كاتب الموضوع :
حلمْ يُعآنقْ السمَآء
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
بسمْ الله تعآلى
صلاتكمْ أحبتي
فـ لا تلهيكم الرواية عن ذكر الرحمنْ أبدا
كُونوا مع حُلمْ ، و أبطال حلمْ ،. و ضيفة حُلمْ الغآلية جدا جدا، صاحبة التوقعات الُممتازة،
زارا " ظبية الشرقية "
حياتي أهدييلج هالإدانة بإعتبارج من زماااان توقعتي أشياء غير متُوقعـة : )
دُمتي لي يآ قمر
؛
الإدانة السَـادِسةْ
حياة كلهل كدر وعمر كله خطر
و صبر ماله حد تجاوز صبر من صبروا
وحب مورق أبدا تواضع جنبه الشجر
وقلب يكره الشكوى وقد غاصت به الإبر
ووضع أذهل الدنيا وداخ بوصه البشر
كذا وضع العراقيين لا شمس ولاقمر
فمن قرنين قد صمدوا وهم لليوم ما فطروا
فهل ضيق ولا فرج و هل برق ولا مطر
كريم العراقي
أنامل طويلة ، بخدوش مدماة في جوانبها ، تتصل نهاياتها لتكون كـف ضخمة ببشرة داكنة شديدة الخشونة .. تتبعثر فوق سطيها البطني و الظهري الكثير من التشققات ، بعضها العميق جدا من المستحيل أن تدمل و الأخر مجرد تخدشات سطحية .. زمن بسيط و تختف من غير أن تترك أثرا يذكر !
و كإنهما مطرقة ما ، مع مسمارها ، يحتضنان معا بـ الكف ذاتها !
فتأتي بهما نحو قطعة خشب هي هدفهم اللذيذ ،
بـ تجبر و إستمتاع همت الكف بدق المسمار في الخشب من بين انامل المطرقة .. لتودعه الأخيرة ابدا برغم إنها الأحق به ، فيوما ما إلتحما ليكونا شيئا واحدا جميلا ، و لكن كل ما زاد الإجتذاب ، لم تعلم المطرقة بإنها ستضاعف التنافر مستقبلا ، و لكن .. لا حيلة لها على التوقف .. فما تسيرها هي تلك الانامل المتغضنة !
بـ كل ضربة تطرقها فوق رأس مسمارها كي يخترق قلب تلك الخشبة ، تجــد الأخيرة تتشبث بما هو ليس لها أكثر و أكثر ، حتى إنتهى الأمر ، و إلتصق بها المسمار بعد أن ثقب لها روحها و إجتثها إجتثاثا منها !
فـ تم الإنتقام من خشبة كانت و مازالت تتقد كحطب و لكن من النوع السحري ، فتراها تتقد لتأكل جميـع من حولها بأسنان من لهب لاسع ، و تبتلعهم بعدها مع ريق من لذة ، حقيرة !
و ثم تنطفـئ ببساطة ، لتعود كما هي ، لا يشوبها أثرا حتى !
فـ كانت مسمارا لـ علي الذي ليس سوى مطرقة ،
ليدق بها صدر ذلك الوضيع !
و تلك الكف الخشنة ، هي الإنتقام الثائر الذي يسيرهما .. بلا علم او دراية من تلك المطرقة بدأت تنفذ ما تؤمر به حتـى إبتعد عنها مسمارها الغالي ،، و إنغرس بـعيدا !
؛
أطفئ الشمعةَ واتركنا غريبَيْنِ هنا
نحنُ جُزءانِ من الليلِ فما معنى السنا
يسقطُ الضوءُ على وهمينِ في جَفنِ المساءْ
يسقطُ الضوءُ على بعضِ شظايا من رجاءْ
سُمّيتْ نحنُ وأدعوها أنا:
مللاً. نحن هنا مثلُ الضياءْ
غُربَاءْ
اللقاء الباهتُ الباردُ كاليومِ المطيرِ
كان قتلاً لأناشيدي وقبرًا لشعوري
دقّتِ الساعةُ في الظلمةِ تسعًا ثم عشرا
وأنا من ألمي أُصغي وأُحصي. كنت حَيرى
أسألُ الساعةَ ما جَدْوى حبوري
إن نكن نقضي الأماسي, أنتَ أَدْرى,
غرباءْ
مرّتِ الساعاتُ كالماضي يُغشّيها الذُّبولُ
كالغدِ المجهولِ لا أدري أفجرٌ أم أصيلُ
مرّتِ الساعاتُ والصمتُ كأجواءِ الشتاءِ
خلتُهُ يخنق أنفاسي ويطغى في دمائي
خلتهُ يَنبِسُ في نفسي يقولُ
أنتما تحت أعاصيرِ المساءِ
غرباءْ
أطفئ الشمعةَ فالرُّوحانِ في ليلٍ كثيفِ
يسقطُ النورُ على وجهينِ في لون الخريف
أو لا تُبْصرُ؟ عينانا ذبولٌ وبرودٌ
أوَلا تسمعُ? قلبانا انطفاءٌ وخمودُ
صمتنا أصداءُ إنذارٍ مخيفِ
ساخرٌ من أننا سوفَ نعودُ
غرباءْ
نحن من جاء بنا اليومَ? ومن أين بدأنا?
لم يكنْ يَعرفُنا الأمسُ رفيقين.. فدَعنا
نطفرُ الذكرى كأن لم تكُ يومًا من صِبانا
بعضُ حبٍّ نزقٍ طافَ بنا ثم سلانا
آهِ لو نحنُ رَجَعنا حيثُ كنا
قبلَ أن نَفنَى وما زلنا كلانا
غُرباءْ
نازك الملائكة
غرباء
المكان مُوحش جدا ،
تتبع روشن بخطـى ترتجف ، أبردا هُو و نـحن في بداية تمُوز ؟!
ما إن وصلتا العتبة ، إلتفتت لها شقيقتها هامسة : يللا عمري ، بسـرعة !
هزت بـ رأسها مرتبكـة ، ففسحت لها روشن الطريق ، لـ تدخل هي !
جـاءها صُـوت عبد الله على يمينهـا : هيااااتهااا جتـي !
لـ تلتفت مـسرعة نـاحية المصدر ، فـ فغـرت فاها صـدمة لما رأته ،
شعرت بـ قدميها تنصهران ، فـ لا تستطـيع حتى الوقوف ، مالذي فعلوه به ؟
كـان جالسـا أرضا بعد أن فك هذا الـ " عبد الله " قيد وثاقه ،
عرف نفسـه بـ " عديله " ، و هذا يعني إنهم إستسلموا لـ زواجه من بنتهم ، و كإن الأمر يشرفه !
و لكن أيـــن هي ؟ أ ما زالت حية ترزق ؟
لم يصـــدق ما تفوه به من ترهات تـخص إنقاذه ، و من يكون هو ليقدم له هذه الـخدمة الـمترفعة ؟!
