شيئا فأخر ، لترتخي بجزءها العلوي ، تاركة قدميها تلامسان الارض ، ليكونا السبيل الوحيد لربطها بالواقع ، ضحكة بكماء الشعور تلك التي اطلقها الذئب .. ليتبعها بـ عواء اجش ، غاضب حانق
و كأن فوهة بركان انفجرت ، لتقذف ما بداخل جبلها الذي تغلي سيوله تحت مراجل الحقد و الظلم
: لــــك لووو اني مثللللك مجااان خليييت بتك عااايشة ، جااان حرقت قلبك و بردت قلبييي ؛ جاان لزمتها من ايدها و ذبيتها بأي سجن حتى يوكلووها و يوكلوك *** ، حتى يراووك شنو كسرة الظهر ، حتى يشعلووك مثل مشعلتني و شعلت عشيرتي ويااية
فهمنني انتة شنو من بشرر ؟ لاصدق شنوو طينتك يا اخي ، يعني بربك عندك عقل من رايح لمكة دتحج ؟ دتحـــج و انتة مغير انسااب و حارم طفلة من ابوها
لا ليش طفلة .. طفلتين ، بت زينة همين ، شلوون تغفالك عين دخيل الله ، و الله مثلك مشاايف اني
هنـاك ،
فوق اراض طاهرة ، و بقعة مزينة بـ أفخم البيوت ، و أجلها ، بيت الله الحرام ، قبلة المسلمين ، و طريق هدايتهم ، يكون قريبا من قاع النقاء ، و يجلده لوم المظلوم ، المغتصب أرضا و عرضا و صلب !!
لو كان بمكان أخر ، و بحال لا يشابه حاله ، لكان رده مختلفا ، مؤججا بـ نيران حقد اضرمتها سنون مضت ، بغضاء توارثتها الأيام لتمتلئ القلوب بالكراهية ، و تتفعل الأجساد وفقا لشعورها الهاوي من جرف الإنسانية ، لجحيم الحيونة !
ابتهالات من حوله ، أصوات العويل الخاشع ، و الدعوات الصادقة ، الجمع الغفير الذي حشر ليدعو ربه ، مخلصا له دينه .. متوسلا إياه مغفرة و رحمة ، خشوع المتذللين و توسل المستضعفين ، زهد النفوس بتلك الأرض صادقا ، نقيا .. لا تشوبه شائبة إلا من ظلم نفسه ، فـ أذلها .. عطر النفوس النقية استنشق ، و ببخور المسلمين تبخر ، غضبه لم يثور كما العادة ، و جبروته الدائم صغر ليختفي في حضرة الخشوع لرب البرية ، و كأن أحدهم كمم فاه الوقاحة الدائمة ، و حرم عليها قذف ترهات تملأ بطنها برعونة ماجنة
: بتي وين علي ؟
قالها بـ أحرف ثقيلة ، كما النبض ، فحتى الآن هو غير مطمئن على الحبيبة ، تلك التي قصمت ظهره فشاب منها الرأس ظيما .. ما إن اتصلوا به اجهزة امن القصر ، و أخبروه عن خروجها و ابنتها مع عبد الله و زوجته و عدم عودتهم حتى الآن و هو مدرك للعبة صهره الأحمق ، فـ بعث اثنين من اشداءه ليرابضوا امام منزل الـ جرذ ، المسلوب حقه
كز على اسنانه بحنق لما وصلته تلك الضحكة المستفزة ، الوقحة كصاحبها ، ليمر تشنج عظيم من ذراعه الأيسر حتى الظهر ، تماسك قدر ما يستطيع ، و وهن جسده و الصوت ليعود قائلا بذات وجع لا ينقطع سلساله بعد أن احكم حول جيده !!
: بتي وينها ؟
: ما عندك يمي بنية ، الي يمي بتي ... و مرتي ، و حقي عليها كزوج تطيعني صح ؟!
شووف اني قلتلها يا بت الناس اني اخذ بتي و ابوج خل ياخذج ، لإن بته ... بس صدقني و بدون حلفاان مقبلت .. تخيييل ، إختارتني اني و بتي عليك ، فبعد ما الك بيها حق ،،
و ما اعتقد الي دا اسويه يغضب رب العالمين ، لا لعبت بإنساب و لا اخفيت ما بالارحاام ، كل الي سويته ردت احافظ على اهلي و عائلتي من واحد ناااا..... أستغفر الله العلي العظيم و اتوب إليه
: إنطينياها
: هه ، بربك ؟ يعني حط نفسك مكااني ، حطيتها ؟
زين ، علي .. إذا عمك النجـــس أخــذ بتـــك و حرررمها من اسممك و .....
تشوش الصوت ، و من ثم انقطاع الخط فصله عن عالمهم ، البعيد !
