كاتب الموضوع :
حلمْ يُعآنقْ السمَآء
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
فحبك كالطرق القروية في العالم الثالث نصفها مسدود,
والنصف الاخر يقود الى الهاوية!...
غادة السمان
إمتلأ صدرها رعبا ،، ما الذي هذت به لينا ؟
يا إلهي .. إختفى !!!
علي ،، من فعل بك هذا ؟
أ يعقل إنه والدها كما تتهمها أخته ؟
يا رب
لا ،، فقط لو سقط بيـد والدها لن يرحمه
تقسم بإنه سيمزق جسده إربا متفرقة ، ليرسل أشلاءه لـ أهله بدم بارد ،
يارب .. أرجـوك لقد أحسن لي و أنقذني مرارا ، فـ إنقذه يارب
إبعد عنه كفوفهم الـ ملوثة بدماء الأبرياء ،،
يااارب .. إحفظه لـ أخته ، و لـ ـ ـ ـي ، يــارب !
أغلقت الخط لتنسل بخطوات خفيفة موسدة الهاتف فوق صدرها المنـدلعة نيرانه ،، تشعـر و كإن أنفاسها تشابه تلك التي للتنين ، لا تعلم إن كان هو إسطورة ام حقيقة ، لكنها هي الحقيقة هنا ،فها هي تنفث لهبا متكدسا في دهاليز الرئتين
تهادى لمسامعها صوت المسنة تسألها عما حدث ، لكنها إحتفظت بنظام الصمت الذي إتبعته لأيام ، و من ثم دخلت الحجرة المخصصة لها
تلك التي شهدت على مصائب قلبها ، و إستسلامه الواهن !
فيها سلبت منها حياة كان من الممكن أن تعود طبيعة .. و لكن ، بلا قلب ، و لا روح ، عودتها كانت ستكـون كـ سابقتها ، و ما حدث هنا كان بإمكانه أن يلف بأوراق الجرائد المليئة بالترهات الكاذبة !!
كانت ستنجـو ، و ينجو معها ؛
أما الآن .. فـ لا صريخ مظلوم بإمكانه أن ينقذهما
يال خبث هذه الجدران التي لم تحاول أن تردعهما عن الهرولة في طريق أعوج ، ملئ من الحفر أكبرها ، فيعرضهما لـ تهديد الوقوع الدائم ، ليدفنا بـ لا علم لأحد !
تعلم لو إنها قاومته بـ شدة و شراسة كان سيتركها ،، سيتخلى عن سقي شجرة الإنتقام الخبيثة الجذور ، على الاقل كان سيقطع غصنها هي ، فيبعدها عن اياديه ،، لكنها هي المذنبة الأكبر ،
و ما فائدة لوم الذات الآن ؟
لم ينفع ندم النادمين احدا بعد فـوات الأوان ، لن يفعل سـوى سلخ جلودهم بـ أسواطهم الـ حقيرة ؛
تثخن قلبها لـ شدة الوقع ، سـ تصاب بالجنون إن لم تفعل شيئا ، لن تتركه ليتعلق ذنبه مع أخواته الثلاثة كـ سلسال من حديد منصهر ، فيلتصق في جيدها و نحرها ليـخترق جسدها و يذيبه
لن تتحمل أن تكون أحد أطراف المنكرين لإحسان قد فعله لأجلهم ، لن تسمح لـ والدها أن يـغتال أجمل ذكريات ستبقى حبيستها بقية الأمد ،
فتدندن على أطلالها أناشيـد الوحدة !!
رفعت الهاتف لـ تتصل بـ لينا مستعجلة ، لتثبته بشمال مرتجفة ، بما إن اليمين تستحق أن تمضغ الآن ، فـ لولا فعلتها النكراء لما خشيت أن تعود لهم راكضة بـ نعلين متهرئين ، أو حتى بـ قدمين حافيتين !
أما الآن ، فـ تريثت حتى إتخذت لها قرار سليم ، ليس فقط لإنها أحبته ،، و لكن لإنه يستحق التضحية
فقـد ضحى من أجلها كثيرا ، كثيرا جدا
و جاء وقت سداد الدين ، لن تخذله ،، كما لم تفعلها منذ سنين
ما إن وصلها صـوت لينا المنتحب ، تحدثت بـ تماسك مزيف : لينا ، الله يخليج باجر تعالوا رجعوني لـ بغداد ، لازم تجوون و ارجـع لأهلي ، إذا مرجعـت أبـووية يكتله والله يكتلـه والله !