يضحي بـ حياته و يهدد إستقرار حياته مع زوجته فقط من أجل غريب مضطهد ؟
لكن أختيها همـا من أقنعتاه بـ إنهم فعلا هنا ليسـاعدوه ، حاولوا ثنيه عن طلبه .. لـ رؤيتها ، لكنهم فشلوا
فـ هو لا يضمن بقاءها على قيد الحياة مع حثالات من المجتـمع ، على رأسهم هشـام !
كان يجفف وجهه بـ فوطة جـاء بها عديله ، بعد أن أحضر له دلوا من الماء ليغسل به جراحه ، و فجأة سمع كلامه الأخير ، لـ تتصلب يده بلا شعور و عينه تختفي خلف الـقماش الناعم ، ببطـئ أبعد المنشفة و كإنه يستشعـر مكيدة لـه ،
و لكن حـالما رآها شعـــر بتقلصات معـدته تتسـارع بـجنون ظن معه إنها سـتفلت من موقعها ، و قد تسـقط في مكان ما بين الأحشاء الأخرى !
تيبسـها لان شيئا فـ أخر ، لتتقـدم برتابة نـحوه ، و فجأة بـدأت تبكيـه ضُعفا و خوفا ،
ماذا سيــــحدث لو إستيقظ هشام أو عاد والدها ؟
حينها ستـحدث مجزرة بشرية لا مُحالة
غطت فمها بيمينهـا لتتـقدم أكثر ، و ما إن وصـلته تهاوت قربه بـ جزع ، لم يتــحدث .. و إتبعت خطاه !
و كلاهما لم يهتما بـ مغادرة عبد الله .. و تنبيهه الأخير بشـأن الوقت ،
كانت هي من بادرت بالحديــث بعد أن لمحت الدماء الملوثة قميصه ، بالإضافة لتـلك الخدوش الـمتعددة فوق وجهه : هـ..ــاي شسـ..ــووا بيييييك ؟!
تابع تلك الكــدمات حول عينها ، و عند الذقن ، من تجرأ و مد يده عليها ؟
تبا لهـــم .. نسيـوا إنهم هم السبب بما وصلته هي ، بل تناسوا ليعلقوا ذنبهم في رقبتها فيخنقوها به
صر على أسنانه .. فـ شعر بألم في عظام فكه ، لكنه تحامل على نفسه و عنفها : ليش جيييتي ؟؟ مو قلتلهم ليرجعووج ؟ زمااايل إنتوو ؟ جم مرررة قلت لعمممر ميجيييبج .. فهميني ليييش جييييتي ؟
فلت منها نحيب مرتفـع لـ تصرخ به و جسدها يقع أسيرا لرعشة مجنونة : لعــــــــد تريييدني أعوووفك تمووت ؟ إنتتته شنووو ؟ ماااعنــــــــــدك إحساااس ؟ إذااا إنتته ماا عندك فـ لينا و بيبيتك مو مثلك .. أني مو مثلك !
: بيبيتي عرفت ؟ الله ياااااخذكم منوو قللهاا ؟ لا صدق مطاااية " حمير " لكـــــم بيهااا ضغط و سكر .. تريدوها تمووت ؟
: علـ..ــي والله حرام عليـ..ــك
جر معصمها بقـوة ، فمالت نحوه لـيتدلى رأسها أسفلا ، و عويلها إرتفعت نبرته : سمعيني .. تقومين هسة .. و تروحين وية رجل أختج .. خلي يوديييج لأي مكـاان .. المهم لترجعييين هناا ، و إنسييي أهلج لإن مرح يعوفوج عايشة
ثبتت كفها أرضا لتسند جسدها ، ثم رفعت رأسها نحوه لـ تقابل أمره بـ لون مخطوف : و إنته ؟
: أني باااقي .. إذا أروح حيأذون لينا .. أني متأكــــــــد ، فلااازم أبقـ..ـ
لاا ، لاااااا .. إذاا تبقى يكتلووك .. والله هشااام يكتلــك .. همة قاالواا .. قالوولي إلي .. يكتلووك والله ، إنته رووح .. و أخذ لينااا و إنهزموووااا
الهيستيريا التي عانتها دفعته لـ خنق صـراخها بـكفه ، متابعا المكان حوله : إششش .. سكــــــتي .. نصي صووتج ليجي أحد
دموعها إنسابت لـ تغسل يديه ، و كإنها تطـهره من ذنب ظلمها ، لتـلبسه ذنب أخر ، حيث إرتعشت معدته ، و شعر بـ عصافير تزقزق بها ، ثم تبدأ بنقرها من كل جـانب ،
فتقرصه لتثير شئ ما كريه في جســده بأكمله ،
ليست المعـــدة من تضـخ دما ينتشر لباقي الخلايا .. إنه القلب !
تبا .. لا يعقل إنه يعاني من تقلصات بـ نابضه طيلة هذه الفترة بسبب هذه الإمرأة
أبعـدت يده لكي تتنـفس ، فالـبكاء لم يسمح لها بإستـخدام أنفها لـسحب الهواء ، ثم همسـت بعد أن شعرت بنظراته تختـرق جلدها .. ليتكدس تأثيرها هناك : علي الله يخليك روح ، أبوس إيـــدك رووح
لم تشعر إنها ما زالت تحتضن يده سوى الآن ، فـ نفذت ما توسلته به ، لـ ترفع كفه و تقبله بـ إنكسار نفخ قلبه بمشـاعر مجنونة : رووووووو...
إنكتـم صوتها عندمـا دفع بها لـ صدره ، ضاغطا عليها بـ قوة و فيض من المشاعر يعتمل به ، مشاعر لم يعتقد بإنه يحملها
العديد من القبلات أغدق بها فوق رأسهـا المغطى بخمار داكن اللون ، و كإنه هكذا سيمتص منها وجعا .. كان له يد في إشعاله !
همس قرب إذنها بـ جدية : إششش .. سمعيني ، إذا تريديني أروح ، تجين .. لإن إذا بقيتي يكتلوج إنتي هم
دسـت بـ رأسها فيه أكثر ، مختلسة قطرات فقط من جرة العشق التي ستـصوم عنه مستقبلا ، و لعجبها إنه لم يمنعها .. بل شد ذراعيه حولها متمتمـا بنبرة صلبت عمودها الفقري : جلنـ.ــ.ـ.ــار .. حرامات ' مع الأسف ' إنتي .. بت قاسم !!
؛
قبل أن يرحل في يأس هوانا
قبل أن تنهار في خوف خطانا
قبل أن أبحث عنك بين أنقاض صبانا
خبريني.. كيف ألقاك إذا تاهت رؤانا
وانطوت أحلامنا الثكلى رمادا.. في دمانا
في زمان ماتت البسمة فيه
وغدا العمر.. هوانا؟
خبريني..