قبض على قلبه بيديه ، و هانت عليه قوته ، ليستمسك بعروة الضعف و الخنوع ، درت احداقه الدمع مدرارا ، و وجد نفسه يرفع كفيه عاليا ، يناجي رب الخلائق من محله بعيدا عن محيط الجموع ، يبكي بشهقات طفل يتم ، و زوجة رملت ، و أم ثكلت !
يبكي إبنته و عظيم ذنوبه ،
تعالت صيحته بـ ' يااارب '
لتتداخل و تمتزج مع من يخشون ربهم بالغيب ، أتيه صاغري الاجساد و الأفئدة ، متوسليه المغفرة ، و العفو
؛
إستدار بعجل متلافيا ضربات أخر على كتفه ، أبعد الهاتف عن صيوانه ، ليترك اليسار حرة فتأسر خريجة الجنون هذه ،
: ياااا حقيييير ليييش هيييج ، كااافيييي كاااافييي ليييش تحرق قلبببه
بـ صراخ مكتوم ظللت تردد كلماتها المتآكلة الحروف ، بأنفاس لاهثة و صدر يعلو و يهبط بجنون ثائر ، حاول تكميم فاها ، فـ خنق صوتها ، و انفاسه ... إذ تسمرت نبضاته لوهلة ، محدقا بـ مقلها المغلفة بالشجن ، تلاصق حاجبيه و تجهم وجهه بصلابة ، عضلة خده شدت لـ يظهر ذلك العرق العريض على جانبه ، فتشتهي هي تمزيقه بأظافرها ، علها ترد ثأر كرامة أبيها .. التي هي الجانية الاولى بحق اهدار دمها ، في مذبحة كان البقاء فيها للأقسى
كف على ثغرها ، و ذراع تحيط بخصرها فتحشرها بينها و الجسد ، تكاد تنقطع لقسوة ساعده الحانق ، تأوهاتها لم تكل و لم تمل ، ادمعها اغرقت اليد الخشنة ، و انتفاخ الوجه اظهر ما اخفته الساعات ، اثر الأصابع التي طبعت فوق صفحة الفكي
تشوش الصوت ، و من ثم انقطاع الخط فصله عن عالمهم ، البعيد !
قبض على قلبه بيديه ، و هانت عليه قوته ، ليستمسك بعروة الضعف و الخنوع ، درت احداقه الدمع مدرارا ، و وجد نفسه يرفع كفيه عاليا ، يناجي رب الخلائق من محله بعيدا عن محيط الجموع ، يبكي بشهقات طفل يتم ، و زوجة رملت ، و أم ثكلت !
يبكي إبنته و عظيم ذنوبه ،
تعالت صيحته بـ ' يااارب '
لتتداخل و تمتزج مع من يخشون ربهم بالغيب ، أتيه صاغري الاجساد و الأفئدة ، متوسليه المغفرة ، و العفو
؛
إستدار بعجل متلافيا ضربات أخر على كتفه ، أبعد الهاتف عن صيوانه ، ليترك اليسار حرة فتأسر خريجة الجنون هذه ،
: ياااا حقيييير ليييش هيييج ، كااافيييي كاااافييي ليييش تحرق قلبببه
بـ صراخ مكتوم ظللت تردد كلماتها المتآكلة الحروف ، بأنفاس لاهثة و صدر يعلو و يهبط بجنون ثائر ، حاول تكميم فاها ، فـ خنق صوتها ، و انفاسه ... إذ تسمرت نبضاته لوهلة ، محدقا بـ مقلها المغلفة بالشجن ، تلاصق حاجبيه و تجهم وجهه بصلابة ، عضلة خده شدت لـ يظهر ذلك العرق العريض على جانبه ، فتشتهي هي تمزيقه بأظافرها ، علها ترد ثأر كرامة أبيها .. التي هي الجانية الاولى بحق اهدار دمها ، في مذبحة كان البقاء فيها للأقسى
كف على ثغرها ، و ذراع تحيط بخصرها فتحشرها بينها و الجسد ، تكاد تنقطع لقسوة ساعده الحانق ، تأوهاتها لم تكل و لم تمل ، ادمعها اغرقت اليد الخشنة ، و انتفاخ الوجه اظهر ما اخفته الساعات ، اثر الأصابع التي طبعت فوق صفحة الفكين صباحا !
كم من مرة كاد يمزقها تاركا لوحشية غضبه قيادة الرحلة ، ليعود فيأتي القلب راكضا لاهثا يقسم بأن الطاقم قد تبدل ، و بأنه هو القبطان ، و الربان .. و المنقذ !