حتى الآن لم ينجلي وقع المصاب يا جلنار ،
لم تجف المنابع الدمعية ، و لم يكف القلب عن اللهج بالدعاء
و تأتين أنتي ، لـ تفتقي الخيـط البالي الذي اخاطت به جرح صدمتها ،
ترتدين قفازا مسموما لأبيك فتجتثين قلبها ، لترميه تحت قدميك و تثقبيه بـ كعب علياءك و بـ أرجل كرسي ذلك الأب المتوحش !
.
.
.
يحرك أصابعه ببطئ ، فتفلت منه صـرخات متوجعة لكن صامتة ، !
إكفهر وجهه ، فـ تجعد جبينه ، و أنفاسه بدت متعالية ، لكن خافتة !
إستـرجع ما حدث في ظرف ثـواني بعد الإستفاقة ، حاول تحريك جفني يمينه للمباعدة بينهما ، و إبصار ما حوله
لكنه فشل
هز برأسه ببطـئ ، ما هذا !
تبا !
يديه مكبلتين ، و عينيه معصوبتين !!
جسـده يستند على مقعد بالكاد يحمله ، و يشعر بالأوجاع تهتك بـ كافة أطرافه
و كإنما شعر بـ أرجل رجالهم الفولاذية تسحق كفيه مجددا لمجرد الذكرى !
لم يقابل طيلة الـ ثلاث عقود وجعا كـ هذا
سحقـا لهم أشباه الرجال ، فـ لو كانوا رجالا حقا لما كانوا إستخـدموا كلابهم القذرة المسماة بالـ حراس الشخصيين في غرس أنيابهم في لحمه
و لما إستسهلوا عراكه وهو واحد ضد إثنين !
يظن قاسم ، الحيوان ، بإنه سيـنتقم منه بهذا الضرب الوحشي ، فـ ليتلحف جيدا و لـ يكمل أحلامه القذرة بعيدا عن فضاءه !
الكلب ،
لم ينكر إنه وراء قتل أختيـه ، تبا له و لـ أهله جميعا ،
و تبا لها هي أيضا ،، تستحق ما حدث معها فهي لم تقف بوجهه لـ تعلن له عصيانا على إستبداد ذبح به زمرة من البشر
بعـد أن عبر حدود الإستمتاع في ردة فعل ذلك الـ حيوان إمتن كثيرا لـ تلك الضحية ، نعم لقد جعلته ينتشي ، و يـبتلع ثأر أختيه إبتلاعا
شـعر بـ حركة ما من حوله ، فـ امال برأسه قليلا ،، كاتما أنينا نشأ في احشاءه الرخوة ، و تلك العظام التي هي أيضا تراخت !
ينتظر أن يأتيه أحدهم بـ خبر ما قد يثلج صـدره كـ موت ذلك الكلب المسعور ، و سيسعده أن يغادر الدنيا بعدها حاملا راية النصر و مقلصا من عدد السماسرة
كم تبدو فكرة لذيـذة ،، لذيذة جدا ، ليته يقضم أطرافها فقط
تحرك رأسه بيدين غليظة تفتح له عصبة حول رأسه ، كشر ملامحه إثر دخول الضوء المفاجئ لـ عينيه ، شخر قليلا ثم علق ساخرا بعد أن لمح الغريم : مـ مات و خلصنا ؟
شعر بتلك اليدين تكاد ان تخترق عظام فكه و هو يضغـط فوقهما بـ كل قوة إكتسبها طيلة سنين عمره
توسعت فتحتي أنفه و عيناه أيضا ، و تناهى له صوت إصطكاك صفي أسنانه ببعضهما ، و لشدة إحتكاك ناشئ بينما ظن إن قواطعه ستتآكل لا محالة ، ليهمـس الأخر بصـوت خافت ، كـ فحيح ثعبان سامة : يا إبن الكلب ، والله ، والله ثم والله .. موتـك رح يصير على إيــدي هاي ، شوفهااا زين و تذكر ، بس مو هسة .. من تاااكل *** و تقوول ويين البنيــة ، لإن إذا مقلــت ، رح تذووق السم ، تعرف شنوو يعني تذوقه .. و تتمنى تموت ،، بس مـ تموت