عندما يصبح بيتي في جنون الليل
أشلاء عبير
منهك الأنفاس كالطفل الصغير
كيف ألقاك إذا صارت أمانينا
دماء في غدير
نشرب الأحزان منها
تقتل الأفراح فينا والضمير؟
* * *
من سنين عشت يا عمري
أخاف من الضياع
عندما أدفن بعضي
في سحابات وداع
عندما أشعر أني
صرت أنقاض شعاع
عندما تغدو أمانينا
فتاة بين أحضان الظلام
عندما يغرق قلبي
في دموع لا تنام
عندما أصبح شيئا
كسطور ساقطات كفتات.. من كلام
ربما أبحث عنك بين أحضان كتاب
ربما ألقاك في ذكرى.. عتاب
ربما ألقاك في عمري سراب
ربما أسمع عنك من حكايات صحاب
عندما يصيح قلبي
بين خوف الناس كالأرض الخراب
ربما ألقاك في الأرض الخراب
آه يا دنياي من نفسي تذوب بين الخراب!!
سوف ألقاك ضياء
في عيون الناس يغتال الدموع
رغم كل الحزن يغتال الدموع
سوف ألقاك حياة
في زمن ميت الأنفاس ممسوخ الرفات
سوف ألاقاك عبيرا بين يأس الناس
عذب الأمنيات
دائما أنت بقلبي
رغم أن الأرض ماتت
رغم أن الحلم.. مات
ربما ألقاك يوما في دموع الكلمات!!
فاروق جُويدة
شعر بتقلص كافة عضلاتها بعد ما قال ، و لم يلمها ، فهو الأخر لا يعلم ما حل بأجزاءه ، و كإنه توا بدأ يشعر بأوجاع ذلك الضرب الحيواني الذي أكرموه به !
لو كان الوضع أخر ، لم يكن سـ يدفع بها بعيـدا ، هذا جل ما يعرفه عن نفسه ، يشعر بالـ ' لا شعور ' بـ وجود هذه الـ زهرة المصفرة أوراقها ،
تيبس عودها الذي لطالما كان ريانا ، و إحترق تويجها فإنكمشت جزيئاته ، !
على حالهما كانا ، فهي لم ترتوي بتلك القطرات حتى الآن ، و إستغلت تدلي تلك الجرة قليلا و قرب فوهتها ، لتغمس أناملها تباعا و تمتصهم بـ نهم ،، سيأتيها زمن القحط قريبا ، فـ لتتزود جيدا منذ الآن
بينما هو ، فقـرر إقصاء تلك الفوهة عنها حينما أبعدها عن صدره قليلا قائلا بحدة تـذكر سببها توا : إنتتتي شلوون قلتيلهم اني متزوجج ؟ زماالة ؟ تريديهم يكتلوج
تغضن جبينها بـ إنزعاج و بدأت تكفكف دموعها بعيدا ، شاعرة بلسع ملوحتها لتلك الاورام المنتشرة فوق وجهها البدري ، لم تحاول التبرير ، فهو لا يفهم من يكون بالنسبة لها !
لن ترضى يوما أن تكون سببا في إزهاق روح أحدهم ، فكيف الحال لو كان هو ذلك الـ ' أحدهم ' ؟!
و لتزداد تعاسة الأمر يريد منها أن تصمـت امام قرار إعدامه ؟
لن يفهم هذا الرجل أهميته في حياتها ، و لن يترك قلبه يوما ليكون حرا فيستشعر ما يفعله وجوده و غيابه في حنايا روحها المرفرفة قرب نوافذ قلبه ، لتنقرها كل حين ، متوسلته الرأفة لإدخالها قفصه العاجي ،، فالبرد جمدها و لن تدفى سوى في كنفه !
مستجديته القليل من الحنان فقـط لتروي ظمأ جفت له أحشاءها !
عاد ليكرر بجديـة ، رغم مداهمة شئ ما لـ أطرافه العليا ، و كإنه شبع من تناول السفلى ليرتقي الى الاعلى .. شئ يمنعه من الوقوف على قدميه ، شئ شبيه بالنخر ! : ترة هسة قدامج حل من الاثنين ، لو تقوليلهم كذب ، أني مـ تزوجتج ، لوو .. تنهزمين منهم لإن اذا بقيتي يعني تموتين
و كإنما دكت عظامها لتصير كومة رفات ، نظرت بذبول نحو عينيه المحمرة ، فسـألته بعجز واضح : انتة شقلتلهم ؟
كم كره ذلك الضجيج الذي شعر بـه في جمجمته ، و كإن دماغه كله بدأ بالإنصهار فصار سائلا رمادي اللون ، و لم تكتف هي بذلك و إنما نظرتها سببت غليان ذلك السائل أيضا !
إنها إبنة الحيوان قاسم ، و هو توانى عن تذكير ذاته بهذا الأمر ، حتى ذاب العقل و لم يتبق منه ما ينفع للتفكير بمنطقية
تحـدث بهدوء إثاره فيه ذلك المنبه المر كمن يملئ فمه بـ حبيبات من البن الخالص و يجبر على إستخلاص مادته الاولية ! : ممتزوجج ، بس هذا ممنعني إنو أخذ الي اريده !
إحتبس ثنائي أوكسيد الكاربون في قصيباتها ، بعد أن شعرت بـ ضمور في عضلات صدرها ، تمنعها من الحركة ، ستختنق إن لم يكمل الحديث !
و كإنه سمع ترددات من نداءها المتواري خلف الجدران ، ليضيف بجدية : و انتي اذا تريدين تعيشين قولي نفس الحجاية ، هاي إذا ملحقتي تنهزمين
توتر جسـدها من تلك النبرة .. و كإنه فك وثاقها و هو يحدثها هكذا ، إحساس داكن لونه قد تغلغل في ثنايا الروح لينكمش الحاجبان و تنتفخ الأوداج ،
عاد ليكرر : ياللا قومي ، و فكري بالي قلته .. و قولي لأهلج يعوفون شغلة الـ ....
فجأة إنتحبت وهي تصرخ ببقايا من صوت ترك لها منذ الأمس ، لم تصدق ما ينويه ، نظراته لا تريحها ، و نبرته أكثر : انتته شنووو ؟ عبااالك الشغلة لعــب ؟ علييي بابا ميهمه احد
صدمها بنظراته الجامدة و كإنه أصم لم يفهم ما تقوله ، لتكمل هي بنشيج : وهسة تريدني ارووح و اعوفك ؟ تبـ ـقى هنا ؟ إنتته تريد تموتني ؟ فهمننني
سمح لها بالتطاول اللفظي ، و منه الى الجسدي حتى مدت براحة يمينها لتضرب فخذه بها ، : علـيييي بس فكرر بـ لينااا ، بيبيييتك ،، فكر بيهم الله يخليـ ـك ، أني لتفكر بية طبنني مرررض .. بس همة شنو ذنبهم
لم يكتم وجعه وهو يرفع بـ رجله قليلا عن الأرض بـ مساعدة كلا كفيه المتورمتين ، و كإن ملامستها للقاع قد تعظم من ألم تلك الضربة !