انفاسه الملتهبة راحت تصفع وجهها فما تزيدها الا اصرارا على النحيب ، و الرغبة في التحرر ، تلوت بين ذراعيه كثيرا ، حتى تبهذل خمارها ، و تفتحت ازرارا من قميصها المدسوس تحت السترة التي هي الأخرى طالتها ايادي العراك
: إششش سكتي لتفضحينا ، كااافي خبال ، خلص سديته للتليفون
لما استجابت له بوهن ، تاركة لذراعه مهمة إسنادها ، احس منها ذبولا جعله يحرر فمها من قبضته ، ليعبس حالما ترآى له الأثر الخشن الذي تورمت له شفتيها و ما حولهما ،
: انتة هم حط نفسك بمكانه ، تخيل جود بمكاني ، و تخيل احد دينهش بلحمها و يحرق بقلبها مثل مدتسوي بية ، قلي .. شتسوي ؟
إنفرج فمه بـ ثغر صغير يعينه على التنفس ، محجريه جمدا كمن جفت خلاياهما المغذية ، فماتا ، ظل قلبه يردد ما قالته لـ لحظات ، مدركا بـ أنه لو علم بـ من يمس شعرة من الكتلة اللولبية لكان عقابه وخيما ، ماجنا بحق الانسانية !
: صدقني لو انتة بمكانه مجان بس ضميت حمل بتك ، إحتمال جان كتلت الطفل و حرقت قلب الي حرق قلبها ، تدري ليش ؟ لإن انتة بشر ، انتة مو ملاااك حتى تتصرف بـ مثالية ، و لا شييخ حتى تخاف ربك بكل خطواتك ، إنتة تذنب مثل ابوية و يمكن اكثر ، و هذا كله و انتة متعرف عنها غير من ساعات
تخيل ابوية شيحس من وراية و اني بته لـ اثنين و تلاثين سنة ، قلييي شلوون رح تحس لو واحد ماخذها و يلعب باعصابك بالحجي ، فهمننني
ببطئ ، ابعد يديه عن احاطتها ، ذهول تام غطى على شغاف قلبه ، و عقله ، نبضاته تاهت متخبطة دون هدى ، و انفاسه تتلمس طريقها المعتم لـ تهرب منه هي الاخرى ،
فجأة أعيد للواقع بعد ان حلق كثيرا بدنيا التيه التي اختطفته ، بـ طريقة ' قاسية ' نوعا ما ، شاعرا بـ فطر بأحد اضلعه بعد ان استلم صدره لكمتين لقبضتي انثى شمخت بـ ثوران مدافعة عن ابيها ، تأوه بصدق متفاجئ ، مدبرا خطوة للخلف و محجريه توسعا لصدمة صفعت غياب وعيه ، سعل بـ ردة فعل تلقائية ، و صرير النبرة تصله بـ حماقة
: ردت مني اصير قوية .. هاية قوتي ، إلا أبوية علي .. كافي الي سويته بيه من سنين ، خلص ، تريد نبدي من جديد ؟ لازم نبطل نقلب بالدفاتر القديمة ، و كل مرة توجعني بالحجي
' و أنتي بالبجي ! ، توجعيني بالبجي و الله '
: نقطة ضعفي قااسم ، و مرح اسامح نفسي اذا كسرته اكثر ، بيدي حنيت ظهره ، و بيدي خنقت صوته ، و ذبحته .. الله العاالم هسة شصاير بيه هناكة ورة الي قلته
' و نقطة ضعفي إنتي ، و ياريت أقدر اخنقج و ارتاح من همج
خلص كافي بجي ،
لج كافي زمالة عيونج رااحت
زين ....... تعالي لحضني ، إبجي ، و سامحيني '
الى متى ستظل قاتلا يمشي بجنازة قتيله ؟ ألم تكتف بإيلامها عند كل نقاش ؟ أما اكتفيت بأدمعها التي تزعم بأنها توجعك ، إن كنت صادقا ، فـ عاهدها بـ ألا تميل عن هواها ، و أن لا تكون سببا لـ شقاها ، و بكاها ، ان كنت صادقا ... كن لها جلبابا يا علي ، دثرها كـ أي رجل ، فـ أنت تعلم بأنك لا تود شيئا بقدر ان تكون حبيباتها الشهية ملكا لك ،
فلم المكابرة ؟
: خلص اسف ، لتبجين
قالها بغير ذي صبر ، لتجيبه بذات حقد نطقت به العيون
: مـ ملييت ؟ كل شوية تذبحني و بعدين تقول اسف ، قلي شلوون حنبقى سوة هيجي ؟
: ديللا كافي ، هالمرة صدق اسف
: لا ماكو داعي كل شوية تتأسف ، اعتذارك مرح يمسح دموعي و لا يعدل كسرة ابوية ، انتة تريد بتك ، أخذها ..... و اني اروح لأبوية ، حتى لتعيرني لو تعييره لإن اختاريت ' بتي ' و مختاريته
لوهلة غص بـ الفجيعة ، نصف ساعة قضتها مع اللين ، لتستذئب !! ، بل تتثعلب بكيد انثوي ، أنت لا علم لك به ، و ظننت بحماقة رجل بأنها اطهر من ان تستخدمه ، لكن صبرها بك فاض ، و ها انت تدفعها لئلا تكون هي !