قاوم تلك القوة الدافعة التي يسلطها هذا الذيل الأعوج حتى سمع طقطقة بـ فقرات عنقه ، أجابه بـ عنجهية ، و لذة رغم وجع دق بمطرقته فوق كل عظامه ، حتى فتتها : ههه ، بطل ، إنته الي جنت خاطبهااا مو ؟
كم يستمتع برؤية هذا الحطب المشتعل بـ عيونهم الوسخة تلك التي إستمتعت بـ رؤية المسفوك دماءهم ، تراخت قبضة هشام ليجحده بنظرة مـرتابة ، فيقابله العنيد بـ شبه إبتسامة ، مضيفا ببطئ : الظاهـر عمك مقلـك شنو الي وقعه
لم ينجح هشام بتمالك نفسه ليسأل عن شئ ، و إستدرك الأخر بـ ذات السخرية : ها صدق ، احتمال الخبر شله ، و بعد ميقدر يحجي ، موو ؟
رد هشام هذه المرة كان بـ لكمة قـوية سددها نحو أنف هذا الحيوان ، يبدو إنه لم يستوعب بعد مالذي يمكنهم أن يفعلوه به ،، يستطيـع إقتلاع لسانه من أصله ، كي يكف عن التجاوز بـ حديث قذر كـ هو
ليلهث غضبا نقر صدغه : انته ناااوي تنكتل لوو شنو قصتك ؟؟ و عمي رااجعلك ، شوية يرتاح و يجي يراويك ياا قندرة تسووى
عاد المقيد في التعدي على حرمة المنزل رغم طعم الدماء المتدفقة داخل فمه ، و رائحتها المقرفة التي إختلطت بإنفاسه : هه بس شكلك متدري لهسة ، عود سأله ، ليفوتك الخبر هه
شدهة هشام جعلته يزيد مكاييل التعدي : أقلك إنته شمنتـظر ؟ عبالك رح تعرف مني وينها ؟ فهمته لعمـك شصار ، و ما اعتقد يريدهـا بعـ ـ ـ!
ليكف عن اتمام الحديث ،، و إكتفى بكتم صراخ قد يـثلج صدر هذا الثائر لـ عرضه ، تلقى الركلات و اللكمات بـ فيض من الإنتشاء النفسي
و هشام لم يستطع أن يهدأ ، بل تجاوز الإنسانية بـ رمي هذا المنتهك لـ شرفهم بـ قبضات تمنى لو كانت مزودة بـ قفازات من حديد
كم من المرات سقط بالمقعد فيعود هشام ليعدله ثم يـبرحه ضربات جديدة ، الى أن شعر بـ جروح يده تؤلمه ، ليبتعد و زئيره لم يفتأ أن يتعالى ، لم يخمد سعيره حتى الآن ، ركل سجينه ختاما ، حتى هبط قاعا مع مقعده على جانبه الأيمن ، و تأوهاته إختفت بتلاشي تقلصاته العضلية !
.
.
.
ليلـة إنقضت ، و لا تعرف أنى لها أن تفعل ، لكنها أكيدة بإن تهجدها لـ ساعات طُـوال قد قلل من تفاقم أثقال الـ رعب في جوفها ،
نعم .. قد تكـون تذوقت كؤوسا من مرارة الفزع ، لكـن فزعها الأخير كان الأكبر
لا تستـطيع تصُـور بقية حياتها وهي تـحمله بقلبها ذكرى مستباحة بـ سلاح والدها ،
إنه لأمر مستحيل .. سـ تكره أباها ، ستكرهه ، وهي لا تريد ذلك .. !
تتـربص خوفـا من أن تتحـقق كوابيس يقظة لم تفارقها منذ الأمس ، يا إلهي .. أرجوك .. أستـجديك و أتوسل إليــك .. ألا تفجـعني و أخته به ،
ربـاه .. أرجـُوك .. لا تـدعه لـ من لا قلب له ، أتوسلك يا الله
حـُذرت مسبقا من أن تُخبر الجدة بشئ ، لكنها لم تأبه ، فـ هي وحيدة . . ضعيفة ، و مرتعدة الفرائص !
