لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (4) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-01-13, 10:06 PM   المشاركة رقم: 881
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو مبدع
كونتيسة الأدب النتي


البيانات
التسجيل: Mar 2012
العضوية: 240233
المشاركات: 841
الجنس أنثى
معدل التقييم: حلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالق
نقاط التقييم: 3128

االدولة
البلدIraq
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
حلمْ يُعآنقْ السمَآء غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : حلمْ يُعآنقْ السمَآء المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: أبرياء حتى تثبت إدانتهم

 



بسمْ الرحمنْ الرحيمْ
الحيِ القيُومْ


أحبتيِ ،
أرهقتنيِ الإدانةْ .. و أتمنىَ أنْ تنال الإستحقاق الذيِ أنتظره
مُتعبةْ و أكاد أغشى لشدة النعاسْ والشد العصبي ، فضلا لا أمرا ألتمسوا لي عذرا بعدم تعقيبي على ردودكمْ الراقيةَ
فـ لست أنا ممنْ يهملونْ الأحبةْ .. لكني و ربكمْ لا أملك الوقت و المزاج الكآفي للتجول هنآ بين أحبتيِ

إستمتعوا الآن في


الإدانةْ الرابِعَةْ عَشَــرْ




؛








ريق من الشوق إبتل بـ إبتلاع لعاب الحنين ، حنين لأيام مضت هنا بين الأحبة الأكارم ، سواعد خشنة متماسكة تلك التي لطالما شدت أزره بـ ضغطة على الكتف ، لتكون خير سند بلحظات ضعف بشري ! إشتاق أن يعود لـ يتنفس هواءا لطالما كان له مصلا ضد الأقدار المسمومة ، إشتاق ان يحتك حذاءه بـ أرض بغداد الحبيبة ، تلك التي تنثر عبقا من بخور دموي يمتد حتى أخر مجرات الفضاء ، مرت ايامه السابقة وهو في غفلة عن شوقه هذا ، بغيبة متعمدة جر بجسده ليحتجز هناك بين إناس لا رابط له معهم سوى الدين !
ترك من تفيض بعروقها دماه ، و من يشتعل بصدريهما إخوته ، ترك بغداد بمن فيها من أعزة على الفؤاد ، فهي لا تستحق ان تدنس بخطواته الجبانة ! ، رأته بأم عينيها يطأطئ رأسه ذلا امام إنهيارها و إغتصابها ،! إستنجدت رجولته و لم تحصل على شئ سوى خذلان و قلب منفطر بألف فطر ، و أكثر .. لو لم تكن تلك الحاملة لـ إسم أبيه موجودة على هذه الارض الطاهرة و لو لم تتوسله لعدم كسرها هي الاخرى لما قدم و رش الملح على جرح من خذلها بـ ضعفه !

مستقيم الجسد ، بـ بدلة رسميه كحلية اللون بالكامل ، و كإنه يحضر مأتما لعزيز قد فارقهم توه ، مرفوع الأنف المنصف لـ رأس صخم يرتكز فوق عنق عريض مختنق بـ ربطة عنق حالكة السواد هي الاخرى .. قدماه متباعدتان أرضا لتخطان زاوية تحتد بشموخ طاغي ، و إباء معلن ، يرسم لنفسه حضورا مليئا بالعزة ، و كإنه عجوزا قد غزا الشيب رأسه و الحاجبين .. فتتعزز الصورة بـ عكازة طبية يستند عليها بيمينه ، ليضغط بها فوق الإسفلت الناعم .. مطلقا سؤاله مرة جديدة و بـ جدية أعظم : ألــن شجنت تسووي وية ميييس ؟؟

منذ شهر لم يقابله ، و مع ذلك لم يتخذ لهكذا لقاء مقدمة طبيعية مكللة بالسلام ، تركزت نظراته على منكبين عريضين لمن يوليه ظهره ، قليلا و إلتقت بـ بؤبؤين متوترين ، فلا ثبات لهما في مركز القزحية البنية .. بحدة طباع ، و بقدرة مخضرمة على النبش في أكوام الشعور لمن هم حوله فقط إستطاع أن يدنو من سبب تلك التنهيدة المبللة بـ اليأس المنبعثة من صدر هذا المسيحي ، ذاك الذي لم يشأ الإطالة أكثر ، فإتخذ لنفسه شيئا من الهدوء ليجيب ساخرا من ذاته قبل أن تكون سخرية من الحال اجمع : هاي صارلك شقد ماكو و اوول متجي تجي بعركة ' شجار ' ؟ ، يعني شعندي وية البنية ؟ جانت دتنتظر صديقاتها يجون و وقفت وياها ، ' ليستطرد مقاطعا تبريره الغير راكز ' و بعدين شعليك إنتة بينا خليك بطيحان الحظ الي حابس نفسك بيه

أحيانا يجد إنه قد أخطأ في ملئ إستمارة القبول المركزي للجامعات ، فتوجب عليه حتما أن يدخل السلك الأمني ، فلو كان أحد اعضاء جهاز الإستخبارات السرية لنفع الوطن في الكشف المبكر عمن تتلوث أيديهم بدم أو بمال يفسد ما إن يشتم رائحتهم النتنة ! لن تنطلي عليه الحقيقة بـ ذلك التبرير يا ألن و أنت عالم به ، إلا إنه لم يشأ أن يتقاتل منذ الآن ، فـ المبارزة ما زالت في شوطها الأول و الإستمتاع حتى هذه اللحظة لم يعتب الذروة !
شخر هازئا ليبادر بالتحية ' المتأخرة ' : شلونك ؟

لم يفته تملل الاخر و توتر كفه الملتفة حول الجزء العلوي من عنقه ، لتأتيه إجابته هادئة : بخير ، و إنته ؟

هز برأسه من دون ان ينطق و نظراته التفحصية لم تشأ أن تترك رفيقه من دون بحث دقيق عن اي هفوات لا ترى بالعيون المجردة ، فقط أولئك ممن يمتلكون إشعاعات ليزرية حمراء بإمكانهم مسح الاجسام الصلبة امامهم و الكشف عن محتواها ، تقدم نحوه الاخر بعد أن شعر بجفاف اللقاء و خلوه من المنطقية ، ليحتضن الرجلان بعضهما بشئ من إهتمام مستتر خلف نقاب حالك !
إبتعد اولا ليستفسر : شلونها لينا ؟

تقدمه المسيحي نحو الممر و قوله يسبقه : تعال انته شوفها

تحرك نحوه متكئا على عكازه بـ ثقله أجمع ، فيشعر الناظر بأن القادم يود أن يغرس السجادة البنفسجية بطرف ذلك العكاز المسكين ، أو قد ينجح بإختراق الارضية ! حالما وصل الباب المشرع من قبل يد ألن الناظر نحوه و إبتسامة طفيفة تزين ملامح وجهه الأشقر ، نفث بغيظ و ود لو يستدير ليعود حيث كان ، هناك .. حيث لا جاذبية اختناق تجر بالثقل المتدلي من سلسال فولاذي يستدير حول عنقه المتصلب .. و لكن نظرة واحدة ' ثاقبة ' كما إعتادها ، إستطاعت أن تضرب بقفى شياطينه لينفضوا من حوله صاغرين لروعة دماء آل صفاء الثائرة بعد أن زفت له صورة اخته عروسا ،، إخترقت اشعته جميع الاجساد المحتشدة في المكان لتنجح في الوصول الى تلك الرابضة على عرشها الفخم ، بجانبها رجلها الهمام ، و العاشق ! لم يستطع تبين ملامحهما من على ذلك البعد فـ شك في صلاحية عينيه لبرهة ، و اعزى السبب للمسافة الفاصلة بينه و هما ، و هي ذاتها التي منعتهما من تبين مجيئه !
إزدرد ريقه فشعر بـ خدش بلعومه ، فحلقه جف و بدنه تخشب برؤية هيئتها هذه ، لو لم يفعلها ويأت لربما كانت ستذبل تلك الجميلة ، لأول مرة منذ أن قرر المجئ يراوده شعور بالخجل ! نعم يخجل لـ تأخره عن تلبية حاجة تمزق نياط قلبها الضعيف .. لم يكن عليه أن يماطل في القدوم مهرعا لهذه الوردة الفاقدة لـ رونق يتكلل بحضور من تلتصق نهاية إسمه بنهاية إسمها ! ، مدللة والده الغالي ، بضعة صفاء و بقيته ! من الخطأ القاتل أن يتردد و لو لبرهة في تقليد عنقه المنحور سلفا قلادة من شرف ، و لا أن يتأخر في أن يثبت فوق كتفيه 6 نجوم شجاعة ، على يمينه ثلاث و على الشمال مثلها ، شرف و شجاعة يشعر إنه إفتقدهما منذ الأزل ، و هاهي إبنة السلطان بنظرة لهيئتها المشرقة بالأمل ، و رغم مسحات من ألم يلم بها نجحت في ان تعيد له الكثير مما ظن إنه لن يعود أبدا .. إشتاق لـ تلك العنيدة المنتفخة الرأس بالكبرياء السامي ، نحو رفيقه المتذمر حرك بؤبؤيه و رأسه راسخ محله : يللا عاد فضني و فوت ' أدخل ' ، مو وكت صفناتك ' سرحانك '

تقدم بـ خطوات ثقيلة ردا على استنفار الاخير و عقله مشوش جدا ، يعلم جيدا بأنها ستصدم لرؤيته .. و يأسف لذلك ، فشعور أن تكون غير أهلا للثقة ليس مريحا البتة و إن كان لرجل مثله لا تهزه الاحاسيس ، فهو اكيد بأنها قد يأست من قدومه أبدا ، و حقا يقال ، لا يستحق أن يؤمل به خيرا .. إكفهرت ملامحه حالما دق أسماعه الصوت المرتفع للأغاني الطربية ، و شعر بالثقل ذاته يجر بعنقه أكثر نحو الاسفل حتى شعر بقرب اجله ، فالنفس بات عسرا حتى الوجع ، بل حتى الموت !






.
.
.







"انا لم اكن أدري
بأن بداية الدُنيا لديكِ
و أن آخرها إليكِ..
و أنّ لُقيانا قَدَر
"



فاروق جويدة



بين الحنايا الروحية تحتبس الانفس اليتيمة ، شبح الحزن يأبى أن يفارق أي يتيم حتى عند إعتلاءه قمة الهرم المبشر بالسعادة ، يأتي عند أروع اللحظات و اكثرها تفردا بالفرح ليقرص خد الوقت فيسيل من عينيه لؤلؤة تشتعل قهرا ، ليبتل ذلك الخد بشق من ألم ، فتنعكس سحنته القبلية ، و تتبدل نظرته لكآبة عارية رغم رداء ترتديه ! .. شوق يعتريها لوجود من تحتاجهم و تشتاقهم ، شوق تلاشى بهرولة .. فـ أنساها إياه هذا الذي تملكها بغطرسة منه و تحدي ، لم يستطع الحزن غلبتها وهي محتمية بظهر هذا الشجاع ، بل بصدره .. بين منكبيه عرشها ، سجل بإسمها منذ العصور السرمدية ، هناك فقط تشعر بالإنتماء ، و كإنها غريب فك أسره ليعود راكضا حيث الوطن ، فيسجد لتمتلأ رئتيه و القصبات من عبق الأرض و طيبها ! بل والله إن إنتماءها لـ فارسها اكثر تعقيدا .. فوضى من مشاعر تعصف بالكيان المهزوز ليصخب الموقع بجلجلة من تيارات ، فكل حين تراها في حال ، يتلون جلد قلبها كما تلون الحرباء .. فحين تود الفرار منه و أخر معه الى أخر الحدود الكونية .. فقط ليختف الجميع و ليلامس جبينها ارض إنتماءها و إصولها حيث مجرة سماوية تحويهما بـ لا ثالث !

لامس الخدر اطراف اناملها حينما تبينت الوجه الحسن المقبل نحوهما على المنصة ، مالذي أتى بهذه الى هنا ؟ من قام بدعوتها ؟ أجاءت لتحتفل بضياع املها و بقلبها المفطور للمرة الثانية من قبل الـ عمر ؟ حفل تأبين تقيمه لذاتها هذه الجميلة ، و لكنها لم ترتض إلا لتكون الأكثر روعة ، لربما تود لـ عمرأن يندم لخسارتها ؟!! هه ، و كإنه يهتم بغير اللين من صبيات حواء ، لا تعلم هذه المدللة بـ أن ما تتمناه هي و مثيلاتها يلامس غيوم السماء العاشرة ، هناك حيث ابعد الكواكب تتناثر بعشوائية رتيبة ،! لكونها تتمناه ألا تستطيع إدراك مدى إمتلاءه بعشق بات ينضح من إناء قلبه نحو لينه ؟ ألم تتبين تلك الزميلة ما يخالجه رغم تكتمه الفاضح بآثاره المنقطة بالأحمرار ؟! مسكينة تلك الثرية ، ما زالت تحيا بأمل يشبثها بمن لاحق لها للدنو من فؤاده
تابعت إرتقاء الأخيرة للدرجات المعدودة بنظرات هادئة ، واثقة .. لتفتقد بشدة وجود إحدى نبضاتها حالما تقدمت تلك من العريس مادة بكفها الناصع ببياضه و المتصل بذراع عارية حتى أعلى الزند كـ عود جمار بمظهرها ، ترتدي الأحمر الناري بفستان يعلو الركبة بـ إنشات ، منسدل بحرية على الجسد المغري ، لتكتمل هالة الإنوثة بـ كتلة من الشعر الأسود الكثيف ، لتزيد من جاذبيتها بـ أحمر اخر وهذه المرة متمثلا بطلاء لشفتيها المكتنزتين .. شعرت بشئ من إختناق و كإنما مشد من مسد قد صنع خصيصا ليلتف حول قدها ليجعل لها الزفير عسرا مع استحالة الشهيق ، هذه الهيئة المستقصدة للاثارة تذكرها بشناعة عمل قامت به سابقا ، حينها كانت هي الطرف الاخبث ، و نيتها اتصفت بالبشاعة ، أما الآن فها هي تستكين على العرش لتأتيها من تحاول منافستها ، أكيدة هي بأن لا أنثى رغم إثارتها ستفعل و تقترب من الفوز بـ عمر ولو بعد الف عام و عام و لكن شعور ردن الدين قد عصر روحها في الجسد ، ربما ستظل رؤية هذه الياسمينة تخدش بها برج الكبرياء لتجبرها قهرا على انتزاع قناع التماسك والكتمان لتفضح ذاتها بما لا يليق بإبنة السلطان ، يقال دوما بأن المرأة بإمكانها ان تكتم الحب لأربعين عام و لكنها تفشل في ان تكتم الغيرة لساعة ، و هذه الحقيقة قد اثبتت توا عندها وهي تتابع تلك اليد المتلألئة بالماس المزين لأنامل و كإنما نحتت من جليد القطب المنجمد ! ، لتنساب نبرتها المغنجة ، مع نظرة جذابة بإمكانها أن تقيد أبسل الشجعان في هوى عينيها : مبرووك عمر ، الف مبروك