تابعها بـ ذهول احجمه بقهر تحت طيات من النظرات الباردة ، الساخرة ، و هي تقف امام المرآة الموجودة ، ترتب خمارها و مأسآة قميصها ، فتستر ما اثاره ، و أغراه !
تمتم ليلدغها بـ هزء : شدتسوين يمه ؟
: خابر اختي و رجلها يجووني هسة و يرجعوني لبيت اهلي ، و خلي بتك يمك ، ربيها .. و طبعا شوكت ما اريد اجي اشوفها متقدر تمنعني
احس و كأن بـ افعى ضخمة إلتفت حول جسده ، لتعصره .. تحركت قدماه دون إذنه ، جارة بجسده خلفها بـ رتابة ، وجد نفسه يقف بمحاذاة الهاوية ، هبة ريح واحدة قد تصفع توازنه ، فيقع بهوة البوح !
ظللها بجسده الضخم ، يقف خلفها فتتزين صورتهما المنعكسة بالمرآة بشئ سري للغاية ، هما ذاتهما لم يفهما ماهيته ، لكن الهالة التي ادركتهما جعلتهما يصمتان قسرا ، يراقب اناملها المرتعشة و هي تميل للامام و كانها ستهدي المرآة قبلة ! ، ليكتشف بأن ما تفعله يقتصر على مسح الوجه من بقايا الوجع المالح ، لتعتدل بعد ذاك و قلبه ينحني بـ بؤس ، و لوم ، فـ نهر !
أوستتركها تفعلها و ترتحل عنك مجددا ؟ تراها تشد رحالها فتكتفي بالمراقبة ؟ بل بالتشجيع بوقاحة افعالك و اقوالك ، أيها الأحمق !
لن تفعلها ، لديها عندي طفلة ، لن تتركها .. ليس بعد ان كادت تجن لما أوهمتها بأني سأطردها من حياتها ، كما طردتني سلفا
و إن فعلتها ؟ ماذا سينفعك غرور ال صفاء حينها ؟
أ سيضيف مكعب سكر فوق كوب قهوتك الحنظلية ؟ هل سيسدل ستارة سميكة فوق مسرح شوقك لما مضى ؟ هل سينسيك عطر الرمان ؟! ، و حب الرمان ، و طعم عصيره الشهي ؟ أوسيفعل ؟
: متسويها ، متعوفين بتج و تروحين ، المنااحة الي سويتها صارلج ساعتين شنو جانت !!
ببطئ ضيق من عصره بـ قد الثعبان ، استدارت لتواجهه ، يكادان يلتصقان إلا ذرة هواء مفرقة !
شمخت برأسها لتصله ، فـ تقول بـ هدوء ، رتيب ، مموج بالسخرية : ادري بيك تكفي و توفي ، حتربيها خوش تربية ، مثل متريد
تخليها قوية ... مثل اختك و بيبيتك ، و مرتك
نظراته المهددة لم تأتي بمصرع عزمها ، بل صمدت في مجابهة الذئب ببسالة ، لتكمل مدعية اللا اهتمام : أصلا اني اعرف بتي ، و ادري بيها وكيحة و محد يتحملها ، فهسة تشوف يومين و ترجعلياها ، و من هسة اقلك .. بأي وقت تريد تشوفها عـ ـ آآآه
تمدد عنقها تجاوبا مع رفعه لفكها بقبضة من فولاذ ، اطرق نحوها ليهدد بـ وحشية ، منتقمة ، ثائرة لوجع الفؤاد المغلي فوق مرجل الترقب : لو تموتين ، و هية هم تموت ما ارجعها لذاك البيت ، الوووصخ ، اذا رحتي احلمي تشوفيها
ارتجفت اوصالها ، و دكت عظامها بوهن ، بـ بحة شجية ناوشته العراك اللفظي : موو بكيفك ، بتي و القانون وياية
: القانوون ؟ تريدين اذكرج شأقدر اسوي بالقانون مالتكم ؟ اذكرج بالمصيبة الي انتو مسويها من ورة القانوون ؟ شنو نسيتيها ؟
ابتلاع الريق اضحى عسرا ، خشية الإختناق رفعت نفسها على اطراف اصابعها ، لتصل كتفيه ، و يقل وجع رقبتها ؛ انتزعت من على جلده مناوراته الماكرة ، لترتديها ، فتراها تجيبه بـ عزيمة
: محد يثبت كلاامك ، الهوية الي يمك هي الوحيدة الموجودة
بهت لونه ، فخف ضغطه على فكيها ، متناسيا أن لأصابعه قدرة عظيمة على حفر ذكراها فوق الأوجه ، بـ بسمة مذهولة من قوة لم تكن في حسبانه ان يواجهها ، ردد ساخرا : و الجواز ؟ هم بإسم جود علي ؟ لو جود قاسم ؟؟
شلون دخلتوها للعراق بدون جواز ؟
: ما عدها جواز ، طول عمرها عايشة بالعراق ، ليش نسويلها جواز .. و كل ورقة مزورة عدنة بـ بساطة تنحرق ، و نشوف منو يصدق وااحد حارم طفلة من امها