لن تستـطيع إرتداء نقاب ما ليستر عُري خوفها ، لـ ذلك إرتأت إخبارها بـ حقيقة مُحرفة بعض الشئ ، وهكذا ستجد مبررا لـ قلق يطفح من مقلتيها
و ذلك التلفيق تجسد بـ إن أحـدهم قد هـدد علي ، و هُو الآن يختـبئ في مكان ما ، لذا فـ عليها العودة لأرض العاصمة .. لـ تـهرول لـ منزلها ، فـ قد يكون ذلك الـ " أحدهم " ليس سوى والدها .. و إن رآها .. بالتأكيد سـيترك علي و شـأنه
وها هما الإثنتـان ، تنتـظران مجئ لينـا و .. رفيقي سجانها .. ذلك الذي بات مسجُـون أبيها الآن ، كـ أضخم الإعتقادات
أغلقتا أبـواب و نوافذ المنزل الصغير ، لتنهيا فصُـول رواية لم تكتمل بعد ، و لم تشـأ أن تفعل !
أنين يفلت منها كل حين ، متبوعا بـ أدعية " باكية " تعبر حُنـجرة المُسنة ، تلـك التي فقـدت القدرة على الـ حراك بطبيعية بعد سماعها الخطر المحدق بـ عينين شرستين نحُـو حفيدها ، بل طفلها !
فـ لطالما عاملته كـ صغـير يتيم ..!
مُدلل لأبعـد الحدُود من قبلها ، و لو كـان بيدها أن تـفديه بروحها الـمتأرجحة على أرجـوحة الخُـوف الآن ، لـ فعلت
رن هاتفها معلنـا عن مكالمة في الإنتـظار ، و لم تـكن سوى من لينا التي كانت نيتها إخبار جُلنـار بإن تخرج حتـى نهاية البـستان .. فـ لا يود أحدهم أن تكتـشف الجدة شئ ما
و لـ كون زهرة الرُمـان تعاني ذبولا ذهنيا و وهنا بوريقاتهـا نسيـت أن تخبر لينا سـلفا بـ كذبة لفقتها لـ ترميها فوق أسماع المُسنة
و عندما رفعت الجـدة الخط .. بنفسها ، وصلها صُـوت لينا المتوتر ليبتر الخيط الفاصل بين الزيف والواقع : جلنار يللا بسـرعة إحنة وصلنـا .. طلعيلنـ..!
صمتت بـ صـدمة حين سمعت الجدة تقول بلهفة : وييييينكم ؟؟ تعااالوواا لباب البيـت لييينا .. أني هم جـااية ، يييمممة أريييد اشووف إبنـي
على الطرف الأخر ، أخفضت الهاتف قليلا لتعلق أنـظارها بـ عمر من خلال المرآة الأمامية .. مرتعشة بهلع : بيبـــــي عررررفت .. عمـررر تدري بيبي و تريد تجـي ويااانة !
كـان آلن يـرافقهم ، و يـجلس في المقدمة قرب عمر ، ليعقب هو مسرعا : دتبــجي ؟!
أجابتـه بـذات الإسلوب : لأ ، بس تقول تعالوا لـ باب البيت
تـدخل عُمر : إهدي إنتي و لتخرعيها .. و قوليلها زين جايين هسة
فعلت ما أُمرت بـه ، ثم مـرت الدقائق التالية بطيئة كـخطوات عرجاء تتكأ على عكازات من البلاتين الـنقي !
بـ تعليمات من ألن ، الوحيد الذي يـعرف الطريق وصـلوا المنزل المنشُـود .. لتـترجل لينا من السيـارة بسرعة خاطفة ، متبوعة بـ صرخات عمر و ألن محذريها من أن تُفجع الـجدة
لكنهـا هي الأخرى ، لم تـكن سُوى شبيهة لـ إبنة قاسم ، و لكن بطـريقة أسـوأ ، فـ ما إن ضربت على الباب الحديدي .. و قُوبلت بـ جُلنار التي تنتـظر خلفه .. صـرخت مرتجـفة : يـاللااا بـسرررعة خلي نرررجع قبل ليكتلوووه .. بـسررررعة !
: شنووووووو ؟؟ يكتلووون منوووو ؟
كانت صـرخة مـهتزة الأصُـول و متـبعثرة الفروع ، من قلب جدته !
لـ تركض نحُـوها لينـا .. دافعة بـ جسـد جلنار قليلا لتخلي لها الطريق ، هذه هي من تمنـت أن تـمضي الأمس بـ حضنها ، و إن توجعت .. لن يهم ، فـ هي الأخرى تتـُوجع لـ درجة قصوى
لـ درجة الأنـانية ، حاول الجميع أن يلملم شتات روحها بالأمس ، و واحد فقـط من نجـح بـ إلصـاق بعض من الأشلاء المُبعثرة .. و هي هنا تبـحث عمّن يكمل لملمتها !