و هي كإنما رأته للتو ، فـ واجهت صعوبة عظمى في التحكم ببكاءها الذي ارتفعت وتيرته ، معللة بـ أسباب رعبها عليه ، ذلك الرعب الذي لا يعقله هو حتى الآن !
: الله يخليك لتعاااند و قوم رووح ، لتخااف عليـ ـ ـة ، أبووويـ ـة يحبنـ ـي ، محيسـ ـويلي شـ ـي ، بس إنتتته يكتلـ ـ ـك ، علي والله يكتتتلك ، أعرررفه اني ، و إنتتته ممقصررر ، يعني حتى لو كتلك محد يقدر يلووومه ، الله يخليك روح و اني اقلهم انوو إحنننه متزوجين ، والله ميموتوني والله اعررف ابوييية اعرررفه ، محد يقــدر يسوويلي شي وهوة ويااية ، علـ ـ ـي ، بابـ ـا يحبني حيـ ـ ـل
نعم ، يعلم جيدا بإن ذلك الكلب يحبها ،
لكنها تستحق والدا أفضل ، بل تستحق عائلة مثلى ، تحتويها و تحفظها من أن توخز بـ إبرة !
تحتاج رجل ، حقيقي ، بإمكانه فض الدموع من على وجنتيها و إحتضانها رغم وجع يهتك بـ كل أطرافه المهشمة عظامها !
تحتاجه هو ، هو لا غير
لن يخوض في فكر كهذا ، بل و لن يقترب حدو الجنون مجددا ، الجنون الذي ربطه بهذه المرأة عدة مرات عليه أن يخمد ناره ، و إلا سيأكل بعضه بعضا لإنه لن يجد من يلبي نداءاته الغبية ، فـ هو قد تعقل أخيرا ، تعقل و تأكد بإن لا مكان لإبنة قاسم فـيه ، لن تتغلغل بداخله مرة أخرى مهما كان جائعا
و مهما كانت شهية !
زفر وهو يبعد بنظراته عنها : قومي عاد .. مو رح يقعدون الجلااب
هزت رأسها بـ ضعف ، مجيبة و سيول التدفق الدمعي قد جفت ينابيعها : ما أقووم قبل لتقلي إنو حتروح ، و بعدين هشام و جماعته مخدرين هسـة ميقعدون ، الصيدلاني قاايل لـ عبد الله التأثير يبقى ساعات
ريثما همت بالحديث أجبرته على اعادة بصره لـ تغشيه بـ بؤسها ، بـ حدة تحدث و هو ينقل بتلك الأشعة المحترقة نحو كل خدش و لو كان صغيرا على بشرتها الباهتة : منو الي ضربج ؟ إبن عمج الكلب ابن الكلب ؟
إزدردت ريقا جافا ، لتلملم نفسها فـ تقف بمساعدة قوة متلاشية ، تعلم بإنه سيثور ، وهي تريده أن يعتب بيبان الهدوء و لو لـ دقائق ، تكفيها إلقاء تحيته فقط ،
همست كاذبة : هاي ماما
لتستطرد مسـرعة وهي تنظر نحوه من علوها : بس باباا مخلااها ، مو اقلك يحبنني ، محـد يقدر يأذيني ، فـ روح و إنته مرتاح
لم يرفع بـ رأسه نحوها أبدا ، و إكتفى بـ تشنج عضلات كتفيه ، و إكفهرار سطا على ملامح وجهه الملئ بالجروح
كإنها تجزم بإن لها من الإهتمام نصيب !
فليست لينا و لذة الإنتصار هما فقط ما تردعانه عن العودة ،
بل هي أيضـا
لكنها بدورها تطمئنه بإنها ستكون بخير ،
و هل ستفعل ؟!
كررت قولها من غير أن تعلم ماهي فاعلة : لتخاااف عليية إنتته ، أني كل اهلي يمي ،، مرح يأذيني احد ، صدقني
ليضيف ساخرا منها أو من ذلك الإنفلات الحقير الذي باتت مشاعره تتبع خطاه بـ لا بصيرة : صدقتج ،
فإستدرك بـ غضب مكتوم إثر الوجع : بس خلي يوقفلي الحيواان ، لو بيه خير خلي يجي واني اقدر اتحرك ، وكتهااا يشووف شلون يتعدى على النسوااان ، النااااقص الـ ****
هبطت لتجلس امامه على ركبتيها المرتجفتين ، و كانت الارض أرأف بهما لتستوقف إرتجافة الأربطة فتثبت الغضاريف ! ، بحة ما تسللت لـ تغطي رعشة الصوت تلك ، و تسترها ، مدت بيدها لـ برهة لكنها علمت بأنها قد تضربه حينما يفور تنورها ، لذا عادت لتحتضنها في حجرها : لأ ، عووفه ، الله يخليك لتعااند ، علي انته مشفت بيبيتك ، بس اني شفتهاا رح تموت ، إذا مرجعت تموت والله ، تموت اذا صار لك شي ، علي ابوية ميخوفه شي ،، يسويها و يكتلك مثل مكتل مروااان رجل زينة ، والله يسويهاااا
إذن اياديه القذرة إمتدت نحو أهل بيته ، رمل إبنته بنفسه ، يتم حفيد أو حفيدة له .. تبا له ما أوضعه من رجل
شعر و كإن صدره ليس سوى موقد إحتشد فيه الفحم ، يحتاج أن يشتعل ، شئ جنوني دعى جسده بأكمله للمطالبة برائحة ما ، إفتقدها منذ ساعات ، و لم يزل أن يشعر بـ فقدانها
لا يستطيع التركيز إلا بها ، و لا حتى التفكير !!
تبا ،
عليه أن يشعل تلك الصغيرة ليقتل نفسه بها ، والآن
و لكن من أين سيأتي بواحدة ؟!
يعلم جيدا بإن حتى أوجاعه الجسدية ستتلاشى حالما يستنشق تلك الروائح المثيرة للغثيان بالنسبة للكثيـر ،
هرعت تلك الرغبة من دون شعور منه ، لتسل نفسها من بين أسنانه : أرييد جكارة ، صيحي عبد الله
تدلى فكها السفلي ، لـ تهمس بلا وعي : علي اني شدا احجي ؟ وبعدين .. إنته من شوكت ' متى ' تدخـن ؟
رفع السبابة و الإبهام اللذان شعرا بتلك الحاجة الآن بعد سماع صاحب الجسد الذي ينتميان له يطالب بها من دون حرج ، فرك مقدمة جبينه ، ليكرر : معليج انتي ، و يللا روحي صيحي عبد الله ، بسرعة
أحست بأن هنالك خطب ما ، شئ جعل لونه يشحب فجأة ، ليميل الى الرمادي ، إستقامت بسرعة لتخطي نحـو الباب ، و رأسها ملتفتا نحوه !