: هه ، هههه ، تستاهلين اصفقلج هسة ، صدمتيني
: تربيتك
حررها ذاهلا ، بعد همسها الاخير ، لتتقهقر مشيحة عنه بصرها المرتجف ، و كأنها لا تريد مواجهة كشفه نظرة الحمل الوديع الذي استعار من الذئب قرنيتيه ، للحظات سينتهي اجلها قريبا
ما إن تلاطمت امواج الوحدة بـ فتور على جنبيها ، حتى قررت الهرب .. بنية تركه ساعات قلقا ، متوترا ، ساعات فقط ' هذا إن أحس كسائر البشر ، و توتر ' ، فـ تحركت بثبات يكاد يبكيه الجسد المعترض ، ببطئ خطوات حتى وصلت الباب المؤصد ،
غطت إكرته بـ يمينها ، مطرقة الرأس ناعسة الأهداب ، و مسهادة الرعب ، يا ويح قلبها الأغبر إن لم يهتم بـ ما تهدد ، و تركها للندم حبيسة ، بحشرجة انفاس ، و زلزلة نبرة نطقت
: تعرف شلون ، ماكو داعي لهالدوخة كلها ، بتك اخذها و ما اريد حتى اشوفها ، و طلقني ... باجر عقبه الله يعوضني بقسمة احسن ، و يجووني اطفال ينسوني ... جـ ـ ـود
بعنف قبضة صهرت كتفها اديرت ، ليرتطم ظهرها بالباب بقوة شعرت بفقراتها ستتساقط واحدة تلو الاخرى لقوة الاصطدام ، خنقت تأوهها المتوجع ، لتشهق انفاسا ملطخة بعطره الممتزج برائحة السجائر و العرق ، مع رشة غضب اهوج ، هذه المرة امتدت يداه لتلتف حول عنقها ، يفصل بين نار كفه و ملامسة بشرتها ' الخمار ' ، ليزيد من شدة اختناقها ، هذه المرة لم يكن فريسة للافعى ، بل صار لها شبيها ، و كأنها تبنت صفاته المستذئبة و المستأسدة ، لتحيلها كما هي !
بفحيح علق امام وجهها و صدره يعلو و يهبط حانقا ، ممتلئ بالغيظ و النفور ، ليغتصب صمت قلبه ببوح أهوج : إنتتي زمااالة ؟ كل هذاا الي دتشوفيه و مدتفتهمين ؟ عباالج حطلقج صدق و اخليج ' تضيعين مني ورة ملقيتج ' ؟ تتخيلين اعووفج لغيري ورة كل هالسنين الي انتظرتج بيها بدون امل ؟ و الله ادفنج قبل لا اخلي احد يتهنى بيج ، أدفنــج و حق الي نزل القرآن ، سمعتي ؟
أ تبكي ام تضحك ؟
ا تدفعه عنها ام تلقي بـ ذاتها في يمه ذي الامواج المستنفرة ؟
أ تركض عنه ، ام له ؟
لأول مرة ، تكون ذات كيد ، فنفعها كيدها ، بعض الرجال بخبثهم لا يستحقون طهر العقول ، بل مكرها !
: مووو بكيفك ، مو غصب ابقى وياك و وية اهاناتك ، كومة دينتظرون مني اشارة ، و مستعدين ياخذوني اني و بتي ، بس اني الي ما اريد منك شي ، أريد ابدي من جديييـ ـد وية واحد يستاهلنـ ـ
: جلنااااار
زأر بصرخة لم يحجم حرية مغادرتها للفضاء الملئ بشحنات التنافر ، قبض على عنقها اكثر حتى استحالت بشرتها بنفسجية اللون ، عيناه متوحشتان و غضبه الازرق لم يوليا خطواته نحو الجريمة اهتماما ، فهو قد توعدها بالقتل ، و عليه تصديق وعده
تأوهت متألمة ، لاهثة لأجل ذرة هواء ، تستعيد بها حياتها الواقفة على شفا إختناق !
بضعف رفعت كفيها لتضغطا على بطنه ، مبعدتاه ، بالأحرى محاولتان ان يبعداه و لو قليلا ، متزامنة الفعل مع القول الهامس الأبح : حختـ ـ ـنـ ـق
بـ هدوء راح يرخي يديه حتى حررها ، و لكن دون ان يبتعد ، فتميل هي جانبا لتشهق الهواء بنهم جائع ، فـ يصيبه الوجوم اكثر ، و هذه المرة يقرر خنق اصابعه ، التي لا تعرف سوى حفر خنادق بينهما
ما ان استعادت تماسكها حتى إعتدلت بإستقامة ، شمخت برأسها نحوه و الوجه محتقنا بدماه ، لترتجف احرفها على طرفي الثغر : هذا اسلوب نقاش ؟ لو صياح و عياط ، لو سب و رزايل ، لو تعيرني و تسويني اني و اهلي ما اسوى شي ... و هالمرة مد اييد ... انتة ليييش متشوف نفسك غلط ؟ فهمنيي ليييش !!