الجدة دفعت بها صارخة : ولـــكم شكووو ؟؟ إبنننني شبيييه ؟؟ علييييي شبيييه ؟! ولج اخووووج ويييينه ؟
إستـدارت مصـدومة تحاكي جلنار بصمت . .لتـقابلها الأخرى بـ إرتعاشة صُوت : مقلتلها الصدق .. لينا شسويتي إنتي ؟ ياااربي
إثر الصُـراخ ذاك .. تقدم الرجلان نـحو الباب المُشرع .. لـ يتحدث ألن من مكانه بـ نبرة قوية : بيبي لتخااافييين عليييه ، مبيييه شييي
نقل نـظره لـ عُمر قائلا بـ غيظ : شقد ثووولة هاي ليناا .. عود صار ساعة نوصي بيها
برر لها تسرعها : ليش هسة أكو عقل براسها ؟ زين منهاااا واقفة على رجليها
تمتـم ألن : دروووح ، هسة شيسـكت بيبيته ، إحنه أعصابنا راح تنفـجر .. هالمرة تعالوا ..!
أصمته عُمر : ألن و سسسم ، هسة وكتـك
أشار له ألن : دفوووت سكـتهاا إنته ، يللاا بسرعة حتى نرجـع !
كـانت قـد تربعت أرضـا ، و عباءتها تـلتف حولها ، تصـرخ بالفتاتين غير مُصـدقة لكلام مزق أوعية الـقلب : ولكم إحجوووا .. ليييش سـاااكتييين ؟! علييي وييييين ؟
دلف عُمر ، فـ دنا منها لـ يجلس القرفصاء قربها : السلام عليكم ، حجية يمعـودة قولي يا الله .. مااا بييه شي ، متعرفين لينااا أم دميعة و خوااافة
مـدت يدها لتضغـط على ساعده بـ قوة متلاشية : أحلفك بـ الله العظيييم تقول الصدق ، إبنـي ويييين ؟؟ علاااوووي وييين يمممة عمررر ؟! ررررح يكتلووه ؟
بالإبهـام و الوسـطى ، ضـغط مقدمة عظـمة الأنف ، لـ يهمس بهـدوء : لتخـافين يا عيني ، إن شاء الله ميصير له شي .. قومي يا يوم خلي نرجـع لـ بغدااد و نشـ...!
قـاطعته صارخة بعـد أن أفلتت يده : ترييييدني أفووت بغداااد و ما ادري علي ويين ؟ من عمـــت عيني إذااا طبيتهاااا وهوة ماااكوو
كـانت تشعل فتائل الـوجع بـ جسدي الـ فتاتين من دون أن تقصـد ، فكل منهمـا تتمنى أن تملك أجنحة تنقلها حيث فقيدها ، او حتى ترزق بقدرة خارقة على الاختفاء و من ثم الظهور في موقع الحدث ، كـ ما إعتادت سابقا في أفلام الرسوم المتحـركة !
كانت تقف على مقربة ، ببدن يهتز إثر شهقات الرعب التي عصفت بها ، الجدة تـذبحها بهذا الحديث من غير أن تعلم ، تذبح أوردتها فالشرايين ، جلست لـ تسند قدها بـ ركبتيها المثتتين ارضا ، سحبت كف الجدة و بنبرة متوسلة : بيبي لتبجييين هيجي ، الله يخليييج لتقولييين رح يموووت ، الله يخلييج بيبي ، والله هسة نرجع جلنار لأهلها و هية تفهم ابوهاااا ،، لاازم يعرف انوو اخوية معلييه بيهاا ،، والله معلييييه !
هتفت الأخرى بـ عقل غير مدرك لـ وجع إقتحم بحصونه قلب الـ جلنار : الله يااااخذهااا ،، كللله منهااا ، الله لا ينطيهااا ولا ينطي ابووهاا ، رح يموتون ابنـيييي
مدت بيدها نحو عمر لتستند عليه مكمله صريخها المدمج بألحان باكية : وج سعيييـــدة ،، نعلعلااا أبوووج يا قشرة يا بت القشرررة ، ولج إبنننج رح يموووت و انتي فرحااانة بـ الـ **** عبد الملك و جهاله ، من تروحووون كلكم فدووة لطوووله ، يمممة علييي ، يممممة إبنني
أعانها عمر على الإنتصاب ، و هو يتابع حركات جلنار بـ إهتمام حريص ، إنها الأمانة الصعبـة ، و هاهو يضحي بها ، من اجل المؤتمن !