ما إن نادت زوج شقيقتها حتى هرع الى الداخل وهي تتبعه بـ رجفة تأبى أن تقل وطإتها ، تسمرت محلها واقفة وهي ترى عبد الله ينحني كي يجعل زوجها يستعين بكتفه و هو يلف ساعده حول جسـد يفتقر القدرة على الحركة المنفردة !
تلوت أمعاءها ألما وهي ترى إعوجاج جسمه المستقيم ، كيف لم تشعر بإنه يتألم ؟!
يبدو إنه إستغل ذلك القرب من زوج أختها لـ يهمس له بـ شئ ما ، او ربما أشياء !
تقدمت نحوهما بـ فضول يسيرها ، أسفر عنه تلقي نبرة محذرة من هذا الذي لو كسـروا عظامه جميعا لن يصيبوا لسانه المتسلط الفظ بـ أي مكروه
تساءلت بـ إرتباك ، موجهة الحديث لـ زوج اختها .. فهو سهل المعشر و التفاوض معه بغاية البساطة : شنو عبد الله ميقدر يمشي ؟
ليصلها صوته هو هازئا : بركات ابوج و ابن عمج ، الناااقصين ، لو براسهم خير مو يسترجلون واني مشــدود ، لو بيهم خييير يوقفون قدامي واني بحيلي وهمة بحييلهم
جحدته بنظرة لوامة ،
هو من مد بأصابعه ليتلاعب بألسنة اللهب و الآن يلوم النار على لسعه ؟
مالذي ينتظره وهو يخبرهما بإنه إعتدى على حرمتهما ؟
أ يستقبلانه بـ أحضان و يغدقان على رأسه قبلات الثناء ؟
أم يود أن يفكان وثاقه و يحاربانه بـ حرب شوارع ' شريفة ' ؟!
حاولت السلوى عما قاله لهما
لقد إستغل وجودها معه الفترة التي إنصرمت شر إستغلال ، إنتشى جدا بعد هذا الإنتقام وهي أكيدة من الأمر ، لكنه إستخدم قواطعه في تمزيق ذلك الخيط الرفيع جدا الواصل بينهما !
طبيعة الخيوط تقوى و يحتـد إلتحامها كل ما كانت رفيعة ، و هما كان بينهما خيط رفيع جدا ، و هو من فصله
فـ لا شئ يجمعهما بعد الآن ، لا شئ
حتى تلك الورقة الغبية التي يحتفظ بها هو ، لا تعتبر كـ أداة وصل معترف بها في عالمهم !
ساعده عبد الله حتى جلس على المقعد مصدرا إختلال واضح في توازن أطرافه المتصدئة !
دوما ما يشعرها بإنه الرجل الغول ، ذاك الذي ينفض الجميع من حوله لبشاعته ، لكن ما يحمله بقلبه من نقاوة لا يحمله أي احد منهم ، هم الأقزام !
هذا بشأن الغول ، أما بشأنه .. فهي لا تعرف حتى الآن ما يوجد بين لحيمات القلب من مكاتيب ، لا تعلم هل إسمها مدرج ضمن القائمة البيضاء أم السوداء ؟
فـ بعد كل ما تسببت له به ، بالتأكيد لا تستحق أن تصنف مع بيض الصفائح
تجزم بإن اي رجل مكانه كان سيتطير بها شؤما !
أما هو فـ غامض جدا ، يتوارى خلف قناع حقده و إنتقامه ، مانعا إياها من معرفة تخلجات ملامحه عند رؤيتها ، و مالذي تفعله هي ؟
تثبت له المرة تلو الأخرى بإنه الأهم في حياتها
أوليست هذه الحقيقة ؟
لم تحاول ستر عورتها عن أعين الناس ؟
هو يستحق أن تفديه بروحها التائهة ، بكل الأحول لن تستطيـع إكمال حياتها بطبيعية وهي تعلم بإنه لقي حتفه ليتركها تصارع ماض إلتصق بـ ذهنها و جسدها و روحها بـ جنون !
إنتبهت لنظرات عبد الله نحوها وهو يحادثها بلطف : جلنار ، هسة شحتسوين ؟ بسرعة ترة عمي و عمتي رح يرجعون ، تدرين هية مبيها شي و تلقيه هسة شك بالموضوع اذا الاطباء قلوله
نقلت نظرها بعجل نحو رجلها ، لتراه يرخي جسده فوق المقعد مغمضا عينيه و كإنه ليس نفسه الذي كان كـ مأوى لها منذ دقائق مضت !
ببساطة فك لها قيد جيدها ، ليتركها حرة ، تختار الآن مصيرها ، بعد أن أدخلها معه في كهف الذئاب ، يطلب منها الهرب لتتركه وحده ، ألم يفكر بإنهم سينهشون جلودهما من قبل ؟
أم إنه لم يهتم سوى لـ تذوق شطيرة الثأر المعلقة على جدران ذلك الكهف القاسية صخوره ؟!
إكتفت بالإيماء الموافق ، فقط لـ تنهي السؤال ، غير مهتمة بإنه يتوجب عليها أن ترتشف أحد المرين ،!
تحدثــت هذه المرة و لكن عن شئ أخر ، شئ يشغلها : و هوة يروح ؟
ليجيبها عبد الله : إي ، بس يريد يتطمن عليج أول شي
هزت برأسها لتشير لـ زوج شقيقتها نحو الخارج ، غادرت المكان فـ تبعها عبد الله بـ ثبات ، وجدت شقيقتيها تنتظران قرب الباب ، و بالتأكيد قد سمعتا كل أطراف الحديث
توقفت قربهما ، لتبادر الكبيرة بإحتضانها لتفيض دموعها ، و يدر القلب دماءا حارة ،
يارب ، فقط ألهمها الصبر !
بين أمرين هي ، أحدهما مر كـ علقم ، و الأخر كـ زقوم !
فـ أما خسارة الرجل الذي تربت في كنفه أعواما طوال ، والدها ، و أما الرجل الذي بسببه غمسـت رأسها في دلو العشق ، ليلتصق بكافة ملامحها ، فـ يخرس فمها عنوة ، و يـغشي سمعها عما يتفوهون به ، و أخيرا يمنعها من الإبصار بعد أن إلتصق بـ أهدابها الكثيفة !
حتى إنه أصبح أقرب لها من كل نفس تستنشقه ،
ذلك السم الذي إرتشفته مرارا بلا كلل أو تعب ؛
تعلم بأن هنالك الكثير يـذوي فيها بسببه ، و إنه قد تكدس بداخل أحشاءها حتى تشبعت و فاض منها ليملأ تجاويف العظام ، و منابت الشعر ، و حتى أنسجة الأظافر !
إنتشلها من كوكبة الفقد تلك صوت عبد الله : ها جلنار ؟ شقررتي ؟
إبتعدت قليلا عن شقيقتها مكفكفة دموعها براحتيها ، إستخرجت من أعماقها كلام عاطفي اكثر من كونه واقعي : ما رح أروح لمكان ، أدري بيه يعااند ، اصلا اذا رحت رح توقع برااسه وحده ، لعد ليش جيت اذا ارجع اعوفه !