: إنتي استفزييتيني ، قتلج ما اطلق تجين بكل صلاافة تقوليلي اكو واحدج رايدج و منتظرج ؟؟ شااايفتني بقروون حتى هيج تحجين ، شأفتهم اني من السنين الي راحت ؟ جنتي على حل شعرج تسرحين و تمرحين و تتعرفين على كم وااحـ ـ
تذكرت ما فعلته قبل قليل ، لتكرره بقوة اكبر ، مستجدية من ذاتها غضبا لا تنضب نيرانه ، بقبضتيها ضربته على صدره فيرتد خطوة فاسحا لها المجال للتنفس ، و تذوق الطمإنينة ، صرخت بـ نبرة مكتومة ، فلا تود أن ينشر غسيلهما على اسماع اهالي الحي : علييي احترررم نفسك ، تجاوزت كلللش ، هالمرة تشكيك بالاخلااق و طعن بالشررف !!
: إنتي بديتي ، سمعتي نفسج شلون تحجين ؟
: و اني انهي ، يللا بعد خلقتي ما اراويكياها ، و بكيفي خلي اسرح و امرح وية اي احـ ـ
هذه المرة كان العقاب مختلفا ، لم تكد تلتفت حدو الباب حتى شعرت بكتفها ينخلع و جسدها يلتصق بأخر ، ليصير منه ، و به .. ذوت المقاومة ، و جاء الذئب ليستلم امانته منها ، ساخرا من حقيقتها الواهنة ، تاركا إياها تتعلق بـ حبل العشق الذي لم يعد عليها سوى بأهآت عالية ، و جروح تغور في اعماق الانفس
إبتعد عنها لاهثا لإنشات لا اكثر ، و كأن الأكثر سيجعلها تطير ، بـ حشرجة مختنقة بـ عبق الماضي ؛ و طعم الزهر نطق مهددا ، متوحشا : تنجبيين و تبقين هنا ، رجلج علي رجلي وين ما اروح ، و بتج تربيها انتي غصبا ما عليييج ، محد يربيها غيرج ، و الله العلي العظيم اذا سمعت منج حجاية زايدة أطيح حظـج
بهيجان شوق عصف بها ، بـ نبضات طنت بأذنيها ، بـ إنهيار قلاع التماسك امام امواج الحنين الذي ادركها معه ، بكل نفس تعطر به ، بدمه و غضبه و شوقه ، لم تستطع المقاومة .. كم إشتهت أن يمحي بـ قربها قهره و قهر ماض تباعدا به ، فـ توجعا !
همهمت بأجفان مسدلة ، و بنبرة حانقة تعاكس إستحياء المقل : هووة هذا هم إسلوب ؟
ليفاجئها بإصراره الوقح ، و النار المضرمة بقلبه تجتاز صدره فـ تصلها بلهيب احمر : هوة هذا اني ، مو اليوم لو البارحة عرفتيني ، هذا اسلوبي و غصبااا ما عليج تنفذين الي اقوله
هه بإسلوبي الي معاجبج
: علي أكرهك
: جلنار كذابة
بهمهمة خشنة ، ممرغة الأنف بعار توقها للبقاء ، نطق اللسان مستجيبا لـ بطش العقل ، مهملا طيش القلب الأحمق : لأ مو كذابة ، و يللا عوفني
حررت نفسها منه رغم إكراهه ، و قلبها .. لتبتعد خطواتها حيث الموقد ، تقف في نقطة تبعد عنه نوعا ما ، لتهمس متحشرجة الأنفاس ، و نظراتها تمشط الأرضية : أريد احجي وية بابا
لم تشأ أن تلتقي المقل ، فينشأ من تماسهما شعلة من وهج ، لا غاية لها سوى تصييرهما رمادا ، ممتزج !
رمادها الأبيض ، بـ خاصته الأسود
شعرت بحركته الخافتة صوب طاولة الطعام ، لتغلق جفنيها متجاوبة مع صوت ارتطام شئ ما بزجاجها ، لتصلها هذه المرة نبرته الممتزجة مع هسيس أنفاسه العالي
: رايح اجيب غراض للثلاجة ، و لبتج
التليفون يمج
اذا احتاجيتي شي دقي على لينا
رفعت رأسها بفزع ما إن سمعت ' رايح ' ، أ هي خطة ما للإستنذال ؟ يأخذ صغيرتها و من ثم روحها و يرحل ؟ أ يظنها بذلك الغباء ؟ تغذى ' الارتياب ' على اعصابها بظرف لحظات قصيرة ،
لكن تركه لهاتفه و ما قاله بشأن الإتصال بأخته اعاد لها قبس من ' ارتياح ' ، إلا إنها تحركت خطوة مبدية اعتراضها ، و جسدها تتنافر به الشحنات ، لتظهر بشكل ردود افعال و اقوال ، متوجسة
: لالا وين تروح ، أني كلشي ما اعرف بالمنطقة ...