كانت لا تزال معلقة كفها في الهواء تنتظر ملامسة ' أولى ' و إحتضان ' مغري ' لكف عمر الذي لم يكتم إكفهرار ملامحه هازا برأسه بميلان ، لم يكن في نيته أن يقدم على احراجها لكنها هي من سعت لهذا الامر .. ألا يكفيها إقترانه بأخرى لتدرك أن له من حوريات الأرض واحدة لن يبدلها بألف أخريات ؟ ألم تستنشق عبيرا لورود أزهرت حول اغشية القلب من كل جوانبه !
رده كان رسميا ، أكثر من العادة ملقيا عليها نظرة معاتبة : الله يبارك بيج ، يوم ال الج
لم يستصعب ان يلمح تلون بياض ملامحها لتدرجات الاحمر جارة بذراعها وهي على حالها الممدود نحو عروسته الحبيبة ، ليلتقط شرار متدفق بتركيز مهول من قبل زمردتين نفيستين لمليكة الفؤاد ، إكتفى برسم نصف إبتسامة ودودة محاولا أن يجردها من أي عنف كلامي أو فعلي قد يؤدي لـ خدش جنحان قلبه المرفرف بهجة بين النجوم ، و حول القمر ! لم تستجب له بل و أكدت إنزعاجها بأن تمللت في عرشها بغضب يقرأه ولو كتبته بـ ماء البحر الشفاف ! ، بعد أن اتمت سلامها البارد مع زميلته إحتفظت بملامح وجهها الحسن بعيدا عنه ، ليعود هو للمحاولة في أن يتلاعب بـ أوتار مشاعرها المتدلية برهف نادر و المستسلمة لـ أصابعه الخشنة التي لم تكف عن التفنن في تدليلها ، مد بيده نحوها ليلامس بدايات أناملها فالأظافر المطلية بالزهر ، لتسري به رعشة أصابته وهي ، ليأمر الدماغ العنق بكافة اعضاءه للالتفات سريعا نحو النصف المتمم لهذا الجسد ، النصف الرابض قربه و المتحكم بنبضات قلبه الهائج و كإنما هو طبلون مركبة فقد صاحبها السيطرة على سرعتها بعد أن خسر صلاحية المكابح !
شد على أناملها ليزدرد ريقه بوضوح ، فأسدلت هي أهدابا مصطفة بإنتظام مشابه لتشعبات حشائش الربيع ، ترتعش و كإنما نسيم من رياح الشمال ألم بها ، صدرها يعلو و يهبط بثورة اعصاب حسية و حركية لم تعتقد بأنها ستعيشها يوما ، لم تظن بأنها ستواجه عنفا من جسدها لأجل أحدهم ! يا إلهي ، تريد الإختباء من عينيه الآن .. و فورا ، تود أن تفر حيث ملجئها ، أسفل عنقه .. تود أن يشعر بها فيحتضنها سريعا ، لا يهمها الكون اجمع ، إعتادت أن تغرس برأسها هناك و تداعب بـ أرنبة أنفها أزرار قمصانه ،! و عليه في هذه اللحظة بالذات أن يلبي ندائها الصامت ، لا يهم كيف .. عليه ذلك و فقط .. أليست أميرته التي إختطفها عنوة ؟ يجب أن يتحمل عواقب فعلته ، هي مدللة أبيها و سلطانة قلعته ، و هو يجب أن يرضخ لكافة طلباتها كي لا تفر منه فتحتجز جسدها بعيدا عنه مرة أخرى خلف أسوار عالية لا يصلها إلا أصحاب البأس الشديد !

شهقة فلتت من بين الشفتين حالما سمعت همسه المستغرب وهو يهم واقفا و يده مازالت متمسكة بأناملها : هذا علي !!

ادارت رأسها حيث الحضور لتتلألئ مقلتيها بدموع غزيرة و الإبتسامة المبتهجة حولت خريطة ملامحها من الخجل الشديد الى قمة الفرح ، حاولت جر كفها من عمر لكي تتماسك و تقف مرحبة القلب و الروح بمن لم يخذلها و أتى ، لكن عمر رفض بل مال نحوها قليلا ليساعدها على التوازن فوق كعب من كريستال يكاد يقسم ظهرها لنصفين غير متناصفين ! مرة أخرى حاولت الهرب ، إلا إن محاولاتها تكللت بالفشل فعمر لم يفلتها حتى بعد أن إرتقى رفيقه السلم القصير و صار أمامهما ، هذه المرة الاخير هو من قام بإجباره على تركها بعد أن جر بها بقبضة خفيفة على مرفقها ، لتجد نفسها في ثانية مغمورة في صدر تحتمي به ، كما تمنت منذ دقائق ، بل و أروع ! فرؤية هذا المتجهم دوما ما كانت تعتلي قمة الامنيات و تتربع فوق عرش الدعوات ، أحاطت ظهره بيمينها و اليسار تجر بطرف سترته بلا شعور و دفئ يتسلل بها من قمة رأسها حتى القدمين و منهما يتوزع بلا اعتدال على الارضية ، لتشعر بأن الصالة بناسها اجمعين قد إمتلأت بـ سعادتها هي ، ودت لو تصرخ بالجميع لينفضوا الآن ، فالعرس إنتهى .. و عرس أخر على وشك الإبتداء ، عرس يحويها فقط مع رجلي حياتها ، من لم تتخيل يوما بأنهما سيشكلا لها كونا مغلقا .. هما الأهم و لطالما أثبتت لها مشاعرها بأن كل حرف نطقته بحقهما عند الغيظ و القهر كان لـ حاجة تفتت روحها لوجودهما بالقرب ، و حالما تصطدم بـ حرمانها منهما تأتي ردة فعلها معاكسة للطبيعة البشرية المتعارفة ؛ و بدل أن تطلب حضور لهما تراها ترفض وبشدة الإعتراف بـ ما يمزقها بل و تطور الأمر للإدلاء بتصاريح كاذبة بشأن ما تحس به نحو كليهما ، كم ' أكرهك ' قد نطقتها بوجهيهما تارة و خلف ظهريهما أخرى ، لا تعلم لم تود أن يعلما بأنها كانت كاذبة صغيرة ليس إلا !
شعرت بميلان جسد أخيها و إنتبهت للتو بأنها قد ضغطت عليه و هو غير قادر على الاتزان فوق العكاز ، لتعتدل قليلا مبتعدة عنه برأسها فقط ، ليبتسم الأخير و لون باهت يغطي ملامحه الصارمة ، و من ثم يلفح جبينها بأنفاس تتقد بإشتعال ، ليزين روعة حسنها البهي بقبلة على الجبين ، قبلة ليست كأي واحدة !
تلك التي تحظى بها ليلة زفافها من قبل والدها أو أخيها لـ هي ذات حظ عظيم و في نعمة كبرى لا تقدر بكنوز الأرض أجمع ، فقط هنا يتوقف الكون ، و ينعدم الإحساس بالوقت ، تتضاخم الأماني و تتكدس بأكوام فوق بعضها لتتجمع على طرف الشفاه ، تحتاج وخزة فقط كي تفلت و تعبر عن سيل ينفخ أوداج القلب الملكوم بجراحه ، تمنت أن يكون الدكتور صفاء هنا ، يأتيها ليقبل وجنتيها فـ الجبين ، ليأمر عريسها بالحفاظ عليها كـ لؤلؤة ثمنية لا تحتمل أن تعيش خارج صدفتها ، حينها ستكتفي من الأماني و رب الكعبة ، حينها لن تحتاج لأعمامها و لا حتى لـ علي !
و لكن حمدا لله على كل حال ، فهي أفضل حالا من كثيرات ! شبيه والده سيكفيها الليلة ، و تحمد الكريم سرا و جهرا على تلطيف قلبه و تليين رأسه ، فقد تمم بدر ليلتها بـ مجيئه ! لم يبتعد عنها ، و لغرابة الأمر إحتفظ بها بيسار تلصقها بجانب جسده الضخم ، و أما اليمين فإمتدت لتصافح رفيق الدرب ،
هم الثلاثة على دراية تامة بأن حلم علي القديم لطالما تمحور حول هذه اللحظة ، لم يكن أنانيا في أمنياته ، و لم يخيل له رؤية نفسه بدل عمر واقفا قرب عروس شهية كالـ رمان ! قطار الاماني إمتلأ بحشود من صور لعمر و اللين فقط ، و هاهو يرى تحقيق ما طمح له سرا و علانية .. لن ينكر راحة تغمر أفكاره هذه اللحظة و تخدر وجع الروح بـ عقار قوي المفعول طويل الأمد ، بل سيستمتع بـ إختفاء الألم الكاسح ، سيتناسى ما ألم به فقط من أجل التلذذ بـ كعكعة هذا الحفل المتمثلة بـ جملة نطقها بتأني محدثا بها رفيقه : لك **** تحطها بعيوونك ، ترا هاي اخت اخووهااا ، شحدك تضوجها ، ترررة بس تفكر تضوجها بعد متشوفهااا ، ولو إنتة من يومك رايدها و هاي صارت يمك ، فبعد دنشوف رح تتحمل خبالاتها و ... آآخ !

تأوه حالما شعر بقرصتها لـ خاصرته ليكشر ملامحه غيظا ، جرت هي من قبل عمر ليحتضنها هو هذه المرة بتملك شقي فيشاكس بها علي ، و اطنان من راحة تسكن نواجذه : لك ناااقص هسة صارت اخت اخوها ؟ إنتتتة مالك حق بيها من يوم سلمتنياها ، وهية تقول إذا تريد اخوها لو رجلها

ليعتصرها بفستانها الفتان نحوه اكثر فيهرب منها الحديث بهمس مرتعب : كافي عيييب
مالذي يفعله عمر ؟ لقد جن .. تعالي الصراخات و الاهازيج شد من وتيرة توترها لتحاول الانفلات من قبضته ولكنها أضعف من ذلك ، لتتوسله بمحجرين يمتلئان من ماء الخجل ، و نبرتها تكاد تختفي ، حتى عنقها الساند لـ جمجمتها لترتفع نحو الاعلى كان على وشك أن ينحني أسفلا فتدفن رأسها كـ رأس نعامة في باطن الأرض !

: لتحااول تلعب بمشاعر الخجل مال البنية و تتحداني ، أختي و أعرفها .. تختارني بدون تفكير ، ' ليوجه لها الحديث بـ سخرية من ذاته المخدرة ' مو حبيبتي ؟

همهمت بشئ اضافي و ملامح وجهها تستنكر تصابيهما و تلاعبهما بها امام الجميع .. و كإنهم لوحة إستعراضية لمقطع في سينما صماء ، مال عمر نحوها اكثر فحتى مع الكعب المرتفع لم تستطع مجاراة علوه الشاهق ، اقترب بإذنه من فمها ليتدغدغ صيوانه بـ أنفاسها القلقة ، فيزدرد هو لعابه اثر ملامسة أرنبة أنفها لـ أذنه ، و كإنما مر دهر حتى إستقبل حرارة الحديث : كااافي الله يخليك صرنا فرجة للعالم ، شبييييكم !

إبتسم بحنية ، و لم يكن بمقدرته ان يبتعد من دون أن يأخذ عربونا لإنتظاره ساعتين اخرى ، إكتفى بقبلة ناعمة طبعها على جانب صدغها ، ليتمتم بعفوية : يا ناس هذولا ؟ ترة عمر مديشوف غيرج
شعر بتصلب جسدها المحتضن بيمينه ، ليطمع بقبلة أخرى و يأخذها ، و من ثم يحاكي علي المنغمس برد التحية على والدته بعد أن حرر مهجة روحه لـ فترة مؤقتة : ليش تأخرت ؟

: إحمد ربك جيت

كانت على وشك الجلوس عندما سمعت تهكم اخيها و إستسخافه بضرورة مجيئه ، لتتحدث بـ حدة صفائية بحتة ، بالتأكيد رؤية هذا المتعال هي ما سببت رجوع مياه تصرفاتها لـ عقلها الخامد في سبات منذ أن إستسلمت لمسايرة القلب العنيد ! : لا والله كلللفت نفسك ، جان مجيييت ولا تعبت روحك ، أصلا إحنااا منريييدك

إبتسم عمر مع والدته و قلبه يفيض بـ ما فوق الشبع ، أن تكون مغتاظة هكذا ، و يكون له بعفويتها نصيب لهو جلل من الحظ و وافر من الإبتهاج ، علق اخاها بـ نظرة متفحصة : يابة طلعتني كسر عمر الـ **** ، هاي بكم شهر فرييت راسها هيج .. ' وبسخرية أردف ' لااا هاي مو اختي .. بدلتوها !

لإنه أدرك ما بها من حرج ، إستطاع منع الحديث من ان يطال راحتها و يسبب لها قلقا ولو بمقدار ذرة ، ليبتر إسترسال علي : أبو حسين ، ألن هناك ، ديصيحك ' يناديك '

رفع علي حاجبه مللا : رايح .. خوما ابقى مقابل خلقتك الزفرة .. بس مثل مقتلك ، دير بالك عليها

هز الاخر رأسه بخفوت ليتمتم مترفعا عن سوء اخلاق رفيقه : لتوصيني على عيوني ، وصيها هية علية !

كانت ستجهش ببكاء مرير ، كـ سد منيع ضد إنحدار نهر عظيم و قد تحطم توه ، طيلة الاشهر الماضية و اخاها يوصيها بـ رفيقه خيرا ، لكونه اكيدا بأنها لا تحتمل ، و هذه المرة الاولى التي يكون بها طبيعيا كما بني البشر و يطلب من شقيقه الروحي أن يهتم بها ، رغم إنه تأخر بها إلا إنها قد سعدت حتى البكاء ! يا لروعة مساءها الليلة ، شعرت توا بما تعنيه كلمة الـ عروس ، هي ان تكون ملكة عند الجميع ، أهليها من جهة ، و عريسها من الجهة الاخرى ، و ليس أي عريس .. رزقها الله بأطيب الرجال و أروعهم ، رجل إستطاع تحطيم كل حاجز غبي قد بنته بينهما ، نجح في أن يغرس كفيه بصدرها لينتزع منها شيئا ما ، حتى باتت تشعر بالفراغ محله ، بل و تسمع فرقعة الاعضاء لإمتلاء جوفها بالهواء بدل من العضو المفقود ، فقط حينما تراه يعود ذلك الغائب ليستكين محله بـ عنجهية ، ليأمر و ينهي كيفما يود ، إبتسامة أخيرة أغدقها بها اخيها كرما ، لتنعكس أصدق منها على ملامحها المزينة بالسعادة ، فيستدير هو حيث الحضور المحتشدين في القاعة ، لتقع عيناه على عينين حادتين تراقبانه بـ إهتمام ، تغوصان في محجرين محاط بـ طيات من الجلد المؤكدة للناظر بأن صاحبهما قد عاش من العمر طويلا ، و هاهو التعب يدك ظهره و الرأس ! ، هبط من المنصة بعد أن تبادل التحايا مع ' أنسباء ' عمر ، و من ثم تحرك نحو الخارج .. فمهمته إنتهت !
قبل أن يقرر الفرار شعر بيد ثقيلة تحط فوق كتفه ، لتجعله يلتفت متساءلا ، كان الضابط مصطفى ، من دون أن يقرأ ما بنظرات من أمامه عاد له شعور الاختناق ، فيبدو أن مفعول العقار المخدر قد إنتهى و هاهو الوجع يعود لينخر عظامه و كإنه ورم خبيث يتغذى عليه جيدا من اجل البقاء ! ، تبادلا السلام ، ليحث خطاه شاتما لعكازته .. فلولاها لكانت حركته اكثر حرية ، وهو بطريقه لمح ألن الواقف بإستقامة قرب أحد النادلين يحادثه بشأن التجهيزات يسترق نحو اليمين نظرات !
ليدير وجهه حيث مركز شكوكه لتثبت حالما تبين وجود ميس مع مجموعة من الفتيات و من ضمنهم ابنتي عمه !! لم يتوقع رؤيتهما هنا بحق ، لمح أية التي إنتبهت له ، فإكتفى هو بـ هزة رأس خفيفة يحييها ، لترد له الاخيرة بمثلها و فوقها إبتسامة ، و كإن الطريق قد امسى طويلا بين المنصة و الباب ، أو هو من يمتلك خطى بطيئة مزعجة ؟! إضطرته الوقوف عندما استقامت من مقعدها ليغير وجهته نحوها ، ما إن وصلها جاءه صوتها متوسلا و حانيا رغب صخب المكان : عااشت ايدك يمممة ، جييت وفرحت قلب هاليتيمة ، الله يفرح قلبك إن شاء الله ، بس أمي علي لترجع اليوم مظل وكت و الدنيا ليل ، باجر من الصبح اني وياك نروح فدوة

ثقلت أنفاسه أكثر ليرد بـ جمود : بيبي دخيل الله لتلحين ، إحنة متفقين من هناك هسة نرجع !