تبادل الثلاثة لمحات من نظرات متوترة ، إكتشفوا الآن إنها قد غاصت في وحل ما جعلها بشعة الحديث هكذا !
تخبرهم بإنها لم تأت سوى من أجله ، هذا يعني بإنها لا تهتم بهم و لا بخوفهم الذي عاشوه أسابيعا مضت !!
: اصلا لو متأخرين يوم بس ومـ لازميه ، جان هوة رجعني ، إحنننه متفقين إنو يتزوجني و بعدها يرجعني
أضافت جملتها الاخيرة مستدركة بعد فوات الأوآن ، فقد علموا علتها و إنتهى الأمر ، و مهما حاولت إقصاء تفكيرهم عن فضيحة مشاعرها لن تنجح بذلك
تدخلت روشن و نظراتها منصبة نحو رفيقتها قبل أن تكون شقيقة لها : بس هوة مرح يطلع اذا انتي تبقين
ليـعترف عبد الله : مرح يطلع حتى لو راحت
شهقت رعبا ، لتسل نفسها من قبضة زينة في محاولة للعودة لذلك القبو ، لكن عبد الله سد طريقها بـ جسده قائلا بواقعية : مرح تقدرين تغيرين رأييه ، هوة خاايف على أخته ، جلنار ، عوفيه و رجعي للغرفة ، المهم شفتيه و تطمنتي عليه
هزت رأسها بهستيريا ، تحاول ان تفلت من بين أيادي شقيقتيها اللتين تتمسكان بها : لالالالا ،، على اسااس شلوونه حتى أتطمن عليييه ، مداام هوة بهالبيت مرح أقدر اتطمن ، ما اقـــدررر ، إنتو متعرفون شسووه حتى ينقذ حيااتي ، عاف أخته و بيبيته متهجولين ' مشردين ' ، هوة قعد يم صديييقه وعاف بيتهم ، حتى امه خسرهااا علمودي .. ما اعوووفه ، عليييييي
تركها عبد الله بعد أن اخبر اختيها بضرورة إعادتها غرفتها ، و سل ذلك السلم الواصل بين النافذة المرتفعة قليلا و أرض الحديقة ، فـ إن علم والدهن بما فعلوه سيـكون حسابه عسيرا !
عاد أدراجه حيث يقبع ذلك الـ علي ، كم هو عنيد
يحمل روحه فوق كفيه و هو يسخر من الجلاد الذي يقتصه !
قرر إعادة توثيق رباطه ، و كإن كل تلك المغامرة لم تأتهم بنتيجة
أما هو فـ كان ما يزال على ذلك الوضع المسترخي ، أو المتوجع ، حتى سمع صراخها تناديه ، حاول إلهاء نفسه عنها بالتفكير في شئ أخر ، شئ أكبر أهمية بكثير ، شئ قد جفت ينابيعه الدمعية الآن بغيابه !
و لكن تلك الطريقة للنسيان باءت بأجمل انوع الفشل حينما لمح على قميصه شعيرات قصيرة متعددة .. لم تكن سوى رموشا ذوت من اجفان إمرأته ليتداركها قميصه
حمد الله إنه ما زال طليق اليدين ،، فلا يعلم ما كان سيحدث لو إنه لم يستطع نفضهما عنه بعيدا !
سحقا لها ، دوما ما كانت تأسر تفكيره و لو لـ لويحظات ، فـ رجل مثله لا يعرف معان لما فعلته هي ، و ما علمته إياه في فترة قصيرة
حدث عبد الله بهدوء حالما رآه يرفع تلك الأصفاد من على الأرض : قبلها .. أريد جكااارة ، و أخااابر صديقي
..لو أنَّ حبَّكِ كانْ
..في القلبِ عاديَّا
..لمَلَلْتُهُ مِن كَثرةِ التَّكرارْ
..لكنَّ أجملَ ما رأيتُ بِحبِّنا
..هذا الجنونُ ، وكثرةُ الأخطارْ
..حينًا يُغرِّدُ
..في وَداعةِ طِفلةٍ
..حينًا نراهُ
..كمارِدٍ جبَّارْ
..لا يَستريحُ ولا يُريحُ فدائمًا
..شمسٌ تلوحُ وخَلفَها أمطارْ
..حينًا يجيءُ مُدمِّرًا فَيضانُهُ
..ويجيءُ مُنحسِرًا بِلا أعذارْ
..لا تعجَبي ..
..هذا التَّقلُّبُ مِن صَميمِ طِباعِهِ
..إنَّ الجنونَ طبيعةُ الأنهارْ
..مادُمتِ قد أحببتِ يا مَحبوبتي
..فتَعلَّمي أن تلعبي بالنارْ
..فالحبُّ أحيانًا يُطيلُ حياتَنا
..ونراهُ حينًا يَقصِفُ الأعمارْ
..نزار قبانى
.
.
.
تجلـس منزوية على ذاتها في تلك الغرفة الصغيرة ، المتواضعة جدا !
الجـدة و بقيت في منزل إبنتها بعد أن رافقت عمر و ألن الى هناك ، و حينما إتصلت بها أخبرتها بـ أن ذلك ما يتوجب حدوثه ، فلا يجوز أن تضيق على اهل عمر ، و تواجدها هنالك أفضل فـ تستطيع مراقبة كل ما يفعله الحقير عبد الملك ، بالإضافة لـ تأثير مباشر تسلطه نحو تلك الإبنة !
لم تفكر بها و لا بحاجتها الهستيرية لشخص ما غير ساكني هذا المنزل ، إنها لا تستطيـع تقديم كؤوس الهم لهم و إجبارهم على تناوله بـ لذة كما تفعل هي !
لا تستطيع و إن طالبوها بذلك و هم يتجمعون حول مائدتها البائسة ،
واحد فقـط من صبت له كأسا عملاقا ، لكنه لم يأت و ترك مكانه على رأس الطاولة فارغا !
منذ ان رمت جملة الكره تلك امامه و هو لم يعد كما كان ،
فلم يهتم بها مطلقا بعد ذلك العراك ، تركها تأكل و تشرب تلك الوليمة الضخمة بمفردها ، بل و أتى لها بـ أطباق جديدة ، ليجبرها على الإستمتاع وحيدة بتلك الطاولة المزدحمة !
يقول بأنها و اخيها أنانيان ،!
من الأناني الآن بينهما ؟
ها هو يتركها لـ تلتهم اطرافها وجعا غير آبه بكل ما يحدث ، فـ بالطبع أولوياته أهم و زوجته الحبيبة هي أولى تلك الأولويات !
كم تكرهه ،
إنها تغرق في بحور الخوف و التشتت .. و تعلم كما هو بالضبط أن لا غطاس بإمكانه إنتشالها من هناك غيره ، و هو ايضا يغرق .. و لكن في واحات من الحب مع تلك الغبية
يبدو إنه يود ان تكون أنثاه غبية ، فـ تتمسك به بـ أنيابها ليرتد اليها مهما إبتعد !