جلنار إبتلعت الكلام لترتشف الهم في أكواب مغبرة ، فـ يتعفن بـ جوفها و تفوح منه رائحة نتنة ، لا تحتمل !!
ركضت قبلهم خارجة من المنزل ، لتقابل ألن المنصت لكل الحديث ، حاول النطق بشئ ، لكنها منعته بـ كلمات تتزحلق من بين الشفاة المرتعشة : ألن ودووني بسـررعة ، لازم نوصل بسرعة ، الله يخليك
سبب هذا الرعب بات مكشوفا للجميـع ،، و ألن من ضمنهم ، لكنه قرر الإدلاء بـ أمانة علقت بعنقه و عنق رفيقه : ترة علي ميريد ترجعين ، وصانا علييج أني و عمر قبل ليختفي ، معليج بحجيي أي أحد ، إذا متريدين ترجعين فـ محد يغصبج ، و علي رجال و يتحمل
إرتعبت و هي تحاول جاهدة أن تفك طلاسم هذه الوصية ، مالذي ينوي فعله ؟ ألم يجبرها على الرضوخ لتوافق على أن ترمى بـ فم القرش ، اليوم .. الخميس ، كما إتفقا ؟!
فجإة وفي خضم رحلة البحث عما خلف الستار إشتعل قبسا ما في عقلها ، ليضئ تلك الدهاليز المعتمة ، سامحا لها أن ترى كل شئ كما الحقيقة !
إرتجف فكها الأسفل ، لتهمس محدثة نفسها بلا وعي من قبل خلاياها العقلية : عزة ، عزززة ، حيقلهم كتلني ، عزززة !
هذه الفكرة التي تبلورت فـ نضجت بـ عقلها بعد تلك الإضاءة الممتازة ، و هذا ما جعلها تهتف بـ هلع : الله يخلييييك خلي بسررعة نرووح ، الله يخليك
أشار لها نحو السيارة متحدثا : على كيفج ، و لتخافين .. و مثل مقتلج والله اذا متريدين ، محد يقدر يضوجج بحجاية ، بـس قـ ـ!
قـاطعته بـ هلع أكبر و تلك الافكار تنقسم طوليا و عرضيا ، لتتكاثر كـ بكتيريا مضرة بالصحة .. و مسببة للشديدة من الإلتهابات : لالالا ، والله اريييد اروح ، شلووون اخليهم يكتلوووه شلـوون !
لم تعتقد إن نهاية تلك الفوبيا المرضية الزاحفة لها سينقضي أجلها قبل أن تنتهي الحكاية كاملة ،، فهاهي تقف بينهم جميعا و لا خوف يسكنها منهم ، رغم إنهم لا يمتون لها بصلة
و لكن الخوف الأعظم .. كان من قبل رجال يحملون من دماءها الحصة العظمى ،!
.
.
.
سبب نكسته إقتصر على تفاقم أعراض الذبحـة الصدرية التي يعانيها كـ داء مزمن ، و إحتاج البعض من الوقت لإسترداد عافيته بعـد أن قامت تلك الحبة القابعة تحت اللسان بإنقاذ حياته
و ليتها لم تفعل .. فما حيلته بـ حياة يعيشها منكسا لـ رأس الكرامة و مرتديا لثوب العفة الممزق !
لا عيش يستهويه بعد أن تحطمت فتاته ،، بسببه و بسبب جشعا سكن نفسه و أبى أن يفارقها إلا بعد أن إهتزت الأرض من تحت قدميه ، لتجعله يتدلى من فوقها ، حتى هبط بـ مراكز لها
حيث درك الجحيم الذي يستحقه الأنذال أمثاله ، و أمثال ذلـك الحيوان المسمـى بـ علي صفاء ، لقد تعدى على أسياده ، و أشعل نارا بـ ثوب العرض ، لتأكله ، و من ثم تتركه بقايا رماد !