ليقل تركيز اللطف بحديثها بعد اضافة مكسرات شديدة : والله لو على قص رقبتي ما اخليك تروح بهالليل ، شنو قابل تخبببلت ؟ ، تنجب و تبقى .. و يللا اني رايحة اسلم على اختك و جاية وياك نروح لبيتكم

: وين تجين إبقي ، أني طالع افرفر بالشوارع روحي طااالعة ، عود بعدين الن يوديج للبيت

: ألن ابتلى بييية ؟؟ اوقف انتظرني

وهمت بالحراك ليستوقفها من زندها بحدة خفيفة غير آبه لكونه قد يكون مراقبا من قبل احدهم : لعد روحي لبيت عمر وية اهله

بـ غضب جاء ردها : ليش يمة ماعدنا بيت ؟!

: يعني انتي ليش بس تريدين تعاندين ؟ أكلت *** و قتلج روووحي واصلة لخشمييي و اريد اطلع ، عوفيني بحااالي دخيل الله

: والله انتة جااايب الهم لنفسك ، جان عشت مثل العالم و الناس و جبت مرتك و امك وياك و فرحت قلبها لذيج المسكينة الي مشافت منك شي حلوو !
كانت ممن يناصرون الشخص بغيابه فقط ، أما في الحضور فتكون من اول المعارضين له ، فهي لم تكف ساعة عن إيلام ابنة عبد الملك بالكلام لتذكرها كل حين بأن حفيدها يود إبنة عدوه الاكبر ، قاسم .. اجلسها مقعدها مجددا و انتبه للنظرات التفحصية من قبل النسوة الجالسات على ذات الطاولة ، ليحاول الخروج مسرعا : قعدي و سكتـ ـ ـ

: لو هاي بت قاسم جان جبتها ؟

تخشب ظهره المنحني نحوها ، و تصلبت حنجرته لتتوسع حدقتيه صدمة ، استند على العكاز ليقف و الصدر يمتلأ بالمفاجئة ، و الحنين ! نحر مابه من شعور ليردد : وحدة اخـ** من اللخ ، كافي حجي زايد ، أني موولي

خرج بحال أكثر سوءا و موتا من ذي قبل ، خرج و افكاره تنحصر في هرم صغير ، يحويه هو فقط مع ذات الشعر العنيد المتوحش !




.
.
.











و كإن بها أم ثكلت !
و لكن بردة فعل تختلف ، فليست كـ أولئك ممن تصرخن و تمزقن من على جيدهن الثوب ، و ايضا ليست كما تعتقدون صبورة محتسبة للاجر ، و لكنها صامتة فـ حسب ، لا علم لهم ما يدور بخلدها من مصائب سوى ربها السميع ! سبحانه لا يرتضي الظلم لعباده ، و هي قد ظلمت .. و الليلة هي ليلة تأبين روحها الطيبة ، ستكتفي بإحتساب ثواب ظلمها عند الله ، و انتظار أن تسعد بـ إنكسار عود الظالمين ، لن تضعف و لن تترك لـ إنسانيتها مجالا للوقوع في خطيئة الغفران ، من مثلها عليها ان لا تغفر ،
هي من تعروج مستقبلها المستقيم بسبب عاشق و معشوقته ! هي من كانت مجرد أداة لـ إجتذاب من هي اعلى منها مقاما في نسيج القلب ، لم تكن لديه سوى ' بديلة ' ، و ما إن صارت المنى قريبة من اياديه زفر البديلة بعيدا عن أنفاسه ، من دون إهتمام بحال آلت إليه ، ستكتفي بإنتظار أن تفرح برد دينا ادانها به ، ستنتظر و الفرج من الله قريب !
لن تكون شامتة حينها ، و لكن ستكون كـ أي أنثى أنزلت على صدرها السكينة بعد رد كيد رجل ، بكيد من هو اقوى و اعظم منه !



.
.
.





أتحبني..بعد الذي كانا؟


إني أحبك رغم ماكانا
ماضيك لا أنوي إثارته
حسبي بأنك هاهنا الان
تتبسمين وتمسكين يدي
فيعود شكي فيك إيمانا
عن أمس لاتتكلمي أبدا
وتألقي شعرا وأجفانا
أخطاؤك الصغرى أمر بها
وأحول الأشواك ريحانا
لولا المحبة في جوانحه
ماأصبح الإنسان إنسانا
عام مضى..وبقيت غالية
لاهنت أنت ولاالهوى هانا
إني أحبك كيف يمكنني
أن أشعل التاريخ نيرانا
وبه معابدناو جرائدنا
أقداح قهوتناو زوايانا
طفلين كنا في تصرفنا
وغرورنا وضلال دعوانا
كلماتنا الرعناء مضحكة
ماكان أغباها وأغبانا
فلكم ذهبت وأنت غاضبة
ولكم قسوت عليك أحيانا
ولربما انقطعت رسائلنا
ولربما انقطعت هدايانا
مهما غلونا في عداوتنا
فالحب أكبر من خطايانا
عيناك نيسانا كيف أنا
أغتال في عينيك نيسانا؟
قدر علينا أن نكون معا
ياحلوتي ..رغم الذي كانا
إن الحديقة لا خيار لها
إن أطلعت ورقا وأغصانا
هذا الهوى ضوء بداخلنا
ورفيقنا ورفيق نجوانا
أحزاننا منه ونسأله
لو زادنا دمعا..وأحزانا
هاتي يديك فأنت زنبقتي
وحبيبتي رغم الذي كانا






نزار قباني






في جناح صغير يحويهما ، لأول ليلة يجتمعان بمفرديهما تحت مسمى الرباط المقدس و من بعد إشهار للملأ ، توليه ظهرها المتصلب ، فتتركه وحيدا حائرا ، أ إكذوبة ما يحدث ؟ هل صدق أقاصيص لياليه القديمة و عاش بها حتى الهلوسة ؟ أم إن ما يحدث معه من قلب الحدث الواقعي ؟ ، ترى إن لمسها الآن هل ستختفي ؟ أم إنها ستذوب تحت وطأة نيرانه المشتعلة شوقا و حبا و تكذيبا ؟ إلهي ،، أ تشعر هذه العنيدة بما يعتمل به من عواصف صيرت جسده أشلاءا مبعثرة فوق جدران المدائن ؟ تكاد عظامه تتساقط متتالية خلفها ، سرعة النفس به اصبحت مرعبة .. حبيبته ، نبضه العنيد يقف أمامه ، لا يفصله عنها سـوى خطوة ، إثنتين .. بل ثلاث !
ثلاث خطوات و تكون تلك الحبيبة بين أحضانه المتلهفة ، ياسمينة الحسن الأنيق ، جميلته التي سببت لعنة فرعونية من الحب لقلبه الضعيف ، وشمته عشقا أجوديا لها ؛ لتحرمه من حق الإختيار لأي أخرى ، عبثت به كما شاءت ، فتارة تبعده و أخرى تحتمي بصدره ليكون لها موطنا في كل وقت و حين ، السلطانة المقتدرة على شق جلده و اعادة تنظيم اجهزته الحيوية حسبما يحلو لها ، و في كل مرة ينتهي بها الامر بـ جعله مثخن بالولع اكثر ، و كإن لا حواء سواها تطئ الأرض بكعبيها !
واحدة ، إثنتان .. فـ ثلاث !
هاهو يقف خلفها مباشرة ، تكاد طرحتها ان تلامس صدره المرتفع ، بحركة لا ارداية رفع يده لفك ربطة عنقه ، فـ ما عادت قصباته تكفيه للإستنشاق ، فتح اول زرين من القميص الأبيض و عينه تتسمر على كتفها الايمن ، مال بخفة ليقبله بعمق ، و إنتفاضتها سرت له فـ ثبتها بـ ضغطة خفيفة على ذراعها ، إعتدل واقفا ليديرها نحوه هذه المرة فيتمتع بإشتهاء لقمته اللذيذة ، ابتلع ريقه ليهمس غير مصدق لنعمة هو بها : حبيبتي !
نطقها و إعترف من خلف الستار و غير خجل هو من ضعف قلبه ، فما عاد به طاقة للإحتمال ، هنا الجنة الدنيوية التي حلم بها دوما ، و هذه الحورية التي ظلت اعواما تتراقص بذيلها المغرور عند شاطئه المعذب ، كم سامرها في أمسيات الشوق ، و كم طالبها بالمحبة ، كم صدته و أوجعته و صبر ! لم يكن هنالك سوى القمر شاهدا بينهما ، يعكس على البحر ضوءه و معه احاديثا من هوى عل قلبها يرف معه إلا إنها لم تستجب !
ماضي كان ذاك ، و الحاضر قد زفها له ببشرى جميلة ، زفها عروسا بالأبيض ، لا ينقصها سوى غابة وحشية من الشعر كي تكتمل بزينها ، كانت قد أطرقت برأسها بعد كلمته ، ليعود هو و يثبت انامله تحت ذقنها ، فشوقه يتوسلها الرحمة ، نعم هي امامه منذ أشهر ، و لكن الليلة هي العمر بأكمله ، سويعات لا تساويها و لن تساويها أخرى ، نطق بـ شغف لم يحاول إخفاءه : لين .. باوعيني

لم تستجب ، فـ و إن تحكم بـ رأسها و رفعه نحوه للتأمل بـ ملامحها لن يستطع التلاعب بـ أجفانها المطبقة ، أهدابها تتراجف بـ شدة ، أجبرها على السكون حالما تقدم ليوشم بين الحاجبين قبلة طويلة و دافئة ، لم يفك أسرها حتى شعر بـ شهقة تفلت من صدرها الحبيب ، ليميل رأسه متساءلا عن السبب فيأتيه الجواب بـ دمعة واحدة شقت طريقها على الخد المتوهج بإحمرار قاني ، هلع بصمت ، ليكف دمعتها الوحيدة ثم يستفسر : ليش البجي ؟ علي و اجى ياعيني ، شتريدين بعد ؟

: إنتة تحبني ؟

كاد أن يغص بالنفس لوقع السؤال ' الغبي ' ، أوتسألينني إن كنت أحبك ، و القلب والله بت أشعر بإنه ملكك ؟ و كإنني لست سوى الحارس العجوز الذي ظل سنينا عدة يحفظه في صندوقه النحاسي ، منتظرا عودة الوريثة المالكة له شرعا و قانونا فـ فطرة !
كان همسها ضعيفا جدا ، لا يلائمها ، والله لا يناسب ملكوتها ولا جبروتها ، ألم تخبره بأنها تدري بحبه ؟ أ نسيت تغنجها كـ طاووس لتتبختبر بين اروقة الشرايين كيفما تشاء ، فـ لا جند يوقفونها و لا أبواب تغلق طرقاتها في وجهها الجميل ، أتأتيه الآن متساءلة إن كان ما في قلبه حبا ؟! مالذي إستجد يا اميرتي لتتزعزع ثقتك بي ؟ أو لنقل بنفسك ! أم إن هذا نوع جديد من عذاباتك المستمرة ؟ والله يا حسناء إني لأشعر بأن قلبي ما عاد يحملك ، فـ بت تفيضين منه بـ سيول غزيرة .. لقد ملأتني كلي وربك ، وددت لو كنت كأخطبوط ، أملك من القلوب ثلاثا ، فـ أحبك في الاول و أحبك في الثاني و أحبك في الثالث .. و تجيئيني بشك يراود صغيرك المتلحف ببرد بين اضلعك الحبيبة ؟
الم يخبرك دمي الذي مصصته سنينا عمن تكوني في حياتي ؟ ألم تخبرك الاضلع حينما جاورتها بأنك كنت العوجاء المفقودة لأعوام كادت تلتهمني لشدة جوعها ؟، يا زنبقتي ، و حلوتي .. رفقا بي سلطانتي ، إن كنت تريدين مني إعترافا في الأمسية الأولى فـ لن تحصلي على ما يشبعك ، أعلم بأنك طماعة بإحتياجك ، و أنا كريم بـ عشقي ، و لن تكفينا ' ليلة واحدة ' للبوح بأسرار مضى الدهر يخنقها جهرا ، إلا إنها إنتصرت فـ حطمت رأسه ! لو كنت شهريار ، لتكوني شهرزادي ، و لكننا سنقلب حينها الحكاية ، فتتربعين العرش و أنا من أقص لك حكايات شوقي لأكثر من ألف ليلة و ليلة ! صدقيني فالـ ألف أيضا لن تكفي عمر كي يستريح من عشق أضناه حتى التعب !

طال إنتظارها ، و عظم صمته ، حتى قطعه بأنفاس متعالية و هو يميل نحوها ليقبل أنفها المحمر بـ رقة ، ثم يبتعد لـ إنشات فقط فيهمس متلاعبا بـ نبضات قلبها الهائج كـ بحر صفعه إعصار : ليش هالسؤال ؟ إنتي مو تقولين اني احب وحدة و ما اقدر اعوفها ، يعني إنتي أدرى

أن يسرق من زفراتها شهيقا طويلا لهو من أروع الاحلام و أثمنها ، لم يشأ يوما أن يتخلى عن صمته حتى من أجلها هي ، و لكن الليلة ستكون لهما بصمة لا تنسى ، و أنفاسها المحتبسة بصدره تدعوه للبوح .. فما اجمل من السكون إلا الغزل ! ، و لكن لا ضير من العبث قليلا بقلبها الذي أشقاه عمرا .. ظن بأنها ستنسحب بعد أن أحرجها بقوله ، لكنها صدمته كعادتها ، فـ همهمت بـ تماسك و رأسها مرفوع نحوه بكبرياء يملأ المقلتين : أعرف ، بس قول !