تكرهه ، تكرهه جدا ،
و لم تذق للندم طعما بعد ما قالته ، يستحق أن يعلم ما تشعر به نحوه ، إنها لا تطيق له وجود
الخبيث
البليـد
الخائن !
مرة أخرى ، عانت من النزيف الأنفوي ذاك الدال على إرتفاع ضغط دمها .. و كيف لا يرتفع وهي تشعر بـ فوران موقد يصلي بدماءه محل قلبها الضعيف !
شعــرت بقدوم أحد الى الغرفة ، فـ أصيبت بإحراج تام كادت معه أن تطلق صرخة مكتومة بـ طرف الحنجرة على وشك أن تغص بها ، و كإن شريط تلك المعاناة التي عاشتها في منزل عمها يعاد تشغيله مجددا ، و لكن بهيئة أخرى
و بـ إنكسار أكبر
إنكسار لا يوازيه شبيه !
طرق خفيف داعب خشب الباب .. ليدعوها للـنطق سامحة للطارق بالولوج ،
صرير مزعج ، و من ثم ظهرت من الفوهة تلك اللطيفة ، شبيهة والدتها ، يبدو إنها كانت خجلة وهي تستطرق مشيرة بـ هاتف ما في يدها نحـو تلك القابعة فوق سرير منفرد حديث الإقتناء ، و كما أخبروها فـ هو لها : لينا ، هاي علي
بـ خطوات معدودة صارت قرب أية لتـستطرد الأخيرة : بسرعة أحجي ويـ ـ!
لم تكمل إذ إن لينـا أخذت الهاتف منها و نبضاتها ترتفع بلا هوادة ،، لن تصدق حتى تسمع تلك النبرة الكريهة و ذاك الصوت الخشن الذي لطالما إستنفرت منه و من أوامره التعسفية
همسـت وأطراف الأنامل تشد طرف خيط من أمل ، و دعوة بظهر الغيب إنسلت من بين جوانح القلب : علـ ـ..!
: إيي هاي اني ، شلوونج ليين ؟ حبيبتـي تسمعيني ؟ لييينااا سمعيني لتخاافين عليية .. شوفييي مابيية شي ، دتسمعيين صوتي ؟
لتصـمت قليلا ،
و من ثم تجهـش بعويل منتحب !
إنهارت القوى و أفلتت الأنامل طرف الخيط ، لتهوي أرضا مع صاحبتها ،
لم تشعر بوجـع إحتكاك ركبتيها بالأرض ، و لم تسمـع حتى ما تتفوه به أية ، و لا حتى والدتها التي دلفت الآن !
بل لا تسمعه هو أيضا
تركت الهاتف ليذوي من حضن كفها المرتعش ، لتغطي وجهها و تكمل نحيبها بـ شهقات متوالية ،
صدرها لم يفتأ أن يرتفع و يهبط بسـرعة ، و جسدها ينتفض محله كل حين ، لم تخطط لإن تكسر أمام أحدهم يوما
و لكن يبدو أن الرياح تخالف أشرعة سفنها هذه الأيام ، فـ باتت لا تعلم إن كانت ستنـجح بالعودة يوما لتلـك الـ ' أنفة ' !
إنتشلتها من وحدتها الموحشة تلك ذراعان تمتلكان من الحنية القدر الذي لم تذقه منذ أعوام خمسة ، و يزيد .. منذ أن فقـدت أغلى رجل في حياتها ،
لا تدري بأي حق داهمتها ذكرى إستشهاده ؟ أينقصها حزنا فوق أحزانها الآنية ؟
أم إن مكيال البؤس قـد توسع ، ويحتاج الى الكثير لملأه ؟!
ذكر الله قد تلي فوق أسماعها بنبرة متهدجة ، و وجدت نفسها بلا شعور تستعمر صدر هذه الحنون و هي تغص كل حين في الحديث الذي تود النطق به ،
تتمنـى لو بإستطاعتها إيصال رغبتها إليهم من دون تلك النعمة التي نملكها و لا نثمن قيمتها العظمى ،
من دون أن تفقد طاقة ما لتستخرج صوتا مسجونا في دهاليز ضاقت من العبرات ،
تـأوهات فقط ، هي ما إنسلت من بين شفتيها و بلا نية منها ،!
على حين غرة ، إنتشـر ذلك الصوت الفخم من حولهم ليصطدم بكافة الأجسام من حوله و من ثم يرتد نحوها هي ، فهي من يرسل حديثه اليها
بعد أن تكفلت أية برفع الهاتف من على الأرض و تحويل السماعة الى الحاكية الخارجية خرجت من الغرفة تاركة والدتها مع ' زوجة شقيقها ' بمفردهما و الهاتف ثالثهما ، فـ هي لا تهوى رؤية المنتحبين !
لم يكن يسيرا على اللين ان تسمع قوله وهي تغطي فوهة إحدى أذنيها بـ صدر حماتها ، فـ إرتأت الإبتعاد قليلا فقط ، و بدنها مرتخية عضلاته .. لذا لم تتمكن من رفع الهاتف مجددا ،
كانت نظراتها منصبة نحو الأسفل ، و أهدابها ثقلت بـ كم لا بأس به من القطرات الدمعية الملتصقة بأطرافها ، و التي تتناثر كـ حبات من الندى فوق سطـح أوراق التين بـ فجر باكي !
: لينااااااااا ؟ جاااااوبببي ،، لج بسـرررعة لإن رااايح
: وييين ؟
تلك الجملة كانت كـ قشة قسمت ظهر بعير ، أين يذهب أيضا ؟
أ يريدها ان تفقد صوابها كليا ؟
هذا الإنسان غير معقول !
ليصلها صـوته ثابت النبرة : لتخااافين ، و ركزي شوية ، أني طلعت منهم هسة و رح اختل بمكان ، بس ما رح أقدر اخاابرج مناك فليظل باالج زيين
ليست طفلة ، و لا حتى بلهاء كي تصدق هذه الأكذوبة البالية ، علقت بـ عجل و بنبرة متهدجة : علييي لتكــذب علييية ، أنني مووو صغيييرة ، قليي شحيسوون بييك ؟ حيكتلوووك ؟ قلـييي الله يخليييك
سكون ثقيل الوزن و واسع الفضاء ،
و من ثم نطق : لا حبيبتي محد يسوويلي شي ، عود ..... هية هم تخابرج ، و عرفي اخباري منها زين ؟
هية !!
لم يستصعب لفظ إسمها ؟
أ لإنه ثقيل على النطق تراه لا يود إرهاق لسانه به ؟
أم إن المشكلة تكمن فيه هو ، حيث إنه لا يستطيـع تقبلها في حياته كـ واقع !