لتضيف بصوت علق معظمه بين الحبال الصوتية الناعمة ، : اخاف
: مرايح للمريخ ، المحلات براس الفرع
قوله الساخر ، الحانق اوجعها ، لم وقعت بشباك عديم قلب ؟!
لا يستحق منها حبا هذا الأحمق الغبي ، ما أن ينالها و يعلم بأنها لا تود من حياتها سواه خليلا ، و لا لنبضها شرارة سوى صوته الفخم ، و لا لأنفاسها معطر سواه ، و هواه ، فـ يستدرجها لفخه ، حتى يعود لما هو عليه ، متجبر متسربل الخطى بثياب التبختر ، السلطانية !
: معلية متروح ، وين عايفني وحدي ، أجي وياك
: شوية كبري ، صرتي ام ، عوفي سواالف الزعاطيط هاي ، بعد متمشي علية
ليلج خارجا ، تاركا اياها متسمرة النظرات على المفتاح المعلق بـ قفل الباب ، و ميداليتيه المتراقصة كنيران تلهب !
أحكمت حبس انفاسها ، و أفكارها المرعبة ، لتهيج رغبتها بـ خنقه حال ان يعود ، فتتحرك نحو الباب فتقفله مرة و إثنتين ، ظلت على حالها تراقب ابتعاده و من ثم اختفاءه من خلف الباب الرئيسي ، و من ثم صوت تشغيل محرك سيارته يشق سمعها ، فيرهب القلب مهددا بـ حركة حقارة ، لن تستغربها منه
حاولت تنحية أي فكرة ماجنة بحق الأمان ، هي صدقا تخاف أن تكون بمفردها ، فكيف الحال إن كانت بمكان ' غريب ' ، ادبرت لتتجه نحو الطاولة ، فترفع من فوقها الهاتف ، و دون انتظار تزلجت اناملها على السطح الاملس ، لتكتشف أن الغامض بمشاعره و افكاره لم يكن كذلك بهاتفه ، فلم يكن هنالك من رمز سري ، لمعت عيناها بالإثارة ، و الغيرة !
بـ خوف مراهق يدرك خطأ عمله ، صارت تقلب نظراتها الوجلة مابين الباب الزجاجي للمطبخ ، و شاشة الهاتف ، و لكن قبل الخوض في مهمة التفتيش ، هنالك ما هو أهم ... لطالما كان الأهم ، رغم ذبحها اياه بذي جهر و سر ، ظل بقلبها الأهم !
ابتعلت ريقها المتيبس ، شاعرة بوجع خدوش حديثة العمر نبتت على سطح حنجرتها ، إمتلت احداقها بالدمع ، ليفيض دون شعور و هي تنصت لنبرة امتزجت بالوجع ، المنتحب !
: لك جااوبني بتيي وييين ؟ شسوويتلهااا ؟ لك والله اذبحـ ـ ـك اذا صـ ـار بيهـ ـا شـ ـي ،
دخييلك لـ تأذيهـ ـ ـا ، اني راااجع و اخذ حقـ ـ ـك مني ، بس عيون ابوهـ ـ ـا لتأذيهـ ـ
: آآآآآه باااااابااااا
بصرخة كتمتها كف الشمال ، قاطعت استرساله بالوجع ، لتصلها شهقته عبر اثير صار بينهما عازلا ، و من ثم لهفته لم تزد طين ألمها الا بلة ، وهو يصرخ و بلل ادمعه يكاد يتساقط كـ حبات ندى فوق اذنيها
: جلناااار بابا هاي انتي ؟ حبيبتي بيج شي ؟ سواالج شي ؟ جااوبيني بسرعة بابا
: آه بابا بابا بابااااا ، آآآه ، باباااااااااا
أبى اللسان ان ينطق بغير ما يشتاقه ، و يفتقده حتى الموت .. علا نحيبها فـ رهبته ، صراخه اضحى مفجوعا و هو يتمرد على كل قانون سنه بنفسه ، ذابحا به اغصان الجلنار ، و وريقاتها ، مسيلا به دمها النقي ، ذي الرائحة العطرة
: لج باباا جااوبييني سووالج شي ابن الـ ـ أستغفرررك ياربي
لج جااوبي شبيج ؟ هوة وااقف يمج لو شبييج فهميني لتخبليني
خشيت على ' قلبه ' لتصرخ مسرعة هائجة الدمع و النبض : ما بية ما بية مابيييية بس ممصدددقة انتة دتحجي ويااية ، ممصــدقة اقوول بااباااا و تسمعنننني ، ممصددقة اسمعك خاايف علييية ، باابااا مشتاااقتلك ، الله يخليييك ابووس ايييدك سااامحني