سيندم ، و الله سيندم بإنه إقترب من حرمات صغيرته ، وهو سينتقم لكل دمعة أنزلت من مقلتيي فلذة كبده بسبب جحش كـ ذلك المحتجز ، لن تتوقف بينهما يوما لعبة إراقة الدماء تلك ، فـ لا أحد يغمد سيفه بـ مبارزة ممتعة كـ هذه
كان بطريقه نحو القبو مجددا ، ذلك الكائن تحت مكتبه الخاص ، حيث به تقام بعض الاعمال اللا قانونية
تقابل مع إبن أخيه الخارج توا من هناك ، الذي ما إن رآه حتى حث الخطـى ليصله بلهاث و أثار الحرب الغير متكافئة تتجلى فوق مظهـره ، يبدو إنه لم ينم أمسه !
وقف أمامه ليشــدد من قول يكاد يمزق له بطانة معدته ، ليورثه قرحة عميقة لا شفاء معها : عمووو ، بســرررعة قلي هذا الـ **** شقلك و خلاااك تووقع ؟
زفر قـاسم بهم ، ليلقي بنظراته نحو الجثة العملاقة القابعة قرب الباب بـ صمت مهيب ،
و كإن صاحبها لا يرى و لا يسمع ، و لا يتكلم حتى !
كإنه أداة الكترونية ، زرها الوحيد هو الزنـاد المنطلق نحو الهدف المراد الخلاص منه
كرر هشام قولـه بغلظة و تتابع أنفاسه جعل عمه يعاني من أعراض أخرى قد تكون لنوبة جديدة : قلللي شقلـــك ؟ الحيوااان يقووول .... يقـ ـ ـ!
قطـع حديثه إتصالا ورد هاتفه ، ليخرجه بغضب و بنيته أن يغلق الخط لكن عمه أمره : جاااوب
كان من أحد الحرس القابعين امام القصر و فيما حوله كـ جنود يدافعون عن حمى بلادهم ، بالرغم من فساد يسود حكامها و شعبها ،
أخبره عجلا ، بإن ' إبنة الأستاذ ' قد عادت توا ، و هي الآن في الداخل !
لم تكـن ثورة طبيعية تلك التي ثارها وهو يتحرك سابقا خطوات عمه بعد أن أخبره بالأمر ، ليتبعه الأخر معصور القلب مسـود الوجه
كيف سيسمح لـ نفسه أن يراها بعد أن لوثها بـ قذارته ؟ أ سيمثل دور المغتال كرامة ؟
انفاسه تهدجت ، و إرتأى أن يتوارى خلف الـجدران ، فقط كي يسمع صوتها و يصدق وجودها حية !
و بالفعل ، أرهف السمع لبكاءها المقترن بعويل والدتها و نحيب اختيها ،، تمـزقت أغشية قلبه عند سماعها تسأل عنه متشـدقة ، ما الذي تريده من مجرم مثقل ظهره بـ أوزاره و أوزار كل من يعمل تحت إمرته ؟
أ تريد محاسبته على ظلم رد له عندما أحاق بها ؟
إرتفع صــوت هشام ليطغي فوق اصواتهم الحريمية ، صارخا بها بـ دم ثائر لا لومة لائم معه : ويييييييين جنننننتي ؟ بسررررعة احجـــي
ذهول فـ صمت كان تعبيرهن ،، ليعود فيهتف : جلنااااار جااوبي لا احرررق البيييت على راااسج ،، صاااارلج اساابيع مختفيـة وييين ؟؟ بليييلة العقد إختفيييتي و هسة من لزمنا الكلب ابن 16 كلب ترجعييين فهمينيييي هذاا شنووو يعنييي
تعالى بكاء صغيرته ، ليتوسله قلبه بالرفق ، فـ رفق ، ليظهر لهم من خلف احدى الابواب الرئاسية ، و انظاره تستحـي أن تبحث عن طفلته كي لا يرى أثار ايادي ذلك القذر موشومة فوق جسدها العفيف
هي ما إن رأت من عادت لتستجديه ، إنسلت من حضن والدتها لتستقيم ثم تركض نحوه بـ هلع ، تشعر بإن صدرها سينفجر بين الفينة و أختها
الترقب حلل لها خلايا المخ ، سامحا للـ جنون ان يسيرها ،، إرتمت فوق صدر والدها تبكي نفسها و تبكي علي !