ظلت نظراته معلقة بتلكما الجوهرتين المتلألئتين .. يا الهي ، حتى الثلاثة قلوب لو له لفاضت ولعا ، ما يشعر به مهول ، عقلها الفتي لن يستوعب أي حديث قد يقال ، تطلبه البوح ، و مالذي قد يفصح عنه و يكفيها فـ يريحه ؟ ما هذا العناد يا أنسة ، أنزعتي رداء الخجل فقط من أجل علياءك المبجل ؟ إبتعدي عن حقل مشاعري الملغم ، فـ والله إن مسست إحدى المزروعات و تفجرت بوجهك ستتشوهين صدمة لما احمله لك ، ستفقدين القدرة على النطق و البصر ! إبتعدي و إجمعي بعضا من مهاراتك لتحاولي مرة اخرى في وقت اخر ، ليس الليلة !
شعر بها ترمي مسكة الورد الطبيعي أرضا ، لـ تهبط فجأة من علوها المقارب لـ أنفه ، فتعبث البسمة اللعوب فوق شفتيه وهو يتابعها تبتعد حافية القدمين رافعة بـ فستانها الثقيل بكلتا يديها .. حفيفه مع الارض الممزوج بـ خرخشة الخلخال المزين كاحلها يكاد يرسم نوتات عظيمة لمعزوفة الحلم المحقق ! ، دلفت الغرفة المخصصة لهما ، لتترك الباب خلفها مفتوحا ، و كإنها تتحدى خجلها الجميل ، جر عيناه ليثبتها ارضا حيث بقاياها من الورد و الحذاء ، كل ساعة تجبره ليعيش معها احدى القصص الإسطورية ! فهاهي الآن تتحول لـ سيندريلا العابثة بقلب أميرها بـ جزمة فقط ! ، فتلك تركته يبحث عنها كـ مجنون بين طرقات المدينة و في قصورها ، و حذائها الكريستالي يتوسد كفه ، أما هذه الحبيبة فلم تبتعد جدا ، و لا يحتاج للكثير حتى يجدها فـ يرفعها حيث نبضه من دون أن يحتاج لمساعدة من كعبها العالي !
إنتزع سترته و ربطة العنق الرمادية ليضعهما بإهتمام فوق الأريكة المنفردة في الصالة الصغيرة ، و من ثم توجه نحو الغرفة بـ نفس طويل ، كم يشتهي لقمته ، و لم يتبقى شيئا لموعد إفطاره عن صوم أرهقه !
ما إن عتبت قدماه الحد الفاصل بين الداخل و الخارج حتى تسمر محله مصدوما بحلتها الجديدة ، و كإنها تتحداه بـ روعة حسنها الأخآذ ، و كإنها تقاتل به الروح الرجولية ليعترف بـ أن لها في القلب عرشا و قصر ، كانت قد إنتزعت حجابها و التقفيلة الخاصة بالفستان ، لتبدو بهالة من جاذبية عظمى ، شعرها منثور بلون جديد ليلتف حول ظهرها العاري المقابل له ، كرات من خصل مذهبة متداخلة مع اللون العسلي لتغطي جزءا لا بأس به من الظهر المثير ، شعر بتصلب حركتها فور دخوله ، قليلا و إستعادت سطوة جماحها لتختفي الوداعة ، و ينقلب الهدوء لـ إعصار .. إستدارت نحوه لتجعل النبض يتخلخل بما لا يطيقه صدر عاشق ، نظراتها كانت منصبة على كل متر في الارضية كإنما تبحث عن شئ ضائع ، لم يتفاجئ من إقترابها فـ يبدو إنها تود ان تستبدل ثوبها الملكي ، و كإن به شبع منها !
لم يتزحزح عن موضعه ، و بينهما المسافة تتقلص شيئا فأخر و هرولة القلب تتناسب عكسيا معها ، فتراه صار كـ ثور هائج في حلبة صغيرة غير كافية لإنطلاقة عنفوانه ، وقفت على بعد متر او اقل ، لتثبت رأسها نحوه و نظراتها تشيح هنا و هناك : ممكن أطلع ؟

: ليش ؟

: الملابس .. برا .. بالجنطة

هذه المرة كان لقلبه رأي سديد ، فرغم هول يحدث له قرر الغوص بين امواج الجنون اكثر ، ليتقدم الخطوات الفاصلة ، فيغلق الباب بقدمه من دون أن يستدير ، جفلت بعنف إثر صوت اغلاقه ، لتتوسع إبتسامته تدريجيا حتى شعر بوخز الم في خده الأيسر ، قبل أن تطلق لخجلها القيادة كان قد أحكم السيطرة على كبوتها بـ إمساكه لرسغها اللامع ، و من ثم جرها نحوه بحركة ارعبتها لترتطم بصدره من دون إرتداد ، و كإنما مادة لاصقة تلك المثبتة على كل اجزاءه ، و كـ فأرة صغيرة وقعت في مصيدة القط المتوحش ! ، حبست أنفاسها موتا ، حتى شعرت بأن لا طاقة لها لمقاومة الحاجة الجسدية للاوكسجين فأطلقت زفيرا حارا لتعقبه بـ شهيق ممتلئ بعطر رجولي مخدر لبويصلات شعر الرأس و الأهداب ! ، فإنسدلت اجفانها بلا وعي ، لتعود فـ تأخذ نفسا أخر و كإن إدمان هذا الذي بدأت تعانيه ، !

؛



عندما انظر في عينيك
ارجو فيها
امان ابي
وحنان امي
وعزوة اخي
ارجو فيها الحب والعشق
ارجو فيها احلامي
وشبابي وقدري
كلها اسلمك هي
بنظراتي
عندما امد يدي
وارجو حضنك
هناك حيث اعلم ان لا مصاب
سيلحق بي
بعد كل ذاك الرعب
هناك الامان
تقول بأني اقتلك بتلك النظرات
التي تشعل فيك رجولتك
اخبرني اليس الحب نظرات
هل تقرأ لغة الاعين
عندما احرك لؤلؤتي السوداء
واحبسها في سجن نظراتك
هناك انا ارجوك بأسم ملك السموات
ان لاتخذلني
ارجوك
هناك سأدفن قلبي
وروحي
واملي
وخوفي
في ثناياك
في ثناياك
في ثناياك
حبيبي
لاتعبر الكلمات ولا الحروف
ولا قواميس العرب عن تعلقي بك
يخذلني لساني امام هيبتك
لذلك امد نظراتي واعلقها
بهامتك الطويلة
سأختبئ في ظلك الذي لايخفيه الظلام
سأختبئ بداخلك بين شرايينك
داخل اوردتك
سأبعثر روحي هناك
في ثناياك....


بقلم الغالية راقية الحرف ' انثى دكتاتورية '







كـ كوكب الزهرة حبيبته ، متفردة في كل شئ ، فـ هو يدور بعكس بقية الكواكب فتشرق الشمس من غربه و تغيب من الشرق ، بنظام إلهي كوني يعجز البشر عن الإتيان بتفسير منطقي له ، كما هي هذه الزهرة ! فـ و الله عاجز هو عن شرح تفاصيلها المحببة و ردات افعالها المتناقضة ، ما الذي يحدث مع هذه الصغيرة العنيدة ليجعلها تود إختراقه كما تفعل ؟ ألا تشعر بأن جلده إقترب من الإشتعال لـ حرارة أنفاس صادرة من رئتيها الحبيبتين ؟ ضغط على خصرها المغري بأنامله ، ليستجيب له دماغها فيأمر الرأس بالإرتفاع حتى تقابلت الاعين و إمتزجت الأنفاس ، حتى صدريهما فار تنوريهما بذات الوقت ، لم تستطع أن تشيح بنظراتها ، فإن عيناه تهذي بالكثير ، والله و كإن بها تنصت لجلبة ثرثرتها الصامتة ، إنه يتغزل بها صمتا ، ها هو يخبرها بمقدار حب أحرق قلبه لـ أعوام !
إنه يشتعل ، كما هي بل و اكثر ، فـ إن كان نصف شعورها بسبب الخجل فهو كل ما يحسه سببه عشقها السرمدي فحسب ، كادت ان تكتفي بإعتراف المقل و تستسلم ، لكن العناد تفعل في اللحظة الاخيرة قبيل اعلانها السلام .. حالما شعرت بمحاصرتها بدفئ أنفاسه الثائرة أغمضت عينيها بعجل و جفنيها تكوما كـ كتلة من النار ، حتى لون الـ ظلال قد تغير لتغير البشرة للأحمرار القان ، نطقت برجفة شفاه على وشك أن تذوي صاغرة له : قـ ـو .. ل !

: همممم

كان قريبا منها ، و كإنه يقترب للمرة الأولى هكذا ، أ لإستسلامها له و لـ شغف يثور في عينيها سببا لذلك الشعور الفريد ؟ ربما .. حالما طالبته مجددا بالإعتراف لم يستطع الإنكار ، لا يدري مالجدوى من سماعها حروفا هي اكيدة بأنها معجونة به مع الدماء و الانسجة ، و لكن ما دام هذا ما يؤرقها قبل أن تتوج ملكة في مملكة إنتظرتها من الليالي اطولها ، فـ سيكون كـ عادته بكرم حاتمي مع عنادها اللذيذ
نطـق بـ همس غير واضح ، فهي لم تسمعه بقدر ما قرأته بـ أنفاسه القريبة و بـ ملامسة ثغره لـ شفتها السفلى : إنتي عمري ، روحي ، لين .. والله أحبج

كادت أن تهوي لولا إنه ممسك بها كما اعتادت منه ، لتستند على صدره بكفين مضمومين سوية ، و رغم ذلك شعرت و كإن ضربات قلبه ستدفع بها بعيدا عنه ، أخرس بها اي رغبة للمقاومة .. رغم إنها لم تكن تنوي أن تفعل ! همسـت من بين رفقه و عشقه : عمـ ـر ، لـ ـ ـتأذيني

و كانت همسة ضعيفة طارت بـ دفء أخر ، يتبعه جنون اعظم ! لتتلحف به كمعطف ثقيل يقيها من الدنيا كل بأس ، بردا كان ام حرا ، ستظل ترتديه أبدا ، فمنذ هذه الليلة و ما عاد لها القدرة على ان تبقى عارية بدونه ، هو سترها ، و رجلها ، هو عمر !



من علمني
كيف أحب امرأةً حتى حد الهذيان
من علمني
كيف بوسع امرأةٍ ـ دون سواها ـ
أن تتحرك مثل السمك الأحمر داخل شرياني
من علمني
كيف بوسع امرأةٍ ـ دون سواها ـ
أن تخترع الشعر
وترسم شكل الأزمان ..
من علمني
كيف تصير امرأةٌ ـ دون سواها ـ
أقوى نوعٍ من أنواع الإدمان
من علمني ما لا أعلم
كنت له دوماً عبدا

نـزار قـبـانــي



.
.
.