فـ كل ما حدث له معها لم يكن سـوى كابوسا يحتوي على بعض الخيالات الـهانئة ، و يزدان بـ لحظات من اللذة الوهمية
إنتهت صلاحية الدموع ، فـ أبعدت آثارها لترجوه بعد ان غيرت وضع السماعة ، و من ثم رفعت بالهاتف نحو أذنها : علي لتكذب علية ، و ليييش عود هية تعرف انته وين و اني لأ ؟ الله يخليك قلي حترجع لبيتناا الله يخلييك
أجابها بتعقل و منطقية لا يتصف بهما وهي أكيدة من ذلك : لا بابا مدا اكذب ، و هية تعرف لإن رجل اختها رح يساعدني ، مثل موصيتج شيقول عمر سوي ، و ديري بالج على نفسج ، لتطلعين إذا هوة مو وياااج ، لين ما اريدج تداومين سمعتي ؟
لو كان المتكلم يملك صوتا طبيعيا لـ كانت سـ تغرق في بحور تلك اللفظة الأبوية الخالصة !
لكن مع اخوها فكل شئ يختلف ، فهو لا يسمح لأحد أن يذوب بـ حروفه طالما للسانه القدرة الخارقة على فض ذلك الشرود بـ سيل جارف
بابا !
كم إشتاقت لإن يداعب هذان الحرفان شفتيها ،
فـ اللسان لا دخل له بنطق أول حرفين في اللغة متصلين بـ كلمة شقية ،
كرر : طمني بيبي ، ديري بالج عليها و قتله لعمر باجر ياخذج يمها ، لينا حبيبتي .. بوسيلياها ، و اذا قدرت اخابرركم و احجي وياها عود اخابر ، إنتي هسة ديري بالج على نفسج ، زين ؟
: زيـ ـ ـن ، بس إنتـ ـه لتنسـ ـى أنـ ـي هنـ ـ ـا منتظـ ـرتـ ـك ، علـ ـي ، إذا مـ ـرجعت أموت
زفرة طويلة تلك التي وصلتها ، و شعرت بها تثقب لها طبلتها بثقوب متعددة ، ليـنهي المكالمة بـ كلام نادر الإنسلال من بين قيود احكمها على نفسه و مشاعره منذ الصغر !
و كإنما جمع كل الأحاسيس البشرية ثم لفها بورق مسلفن ، فـ أدخلها علبة ضد الصدأ ، حيث إنه سيستخدمها طويلا ، و في نهاية الامر أودعها تحت جليد أحد القطبين ،!
: لينا ،، أخاف عبالج أذيتج من جبرتج على عمر ، صدقيني هوة أحسن واحد ، هوة بس الي يتحملج ، بس إنتي غيري نفسج ، لازم تتغيرين و إلا تخسريه ، و إنتي ماعندج غيره ورة الله ، أني يمكن اطول ، سمعتيني ....... ' عيوني ' ؟
: يللا الله ويااك
أغلقت الخط من دون أن تسمح لنفسها سماعه أكثر ،
هل فعلا يعتبرها كـ ' عيونه ؟ ' أم إنها كلمة تدرب عليها ساعات طوال فقط كي يلهيها عن بشاعة غيابه ؟
إحتضنت الهاتف بكلتا كفيها و هي تتابع هذه الرابضة ارضا امامها ، تـراخت نبرتها لـ تعترف : أسفـ ـة خالـ ـة ، يمكـن رح اضوجكم بهالبجي و يمكن تتشاءميـ ـ..
لتتوقف عن اتمام الحديث عندما نهرتها حماتها بلطف تحتاج أن ترتشف القليل منه بين إبتلاع تلك اللقيمات العديدة من التعاسة : ماااماااا كااافي ، كم مررة قلتلج لتحجيين هيجي و تزعليني منج ؟ لج امي اني علي و ألن اعتبرهم ولدي ،، هذولا اخوانه لعمر ، و أني هســة قلبي صاير مثل النار على علي ، بس شبيدي و اسويه يا امي ؟ سوودة عليه
ببسمة متلاشية كانت تتابع صدق حديثها ، فـ هدوء نسبي أصاب قلبها إستـنطقها لقول : إسم الله عليج خالة ، أعرف بيج قابل تقليلي ، بس إدعيله الله يخليج .. خااالة انتي خوش مريية ' مرة ' فـ الله يخليييج إدعيله و إن شاء الله الله يفرج عنه و يخلصه
بـ إنفعال متعاطف تحدثت : آمييين ياربي آميين . و لتخافين امي ، طول وكتنا ندعيييله ،، و هسة مداام تطمنتوا عليه عايش و يحجي يعني ممسويله شي ، فـ أكيد هسة إتفق وية الولد حتى ياخذون الشرطة للمكان الي هوة بيه
كانت منشغلة بـ إبتهالات هامسـة ، و كفيها لا تزالا تضغطان على القطعة الإلكترونية العائدة لـذلك البليـد ، وقتها ظهرت أية مجددا ، قائلة بالكثير من الرقة : لينا حبيبتي بس الموبايل عمر يريده ، إذا متحتاجيه
سكيـن ما ، بتمرس و حقارة بدأت تحز نفسها حول حبالها الصوتية المتدلية ، فلم تتمكن من النطق بشئ و لكن فاض سيل من البركة الدمعية في عينها اليمين و هي تمد بالهاتف الى مستوى أية
غير إنه تخلى عنها هنا ، و إبتعد عن التواجد بمكان تقطن فيه ، ها هو يسحب منها هاتفه الغبي ، الكريه
و كإنها تحتاجه !
إنتفض جسـدها بشدة ، فسقطت تلك السكينة تاركة الحبال حرة مجددا ، فـ إستغلت الأمر لتهمس قاصدة تستوقف أية بـ صوت باك حاد : عفيية خليييه يصلـح مووباايلي ، اذا متصير عليه زحمة
والدته كانت تراقب كل تخلجاتها ، لكنها لم تنجح بإستشفاف أي شئ ، فهي تائهة بـمجرة من حزن ، سببها كل الرجال من حولها .. فـ والدها و مصطفى لم يكن لهما خيار ، بينما علي .. و الآن عمر الذي بـدأ يشهر إنسحابه من مسؤليتها ، إختارا أن يتركاها تعاني بمفردها ، فهي لم تقدر يوما أهمية أي منهما في حياتها !
لم تستطع إلقاء اللوم على ولدها بعـد أن أخبرها أن تهتم بكافة شؤون هذه المدللة ، فهـو الآن مشغول بـ أشياء أخرى و لا ينقصه تعامل فظ من إبنة السلطان !
له كامل الحق بـ أن يمل ،
لكنها تشعر بـإن من امامها تحتاجه بشدة ، لا تعلم و لكن ذلك الفؤاد الذي يتفعل لا إراديا عندما يختص الأمر بـ من كان يوما ما جنينا صغيرا يقطن أسفله أو بما يتعلق به ، يخبرها بإن عناد اللين و عنجهيتها قد ضاعا منها في منتصف الرحلة !
لتبقى الآن فارغة من كل شئ إلا من طفولة كانت دوما ما تقربها من هذه العائلة
.
.
.
|