تهدج صوتها ليتحنى بالتوسل فيرثيها الهواء من حولها ، تهيم اطرافها متخبطة على الأرض ماشية ، لتستند بنهاية الأمر على احد الجدران ، فتنزلق ارضا واقعة : حبيبي بابا انتة هسة بأطهر مكان بالدنيا ، ساامحني .. قوول لرب العالمين انتة مسامحني و راضي علية حتى حيااتي تتعدل ، بابا الله يخليييك لتحرمني من رضاااك ، ما اريد اموت فجأة و انتة ممسامحني ، الله يخليك .... كافي و الله
بابا
تسمعني ؟؟
مدت ساقيها امامها بـ خضوع لـ جبابرة الوجع ، ليعلو صوتها عن طبقته الأصلية : إييي ليييش متجااوب
زين بس قول اسمعج الله يخلييك
لهالدرجة صرت تكرررررهني ، يا الله
ثقلت انفاسها لتأن و الخرس اصاب قلبها ، ما عادت تسمع صوت مدافع النبض الثائر ، بفوضة معركة ، صارت تجر النفس جرا ، لتختنق بـه محشورا بين فتحتي الأنف المحمر ، لتثور فجأة ، كما إعتادوا منها منذ اعوام ، تثور حتى تحرق ما حولها ، لتنطفئ فجأة كرماد ، لتعود فتشعلهم كفتائل
تناست كونه الوالد ، ليعلو ضجيجها بجنون ثوري ، و يدها الحرة تفتح دبوس خمارها هربا من الاختناق القريب ! : لك بابااا جاااااوبنييييي ، ليييش تررريدني اموووت ، حرااااام علييييك كاااافيييي ، كااافييي مو راااح اختنق ، كاااافي رح امووووت من وراااك ... جاوبنييييييي
بنبرة لا حياة فيها نطق ، فصب على نارها حفنة من تراب : بتج يمج ؟
تملكها الذبول ، لتهمس بنبرة متحشرجة ، مستخدمة الخمار لفض الدمع و سيلان الانف من على الملامح البائسة ، التعسة : مرح تسامحني ؟
: بتج وييين ؟
: إنتة حتى بتي تكرهها
: جلنااار جاوبيني الحيوااان شسوى بيكم ، أذااج لو اخذها منج ؟
بعد هينهة صارت اكثر استيعابا لـ جلموده ، و إنصاته ، فتراها تقذف ما ببركانها من سيول : بابا علي مو حيوان ، حتى سامحني ... صح بجااني هواية ، بس بعدين سامحني ، قلي يريدني اني و بتي ، يريدني اربيها ... نصير سوة ، بتي تتربى بين ابوها و امها
بترقب نطق بعد صمت طال : قلتولها ؟
: إي
زفرة حارة تلك التي شقت البعد بينهما ، لتصل القلب دون الاسماع : إنتي شتريدين ؟
: أريد بتي
: و بعد ؟
: تسامحني ... أريد ابوية الي خسرته و الغصة لهسة بصدري ، أبوية الي مستعدة اخسر بتي و عيوني و روحي بس حتى يحضني مرة وحدة بس مثل قبل ، بس حتى ارجع جلنار الي يحبها
: و هه رجلج مستعدة تخسريه ؟
: و صارلي اربع سنين ما اثبتتلك انو انتة اهم منه ؟
: لأ ، أثبتيلي انو بتج اهم من الكل ، و هسة اقلج ، مستعدة تضحين بيه علمودي ؟
: بابا .... الله يخليـ ـ ـك
: مستعددددة لو لأ ؟
: أضحي بيه يعني اضحي بجود
: أبوج اهم لو همة ؟
: أبوية
: خلص ، مؤيد و رضوان برة البيت بالسيارة ، بس تطلعين تشوفيهم ، رجعي وياهم للبيت .. و إنسي هذولا
: بابـ ـ ـ
: القرار بيدج ، أني لو همة
ليغلق الخط ، و كأنه لم يكن على وشك الموت ' مذبوحا ' بسيف القلق ، مصلوبا بسياط الرعب ، اغلق الخط و مزق خيطا يجمع الاعصاب بعقدة متماسكة ، لتنفلت الرزمة ، و يفنى العقل ، و يتقلب القلب دون ثبات على الرضا بـ قدر الله
لحظة قادها شيطان رجيم ، زين لها سوء فعلتها ، و وعدها بهتانا بحسن العقبى ، لتطيعه ،
متناسية
أبي الجود ... و قطعة القلب ، جــود !
؛
نهايةْ الجلسَةْ
حُلمْ
التعديل الأخير تم بواسطة تفاحة فواحة ; 07-09-13 الساعة 10:49 AM
سبب آخر: تنسيق البارت
|