مدينة الحب أمشي في شوارعك
و أنا أرى الحب محمولا بأكفانِ

صبوا العذاب كما شئتم على جسدي
فلا شهود على تعذيب سجاني

رجعت للدار أمشي فوق نيراني
كفاً لكف يقود خطاي حرماني

هل من مجيب؟ أنا في الباب منتظر
لا أحمل الورد أحمل طوق أحزاني

ذهبت مع الريح فأصحو يا مددلها
كأس هي الان بيدي عاشق ثاني

عينايَ .. شفتايَ .. أعصابي .. خيالي .. دمي
يبحثون عنها بين أحضاني

قلبوا الاثاث و ضجوا حول صورتها
متظاهرين كشعب خلف قضبان

نريدها اليوم شمعتنا.. حبيبتنا
لا زاد لا نوم.. عصيانا كعصياني

يا أيها القوم يا جسدي و عاطفتي
كفى ملاما! فجلد الذات أدماني

صفعت وجهي.. أهذا يا زمان أنا
أذلني الحب أخرسني و أعماني



بعد الفراق رايت الصبر شيعني
في صحوة الفجر أمشي مشي سكران

يخيفني الليل و الذكرى تعذبني
و حارب النوم ذاكرتي و أجفاني

صفعت وجهي أهذا يا زمان أنا
أذلني الحب أخرسني و أعماني



كريم العراقي



ما زال يهيم على وجه الشرود ، يدير مقوده حيث يسوقه الضيق ، بقميص مفتوح الازرار العلوية ، و أكمام مطوية حتى المرفق ، الرأس محتشد بحشائش من الشعيرات القصيرة و العبوس يبعث شعورا بالنفور لمن حوله من اللا بشر ، و كإنه ليس ذات الرجل الانيق الذي سلب لب القلوب منذ وقت ليس بالطويل ، فهذا لا يدرك للترتيب و الاناقة معنى و هو يرمي بسترته و ربطة العنق في المقاعد الخلفية بإهمال و عدم إنتظام ، ملئ خزان الوقود لمرتين ، فـ مركبته أصبحت فجأة شديدة الطمع ، و الجشع .. و العطش ! و كإنها أخذت منه صفاتا بشرية ، فهو عطش ، كثير العطش .. يحتاج أن يبل ريقه بشئ مشتعل ، أو أن يبل محجريه بـ نظرة واحدة لا سواها ، تعادل الكون بمصائبه .. ساكنا كان ، كما كل شئ حوله ، فـ حتى الشوارع قد إنطلقت لعالم اخر بعد نوم سكانها ، لا يسكن الارصفة بشرا ، إشارات المرور تعمل لـ ' لا أحد ' ، و أضواء الاعمدة المتعطلة معظمها لا تغني عن حاجة بنفسه للنـور ، فهو لا يحب الظلام ، يؤرقه و يحرق به القدرة على التماسك ، حالما تنسدل الستارة الالهية في كل ليلة ترتفع عنده ستارة أخرى ، تنبئ عن مسرح بـ مقطعين ، أحدهما محشو بالمصائب ، و الأخر بالحنين !
و كلا الوجعين يوقظا به رغبة بالجنون ، لم لا يستطيع نسيان ما وصمت به الذاكرة ولو قليلا ،؟ ساعات يسهو بها ستكفيه و ربكم ! ساعات فقط من الراحة يستجديها عقله الباطن ، أ ليس لديكم عقار أكثر فعالية ؟ أو مصل لـ سم باتت تشرأب له الأنسجة فـ تمتصه من الدماء الراكضة بين الانابيب الوعائية ! ما زال يختنق رغم نعمة من الله حلت عليه .. الليلة قد تحقق حلمه الازلي بـ أن يجتمع رفيقه و أخته تحت جناح عرس إسطوري ، الليلة تخلص من عبئها ليسلمه لأخر ، رغم إنه قد سبق العالمين و تخلص منها منذ زمن .. عليه ان يخدر قليلا لـ روعة ما حدث ، و ما لم يظن بأنه سيحدث ! يذكر جيدا حينما رفضت العنيدة أن تثبت الزواج قانونيا منذ أشهر مضت ، و ها هي الان تستسلم لكونها زوجة لـ عمر في الشريعة و القانون ! ، آه على ذلك اليوم و ما قبله بـ ليلة ، ليلة تهوره الحقير ، ليلة بها عاش عمرا كاملا ليس من بعده عمر ، تسأله جدته أن يعيش مع إبنة عبد الملك كـ زوجين طبيعيين ، و كيف يفعل وهو من إعتاد اللا طبيعية في شتى امور حياته .. بغض النظر عن جبنه أمام الثانية ، فـ هو لن يتجرأ و يبدل ليلة من الخيال بأخرى واقعية ، لن يفعلها و يعيد ترتيب حياة له و حتى الآن لم ينسلخ بعد من تلك التي إمتلكت المتبقي من أيامه ، ما زال يستنشق أشياءا و يحلم بأخرى ، ما زال يرى ببغداد جرحه الغائر ، ما زال فارا من عدالة القدر ، و من عقابه !
لا لم يفر ، فهاهو يصلب بعيدا عن أرض ترعرع بها ، و أخت حارب للحفاظ عليها .. و رفاق لو دار الكون مرتين لن يجد لهم بدلا أو شبائه ، إنه يتلقى شر أعماله بـ عذابات مستمرة .. ملكه العجب عندما إستوعب وجهته ، ليكمل طريقه بـ شوق خفي حتى منتصف الفرع السكني ، كان قد إعتاد إستخدام قدمه اليسرى في الضغط على دواسة الوقود منذ شهر مضى ، فاليمنى تشوه عملها و إنتهت الكثير من صلاحياتها .. قبل أن يطفأ المحرك جال ببصره على الشكل الخارجي للبناء المشيد بسواعد ابناء مدينته ، زفر هواء صدره بملل .. لينقل انظاره الى الساعة القابضة على معصمه ، الوقت يقترب من الثالثة صباحا ، 6 ساعات قضاها بين الشوارع متنقلا ، غير مهتم بـ تزايد خطورة المصائب البشرية كلما عبر عقرب الساعة الـ 12 و ما فوقها ، هذه الساعة تبا لها !
لا تتعطل و لا تتأخر عن عملها الممل ابدا ، تكتفي بدورانها و جرهم وراءها صاغرين لحكمها الأبي ، لها عقارب غير حية و لكن قدرتها على اللدغ عظيمة ، تستطيع بث سم الحنين و الشوق جيدا في أجسادهم المريضة ، حتى تتمكن من إذابتهم ببطئ يكتم الانفس !
ركن سيارته خارج المنزل ليترجل بـ تكشيرة ألم ، حالما اعتدل واقفا مال بجسده للداخل ليجر عكازه الملازم لحركته في الفترة الاخيرة ، و من ثم رفع هاتفه و علبة السجائر ، ليغلق الباب بهدوء و من ثم يدلف منزلهم بـ خطى هادئة متفحصة ، الليل يخيم عليه ، توجع لمظهر المنزل المهجور و كإنما عقد من الزمن قد عاشت الجدران به وحيدة ، لا يؤنسها صوت بشر ! ، لا يدري كم قضى من وقت وهو جالس في الارجوحة الخاصة بأخته ، يتابع تفاصيل المنزل ، و ذبول اوراق الاشجار و تصلب جذعان النخيل ، و لكن عدد اعقاب السجائر المرمية قرب قدمه اثبت له بأن زمنا ليس بالقصير قد مر و هو هنا يحاكي الضمير به ، يحاول ان ينصف نفسه و يجنبها من الاستمرار في الاعدام الذاتي الصامت ، فهو والله لا يستحق أن يؤثم بلا ذنب إرتكبه !
أراد أن يقتص لدم أختيه فـ أقتصوا منه عمره ! .. شعر بـ شئ ما يداعب طرف شفتيه ، و كإنما ببسمة سخرية لحال آل إليه ، يجلس هنا كـ ضعيف أغبر دمر حصونه الشوق ، فيسهر ليلا يسامر اطياف محبوبته على الاطلال المحطمة ، كم هو مقيت أن يشعر بحاجته لـ ذكرى صاحبة تلك الطيوف .. و عودته لمنزلهم الكبير قد فاقمت تلك الحاجة ، فـ هاهي ذكرى وجودها المؤقت معهم بليلة منذ خمسة أعوام ، و أمسية منذ خمسة أشهر تعود لتهز به حبل التماسك ، فيتدلى هو من فوقه ، تارة يمينا و أختها شمالا ، لتصليه نار بـ ألسنة وقحة !
يا الله ،
لم يعتقد يوما بـ أنه قد يحتاج لوجود إمرأة في حياته كما هو فاعل الآن ، و المصيبة العظمى تكمن بأن من اختارها بغير قرار تقع ضمن المحضرورات ، فـ وجود لها بحياته البغيضة لأمر يتعدى المستحيل بـ أميال عدة ، هاهو يرى تلك الليلة بكل تفاصيلها و كإنما بالأمس فقط كان يرد الثأر و يقطع اوردة الوصل ، بل يمدها و لكن بشكل مؤقت ، فسرعان ما تقطعت لتسقط تلك الانثى بين اودية الجبال الشاهقات ، هناك حيث لا عين تبصرها و لا أذن تسمع أنينها كما كان يسمعه هو !
آه على ذاك الانين ، أما زالت تستخدمه كـ أداة انثوية ماكرة عند كل حاجة في نفسها ؟ أم إن مابها يدعوها لـ أنين متواصل لا حدود له ، ما حالها اليوم ؟ أما زال والدها مصرا على فكاكها منه بالطلاق ؟ إذن لم هو صامت حتى هذا الوقت ؟ لم لا يأتي بها لفض كل شئ ؟ لم هم خامدون من دون جلبة تستحق أن تنشأ ؟ حزينة هي ، أكيد هو بأن حزنها بات يتلوى بين اضلعها ، فـإعتقادا أسكنه في عقلها بأن له من الانثيات زوجة أخرى ، سكنى له ! و كإن بإستطاعته أن يتخذ حياة طبيعية ، و كإنه من الممكن أن يتخذ غيرها له شريكة في الاعاصير الجنونية ! ماذا لو قررت أن ترد له الصاع بعشرة و تفعل مثلما فعل فتستل نفسها من بين ذراعيه لـ ترتمي بأحضان اخر يوفر لها السقيا لتعود زهرة جذابة يفوح منها عطر الجمال ، أيعقل أن صمتهم سينتهي هكذا ؟ و مالذي سيفعله حينها ؟ أسيفك قيدها لترتحل و يبقى هو كما هو ؟ يؤرقه الحنين بفترات ليجئ حيث ذكراها تتركز؟ وهي تكون بذات الوقت تتقلب بين ذراعي رجل أخر ؟
رباه .. يشعر بـ شئ غريب ، رائحة إحتراق غزت خلاياه الشمية و لكنها و بعد التعرف عليها وجدت بأنها لا تمت لإحتراق النيكوتين بصلة ، بل إنها أشبه بـ إشتعال عضو حي ، لربما هي الاضلع ، نعم فيبدو أن مظاهرة عنيفة قد ثارت به ، شاعلين الاضلاع لتتوهج كـ السراج في وسط عتمة المكان ، إنقلاب لأجزاءه الحية على نظام حكمه التعسفي حل عليه ، فـ هاهو الجسد بكامله يرفضه و يلفظه بعيدا عن مملكته ، و كإنه الحاكم الجائر الذي صم اذنيه عن حاجات ابناء شعبه ، و اعمى بصره عن دمار حل بهم .. بل وصل به الامر لـ دعس التراب في افواههم ليصمتوا و ليكتفوا من الثرثرة التي لن تأتي لهم بنتيجة !
تبا ، ما الذي يهذي به العقل في هذه الساعة ؟ يبدو أن مفعول التبغ قد تركز في الدماغ و سد اروقة الاعصاب ، و وسع اقطار الشرايين ، ليأتي الدم الفاسـد من القلب محملا بترهات غبية تنافي ما إعتاد أن يثرثر به ، و هاهو اللعين المسمى بالتبغ يسيطر أكثر حتى إمتلكته رغبة عارمة لإطفاء القليل من الالسنة ، ولو بحفنة ترابية واحدة ! من كف أنثى قلبت نعيمه لـ جحيم فاخر .. وجد نفسه من دون إدراك يمد بـ رجله امامه ليخرج هاتفه من جيب بنطاله ، و بحركة متهورة فتح رمز القفل و من ثم لامس الشاشة حتى بات رقم زوج شقيقتها أمامه ! و كإنه قرر أن يستمع لطلبات الثائرين حتى يحافظ على عرشه ؟ لا يدري ما ضرب الجنون الذي اصابه في هذا الوقت المتأخر ، و كإن شياطين الجن قد تجمهروا حوله بعدما تقلص عدد البشر إثر غيبوبتهم الوقتية ، ليتهم ينهضون و لتلهى بهم الشياطين فتتركه بحاله البائس وحيدا ، تعوذ بصوت مسموع من الشيطان الرجيم ، و بزفرات متتالية .. نهى نفسه عن الخوض في منكرات المنطق ، ليغلق الهاتف بأكمله ثم يعيده في جيبه بكسل ، و كأنه إن بقي أمامه سيتهور و يفعلها !!





سألتكِ يا صخرةَ الملتقى متى يجمع الدهرُ ما فرَّقا!
فيا صخرة جمعت مهجتين أفاءا إلى حسنها المنتقى
إذا الدهر لج بأقداره أجدا على ظهرها الموثقا
قرأنا عليك كتاب الحياة وفض الهوى سرها المغلقا
نرى الشمس ذائبة في العباب وننتظر البدر في المرتقى
إذا نشر الغربُ أثوابَه وأطلق في النفس ما أطلقا
نقول هل الشمس قد خضبته وخلت به دمها المهرقا
أم الغرب كالقلب دامي الجراح له طلبة عز أن تلحقا
فيا صورة في نواحي السحاب رأينا بها همنا المغرقا
لنا الله من صورة في الضمير يراها الفتي كلما أطرقا
يرى صورة الجرح طي الفؤاد مازال ملتهبا محرقا
ويأبى الوفاء عليه إندمالا ويأبى التذكر أن يشفقا
ويا صخرة العهد أبت أليك وقد مزق الشمل ما مزقا
أريك مشيبَ الفؤادِ الشهيدِ والشيبُ ما كلَّل المفرِقا
شكا أسره في حبال الهوى وود علي الله أن يعتقا
فلما قضي الحظ فك الأسير حن إلى أسره مطلقا


إبراهيم ناجي



.
.
.






أموت إشتياقـا
أموتْ إحتراقاْ .!
و شَنقـا أموووت ،
و ذبحـا أموت ،
و لكنني لا أقُولْ مضـى حُبنـا
و إنقضـى
حُبنـا لا يمُوتْ


محمودْ درووويش





فزعت من نومها مرعوبة ، إنتفاضة هزت لها الجسد المستلقي على طوله ، حاولت أن تزدرد ريقها و لكن الجفاف اوجع لها حلقها ، ظلت تردد ' أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ' مرارا وهي تنفث على يسارها برأس يهتز ، شعرت و كإنها على وشك ان تموت ، وكإن مابها من روح قد استلت لتقف قرب الانف منتظرة الامر الالهي لإكمال المهمة و المغادرة ! الام جسدية عظمى سيطرت على كافة عظامها و العضلات ، لا تعلم كم مر من الوقت و هي تستلقي بإنتصاف على سريرها المنفرد .. صارت تدلك صدرها بشئ من شرود ، و هيئة لـ رجلها تتشكل امام انظارها في هذه الحجرة المنيرة ! و كإنها تراه حتما ، كم إشتاقته ، و الله تشعر بأن الحنين لـ عنجهيته و إكفهرار وجهه الصلب بات يعصرها بين كفيه الفولاذيتين لتسيل منها دماءا مشرئبة بسمه ! إحتضنت بطنها بحركة غريزية لتهمس من دون وعي : لو يعـ ـرف بيك بابا ، جان مخلاك ، جان اجى ، حبيبي لتنقهر ، هوة ميدري بيك ، بس يحبك .. إذا عرف رح يحبك ، بابا حباااب بس عصبي ، لتضوج منه ، رح يجي ، فد يووم يجي صدقني ماما ، حبيبـ ـي إنتتة

كانت تهذي و تهذي بـ كلمات لا يمكن لها ان تعتب شفتيها عند اي بشر غير نطفة من ذلك المتعجرف نمت بين أحشاءها لتكون منه و منها ، صغيرها الذي تنتظره بجنون هو وحده من ستسكب له من غالون الشوق كؤوسا .. و تتناوله معه ! هو ثمرة الجنون الحقيقي ، جنون اختتم بـ حفل تأبين من دماء متناثرة حول الاجساد و منها ، طفلها سيكون شجاعا ، و قد تفوق شجاعته تلك التي لأبيه ، فـ هو قد تكون في زمان القهر و الظلم و الجبروت ، خلق في قلب حمامة رغم عراك الصقور في الفضاء ، بطل هو حبيبها الصغير و إبن حبيبها الذي إختار أن يمضي بعيدا مع أخرى ، و لربما الآن أخراه تحمل نطفة منه ثانية ، لا .. إلهي ، أرجوك ، إلا إياه .. لا أريد أن تكون لي معه أنثى مشاركة ، و لكن كيف هذا يا أنتي ؟ أخبرك بأنه مضى فمالذي تفعلينه بنفسك ؟ لم لا تكفين عن إنتظار المستحيل ؟ تعلمين بأن رجلك رجل شديد و بالتأكيد لن يكتفي بواحدة لم يعش معها سوى ليلة ، ليلة نعم ، و لكنها والله ساوت قرنا بما حملته خلفها من مصائب ، و معجزات .. كـ صغيرها الحبيب !
ضمت وجهها بكلتا كفيها لتجهش على حين غرة ببكاء مرير ، تشعر بالإختناق ، يسكنها الجنون لجرعة منه ولو كانت بكلمات خبيثة تشق الروح لنصفين ، بل عشرة .. لا يهم ان مزقت ، و لا تهم إدعاءاتها بالمقاومة ، فهي لا تستطيع ، هي أضعف من أن تنساه و ما بها من جسد و روح لا ينفكان عن تذكيرها بكل تفاصيله ، لا ينفكان عن تمزيق فؤادها بشوق يسكنهما لـ إحتضانه ! فقط لو تراه ، ستبكيه و تبكيه و تبكيه حتى ذبول كافة الخلايا الدمعية و ليغيب بعدها لا يهم ، فـ حينها لن يكون لها من الدمع من مخزون ، و سيظل الحزن مالئا احداقها الجافة !
يارب ، صبرك ، عاودت الاستلقاء التام في محاولة عاقر لملامسة اجفانها لبعضها و تقليص القليل من ساعات الغياب ، فالنوم هو هروب مؤقت لمر الحال ، و هي تود الهروب ، لم لا يساعدها عقلها للغوص في تلك الغيبوبة ؟
يقال إن من يفزع من نومه و يفقد القدرة على العودة ، له من بني البشر شخص يفتقده حتى الوجع ، و بتلك اللحظة بالذات ، ألها هي ؟ أ يعقل أن يكون ما توده واقعا و يكون هو بهذه الليلة ساهرا يعتصر القلب شوقا لذكراها ؟ أم إن أحضانه مملوءة بغيرها ، فلا اسم و لاعنوان لها يمر بباله ، يا إلهي و الله تشعر بإنقباض احشاءها اجمع ، التفكير بأنه يفرغ بأي أنثى مشاعره و رجولته يكاد يجعل رحمها يلفظ طفله خارجا لشدة الهلع ! و لكن لا ، إلا هذا الطفل يارب .. دعه لي ، فـ بشدة أحتاجه أنا ، أحتاجه حتى الموت ، مادمت لن احظى بوالده ابدا ، فإتركه لي يارب .. أتوسلك يا رحيم !
البرد بدأ يدق الابواب في هذه الليالي الموحشة ، سيحل الشتاء قريبا .. و سيتراكم حينها الجمود فوق قلبها بكتل جليدية ، تحتاج للدفء ، و لن تحصل عليه و لو شاب القلب و جفت مياه المقل ، لن يمسسها دفئا يوما ، فـ هي لا تود غير صدر الـ علي ليشعلها ، و هذا الرجل أقصيها من حياته كما يقصى المريخ من ساكنيه !






مازال في قلبي بقايا .. أمنية

أن نلتقي يوماً ويجمعنا .. الربيع

أن تنتهي أحزاننا

أن تجمع الأقدار يوماً شملنا

فأنا ببعدك أختنق

لم يبقى في عمري سوى

أشباح ذكرى تحترق

أيامي الحائرة تذوب مع الليالي المسرعة

وتضيع أحلامي على درب السنين الضائعة

بالرغم من هذا أحبك مثلما كنا .. وأكثر

مازال في قلبي.... بقايا أمنية

أن يجمع الأحباب درب

تاه منا .. من سنين

القلب يا دنياي كم يشقى

وكم يشقى الحنين

يا دربنا الخالي لعلك تذكر أشواقنا

في ضوء القمر

قد جفت الأزهار فيك

وتبعثرت فوق أكف القدر ..

عصفورنا الحيران مات .. من السهر

قد ضاق بالأحزان بعدك .. فانتحر

بالرغم من هذا

أحبك مثلما كنا .. وأكثر

في كل يوم تكبر الأشواق في أعماقنا..

في كل يوم ننسج الأحلام من أحزاننا..

يوماَ ستجمعنا الليالي مثلما كنا ..

فأعود أنشد للهوى ألحاني

وعلى جبينك تنتهي أحزاني..

ونعود نذكر أمسيات ماضية

وأقول في عينيك أعذب أغنية

قطع الزمان رنينها فتوقفت

وغدت بقايا أمنية

أواه يا قلبي ..