تعلم إنها بعد قليل ستفقد هذا الرباط السميك الذي يربطها بهذا الرجل و قد تفقد معه حياتها ، و عزائها الوحيد إن ما حدث كان تحت إمرة الحلال ، و إن قتلوها ستكـون شهيدة بإذن الله !
فهي هنا لتدافع عن الحق ، تضحي بنفسها من اجل نجاته ، و من ثم عودته لأخته و جدته سالما ، أو شبه سالم !
والدها لم يستطع تقبل قربها هذا ،، بل يقسم إنه إستنشق بها رائحة ذلك القذر ، و كإن أنينها هذا يحكي له عذاب ليال قد مضت ، فتاته تدنست رئتيها بأنفاس حيوانية ، و تمزقت بشرتها بـ مخالب مفترس !
سيقطع له يديه بدلا من تقليم تلك المخالب ؛
حتما سيفعل
صـرخ بها هشام وهو يدنو ليسحبها من زندها فيهزها بـ غضب : جاوبيييني ، شـ صاااار بييينكم ؟
إذن لقد أخبرهم
و كإن رحم الاماني أجهض جنينه توا ، لتنازع ألما نفسيا حادا اثر فقده ،، آه ، لا تحتمل اوجاعا جديدة ، لم طعنتها يا علي و أنت تعلم بإنها تحمل بـ روحها جنينا لأمنية في ساعاتها الاولى ، حيث إنها تكونت بعد إتصاله الأخير
ليصـدم كل ما فيها عند صرخة والدها الموجهة نحو ساعده الايمن : هشاااام لو تحتررم نفسك لو تووولي بـرااا ، إنتتته تــدري بت عمك شريفة ، و اذاا صار بيها شي فهذا من الـ **** الي جــوة
تعالت الصرخات القادمة من اختيها و والدتها ، لم تفكر أي منهن بـ فاجعة كهذه ، رغم إمكانية حدوثها !
و إرتفع صوت هشام مجـددا ، ليستخدم سبابته في تهديدها : شوووفي ياا بت عمي ، والله اذا عــرفت انوو عندج غلطة صغيرة وصلتج لطيحااان الحظ هذا اذبحج بأيييدي سمعتتتي ؟
ليزمجر والدها فإرتعدت فرائص النسوة جمعا : هشااااام انجب و اطلـــع براااا ،، يااا ناااقص بت عمك اشررف من الشرررف ، بيك خير روح استرجل على الكلب ابن الكلب هذاااك ، هاهية روووح كتله يللا ، بتي و رجعت بعــد لاازم يصييير عبرة لكل حيوان مثلــه
لم يـخرج بل أضاف متحديا وهو يدفع بها بعيدا : لا والله ميموت قبل ليشووف حظ اخته طاايح و يذووق النار المشتعلة بـ صدري ، الااا اخليه يبوس رجلي حتى اعوفهاا الااا اخذهااا قدام عيووونه مثل ما لعب بشرفنااا
فهمت توا بإنه لم يخبرهم الحقيقة ، إحتمل طوفان غضبهم ليحميها من بطشهم ، أو ليتناول وجبة الثأر بـ أضافة منكهات لاسعة لحليمات اللسان ، لا يهم
المهم إنه أخفى حقيقة الامر ، ليوهمهما بـ نذالة بعيدة كل البعد عن شهامة تجري مختلطة بـ دماء عروقه !
لينقطع حبل التوازن
فيفيض الدلو بمياهه دفعة واحدة ،
و بـ صراخ لا يمت للعقلاء بشئ ، ركضت لتـرمي بنفسها تحت اقدام والدها ، منتظرة مصيرها الحتمي ، بعد جهادها هذا : لالالالا ، بااابااا لااااا ، ليناااا لاااا ،، علييي معليييه والله معليييه ، مســوواالي شيي والله مأذاااني ،، باابااا لتمووتووه ، والله مـ صاار الي قالكم عنه ، كذااااب ،، والله كذااااب ،، هـ ـ ـوة تـزوجني ، و مغصبني على شـ ـ ـي والله والله تزوووووجنننني
إخترقتني كـ " الصَـاعقة "
فـ شطرتنيِ نِصفينِ .. !
نِصفْ .. يُحبكَ و نِصفٌ .. يتعذبْ لأجل النصف الذي يُحبكْ
غادة السمّان
.
.
.
نهاية الإدانة الرابعةْ
حُلم
|