بقايا أمنية


.
.
.

فاروق جويدة


 
 

 

عرض البوم صور حلمْ يُعآنقْ السمَآء   رد مع اقتباس
قديم 04-01-13, 10:17 PM   المشاركة رقم: 882
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو مبدع
كونتيسة الأدب النتي


البيانات
التسجيل: Mar 2012
العضوية: 240233
المشاركات: 841
الجنس أنثى
معدل التقييم: حلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالق
نقاط التقييم: 3128

االدولة
البلدIraq
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
حلمْ يُعآنقْ السمَآء غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : حلمْ يُعآنقْ السمَآء المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: أبرياء حتى تثبت إدانتهم

 



أحبك فوق ما عشقتْ قلوبٌ ولا أدري الذي من بعدِ حبي
وأعلم أن كُلِّي فيك فانٍ وعيني فيك ذائبةٌ وقلبي
وأعلم أن عندك من يُنادي خفيّاً هاتفاً وأنا الملبي
وأعلم أن حبي ليس يشفى وبعدي ليس يُجديني وقربي
ولما لم أجدْ للحبِّ حلاّ هتفتُ به كما. يرضيك سِر بي!
وخذني حيث هي لا تسلني لأية غايةٍ ولأيِّ دربِ!


إبراهيمْ ناجيِ





إستحضارك في الذاكرة خطيئة بريئة ، خطتها غادة السمان ، و أدركها هو حينما صار يفيض بالخطايا ، تلك التي قد تكون إسم على غير مسمى ، فـ بربكم يا أنتم إنصفوه و إخبروه إن كان ما يفعله بلا ارادة منه يعتبر من الظلمات أم إنه برئ ، إعدلوا بحق لوعته و حرمانه ! إعدلوه بإنسانيتكم و إنسانيته ، !
كم كان حقيرا حظي ، حين رماك القدر يا عمري على شاطئي ! كم كنت تعيسا و بائسا و ميت ، ليدركني التعلق بـ امواج قادمة من جزيرة مسلمة ، تمر الأيام راكضة و تهرول معها العواطف نحو هاوية الضياع أكثر فأكثر ، إقترب كثيرا من المنحدر ، بل هو قد تاه من قبل أن يتدحرج من علوه ، منذ أن قوبل بـ تحقيق رفيقه الاخرق قبل ثلاثة أشهر من الآن و هو يعيش بحالة مستعصية من الكتمان المتغذي على الروح بداخله .. يحاول صدقا أن لا يسمح لها ان تطئ صخوره اللينة بـ مياهها الهائجة كمن يستقصد ان يذيب تلك الاحجار و يساويها مع رمال البحر ، لتجرها معها بعودة تلك الامواج سريعا من حيث مصدرها من بعد أن تنتهي مهمتها بـ الخلاص من مقاومته .. تنفس بعمق و هو يجاهد بتركيز انظاره على الشاشة الالكترونية الماثلة أمامه ، عمل طويل بإنتظاره اليوم ، وعليه السلوى قليلا عن جنون القلب !
و هو على حاله ، يسترق من عقله القليل من الاهتمام لـ ترتيب الجداول التي بين يديه ، شعر فجأة بتقلص عضلات صدره ليغص بالنفس بشكل عنيف ، فينفلت منه سعالا حادا ، كل هذا إثر رؤيتها تتمخطر من امام مكتبه مع ذلك الابله و ترافقهما فتاة أخرى .. اليوم فقط كره أن يكون لغرفته نوافذا تطل على الرواق ، تبا للمهندس التعيس ، بل سحقا لهذه الشركة بأكملها ، فـ لولاها ما كان سيهبط نحو قاع الخطيئة البريئة كما هو الآن
نقر على بابه جعل رأسه المطرق يتابع لوحة الجهاز المحمول يرتفع ليقابل بطلتها البهية ، مالذي تفعله هنا ؟ أما إكتفت بالاوردة و الشرايين و حجرة القلب ، و فوقهم اروقة الشركة لتأتيه هذه المرة فتضيق عليه مكتبه ؟ يا إله السماوات ، إرفق بي !
كانت تقف قرب الباب الذي شرعته بيديها الخبيثتين ، لتمسك وكرته مميلة برأسها قليلا بحجة المشاكسة ، و لكن ما إن رأت الجمود بنظرته المنصبة نحو ما بيدها إعتدلت و حاولت أن يبدو صوتها رسميا : هممم ممكن أدخل ؟

هز برأسه موافقا ، لتفعل تاركة الباب خلفها مفتوحا ، فتقترب من مكتبه حتى إستقامت امامه كـ طفلة صغيرة تنضح من نظراتها البراءة و الذنب : عفية الن عندي طلللب ، و أدري رح تقول هاي شقــد استغلالية بس حبااب ماعندي غيرك هنا ، و إنتة دائما تقلي شتريدين قـ ـ ـ

: إحجي شتريدين ؟

جف حلقها و اكيد هو من ذلك ، أطرق برأسه ليرفع هاتفه من على المكتب متظاهرا عن خيبتها بالانشغال ، كان يختلس نحوها نظرات صغيرة كل حين ، ليشاهدها تتراجع بخطواتها نحو الخلف ، ثم أتاه صوتها المهتز معبرا عن حالها المصدوم : إحم ، لا هيجـ ـ

هذه المرة عاد ليتابعها بدقة و نظرة حادة بلا إرادة منه تشتعل بمحجريه بعد أن رمى بالهاتف امامه ناطقا بـعد تنهيدة : قولي شتريدين وفضيني .. عندي شغل اريد اكمله

كان صارما يعترف ، و لكنه يودها ان تبتعد ، قربها يكوي به الخلايا ، ماعاد به صبر ، و وجودها مع ذلك الاخرق الغبي قد أحرقه اكثر ، هو رجل و يستطيع بنظرة واحدة ان يكشف معاني النظرات الرجولية .. و يسكنه اليقين بأن ذلك الشاب المندفع يحمل لها بذرة من إعجاب ، بذرة عليها أن تموت من دون ان تزهر ، يارب .. مالعمل ؟ لن يفعلها و ينحر شرف هذا الاخر ، يكفيه ظلما نطقه بحق الظابط من أجل أن يبعده ، مالاجدر لفعله الآن ؟

: هيجي ما اريد ، اصـلاا الشغلة مو الي ، سوري اخرتك على شغلك

أوقفها بـ حدة و أعصاب تشتد لتغتسل بـ دم مغلي ، لو كان الامر بيده لإعتصرها الآن على مدى الغباء الذي يملأ رأسها هذه الصغيرة : مييييس

كانت توليه ظهرها ، لتقف احتراما بعد اذ ناداها ، و من ثم إستدارت بشئ من ضيق يطفح من الملامح العابسة ، ابتلع ريقه بخفوت لينطق : شتريدين ؟

: ما اريد

: خلص أني أسف ، جنت معصب من شغلة ، هسة قوليلي شعندج

: ما عندي شي صدقني ، هاهية ميحتـ ـ ـ

: ميييييس

شعر بأن الدموع على وشك الهطول من حلوة المآقي ! تبكي بسببه !! وخزه قلبه ليهمس بغير ذي مقاومة : شبيج يمعودة ؟ دا اتشاقة وياج ، والله أسف

جيد ، بل ممتاز .. هاهي البسمة الخفيفة ترتسم فوق شفتيها ، إبتلع ريقه مرة أخرى ليغض ببصره و الدم فار برأسه و القلب ! كح بخفة كي يتمكن من إستنطاق اللسان بشئ منطقي : يللا خاتون شعندج ؟

اتسعت بسمتها لتغمره راحة لا تصدق ، لتتقدم مجددا بالخطوات الرتيبة .. و من ثم تطلب طلبها المشؤوم : اليوم حسن إشترى سيارة جديدة و يريد ياخذنا كلنا لـ صاج الريف ، أني والبنات كلنا خابرنا اهلنا و قبلوا نروح ، لإنو رح تجي ويانة ام محمد ، بقى هسة بس المديييير ، حباااب قله انتة نريد اجازة زمنية ساعتين و نرجع الله يخليييك

ليته تركها تبكي ، و الله افضل !
توترت لطول صمته ، لتتدارك رغبته بالرفض بـ إستجداء طفولي : الله يخليييك ألن والله ضايجين .. و بعدين حتى شغل ما عدنا ، و خالة ام محمد همين جايبة جهالها يعني الطلعة حتصير حلوووة

نعم حلوة ، مادام الاحمق حسن هو الحملدار فبالتأكيد ستسعدين يا صغيرتي .. تبا لعمر كيف اعطاك الموافقة ؟ الغبي .. و لكني لست هو ، لن أسمح لك و إن غرقت ببحر ادمعك يا مدللة
بإقتضاب رفض و عاد وجهه ليتجلد بـ غطاء من نحاس : مرح يقبل .. لو طلعتكم ضرورية جان حجيت وياه بس شأقله هسة رايحين مطعم ؟ إنتو بدوام رسمي و المفروض محد منكم يفكر يطلع لحدما يخلص الوقت ، أبقو لـ 3 وراها بكيفه خل ' ياخذهم ' وين ميريدون

هجومه اخرسها ثواني ، ثم علقت بتوتر واضح : زين حاااول ، قله انو رايحين لابو محمد رجله مكسورة و دنسوي واجب ، حباب اني قلتلهم عندي واااسطة و وااسطة .. لتخذلني

: ما شاء الله و معلميج حتى الحجة

لتبتسم بـ شقاوة محببة لقلبه و من ثم تردف : و على فكرة اني كاااتلة روحي عالطلعة لإنهو متفقة وية صديقاتي هم كل وحدة رح تطلع من دوامها و تروح للمطعم حتى نتشاوف هنااكة .. و الله صار زمان ممتشاوفين
لتستدرك بمشاكسة : و ها اي صدق ، ترة اماانداااا هم موجودة ، إذا تريد تعاال ويانة ههههـ ـ

: ميس طلعي و سدي الباب

إستغربت و تلاشت البسمة من على ملامحها ليحل محلها إستغراب طفيف : أها اوكي ، سوري

و قبيل أن تخرج طلت عليهما المدعوة بأم محمد ، لتحاكيها بـ مرح : هاا هسة واسطة منوو فاادت ؟ إنتي قلتي تقولين لالن و اني قلت لقول للمدير ، و الرجاال مقال لأ ، فـ هاهية غداية ' غدائي ' عليج

لتستدرك محدثة ألن الصامت بوجه ينذر بشر مكتوم : هلااووو ألن شلونك عيني ؟ مشفتك اليوم

هز برأسه من دون أن ينبس ببنت شفة ، لتدلف الاخيرة ذات العمر الخمسيني الى المكتب فـ تستفسر عن ضيقة ملامحه : خير خوماكو شي ؟

شعر بأن الصغيرة على وشك ان تشكيه لتلك المرأة اللطيفة ، و لكنه قطع الاحتمالات بأن أجابها بإقتضاب : ماكو شي ام محمد بس دايخ بالاضبارات

: يووو الله يسااعدك ، والله يا امي جان قتلك عوفهم اسويهم بس قلتلك مياسة نريد نطلع ، و مكاانك رح يخلى صدق ، إذا تريد عوف كلشي و تعـ ـ

: روحوا الله وياكم ، و ديري بالج على البنات

: البناات بعيوننا لتخااف ، و إذا قصدك على مياسة فهاي بالذاات لتخاف عليها اذا مو عيني تشيلها فـ اكو عيون كااتلة روحها عليها هههههه

جمد محله لينقل بصره نحوها بحدة ، فتفاجئه نظرتها المستغربة الثابتة على ملامح المرأة ، كاد ان يختنق ، فـ قرر أن يحفظ أنفاسه من التلاشي : ديللا الله وياكم ، بس ميس ابقي انتي رايدج بشغلة

فهمت منه ام محمد بأنه يود التفرد بـ الشابة لإلقاء بعض النصائح على اسماعها ، فهي شقيقة رفيقه ، تركتهما بناءا على طلبه ، و حالما اختفت تحدث هو بإقتضاب : إنتي لتروحين ، عندي مية شغلة و اريدج تساعديني

صمت ران على المكتب ، لا يتبدد سوى بحركة عقارب الساعة الجدارية ، لتتحدث بعد برهة : بس أني ما اعرف شي بشغلك ، أصلا اني بغير طابق شلون اساعـ ـ

بتر اعتراضها بـ نظرة استنكار اصطنعها : يعني كل مرة تطلبين مني مساعدة اسويها ، و هالمرة الوحيدة الي طلبت منج تعتذرين ؟ و بعدين شغلي مو صعب تعرفيه

: بس أني اريييد اروووح

: ماكو روحة !

: زين لييييش ؟؟؟ خابرت ماما و قبلت و الله .. حتى ما رح نتأخر

: قتلج ماكو روحة و بلا نقاش ، عندي شغل لتأخريني
قالها وهو يستدير بجسده على المقعد الدوار لتعود انامله لتتلاعب بالازرار المثبتة امامه .. و كإنه هكذا رفض اي نقاش في الموضوع ، يعلم بأنه تمادى ، و بأنها تستنكر و بشدة ما يفعله ، فهو ليس بقريبها ، و لا حتى مديرها ليمنعها من الخروج ، شعر بأنها اطالت في مدة صمتها ليعلق من دون ان يعيد انظاره نحوها : جايبة وياج فلاش ' فلاش رام ' ؟ حتى احطلج الاشياء الي تحتاج تعديل و أعلمج شتسوين

اجزم على بقاءها و عملها معه ! فلتبك او تصرخ او حتى تمت ، لن تخرج مع من سيضعها نصب عينيه إهتماما ، لن يفعلها ! كان قد سخر بجملته الاخيرة بتعليق مبطن على احضارها حقيبتها معه و كإنها كانت على ثقة مسبقة بأنه سيقنع المدير بخروجهم !

: زين و صديقاتي ؟

: خابريهم قوليلهم خلي يروحون للمطعم عالعشا ، و اني اقول لعمر ياخذج بالليل مو مشكلة ، على الاقل طالعة وية اخوج مو وية من هب و دب

: ترررة الولد خوش ولد و احنة كومة رايحين قابل بس اني

: ميييييييس ، قتلج بالليييل روحي وية اخوج

: بس اني اريد هسسسة

هذه المرة كاد ان يصهرها بنظرة سريعة وتحمل من الحدة مفهومها الكامل و هو يعتدل بجلسته ليواجهها : ليش يعني ؟

قبل ان تجيب تدخل شخص اخر ، و لم يكن غيره ، ذلك الابله ، حسن ! : يللا ميييس دنروح ، ها هلاو الن شلوونك ؟

: زين

راقب تمللها في الوقوف فصارت انفاسه مسموعة لكليهما و هو يأمرها بإسلوب شديد : يللا بسرعة جيبي الفلاش ، ساعة و اريـ ـ

ليقاطعه الشاب مستغربا : شنو الن ؟ مـ قلتلك عدنا طلعة ؟

بإقتضاب اجاب متظاهرا بالعودة لشاشته ، و بنفسه قهرا يود الافصاح عنه بتحطيمها او بتحطيم رأس ذلك الاحمق : اخوها ميقبل تطلع ، روحوا انتوا ، توكلوا

: بـ ـ

هذه المرة حرك رأسه نحوه ليرفع حاجبا و بتحدي نطق : بس شنو ؟

: هية خابرت امها و قـ ـ

: أمها قبلت بس اني خابرت اخوها و قال لأ ، يللا انتو الله ويااكم

كانت تقف بقدمين تلتصقان ارضا لشدة المفاجأة ، إنه يتفنن في العبث بهم بـ أكاذيب ليس إلا ، ما باله اليوم ؟ كل دقيقتين يتبدل حاله لأخر و تنعكس تصرفاته بطريقة مريبة ، و لم لا يرتضي لها المغادرة ؟ أ يعقل أنه يعلم سوءا بحق حسن ؟ و لكن الاخير شاب مستقيم و لطيف ، لا يمكن ان يحمل ذرة من الافعال الشائنة التي قد تكون سببا في الجفاف و الحرص المتبع من قبل ألن !
الانزعاج ظهر عليها جليا و هي تتحرك نحو مكتبه لتعبث في احد جيوب حقيبتها حتى اخرجت ما اراده ، لتقدمه له بحاجبين متعشقين حنقا ، لم يهتم لغضبها ، بل زفر راحة حينما خلا المكان من ذلك المندفع ، لم يحاول ان يبادلها الاحاديث ، اتمم نقل المهام ' البسيطة ' التي يود ان تساعده بها ليسلمها الـ ' فلاش ' بعد ان شرح لها بشكل مقتضب ما يحتاجه !
دقائق فقط مرت على خروجها ، ليفاجئ من جديد بإزعاج أخر ، كان سببه الاحمق ذاته الذي دخل عليه بهيئة جادة ،و سحنته متشبعة توترا ، بادر بسؤاله حالما اتخذ الاخير مقعدا له : شو مـ رحتوا ؟

ليأتيه صوت الاخر بربكة واضحة للعيان : بصراحة ، أني الطلعة كلها مسويها لخاطر ميس !

: نعععععم ؟؟

ليتدارك حسن اي اعصار قادم بهوجاءه : لحظظظة على كيفك ألن ، أني ناوي على شغلة جدية والله شاهد
اكمل بـ هدوء متذبذب : ألن دخييلك همتتك وياية .. أريدك تقول لاخوها و تجسلي نبضه ، ترة اني شاااري والله العظيم شاريها للبنية ، هية اخلاق و تربية ما شاء الله الشركة كلها تحجي بأدبها و بصراحة اني عاجبتني بس اريد الوقت المناسب حتى اتقدم ، و هسة دا اشوف انو انتة علاقتك بأخوها قوية فياريييت توقف لاخوك حسن و تبشرني بخير ،و إنتة تعرف عني كل شي و اذا رادوا يعرفون شي ثاني يتدللون من عيني ، و ياريت مـ تتأخر بالرد ، لإنو جديات مدا اقدر اصبر بعد !


ويلات لقلبك ايها المسيحي ، وابل من الكرات المشتعلة تضرب بجسدك الراسخ بأرض الاستسلام ، تتحمل منهم كدمات صخور و حروق من اللهب ، و عليك أنت تصمت ، فإبنة حيكم و شقيقة رفيقك مسلمة يا ولدي ، و طريقك نحوها مســدود وربك ، فـ كف عن النبش في ارض الاوجاع و غرس اصابعك في تربتها ، فلا خاسر غيرك هنا !


جلست والخوف بعينيها
تتأمل فنجاني المقلوب
قالت يا ولدي لا تحزن
فالحب عليك هو المكتوب
يا ولدي قد مات شهيدا
من مات فداء للمحبوب
يا ولدي
بصرت ونجمت كثيرا
لكني لم أقرأ أبدا فنجانا يشبه فنجانك
بصرت ونجمت كثيرا
لكني لم أعرف أبدا أحزانا تشبه أحزانك
مقدورك أن تمضي أبدا في بحر الحب بغير قلوع
وتكون حياتك طول العمر كتاب دموع
مقدورك أن تبقى مسجونا بين الماء وبين النار
فبرغم جميع حرائقه
وبرغم جميع سوابقه
وبرغم الحزن الساكن فينا ليل نهار
وبرغم الريح .. وبرغم الجو الماطر والإعصار
الحب سيبقى يا ولدي أحلى الأقدار
يا ولدي
بحياتك يا ولدي امرأة
عيناها سبحان المعبود
فمها مرسوم كالعنقود
ضحكتها أنغام وورود
والشعر الغجري المجنون
يسافر في كل الدنيا
قد تغدو امرأة يا ولدي يهواها القلب
هي الدنيا
لكن سماءك ممطرة
وطريقك مسدود مسدود
فحبيبة قلبك يا ولدي
نائمة في قصر مرصود
من يدخل حجرتها .. من يطلب يدها
من يدنو من سور حديقتها .. من حاول فك ضفائرها
يا ولدي مفقود .. مفقود
ستفتش عنها يا ولدي في كل مكان
وستسأل عنها موج البحر وستسأل فيروز الشطآن
وتجوب بحارا وبحارا .. وتفيض دموعك أنهارا
وسيكبر حزنك حتى يصبح أشجارا
وسترجع يوما يا ولدي
مهزوما مكسور الوجدان
وستعرف بعد رحيل العمر
بأنك كنت تطارد خيط دخان
فحبيبة قلبك يا ولدي
ليس لها أرض أو وطن أو عنوان
ما أصعب أن تهوى امرأة يا ولدي
ليس لها عنوان.



نزار قباني



.
.
.











تحركي خطوةً.. يا نصفَ عاشقةٍ

فلا أريدُ أنا أنصافَ عشاقٍ

إن الزلازلَ طولَ الليل تضربني

وأنت واضعةٌ ساقاً على ساق

وأنت آخر من تعنيه مشكلتي

ومن يشاركني حزني وإرهاقي

تبلّّلي مرةً بالماء .. أو بدمي

وجرِّبي الموتَ يوماً فوق أحداقي

أنا غريبٌ.. ومنفيٌ.. ومستَلَبُ

وثلج عينيكِ غطّى كل أعماقي

أمن سوابقِ شعري أنت خائفة

أمن تطرُّفِ أفكاري، وأشواقي

لا تحسبي أنّ أشعاري تناقضني

فإنَّ شعري طفوليٌّ كأخلاقي...




نزار قباني



إنتهى اليوم المتعب ، و معه الإسبوع ، و هكذا أتمت الثلاثة أشهر منذ أن أحتجزت في القفص الذهبي ، لم تظن يوما بأن غذاها في ذلك القفص سيكون من أشهى و ألذ الموائد الدنيوية ، فـ خليط من مقتطفات أروع الأشجار بأطيب الثمار و احلاها كانت تملأ بطن جوعها للعناية اكثر من الثلاث وجبات يوميا ، أما السقيا فـ كانت كـ مياه أصفى الخلجان و الينابيع ، يغرفها لها خاطفها بكفه الكبيرة ، و قلبه الأكبر ! من أجمل فصول حياتها تلك الشهور كانت ، بأدق تفاصيل العروس الشرقية تزينت ، و بـ أعظم صفات العاشق العراقي اكتملت ، نجح شبل والدته بـ دق عنق غرورها بعد كفاح دام لسنين ، إصطبر لينالها اخيرا راضية و قانعة .. و فوقهما سعيدة !
لا يكدر صفو جوها سـوى هذا التوعك الغريب ، لا تود تصديق ما تظنه والدته أبدا ، فـ ما زال الوقت صبيا لأن تنتفخ بطنها بـ شقي يشابهها و أبيه ، ما زالت طفلة على ان تكون اما ! كانت قد أحكمت اغلاق ازرار البالطو الثقيل على جسدها النحيل ، لترفع حقيبتها من على احد الرفوف بعد أن تلقت إتصالا من شبل كفاح خانم يخبرها به بأنه قد وصل ! حملت حقيبتها على الذراع لتدخل كفيها في جيبي البالطو فتنفخ من فمها بخارا باردا ، ما زال الوقت مبكرا على هذا التجمد ، و لكن يبدو أن شتاءنا هذه السنة محملا بأعاصير من البرد المثلج .. القت تحية الوداع على دكتور صادق ، الصيدلاني ، ليلقنها الاخير سلاما يبعثه لـ ' زوجها ' ، لم تستطع دفن خجلها حتى هذا الوقت ، فما زالت بنظر الجميع عروسا !
تحركت خارجة من البناية بـ خطى بطيئة ، فـ تفاقم شعورها الغريب بالتوهان ، لتكشر ملامحها إثر غثيان مفاجئ شعرت به .. و لكنها نجحت اخيرا في التماسك ، في طريقها الى الشارع الفرعي حيث إعتادت أن ينتظرها عمر فوجئت و جدا بـ وقوفه خارج السيارة ، برفقة مدللة أبيها ، يارب ، إن هذه الغبية لا تكف عن ملاحقة المستحيل ، كم من المرات عليها أن تراهم سويا لتدرك خسارته ؟ و لكن من مثلها يسكن رأسها العناد ، و تعيش حياتها كيفما تود دوما ، فـ كل أمر ترغبه لن يستعصي عليها بوجود من يتذيل إسمها بإسمه ! يال سخافتها ، إن ظنت بأنها ستفلح بـ عمر و لو بعد مائة عام .. و لكن ما هذه الثقة يا لينا ؟
قد تكوني مخطئة و قد يغرر الشيطان بـ زوجك ليوقعه في وحل الخيانة ، فـ بوجود أنثى كـ هذه الياسمين اشد الرجال عشقا لنساءهم قد يتلاعبون بذيلهم عبثا .. إلا إياه ، و من مثله ممن يخافون الله و يزهدون في دنياهم قبل مخافتهم من بنات حواء ، ثقتها به تكمن بثقة تسكنها لـ إيمانه ، تعلم جيدا من هو عمر ، و لن تستطيع شياطين الدنيا من ان تشوش صورته النقية بعينيها ، و لكن بالطبع هي كأي أنثى غيرها ، و رؤيتها لـ لبوة جذابة قرب أسدها يعتبر خطرا فادحا ، و خدشا لكرامة لا ترتضي لها الميلان !
أخرجت كفها من جيب معطفها لـ تبطئ سيرها بـ قصد ، عبثت قليلا في حقيبتها لتخرج هاتفها و تتصل بعجل في احد الاسماء الموجودة بـ كرم في سجل المكالمات ، دقائق قصيرها و من ثم وصلها صوت رفيقتها الحبيبة ، لـ تهمس بها غيظا : هلاو سوسو ، بسررررعة احجيلي نكتة

: نعععم ؟ لييينا شبيج حبي مصخنة ؟

: ووجع رسل الغي ؛ قولي اي نكتة اريد أضحك

: ههههههه تضحكين على شنو ولج ؟ لييين قلبي شكوو ؟ ترة دا اشك بسلامة عقلج من يوم عرسج و انتي مضيعة الاول من التالي ، فهميني شـو بكي ؟

: الحمارة الي اسمها ياسمين مناوية على خير

: ههههههههه وبدينا نغاااار ، نيااالك يا عم عمررر

: وووووجع و سم و زقنبوووت ان شاء الله بقلبهاااا كافي ضحك انتي اللخ بلا سخاافة و فهميني شأسووي هســة ؟

: ههههههه لج عزززة صرتي نصبة ' مسخرة ' ، ولا انتي لينا العاقلة الثقيلة أخر عمرج تصيرين هيجي مااايعة ' ذائبة ' بعمر و بحب عمر

: حبتج حيية .. هذا مو حب ، بس أنانية و تملك ، غصبا ما على هاي ام كفشة تقتنع انو هالانسان مو الها ، و أخاف عبالها اني اسكت قدامها يعني ممفتهمة حركاتها الئررعة

: هلاو عيني صايرة مخيفة الاخت ، سمعيني حبحب ، أني حاليا وااقفة بالحمام لأنو الوحااام موتني و كل شوية اذب من راسي ' أتقيأ ' ، فتوقعي حالتي هسة ، يعني ابدااا ما اقدر افيدج بالمخمخة حاليا ، بس قوليلي إنتي حضرتج ليش تريديني اضحكج ؟

: حتى ابينلهم انوو مدايرة بال ' غير مهتمة '

: همممم ، اوكي خطوة حلوة ، بس ياثووولة لازم تبينين هالشي بس الها .. يعني شوفي هسة تروحين توقفين يمة و تذبيله كم حجاية حلوة تخليه يدووخ و ينسى اسمه ، هاي قدامها بس ، انما اول متصيرون وحدكم ما اوصيييج

: لا عيني لتوصيني ، خلي يصطبرليييي الادبسززز ' قليل الادب '

: ههههههههههه لا لا لا الغيرررة مموتتج حياتي

: أكلي *** .. يللا قربت يمهم ، ولييي و صدق عيني عليج باردة بس هاي دتذبين من راسج وعقلج هيج يشتغل لعد ليش بالحالة الطبيعية مجيم ' مغلق '
لم تستوقفها ضحكة الاخرى بل اتمت حديثها بملل : بعد كلما اريد شي اخابرج و انتي فوتي للحمام و اتحفييني

: هههههههههه يا حيواانة ، يارييت لعد يحترق قلبج اليوم من الغيرة

: هم اكلي ***

: و تقول ما احببببببه ههههههههه ، إييي جدااا متحبيييـ ـ

أغلقت الخط قبل ان تتم رفيقتها جملتها لتتمتم بقهر واضح : شقد سخيفة

ما إن دنت حتى إلتفت حدوها لـ تتلافى التقاء انظارهما ، إكتفت بـ التحية ببسمة خفيفة حالما استقرت واقفة بجانبه : مرحبا .. همم هلاو عمور

شعرت بتنهيدة افلتها بلا ادراك و من ثم داعبت اسماعها حروفه الجميلة بهمس اجمل وهو يلتفت بكامل جسده نحوها : هلاو عمري ، اليوم تأخرتي !

أ جبرها على ان تجر بنظرها نحوه ، و لكن التجهم غطى ملامحها لترفع حاجبها بتهديد ، أشعل موقدها اكثر بضحكته المشاكسة وهو يغمز بيسار عينيه و غضبها يستنطق به الضحك فقط ، عضت شفتها السفلى بـ قهر لتسكته بقرصة على ساعده فـ سحب يده بعيدا و الضحكة الرجولية ما زالت سببا في ذبول اوراق الياسمين ، تلك التي قرأت الغيظ الانثوي بـ حركات اللين ، لتكتفي بجرعة اليوم من العقار المجهض لكل انثى من حياة عمر : أوكي عمر ' عيوني ' ، اليوم اسأل لك بابا و نتخابر ان شاء الله ، بس انتة هم إسأل و انطيني خبر عن اي شي وصلتله حتى اعرف شلون ارتب الشغلة ، يللا اروح اني ، سلملي هواية على خالة و البنات !

كانت تتابع حركاتها المغرية بـ حاجبان يقتربان من الالتصاق بـ مقدمة الحجاب ، إن هذه الغبية بدأت تتمادى فعليا ، و عليها ان تستخدم مكابحها فورا لئلا تصطدم بواقع يجعل منها بقايا من انوثة مشوهة ، تودها حرب اناث تلك الحمقاء ، و كإنها ستنجح في الفوز عليها ، و النبل بـ سدس إهتمام من قبل عمر ، لم تستمع لرده ، فبالفعل كانت صامتة و مصدومة من دروب الوقاحة العارية التي اصبحت تسلكها ابنة مدير المشفى !

ما إن اولتهم ظهرها لتبتعد ، جرت بأنظارها نحوه ليبتسم لها مداعبا : شلوونه الحلو ؟

لم تجيبه بشئ ، و اكتفت بالاستدارة حول مقدمة السيارة لكي تصعد في مقعدها المجاور للسائق ، شعرت بملاحقته لها بتلك النظرات الطويلة ، و لكنها اكتفت باللا اهتمام ، و حالما استقرت في الداخل تبعها هو ليتحدث و الابتسامة تضيف لمستها البراقة على حروفه : زعلان الاشقر ؟
ي حلووو على كيفك ويانة !
يمعوود ابو الغيرة .. يعني متعرف مكانك بالقلب ؟
ألوووو ، حبيبي موجود ؟
هههههههههه ، مو كااافي ؟
لج مشتااااق لصووتج احجي
لييين قلبي .. حبيبي ؟ عمري ؟

بتنهيدة صدرت من اعماقها التفتت لتتحدث بجدية : ممكن تسكت ؟

آثر امتصاص ما بها من غيظ بشقاوة عاشق : لأ مو ممكن .. انتي الي ممكن تحجين ؟

لتقلده : لأ مو ممكن

إبتسم فنطق : زين مو كافي دلع

بذات الاسلوب اجابته : لأ مو كافي

ليرفع حاجبه بإستنتاج باسم : يعني هذا دلع ؟

زفرت غيظا لتستدير حدو النافذة : لأ ،

بذات الابتسامة اكمل لعبته : لعد شنو ؟

: مو شي

: لعد شبيه الحلو زعلان ؟

: ماكو داعي تسأل و انتة تعرف الجواب

: فدوة للغيراان

: مووووو غيراااانة

: لج اموووت علييج والله
الوووو ؟ رجعنا حولنااا عالصاامت ؟ زين ماكوو امووت عليك اني هم ؟ زين يابة بعيد عن الموت ماكو احبك ، ؟ زين اعزك ؟ أي كلمة منا منااا ،، راضين بحكمكم احناا

: أكرهك

: ههههههههههههه

: عمرررر كاافييي ضحححك ، جديااات اكرررهك ، و لاااازم تحط حد لهاي اللوقية الادبسززز لأن بدت تنرفزنيييي

: هههههه ، أوكي اسف اسف ، بس دقيقة اذكرج مو انتي جنتي حاجزتلها الرقم الثاني ، يعني ضرتج الثانية

: والله رااسي يوجعني ما اقدر اتعاارك

: إي الحمد الله يعني اليوم رح اقدر للسانج الطويل

: الحمد لله راسي يوجعني ؟

: ههههههه شقد خبيثة

: تضحك و اني احتمال امووت !!

: ليييين ، لتصيرين سخيفة ، دنضحك و نتشاقة لتقلبيها نكد

: لا عيني ليش تتنكد وهستووك ' للتو ' شايف بنت المدير

: لج والله اموت عليج من تغارين

: مووووووووو غيررررررة

: مااااشي مااشي مو غيرة بس حب ،
رجعنا سايلنت ، ههههههههه

: إمشييي الناس كلهم هسة يقولون شبيهم ذولا واقفين !!

: ما امشي قبل متكوليلي شقد تحبيني

: قتلك اكرهك

: أني هم اكرهج على فكرة
جديات اكرهج
قررت احب غيرج
عرفتي منو ؟

: عمرررررر امشييييي

: هههههههههههههه هاي الي راسها يوجعها و متقدر تتعارك ، والله لسانج اطول منج

: بعدني اكرهك

: و اني بعدني اموت عليج ، ههههههههه لج والله تخبلين من تطنقرين !




.
.
.







صرخات متتالية تنبعث من الغرفة الموصد بابها ، فـ شقيقتان و والدة تتناوبن في الدخول و الخروج مهرعين طلبا لتوافد الممرضات بأمر من الطبيبة ! يقف هو قرب احد النوافذ يولي الرواق و من فيه ظهره ، يشد بيده خيط المسبحة السميك مع كل صرخة يستنطقها وجع هشم عظام صغيرته .. المدللة تتعذب من أجل ذلك الجرذ و ولده ، حبيبته لم تحتمل بطنا منتفخة و صغيرا خبيثا ينبت بها سوى سبعة أشهر ، أنينا تصدره لقسوة الالم و شدة الارهاق .. ثوان و تعود الصرخات لتعلو من جديد ، هذه اولى الولادات التي يحضرها ، لم يحتمل يوما أن يعيش هذا الوجع و الرعب ، ماذا لو حدث لطفلته شئ ؟ ماذا لو لم تجتاز وقع الوجع ؟ ماذا لو ادركها الموت من دون أن يحتضنها حية ؟
لا يارب .. أطل بعمرها ، يسر عليها ولادتها يا ميسر ، قها من الالم يا رحمن .. إرحمها ! إنعكاس صورته في الزجاج الذي يقابله اكد له بجدية بأن الرطوبة التي يشعر بها فوق ملامحه لا تعزى لبرد الاجواء ، بل هي دمعات هلت خوفا و الما لحال اخر عنقوده ، و كيف له أن لا يتألم لأجلها ؟
تبا له ذلك الجرذ الحقير ، سلب منها كل شئ .. دمر لها حياتها و احلامها و نفسيتها ، و ها هي الآن تعيش أعظم انواع الوجع الجسدي لاجله ايضا ، سحقا لمن كان سببا في إنزال دمعة من احداقها ، تعسا للجميع وهو من ضمنهم ! رفع كفه المرتعشة حتى وجهه ليكف من على قناعه البارد اثار الانصهار الابوي ، و لكنه لم يستطع المقاومة أكثر ، شعر بدموعه تهطل اكثر عن ذي قبل .. حتى غص ببكاء صامت ، حاول جاهدا ان لا يصل أثره لـ صهره الجالس على بعد مترات منه ، و بغفلة من إنتباهه لـ صراخات بنيته ، تعالى صراخ من نوع اخر ، بكاء لـ طفل أتى الدنيا لتوه ، ليفاجئ من كونه وحيدا من دون أب !
لا ما زال الوقت مبكرا ليفهم معنى الاب ، فيفتقد وجوده ، و لذلك الحين ، كان الله بعونه و والدته ، إستدار الرجل الكبير بسرعة بعد ان ارهف السمع للجلبة الحاصلة في الداخل و الخالية من صوت إبنته ، ليزأر بـ غضب و قدماه ثبتتا مكانهما لشدة الرعب : سوووســـــن

ظهرت امامه الوسطى اللاهثة ، لتضحك بين نحيبها الواضح : جااابت بابا جاابت بنيـ ـ ـ ـ

هاج بها ثائرا : شعليييية ببت الكلللب ، بتتتي شلووونهااا ؟ ليييش سكتتت ؟

: ما بيها بابا لتخااف ، بس تعبت و هدأت ، لتخاف ، بس بابا الطفلة لاااازم تبقى بالمستشفى لازم يدخلوها بالحضانة .. والله ميصير نرجعها للبيت و هية بت 7 شهور

: وين متبقوها بقوووها .. و اذا ماتت و خلصتنا من همها بعد أحسن !

: عمو قووول يا الله

كان عبد الله من نطق معترضا وحشية هذا الرجل ، و كإن به عودة لزمان الوأد الحي للبنات ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، رغم طريقا مستقيما بات يسلكه قاسم .. إلا إن شياطين الجن جميعا تتراصف بكتائب من جيوش حقيرة لتغزو عقله حالما يذكر علي و مصائبه !
تحرك قاسم من امام ابنته و زوجها عندما خرجت الطبيبة من الغرفة ، ليأمرها بـ تفاوض : دكتورة مو تنسين اتفاقنا

لتجيبه تلك بلهجة اردنية : لا ، ما تخاف ابو زينة ، كلشي بدو يصير متل مبتريد ، بس انتة اصبر عليي كمن يوم ! بتعرف انتة الي طلبتو كتير صعب

لاقت اعتراضا شديدا من قبل عبد الله و زوجته ، ليسكتهم بجدية : باعو ، كلممممة وحدة زايدة و اخذها لبت الكلب منكم و تحلمون بعد تشوفوها ، فـ إحترموا نفسكم و انجبوا ، و قولولها للي سودت وجه ابوها هالحجي ، إذا تريد بتها تبقى بحضنها تنجب و تسكت و ترضى بالي قلته لا والله العظييم تحلللم بشوفتها






.
.
.





: إسم الله .. خير دكتور خييير ، رآح الشر !

امسك باسفل قميصه الثقيل ليبعده عن ملامسة بطنه و تبليلها ، فيأتيه تعليق زميله : لتعصب ابو حسين .. المي خير ان شاء الله

لم يجبه ، فما زالت الرجفة تسيطر على كافة خلايا جسده ، حتى يمينه الماسكة للقميص كادت ان تصرخ هلعا من ان تفقد الانامل المرتبطة بها ، إستخدم اليسار بدلا منها وهو يزفر بـ إختناق ، و كإن الروح بدأت للتو رحلتها في مغادرة الجسد ، منذ زمن لم يشعر بهذا الالم !
وخزات شديدة انطلقت من موقع اصابته لتشل رجله اليمنى بأكملها عن الحركة ، سعل بـ ضيق ثم أشار لأحد الطبيبين بتوعك مفاجئ : أريد كرسي ، مدا اقدر اوقف






.
.
.



نهَايةْ الإدانةْ الرابِعةْ عَشرْ

حُلمْ

 
 

 

عرض البوم صور حلمْ يُعآنقْ السمَآء   رد مع اقتباس
قديم 04-01-13, 10:25 PM   المشاركة رقم: 883
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو مبدع
كونتيسة الأدب النتي


البيانات
التسجيل: Mar 2012
العضوية: 240233
المشاركات: 841
الجنس أنثى
معدل التقييم: حلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالق
نقاط التقييم: 3128

االدولة
البلدIraq
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
حلمْ يُعآنقْ السمَآء غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : حلمْ يُعآنقْ السمَآء المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: أبرياء حتى تثبت إدانتهم

 



حبـاايبْ
الإدانة إن شاء الله تستحق إنتظآر الـ 3 أسآبيعْ !
و عذرونيِ وره هآلجزء حنتوقف لفترة أطول من هالـ 3 آسآبيع ، يعني شهر أو أكثر شوية بسبب إمتحآنات الفآينلْ
و أكيييد بإذن وآحد أحد أحـاول بين فترة وفترة أكتب ولو مقطع حتى لمآ أخلص الآمتحانات على خير إن شاء الله يكون باقيلنآ شويات
أتمنـى أشوووفكمْ حباايبْ
ترة أكو هوآية نآس مشتآقتلهم حيييييييييييييييل > شوية عتب !
ولو أدري والله مشغولين و إمتحآنات حقكم والله ، بس يعني حُوولم مشتآقتلكم شلون متنوروهآ

الله يوووفقكم يارب بالامتحآنآت و بكل امورااات حيآتكم إن شاء الله
و يووفقني ويااكم و وية آمة لآ إله إلا الله

حُلمْ

 
 

 

عرض البوم صور حلمْ يُعآنقْ السمَآء   رد مع اقتباس
قديم 05-01-13, 01:19 AM   المشاركة رقم: 884
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Dec 2010
العضوية: 209570
المشاركات: 108
الجنس أنثى
معدل التقييم: سمانور عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 35

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سمانور غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : حلمْ يُعآنقْ السمَآء المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: أبرياء حتى تثبت إدانتهم

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته --- وتحية تقدير ومحبة من رياض الاصالة الى بغداد الاباء --الله يوفقك وكل طلابنا ويحقق لكم ربي امالكم واحلامكم --ادانة جميلة في ابدعها مبهجة من قبل لين ومتيمها ومؤلمة من قبل ثلاثة قلوب على والن والجلنار الحزينة التى ابكتني معها ---وانتي ياحلم الجميلة تستحقين ان ننتظرك على احرمن الجمر ولكن دراستك ومستقبلك اهم ----فلا تشغلي بالك ستجديننا في انتظارك متى ماسمحت لك ظروفك ----- ودمتي بخير

 
 

 

عرض البوم صور سمانور   رد مع اقتباس
قديم 05-01-13, 05:25 PM   المشاركة رقم: 885
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Dec 2012
العضوية: 248410
المشاركات: 428
الجنس أنثى
معدل التقييم: ترانيم الصبا عضو متالقترانيم الصبا عضو متالقترانيم الصبا عضو متالقترانيم الصبا عضو متالقترانيم الصبا عضو متالقترانيم الصبا عضو متالقترانيم الصبا عضو متالقترانيم الصبا عضو متالقترانيم الصبا عضو متالقترانيم الصبا عضو متالقترانيم الصبا عضو متالق
نقاط التقييم: 2549

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ترانيم الصبا غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : حلمْ يُعآنقْ السمَآء المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: أبرياء حتى تثبت إدانتهم

 

السلام عليكم

أي جنون هذا ومن أي البحور تغرفين و أي سحراً يخالط العقل فيذهب مافيه من حس وإدراك
الظاهرة والكونتيسه حلم يعانق السماء
من أخذت بناصيه الكتابه وطوّعتها بلاغةً يكاد سنا برقها يذهب بالأبصار ومنحتها بُسطاً ساحره جاءت فتميّزت في الأفياء فجعلت من الأوراق حدائق ذات بهجة ما كان لغيرها أن ينبت مثلها و قانوناً للإبداع و دستوراً للجمال

وأخيراً غرقت بنت السلطان في بحور العشق وأصبحت تغار بجنون وتهذي بهذا العمر وأصبحت لبؤة شرسه
عمر عاشق صبر فنال ماتمنى وبلغ المبتغى بحبيبته التى تأكلها الغيره فهنئاً له
علي كان الله في عونه وأعانه الله على نفسه فهو اقرب إلى الجنون منه إلى العقل هل إذا علمت ببنتك سيتغير الحال
ام انه من المحال الخلاص من عنجهيتك الصفائيه ...

روايتك ستبقى لتستقرّ أبديّةً في أفئدتنا وأذهاننا لا تمّحي ولا تزول وسنبقى في انتظار ماتبقى

 
 

 

عرض البوم صور ترانيم الصبا   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أبرياء حتى تثبت إدانتهم . للكاتبة حلم يعانق السماء, لحنا, منتدى قصص من وحي قلم الأعضاء, اأبرياء, الشلام, العراق, تثبت, حلم, روايه عراقيه ., عمر, إدانتهم, قصص و روايات
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t174653.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
‫ط´ط¨ظƒط© ظ„ظٹظ„ط§ط³ ط§ظ„ط«ظ‚ط§ظپظٹط© - ط£ط¨ط±ظٹط§ط، ط­طھظ‰ طھط«ط¨طھ ط§ط¯ط§ظ†طھظ‡ظ… ..‬‎ - YouTube This thread Refback 14-09-14 01:34 AM
ط±ظˆط§ظٹط© ط£ط¨ط±ظٹط§ ط­طھظ‰ طھط«ط¨طھ ط¥ط¯ط§ظ†طھظ‡ظ… ط§ظ„ظ‚طµطµ ط§ظ„ظ…ظƒطھظ…ظ„ظ‡ ظ…ظ† ظˆط­ظٹ ظ‚ظ„ظ… ط§ظ„ط§ط¹ط¶ط§ This thread Refback 17-08-14 02:24 AM
ط±ظˆط§ظٹط© ط£ط¨ط±ظٹط§ ط­طھظ‰ طھط«ط¨طھ ط¥ط¯ط§ظ†طھظ‡ظ… ط§ظ„طµظپط­ط© ط§ظ„ظ‚طµطµ ط§ظ„ظ…ظƒطھظ…ظ„ظ‡ ظ…ظ† This thread Refback 10-08-14 11:27 AM
ط±ظˆط§ظٹط© ط£ط¨ط±ظٹط§ ط­طھظ‰ طھط«ط¨طھ ط¥ط¯ط§ظ†طھظ‡ظ… ط§ظ„طµظپط­ط© ط§ظ„ظ‚طµطµ ط§ظ„ظ…ظƒطھظ…ظ„ظ‡ ظ…ظ† This thread Refback 03-08-14 11:52 AM


الساعة الآن 12:14 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية